الرقابة و مكافحة الفساد

د/ أيمن محمد فتحي

لقد أضحي الفساد الإداري داء عضالاً وسماً زعافاً ينتشر، من إدارة إلى إدارة ومن بلد إلي بلد، لا يعترف بالحدود، وتنكسر أمامه السدود، وينفذ عبر البحر والأخدود، لم تسلم منه دوله مهما بلغت من إمكانات، ولم تتحصن ضده هيئة رغم كل الاحتياطات، وكان سببا في تقويض دول لم تهزمها الحروب والغزوات، وتتخبط بسببه أخري في التيه والعثرات، وبسببه عقدت اللقاءات والمؤتمرات؛ للوقاية والحد منه ومواجهته، فكانت اتفاقية الأمم المتحدة ومن بعدها الاتفاقية العربية ، وكلتاهما كانتا أساسا لمكافحة الفساد، وعنيت بدراسته العديد من المنظمات، وجعلت أخري من ضده -النزاهة – مقياسا لصلاح البلاد.

هذا ورغم خطورته، فإن القضاء عليه يسير، ومكافحته أمر جد خطير، دخلت فيه دولا فحققت جهدا منقطع النظير، ونحن بفضل الله نملك كل وسائل التغيير، بالإضافة إلى العزم والإصرار والطريق المنير.

فهيا يا إخواننا نطهر بلادنا من كل سوء وفساد ونسموا بها إلى مقام صالح يرضي عنه رب العباد، فصلاح أمرنا من هذا الداء الخطير ، بطرق وآليات:

أولها إخلاص النوايا وإحسان العمل فإن الناقد بصير، وقضاء حوائج الناس مأمن من عذاب كبير، تجلس به على منابر النور، ويغبطك به الأنبياء والشهداء والعدول ، فاجعل من قواعد شريعتنا منهاج حياتك في كل الأمور وارض ربك عنك يرضي العباد.

وثانيها فإنك ملزم باحترام مبدأ المشروعية، وإتباع الأنظمة واللوائح والقرارات ، فتلك أدوات الإدارة لتحقيق استقرار البلاد ، وصيغت في بلادنا بعد مراجعة أهل العلم في كل التخصصات، ومن حاد عنها فله ما يستحقه وما فيها من جزاء قد تفارق به الحياة أو الحبس أو التغريم والعزل عن العمل أمر مفروض بقوة النظام .

أما ثالث الآليات في مكافحة الفساد، فدور الإعلام فيه كبير، بما يملك من أدوات للتغيير عبر شاشاته المرئية، وكل مسموع ومقروء، يفرض فيه سياسة الإصلاح ومحاربة الفساد، ثم يأتي دور منظمات المجتمع المدني، أليست المحافظة على بلادنا أهم وأولى هذه المهام التي تستوجب على الجميع التضافر والعمل أجلها.

ثم إني في النهاية أقول إن الرقابة عنصر مهم من عناصر مكافحة الفساد، وأساسا لتقويم صلاح البلاد وتحقيق منافع العباد، وتتناسب مع الفساد تناسبا عكسيا فكلما قلت الرقابة زاد الفساد وانتشر، وكلما زادت الرقابة قل الفساد واندحر .

ولدينا والحمد لله فوق الرقابة الإدارية الداخلية رقابة عديدة للأجهزه والهيئات: فهيئة تخصصت في كشف ومكافحة الفساد، وديوان للمراقبة العامة منتشر على عموم البلاد، وهيئة الرقابة والتحقيق ذات دور واضح وفعال بحكم تخصصها في هذا المجال، أما هيئة التحقيق والادعاء العام فدورها يفوق كل خيال.