اتفاق المتعاقدين على استمرار الوكالة رغم وفاة أحد الأطراف – قرارات محكمة النقض المصرية

الطعن 327 لسنة 20 ق جلسة 22 / 1 / 1953 مكتب فني 4 ج 2 ق 55 ص 375 جلسة 22 من يناير سنة 1953

برياسة حضرة الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة، وبحضور حضرات الأساتذة: سليمان ثابت ومحمد نجيب أحمد ومصطفى فاضل وعبد العزيز سليمان المستشارين
—————
(55)
القضية رقم 327 سنة 20 القضائية

(أ) نقض. طعن.
حكم صادر في ظل قانون المرافعات القديم. فصله فصلاً قطعياً نهائياً في بعض نقط من النزاع. جواز الطعن فيه استقلالاً.
(ب) نقض. طعن. إعلان.
عدم إثبات المحضر الخطوات التي سبقت تسليم صورة الحكم إلى شيخ البلد. بطلان الإعلان. عدم جواز اعتباره مبدأ لسريان ميعاد الطعن.
(جـ) حكم.
القبول المانع من الطعن. شرطه. حضور الخصم أمام الخبير وإبداء دفاعه تنفيذاً لحكم واجب النفاذ. هذا العمل غير قاطع الدلالة في الرضاء بالحكم. بقاء حق الخصم في الطعن في هذا الحكم.
(د) وكالة.
جواز اتفاق العاقدين على استمرارها رغم وفاة أحدهما. هذا الاتفاق قد يكون صريحاً أو ضمنياً. مثال.
(هـ) وكالة.
حوالة بقصد التحصيل وتسديد المبلغ المتحصل للغير. صلح الوكيل مع المدين بتنازله عن جزء من الدين. اعتبار الحكم أن الوكيل مسئول عن الضرر الذي لحق الموكل بسبب هذا الصلح. لا خطأ. القول بأن هذه الحوالة هي اشتراط لمصلحة الغير. غير صحيح في القانون.
(و) تقادم. وقف التقادم.
النزاع على قيام عقد أو فسخه بعقد لاحق أمام القضاء. واقف للتقادم لا قاطع له. حكم. تسبيبه. خطؤه في اعتبار هذا النزاع قاطعاً للتقادم في غير الحالات المنصوص عليها قانوناً في حين أنه واقف له. لا يستوجب نقضه متى كان يمكن إقامته تطبيقاً لأحكام وقف التقادم.
(ز) حكم. تسبيبه.
تمسك الطاعن في صحيفة استئنافه بأن المبلغ الذي حكم به عليه هو تعويض لا يستحق إلا بعد إعذاره وأن الإعذار لم يحصل. عدم تمسكه بهذا الدفاع في مذكرته الختامية وقصر دفاعه على أنه أوفى بالمبلغ. إغفال الحكم الرد على الوجه المشار إليه. لا قصور.
)ح) حكم. تسبيبه.
قضاؤه بندب خبير لتصفية الحساب بين الطاعن والمطعون عليه. تمسك الطاعن بأنه أوفى بمبالغ بموجب وصولات. عدم تناول الحكم هذا الدفاع. لا يعيبه متى كان المستفاد من أسبابه أنه أرجأ الفصل فيه إلى ما بعد تقديم الخبير تقريره.

—————
1 – متى كان يبين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه قضى – أولاً – برفض الدفع المقدم من الطاعن بسقوط الحق في المطالبة لمضي أكثر من خمس عشرة سنة – وثانياً – بالنسبة للمطعون عليهم عدا الأول برفض الدعوى – وثالثاً – بالنسبة للطاعن وقبل الفصل في موضوع الدعوى بندب خبيراً لأداء المأمورية المبينة بأسباب ذلك الحكم، ومن ثم فهو فيما قضى فيه من ذلك كله قطعي نهائي يقبل الطعن بطريق النقض استقلالاً، إذ صدر في ظل قانون المرافعات القديم الذي كان الطعن وفقاً له جائزاً في الأحكام القطعية.
2 – متى كان المحضر لم يثبت في محضره الخطوات التي سبقت تسليم صورة الحكم إلى شيخ البلد، فإن هذا الإعلان يكون باطلاً ولا يصح اعتباره مبدأ لسريان ميعاد الطعن.
3 – إذا كان حضور الخصم أمام الخبير وإبداء دفاعه إنما كان تنفيذاً لحكم واجب التنفيذ، فإنه يكون غير قاطع الدلالة في رضاء هذا الخصم بالحكم، إذ قد يكون مجرد إذعان لما لا سبيل إلى الحيلولة دون المضي فيه. كما يكون في غير محله الدفع بعدم قبول طعنه في هذا الحكم لسبق رضائه به.
4 – للعاقدين أن يتفقا على أن تستمر الوكالة رغم وفاة أحدهما على أن تنتقل التزامات المتوفى منهما إلى ورثته وهذا الاتفاق كما يكون صريحاً قد يكون ضمنياً ولقاضي الموضوع استخلاص الاتفاق الضمني من ظروف العقد وشروطه بأن تكون الوكالة لمصلحة الموكل والغير مثلاً، وإذن فمتى كان الواقع هو أن المطعون عليه الأول تعهد بموجب عقد رسمي بأن يتنازل عن دين له قبل باقي المطعون عليهم إلى مورث الطاعن ونص في الاتفاق على أن هذا التنازل هو لأجل تحصيل المبلغ من المدينين ودفعه إلى الطاعن الذي يداين المطعون عليه الأول بأكثر منه وكان الحكم المطعون فيه قد كيف هذا الاتفاق بأنه وكالة تعلق بها حق الغير وليس للموكل سحبها أو إسقاطها بغير رضاء وقبول هذا الغير، فإن هذا الذي قرره الحكم صحيح في القانون.
