تقادم الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين:

الفقه الإسلامي لا يعرف سقوط الحق بالتقادم، وإنما يرتب على مرور الزمان مدة معينة منع سماع الدعوى بالحق، وقد ارتأى المشرع أنه من الملائم أن تكون تلك المدة هي خمس عشرة سنة كأصل عام، ومن ثم وعملاً بتلك الأحكام فإن المطالبة بالديات وأجزائها لا تسمع بعد مضي خمس عشرة سنة، عدا حالة ضمان الدولة بتعويض إصابة المضرور إذ أفرد له المشرع حكماً خاصاً مقرراً سقوطه بالتقادم الثلاثي على نحو ما تقرره المادة 256 من القانون المدني، أما المطالبة بالتعويض عن الإصابات التي لم ترد بجدول الديات فإنها تخضع للتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 253 من القانون المدني وفي الحدود التي قررتها، ولما كان ذلك، وكان النص في المادة 807 من القانون المدني على أن ” تسقط الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حدوث الواقعة التي تولدت عنها هذه الدعاوى، وذلك ما لم يقض القانون بخلافه….” مفاده أن الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين تخضع لهذا التقادم الثلاثي، وذلك أياً كان الحق الذي تحميه دون تفرقة بين دعوي المؤمن له أو المستفيد، فتسقط دعاوي كل هؤلاء بذات المدة، ومنها دعوي المضرور ضد شركة التأمين باعتباره المستفيد من عقد التأمين، وذلك عدا الحالات التي تستحق فيها الدية أو أجزاؤها فإنها لا تسقط إلا بمضي خمس عشرة سنة لدخولها في نطاق الاستثناء الذي قررته هذه المادة على نحو ما سلف. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع المبدي من الطاعنة بسقوط حق المطعون ضده في إقامة الدعوى لمرور ثلاث سنوات من تاريخ علمه بالضرر وبالمسئول عنه في تاريخ وقوع الحادث على سند من القول بأن الفقه الإسلامي لا يعرف سقوط الحق بالتقادم وأن التعويض عن الإصابة ذاتها سواء كانت دية أو أرشاً مقدراً أو حكومة عدل لا تسمع المطالبة بأي منها بعد مضي خمس عشر سنة- عدا حالة ضمان الدولة لتعويض المضرور- فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بالنسبة لما قرره من أن التعويض عن الإصابة ذاتها إذا كان حكومة عدل لا تسمع دعوي المطالبة به بعد مضي خمس عشرة سنة، وقد أدى به هذا الخطأ إلى القضاء بالتعويض المؤقت المطلوب عن جميع إصابات المطعون ضده دون أن يستظهر ما يستحق عنه منها دية أو أرش مقدر، وما يستحق عنه منها حكومة عدل بما يُوجب تمييزه.

(الطعن 480/2001 مدني جلسة 27/5/2002)

النص في المادة 807 من القانون المدني على أن تسقط الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حدوث الواقعة التي تولدت عنها تلك الدعاوى ما لم يقض القانون بخلافه- مفاده وعلى ما هو مقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين تخضع لهذا التقادم الثلاثي أياً كان الحق الذي تحميه دون تفرقة بين دعوى المؤمن له أو المستفيد من عقد التأمين- وكان الثابت من التقارير الطبية المقدمة أن حالة العين اليسرى إصابية ولكن لا يمكن الجزم بتحديد تلك الإصابة أو علاقتها بالحادث الذي تعرض له المستأنف ضده في السعودية في 11/6/2000 وكانت هذه الإصابة لم تتبلور وتتضح إلاّ بعد الفحوصات الطبية التي أثبتت فقد العين لمنفعتها بما لا يمكن معه القول أن التاريخ الأخير هو الذي يبدأ منه تاريخ بدء التقادم وترى المحكمة بما لها من سلطة تحصيل الواقعة التي يبدأ بها التقادم أنه يبدأ من 10/6/2001 وهو التاريخ الذي تقدم فيه المستأنف ضده على الشركة المستأنفة طالباً صرف قيمة التأمين بعد أن قدم الدليل على الحالة التي وصلت إليها العين اليسرى بفقد منفعتها وإذ أقيمت الدعوى في 13/9/2003 قبل مضى ثلاث سنوات من التاريخ الذي تقدم فيه بطلب صرف التأمين فإنها تكون بمنأى عن السقوط وإذ انتهى الحكم المستأنف إلى هذه النتيجة الصحيحة فإن النعي يكون على غير أساس.

(الطعن 301/2005 تجاري جلسة 24/9/2006)

مالا يعد من الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين:

من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- “أنه وفقاً لنص المادة 801 من القانون المدني أن المؤمن إذا أوفى للمؤمن له أو المضرور حقه حل محله قانوناً في الرجوع على الغير المسئول بما أوفاه دون حاجه لاتخاذ إجراءات، وهو في ذلك إنما يستعمل حق المؤمـن لـه بمـا لـه مـن خصائـص ومـا يلحقـه مـن توابـع (مادة 368 مدني) ومنها أن تثبت لدعواه في هذا الشأن- نفس طبيعة دعوى المؤمن له- ولما كان حق المؤمن في تعويض المسئولية عن الحادث قد نشأ بمقتضى القانون- من الفعل الضار- وكان هذا الحق هو الذي انتقل إلى المؤمن الذي دفع مبلغ التعويض للمؤمن له أو للمضرور- فإن دعوى الحلول التي يرفعها المؤمن ضد الغير المسئول عن الحادث لا تعتبر ناشئة عن عقد التأمين وبالتالي لا تخضع للتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 807 من القانون المدني وإنما تتقادم بذات المدة التي تتقادم بها دعوى المؤمن له، وهى ثلاث سنوات تبدأ من يوم علم المضرور بالضرر وبمن يسأل عنه “المادة 253/1 من القانون المدني “والذي يتحقق بصدور حكم نهائي بإدانة المسئول عن الجريمة التي نشأت عنها دعوى المسئولية عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر وليس من تاريخ قيام المؤمن بدفع مبلغ التعويض للمؤمن له أو للمضرور لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنة قد أوفت بقيمة التعويض للمضرورين بإيداعه إدارة التنفيذ نفاذاً للحكم الصادر ضدها في الدعوى رقم 13/2001 ت وأقامت دعواها بالرجوع بما أوفته من تعويض على المطعون ضده -باعتباره من الغير المسئول عن الضرر- ومن ثم فإنها تحل محل المضرورين وتخضع دعواها قبله لذات مدة التقادم وبدء سريانها التي تخضع لها دعواهم قبل المسئول وهى ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة الحكم الجزائي الصادر بإدانة المسئول نهائياً وليس من تاريخ الوفاء بمبلغ التعويض- وإذ صار هذا الحكم نهائياً بتاريخ 14/3/2001 في حين أقامت الطاعنة دعواها الماثلة بتاريخ 17/4/2004 فإنها تكون قد سقطت بالتقادم- وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد وافق صحيح القانون ويضحي النعي على غير أساس.

(الطعن 1087/2004 تجاري جلسة 26/10/2005)

من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أنه متى كان النص عاماً مطلقاً فلا محل لتخصيصه أو تقييده لما في ذلك من استحداث حكم مغاير لم يأت به النص عن طريق التأويل، وأن النص في المادة 807 من القانون المدني على أن “تسقط الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حدوث الواقعة التي تولدت عنها الدعاوى وذلك ما لم يقض القانون بخلافه ومع ذلك لا تسرى المدة (أ)… (ب)… (ج) عندما يكون سبب دعوى المؤمن له على المؤمن ناشئاً عن رجوع الغير عليه إلا من يوم رفع الدعوى من هذا الغير على المؤمن له أو من اليوم الذي يستوفى فيه الغير التعويض من المؤمن له “يدل- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- على أن الأصل هو سقوط الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حدوث الواقعة التي تولدت عنها هذه الدعاوى ما لم يقض القانون بخلاف ذلك ويستثنى من هذا الأصل العام في احتساب بدء مدة السقوط حالة ما إذا كان سبب دعوى المؤمن له ناشئاً عن رجوع الغير عليه لمطالبته قضائياً بحقه ففي هذه الحالة لا يبدأ سريان مدة السقوط إلا من يوم رفع الدعوى من هذا الغير على المؤمن له أو من اليوم الذي يستوفى فيه الغير التعويض من المؤمن له رضائياً دون مطالبة قضائية. لما كان ذلك، وكان سند الشركة المؤمن لها- المطعون ضدها الأولى- في الرجوع على الشركة المؤمنة- الطاعنة- هو التزامها بتعويض إصابة العمل الذي وضع الشارع معياره بالقرار الوزاري رقم 66 لسنة 1983 الصادر تنفيذاً لقانون العمل في القطاع الأهلي والمقضي به في الدعوى الأصلية التي أقيمت عليها من المضرور في 20/6/1998 ومن ثم فإن ميعاد سقوط دعواها قبل الشركة الطاعنة لا يبدأ إلا من هذا التاريخ وإذ أقامت دعواها الفرعية قبل الطاعنة في 9/6/1999 أي قبل انقضاء ثلاث سنوات من تاريخ إقامة الدعوى الأصلية على المطعون ضدها الأولى فإن دعواها تكون بمنأى عن السقوط عملاً بنص المادة 807 فقره (ج) المشار إليه الذي ورد بعبارة عامة مطلقة في شأن حق الغير قبل المؤمن له فلا محل لتقييد مطلق النص أو تخصيص عمومه بغير مخصص سيما وأن دعوى المسئولية التي يرفعها المضرور على المسئول المؤمن له لا تعتبر من الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع بسقوط دعوى المطعون ضدها الأولى قبل الطاعنة فإنه يكون قد التزم التطبيق الصحيح للقانون ويكون النعي عليه بسبب الطعن على غير أساس.

(الطعن 115/2005 عمالي جلسة 4/12/2006)

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .