أثر ترك وتجديد القضية التنفيذية على إعادة جدولة الدين

بقلم: مؤنس ابوزينة/ مأمور التنفيذ في محكمة بداية جنين.

نصت المادة (165) من قانون التنفيذ رقم (23) لسنة (2005): الأسناد التنفيذية المودعة بدائرة التنفيذ لأجل التنفيذ إذا تركها أصحابها دون تعقب ستة أشهر متوالية اعتباراً من آخر معاملة تمت بشأنها يوقف تنفيذها حتى يقدم طلب التنفيذ.

وعليه وبمضي ستة اشهر على اخر إجراء، تعتبر القضية متروكة بقوة القانون دون حاجة لصدور قرار بذلك من قاض التنفيذ، الا اذا قدم طلب تجديد وتبلغ المدين به، لكن ما هو الاجراء (المعاملة) الذي قصده المشرع لقطع هذه المدة؟ او ما هو الاجراء الذي تحسب من تاريخه بداية مدة الستة اشهر.

من وجهة نظري يجب ان يكون الاجراء القاطع للمدة (أي الذي تبدأ مدة الستة اشهر من تاريخه) هو الاجراء الصحيح والذي يتوافق او يحقق الغاية التي قصدها المشرع في عدم ركود القضية التنفيذية، وبخلاف ذلك فلا تحسب المدة من تاريخه، ولا يعتد به كآخر اجراء قاطع للمدة، وإنما يجب الرجوع على الاجراءات السابقة له والتي قصدها القانون من اجل احتساب المدة، فإذا مضى على هذه الاجراءات مدة الستة اشهر تكون القضية متروكة، ولا يلتفت الى أي اجراء لاحق لتلك الاجراءات مادام انه لا يتوافق مع ما قصده المشرع، وعليه فهو لا يقطع المدة.

وبناء عليه فان الاجراء الذي يتخذ ولا يؤدي الى تحريك اجراءات القضية ولا يؤثر على ركودها، لا يقطع المدة (مثل مجرد توريد وكالة او الاطلاع على الملف) كذلك فان الاجراء الذي يشوبه البطلان لا يقطع المدة, فإذا قدم الاجراء من غير ذي صفة فلا يعتد به بأنه اجراء قاطع للمدة، كذلك فان ورقة الاخطار التنفيذي الخالية من توقيع مأمور التبليغ لا يعتد بها كإجراء قاطع للمدة.
الا ان طبيعة بعض الاجراءات لها اثر مستمر على مدة الستة أشهر فتبقى قاطعة لها مادام ان الاجراء قائم، فصدور امر حبس على المنفذ ضده يبقى قاطعا للمدة ولو مضى عليه ستة أشهر ذلك ان الغاية التي قصدها المشرع من وقف التنفيذ للترك لم تتحقق بهذه الحالة، وذلك لعدم اهمال المنفذ لقضيته.

ولا تحسب من مدة الترك أي مدة قد مضت دون اتخاذ اجراءات بسبب عقبة مادية او قانونية او الوقف بقرار قضائي، مثل ان تكون اجراءات القضية موقوفة بناء على قرار صادر من المحكمة المختصة.

لكن حتى لو قدم طلب خلال مدة الترك، فإنني ارى ان قاضي التنفيذ لا يثير ذلك من تلقاء نفسه، لعدم تعلقه بالنظام العام، وإنما يترك الرد للمنفذ ضده، فإذا كان الاجراء هو اشعار بدفع المبلغ المتبقي، فحضر المنفذ ودفع، يسقط حقه في اثارة الدفع بان القضية متروكة، وان طلب الاشعار هو اجراء باطل، اما اذا حضر وتمسك ببطلان الاجراء للترك فتقرر المحكمة اجابة طلبه.
ولا يعني الترك سقوط ما اتخذ من اجراءات سابقه قبل الترك، إلا ان التجديد ينشئ وضعيين قانونيين للإجراءات وعليه وفي حال كان قد قدم تسوية للدين قبل ترك الدعوى، فيكون المنفذ ضده (المدين) ملزما بدفع الاقساط المستحقة خلال مدة الستة اشهر الواجب انقضاؤها لترك القضية، وأية اقساط قد تكون مستحقة قبل ذلك، اما المدة التالية لهذه فلا يكون المدين ملزما بأداء الاقساط عنها لأن القضية تكون قد تركت عملا بالمادة المذكورة، ويجوز له اعادة تقسيطها.

وعليه فان الاخطار الواجب توجيهه الى المدين بعد تجديد الاجراءات يجب ان يتضمن لزوم دفع الاقساط المستحقه حتى نهاية الشهر السادس، وفي هذه الحالة يتوجب على المدين الدفع دون حاجة لتقديم تسوية جديدة لان الاصل بقاء ما كان على ما كان وفق القاعدة الشرعية المنصوص عليها في المادة الخامسة من مجلة الاحكام العدلية، ولأن اية تسوية جديدة لا يجوز ان تنصرف إلا الى الرصيد المحكوم به الذي لم يكن قد استحق بعد.

لكن بعض الديون قد تكون دورية بطبيعتها مثل الاحكام التي تقرر النفقة, لا شك بان المنفذ ضده بهذه الحالة يكون ملزما بدفع النفقة المستحقة قبل الترك, أي قبل مضي الستة شهور, كما انه يكون ملزما بدفع ما يستحق بعد تقديم طلب التجديد, اما النفقة التي كانت تنشأ وتستحق خلال فترة اعتبار القضية متروكة, فيرى الباحث جواز تقسيطها, كون ان الاجراءات التي كان يسمح باتخاذها لتحصيل هذه النفقة لم تتخذ لإهمال المنفذ, صحيح ان كل نفقة او قسط هي دين مستقل، إلا ان هذه الصفة (الدين المستقل) تبقى لصيقة بالقسط او النفقة ما دام ان الاجراءات قائمة اما اذا تركت، فان الاقساط او النفقات كديون مستقلة ومتفرقة تختلط مع بعضها وتصبح دينا واحدا، لذلك وبعد الترك لا يملك المنفذ اتخاذ أي اجراء كان يجوز له اتخاذه خلال الترك, وتصبح هذه الديون المقسطة (النفقة خلال الترك) دينا متراكما يجوز تقسيطه عند تجديد القضية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع:
(1) قانون التنفيذ رقم 23 لسنة 2005
(2) مجلة الاحكام العدلية
(3) قرار محكمة الاستئناف رقم 1970/52تاريخ 1970/3/28