5 – متى كان الطاعن قد قام بالصلح مع المدينين تنفيذاً للوكالة المشار إليها فإنه يكون صحيحاً ما رتبه الحكم على التكييف الذي انتهى إليه من مسئولية الطاعن إذا ما ثبت أنه في صلحه معهم أضر بالموكل بأن تنازل عن جزء من دين المحال عليهم مما يجب أن يقدم عنه حساباً على اعتبار أن التحويل كان على سبيل التحصيل. أما القول بأن حقيقة العملية هي اشتراط لمصلحة الغير وهو هنا الطاعن فينفيه أن الاتفاق لا يخول الطاعن حقاً مباشراً قبل مورثه في استيفاء دينه منه.
6 – النزاع على عقد أمام القضاء من شأنه وقف سريان التقادم على الالتزامات المترتبة على هذا العقد لا انقطاعه متى كان لم يتوافر سبب من أسباب الانقطاع القانونية. إلا أن الحكم وإن كان قد أخطأ إذ اعتبر مدة النزاع في العقد أمام القضاء قاطعة للتقادم لا واقفة له فإن هذا الخطأ لا يضيره إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها صحيحة تطبيقاً لأحكام وقف التقادم.
7 – إذا كان الطاعن قد تمسك في صحيفة استئنافه في خصوص مبلغ كان يطالبه به المطعون عليه الأول – لإخلاله بالتزاماته بأنه في حقيقته تعويض لا يستحق إلا بعد إعذاره وأنه لم يوجه إليه إعذاراً، وكان لم يتمسك بهذا الوجه من دفاعه في مذكرته الأخيرة أمام محكمة الاستئناف وإنما قال إنه سدد هذا المبلغ إلى المطعون عليه الأول، فإن في هذا ما يفيد تركه التمسك بالوجه المشار إليه ويكون النعي على الحكم بالقصور لعدم تناوله هذا الدفاع على غير أساس.
8 – متى كان الحكم المطعون فيه إذ قضى بندب خبير لتصفية الحساب بين الطاعن وبين المطعون عليه الأول لم يتناول ما دفع به الطاعن من أنه أوفى بمبالغ إلى المطعون عليه الأول بموجب وصولات خصماً من الدين الذي يطالبه به وكان المستفاد من أسباب الحكم أنه أرجأ الفصل في هذا الدفاع إلى ما بعد تقديم الخبير تقريره فإن النعي عليه بالقصور في هذا الخصوص يكون على غير أساس.

الوقائع
في يوم 18 من نوفمبر سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر في 28 من إبريل سنة 1948 في الاستئناف رقم 223/ 2 ق – وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على دائرة أخرى للفصل فيها مجدداً مع إلزام المطعون عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 26 و27 من نوفمبر سنة 1950 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 7 من ديسمبر سنة 1950 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته – وفي 26 من ديسمبر سنة 1950 أودع المطعون عليه الأول مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن شكلاً وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 27 منه أودع باقي المطعون عليهم مذكرة بدفاعهم مشفوعة بمستنداتهم طلبوا فيها أولاً الحكم بقبول الدفع الفرعي الأول ورفض الطعن شكلاً، ثانياً: احتياطياً بقبول الدفع الفرعي الثاني. ثالثاً: من باب الاحتياط الكلي برفض الطعن موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات وأتعاب المحاماة. وفي 11 من يناير سنة 1951 أودع الطاعن مذكرة بالرد – وفي 25 منه أودع المطعون عليهم عدا الأول مذكرة بملاحظاتهم على الرد.
وفي 27 من مايو سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها برفض الدفع بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد وقبوله شكلاً، وكذلك برفض الدفع بعدم قبوله لقبول الطاعن الحكم المطعون فيه ورفض الدفع بعدم جواز الطعن في الحدود المبينة بمذكرتها وفي الموضوع برفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وبجلسة 8 من يناير سنة 1953 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محامو الطاعن والمطعون عليهم والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم – والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة المحامين عن الطاعن والمطعون عليهم والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن المطعون عليه الأول دفع بعدم قبول الطعن شكلاً استناداً إلى أن الدعوى ما زالت منظورة أمام محكمة الاستئناف ولا يجوز الطعن في الحكم بطريق غير عادي ما دام الطعن فيه بطريق عادي جائزاً.
ومن حيث إن هذا الدفع مردود بأنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه قضى أولاً برفض الدفع المقدم من الطاعن بسقوط الحق في المطالبة لمضي أكثر من خمس عشرة سنة وثانياً بالنسبة للمطعون عليهم عدا الأول برفض الدعوى قبلهم وثالثاً بالنسبة للطاعن وقبل الفصل في موضوع الدعوى بندب الخبير الحسابي الحكومي لأداء المأمورية المبينة بأسباب ذلك الحكم وقيد حدد الحكم المطعون فيه مأمورية الخبير وفقاً للأسس المبينة فيه وفصل في أسبابه كما سبق البيان في مسائل عديدة من أوجه النزاع الموضوعية، فهو فيما قضي فيه من ذلك كله قطعي نهائي يقبل الطعن بطريق النقض إذ صدر في 28 من إبريل سنة 1948 في ظل قانون المرافعات القديم وكان الطعن وفقاً له جائزاً في الأحكام القطعية.
ومن حيث إن المطعون عليهم عدا الأول دفعوا أيضاً أولاً بعدم قبول الطعن شكلاً استناداً إلى أن الحكم المطعون فيه أعلن إلى الطاعن في 21 من سبتمبر سنة 1948 ولم يحصل التقرير بالطعن إلا في 18 من نوفمبر سنة 1950 بعد مضي الميعاد القانوني وثانياً بعدم جواز الطعن لرضاء الطاعن بالحكم المطعون فيه وتنفيذه دون أي تحفظ، إذ حضر أمام محكمة طنطا بعد أن أعيدت القضية إليها من محكمة الاستئناف وحضر أمام الخبير وقدم مذكرات بدفاعه دون أن يحتفظ لنفسه بحق الطعن في الحكم الاستئنافي.
ومن حيث إن هذين الدفعين مردودان أولاً بأنه يبين من الاطلاع على ورقة إعلان الحكم المطعون فيه إلى الطاعن أن المحضر أثبت أنه انتقل لمحل إقامة أنطون أفندي عريضة المقيم بطنطا بشارع ماهر باشا وأعلنه بالحكم مخاطباً مع شيخ البلد “لغيابه وغلق مسكنه” وقد دفع الطاعن ببطلان هذا الإعلان، ولما كان المحضر لم يثبت في محضره الخطوات التي سبقت تسليم الصورة إلى شيخ البلد فإن هذا الإعلان يكون باطلاً ولا يصح اعتباره مبدأ لسريان ميعاد الطعن ومردودان ثانياً بأن حضور الطاعن أمام الخبير وإبداءه دفاعه إنما كان تنفيذاً لحكم واجب التنفيذ فهو غير قاطع الدلالة في رضاء الطاعن بالحكم إذ قد يكون مجرد إذعان لما لا سبيل إلى الحيلولة دون المضي فيه. ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 716 سنة 1925 كلي طنطا على المطعون عليه الأول يطالبه بدين وانتهت هذه الدعوى صلحاً أقر بموجبه المطعون عليه الأول – محمد زكي الغنيمي – بمديونيته للطاعن في مبلغ 1644 جنيهاً تعهد بدفعه على ثلاثة أقساط متساوية مع الفوائد المنصوص عليها فيه – وفي 28 من يناير سنة 1928 اشترى انطون عريضه مورث الطاعن من المطعون عليه الأول 43 فدان بعقد ابتدائي ورد فيه أن الثمن هو 150 جنيهاً للفدان واتفق الطرفان على أن يدفع المشتري الثمن إلى بنك الأراضي والبنك العقاري وإلى الطاعن وفاء للديون التي لهم في ذمة المطعون عليه الأول وما يتبقى منه يدفعه إلى البائع عند تحرير العقد النهائي في خلال شهر. وفي مجلس العقد صدر إقرار من المشتري التزم فيه أن يتخلى عن الصفقة إذا استطاع البائع أن يجد مشترياً بثمن يزيد على 50 جنيهاً للفدان في خلال سنتين فإن انقضت هذه المدة دون أن يجد مشترياً أصبح أنطون عريضه مالكاً لها ملكية نهائية. بعد ذلك اتخذ البنك العقاري إجراءات التنفيذ على العين وأودع قائمة شروط البيع في 19 من إبريل سنة 1928 – وفي أول أغسطس سنة 1928 أبرم أنطون عريضه مع المطعون عليه الأول عقداً يتضمن التزام أنطون عريضه أن يدخل في مزاد 32 فداناً و23 قيراطاً و6 أسهم المطروحة للبيع وأن يشتريها بثمن لا يزيد على 150 جنيهاً للفدان فإذا كان الشراء بأقل من 150 جنيهاً للفدان كان الفرق بين ثمن الشراء والـ 150 جنيهاً من حق المطعون عليه الأول وإذا زاد على 150 جنيهاً كانت الزيادة مناصفة بين الطرفين وفي الحالتين لا يستحق المطعون عليه الأول هذا النصيب إلا بعد بيع الأطيان للغير. وجاء في البند الثاني من هذا العقد أن المطعون عليه الأول تعهد بأن يتنازل بعقد رسمي عن دين مؤمن برهن مقداره 916 جنيهاً و480 مليماً بخلاف الفوائد كان من عداه من المطعون عليهم مدينين به للبنك العقاري ودفعه المطعون عليه الأول للبنك وحل محله فيه بموجب عقد تنازل مؤرخ في 19 من يونيه سنة 1925 كما تعهد بأن يسلم إلى أنطون عريضه عقد الرهن وقائمة التسجيل المجدد سنة 1926. ونص في الاتفاق على أن هذا التنازل هو لأجل تحصيل المبلغ من ورثة الحفني محمد الغنيمي ودفعه إلى توفيق انطون عريضه – الطاعن – الذي يداين المطعون عليه الأول بأكثر منه – وحدد للمزاد جلسة 24 من أكتوبر سنة 1928 وفيها رسا المزاد على شخص اسمه نقولا السمين بثمن مقداره 124 جنيهاً للفدان وقرر هذا الأخير في اليوم التالي أن الشراء لحساب أنطون عريضه. فطالب المطعون عليه الأول مورث الطاعن بالفرق فلم يقبل فأقام عليه الدعوى رقم 456 سنة 1929 مدني كلي طنطا. وطلب براءة ذمته من الدين الثابت بعقد الصلح في القضية 716 سنة 1925 وطلبات أخرى خاصة بعقد الحلول. فقضي برفض الدعوى. فاستأنف المطعون عليه الأول بالاستئناف رقم 668 سنة 57 ق، فقضي بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة ذمة المطعون عليه الأول من مبلغ 803 جنيهاً و949 مليماً خصماً من قيمة مبلغ الصلح الحاصل في القضية 176 سنة 1925 كلي طنطا وبإلزام تركة أنطون عريضة بأن تدفع إلى المطعون عليه الأول مبلغ 105 جنيهاً و660 مليماً وبرفض باقي الطلبات بحالتها التي هي عليها وذلك بالنسبة لمبلغ عقد الحلول. وطعن على هذا الحكم بطريق النقض وقضي برفضه في الطعن رقم 39 سنة 12 ق. وفي 23 من يناير سنة 1943 تصالح الطاعن مع ورثة الحفني محمد الغنيمي بعقد ورد فيه أن الطاعن قبل أن يأخذ من الورثة المذكورين 1500 جنيهاً مقابل الدين المؤمن برهن موضوع عقد الحلول ونص في البند الثالث على أن هذا المبلغ يشمل كل حساب بين الطرفين وأن الطاعن يتعهد بتسليم الورثة مستندات الدين جميعها مؤشراً عليها بالسداد بمجرد التوقيع على عقد الشطب واستلام مبلغ 900 جنيهاً الباقي له. وفي نفس اليوم تعهد الورثة في ورقة أخرى بأن يسلموا إلى الطاعن الإيصالات المبينة في الحكم الاستئنافي الصادر من محكمة الاستئناف المختلطة بالإسكندرية في 26 من نوفمبر سنة 1936 وذلك بعد تسلمهم مستندات الدين مؤشراً عليها بالوفاء. ويبين من الاطلاع على الصورة الرسمية للحكم المذكور المقدمة ضمن أوراق الطعن أن ورثة الحفني عارضوا في تنبيه نزع ملكية أعلنهم به المطعون عليه الأول في 19 من أغسطس سنة 1925 لأسباب منها أنهم ينازعون في مديونيتهم بمبلغ 916 جنيهاً موضوع عقد التنازل والحلول واستندوا إلى محضر جرد قدم إلى المجلس الحسبي بتاريخ 28 يناير سنة 1921 من المرحوم محمد الغنيمي مورث محمد زكي الغنيمي المطعون عليه الأول يدل على أن قيمة الدين الذي على تركة المرحوم حفني الغنيمي للبنك العقاري حتى 31 ديسمبر سنة 1920 هو مبلغ 1150 جنيهاً كما استندوا إلى أربعة إيصالات تاريخها بعد سنة 1921 منها اثنان صادران من البنك العقاري واثنان بتوقيع محمد زكي الغنيمي المطعون عليه الأول وقيمة هذه الإيصالات 611 جنيهاً وحكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف القاضي برفض المعارضة في التنبيه وورد في أسباب حكمها أنه باستنزال المبلغ المذكور من الدين المطالب به وقدره 916 جنيهاً و485 مليماً يتبقى قبل الحفني مبلغ 305 جنيهاً و485 مليماً بخلاف الفوائد مما يخول الحق في السير في إجراءات نزع الملكية ويبرر تنبيه نزع الملكية المعارض فيه – وأقام ورثة الحفني بعد ذلك الدعوى رقم 7 سنة 1944 كلي طنطا وطلبوا الحكم ببراءة ذمتهم من الدين المحول من المطعون عليه الأول إلى أنطون حنا عريضه مورث الطاعن وبتعويض قدروه. فدفع الطاعن الدعوى بأنه بتاريخ عقد الصلح تعهد الورثة بموجب ورقة خاصة بأن يسلموا إليه الإيصالات المشار إليها في الحكم الاستئنافي الصادر من محكمة الإسكندرية المختلطة في 26 من نوفمبر سنة 1936 وهي الإيصالات التي يقول الورثة أنهم دفعوا بموجبها إلى محمد زكي الغنيمي المطعون عليه الأول 611 جنيهاً وأن الصلح تم على هذا الأساس وأنهم لم يقدموا هذه الإيصالات، فقضت المحكمة في 2 من يونيه سنة 1945 ببراءة ذمة الورثة وبالتعويض وورد في أسباب الحكم أن دفاع الطاعن لا محل له لأنه بالرجوع إلى عقد الصلح يبين أن الورثة تصالحوا مع الطاعن على مبلغ 1500 جنيهاً مقابل جميع الديون المطلوبة له وأن ما يدعيه من أن الصلح تم بينه وبينهم على أساس أن دين البنك هو 305 جنيهاً و485 مليماً غير صحيح لخلو عقد الصلح مما يثبت هذا الادعاء إذ شمل جميع الديون المطلوبة من الورثة بعبارة واضحة لا لبس فيها وأن الورثة لا ينكرون أنهم عارضوا في تنبيه نزع الملكية وقدموا إيصالات بمبلغ 611 جنيهاً إلا أنهم لما تم الصلح بينهم وبين الطاعن لم يعد لهذه الإيصالات أية فائدة لديهم فتعهد بتسليمها للطاعن كطلبه. فاستأنف الطاعن هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 222 سنة 2 ق استئناف الإسكندرية.
وفي 28 إبريل سنة 1948 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به خاصاً ببراءة الذمة وإلغائه بالنسبة للتعويض وورد في أسبابه أن ورثة الحفني لم يقدموا الإيصالات إلا في 25 من مارس سنة 1948 وأنه لا عبرة بما جاء في الحكم الابتدائي من أنه لم تعد لهذه الإيصالات فائدة إذ أن الطاعن عند اشتراطه على الورثة تسليم هذه الإيصالات قد تحقق من فائدتها لديه عند الحساب مع المطعون عليه الأول على هذا الدين وقيمة ما تبقى منه، وأنه لذلك يكون كلا الطرفين قد قصر في القيام بما التزم به فلم يقم الطاعن بشطب الرهن ولم يقم الورثة بتسليم الإيصالات ومن ثم يكون التعويض لا محل له. وأقام المطعون عليه الأول الدعوى رقم 267 سنة 1943 كلي طنطا على الطاعن وباقي المطعون عليهم وهم ورثة المرحوم الحفني محمد الغنيمي وطلب أولاً ببراءة ذمته من باقي قيمة محضر الصلح الحاصل في القضية رقم 716 سنة 1925 كلي طنطا وإلزام الطاعن بأن يدفع إليه مبلغ 336 جنيهاً و226 مليماً وثانياً إلزام الطاعن من ماله الخاص وباقي المطعون عليهم متضامنين بأن يدفعوا إلى المطعون عليه الأول من تركة مورثهم المرحوم الشيخ حفني مبلغ 2644 جنيهاً و666 مليماً ومحو جميع الآثار المترتبة على اتفاق الطاعن مع باقي المطعون عليهم وأسس دعواه على أن الحكم الصادر في الاستئناف رقم 668 سنة 57 ق سجل على مورث الطاعن تقصيره في التزاماته بشأن عقدي 28 من يناير سنة 1928 وأول أغسطس سنة 1928 وأن المورث المذكور لم يودع كامل الثمن الذي رسا به مزاد الأطيان عليه بل استبقى منه 2000 جنيه وأدى ذلك إلى أن التوزيع لم يفتح إلا في 24 من فبراير سنة 1930 فتحمل المطعون عليه الأول بمبالغ لم يكن ليتحملها لو لا فعل مورث الطاعن وهي الفوائد التي استحقت بسبب تأخره في دفع كامل الثمن الذي رسا به المزاد عليه – وأن مجموع ما للطاعن قبله بمقتضى محضر الصلح الحاصل في القضية رقم 716 سنة 1925 كلي طنطا مضافاً إليه الفوائد عن خمس سنوات بواقع 4.5% هو مبلغ 2072 جنيهاً و400 مليماً ومجموع ما على الطاعن له أي المطعون عليه الأول هو قيمة ما قضى به الحكم الصادر في القضية 668 سنة 57 ق وقيمة ما أضاعه مورث الطاعن بسبب تأخره في تنفيذ اتفاقه وتنفيذ عقد الحلول الصادر له بقصد التحصيل في أول أغسطس سنة 1928 ومجموع هذه المبالغ 4968 جنيهاً و309 مليماً يخصم منه المبلغ الذي يستحقه الطاعن فيكون باقياً للمطعون عليه الأول مبلغ 2895 جنيهاً و909 مليماً وأن ورثة الحفني مسئولون بالتضامن مع الطاعن عما نقص عن المبلغ الثابت في عقد الحلول – ودفع الطاعن الدعوى بسقوط الحق في المطالبة بقيمة ما أضاعه مورثه بسبب تأخره في تنفيذ التزامه لمضي أكثر من خمس عشرة سنة على عقد الاتفاق المبرم في 28 من يناير سنة 1928. ودفعها المطعون عليهم عدا الأول بأنهم أودعوا مبلغ الـ 1500 جنيه الذي التزموا به طبقاً لمحضر الصلح. وفي 2 من يونيه سنة 1945 حكمت المحكمة أولاً برفض الدفع المقدم من الطاعن بسقوط الحق في المطالبة لمضي أكثر من خمسة عشرة سنة وثانياً بالنسبة للمطعون عليهم عدا الأول برفض الدعوى قبلهم وثالثاً بالنسبة للطاعن وقبل الفصل في الموضوع بندب الخبير الحسابي الحكومي صاحب الدور لأداء المأمورية المبينة بأسباب ذلك الحكم مؤسسة قضاءها على أن الحق في المطالبة لم يسقط لانقطاع المدة بسبب قيام النزاع على العقدين المحررين في 28 يناير سنة 1928 وأول أغسطس سنة 1928 في الدعوى رقم 668 سنة 57 ق الإسكندرية التي قضي فيها بقيام العقدين وإعمالهما معاً وأن العقد الثاني معدل للعقد الأول وليس ناسخاً له. وأن الطاعن لذلك يكون مسئولاً عما يكون قد ضاع على المطعون عليه الأول من 24/ 10/ 1928 تاريخ رسو المزاد وهو التاريخ الذي قضى حكم محكمة الاستئناف باعتباره تاريخ الوفاء بتعهدات مورث الطاعن لغاية 30 مارس سنة 1930 تاريخ فتح التوزيع وذلك بسبب تقصير المورث في تنفيذ تعهداته بعدم مبادرته إلى دفع باقي الثمن الراسي به المزاد عليه وما ترتب على ذلك من فوائد ومصاريف استحقت بسبب ذلك – وأن تحويل عقد الحلول كان بقصد التحصيل وكل تقصير يترتب عليه ضياع أي مبلغ من أصل وملحقات يسأل عنه مورث الطاعن وبالتالي الطاعن وارثه الوحيد ولا يشفع له أنه تصالح مع المطعون عليهم عدا الأول في نظير مبلغ 1500 جنيه إذا كانت نتيجة الحساب تزيد على هذا المبلغ الأخير وهو بحسب قول المطعون عليه الأول تبلغ بعد إضافة الفوائد المتجمدة للمبلغ المحول من تاريخ التحويل مبلغ 3561 جنيهاً و496 مليماً والطاعن مسئول عن ذلك لأن الوكيل يسأل عن تقصيره الجسيم – وأن ما يزعمه المطعون عليه الأول من حصول غش في الصلح الذي تم بين الطاعن وباقي المطعون عليهم لا دليل عليه وكل ما له هو الرجوع على وكيله إذا ما ثبت تقصيره الجسيم وأنه يتعين ندب خبير لتحديد ما يستحقه المطعون عليه الأول قبل الطاعن سواء في ذلك قيمة المبالغ التي ضاعت على المطعون عليه الأول بسبب تقصير مورث الطاعن في التزاماته قبله وفي تأخره في دفع الثمن الذي رسا به المزاد عليه في المدة من 24/ 10/ 1928 لغاية 30/ 3/ 1930 وفيما ضاع على المطعون عليه الأول من قيمة عقد الحلول المحلول إلى مورث الطاعن بقصد التحصيل بعد إضافة الفوائد المتجمدة طبقاً لعقد الرهن مع البنك لغاية رفع الدعوى في 29/ 2/ 1943 ثم تصفية الحساب بين الطرفين باحتساب ما لكل منهما قبل الآخر فاستأنف الطاعن وقيد استئنافه برقم 223 سنة 2 ق واستأنف المطعون عليه الأول وقيد استئنافه برقم 161 سنة 1 ق وفي 28 من إبريل سنة 1948 حكمت محكمة استئناف الإسكندرية في موضوع الاستئنافين بتأييد الحكم الابتدائي مع تحديد مأمورية الخبير وفقاً للأسس المبينة في أسباب حكمها وأخذت بأسباب الحكم الابتدائي وقالت عن التنازل الصادر من المطعون عليه الأول إلى مورث الطاعن عن عقد الحلول أنه ليس حوالة ناقلة للملكية بل هي حوالة للتحصيل فهي وكالة لا تسقط بوفاة مورث الطاعن إذ تعلق بها حق الغير وهو الطاعن، وقالت عن دعوى الطاعن قبل ورثة حفني أنهم قاموا بتقديم الإيصالات التي تعهدوا بتقديمها في الورقة المكملة لعقد الصلح وذلك في القضية 222 سنة 2 ق الإسكندرية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على أربعة أسباب يتحصل أولهما في أن الحكمين الابتدائي والاستئنافي أخطآ في القانون إذ كيفا عقد أول أغسطس سنة 1928 بأنه كان للتحصيل مع أن العقد هو اشتراط لمصلحة الغير قصد به إجراء مقاصة في حدود المبلغ الأقل بين الدين المتنازل عنه في عقد الحلول ودين الطاعن قبل المطعون عليه الأول وينبني على ذلك أن يرجع تاريخ المقاصة إلى تاريخ إبرام العقد سنة 1928، وإذ قرر الحكم الاستئنافي أن هذه الوكالة لا تنقضي بوفاة الوكيل لتعلق حق الغير بها مع أن الوكالة تنقضي في كل الأحوال بالوفاة، وإذ رفض الحكمان الدفع بسقوط الحق في المطالبة بمقولة إن العقد كان محل نزاع في دعوى سابقة ترتب عليه انقطاع التقادم مع أن أسباب الانقطاع محصورة في القانون وليس منها تقديم العقد والاستناد إليها أمام القضاء.
ومن حيث إن هذا السبب بجميع وجوهه مردود أولاً بأن الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع باعتبار عقد أول أغسطس سنة 1928 فيما يختص بالتنازل الحاصل من المطعون عليه الأول إلى مورثه عن عقد الحلول – هو اشتراط لمصلحة الغير بل كان دفاعه في هذا الخصوص أمامها أن الاتفاق على هذا التنازل إنما كان حوالة كاملة انتقلت بها ملكية الدين المتنازل عنه أو وفاء بمقابل وتمسك المطعون عليه الأول بأنها حوالة على سبيل التحصيل وقد أقرته المحكمة على هذا النظر وهذا منها تكييف لا خطأ فيه إذ لم تخرج المحكمة فيه عما تحتمله عبارة التنازل – وقد أبدي الدفع بأن الوكالة تنقضي بالوفاة ولا تستمر مع وارث الوكيل من المطعون عليه الأول لا من الطاعن فرد الحكم على هذا الدفاع بقوله “إن حجة محمد أفندي زكي الغنيمي بأن هذه النيابة قد سقطت بوفاة مورث توفيق أفندي يرد عليها بأن هذه النيابة قد تعلق بها حق الغير وهو توفيق أفندي ومن ثم فليس لمحمد أفندي زكي الغنيمي سحب هذه النيابة أو إسقاطها بأي حال من الأحوال بغير رضاء وقبول هذا الغير”. وهذا الذي قرره الحكم صحيح – ذلك بأن للعاقدين أن يتفقا على أن تستمر الوكالة رغم وفاة أحدهما على أن تنقل التزامات المتوفى منهما إلى ورثته وهذا الاتفاق كما يكون صريحاً قد يكون ضمنياً – ولقاضي الموضوع استخلاص الاتفاق الضمني من ظروف العقد وشروطه – بأن كانت الوكالة لمصلحة الموكل والغير كما هو الحال في الدعوى – وقد قام الطاعن فعلاً بالصلح مع ورثة الحفني تنفيذاً لهذه الحوالة ومن ثم يكون صحيحاً ما رتبه الحكم على هذا التكييف من مسئولية الطاعن إذا ما ثبت أنه في صلحه معهم أضر بالمحيل بأن تنازل عن جزء من دين المحال عليه مما يجب عليه أن يقدم عنه حساباً على اعتبار أن التحويل كان على سبيل التحصيل – أما القول بأن حقيقة العملية هي اشتراط لمصلحة الغير وهو هنا الطاعن فينفيه أن الاتفاق لا يخول الطاعن حقاً مباشراً قبل والده في استيفاء دينه منه – ومردود ثانياً بأن الحكم إذ قضى بعدم سقوط الحق في المطالبة بمضي المدة قد انتهى إلى نتيجة صحيحة – ذلك بأن النزاع على عقدي يناير وأغسطس سنة 1928 أمام القضاء من شأنه وقف سريان التقادم على الالتزامات المترتبة على العقدين ولم تكتمل المدة المسقطة للحق بعد أن فصل نهائياً في أمر هذين العقدين.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم شابه القصور. ذلك بأن المطعون عليه الأول كان يطالب بمبلغ 549 م و405 ج بزعم أن مورث الطاعن تسبب في خسارته لتأخره في الوفاء بالثمن الذي رسا به المزاد عليه ودفع الطاعن هذا الطلب بأن هذا الحق قد سقط بالتقادم وأنه في الواقع تعويض والمطالبة بالتعويض لا تجوز إلا بعد الإعذار ولم يحصل الإعذار، فرد الحكم على الدفع الأول دون الثاني – كما قدم الطاعن إيصالات تدل على قيام مورثه بدفع فوائد التأخير عن الوفاء وبدفع باقي الثمن الذي رسا به المزاد عليه وبذلك يكون أوفى بالتزاماته – ولم تتناول المحكمة هذه الإيصالات بالبحث.
ومن حيث إن هذا السبب مردود أولاً بأن الطاعن وإن كان قد تمسك في صحيفة استئنافه في خصوص مبلغ 549 م و405 ج الذي كان يطالبه به المطعون عليه الأول لإخلاله بالتزاماته بأنه حقيقته تعويض لا يستحق إلا بعد إعذاره وأنه لم يصدر إليه إعذار إلا أنه في مذكرته الأخيرة أمام محكمة الاستئناف والمقدمة صورتها الرسمية إلى هذه المحكمة لم يتمسك بهذا الوجه من دفاعه وإنما قال أنه سدد هذا المبلغ بعضه للبنك العقاري وبعضه لفلتوس أحد الدائنين وأنه بذلك تكون ذمته قد برئت منه مما يفيد تركه التمسك بالوجه المشار إليه، ومردود ثانياً بأن الحكم بندب الخبير لتصفية الحساب بينه وبين المطعون عليه الأول لا يحرم الطاعن من تقديم ما لديه من إيصالات للخبير تأييداً لدفاعه السالف الذكر فعدم تنازل الحكم هذا الوجه من الدفاع ليس إغفالاً له يستوجب نقضه وإنما هو إرجاء للفصل فيه إلى ما بعد أن يقدم الخبير تقريره بنتيجة ما كلف به.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن منطوق الحكم يتناقض مع أسبابه إذ قضي بإلزام الطاعن بقيمة عقد الحلول بعد إضافة الفوائد مع أنه ثبت أن 611 ج من مبلغ الحلول دفعت إلى المطعون عليه الأول بموجب إيصالات فلم يعد باقياً منه سوى مبلغ 305 ج وهو ما يجب أن تقتصر عليه المحاسبة ولذلك أدخل الطاعن ورثة الحفني في الدعوى ليثبتوا دفع الـ 611 ج للمطعون عليه الأول فإن عجزوا تعين إلزامهم بما يلزم به الطاعن ولكن المحكمة أخرجت ورثة الحفني من الدعوى واستندت في ذلك إلى أن عقد الصلح لم يشبه غش مع أن مسئولية ورثة الحفني لا تقوم حتماً على الغش بل قد تقوم على الخطأ أو الإثراء على حساب الغير، إذ لا يعقل أن يستفيدوا من عقد صلح مبنى على أن الإيصالات المقدمة عن مبلغ 611 ج صحيحة ورغم ذلك يلزم الطاعن بأن يدفع الـ 611 ج مع فوائدها المركبة بواقع 9% إلى المطعون عليه الأول.
ومن حيث إن هذا السبب مردود أولاً بما قرره الحكم الابتدائي الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه من “أنه بالنسبة لعقد الحلول فإنه ثابت من عقد الاتفاق المؤرخ 1/ 8/ 1928 أن تحويل عقد الحلول كان بقصد التحصيل فيد مورث المدعى عليه الأول (الطاعن) كانت يد وكيل وقد حول إليه في 22/ 10/ 1928 نفاذاً لاتفاق 1/ 8/ 1928 بمبلغ 480 م و916 ج حافظة لدرجته الأولى في التسجيل فكل تقصير يوجب ضياع أي مبلغ من أصل وملحقات يسأل عنه مورث المدعى عليه الأول وبالتالي المدعى عليه الأول وارثه الوحيد ولا يشفع له أنه تصالح مع المدعى عليهم عدا الأول في نظير مبلغ 1500 ج إذا كانت نتيجة الحساب تزيد عن هذا المبلغ الأخير إذا يقول المدعي إنه بإضافة الفوائد المتجمدة للمبلغ المحول من تاريخ التحويل يصبح المبلغ 496 م و3561 ج وترى هذه المحكمة أن المدعى عليه الأول يكون مسئولاً في هذه الحالة لأن الوكيل يسأل عن تقصيره الجسيم عملاً بنص المادة 521 من القانون المدني”. وما قرره في شأنه تحديد مأمورية الخبير من “تحديد ما يستحقه المدعي (المطعون عليه الأول) سواء في ذلك قيمة المبالغ التي ضاعت على المدعي بسبب تقصير مورث المدعى عليه الأول (الطاعن) في التزاماته من ثمن الأطيان بسبب تأخيره عن تنفيذ اتفاقه في المدة من 24/ 10/ 1928 لغاية 30/ 3/ 1930 أو قيمة عقد الحلول المحول إلى مورث المدعى عليه الأول بقصد التحصيل بعد إضافة الفوائد المتجمدة طبقاً لعقد الرهن مع البنك لغاية رفع الدعوى في 9/ 2/ 1943 ثم تصفية الحساب بين الطرفين باحتساب ما لكل منهما طرف الآخر بصفة نهائية شاملة من واقع المستندات والأحكام الصادرة لكل منهما على الآخر”. ويستفاد من ذلك كله أن الحكم لم يبت في تحديد مسئولية الطاعن عن مبلغ الـ 611 ج قبل المطعون عليه الأول وإنما أرجأ ذلك إلى أن يقدم الخبير تقريره بنتيجة تصفية الحساب بين الطرفين على أساس بيان ما يكون لكل منهما قبل الآخر ومن ثم لا يكون ثمن ما يحول دون أن يدلي الطاعن بدفاعه في هذا الخصوص لدى محكمة الموضوع ولا يكون هناك تناقض بين منطوق الحكم وأسبابه. ومردود ثانياً بأن الحكم إذ قضى برفض الدعوى بالنسبة لمن عدا المطعون عليه الأول وهم ورثة الحفني الغنيمي أقام قضاءه على أنه “يبقى بعدما تقدم ما دفع به المدعى عليهم عدا الأول بأنهم قد تخالصوا مع المحال إليه بمقتضى محضر صلح بتاريخ 23 يناير سنة 1943 موقع عليه من المدعى عليه الأول في نظير 1500 ج دفع منها 600 ج والباقي يدفع عند التوقيع على عقد الشطب وقد أودع هذا المبلغ الأخير بالمحكمة المختلطة بعد معارضة المدعي (المطعون عليه الأول) وبنى المدعي معارضته هذه على أن هذا الاتفاق مشوب بالغش والتدليس إذ أوهمه المدعى عليهم عدا المدعى عليه الأول بأنهم دفعوا الـ 611 ج بمقتضى إيصالات تعهدوا بإحضارها إليه ويقول المدعي إن هذه المبالغ قد دفعت منهم لغاية سنة 1923 وعلى كل حال قبل عقد الحلول من البنك إليه وهذا الذي ينعاه المدعي على عقد الصلح الذي تم بين المدعى عليهم عدا الأول والمدعى عليه الأول خاصاً بالغش والتدليس لم يقدم أي إثبات عليه فهو نافذ في حق المدعى عليه الأول الذي تصالح مع المدعى عليهم عدا الأول بعقد حلول لم يذكر به أنه محول بقصد التحصيل فقط كما أن إنذار المدعي لهم كان بعد حصول الصلح فهو نافذ على المدعى عليه الأول قبل المدعى عليهم عدا الأول – أما بالنسبة للمدعي فكل ما يستطيعه هو الرجوع على وكيله كما هو صريح عقد اتفاقه معه في 1/ 8/ 1928 إذا ما ثبت تقصيره الجسيم على ما سبقت الإشارة إليه”. أما القول بأن مسئولية ورثة الحفني قبل الطاعن مبناها الإثراء بلا سبب فهو جديد لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام هذه المحكمة.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل في أن الحكم صدر على خلاف حكم سابق هو الحكم الصادر من محكمة استئناف الإسكندرية في الدعوى 222 سنة 2 ق ذلك بأن الحكم المذكور انتهى إلى إقرار الإيصالات الخاصة بمبلغ الـ 611 ج مما كان يقتضي استنزال قيمتها في التسوية التي أمر الحكم المطعون فيه بإجرائها.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن المطعون عليه الأول لم يكن خصماً في دعوى براءة الذمة رقم 222 سنة 2 ق فلا يحاج بأي تقرير ورد في هذا الحكم بشأن الـ 611 ج.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الطعن بجميع أسبابه على غير أساس ويتعين رفضه.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .