حكم تمييز ( مخدرات – قبض باطل)

محكمة التمييز
الدائرة الجزائية
جلسة 14/ 6/ 2005
برئاسة السيد المستشار/ كاظم محمد المزيدي – رئيس الجلسة، وعضوية السادة المستشارين/ محمود دياب ومجدي أبو العلا وجاب الله محمد جاب الله وعلي الصادق عثمان.
(15)
(الطعن رقم 144/ 2004 جزائي)

1 – قبض. تفتيش. بطلان. تلبس. تمييز “حالات الطعن: بطلان الحكم”. جريمة “الجريمة المشهودة”.
– القبض على الشخص وتفتيشه أو تفتيش متعلقاته الشخصية. غير جائز بدون إذن من سلطة التحقيق إلا في الجرائم المشهودة والحالات الواردة على سبيل الحصر في المادة 43 والمواد من 53 إلى 57 ق الإجراءات والمحاكمات الجزائية.
– الجريمة المشهودة. تستوجب تحقق رجل الشرطة من قيامها. حالات ذلك: مشاهدتها بنفسه أو مشاهدة أثر من آثارها أو نتيجة من نتائجها بما يقطع بوقوعها.

– توقف الطاعن بسيارته على جانب الطريق ظهرًا. يبيح لرجل الشرطة فقط تحري أمره وسبب توقفه. اكتشافه أنه في حالة غير طبيعية وسقوط قرص منه عرضًا أثناء إخراج هويته. اشتباهه بأنه مؤثرًا عقليًا. لا يوفر حالة التلبس. قيامه بالقبض على الطاعن وتفتيشه. إجراء باطل ويبطل الدليل المستمد منه. علة ذلك: ما بني على باطل فهو باطل. مخالفة الحكم ذلك. توجب تمييزه.
2 – بطلان. عدالة. قبض. تفتيش.

– بطلان القبض والتفتيش. استبعاد الدليل المستمد منهما. مثال.
– العدالة لا يضيرها إفلات مجرد من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حرية الناس والقبض عليهم وتفتيشهم بدون وجه حق. مثال.
1 – من المقرر أنه لا يجوز القبض على الشخص وتفتيشه أو تفتيش متعلقاته الشخصية التي تستمد حرمتها من حرمته بغير إذن من السلطة المختصة بالتحقيق – عند توافر مبرراته – إلا في الجرائم المشهودة والحالات الأخرى التي أوردتها المادة 43 والمواد 53 إلى 57 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية, على سبيل الحصر وكانت الجريمة المشهودة تستوجب أن يتحقق رجل الشرطة من قيام الجريمة، وذلك إما بمشاهدتها بنفسه أو بمشاهدة أثر من آثارها أو نتيجة من نتائجها بما يقطع بوقوعها – وكانت صورة الواقعة التي تناولها الحكم في الرد على الدفع لا تشكل جريمة مشهودة في حق الطاعن، ذلك أن مجرد توقف الطاعن بسيارته على جانب الطريق ظهرًا، وإن كان يجيز لرجل الشرطة تحري حقيقة أمره وسبب توقف سيارته، إلا أن ما تكشف له بعد ذلك من أنه كان في حالة غير طبيعية، وسقوط قرص منه عرضًا – اشتبه بأنه مؤثرًا عقليًا – عندما طلب منه إخراج هويته لا يوفر الدلائل التي تقطع بذاتها بارتكابه جريمة معينة، ذلك أن الطاعن لم يعمد إلى التخلي عن قرص المؤثر العقلي،

وإنما سقط منه عرضًا أثناء إخراجه لهويته لتقديمها للشرطي، فلم يكن التخلي عنه إراديًا، وبالتالي لم تنقطع صلته به حتى يصح لرجل الشرطة التقاطه، فضلاً عن أنه لم يبين سنده في اشتباهه من أن القرص الذي سقط من الطاعن مؤثر عقلي وبالتالي فلا تقوم به حالة التلبس التي تسوغ القبض عليه وتفتيشه بغير إذن من سلطة التحقيق، فإن ما قام به رجل الشرطة من قبض على الطاعن وتفتيشه يكون إجراء غير مشروع، ويقع باطلاً، ويبطل بالتالي الدليل المستمد منه، لأن ما يبنى على باطل فهو باطل، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيبًا بما يوجب تمييزه.

2 – إذ كانت الأدلة التي أقام الحكم المستأنف قضاءه عليها غير مشروعة – لعدم مشروعية ما قام به رجل الشرطة من إجراءات لبطلانها، كما أن ما ضبط مع المتهم وما انتهت إليه نتيجة التحليل مترتبة على هذه الإجراءات الباطلة، ومن ثم فإن هذه المحكمة تستبعد الدليل المستمد من شهادة الشرطي وكذلك ما ضبط مع المتهم وأيضًا المستمد من تقرير الأدلة الجنائية عن فحص المضبوطات وتحليل عينة بول المتهم لأنهم نتيجة القبض والتفتيش الباطلين، ومن شأن ذلك بطلان الدليل المستمد منهم واستبعاده، إذ أنه لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب، بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم وتفتيشهم بدون وجه حق.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 16/ 8/ 2003 بدائرة مخفر شرطة المباحث الجنائية. محافظة العاصمة: – 1 – أحرز مادة مخدرة “حشيش” بقصد التعاطي دون أن يقدم ما يثبت أنه قد رخص له بذلك قانونًا. 2 – أحرز مؤثرات عقلية “أمفيتامين، وكلونازيبام، خلوفيتز ازيبام” بقصد التعاطي دون أن يكون مرخصًا له بذلك قانونًا. 3 – قاد سيارة تحت تأثير المؤثرات العقلية على النحو المبين بالتحقيقات. وطلبت النيابة عقابه بالمواد 1، 2، 33/ 39، 1/ 1، 45/ 2، 3 من القانون 74 لسنة 1983 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون 13 لسنة 1995 والبند 16 من الجدول رقم “1” الملحق بالقانون الأول، 1، 2/ 1، 3، 39/ 1، 49/ 1 من المرسوم بقانون رقم 48 لسنة 1987 في شأن مكافحة المؤثرات العقلية وتنظيم استعمالها والاتجار فيها والبند رقم “1” من الجدول رقم 2 والبندين رقمي 22، 42 من الجدول رقم “4” الملحق بالقانون، المواد 1، 2/ 3، 3/ 1، 38/ 1 من القانون رقم 67 لسنة 76 في شأن المرور المعدل بالقانون 52 لسنة 2001. ومحكمة الجنايات حكمت حضوريًا: – بحبس المتهم خمس سنوات مع الشغل وتغريمه خمسة آلاف دينار ومصادرة المضبوطات وأمرت بسحب رخصة القيادة لمدة سنة عما أسند إليه. استأنف المحكوم عليه هذا الحكم، وبتاريخ 17/ 3/ 2004 قضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق التمييز.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.

من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم حيازة وإحراز مادة مخدرة – حشيش – ومؤثرات عقلية بقصد التعاطي وقيادة مركبة آلية تحت تأثير المخدر، قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه دفع ببطلان القبض عليه وتفتيشه وما ترتب عليهما من آثار لحصولهما في غير الحالات التي يبيحها القانون، إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع بما لا يتفق وصحيح القانون، مما يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.

وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه والمؤيد والمكمل بالحكم المطعون فيه قد عرض لما دفع به الطاعن من بطلان القبض والتفتيش لحصولهما في غير حالات التلبس وأطرحه في قوله إن “عن الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش على المتهم وما هو مستمد منها فإنه من المقرر بمقتضى المادتين 43، 54 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية أنه يجوز لرجل الشرطة القبض على المتهم وتفتيشه في حالة التلبس بجناية قامت على اتهامه أدلة قوية، كما يكفي لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة.

وحيث إن مؤدى ذلك جواز الضبط والتفتيش رجل الشرطة إن كانت هناك أدلة قوية تدل على ارتكاب المشتبه به الجناية، وهناك مظاهر خارجية تدل على ذلك، فوجود المتهم بحالة غير طبيعية في السيارة وسقوط حبه مؤثر عقلي يكفي لرجل الشرط القيام بضبط وتفتيش المتهم مما يتعين معه رفض هذا الدفع دون الحاجة للنص عليه بالمنطوق”.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يجوز القبض على الشخص وتفتيشه أو تفتيش متعلقاته الشخصية التي تستمد حرمتها من حرمته بغير إذن من السلطة المختصة بالتحقيق – عند توافر مبرراته – إلا في الجرائم المشهودة والحالات الأخرى التي أوردتها المادة 43 والمواد 53 إلى 57 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية, على سبيل الحصر وكانت الجريمة المشهودة تستوجب أن يتحقق رجل الشرطة من قيام الجريمة، وذلك إما بمشاهدتها بنفسه أو بمشاهدة أثر من آثارها أو نتيجة من نتائجها بما يقطع بوقوعها – وكانت صورة الواقعة التي تناولها الحكم في الرد على الدفع لا تشكل جريمة مشهودة في حق الطاعن، ذلك أن مجرد توقف الطاعن بسيارته على جانب الطريق ظهرًا، وإن كان يجيز لرجل الشرطة تحري حقيقة أمره وسبب توقف سيارته، إلا أن ما تكشف له بعد ذلك من أنه كان في حالة غير طبيعية، وسقوط قرص منه عرضًا – اشتبه بأنه مؤثرًا عقليًا – عندما طلب منه إخراج هويته،

لا يوفر الدلائل التي تقطع بذاتها بارتكابه جريمة معينة، ذلك أن الطاعن لم يعمد إلى التخلي عن قرص المؤثر العقلي، وإنما سقط منه عرضًا أثناء إخراجه لهويته لتقديمها للشرطي، فلم يكن التخلي عنه إراديًا، وبالتالي لم تنقطع صلته به حتى يصح لرجل الشرطة التقاطه، فضلاً عن أنه لم يبين سنده في اشتباهه من أن القرص الذي سقط من الطاعن مؤثر عقلي وبالتالي فلا تقوم به حالة التلبس التي تسوغ القبض عليه وتفتيشه بغير إذن من سلطة التحقيق، فإن ما قام به رجل الشرطة من قبض على الطاعن وتفتيشه يكون إجراء غير مشروع، ويقع باطلاً، ويبطل بالتالي الدليل المستمد منه، لأن ما يبنى على باطل فهو باطل، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيبًا بما يوجب تمييزه وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

وحيث إن موضوع الاستئناف صالح للفصل فيه.

وحيث إن الحكم المستأنف وقد عول في إدانة المتهم على أقوال رجل الشرطة……. – من دوريات الأحمدي – من أنه بتاريخ الواقعة وأثناء تفقده حالة الأمن بالطريق الساحلي شاهد سيارة متوقفة على يمين الطريق الساحلي وبابها مفتوح وبها المتهم بحالة غير طبيعية يشتبه أنه متعاطي لمواد مخدرة وبطلب ما يثبت شخصيته أخرج بعض الأوراق من جيبه فسقط منه قرص مؤثر عقلي، وبتفتيشه عثر في جيبه الأمين على كيس صغير به عدد 17 حبة مؤثرًا عقليًا وقطعتين من مادة الحشيش وبمواجهته أقر له بأنها تخصه بقصد التعاطي، كما أخذه بما انتهى إليه تقريري الأدلة الجنائية من أن ما ضبط معه من أقراص مؤثرًا عقليًا وقطعة من الحشيش، كما عثر بعينة بوله على مادة الأمفيتامين وهي مؤثر عقلي وبسؤال المتهم بتحقيقات النيابة العامة أنكر ما أسند إليه وأضاف بأن السيارة كانت معطلة لنفاذ الوقود بها وأن الدورية صحبته بقصد إحضار وقود لها.

لما كان ذلك، وكانت الأدلة السابقة التي أقام الحكم المستأنف قضاءه عليها غير مشروعة – لعدم مشروعية ما قام به رجل الشرطة من إجراءات لبطلانها، على النحو السابق – كما أن ما ضبط مع المتهم وما انتهت إليه نتيجة التحليل مترتبة على هذه الإجراءات الباطلة، ومن ثم فإن هذه المحكمة تستبعد الدليل المستمد من شهادة الشرطي وكذلك ما ضبط مع المتهم وأيضًا المستمد من تقرير الأدلة الجنائية عن فحص المضبوطات وتحليل عينة بول المتهم لأنهم نتيجة القبض والتفتيش الباطلين، ومن شأن ذلك بطلان الدليل المستمد منهم واستبعاده، إذ أنه لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب، بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم وتفتيشهم بدون وجه حق.

وحيث إن الأوراق – بالنسبة للتهم المسندة إلى المتهم – قد خلت من ثمة دليل آخر يصلح التعويل عليه في إدانته وإذ خالف الحكم المستأنف هذا النظر، فإنه يتعين القضاء بإلغائه، وببراءة المتهم مما نسب إليه مع مصادرة المضبوطات، عملاً بالمادتين 39/ 1 من القانون رقم 74 لسنة 1983 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها والمعدل بالقانون رقم 13 لسنة 1995، 49/ 1 من القانون رقم 48 لسنة 1987 في شأن مكافحة المؤثرات العقلية وتنظيم استعمالها والاتجار فيها.