لا يثير موضوع السريان من حيث المكان أية صعوبة فالأصل إن سريان القانون ينحصر في نطاق البلد الذي شرع فيه وقد نصت المادة الثامنة على سريان هذا القانون على جميع العمال في القطاعات :الخاص والمختلط والتعاوني .

المبحث الأول : سريانه من حيث الزمان

لا بد لنا إن نبحث مسالة التنازع بين القانون القديم الملغى والقانون الجديد بالنسبة للحقوق المكتسبة التي نشأت في ضل القانون القديم الذي الغي بالقانون الجديد فهل تخضع لأحكام القانون الأخير وبعبارة أخرى هل أن عقود العمل التي أبرمت بموجب قانون العمل القديم واستمرت أثارها بعد نفاذ قانون العمل الجديد تبقى نافذة وخاضعة للقانون القديم لحين انتهائها على أساس إن العقد شريعة المتعاقدين؟ ان العقود التي أبرمت وتمت أثارها وانتهت في ضل القانون القديم أي قبل نفاذ قانون العمل الجديد ،تكون خاضعة لأحكام قانون العمل القديم أما العقود التي استمرت أي لم تنته في ظل القانون القديم فان أثارها التي تنشا بعد نفاذ القانون الجديد تخضع لإحكام هذا القانون الأخير ولو كانت عقود العمل نفسها قد برمت في ظل القانون القديم .أي إن قانون العمل الجديد يسري بأثر مباشر من تاريخ نفاذه على وان ذلك لايعني تجديد هذه العقود بل تعتبر جميع العقود القائمة إثناء صدور القانون الجديد مسترة على أن الحقوق الجديدة اوالاضافات التي أدخلت على بعض الحقوق لا يكون لها أي اثر ألا من تاريخ نفاذ القانون المذكور. … إن الصفة الآمرة لقواعد قانون العمل وتعلق هذه القواعد بالنظام العام هي التي تبرر سريان قانون العمل الجديد على الآثار المستقبلة للعقود التي أبرمت قبل نفاذه.

المبحث الثاني : سريان قانون العمل على الأشخاص

يسري القانون على عمال القطاعات الخاص والمختلط والتعاوني (1). أما العامل فهو ((كل من يؤدي عملا لقاء اجر ويكون تابعا في عمله لادارة وتوجيه صاحب العمل))(المادة 8 من قانون العمل ). فلكي يعتبر الشخص عاملا يجب توفر ثلاثة أركان (1)أداء عمل ،(2)ان يكون ذلك في المقابل اجر،(3)ان يؤدي العمل تحت إشراف وتوجيه الجهة التي يعمل العامل لحسابها (التبعية ). وسيقتصر الكلام في هذا المبحث على سريان القانون على الأشخاص … . أن العامل لا يمكن أن يكون ألا شخصا طبيعيا ويعود ذلك إلى أن العمل يتطلب بذل مجهود لا يتصور تحقيقه إلا بالنسبة للشخص الطبيعي ولا يمكن تصوره بالنسبة للشخص المعنوي هذا فضلا عن إن التنظيم القانوني لعلاقات العمل وما يتسم به من طابع أنساني واجتماعي لا يمكن تطبيقه بالنسبة للأشخاص المعنوية (2)على عكس الحال بالنسبة لصاحب العمل حيث يجوز أن يكون شخصا معنويا فيظهر من نص المادة الثامنة في تعريفها للعامل ان القانون أراد قصر هذه الصفة على الشخص الطبيعي دون الشخص المعنوي فعقد العمل ينصب على عمل الإنسان وهذا لايمكن فصله عن الشخص الطبيعي. كما لايشترط أن يقوم العامل بالعمل على وجه الاحتراف فالشخص الذي يقوم بعمل عرضي يعتبر عاملا ويخضع لقانون العمل ما دام قد توفر في عمله جميع عناصر عقد العمل(3)ولا يهم نوع العمل الذي يؤديه العامل فقد يكون فنيا او فكريا ويدويا وفي اي فرع من فروع النشاط الإنساني صناعيا او تجاريا أو زراعيا كما يستوي أن يكون العمل دائميا أو عرضيا أو مؤقتا أو موسميا ولا يهم كذلك عند تحديد وصف العامل مقدار الأجر الذي يتقاضاه فقد يكون أجرا كبيرا ويتمتع بصلاحيات واسعة ويستوي هذا مع من يتقاضى أجرا بسيطا ودون التمتع بأية سلطة أو صلاحية.

الاستثناء من تطبيق بعض احكام قانون العمل:

نص القانون على استثناء بعض أحكام وكما يلي :

أ-عمال الخدمة المنزلية وعمال الزراعة من الأحكام الخاصة بتنظيم أوقات العمل والراحة (م66). أن عدم شمول خدم المنازل في هذه الحالة يتفق مع طبيعة عمل هؤلاء حيث انه من الصعب جدا أن لم يكن من المستحيل تنظيم أوقات عملهم على غرار أوقات العمل في الصناعة والتجارة (4).

ب- الأحداث والنساء الذي يعملون في وسط عائلي من أحكام الباب السادس الخاص بتنظيم عمل النساء و الأحداث (م89و96 من القانون).

ج- وكذلك لا تسري أحكام المادة (56) الخاصة بتنظيم أوقات العمل في الأعمال ذات الداومين او الصفة المتقطعة بحق المشتغلين بالأعمال التحضيرية او التكميلية التي يتعين انجازها قبل او بعد الانتهاء من العمل وكذلك بالنسبة للمشتغلين بالحراسة .

صاحب العمل

عرف قانون العمل الملغى رقم (1)لسنة 1958 صاحب العمل بأنه ((الشخص الحقيقي المعنوي الذي يتخذ من العمل الذي يزاوله حرفة له أو مهنة ويستخدم العامل أو المستخدم مباشرة أو بالواسطة ))(الفقرة 2 من المادة الأولى ). أما قانون العمل النافذ فقد عرفه بأنه كل شخص طبيعي أو معنوي يستخدم عاملا أو أكثر لقاء اجر في مختلف مجالات العمل في القطاعات الخاص والمختلط والتعاوني (5). ولم يشترط قانون العمل النافذ في صاحب العمل أن يتخذ من العمل الذي يزاوله حرفة له أو مهنة كما فعل القانون الملغي رقم 1 لسنة 1958، وبذلك فانه في ظل القانون النافذ يعتبر صاحب عمل كل شخص يعهد إلى أخر بتأدية عمل له دوم أن يتخذ من هذا العمل حرفة أو مهنة كما لا يشترط أن يهدف صاحب العمل إلى تحقيق الربح في مجال نشاطه آذ يعتبر صاحب عمل كل من الجمعيات والهيئات العلمية والثقافية والدنية والسياسية والرياضية بالنسبة إلى من تقوم بتشغيلهم من أشخاص يعملون لحسابها وتحت أشرافها وتوجيهها(6). وقد أيدت محكمة العمل العليا الملغاة ذلك في قرارها 51 سعليا71 في 771971. حيث ذهبت إلى أن (العبرة القانونية تتجلى بالتبعية القانونية وحدها فإذا ما تحقق ذلك فلا يهم أن يستهدف رب العمل من وراء عمله ربحا أو لاكما لأيهم أيضا أن يدير المستأنف عليه جمعية خيرية آم دينية أو ثقافية أو نقابية …الخ)(7).

_____________

1- م8 من القانون

2- عبد الودود يحيى ، شرح قانون العمل ، الطبعة الأولى ، القاهرة سنة 1964،ص68

3- الدكتور محمد لبيب شنب ،شرح قانون العمل ،ط3،القاهرة سنة 1976 ص50

4- د. شاب توما منصور ، شرح وقانون العمل ، الطبعة السادسة بغداد سنة ص160 وما بعدها .

5- انظر م 8 من القانون النافذ.

6- الدكتور هشام رفعت هشام ، عقد العمل في الدول العربية ، القاهرة سنة 1964 ص74.

7- لقد ذهبت محكمة التمييز في القرار المرقم 1168-حقوقية -رابعة 1970 والمؤرخ في 10-9-1970 إلى عدم خضوع مدارس المنصور الأهلية القانونية العمل الملغى رقم 1 لسنة 1958 لأنها لا تقصد من إعمالها الربح والاستفادة وكذلك قرار محكمة بداءة العمل في بغداد المرقم 17-ب-1970 الذي قررت فيه عدم خضوع جمعية الهلال الأحمر لقانون العمل ذاته ولنفس الأسباب أيضا .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .