لا يمكن مساءلة الطبيب مدنيا عن الخطـأ الذي يرتكبه ما لم يقترن بضرر اصاب المريض ومن ذلك نرى ان نقطة البداية لمساءلة الطبيب هي تحقق ركن الضرر المرتبط بخطأ الطبيب وليس بغيره ، فلو لحـق المريض ضرر جراء اهماله في تناول العلاج فالخطأ هنا لم يقع من الطبيب بل مـن المريض، وان التزام الطبيب في اكثر الاحيان ، يكون التزاماً ببذل عنايته وليس بتحقيق نتيجة بحيث يكون مسؤولا عن عدم تحققها في أي من المسؤوليتين التقصيرية او العقدية. وثمة بعض الحالات يكون فيها وقوع الضرر قرينة بسيطة على وجود الخطأ ومـن ذلك الالتزام الذي يقع على عاتق المستشفـى في سلامة المريض وبصورة خاصـة اذا كـان المريض مصاباً بمرض عقلي ، وكذلك التزام الطبيب بسلامة الادوات المستعملـة وعمليات نقل الدم(1).

وهنا نستطيع القول استثناءً بان التزام الطبيب هو التزام بتحقيق نتيجة هي سلامة المريض. ونخلص مـن ذلك الـى ان الضرر ركـن اساسـي فـي مسؤوليـة الـطبيب ، والضـرر يعني الاذى الذي يلحق بالمريض ولكن أي ضرر يجوز التعويض عنه؟ هل يجب التعويض عـن جميـع الاضرار؟ هنا يمكـن القول بـان الضرر يجب ان يكون مباشراً ، فالضرر غير المباشر لا يعوض عنه سواء أكنـا ازاء مسؤولية تقصيرية ام مسؤولية عقدية وذلك لانتفاء الركـن الثالث وهو علاقة السببية بين الخطأ والضرر(2).

اما الضرر غير المتوقع فلا يعوض عنه في المسؤولية التعاقدية وذلك لانه يفترض في الطريقين انهما اتفقا ضمنياً على استبعاد تعويضه(3). ويمكن ان يصيب الضرر المريض على صعيد الخطأ العادي او علـى صعيد الخطـأ المهنـي للـطبيب، ويستطيع القاضي الحكـم بتحقق الضرر فـي الخطـأ العـادي دون الرجوع الى اهل الخبرة من اعـلام مهنـة الطب ، وذلك لان الخطـأ يأتي بوقائع ناطقة لا لبس فيها ولا غموض ، ولا شك ان الضرر تحقق من جرائهـا وذلك مـن مثل نسيان ادوات جراحية او قطع من الشاش في جوف المريض ، فمعنى ذلك قيام قرينة على وجود ضرر ناشئ من خطأ الطبيب الثابت ، وكذلك حينما يجري عملية ويده اليمنى مشلولة او في حالة قلع ضرس سليم بدل الضرس المصاب ومـا الـى ذلك من الشواهد والامثلة العملية.

اما في الخطأ المهني فيجب على القاضي تحري الخطأ والضرر الذي لحق المريض اذ ان القاضي هنا لا يستطيع ان يتبين بنفسه خطأ الطبيب ما لم يستعن بأهل الخبرة للتأكد من خطأ الطبيب ، وتحقق الضرر للمريض ووجود رابطة السببية بين الخطأ والضرر. الحقيقة ان القواعد العامة توجب ان يكون التعويض بقدر الضرر الذي لحق بالمريض ، ولكن ذلك من المسائل الصعبة التي ينوء القاضي بها في مرحلة تقدير التعويض ، اذ يتعين عليه مراعاة المريض ومكانته وسنه فمثلا التعويض لمريض في عنفوان شبابـه يختلف عـن التعويض لامـرأة عجـوز مصابـة بمـرض السرطـان ، وصعـوبة تقدير التعويض في القضية التي طرحت على محكمة ليون عن الضـرر الحادث لامرأة عجوز ذهبت الى الجراح تبغي اعادة ثدييها كاعبين كما في ايـام الشباب ، فلـم تفـز منـه الا بالتحامـات وانكماشات اضافها العطـار الـى مـا افسد الدهر(4).

______________________________

– د.محمد حسين منصور –المسؤولية الطبية- المرجع السابق – ص107.

2- د. سعدون العامري – تعويض الضرر في المسؤولية التقصيرية –بغداد –1981 –ص13.

3- المرجع نفسه –ص13.

4- حسن زكي الابراشي –المرجع السابق –ص188.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .