أفضل صيغ التمويل العقاري
يوسف الفراج

هذا هو العقار مالئ الدنيا وشاغل الناس وحق له ذلك فهو مطلب ضروري للاستقرار والإعالة والزواج, وهو مصدر كبير للثروة بكل تشكيلاته سواء كان عقاراً خاماً أم مستثمراً أم مزرعة أم رهناً للحصول على التمويل, إذاً هو محور أساس في حياة الناس وتجارتهم, وفي الأسابيع الماضية ظهرت مناشط عقارية عديدة, ويهمنا منها هنا ما يتعلق بالتمويل فقد أعلنت المؤسسة العامة للتقاعد تعديلاً وتطويراً على صيغة التمويل لديها ”مساكن” وذلك فيما يتعلق بالسداد المبكر والفائدة المتناقصة والإعفاء حال الوفاة, كما أعلن بنك الإنماء برنامجا تمويليا باسم ”1 و2 و3”. وكثير من الناس يسأل عن أفضل البرامج التمويلية, وللإجابة عن ذلك لا بد من الإشارة إلى أن الجواب يتوقف على جانبين الأول: الجانب الاقتصادي وأعني به الربح المأخوذ من طالب التمويل وهي معادلات اقتصادية يفتي بها المختصون بعد تحليل العقود تحليلاً مالياً وحساب الفائدة وقدر مبلغ التمويل وسنواته ونحوها من المعايير المؤثرة في اتخاذ القرار, وهذا الجانب يقرره المختصون.

أما الجانب الثاني: فهو الجانب القانوني للعقد ومدى مناسبة هذا العقد وتحقيقه مصالح المتمول وتوافر الضمانات القانونية, وهو ما يمكن أن أشير إليه في هذه المقالة، وبالطبع لن أوصي بشيء من العقود الموجودة في السوق إلا أنني أنبه إلى بعض الأحكام والمواد التي ترد في مثل هذه العقود وأيها أفضل للمتمول.

فمن ذلك: أن يكون العقد بصيغة البيع وبالتأكيد سيكون ”البيع بالتقسيط”, فهذه الصيغة تنقل الملكية للمشتري فيتحقق ما يريد ويبقى في عقاره مرتاحاً حيث لا يخشى من استرداده, إلا أن هذه الصيغة قليلة في التمويل والمشهور هو الإيجار المنتهي بالتمليك وهذه لا تنقل الملكية للمشتري إلا بعد سداد الأقساط فموقفه ضعيف وسيكون قلقاً ولا سيما إذا كانت مدة التمويل طويلة, وللإيجار المنتهي بالتمليك عدة صور, أفضلها بالنسبة للمشتري هي الصيغة التي تشتمل على نص بانتقال العقار إلى المشتري بمجرد سداد الأقساط ـــ وليس وعداً بالهبة أو البيع الرمزي كما هو البديل الإسلامي ـــ , إلا أن هذه الصيغة أعني الانتقال المباشر بمجرد سداد الأقساط ممنوعةٌ حسب الفتوى وهو ما يعمل به القضاء ولهذا ففيها مخاطرة قانونية قد تؤدي إلى إبطال العقد, ولكنها ستكون من الصيغ الجائزة وفقاً للنظام حسب مشروع الإيجار التمويلي بعد صدوره, والجواز هو قول جمعٍ من الفقهاء المعاصرين, والخلاصة في هذه الفقرة أن كل صيغة تنقل ملكية العقار للمشتري فهي الأفضل, ثم الإيجار المنتهي بالتمليك بمجرد سداد الأقساط, ثم المنتهي بالتمليك بالوعد بالهبة أو البيع الرمزي, ولا بد من التأكيد أن الحديث هنا عن الضمانات القانونية للمشتري, أما الجدوى الاقتصادية فلها حسابات أخرى كما سبق, فزيادة ضمانات المشتري تعني زيادة المخاطرة على البائع ومن ثم قد يزيد من معدل الفائدة, فالبعض قد يُفضّل صيغة الإيجار المنتهي بالتمليك بالوعد بالهبة مثلاً لأن معدل الفائدة قد يكون أقل.

وكذلك: أن يتم تضمين العقد الحق في ”السداد المبكر’‘ بمعنى أنه في حال رغب المشتري السداد المبكر فلا يؤخذ منه ربح عن باقي المدة, وللأسف فإن بعض العقود يَمنع السداد المبكر ويجعل الأمر يتوقف على قناعة الممول أخذاً ببعض الفتاوى التي تمنع ذلك وتجعله شبيهاً بالربا, وهناك جمعٌ من الفقهاء يُجيزه كما هو مشهور في مسألة ”ضع وتعجل”.

وكذلك: تضمين العقد إسقاط المبلغ المتبقي حال وفاة المشتري وعدم مطالبة الورثة به, ولا مِنّة لشركات التمويل بذلك فهي تؤمن على ضرر وفاة المشتري, كما أن شركات التمويل تُراعي ذلك في سن المشتري وحالته الصحية.

وكذلك: ألا تكون الفائدة مركبة بل متناقصة, ولا بد من التدقيق في ذلك فقد ترفع الشركة نسبة الفائدة على الدفعات الأولى وتقللها على الدفعات الأخيرة ومن ثم قد لا تكون هناك مصلحة كبيرة.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت