اساس التزام المصرف (المسحوب عليه) :

ان قيام الساحب بتحرير شيك ، يفترض وجود علاقة قانونية بين الساحب والمسحوب عليه ، يكون فيها الساحب دائنا والمسحوب عليه مدينا بدين نقدي وهو ما يعرف (بمقابل الوفاء(1)). وبمقتضى الاتفاق يكون للعميل الحق في سحب شيكات على المصرف الذي يلتزم بسدادها. ومن الجدير بالاشارة ، الى ان الودائع المصرفية ليست جميعا قابلة(2). للتصرف فيها، ما لم يوجد اتفاق بين المصرف والعميل سواء كان هذا الاتفاق صريحا او ضمنيا بخدمة العميل(3) . ولا عبرة بعد ذلك بمصدر هذا الدين الذي ينشؤه الاتفاق او طبيعته. فقد ينشأ عن عملية ايداع نقود او فتح اعتماد ، او قد يكون مدنيا او تجاريا . من هنا فاذا لم يوجد هذا الاتفاق ، فلا يقع على المصرف أي التزام تجاه العميل ، ولو كان هناك رصيد للساحب يكفي لوفاء الشيكات المحررة ما دام مقابل الوفاء غير قابل للتصرف فيه ، وعلى ذلك فان وجود الاتفاق الصريح او الضمني بين المصرف وعمليه هو ركن اساسي لكي يلتزم المصرف تجاه العميل. ومن الجدير بالملاحظة ، انه قد يرد ضمنيا بيد انه يستخلص من وجود ما يفيد ذلك من الاتفاق ولو ضمنيا(4).. ومن ذلك تسليم المصرف لعميلة دفتر الشيكات ، وقيامه بتسديد الشيكات التي يحررها العميل دون اعتراض(5). من جانب اخر ، فان الاتفاق بين المصرف وعميله ذو اهمية كبيرة تكمن في ما يرتبه هذا الاتفاق من اعباء على عاتق المصرف. هذا الى جانب المخاطر التي قد يسببها ضياع دفتر الشيكات او التزوير ، ذلك كله عندما تكون الودائع النقدية قابلة للسحب او التصرف بها.

___________________

[1]- انظر، د. عزيز العكيلي ، مرجع سابق ذكره ، ص20.

2- انظر، د. علي جمال الدين عوض ، القانون التجاري ، مرجع سابق ذكره ، ص357.

3- انظر، المادة (141) من قانون التجارة العراقي النافذ رقم 30 لسنة 1980.

4- انظر، د. فوزي محمد سامي ، القانون التجاري ، عمان ، ص104.

5- انظر، د. علي جمال الدين عوض ، المجلة ، مرجع سابق ذكره ، ص123.

اثار الوفاء بالنسبة الى المسحوب عليه :

متى قام المسحوب عليه باداء قيمة الشيك الى من يتقدم اليه مطالبا بالوفاء تحقق الوفاء الفعلي ، أي تسديد كامل القيمة المثبتة فيه الى الحامل الشرعي. واذا وقع مثل هذا الوفاء يرتب ما يأتي من الاثار:

1.بداءة ذمة الملتزمين في الشيك، وتنتهي بذات الوقت حياة هذا الاخير وينقضي الالتزام الصرفي فيه. وعلى هذا فان الوفاء يترتب عليه ابراء ذمة المسحوب عليه عند وفائه الشيك وبقدر القيمة المثبتة فيه، وتبرأ كذلك ذمة الساحب امام الحامل بالمقدار نفسه (1).

2.ينقضي الدين الاصلي الذي انشى من اجله الشيك او ظهر لاجله. بيد انه يجب ان يلاحظ بهذا الخصوص ان الدين المذكور ينقضي بضماناته وصفاته من وقت تسليم الشيك الى الدائن(2). عليه فان الوفاء لا يترتب عليه تجديد الدين مالم يتفق على ذلك صراحة او ضمنا. والعلة تكمن هنا في ان الدين يبقى قائما لحين سداد قيمة الشيك، وبمجرد دفع قيمته ينقضي الدين الاصلي بضماناته واوصافه ومن تاريخ تسليم الشيك تبعا لذلك(3).

3.ان الوفاء الحاصل من قبل المسحوب عليه يعد وفاءا نهائيا وليس وقتيا. وعلى هذا فان المسحوب عليه (المصرف) الذي يدفع للمستفيد ويسترد منه الشيك موقعا عليه بالتخالص لا يستطيع ان يرجع عليه مطالبا اياه برد الورقة مقابل ان يرد اليه المصرف ما دفعه. واذا قبل المصرف فانه يكون مسؤولا امام الساحب(4).

4.اذا وقع الوفاء فانه لابد من صدور المخالصة من قبل الدائن. والمخالصة هي حق للمصرف الذي يدفع قيمة الشيك. هذا وان للمصرف ان يطلب هذه المخالصة من الحامل لاثبات براءة ذمته وهي بهذه الصورة حق من حقوق المصرف وحيث انها حق، فله ان يمتنع عن الوفاء اذا طلبها من الدائن ورفض الاخير اعطاءها. من جانب اخر فان الدائن الذي تلقى الشيك من المدين يلتزم بان يرد اليه سند الدين الاصلي ان كان موجودا(5).

5.من اثار الوفاء بالنسبة الى المسحوب عليه كذلك ما يتعلق بزمان الوفاء، حيث ان اثار هذا الوفاء تترتب من تاريخ تسليم الشيك لا من تاريخ سحبه(6).

6.ان مكان الوفاء هو مكان تنفيذ الالتزام أي مكان تحصيل قيمة الشيك.

7.تبرأ ذمة المسحوب عليه المصرف تجاه الساحب بقدر قيمة الشيك استنادا الى ان الدين النقدي الذي للساحب لدى المسحوب عليه وهو الرصيد يغطي ذمة هذا الاخير. اما اذا لم يكن المسحوب عليه المصرف مدينا للساحب وقام بالوفاء، فان الرجوع يكون على اساس احكام الوكالة في القانون المدني(7).

8.ولابد من التنويه بان الرجوع يعد، حسب تقديرنا، نوعا من الاثار التي يرتبها الوفاء. ويقع ذلك عند قيام المسحوب عليه بدفع قيمة الشيك رغم عدم وجود الرصيد أي (على المكشوف)، فلا يكون للمسحوب عليه هنا الا الرجوع على الساحب لمطالبته بما اداة(8). هذا وان قيام احد المظهرين بالوفاء بشيك يرتب الحق بالرجوع على الملتزمين به لمطالبتهم بما اوفاه(9).

____________________

[1]- انظر د. مصطفى كمال طه، القانون التجاري، مرجع سابق ذكره،ص605.

2- انظر د. محسن شفيق، القانون التجاري المصري، مرجع سابق ذكره، ص782.

3- انظر د. علي جال الدين عوض، مرجع سابق ذكره،ص44.

4- انظر د. علي سلمان العبيدي ، مرجع سابق ذكره ، ص508.

5- انظر د. علي جمال الدين عوض، مرجع سابق ذكره، ص51.

6- انظر د. فوزي محمد سامي و د. فائق الشماع، مرجع سابق ذكره ،ص228.

7- انظر ادوار عيد، مرجع سابق ذكره ، ص282.

8- انظر د. محسن شفيق، القانون التجاري المصري، مرجع سابق ذكره، ص785.

9- انظر د. عبد الله العمدان، مرجع سابق ذكره، ص351.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .