بحث قانوني ودراسة مميزة توضح هل يعد المجلس العالي لتفسير الدستور محكمة دستورية ؟

مجلة جامعة دمشق

المجلس العالي لتفسير الدستور هل هو محكمة دستورية؟

الدكتور نفيس صالح مدانات

كلية الحقوق
جامعة مؤتة- الأردن

الملخص
من حين إلى آخر نجد الأصوات تتعالى في المملكة الأردنية الهاشمية مطالبة بإنشاء محكمة دستورية على الرغم من وجود المجلس العالي لتفسير الدستور.
ُ خ  ص  ص هذا البحث لإثبات أن هذا المجلس هو محكمة دستورية لها خصائص المحاكم الدستورية الأوروبية . فالمجس العالي يوجد في بلد هي المملكة الأردنية الهاشمية تعتمد على النظام البرلماني، كما تعتمد نظام تعدد القضاء، وله نظام قانوني دستوري يبين تشكيله وسيره واختصاصاته، كما أنه يحتكر النزاع الدستوري حسب نص الدستور، إلى جانب أنه قضاء حقيقي خارج الأداة القضائية، وله الصلاحية المركزية العمومية.
المجلس العالي لتفسير الدستور هل هو محكمة دستورية؟
114

مقدمة:

في أيامنا هذه لا يوجد نظام دستوري إ ّ لا ويْت  رك مجال فيه للرقابة على دستورية القوانين ،وغالبية المحاكم الدستورية توجد فع ً لا في أوروبة وع لى وجه ا لخصوص في أوروبة القارية، ثم ظهرت هذه الصيغة الجديدة ل لرقابة الدستورية في أمريكة اللاتينية وآسية بعد أن وجدت أيضًا في أفريقية . إذًا هناك نموذج أوروبي للعدالة الدستورية، كما أن هناك نموذجًا أمريكيًا لها، وهذان النموذجان كانا قد تلقيا تطبيقًا لهما في الأنظمة الدستورية الأخرى.

في الحقيقية إ  ن تاريخ المحاكم الدستورية ليس طوي ً لا، فقد بدأ حقيقة في عام 1920 مع إنشاء 1920 ، والمحكمة الدستورية النمساوية /2/ المحكمة الدستورية التشيكوسلوفاكية بدستور 29 1920 وكذلك أسبانيا الجمهورية كانت قد أنشأت بدستور عام 1931 /10/ العليا بدستور 1 قضاء الضمانات الدستورية الذي استمر حتى مجيء فرانكو للحكم.

أما الفئة الثانية من إنشاء المحاكم الدستورية فتأتي بعد الحرب العالمية الثانية، إذ بعد إعادة إنشاء المحكمة الدستورية النمساوية عام 1945 ، أنشأت إيطاليا محكمتها الدستورية عام 1948 وكذلك تم إنشاء المحكمة الدستورية الاتحادية الألمانية عام 1949 . أيضًا يمكننا أن نربط بهذه الفئة إنشاء المحاكم الدستورية في كل من تركيا عام 1961 ، ويوغسلافيا عام 1963 ، كما أن إنشاء المجلس الدستوري الفرنسي عام 1959 يدخل ضمن هذه الفئة الثانية على الرغم من أنه ليس له الغاية نفسها.

وأخيرًا هناك فئة ثالثة ظهرت في أعوام السبعينيات مع إنشاء القضاء الدستورية في كل من البرتغال عام 1976 -التي طرأ عليها تعديل عام 1982 -وفي أسبانيا عام 1978 ، والمحكمة الخاصة العليا اليونانية عام 1975 ، كما أن هذه الفئة قد استطالت لتشمل بلجيكا عند إنشائها ، لمحكمة التحكيم عام 1983 ، التي كان لها صدى في أوروبة الشرقية كبولونيا عام 1985 وهنغاريا عام 1989 ، وكذلك رومانيا وبلغاريا عام 1991 ، وألبانيا وجمهورية التشيك عام 1992 ، وليتوانيا عام 1993 ، وسلوفانيا عام 1994 ، وروسيا عام 1995 ، وأخيرًا أرمينيا عام.1996

تمهيد:

مجلة جامعة دمشق – المجلد 19 – العدد الثاني- 2003 نفيس صالح مدانات 115
بعد هذا العرض السريع لتاريخ العدالة الدستورية، نجد من حين إلى آخر الأصوات تتعالى في المملكة الأردنية الهاشمية مطالبة بإنشاء محكمة دستورية على الرغم من وجود المجلس العالي لتفسير الدستور، فهل حقيقة أن النظام الدستوري الأردني قد أغفل مسألة معالجة العدالة الدستورية؟
إن الإجابة عن هذا التساؤل طويلة وسنتناولها في مباحث ومطالب هذا البحث الذي سيتضمن تحديد مفهوم المحكمة الدستورية، لنرى هل ينطبق هذا المفهوم على المجلس العالي لتفسير الدستور أم لا.
إن المحكمة الدستورية هي قضاء قد أُْنشِئ ” :(Louis Favoreu) يقول الأستاذ لويس فافورو خصيصى للنظر في المنازعات الدستورية بشكل مانع، وموقعها خارج الأداة القضائية العادية .( ومستقلة عنها وعن السلطات العامة”( 1وعليه فإن محكمة عليا أو قضا  ء عاليًا أو غرفة دستورية في محكمة عليا يمكن أن تكون قضا  ء لكنها ليست محكمة دستورية . لكن بالمقابل ليس الاسم الذي نطلقه على المحكمة الدستورية ذا أهمية سواء أ  سميت “بالمجلس” أو “بالقضاء” أو “بالمحكمة الدستورية العلي ا” …الخ، ما دامت تتجاوب مع التعريف الذي طالعنا به الأستاذ لويس فافورو.

لهذا فإن خطة بحثنا هذا ستكون على النحو التالي: في مرحلة أولى سندرس الخصائص العامة للمحاكم الدستورية الأوروبية ثم الوضع في الولايات المتحدة الأمريكية، وأخيرًا الوضع في المملكة الأردنية الهاشمية، وذلك في ثلاثة مباحث على التوالي.
– مبحث أول: الخصائص العامة للمحاكم الدستورية الأوروبية.
– مبحث ثانٍ: الرقابة على دستورية القوانين في الولايات المتحدة الأمريكية.
– مبحث ثالث: رقابة الدستورية على القوانين في المملكة الأردنية الهاشمية.
(1) Favoreu. L., “Les Cours Constitutionnelles”, Que Sais-Je, Presses Universitaires de
France.
المجلس العالي لتفسير الدستور هل هو محكمة دستورية؟
116

المبحث الأول
الخصائص العامة للمحاكم الدستورية الأوروبية

إن للمحاكم الدستورية الأوروبية خصائص عامة مميزة تسمح بالتعرف عليها، كما أنها تُبرِ  ز صفاتٍ أساسي ً ة تميز العدالة الدستورية الأوروبية عنها في أمريكا. في الحقيقية إ  ن النموذج الأوروبي المنتشر في أوروبة القارية ما كان قد وجد لولا الفقيه كلسن الذي من خلال كتاباته ومشروعه للدستور النمساوي لعام 1920 ، وضع ،(Hans Kelsen) نموذجًا جديدًا للعدالة ا لدستورية يختلف عن النموذج الأمريكي . وهذا النموذج الجديد يتميز بالخصائص العامة المتعلقة سواء بشروط الوجود المختلفة أو بالاختصاص المركزي العمومي أي أن رقابة الدستورية على القوانين متمركزة فيها.
لهذا فإن هذا المبحث سيتضمن معالجة مسألتين في مطلبين هما:

أولا: شروط الوجود المختلفة، وثانيًا: تمركز الصلاحية العمومية.

المطلب الأول
شروط الوجود المختلفة للمحاكم الدستورية الأوروبية I

للمحاكم الدستورية الأوروبية شروط مختلفة لوجودها علينا عرضها في هذا المطلب، ألا وهي:

أ. مضمون مؤسسي وقانوني خاص.
في الوضع الحالي، نجد أن المحاكم الدستورية موجودة في بلاد تعتمد النظام البرلماني مثل إيطاليا أو بلجيكا أو أسبانيا، وكذلك في بلاد تعتمد النظام شبه البرلماني، مثل فرنسا أو النمس ا. كما أن هذه البلاد تعتمد أيضًا نظام تعدد أو ازدواجية القضاء أو النظام القضائي، ففرنسا وإيطاليا والنمس ا وبلجيكا وغيرها لها نوعان من القضاء، مدني وإداري، في حين أن ألمانيا الاتحادية لها خمسة فروع هي : المحاكم العادية، العمل، الإدارية، الاجتماعية، المالية وخارج هذه الفروع الخمسة المحكمة الدستورية الاتحادية.
مجلة جامعة دمشق – المجلد 19 – العدد الثاني- 2003 نفيس صالح
مدانات
117

ب. نظام دستوري.
إن العدالة الدستورية في الدول الأوروبية موكول أمرها إلى محكمة أو قضاء دستوري، “مستقل عن أية سلطة أخرى ” حسب وجهة نظر الفقيه كلسن ( 2). والشرط الضروري لهذا الاستقلال هو وجود نظام قانوني دستوري للمحكمة، يبين تشكيلها وسيرها واختصاصاتها، ويمنع عنها اعتداءات السلطات العامة التي تكون هذه المحكمة مسؤولة عن مراقبته ا. وهذا يفترض تسجيل النصوص الضرورية المتعلقة بالمحكمة في الدستور نفسه وكذلك استقلال نظامها القانوني والإداري والمالي إلى جانب ضمانات استقلال أعضائها.

إن كل مؤسسة يخضع وجودها وسيرها واختصاصاتها لتدخل المشرع أو الحكومة لا يمكن اعتبارها محكمة دستورية –أو بشكل عام- قضا  ء دستوريًا.

ج. احتكار النزاع الدستوري.
إ  ن العدالة الدستورية مركزة بين أيدي قضاء أُنشئ خص يصى لهذه الغاية ويتمتع باحتكار في هذا المجال . وهذا يعني أن القضاة العاديين لا يمكنهم النظر في نزاع محفوظ للمحكمة الدستورية.
والحالة هذه، فمن البديهي، أن النزاع الدستوري الذي قد أصبح حكرًا على المحكمة الدستورية، ليس له المضمون نفسه في كل قضية وإنما يجب أن يتضمن على الأقل نزاعًا حول دستورية القوانين.
ونرى أن ايسمان تلميذ كلسن، وكلسن أيضًا كانا قد أبانا أن هذا هو سبب وجود العدالة الدستورية: إذ قالا ليست هناك عدالة دستورية إذا لم تكن هناك مواجهة لأعمال المشرع الوطني بالدستور . أيضًا بالإمكان إضافة القطاعات الأخر ى إلى النزاع الدستوري ،القطاع في عام 1928 قائ ً لا: “إن (Marcel Waline) الأساسي، حيث اقترح الأستاذ مارسيل والين نزاع التحقق في سلطات أعضاء الجمعيات وسير الجمعيات البرلمانية يمكن إدخاله ضمن (2) Kelsen. H., “La Garantie Juridictionnelle de la Coustitution”,La Justice Constitutionnelle, R. D. P. 1928.

المجلس العالي لتفسير الدستور هل هو محكمة دستورية؟
118
النزاع الدستوري “( 3). وكذلك نجد كلسن يقول : “…… أنه مناسب، عند الا قتضاء، أن نجعل أيضًا من المحكمة الدستورية، محكمة عليا للعدالة مسؤولة عن الحكم على الوزراء المتهمين، أو قضاء نزاع مركزي، أو أن نوكل إليها صلاحيات أخرى أيضًا من أجل الاقتصاد في إنشاء محاكم خاصة “( 4). يخضع للمعايير التقليدية، وهذا ما يميزها عن الأقضية العاد ية –علمًا بأنه يمكن أن يوجد في داخل الأقضية العادية تعيينات لا تتوافق مع المعايير العادية، مثال ذلك ما يجري أحيانًا في داخل مجلس الدولة الفرنسية – فالقضاة في المحاكم الدستورية ليسوا بالضرورة قضاة مهنة، فمن الممكن اختيارهم من بين أساتذة القانون، أو المحامين، أو الموظفين، وحتى في فرنسا ليس من الضروري أن يكونوا فقها  ء. بالتأكيد إ  ن الفقيه كلسن كان قد أوصى : (“بأن يكون هناك مكانًا كافيًا لفقهاء مهنيين “، لكن الصيغة التي طالعنا بها تضمنت بأن “المكان الكافي ” ليس مانعًا وقد يتضمن مكانًا لغير المختصين إلى جانب “الاختصاصيين”)، لأن غير المختصين باستطاعتهم “الأخذ بالحسبان مسائل فنية صرفة وعندها تكون ذمتهم
السياسية قد تبرأت من خلال تعاون أعضاء مطلوب منهم الدفاع عن مصالح سياسية .( صرفة”( 5
( إن التعيين من قبل السلطات السياسية يتضمن بذلك حرية الاختيار . ولقد أظهرت الدراسة ( 6 أن تدخل السلطة السياسية هذا ليس عيبًا بل على العكس هو مزية، حيث إ  ن هذا النوع من التعيين يدعم مشروعية تعيينهم ويق  رب بين النظامين الأوروبي والأمريكي : ويقول كابيلتي 7):”إن هذا الاختلاف المهم (عدم انتخاب القضا ة) بين عالم القانون المدني ) (Cappeletti)
إن لم يكن قد زال فإنه على الأقل قد خفت وطأته ،(Common law) وعالم القانون العمومي حديثًا، وعلى الأخص من قِبل  م  ن أحد َ ث (…) المحاكم الدستورية التي قضاتها في الغال بأشخاص منتخبون أو معينون سياس يًا. ونلاحظ في هذا الاتجاه أن كلسن بعد أن كان قد ذكر (3)Waline. M., “Eléments d’une théorie de la Juridiction Constitutionnelle”, R.D.P. 1928.
(4)Kelsen. H. op.cit. p. 234.
(5)Kelsen. H. op.cit. p. 227.
(6)R. D. P., 1984, no 5, p. 1147.
(7)Cappelletti. M., “Cours Constitutionnelles”, p. 478.
مجلة جامعة دمشق – المجلد 19 – العدد الثاني- 2003 نفيس صالح
مدانات
119

الأشكال المختلفة والممك نة للتعيينات (وعلى الأخص الانتخاب من قبل البرلمان أو التسمية من قبل رئيس الدولة، أو الخلط بين الأسلوبين ” يرى أنه “من الأفضل القبول، بمشاركة مشروعة من قبل الأحزاب السياسية، في تشكيل المحكمة الدستورية، بد ً لا من تأثير خفي غير  مسيطر عليه”.
فإذا قارنا التركيب الحقيقي لمختلف المحاكم الدستورية في الوقت الحاضر، فإننا نجد أن هناك تشابهًا كبيرًا، فالسلطات السياسية أيًا كانت، قد قامت بتعيين قض اة قريبين من ميولها السياسية أو يتبعون هذه الميول، وهذا هو واقع الحال في كل من ألمانيا وإيطاليا وأسبانيا وفرنسا أو في النمسا ح يث نجد أن الحزبين أو الثلا ثة أحزاب السياسية الرئيسية تتقاسم الاختيار، وكذلك الأمر في ألمانيا وأسبانيا عندما كانت هن اك إرادة باتخاذ الاحتياطات ل تجّن بهذا النوع من التعيين ، وعلاوة على ذلك فإن أصول الأعضاء متشابهة جدًا، يضاف إلى ذلك كخاصية رئيسية وجود أساتذة الجامعات بنسبة مهمة . وفيما يتعلق بهذه المسألة الأخيرة فهي
ليست من قبيل المصادفة وإنما يفسرها أنه في هذه البلاد هناك استقلال لأساتذة الجامعات أكثر من قضاة المهنة.
ه. إنها قضاء حقيقي ومن أجل الاعتراف لها بصفة المحكمة الدستورية، يجب أن تتمتع المؤسسة أيضًا بصفة القضاء الحقيقي.
فمن الواجب إذًا أن نبين أن ذلك يتم بنا  ء على خصائص المحكمة الدستورية وليس على أساس تعاريف القانون الخاص أو القانون الإداري . لهذا لا يجوز رفض تسميتها بالمحكمة الدستورية بسبب تركيبتها أو طريقة تعيين أعضائها أو سيرها، لأن هذا يؤدي إلى رفض إعطاء هذه الصفة لها جميعها بما فيها المحكمة الأمريكية العليا، لأن لها صفات مشابهة من حيث
التركيب.

والخلاصة، أن ما يهمنا هو أن المحكمة الدستورية تقول كلمة الحق مع قوة القضية المقضية –erga – وأن إعلانها لعدم دستورية القانون يمكن أن يؤدي إلى الإلغاء في مواجهة الكافة .omnes
المجلس العالي لتفسير الدستور هل هو محكمة دستورية؟
120
وبالمقابل، عندما لا تستطيع المحكمة إلا إرسال القانون للبرلمان من دون أن تستطيع إلغاءه بنفسها، فعندها تحوم الشبهة حول كونها قضا  ء حقيقيًا، لكن عندما يكون بإمكانها إعادة صياغة القانون وأن تضع صيغتها مكان صيغة المشرع فإنها عندئذٍ تقوم بعمل تشريعي . وكما قال إن عدم إمكانية الأجهزة (المسؤولة عن رقابة …” :(Rubio Liorente) روبيو لورنت الدستورية) بإدخال تعديلات على النص المحال إليها، يميز (…) بوضوح تام الوظيفة .( التشريعية عن الوظيفة الرقابة”( 8
و. قضاء خارج الأداة القضائية.

وهذا هو الاختلاف الأساسي بين محكمة عليا ومحكمة د ستورية. ففي حين أن الأولى هي بالضرورة –بنا  ء على اسمه ا- موضوعة على رأس البنيان القضائي، نجد أن الثانية موضوعة خارج أي أداة قضائية.
بخصوص المحكمة الإيطالية قائ ً لا: “إنها لا تدخل ليس (Crisafulli) وكما أبان كريزافولي فقط ضمن نظام القضاء المدني، بل أيضًا ضمن التنظيم القضائي بالمعنى الواسع جدًا للاصطلاح: …… إن المحكمة الدستورية …… تبقى خارج سلطات الدولة التقليدية المعروفة، وتشكل سلطة مستقلة يتضمن دورها ضمان احترام الدستور في جميع المجالات “. وهذا يشمل جميع الأنظمة، لأنه كما أوضح أيضًا الفقيه كلسن بأن الجهاز المسؤ ول عن فرض .( احترام الدستور لا يمكن تشبيهه بإحدى السلطات التي يراقبها( 9
ومع ذلك، إذا كان هناك استقلال تام من الناحية العضوية، فمن الممكن أن توجد علاقة من الناحية الوظيفية . مثال ذلك إجراءات الإحالة من قبل المحاكم العادية إلى المحكمة الدستورية أو الدعوى الدس تورية في ألمانيا والتي تسمح بإحالة قرارات قضائية للمحكمة الدستورية بسبب الاعتداء على الحقوق الأساسية . ويلاحظ أن النظام الفرنسي هو الوحيد الذي لا يتضمن مثل هذا الاتصال بين القضاة العاديين والقاضي الدستوري (إلا الحالة الاستثنائية في موضوع الانتخابات).
(8)Liorente. R. “Le Côutrole de la Constitutionnalité des lois”, p. 53.
(9)Crisafulli. V., R. D. P. 1968. P. 130.
مجلة جامعة دمشق – المجلد 19 – العدد الثاني- 2003 نفيس صالح
مدانات
121
بعد أن استعرضنا دراسة الشروط المختلفة لوجود المحكمة الدستورية، سننتقل الآن إلى دراسة تمركز رقابة دستورية القوانين.

المطلب الثاني
الصلاحية المركزية العمومية – مركزية الرقابة دستورية القوانين II

كما سبق وأن رأينا، لن تكون هناك عدالة دستورية، ومن ثَم لن تكون هناك م حكمة دستورية، من دون هذا الاختصاص المركزي، الذي هو رقابة دستورية القوانين، أي خضوع إرادة البرلمان لاحترام القاعدة القانونية، سواء أكان المقصود قاعدة قانونية شكلية أم قاعدة قانونية أساسية. وفيما عدا القوانين الوطنية، لن تكون هناك صعوبات في تحقيق هذا الخضوع للقانون، ولن تكون هناك حاجة لقضاء دستوري عالٍ يحتل في النظام القانوني والسياسي المكانة العليا (حتى فوق السلطات العامة في الدولة )، من أجل أن يراقب أنظمة السلطة الإدارية، أو حتى قوانين الأقاليم أو القوانين المحلية . ومع ذلك فيما يتعلق بهذه الصلاحيات الأخيرة، فإنه بالإمكان ربطها بالصلاحية الرئيسية للمحكمة الدستورية كما في أسبانيا أو ألمانيا أو في إيطاليا (بالنسبة للأعمال التشريعية التي لا تصدر عن السلطة المركزية، أو كما في النمسا (بالنسبة لأنظمة السلطة الإدارية )، إ ّ لا إ  ن المشكلة الحقيقية، لأي محكمة دستورية، توجد من حيث الواقع في قدرتها على تصحيح وحتى إلغاء الاختيار السياسي الأساسي الصادر عن المشرع الذي يمثل الإرادة العامة . لهذا يجب علينا دراسة هذه المسألة من ناحية أشكال الرقابة ووظائفها وتقاناتها.

أ. أشكال الرقابة
إن أشكال الرقابة على ما يبدو متشعبة جدًا، لكن في النهاية، يمكن جمعها حول مفاهيم من الرقابة المجردة أو الحسية للقواعد القانونية، أو أيضًا حول النزاع الموضوعي أو النزاع الشخصي.
في أساسها هي الرقابة التي تقوم بها السلطات (Normes) إن الرقابة المجردة للسنن القانونية السياسية، ولا يهم سواء أكانت سابقة أم لا حقة، لأن المقصود دائمًا نزاعًا موضوعيًا، أي المجلس العالي لتفسير الدستور هل هو محكمة دستورية؟
122
دعوى في مواجهة قانون . وسواء أكانت الرقابة قبل تصديق القانون أم بعده ، فإن ذلك لا يغير شيئًا لأن القانون يوجد من لحظة التصديق عليه وأن التصديق عليه لا يضيف شيئًا، وهذا ما جاء به الفقيه كاري دي مالبيرج ( 10 ). إذ يقول : “يكفي أن الغرف –البرلمانية- قد قررت تبني النص كي يكون تشريعهم كام ً لا، من ناحية الآثار الإلزامية التي ُقدِّر له أن ينتجه ا”. فمثلا توجد الرقابة المسبقة أمام المحاكم الدستورية في ألمانيا وإيطاليا وأسبانيا والنمسا والبرتغال ومع ذلك لم يقل أحد : إ  ن هذه المح اكم تمارس رقابة قضائية عندما تحكم لاحقًا وليس عندما تحكم مسبق ًا. إذًا لا فرق إ  ن تمت مراجعة المحكمة الدستورية مسبقًا أو لاحقًا، من قبل الأقليات البرلمانية أو سلطات الدولة، حيث إ  ن هذا النوع من الرقابة كان قد امتدحه منذ البداية الفقيه كلسن، كما أنه في صالح النظام الدستوري . لكن عند إمعان النظر، نلاحظ أن فرنسا فقط هي التي تمارس بشكل أساسي هذا النموذج من الرقابة الذي يتوافق مع الشكل الأصلي، أما في ألمانيا والنمسا وإيطاليا، فهو يحتل مكانة متناقصة جدًا بالنسبة لحجم الفعالية العامة للمحكمة، وكذلك أسبانيا والبرتغال لهما الميول نفسها.

وبهذا تبدو الرقابة الحسية للقواعد القانونية بأنها رقابة ذات امتياز، وعليه لنا أن نتساءل إذًا، هل تتبع التقاليد الأمريكية إلى حد ما؟ لكن هناك العديد من الملاحظات تحد من نطاق هذا الاستنتاج الأولي، إذ إ  ن هذا النوع من الرقابة محدود استع ماله في ألمانيا والنمسا وأسبانيا، لأن الإحالة المتعلقة بالقوانين من قبل المحاكم العادية قليلة جدًا، لكن بالمقابل نجد الإحالات
مستعملة بكثرة في إيطاليا.
أيضًا هناك تساؤل آخر، ألسنا أمام نزاع موضوعي حيث إ  ن الدعوى العارضة تخرج عن ؟(erga Omnes) تدخل الأطراف، والقرار الصادر في هذه الدعوى يصدر في مواجهة الكافة (a quo) كذلك، إ  ن المستدعي الحقيقي في هذه الدعوى الدستورية في إيطاليا أليس هو القاضي أي السلطة العامة؟
(10)Carré de Malberg, “La loi”, p. 147.
وانظر كذلك كتاب الدكتور طعيمه الجرف “موجز القانون الدستوري “، مكتبة القاهرة الحديثة، القاهرة،.279- 1960 ، ص 278
مجلة جامعة دمشق – المجلد 19 – العدد الثاني- 2003 نفيس صالح
مدانات
123
لكن هناك ثلاثة نماذج من الدعاوي يصعب تصنيفها وهي : الدعوى الدستورية الألمانية، وأخيرًا، الدعوى في مواجهة القرارات الإدارية أمام المحكمة ،(amparo) والامبارو الأسبانية النمساوية. في هذه الحالات الثلاث، نلاحظ أن مسألة دستورية قانون ما يمكن تقديمها أمام المحكمة… بمبادرة من المحكمة نفسها تلقائيًا ابتدا  ء من حالة خاصة . وفي النمسا مثلا هذه الإمكانية مستعملة بك ثرة، إذ إنَّه في عام 1982 كانت 60 % من دعاوي رقابة دستورية القوانين قد تمت على هذه الشاكلة ( 11 ). لكن من ناحية أخرى، نجد أن المحكمة الألمانية تعترف لنفسها بالحق ليس فقط بإثارة مسألة عدم دستورية قانون ما تلقائيًا من نفسها بمناسبة دعوى مقدمة في مواجهة قرار إداري أو قضائي، لكن لها أيضًا أن تختار من بين القضايا تلك التي تكون هدفًا لحكم حقيقي . وبهذا نصل إلى القول : إ  ن الدعوى الدستورية لها “وظيفة للقاضي الدستوري في كل مرة عندما يرى ” (Béguin) موضوعية”، أي أنها تسمح كما قال

.( ذلك مناسبًا ……… بأن يضمن ضبط القانون الدستوري وتطوره بشكل دوري”( 12
ب. من وجهة نظر وظائف الرقابة على دستورية القوانين
هنا يجب علينا معرفة يتفوق المجال الموضوعي على المجال الشخصي؟
في الحقيقية إ  ن هذه الرقابة مهما كان في النهاية الشكل أو الإجراء المستخدم فيها، فإنها لم تنشأ لكي ترضي الأفراد مباشرة إلا قلي ً لا. إن مبررات هذه الرقابة، وشرعيتها إذًا، تتضمن إنجاز عدد من الوظائف ذات الصفة العامة التي لا بد منها من أجل السير الحسن للمؤسسات في الدولة الحديثة، وأيضًا لترقية الحقوق الأساسية وحمايتها.
إن حماية الحقوق الأساسية في مواجهة المشرع هي أولى الوظائف، لأ ن المحكمة الدستورية في الأنظمة التي تسير على النموذج الأوروبي هي وحدها القادرة على إنجاز هذه الوظيفة . أما القضاة العاديون مثل مجلس الدولة الفرنسي يمكنهم القيام بهذا الدور فيما يخص القرارات
(11)Favoreu. L. op.cit., p. 25.
(12)Béguin (J.-C.), “Le Côntrole de la Constitutionnalité des lois en RFA”, Paris,
Economica, 1982. P. 123.
المجلس العالي لتفسير الدستور هل هو محكمة دستورية؟
124
الإدارية على أي مستوى . لكن في مواجهة المشرع فقط القاضي الدستوري هو الذي يقوم به ا. وفي مختلف البلدان التي لها محكمة دستورية فإن اجتهادها الذي تقوم به شيء أساسي. إن رقابة دستورية القوانين لها وظائف أخرى مترابطة : فهي تسهم في جعل الحياة السياسية مسالمة إذ إنَّها تعطي المعارضة التأكيد بأن لديها الوسيلة لفرض احترام الحدود الدس تورية على الأغلبية، أيضًا نجدها تضمن تنظيم التغييرات وشرعيتها والتناوب السياسي من خلال تجنب “عودة رقاص الساعة ” بعنف والذي يمكن أن يؤدي إلى الخلل في التوازن الدستوري، كما أنها بتركيز فيض إصلاحات الأغلبية الجديدة، تقوي تلاحم المجتمع السياسي كما كانت عليه الحال في الولايات المتحدة الأمريكية.

ج. تقانات رقابة دستورية القوانين
تميل تقانات الرقابة على دستورية القوانين إلى التقارب فيما بينها من حيث مضمون القرارات ومداه.

فالقضاة في كل من ألمانيا وإيطاليا والنمسا وفرنسا، ينزعون لتبني تقانات تسمح بمراقبة التشريع من د ون مواجهة مع المشرع . فبد ً لا من أن يلغى، نجد القاضي الدستوري يفضل القول: إ  ن التشريع “متوافق مع تحفظ ” ولقد تبنى العديد من الصيغ والأساليب التي تفتح .( الإمكانية للوصول إلى النتائج نفسها( 13
كذلك، ما دام القاضي الدستوري يواجه مسألة خرق مبدأ المساواة بشكل شبه د وري، فإنه ملزم بإعداد اجتهاد أكثر فأكثر تعقيدًا، بحيث لا يؤدي فقط إلى رقابة العقلانية على العمل التشريعي .( بل لرقابة الملاءمة أيضًا( 14 بعد أن درسنا الخصائص العامة للمحاكم الدستورية الأوروبية، سننتقل الآن إلى دراسة الوضع في الولايات المتحدة الأمريكية، والذي يتصف حسب رأي الفقيه ادوارد لامبير بعدم وجود .( نظام إداري( 15
(13)Drago, G. “L’Exécution des décisions du conseil constitutionnel” “L’efectivité du côntrole de constitutionmalité des lois”, Economica. P. 74 et p. 125. (14)Favoreu. L. op.cit., p. 27.
(15)Lambert. E. “le gouvernment des juges et la tutte contre la législation sociale aux Etats-Unis”, Paris, 1921.
مجلة جامعة دمشق – المجلد 19 – العدد الثاني- 2003 نفيس صالح
مدانات 125

المبحث الثاني
الرقابة على دستورية القوانين في الولايات المتحدة الأمريكية

للمحكمة العليا في الولايات المتحدة الأمريكية صلاحيات خاصة بها وعلاوة على ذلك فهي موضوعة على رأس الأداة القضائية الأمريكية.

إن الصلاحية المباشرة والمانعة للمحكمة العليا الأمريكية تتعلق بالدعاوي التي تكون فيها طرفًا إحدى الدول الداخلة في الاتحاد أو سفيرًا أو وزيرًا أو الاتحاد الأمريكي نفسه.

أما صلاحياتها كمحكمة استئنافية فإنها تمتد لتشمل الدعاوي المرفوعة أمام المحاكم الفيدرالية وإلى بعض الدعاوي المقدمة أمام أقضية الدولة الداخلة في الاتحاد.

وفيما يخص صلاحية المحاكم الفيدرالية فإنها تفصل في خصومات تتعلق بتطبيق قانون اتحادي أو خصومات أطرافها مواطنون من دول مختلفة داخلة في الاتحاد. ( إن التنظيم القضائي الفيدرالي الذي بشمل جميع الولايات المتحدة الأمريكية يتألف من ( 93
وهي تحكم بالدرجة الأولى بالإضافة إلى ( 11 ) محكمة (Cour de District) محكمة تسمى والمحكمة العليا تؤدي بالنسبة لها دور محكمة نقض أو ،(Cour de Circiut) استئنافية تسمى تمييز المعروفة في بلادنا إلى جانب دورها في توحيد الاجتهاد، ث م إنَّها قاضي وقائع وقاضي قانون، لكن المحكمة العليا ليست ملزمة بفحص الخصومات المرفوعة إليها، أما عند الفحص المختصر للعريضة المقدمة إليها فإن المحكمة تقبل النظر في أساس الدعوى، وتصدر .( الذي يوقف تنفيذ القرار الصادر سابقًا( 16 ،(Writ of Certiorari) أمر التصدي إن كل ولاية داخلة في الاتحاد لها نظامها القضائي الخاص بها، وهي مسؤولة عن تطبيق تشريعاتها الخاصة بها سواء أكان ذلك في المجال المدني أم الجنائي . وعلى أساس الأداة القضائية في الدول الداخلة في الاتحاد توجد محكمة عليا هي من ناحية مبدئية ذات سيادة بمعنى أن قراراته ا غير قابلة للطعن بها أمام المحكمة العليا الاتحادية، إلا أن هناك استثنا  ء
(16)Chantebout. B. “Droit Constitutionnel et Science Politique”, 2ème. éd. Economica. P.
115 et sui.
المجلس العالي لتفسير الدستور هل هو محكمة دستورية؟
126
مهمًا على هذا المبدأ وهو : أنه عندما تكون المحكمة العليا في إحدى الدول الداخلة في الاتحاد ملزمة بأن تصدر حكمًا يتعلق بقانون اتحادي، وعلى الأخص التوافق بين قانون دولة داخلة في الاتحاد والدستور الاتحادي، فإن قرار المحكمة العليا في الدولة الداخلة في الاتحاد يمكن الطعن به أمام المحكمة العليا الاتحادية وكذلك الأمر بالنسبة للأحكام الصادرة عن محكمة استئناف اتحادية.

بعد هذا العرض لتركيبة الأداة القضائية في الولايات المتحدة الأمريك ية، ننتقل الآ ن إلى دراسة تنظيم رقابة الدستورية على القوانين أو ً لا، ثم حكومة القضاة ثانيًا، وذلك في مطلبين متتاليين.

المطلب الأول
تنظيم رقابة الدستورية في الولايات المتحدة الأمريكية I

تتطلب دراسة تنظيم رقابة الدستورية في الولايات المتحدة الأمريكية منا التصدي لثلاث مسائل هي: الشروط التي تنشأ فيها رقابة الدستورية على القوانين، ثم الأساليب المستخدمة من قبل القضاة في رقابة الدستورية هذه، وأخيرًا مدى رقابة الدستورية.

أ. الشروط التي تنشأ فيها رقابة الدستورية على القوانين
إن رقابة الدستورية على القوانين في أمريكة منظمة في الدول الداخلة في الاتحاد، وكذلك في الدولة الاتحادية، ولها شكلان : أو ً لا، رقابة الدستورية بحصر المعنى، وهي تدور حول المواجهة بين قانون عادي ودستور داخلي لدولة داخلة في الاتحاد . وثانيًا، ما يسمى بالرقابة الفيدرالية، وهذه الرقابة تتضمن الرقابة على أحكام محاكم الدولة، هل أنجزت أم لم تنجز مهمتها بإيقاف قوانين الدول الداخلة في الاتحاد والتي تكون مخالفة للدستور الاتحادي . إن الرقابة الفيدرالية هذه موكول أمرها إلى المحكمة العليا الاتحادية، وهي الوسيلة القضائية .( الوحيدة الموجودة من أجل ضمان تفوق الدستور الاتحادي( 17 إن رقابة دستورية القوانين تعود إلى القضاة العاديين، سواء في الدول الداخلة في الاتحاد أو في الدولة الاتحادية، ويمكن أن تقع بمناسبة أية خصومة سيطبق فيها القانون ناطقون (17)Hauriou. M. “Précis de droit constitutionnel”, 1929. P. 272 et sui.
مجلة جامعة دمشق – المجلد 19 – العدد الثاني- 2003 نفيس صالح
مدانات
127
بدستوريته. وأحيانًا تنعقد الخصومة فقط من أجل الحكم في مسألة عدم دستورية القانون .
ونستنتج من ذلك أن مسألة عدم الدستورية تضاف إلى الدعوى الرئيسية هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن القاضي العادي قاضي الدعوى يفصل بها وأنها لا تصل إلى المحكمة العليا في الدولة الداخلة في الاتحاد أو إلى المحكمة العليا الاتحادية إلا إذا كانت الخصومة الرئيسية تصل إليها حسب قواعد الصلاحية العادية.

أما من ناحية مدى رقابة الدستورية يجب التمييز بين نموذجين:
– الأول: الرقابة على صلاحية المشرع، أي على أهلية المشرع العادي بمعالجة بعض المواضيع التي يمتنع عليه معالجتها بنص الدستور (وهذه حالة النزاع بين نصين).
– الثاني: وهي الرقابة على الاتجاهات التشريعية التي تفترض نزاعًا بين روح الدستور وميوله الفردية وروح التشريع العادي مثلا إذا كان ذا اتجاه اجتماعي وتدخلي . وهنا نجد القاضي يقيم التشريع العادي من حيث الأساس من خلال مفاهيم الخلق الاجتماعي أو العدالة – الاقتصادية: وهذه الرقابة هي رق ابة عدالة وملاءمة على القانون، إذ إنه حتى عام 1880 1883 ، لم تكن الولايات المتحدة تعرف غير الرقابة على صلاحية المشرع . لكن رقابة الميول التشريعية كانت قد بدأت تتطور بقوة، من خلال مقاومة الحركة الإصلاحية التي تدعو لتدخل الدولة من أجل تحقيقها والتي أثارتها الحر كة التصنيعية، وذلك بالإبقاء بحزم .( على المبادئ الفردية الموجودة في القانون الأنجلو-ساكسوني القديم( 18 في الحقيقة كانت هناك بذور ملائمة للتطور نحو حماية المبادئ الفردية وهي موجودة في المادة الأولى في القسم العاشر من الدستور الاتحادي التي تمنع الدول الداخلة في الاتحاد عن Bill of ) ” أ  ن تصدر قوانين “تضعف الإلزام في العقود” وملحق الدستور “إعلان الحقوق الذي ينص في نهاية مادته الخامسة لا يجوز “أن يحرم شخص من حياته، أو حريته، ،(rights .(Due process of Law) أو ملكيته من دون إجراءات قانونية مشروعة
(18) Hauriou. M. op.cit. p. 273 et sui.
المجلس العالي لتفسير الدستور هل هو محكمة دستورية؟
128
إ ّ لا أن الفقيه لامبير يقول ( 19 ): “إن هذه البذور بقيت غير فاعلة خلال فترة ما قبل الحرب المدنية ولم تتطور إلا باتصالها مع التعديل الرابع عشر في عام 1868 ، الذي صدر من أجل ضمان حماية السود”.
وإن التطبيقات القضائية قد أخرجت من هذا التعديل “ماقناكارتا جديد ة” من أجل حماية الحرية الفردية في مواجهة المظاهر التحكمية للسيادة الشعبية، كما فعلت “الماقناكارت ا” الانجليزية عندما قامت بحمايتهم في مواجهة التحكم الملكي.
والآن بعد أن تم استعراض الشروط التي تنشأ فيها الرقابة على دستورية القوانين، سننتقل الآن إلى دراسة الأساليب المستخدمة من قبل القضاة في رقابة الدستورية.

ب. الأساليب المستخدمة من قبل القضاة الأمريكان في رقابة الدستورية بالإمكان تصنيف الأساليب المستخدمة من قبل القضاة الأمريكان في رقابة دستورية القوانين إلى ثلاثة أصناف هي:

1. التفسير البّناء للقانون:
إن المقصود هنا تفسير القوانين التي قد ص  وت عليها المشرع، حيث إ  ن هذا التفسير مدفوع في Common ) اتجاه رد المشرع نحو المبادئ الدستورية وعلى الأخص المبادئ الفردية في ال ويقول العميد هوريو ( 20 ): “إن هذا التفسير لا يأخذ بالحسبان إرادة المشرع وي ّ شوه .(Law ،(Sherman) القانون من أجل إخضاعه للمبادئ الدستورية “. مثال ذلك ما حصل للقانون
في قسمه السادس وقسمه العشرين. (Clagton) والقانون

2. إعلان عدم دستورية القانون:
عندما يكون القانون المخالف للمبادئ الدستورية لا يمكن رده إليها من خلال تفسير بّناء، فإن القاضي يقرر إعلان عدم دستوريته.

(19)Lambert. E. op.cit. p. 38 et sui.
(20)Hauriou. M. op.cit. p. 274.
مجلة جامعة دمشق – المجلد 19 – العدد الثاني- 2003 نفيس صالح
مدانات 129
أما فيما يتعلق بآثار ه ذا الإعلان، فإنه من دون شك لا يحصل إلا في حالة معينة، لكنه لا يبقى محصورًا ضمن إطار قوة القضية المقضية النسبية، إذ إ  ن القانون قد أصبح كله دون فاعلية، فعندما تعلن المحكمة العليا عدم دستورية القانون، فإن هذا الإعلان لا يقيد فقط الأقضية الخاضعة بل أيضًا الم حكمة العليا نفسها بالنسبة للمستقبل . وعلاوة على ذلك، فإن سلطات العدالة لدى المحاكم الأمريكية تسمح لها أن توجه أوامر ليس للخاصة فقط بل .( للموظفين أيضًا، وبذلك تعطل تطبيق القانون أيضًا خارج القضاء( 21:( وقد لخص العميد هوريو حالات عدم الدستورية بما يلي( 22
وتعني إدانة كل إجراء أو تنظيم قانوني غير مشروع، أي :(Due Process Clause) .1،(Common Law) غير متوافق مع المبادئ العليا في الدستور، وهي موجودة في الوقد ظهرت في عام 1791 مع التعديل الخامس على الدستور ثم في التعديل الرابع عشر
. عام 1868

أي سلب الحرية، وهو يشمل كل اعتداء على الممارسة :(Deprivation of Liberty) .2 الحرة للفعالية الاقتصادية.
أي سلب الملكية، ويؤخذ بمعناه الواسع جدًا. :(Deprivation of Property) .3 ويعني تدخل المشرع في مجال العقود، :(Impairing the Obligation of Contracts) .4 بحيث يغير آثارها.
وفي هذه الحالات الأربع ل تجاوز المشرع لسلطاته، فإن القاضي الأمريكي يتوقف تارة لينظر في الصفة غير المعقولة للوسائل التشريعية وتارة لعدم ملاءمتها.

وهي آراء رسمية تطلب من المحاكم من قبل المشرع نفسه :(Advisory Opinions) .5 بقصد تسجيل القانون الذي يعده نهائيًا، أو بخصوص الأحكام الإعلانية أيضًا، وهو إجراء مانع من قبل الطالب، حيث يطلب من القاضي حكمًا بخصوص حقوقه حسب التشريع المشتبه فيه، وذلك من خلال نوع من التحكيم القضائي قبل كل خصومه.
(21)Lambert. E. op.cit. p. 36.
(22)Hauriou. M. op.cit. p. 275. Voy aussi. Burdeau. G. “Manuel de droit constitutionnel et lnstitutions politiques” 20 ème. éd. L.G.D.J. 1984. Pp. 106-112.
المجلس العالي لتفسير الدستور هل هو محكمة دستورية؟
130
أما وقد انتهينا من تتبع الأساليب المستخدمة من قبل القضاة الأمريكان في رقابة دستورية القوانين، فإننا ننتقل إلى دراسة مدى هذه الرقابة في الفقرة التالية.

ج. مدى رقابة الدستورية:
إن رقابة الدستورية في الولايات المتحدة الأمريكية تمتد لتشمل جميع القوانين، وقد أدت بالقضاء لإبقاء المشرع في المجال المحدد بالدستور، وهذا المجال محدد ليس فقط بنصوص الدستور بل أيضًا بالمب ادئ الفردية التي يتضمنه ا. فقد  منِ  عتْ الدولة عن التدخل في مجال عقود العمل، كالتشريع الذي هدفه منع رب العمل أن يفرض شروطه على العمال، حيث نجد المحاكم المدنية قد أخذت على عاتقها مقاومته اعتبارًا من عام 1880 تحت شعار صيانة المبدأ .( القديم القائل بحرية العقود( 23
إ ّ لا أن رقابة الدستورية لم تقتصر على قوانين المشرع، بل امتدت لتشمل التعديلات على الدستور. إذ إ  ن القاضي الأمريكي يضع نفسه فوق الدستور ويحكم عليه، لأنه بالنسبة له، يوجد فوق الدستور مجموعة من المبادئ العليا ألا وهي القانون الطبيعي، الذي يشكل الشرعية الدستورية التي يجب على الدستور المكتوب نفسه أن يخضع له ا. إن الدستور الأصلي يعد
متوافقًا مع هذه الشرعية لكن إذا جاءت تعديلات وابتعدت عنها فيما بعد فيجب إعلان عدم دستوريتها. على أن هذا الادعاء لم ينجح كلية أمام المحكمة الاتحادية العليا، كما أنه في الوقت نفسه لم يج  رم، وعلى كل حال، هناك سابقة هي التعديل الرابع عشر، الفصل الخامس، الذي أُبطل من خلال الإجراء المسمى بالتفسير البّناء، وقد جاء في هذا النص ما يلي : “للكونغرس السلطة لضمان تنفيذ نصوص هذه المادة بقوانين يرى أنها مناسبة “( 24 ). كما كانت هناك محاولة أخرى في عام 1920 من جانب صانعي الخمور، للحصول على إعلان بعدم دستورية التعديل الثامن عشر المتعلق بتحريم الخمور، وقد فشلت.
(23)Lambert. E. op.cit. p. 69.
(24)Hauriou. M. op.cit. p. 277.
مجلة جامعة دمشق – المجلد 19 – العدد الثاني- 2003 نفيس صالح
مدانات
131
باستخراج هذه الخصائص، نجد أنه ليس من الغريب أن الوضع كما اختط في الولايات المتحدة الأمريكية قد  وصِ َ ف بحكومة القضا ة. دون شك، أن المشرع الأمريكي ك ان قد حوصر من قبل القاضي المدني، فالإصلاحات الاجتماعية قد توقفت، أو على الأقل قد تأخرت، ولا يمكن إنجازها إلا بأساليب مخالفة للقانون، مث ً لا الأساليب الضريبية.
ويعل ّ ق على ذلك العميد هوريو قائ ً لا( 25 ): “لقد كان بالإمكان القول : إ  ن التشريع قد أُفشِلَ من قبل تسعة قض اة لا يمكن عزلهم وغير مسؤولين أو حتى من قبل أغلبية التسع قض اة. وهذا الوضع لم يتم من دون إثارة غضب سياسي عنيف، فقد اقترح الراديكاليون، مع ذلك دون أن ينجحوا، لأولئك (Recall) عدة أنواع من أسلحة القتال، مثل العزل من قبل الشعب أو العزل الفردي القضاة الذين تمت تسميتهم بالانتخاب أو أيضًا اللجوء إلى الشعب في مواجهة الأحكام بعدم الدستورية”. لكن غالبية الشعب الكبرى كانت متمسكة جدًا يتفوق السلطة القضائية التي تضمن له تحديد سلطة المشرع وكذلك حرياته.
بعد أن درسنا تنظيم رقابة الدستورية في أمريكة، سنرى كيف أن السلطات المجاوزة لحدود التنازع قد أفسدت رقابة الدستورية وحولتها إلى حكومة قضاة.

المطلب الثاني
( حكومة القضاة في الولايات المتحدة الأمريكية( 26 II

لا يخفى الأمر بأن رقابة الدستورية في الولايات المتحدة الأمريكية قد تجاوزت حدود النزاع القضائي وتجاوزت المجال السياسي.
(25)Ibid.
(26)Pinto. R. “Des Juges qui ne gouvernent pas”, 1934; Hauriou. M. op.cit., pp. 277-278; Chantebout. B. op .cit., p. 58 et sui.
المجلس العالي لتفسير الدستور هل هو محكمة دستورية؟
132
في الحقيقية إ  ن المحاكم لا تتم مراجعتها بمسألة الدستورية إلا بمناسبة دعوى لكن: ،(Arrêts de règlement) -1ْ الأحكام التي تصدرها هذه المحاكم لها قيمة أحكام حسم والمحاكم تلتزم باجتهادها الخاص بها، بحيث يصبح هذا الاجتهاد قانونًا، وهذه المحاكم لها سلطات عدالة، أي سلطات بوليس، بحيث تسمح لها بإلزام الموظفين العموميين برفض تطبيق القانون.
-2ْ وتقوم المحاكم بتفسير بّناء وجرئ للقوانين لدرجة أنه يؤدي إلى تقوية القانون وتصحيحه.
.(Procès de Tendances) -3ْ وتقيم المحاكم على المشرع دعاوي على الميول
-4ْ وتوقف المحاكم المش رع والتشريع عندما يتقدم باستشارات رسمية لها قبل أن يصنع .(Adivsory Opinions) قانونه
كل ذلك يتجاوز دور القاضي الذي يقتصر على تطبيق القوانين في الدعوى.

يرتد هذا التضخم الزائد في سلطة القضاء المدني الأمريكي إلى أن البلدان الأنجلوسكسونية بشكل عام وبقيت أمريك ا بشكل خاص على نظامها القديم أي أن القاضي لم يج  رد من سلطات البوليس القديمة على الرغم من إنشاء نظام إداري . وعلاوة على ذلك وبسبب بقاء العرف، بإمكاننا القول : إ  ن القانون الأمريكي من صناعة القاضي . وهو كذلك في الجزء العرفي منه، هو الأساس العرفي لمبادئ القانون العامة . (Common-Law) لأنه يجب أن لا ننسى أن لأن القضاة الأمريكان .(Statute-Law) وكذلك الأمر في جزئه القانوني فيما يخص بالحماس المعروف لديهم يتعاملون مع القانون المكتوب بالحرية نفسها التي يتعاملون بها مع العرف، ويفسرونه من خلال المبادئ العرفية . وعليه نجد القانون المكتوب لا ي  د  عم من سلطة تنفيذية تستند إلى نظام إداري، كما أنه لم يدعم بالتدوين، بالإضافة إلى أنه يكتسح ويلتهم بسرعة من خلال التفسير البّناء.
بسبب (Lambert) إن وضع يد القاضي على القانون قد تشدد أيضًا، كما لاحظ الفقيه لامبير أسلوب تدريس القانون في الجامعات الذي يقتصر على الاجتهاد فقط . ولهذا فإن الطلاب،قضاه المستقبل لا يتعاملون إلا مع الاجتهاد.
مجلة جامعة دمشق – المجلد 19 – العدد الثاني- 2003 نفيس صالح
مدانات
133
أما فيما يخص المحكمة الاتحادية العليا، كما سبق القول تتضمن تسعة أعضاء يسمون مدى الحياة من قبل رئيس الدولة الاتحادية بموافقة مجلس الشيوخ . ول  ما كا نت وظائف أعضاء هذه المحكمة طويلة، فإن ذلك يضمن لهم استقلا ً لا كبير ًا. وبالمقابل، فإنه يسهم في الإبقاء على جو قانوني محافظ بسبب عمر أعضاء المحكمة، إلا أن المحكمة الاتحادية العليا كبقية المؤسسات الأمريكية تعمل تحت رقابة الرأي العام، وهذا يؤدي إلى أن تأخذ المحك مة بالحسبان التطورات الضرورية، وأن تؤقلم اجتهادها تبعًا لتطورات الحياة الاقتصادية والاجتماعية، ولهذا السبب أيضًا قد تم نقد بعض أحكامه ا. في الحقيقية إ  ن المحكمة الاتحادية العليا تتمتع لدى الأمريكيين برصيد يجعل منها فرعًا من الحكومة.
وأخيرًا، إن رقابة الدس تورية على القوانين في الولايات المتحدة الأمريكية ليس لها إلا أصل في عام 1803 ، الذي قد أسس (Marshall) اجتهادي، إذ كان قد أكدها القاضي مارشال قراره على تفوق الدستور والدور الذي يقع على عاتق القاضي بتغليب القاعدة القانونية .( العليا( 27
وبهذا نكون قد انتهينا من دراسة الوضع في أمريكة، كي ننتقل لنعالج موضوعنا الأساسي وهو دراسة الوضع في المملكة الأردنية الهاشمية، لنرى هل كان المجلس العالي لتفسير الدستور يجمع خصائص المحكمة الدستورية.

المبحث الثالث
رقابة الدستورية على القوانين في المملكة الأردنية الهاشمية

يتلخص الوضع في المملكة الأردنية الهاشمية معقد جدًا، حيث إ  ن الرقابة على دستورية القوانين تمارسها المحاكم النظامية المدنية ومحكمة العدل العليا وكذلك المجلس العالي لتفسير الدستور. ولهذا من أجل الإجابة عن تساؤلنا هل كان المجلس العالي لتفسير الدستور محكمة
دستورية أم لا، وجب علينا بحث رقابة الدستورية في قضاء المحاكم النظامية المدنية أو ً لا، ثم (27)Lambert. J; R. D. P. 1931. Pp. 5 et sui .
المجلس العالي لتفسير الدستور هل هو محكمة دستورية؟
134
في اجتهاد محكمة العدل العليا الأردنية قبل أن نعرض للمجلس العالي لتفسير الدستور في مطلب ثالث.

المطلب الأول
رقابة الدستورية على القوانين في اجتهاد المحاكم المدنية I

لقد جاء دستور عام 1952 المطبق حاليًا خلوًا من أي نص يسمح للمحاكم النظامية المدنية بالرقابة على دستورية القوانين، كما أنه لم يمنع هذا الحق، وكذلك هو الأمر بالنسبة للدساتير السابقة.
ولقد حاول المحامون إقناع المحاكم بأن تعطي لنفسها هذا الحق والامتناع عن تطبيق القوانين غير الد ستورية أي التي تتعارض مع أحكام الدستور، ذلك لأن الامتناع عن تطبيق القانون غير الدستوري يدخل في صميم عمل القاضي، من أجل إعلاء شأن الدستور الذي هو القاعدة الأسمى في الدولة.
وبعد تردد طويل قررت محكمة التمييز الأردنية أن للمحاكم صلاحية التحقق من دستورية 28 ). ومع أن )58/ القوانين المطلوب تطبيقها على النزاع المعروض، وذلك في القضية رقم 74 المسألة تتعلق بعدم دستورية مادة في نظام الموظفين إلا أنه يفهم من منطوق الحكم الإقرار بحق المحاكم النظامية المدنية أن تراقب دستورية القوانين إذا ما أثير الدفع بعدم دستورية نص قانوني، إذ جاء فيه : “وبعد التدقيق نجد أن الدستور الذي هو المصدر القانوني لسلطات الدولة قد وزع الاختصاصات التشريعية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وأوجب أن يكون تنظيم بعض المسائل (بقانون) يصدر عن السلطة التشريعية، وبعضهم الآخر (بنظام) يصدر عن السلطة التنفيذية.
ومن ذلك ما نصت عليه المادة ( 100 ) من أن تنظيم المسائل المتعلقة بتعيين درجات المحاكم واختصاصاتها، لا يكون إلا بقانون من السلطة التشريعية، وما نصت عليه المادة 120 من أن 28 ) الحياري عادل، “القانون الدستوري والنظام الدستوري الأردني “، دراسة مقارنة، طبعة أولى )
.340- 1972 ، ص 297
مجلة جامعة دمشق – المجلد 19 – العدد الثاني- 2003 نفيس صالح
مدانات
135
تنظيم المسائل المتعلقة بتعيين الموظفين وعزلهم والإشراف عليهم وحدود صلاحياتهم يكون من السلطة التنفيذية.
ولهذا أوجب على كل سلطة أن تمارس حق التشريع في الحدود المعينة لها من غير افتئات على الاختصاصات التشريعية للسلطة الأخرى، فإذا خرجت على هذا المبدأ وتناولت بالتشريع موضوعات يعود حق التشريع فيها إلى السلطة الأخرى فإن تشريعها يكون مخالفًا للدستور”.

29 )، نجد أن محكمة التمييز تفترض دون أن تقول صراحة، أن من )67/ وفي القضية رقم 12 حقها بسط رقابتها على دستورية القوانين، إذ جاء فيه ا: “أما قول المميز أن ما ورد بالقانون المذكور من حيث إنَّاطة حق الفصل بالنزاع بمجلس السلطة بصورة قطعية يخالف الدستور، فقول لا يس تند إلى أساس صحيح . ذلك لأن النصوص المتعلقة بهذه المسألة لا تخالف أحكام الدستور، إذ إ  ن المادة ( 102 ) من الدستور قد نصت على أن المحاكم النظامية تمارس حق القضاء على الأشخاص في جميع المواد المدنية والجزائية بما فيها الدعاوي التي تقيمها الحكومة أو تقام عليها، باستثناء المواد التي قد يفوض فيها حق القضاء إلى محاكم دينية أو محاكم خاصة بموجب أحكام هذا الدستور أو أي تشريع آخر نافذ المفعول.
وحيث إ  ن قانون قناة الغور الشرقية الذي هو تشريع خاص قد أناط صلاحية تسوية الحقوق المنصوص عليها في الفقرة التاسعة بمجلس السلطة الذ ي يعد في هذه المادة بمنزلة محكمة خاصة، فإن المحاكم النظامية لا تملك حق القضاء في هذه الحقوق، لأنها من المواد المستثناة التي فوض فيها حق القضاء إلى محكمة خاصة طبقًا لنص المادة ( 102 ) من الدستور “. إذ في هذه القضية كان المميز قد طعن بعدم دستورية المادة ( 2) فقرة ( 9) (د) من قانون قناة الغور الشرقية قائ ً لا: إّنها متعارضة مع نص المادة ( 102 ) من الدستور الأردني.

مما تقدم يتضح أن محكمة التمييز قد أخذت بمبدأ رقابة الدستورية على القوانين . ويقول الدكتور عادل الحياري في كتابه “القانون الدستور والنظام الدستوري الأردني : “غير أننا لم نعثر على قرار إيجابي واحد يتعلق بحل مشكلة الدستورية وصادر من غير محكمة التمييز ”

ويضيف قائ ً لا: “… فكل الأحكام التي وقعت تحت أيدينا تقول بعدم صلاحية المحاكم النظامية . 29 ) انظر مجلة نقابة المحامين الأردنيين، سنة 15 ، عدد 10 ، ص 1094 )
المجلس العالي لتفسير الدستور هل هو محكمة دستورية؟
136
بالرقابة على القوانين “، ثم يتساءل هذا الفقيه عن سبب التخوف من جانب المحاكم بمختلف .(30) درجاتها ما دامت محكمة التمييز قد استقرت على الأخذ بهذا المبدأ منذ سنة 1959 واستجابة لنداء الدكتور عادل الحياري قد صدر عن أدنى محكمة نظامية وهي محكمة صلح الجزاء قرارًا جريئًا يعلن عدم دستورية نص في قانون العقوبات لتعارضه مع الدستور الأردني وقد استقر هذا الحكم بعدم الطعن فيه استئنافًا، مشك ً لا سابقة لا مثيل لها.

وقد جاء في هذا القرار : “وبالتدقيق في أوراق هذه الدعوى والبيانات المقدمة وهي الضبط 1999/6/ المنظم بحق المشتكى عليهم تجد المحكمة أن وقائعها تتلخص بأنه وبتاريخ 27 جرى تنظيم ضبط من قبل رجال الأمن بحق المشتكى عليهم وذلك نتيجة وجودهم في ظروف ومكان يوجب الشبهة إثر ورود معلومات لرجال الأمن تفيد أن هناك شخصًا مطلوبًا للأمن بقضايا سرقات وأن المشتكى عليهم قاموا بالتستر عليه وتمكينه من الفرار.

وبتطبيق القانون على وقائع الدعوى تجد المحكمة أن المادة ( 389 ) من قا نون العقوبات قد تضمنت ما يلي (كل من وجد متجو ً لا في أي ملك أو على مقربة منه أو في أي طريق أو شارع عام أو في مكان محاذ لهما أو في محل عام آخر في وقت وظروف يستنتج منها بأنه موجود لغاية غير مشروعة أو غير لائقة يعاقب في المرة الأولى بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر).
وبالرجوع إلى المادة ( 7) من الدستور الأردني التي نصت على ما يلي : “الحرية الشخصية مصونة”، وحيث تشمل الحرية الشخصية حرية الذات والتي تمكن الشخص من حرية التصرف في شؤون نفسه والمحافظة على كرامته ووجوده والاعتراف بحقوقه الإنسانية الثابتة، كما أنها تشمل ح رية التنقل المتمثلة بقدرة الشخص على التنقل داخل أقاليم بلاده بحرية ويسر. فإن المحكمة تجد أن الفقرة ( 5) من المادة ( 389 ) من قانون العقوبات بالصيغة الواردة فيها إنما تحد من الحرية الشخصية للشخص وتعيق تنقله وتعرضه للملاحقة والمساءلة لمجرد الاشتباه بأن وجوده في أي ملك أو محل عام كان بغاية غير مشروعة أو غير لائقة مما تجبر ذلك الشخص بالإفصاح عن سبب وجوده في أي ملك أو محل عام أو تنقله في أي طريق أو . 30 ) الحياري عادل، المشار إليه في الملاحظ 28 ، ص 305 )
مجلة جامعة دمشق – المجلد 19 – العدد الثاني- 2003 نفيس صالح
مدانات
137
شارع عام تجنبًا لملاحقته فيما لو اشتبه بأمره في أثناء وجوده أو تنقله بالأماكن المشار إليها في المادة المذكورة.
مما ت قدم يتضح للمحكمة أن الفقرة الخامسة من المادة ( 389 ) من قانون العقوبات بالصيغة الواردة فيها تخالف المادة ( 7) من دستور المملكة الأردنية الهاشمية.

ولما كان البحث في دستورية القانون هو من النظام العام فإن المحكمة أثارته ولو من تلقاء نفسها ذلك أن تطبيق القاعدة ا لقانونية الأعلى تعارضها مع قاعدة أخرى تدنوها مرتبة يدخل ضمن اختصاص المحكمة على اعتبار أن المادة ( 103 ) من الدستور الأردني قد أوجبت على المحاكم أن تمارس اختصاصها في القضاء الحقوقي والجزائي وفق أحكام القوانين النافذة المعمول به في المملكة.
وحيث إ  ن الدستور هو أعلى القوانين وأسماها وسيادة القانون تقتضي ضمان سيادة الدستور فإن المحكمة تجد أن أحكام الدستور هي الواجبة التطبيق عند تعارضها مع القوانين العادية.

لهذا وحيث إ  ن المادة ( 7) من الدستور الأردني قد تضمنت أن الحرية الشخصية مصونة وحيث إ  ن تلك العبارة قد وردت بصيغة الإطلاق دون أي استثناء فإن أي قاعدة قانونية تعيق الحرية الشخصية أو تحد منها تعد غير دستورية.
لكل ما تقدم فإن المحكمة تجد أن الفقرة الخامسة من المادة ( 389 ) من قانون العقوبات تتعارض مع المادة ( 7) من دستور المملكة الأردنية الهاشمية فإنه يجب الامتناع عن تطبيقها. ( واستنادًا إلى ما تقدم وحيث تجد المحكمة أ  ن لا مجال لتطبيق الفقرة الخامسة من المادة ( 389 من قانون العقوبات فتقرر المحكمة وعم ً لا بالمادة ( 178 ) من قانون أصول المحاكمات .( الجزائية عدم مسؤولية المشتكى عليهم عما أسند لكل منهم( 31 يلاحظ أن هذا القرار الجريء يثير نقاطًا قانونية مهمة يجب إبرازها، فهو يعلن:

أولا: أن مسألة دستورية القوانين هي من النظام العام، وهذا يعني أن للقاضي الحق بإثارة الدفع بعدم الدستورية من تلقاء نفسه حتى لو لم يطلب الفرقاء ذلك منه، ومن ثَم يقارن نص 99 غير منشور. / 31 ) حكم محكمة صلح جزاء عمان رقم 7658 )
المجلس العالي لتفسير الدستور هل هو محكمة دستورية؟
138
القانون المشبوه بعدم الدستورية بالدستور، وإن رأى ذلك فإن نص القانون يكون باطلا لمخالفته للنظام العام، وهذا ما رأته محكمة صلح جزاء عمان بصدد الفقرة ( 5) من المادة 389 ) من قانون العقوبات . وقد استندت في ذلك المحكمة إلى نص المادة ( 103 ) من الدستور )
الأردني التي أوجبت على المحاكم أن تمارس اختص اصاتها في القضاء الحقوقي والجزائي وفق أحكام القوانين النافذة المعمول به في المملكة الأردنية الهاشمية، ثم استندت بعد ذلك إلى سمو الدستور وإلى أن سيادة القانون تقضي ضمان سيادة الدستور.
ثانيًا: إن المادة ( 7) من الدستور التي تنص على الحرية الشخصية قد جاءت مطل قة من كل قيد وذلك بعكس مواد أخرى من الدستور مثل م / 9 فقرة 2، م / 10 ، م / 11 ، م / 12 ، م / 15 فقرة 2 وفقرة 3 وغير ذلك من المواد التي تقبل بوضع قيود من خلال القانون على الحريات التي تتحدث عنها.

فالحرية الشخصية هي أحد الحقوق المدنية المعترف بها للإنسان وهي سامية وعالمية توجد قبل كل تنظيم سياسي كما تسمو عليه وهي لجميع الأشخاص ( 32 )، وهي مجردة، فهي للإنسان ولا يمكن أن تشير إلى وضع خاص، وإنما تشير إلى مبدأ عالمي . وأخيرًا تتميز الحرية الشخصية بأنها فردية وبأن على المجتمع السياسي ضمان صيانة الحقوق الطبيعية للإنسان التي لا يجوز التنازل عنه ا. والحالة هذه وما دام الدستور قد ضمنها فإن المشرع لا يستطيع تقييدها بل تنظيم ممارستها، هذا إلى جانب أن الفقرة ( 5) من المادة ( 389 ) هي مادة من مواد الضابطة التشريعية وهذه الضابطة تتميز بأنها مقيدة وليست تقديرية.

ثالثًا: وأخيرًا فإن حكم محكمة صلح الجزاء يتحدث عن الجزاء على عدم الدستورية، فهو يتحدد في الامتناع عن تطبيق القانون الذي يثبت عدم دستوريته، دون أن تلغيه، لأن إمكانية إلغاء القانون من قبل المحكمة، تحتاج إلى وجود نص عليها، ونظرًا لأ  ن الدستور الأردني لا ينص على ذلك، فإن الجزاء الوحيد الذي يمك ن للمحاكم أن تتخذه هو الامتناع عن تطبيق القانون غير الدستوري، وهذا ما فعلته المحكمة.

(32)Laffont. R & Archimbaud. M. “Le Livre des droits de L’homme”, éd. Robert Laffont, Paris 1985. P. 79 et sui.
مجلة جامعة دمشق – المجلد 19 – العدد الثاني- 2003 نفيس صالح
مدانات
139
في الحقيقية إ  ن الحماية العامة لحرية الأفراد تتضمن بعض الحقوق التي تضمن إلى جانب الأمن، ضمانة حريات الأشخاص الطبيعيين . وضمن إطار هذه الحماية الخاصة يصنف من ناحية تقليدية:
– التصرف الحر، لكل شخص بجسده ( الحق في السلامة الجسدية، حق الإنسان بالتصرف بجثته مثلا).
– حرية الذهاب والإياب أي حرية التنقل . فهي غير قابلة بالنسبة للمواطن الذي يتنقل إلى إقليم الدولة لأي قيد من جانب الإدارة (فيما عدا حالة ضرورات حركة السير طبعًا). هذا وقد تأكد هذا الاتجاه لدى محكمة صلح جزاء عمان بحكم جديد يحمل الرقم 2000 وقرابة الساعة /5/ 33 )، وتتلخص وقائع هذه القضية أنه وبتاريخ 24 )2000/4908 الثانية عشرة والنصف وفي أثناء قيام الموقعين على الضبط في الوظيفة بالمدينة الرياضية مقابل صرح الشهيد، تم الاشتباه بشخصين و لدى إيقافهم تبين أنهما (ع.ع) مواليد 1970 وهو مطلوب لمركز الهاشمي ومن أصحاب السوابق بقضايا مقاومة رجال الأمن وهتك العرض والظروف والإيذاء، والآخر يدعى (ف.ج) ولدى تدقيق اسمه تبين أنه يحمل القيد 17575 بقضايا الإيذاء والسكر والظروف وحمل سلاح جارح وجرى الاشتباه بهما وألقت الشرطة القبض عليهما.
ويلاحظ من هذا الحكم الجديد هو صورة طبق الأصل عن الحكم السابق الذي يحمل الرقم 99/7658 فهو يذكر المادة ( 389 /فقرة 5) من قانون العقوبات ويذكر نصها، ثم يذكر المادة 7) من الدستور ويصل إلى النتيجة بأن الفقرة ( 5) من المادة ( 389 /عقوبات) تحد من الحرية )

الشخصية للشخص وأنها تجبر ذلك الشخص بالإفصاح عن سبب وجوده تجنبًا لملاحقته فيما لو اشتبه بأمره في أثناء وجوده أو تنقله في أي ملك أو محل عام أو تنقله في أي طريق أو شارع عام، ولهذا فهي تخالف المادة ( 7) من الدستور.
33 ) حكم لمحكمة صلح جزاء عمان (غير منشور). )
المجلس العالي لتفسير الدستور هل هو محكمة دستورية؟
140
ثم ينتقل الحكم للبحث في مس ألة الدستورية وأنها من النظام العام وأن للمحكمة إثارتها من تلقاء نفسها وأن على المحكمة أن تطبق القاعدة القانونية الأعلى عند التعارض مع قاعدة أخرى تدنوها مرتبة، حيث إ  ن المادة ( 103 ) من الدستور الأردني قد أوجبت على المحاكم أن تمارس اختصاصها في القضاء الحقوقي والجزائي وفق أحكام القوانين النافذة المفعول في المملكة، ثم تجد المحكمة أن الدستور هو أعلى القوانين وأسماها وأن سيادة القانون تقضي ضمان سيادة الدستور ومن ثَم فإن أحكام الدستور هي الواجبة التطبيق.
كما نرى أن محكمة صلح جزاء عمان تختم قرارها قائلة : “إنَّها تستند إلى قرار هيئة غير هذه 99 وتعلن عدم مسؤولية المشتكى عليهما / المحكمة”، فهي تشير إلى الحكم السابق رقم 7658 عما أُسند إليهما.
إلا أن هذا الحكم الأخير لم يستقر كالحكم الأول، إذ إ  ن مدعي عام عمان كان قد استأنفه أمام محكمة الاستئناف وذكر خمسة أسباب للاستئن اف، وما يهمنا منها السبب الخامس وهو القول :
(5/ إ  ن محكمة صلح الجزاء في عمان قد : “أخطأت عندما بحثت في دستورية المادة ( 389
حيث إنَّها غير مختصة”.
وبالنتيجة كانت محكمة الاستئناف قد فسخت حكم محكمة صلح جزاء عمان بنا  ء على السبب الثاني للاستئناف وهو أنها لم تد  ع منظمي الضبط ولم تستمع إلى شهادتهم ولم تتعرض إلى السبب الخامس للاستئناف.
وقد تحولت هذه القضية من قاض إلى آخر وعلى الرغم من الدعوات المتكررة لمنظمي الضبط فإنهم لم يمثلوا أمام محكمة صلح الجزاء في عمان.
5) لا تخالف الدستور … فض ً لا عن / وقد أثار هذا الاجتهاد جد ً لا قانونيًا يرى أن المادة ( 389 أن المادة ( 7) من الدستور تجيز وضع نصوص قانونية للمعاقبة على كثير من الأفعال التي تبدو للوهلة الأولى أنها لا تشكل جريمة لأن وجود أي شخص في ظروف يستفاد منها بأنه موجود لغايات غير مشروعة هو نص قانوني سليم ……”.
وآخر يرى أنه : “إذا كان الدستور قد صان الحرية الشخصية فهل يعني أنه جعلها مطلقة من كل قيد؟ ثم يكمل قائ ً لا: “أنا لا أتردد في الإجابة عن هذا السؤال بأن المادة الثامنة من الدستور
مجلة جامعة دمشق – المجلد 19 – العدد الثاني- 2003 نفيس صالح
مدانات
141
نصت على أنه لا يجوز أن يوقف أحد أو يحبس إلا وفق أحكام القانون، فهذا النص إذًا أجاز حبس الأشخاص وتوقيفهم وفق أحكام القانون أي أجاز المساس بح رياتهم باسم القانون ولحسابه، فالحرية الشخصية بموجب هذا النص ليست مطلقة، وإنما يمكن إخضاعها للقيود والضوابط التي تقتضيها المصلحة العامة ……”.
أما نحن فنرى غير ذلك لأن البحث في دلالة رقابة الدستورية –لتقييم طبيعة هذه الرق ابة – يعني فحص شكل الرقابة التي تمارسها الجهة المسؤولة عنه ا. ومن هذه الناحية، يجب التمسك بالعلاقة الموجودة بين القاعدة القانونية التي تتم مراقبتها، أي القانون، والقاعدة القانونية المرجع للرقابة، أي الدستور . والعلاقة بين هذين النموذجين من القواعد القانونية يم كن تحليلها بالاستناد إلى مفهوم النظام القانوني، وعلى وجه التحديد، على نظرية التسلسل بين القواعد الحقوقية التي وضعها هانس كلسن في نظريته الصرفة عن القانون، المطبقة بشكل خاص على العدالة الدستورية في مقالته المنشورة عام 1928 في مجلة، القانون العام الفرنسية ( 34 )، وعلى Allgemeines-) نظرية تشكيل القانون بالتدرج التي قال بها “ادولف ميركل ” في كتابه .(35) (Verwattungsrecht وبموجب هاتين النظريتين، يتكون النظام القانوني من هرم من القواعد القانونية المتسلسلة، حيث إ  ن كل قاعدة قانونية عليا تنظم إنشاء القاعدة القانونية الد نيا وتحدد بذلك شرعيته ا. وعليه، بحسب وجهة نظر كلسن : :فإن كل درجة من النظام القانوني تشكل إذًا ك ًّ لا، وكذلك إنتاجًا للقانون تجاه الدرجة الأدنى، وإعادة إنتاج للقانون تجاه الدرجة العلي ا. وفكرة الشرعية (34)Kelsen. H. “La garantie Juridictionnelle de la Constitution”, R. D. P., 1928, p. 197 et
sui.
(35)Merkl. A. “Allgemeines Verwattungsreeht”, Vienne et Berlin, springer, 1927, Sur L’explication de cette theorie, V. R. Bonnard, “La theorie de la formation du droit par dègres dans L’oevre d’Adolf Merkl, R. D. P, 1928. P. 668 et sui.
المجلس العالي لتفسير الدستور هل هو محكمة دستورية؟
142
تطبق على كل درجة ما دامت أنها تطبيق أو إعادة إنتاج للقانون . حيث إ  ن فكرة المشروعية ليست إلا العلاقة التوافقية بين الدرجة السفلى والدرجة العليا في النظام القانوني”.

وبنا  ء عليه ما دامت المادة ( 7) من الدستور قد جاءت طليقة بعكس المواد الأخرى التي تعالج بقية الحريات، فإن للمشرع فقط أن ينظم ممارسة الحرية الشخصية لا أن يضع عليها قيدًا، 5) غير دستورية، يجب على القاضي عدم تطبيقها، هذا من ناحية، / ومن ثَم فإن المادة ( 389 ومن ناحية أخرى، إن المادة ( 7) من الدستور خاصة بالحرية الشخصية، وقد جاءت قبل المادة ( 8) من الدستور التي لها صفة العمومية وهي تنص على أنه : “لا يجوز أن يوقف أحد أو يحبس إلا وفق أحكام القانون “( 36 )، ومجيء الخاص قبل العام يفيد الاستثناء . أما عن ضرورة وجود رقابة الدستورية فنجد الفقيه “برنارد شانتبو ” يقول: إ  ن القيمة القانونية للحقوق (والحريات) المعلنة بالدستور تعتمد بشكل واسع على وجود هيئات قضائية مؤهلة لفرض احترامها على الحكام عند إصدارهم للقواعد القانونية، أي على وجود رقابة دستورية على .( القوانين ……”( 37
هذا هو الوضع أمام المحاكم المدنية فيما يتعلق برقابة الدستورية على القوانين الشكلية، فما هو الوضع أمام محكمة العدل العليا الأردنية (القضاء الإداري)؟ هذا ما سنراه في المطلب التالي.

المطلب الثاني
رقابة الدستورية على القوانين في اجتهاد محكمة العدل العليا II الأردنية

أُنشئت محكمة العدل العليا بموجب قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم 71 لسنة 1951 ، الذي صدر بالاستناد إلى المادة ( 100 ) من الدستور، وقد نصت المادة ( 11 ) من قانون تشكيل 85 المنشور في مجلة نقابة المحامين / 36 ) انظر قرار م حكمة العدل العليا الأردنية رقم 21 ) . الأردنيين سنة 85 ، ص 1742
(37)Chantebout. B. op. Cit., p. 20.
مجلة جامعة دمشق – المجلد 19 – العدد الثاني- 2003 نفيس صالح
مدانات
143
المحاكم النظامية على اختصاصات محكمة العدل العليا، غير أن رقابة دستورية القوانين لم تكن من بين اختصاصات تلك المحكمة . لكن الفقرة (ب) من المادة ( 11 ) من ذلك القانون كانت قد نصت، على أن للمحكمة “صلاحية إبطال أي إجراء أو رأي صادر بموجب نظام يخالف الدستور أو القانون بناء على شكوى المتضرر”.
ومن هذا النص يفهم أن للمحكمة حق التحقق من قانونية النظام ودستوريته، ومن ثَم لها الحق بعدم تطبيق النظام الذي يتعارض مع الدستور أو القانون.

ولقد صدر عن المحكمة العديد من الأحكام، والتي امتنعت فيها عن تطبيق الأنظمة التي ك انت .( تتعارض مع أحكام الدستور أو مع أحكام القانون( 38

ولقد أثيرت مشكلة دستورية القوانين أمام محكمة العدل العليا، وقد قيل إذا كانت الفقرة (ب) من المادة السالفة الذكر تجيز إبطال قرار إداري صادر بموجب نظام يخالف الدستور، فإنها من ثَم تستطيع بحث دستورية النظام وقانونيته، فهل يجوز لها أن تبطل قرارًا صادرًا بموجب قانون مخالف للدستور، ومن ثَم يكون بإمكانها بحث دستورية القانون.
عرضت على محكمة العدل العليا مسألة من هذا النوع، إلا أن المحكمة كانت قد أنكرت على .( نفسها أن من حقها التحقق من دستورية القانون( 39 إلا أن مو قف محكمة العدل العليا لم يستمر على هذا المنوال فنجدها أول مرة تنشر رقابة الدستور على قانون شكلي صادر عن مجلس النواب الأردني وذلك من القضية رقم 40 ). ففي هذه القضية عرضت مشكلة رقابة دستورية القوانين العادية على المحكمة، )67/44 فقررت أنها تختص بالنظر في دستورية القوانين.
71 المنشور في مجلة نقابة المحامين / 38 ) انظر قرار محكمة ا لعدل العليا الأردنية رقم 11 ) . الأردنيين سنة 19 ، عدد 7، ص 879

51 المنشور في مجلة نقابة المحامين / 39 ) انظر قرار محكمة العدل العليا الأردنية رقم 69 ) . الأردنيين سنة 1، عدد 7، ص 335
67 المنشور في مجلة نقابة المحامين / 40 ) انظر قرار محكمة العدل العليا الأردنية رقم 44 ) . الأردنيين سنة 15 ، عدد 6، ص 27
المجلس العالي لتفسير الدستور هل هو محكمة دستورية؟
144
فقد حدث أن صدرت تعليمات الإدارة العرفية لسنة 1967 ، ونصت المادة ( 20 ) منها على تعطيل صلاحية محكمة العدل العليا المحددة في جميع بنود الفقرة الثالثة من المادة ( 10 ) من قانون تشكيل المحاكم النظامية باستثناء الفقرتين (أ، ب).
وكان المدعي قد طعن بقرار إد اري قبل صدور تلك التعليمات، ولكن بعد صدورها، طلب رئيس النيابات العامة رد الدعوى استنادًا إلى تعليمات الإدارة العرفية . أما المدعي فقد طالب برد طلب رئيس النيابات العامة، لأن المادة ( 20 ) من التعليمات مخالفة لأحكام الدستور . وردًا على هذه المسألة أثار رئيس الن يابات العامة نقطة مؤداها أنه لا يجوز لمحكمة العدل العليا أن تتعرض لمسألة دستورية القوانين، إلا أن محكمة العدل العليا قد أقرت بأن لها الصلاحية بالتحقق من دستورية القوانين الشكلية، إذ جاء في حكمها ما يلي:
“من المبادئ المسلمة أن الدستور هو مصدر السلطات جميعًا، فهو الذي ينظم السلطات الأساسية للدولة، ويبين العلاقة بينها ويعين حقوق الأفراد وحرياتهم . ومن الأصول المتفق (27- عليها في هذا المجال، هو الأخذ بمبدأ فصل السلطات، كما هو مستفاد من المواد ( 24
من الدستور.
ويفهم من هذه النصوص، أن الدستور وزع السلطات الثلاث التشر يعية والتنفيذية والقضائية، على هيئات ثلاث، فصل فيما بينها، بصورة جعل استعمال السلطات لوظائفها ينتظمه دائمًا تعاون متبادل بينها على أساس احترام كل منها للمبادئ التي قررها الدستور . فإذا وضعت السلطة التشريعية تشريعًا غير دستوري، لم تستطع أن تجبر السلطة القضا ئية على تطبيقه دون الدستور، وإلا كان في هذا اعتداء من السلطة التشريعية على السلطة القضائية، وكلتاهما مستقلة عن الأخرى، وكلتاهما خاضعة للدستور، ومن الواضح أن تشريعًا يصدر عن جهة غير مختصة أو دون مراعاة لنص الدستور أو روحه، فإن على المحكمة أن لا تطبقه فيما يعرض عليها من قضايا، على اعتبار أن المحكمة تلتزم في تطبيقها للتشريعات المتفاوتة في القوة، تطبيق التشريع الأعلى عند تعارضه مع تشريع أدنى منه . وهي في ذلك لا تعتدي على السلطة التشريعية، ما دامت المحكمة لا تضع بنفسها قانونًا ولا تقضي بإلغاء القانون، ولا تأمر بوقف تنفيذه، وغاية الأمر أنها تفاضل بين قانونين قد تعارضا، فتفصل في هذه الصعوبة،
وتقرر أيهما الأولى بالتطبيق، وإذا كان القانون العادي قد استبعد تطبيقه، فمرد ذلك في الحقيقة مجلة جامعة دمشق – المجلد 19 – العدد الثاني- 2003 نفيس صالح
مدانات
145
والواقع، إلى سيادة الدستور العليا على سائر القوانين، تلك السيادة التي يجب أن يلتزم بها كل من القاضي والمشرع على حد سواء”.
ثم صدر قانون محكمة العدل العليا الأردنية رقم 11 لسنة 1989 والذي بموجبه تم فصلها عن محكمة التمييز الأردنية، وفي ظل هذا القانون لم يصدر قرار عن هذا القضاء العالي يتعلق بدستورية القوانين الشكلية . وبعد فترة قليلة صدر قانون محكمة العدل العليا رقم 12 لسنة
96 وفيه نجد أن / 1992 ، وفي ظل هذا القانون صدر عن هذا القضاء العالي القرار رقم 33 المستدعي يطعن بعدم دستورية المادة ( 2) من قانون محكمة أمن الدولة رقم 17 لسنة 1959 وتنص هذه المادة على ما يلي : “في أحوال خاصة تقتضيها المصلحة العامة وبنا  ء على تنسيب القائد العام للقوات المسلحة يحق لرئيس الوزراء أن يشكل محكمة خاصة واحدة أو أكثر تدعى محكمة أمن الدولة تؤلف من ثلاثة من العسكريين و /أو الذين يعينهم رئيس الوزراء قضاة فيها بموجب أمر ينشر في الجريدة الرسمية”.
كما أن المستدعي قد طعن بقرار رئيس الوزراء المتضمن تشكيل محكمة خاصة تدعى محكمة .( أمن الدولة ويتضمن تعيين قضاة عسكريين فيها( 41
وطعن أيضًا بقرار آخر صادر عن رئيس الوزراء يتضمن تشكيل محكمة أمن الدولة من هيئة .( أو أكثر من قضاة نظاميين( 42
وأخيرًا طعن بقرار صادر عن وزير العدلية يتضمن انتداب القضا ة الذين قد عينهم رئيس الوزراء في قراره الثاني للعمل في محكمة أمن الدولة بالإضافة إلى وظائفهم لمدة ثلاثة أشهر .(43)1995/12/ بدءًا من تاريخ 30
إلا أن محكمة العدل العليا وجدت أن المادة الثانية من قانون محكمة أمن الدولة دستورية ومن ثم فالقرارات المطعون بها وا لصادرة بنا  ء عليها جميعها دستورية أيضًا لأنها صادرة بنا  ء على مادة دستورية.
1993 المنشور في عدد الجريدة الرسمية رقم /7/ 41 ) المقصود قرار رئيس الوزراء بتاريخ 1 ) . 3910 تاريخ 17 /تموز/ 1993
.1995/12/ 42 ) المقصود قرار رئيس الوزراء بتاريخ 28 )
.1995/12/ 10307 تاريخ 28 /1/ 43 ) المقصود قرار وزير العدلية رقم 2 )
المجلس العالي لتفسير الدستور هل هو محكمة دستورية؟
146
وفي تبرير دستورية المادة ( 2) المشار إليها في قانون محكمة أمن الدولة رقم 17 لسنة 1959 كانت محكمة العدل العليا قد استعرضت أحكام الدستور الأردني الصادر عام 1952 . فوجدت أن المادة ( 27 ) تنص على أن : “السلطة القضائية تتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وتصدر جميع الأحكام وفق القانون باسم الملك”.
وتنص المادة ( 99 ) منه كالآتي:
المحاكم ثلاثة أنواع:
1. المحاكم النظامية
2. المحاكم الدينية
3. المحاكم الخاصة.
وتنص المادة ( 102 ) المعدلة منه على ما يلي : “تمارس المحاكم النظامية في المملكة الأردنية الهاشمية حق القضاء على جميع الأشخاص في جميع المواد المدنية والجزائية بما فيها الدعاوي التي تقيمها الحكومة أو تقام عليها باستثناء المواد التي قد يف  وض فيها حق القضاء إلى محاكم دينية أو محاكم خاصة بموجب أحكام هذ ا الدستور أو أي تشريع آخر نافذ المفعول”.
كما تنص المادة ( 110 ) منه على ما يلي : “تمارس المحاكم الخاصة اختصاصاتها في القضاء وفقًا لأحكام القوانين الخاصة بها”.
فوجدت محكمة العدل العليا بعد هذا الاستعراض أ  ن المادة ( 2) من قانون محكمة أمن الدولة رقم 17 لسنة 1959 دستورية.
44 )، هو تبرير نشر رقابتها على )96/ والشيء المهم في قرار محكمة العدل العليا رقم 33 دستورية القوانين الشكلية الصادرة عن البرلمان على الرغم من أن المادة التاسعة من قانونها لم تمنحها هذه الصلاحية، فنراها تقول : “وحيث إ  ن من المستقر عليه أن رقابة دستورية القوانين تستهدف صون الدستور وحمايته من الخروج على أحكامه باعتباره القانون الأساسي . 44 ) انظر مجلة نقابة المحامين الأردنيين سنة 44 ، العدد 7،8 ، ص 1700 )

مجلة جامعة دمشق – المجلد 19 – العدد الثاني- 2003 نفيس صالح
مدانات
147
الأعلى، وأن نطاق الرقابة الدستورية على دستورية التشريعات تنصب على العيوب التي قد تشوب تشريعًا ما وتصلح أن تكون مح ً لا للرقابة الدستورية ومخالفة الدستور وأن رقابة القضاء هي ر قابة مشروعية فحسب ولا يجوز أن تنصب رقابته على السلطة التشريعية لملاءمة التشريعات أي على التقديرات والاعتبارات السياسية التي يتوخاها المشرع من وضع التشريع لأن رقابة القضاء هي رقابة قانونية وليست رقابة سياسية أو بمعنى آخر هي مجرد رقابة فنية بحيث يمتنع عليه أن يتعرض لبحث مدى ملاءمة التشريع أو الخوض في ماهية البواعث التي أدت إلى س  ن التشريع أو ضرورته وعلى الأخص ضرورته لتحقيق الأهداف المنصوص عليها صراحة في الدستور، لأن ذلك كله يدخل في صميم اختصاص السلطة التشريعية وتقديرها المطلق”.
وما يجلب الانتباه في هذه الحثيثة هو قول محكمة العدل العلي ا: “وأن رقابة القضاء هي رقابة مشروعية فحسب ولا يجوز أن تنصب رقابته على السلطة التشريعية لملاءمة التشريعات أي على التقديرات والاعتبارات السياسية التي يتوخاها المشرع من وضع التشريع لأن رقابة القضاء هي رقابة قانونية وليست رقابة سياسية أو بمعنى آخر هي مجرد رقابة فنية بحيث يمتنع عنه أن يتعرض لبحث مدى ملاءمة التشريع أو الخوض في ماهية البواعث التي أدت إلى س  ن التشريع……”.

وعلى ما يبدو من ذلك أن محكمة العدل العليا لا تميز بين رقابة الدستورية ورقابة المشروعية، ولنرى ما يقول أحد الفقهاء الفرنس يين في ذلك : “إن رقابة الدستورية ليست كرقابة الإلغاء –(أي رقابة المشروعية )- وليس لهما الدور نفسه، فالأولى نجد فيها مسألة دستورية النص تشكل مسألة أولية ومسبقة كما أنها معنوية، في حين رقابة الإلغاء لاحقة وحسية.

والقاضي في رقابة المخالفة للدستور لا يحسم نزاع ًا بين أطراف في دعوى ولا يعطي حقًا لأحد دون آخر، بل إّنه يقارن نصين مختلفين في الطبيعة والمستوى في التسلسل، ومن ثَم يجد نفسه مسؤو ً لا على أن يغل  ب أحدهما على الآخر وهو الدستور.

وقد يقال : إ  ن هناك طرفين في الدعوى من يدافع عن النص ومن يدفع بأنه غير دستوري ، وكما يحصل في كل دعوى فهناك بالنسبة للمراقب ذو النظرة السطحية من خس ارة ومن ربح .
المجلس العالي لتفسير الدستور هل هو محكمة دستورية؟
148
لكن الأمور ليست كذلك، لأنه إذا أردنا أن ننظر إلى الأمور بعمق، فإن ما جرى فحصه من قبل القاضي هو التوافق مع الدستور وليس مضمون هذا النص مع الوضع الذي أراد أن ينظمه ولكن خضوعه للم يثاق الذي أراده الشعب، فالقاضي ليست مهمته أن يبت في نزاع بين أطراف ولكن قول الحق على أعلى المستويات حتى يحافظ على ثبات الآمرية القانونية .(Ordonnancement Juridique)
وعلاوة على ذلك فإن هذا القضاء العالي قد دخل في تناقض مع نفسه فهو يرى في حكمه 67 أنه لا يقضي بإلغاء القانون … . والمعلوم أن رقابة / السابق الذي يحم ل الرقم 44 المشروعية هي رقابة إلغاء النص الأدنى المتعارض مع النص الأعلى في التسلسل، وهذا ما لا تستطيع أن تفعله بالنسبة للقانون.
يضاف إلى ما سبق أن محكمة العدل تقول : “…… لأن رقابة القضاء هي رقابة قانونية وليست رقابة سياسية أو بمعنى آخر هي مجرد رقابة فنية ……”.

ويرد على ذلك الأستاذ برنارد شانتبو بقوله ( 45 ): “على الرغم من المظاهر الفنية التي نسعى بشكل عام في إعطائها لرقابة الدستورية إلا أنها تكتسي مع ذلك بالصفة السياسية . إن الجهاز المسؤول عن هذه الرقابة يتحتم ع ليه أن يفسر النصوص الدستورية التي سيفرض احترامها وذلك بالإشارة إلى الفلسفة السياسية التي تفرض هذه النصوص إلا إذا كان هذا الجهاز لم يؤدِ
مهمته على الوجه الأكمل . وأن هذه الصفة السياسية للرقابة تبدو تارة في تركيب الجهاز الذي يقوم بها، وتارة في اجتهاد هذا الجهاز”.

بعد أن درسنا رقابة الدستورية في اجتهاد محكمة العدل العليا الأردنية بقي علينا في مطلب أخير دراسة هذه الرقابة في اجتهاد المجلس العالي لتفسير الدستور، لنقرر بعد ذلك هل كان هذا المجلس هو محكمة دستورية حقيقة أم لا.

المطلب الثالث
رقابة الدستورية على القوانين في اجتهاد المجلس العالي لتفسير III الدستور

(45)Chantebout. B. op. Cit., pp. 58 et sui.
مجلة جامعة دمشق – المجلد 19 – العدد الثاني- 2003 نفيس صالح
مدانات
149
سنتعرض في هذا المطلب إلى دراسة تشكيل المجلس العالي لتفسير الدستور وصلاحيته، ثم نعرض لنموذج من اجتهاده، متبعين ذلك بدراسة عن مدى انطباق شروط الوجود المختلفة للمحاكم الدستورية الأوروبية على المجلس العالي لتفسير الدستور، وكذلك مسألة تمركز الصلاحية.

أ. تشكيل المجلس العالي لتفسير الدستور وصلاحيته.
تنص المادة ( 57 ) من الدستور الأردني الصادر عام 1952 على ما يلي:
“يؤلف المجلس الأعلى من رئيس مجلس الأعيان رئيسًا، ومن ثمانية أعضاء ثلاثة منهم يعينهم مجلس الأعيان من أعضائه بالاقتراع وخمسة من قضاة أعلى محكمة نظامية بترتيب الأقدمية، .( وعند الضرورة يكمل العدد من رؤساء المحاكم التي تليها بترتيب الأقدمية أيضًا”( 46
أما فيما يتعلق بصلاحيات المجلس العالي لتفسير الدستور فنجد المادة ( 122 ) من الدستور تنص على ما يلي : “للمجلس العالي الم نصوص عليه في المادة ( 57 ) حق تفسير أحكام الدستور إذا طلب إليه ذلك بقرار صادر عن مجلس الوزراء أو بقرار يتخذه أحد مجلسي الأمة بالأكثرية المطلقة ويكون نافذ المفعول بعد نشره في الجريدة الرسمية”.
كما تنص المادة ( 61 ) من الدستور الأردني على ما يلي : “الوزير الذي يته مه مجلس النواب يوقف عن العمل إلى أن يفصل المجلس العالي في قضيته ولا تمنع استقالته من إقامة الدعوى عليه أو الاستمرار في محاكمته”.
وترى المادة ( 58 ) من هذا الدستور أن : “يطبق المجلس العالي قانون العقوبات المعمول به في الجرائم المنصوص عليها فيه وتعين بقانون خاص الجرائم التي تترتب عليها مسؤولية الوزراء في الأحوال التي لا يتناولها قانون العقوبات”.
46 ) هكذا  عدلت هذه المادة بموجب تعديل الدستور الأردني لسنة 1958 المنشور في الصفحة )
.1958/5/ 518 من العدد 1380 من الجريدة الرسمية الصادرة بتاريخ 4 وقد كان نصها قبل التعديل كما يلي : “يؤلف المجلس العالي من رئيس أعلى محكمة نظامية رئيسًا، ومن ثمانية أعضاء أربعة منهم من أع ضاء مجلس الأعيان يعينهم المجلس بالاقتراع وأربعة من قضاة المحكمة المذكورة بترتيب الأقدمية وعند الضرورة يكمل العدد من رؤساء المحاكم التي تليها بترتيب الأقدمية أيضًا”.

المجلس العالي لتفسير الدستور هل هو محكمة دستورية؟
150
أما فيما يتعلق بكيفية صدور الأحكام والقرارات عن هذا المجلس فنجد أن المادة ( 59 ) من الدستور تنص على أن : “تصدر الأحكام والقرارات من المجلس العالي بأغلبية ستة أصوات “.
إلى ج انب أن المادة ( 60 ) تنص على أن : “ينظم المجلس العالي بنفسه طريقة السير في محاكمة الوزراء وذلك إلى أن يصدر قانون خاص لهذه الغاية”. يلاحظ أن المادة ( 57 ) من الدستور قد جعلت المجلس العالي يتكون من نوعين من الأعضاء:
أعضاء يعينهم مجلس الأعيان وهم رئيس مجلس الأعيان رئيسًا وثلاثة أعضاء من .I مجلس الأعيان يعينون بالاقتراع من داخل هذا المجلس. أعضاء يعينون بحكم الدستور وهم خمسة قض اة من أعلى محكمة نظامية بترتيب .II الأقدمية، وعند الضرورة يكمل العدد من رؤساء المحاكم التي تليها بترتيب الأقدمية.
كما يلاحظ أيضًا أن رئاسة هذا المج لس كانت قبل التعديل لرئيس أعلى محكمة نظامية في حين أنها الآن لرئيس مجلس الأعيان، مما يدل على تعميق الصفة السياسية لهذا الجهاز . أيضًا لم يشترط الدستور أية خبرات قانونية لدى عضو مجلس الأعيان المعين في المجلس العالي لتفسير الدستور، كما لم يحدد الدستور سنًا م عينة لتقاعد أعضاء المجلس العالي أو سنًا معينة
إذا بلغها العضو يفقد عندها عضويته، كما لم يتحدث عن الراتب الشهري علمًا بأن الأعيان والقضاة لهم رواتب شهرية . فهل يتقاضون مبلغًا معينًا عن الجلسات، ما دام أنه بحسب القانون لا يجوز الجمع بين راتبين؟
أما وقد استعر ضنا تركيب المجلس العالي لتفسير الدستور وصلاحياته، سننتقل بعد ذلك للاطلاع على نموذج من اجتهاده.

ب. نموذج من اجتهاد المجلس العالي لتفسير الدستور.
من تصفح القرارات الصادرة عن المجلس العالي لتفسير الدستور نجد أن هذا المجلس قد قام بوظيفتين هما تفسير أحكام الدس تور، ثم الدفاع عن الاختصاص، بحيث منع كل من السلطتين .( التشريعية والتنفيذية من أن تعتدي إحداهما على صلاحية الأخرى( 47
47 ) محمد ذيب المصري : مجموعة القرارات التفسيرية الصادرة عن الديوان الخاص بتفسير ) القوانين والمجلس العالي لتفسير الدستور، الجزء الثاني، ص 986 وما بعدها.
مجلة جامعة دمشق – المجلد 19 – العدد الثاني- 2003 نفيس صالح
مدانات
151

1) تفسير أحكام الدستور
يقوم المجلس العالي بنا  ء على المادة ( 122 ) من الدستور بتفسير أحكام الدستور إذا طلب إليه ذلك مجلس الوزراء الأردني ومن أمثلة ذلك.
:(16) القرار رقم 2 -i
بناء على قرار مجلس الوزراء اجتمع المجلس العالي لأجل تفسير الفقرة الثانية من المادة 33 ) من الدستور وبيان أنواع المعاهدات التي يشترط لنفاذها الحصول على موافقة مجلس ) الأمة عليها بمقتضى أحكام هذه الفقرة.
وقد جاء في هذا القرار:
“وبعد الاطلاع على قرار مجلس الوزراء المشار إليه وتدقيق نصوص الدستور تبين لنا أن الفقرة الثانية المطلوب تفسيرها تنص على أن “معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة
والمعاهدات الأخرى التي يترتب عليها تعديل في أراضي الدول أو نقص في حقوق سيادتها أو
تحميل خزائنه ا شيئًا من النفقات أو مساس بحقوق الأردنيين العامة أو الخاصة لا تكون نافذة
إلا إذا وافق عليها مجلس الأمة……”.
والواضح من هذا النص أن واضع الدستور قسم المعاهدات من أجل غايات هذه الفقرة إلى
قسمين:
الأول: معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة.
الثاني: المعاهدات الأخرى التي يترتب عليها تعديل في أراضي الدولة أو نقص في حقوق
سيادتها أو تحميل خزائنها شيئًا من النفقات أو مساس بحقوق الأردنيين العامة أو الخاصة.
فالمعاهدات التي هي من القسم الأول لا تكون نافذة المفعول في كل الأحوال إلا إذا وافق عليها
مجلس الأمة وذلك ب قطع النظر عن ماهيتها والالتزامات التي تترتب بموجبها، إذ إ  ن مثل هذه
المجلس العالي لتفسير الدستور هل هو محكمة دستورية؟
152
المعاهدات تعد بالنسبة لطبيعتها وموضوع التعاقد فيها ذات مساس بحقوق الدولة الأساسية
وبسلطاتها وسيادتها على إقليمها البري والبحري والجوي.
أما المعاهدات الأخرى فإن نفاذها لا يحتاج إلى موافقة م جلس الأمة إلا إذا كان يترتب عليها
تعديل في أراضي الدولة أو نقص في حقوق سيادتها ……الخ. فإن لم يترتب عليها مثل هذه
الآثار فإنها تعد نافذة بمجرد إبرامها من السلطة التنفيذية دونما حاجة لموافقة مجلس الأمة
وذلك نظرًا لعدم خطورة الالتزامات التي تنطوي عليها.
ومما يؤيد هذا الاستنباط أيضًا أن واضع الدستور لو أراد أن يجعل عبارة (التي يترتب عليها
تعديل في أراضي الدولة أو نقص في حقوق سيادته ا…الخ) وصفًا لجميع المعاهدات بما في
ذلك (معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة لما أورد ذكر هذه المعاهدات صراحة
ولاكتفى بالتعم يم دون التخصيص كقوله (جميع المعاهدات التي يترتب عليها تعديل في
أراضي الدولة …الخ) إذ إ  ن معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة تدخل حينئذ في
مفهوم هذا التعميم دون حاجة للنص عليها صراحة.
هذا ما نقرره في تفسير الفقرة الثانية من المادة ( 33 ) من الدستور.
:(18) القرار رقم 3 -ii
بناء على قرار مجلس الوزراء اجتمع المجلس العالي لتفسير حكم المادة ( 123 ) من الدستور
ليعلم هل أن صلاحية ديوان تفسير القوانين المنصوص عليها في هذه المادة مقصورة على
تفسير القوانين فقط أم أنها تشمل تفسير الأنظمة أيضًا.
وقد جاء في هذا القرار:
1. المادة ( 123 ) المطلوب تفسيرها تنص على ما يلي : “للديوان الخاص حق تفسير نص
أي قانون لم تكن المحاكم قد ف  سرته إذا طلب إليه ذلك رئيس الوزراء”.
مجلة جامعة دمشق – المجلد 19 – العدد الثاني- 2003 نفيس صالح
مدانات
153
2. إن المادة ( 31 ) من الدستور تنص على أن : “الملك يصدق على القوانين ويصدرها
ويأمر بوضع الأنظمة اللازمة لتنفيذها بشرط أن لا تتضمن ما يخالف أحكامها”.
3. إن المادة ( 120 ) منه تنص على أن : “التقسيمات الإدارية في المملكة الأردنية
الهاشمية وتشكيلات ودوائر الحكومة ودرجاتها وأسماؤها ومنهاج إدارتها وكيفية تعيين
الموظفين وعزلهم والإشراف عليهم وحدود صلاحياتهم واختصاصاتهم تعين بأنظمة
يصدرها مج لس الوزراء بموافقة الملك “. ومن هذه النصوص يتضح أن التشريع في هذه
المملكة حسبما نص عليه الدستور يصدر في ثلاث صور:
الأولى: في صورة قانون من مجلس الأمة بموجب المادة ( 25 ) منه.
الثانية: في صورة نظام تنفيذي من مجلس الوزراء الغرض منه إيراد الجزئيات والتفصيلات
اللازمة لنفاذ القانون بموجب المادة ( 31 ) منه.
الثالثة: في صورة نظام مستقل تصدره السلطة التنفيذية بمقتضى المادة ( 120 ) من الدستور
كتشريع أصيل لا تنفيذًا لقانون قائم.
وإننا نرى أ  ن ليس المراد من كلمة قانون الواردة في المادة المطلوب تفسيرها ما يصدر عن
مجلس الأمة فح سب، وإنما نتناول جميع التشاريع التي ت  سن وفق الأوضاع المعتادة المبينة
في الدستور. إذ إ  ن هذه الكلمة مستعملة هنا بالمعنى الشامل وليس بالمعنى الخاص الضيق.
ولهذا فإن النظام بنوعيه التنفيذي والمستقل يدخل في مفهوم كلمة (القانون) المشار إليها لأنه لا
يخرج عن كونه إما تشريعيًا أصي ً لا يوضع بالاستناد إلى أحكام الدستور ذاته أو تشريعًا ثانويًا
لتنفيذ أحكام القانون وفي حدوده كما أسلفنا.
هذا ما نقرره في تفسير المادة ( 123 ) المذكورة.
2) الدفاع عن الاختصاص.
يقوم أيضًا المجلس العالي لتفسير الدستور بالدفاع عن اختصاص كل من السلطة التشريعية أو
السلطة التنفيذية إذا حاولت إحداهما الاعتداء على اختصاصات الأخرى المنصوص عليها
بالدستور.
المجلس العالي لتفسير الدستور هل هو محكمة دستورية؟
154
ومن أمثلة ذلك:
:(12) القرار رقم 1 -i
بناء على قرار مجلس الوزراء بمقتضى المادة ( 122 ) من الدستور اجتمع المجلس العالي
للنظر في تفسير أحكام المادة ( 115 ) من الدستور وبيان هل تجيز هذه المادة لمجلس الوزراء
دون الحصول على قانون – اتخاذ الإجراءين التاليين في الموازنة:
1. تصحيح عنوان المادة الرابعة من الفصل ( 49 -مشاريع الإعمار ) بحيث يصبح
(قروض لمدينة القدس) بد ً لا من (قروض صناعية لمدينة القدس).
2. إضافة مادة جديدة في الفصل ( 34 -الأشغال فوق العاد ة) باسم (تعبيد وتزفيت الطريق
المؤدي إلى ضريح المغفور له جلالة الملك عبد الله ) ورصد مبلغ 3000 دينار لهذه
المادة تؤمن بنقله من وفور المادتين ( 23 ) فقرة (ب) و ( 53 ) في الفصل ذاته.
وقد جاء في هذا القرار:
وبعد الاطلاع على المخابرات الج ا رية بين رئاسة الوزراء وديوان المحاسبة وتدقيق نصوص
الدستور وأحكام النظام المالي نجد:
1. إن الفقرة الأخيرة من المادة ( 115 ) من الدستور تنص على أنه لا يخصص أي جزء
من أموال الخزانة العامة ولا ينفق لأي غرض مهما كان نوعه إلا بقانون.
2. إن الفقرة ( 3) من المادة ( 112 ) من الدستور تنص على أنه : “لا يجوز نقل أي مبلغ
من قسم النفقات من الموازنة من فصل إلى فصل إلا بقانون”.
3. إن المادة ( 13 ) من النظام المالي لسنة 1951 تنص على أنه : “لا يجوز صرف أية
نفقات من الأموال الأميرية ما لم يجز بقانون”.
4. إن الفقرة (أ) من المادة ( 16 ) من هذا النظام تنص على أنه : “لا يجوز نقل
مخصصات أية مادة إلى أية مادة في النفقات الأخرى إلا بموافقة وزير المالية وصدور
أمر مالي خاص”.
كما أن الفقرة (ب) منها تنص على أنه : “لا يجوز نقل مخصصات الرواتب من مادة إلى
أخرى أو إلى النفقات الأخرى وبالعكس إلا بموافقة مجلس الوزراء وتنسيب وزير المالية.
مجلة جامعة دمشق – المجلد 19 – العدد الثاني- 2003 نفيس صالح
مدانات
155
115 ) من الدستور ) ،( ومن هذه النصوص يتضح جليًا أن القاعدة التي قررتها المادتان ( 112
لا تجيز فتح اعتمادات إضافية أو نقل اعتماد وارد فيها من فصل إلى فصل إلا بقانون.
وهذه القاعدة تعد من القواعد الرئيسية التي تقتضيها طبيعة السلطات المقررة لم جلس الأمة
فيما يتعلق بالرقابة على الإنفاق، إذ إنَّه إذا لم تمتد رقابة المجلس إلى هذا العمل كانت رقابته
على الموازنة لغوًا في الواقع.
وبالاستناد إلى هذه القاعدة لا يجوز للسلطة التنفيذية أن تنشئ مواد جديدة في الموازنة ولا أن
تدخل على موادها أي تعديل من شأنه أن يبدل الأغراض التي رصد الاعتماد من أجلها، إذ إ  ن
مثل هذا الإجراء يعد من قبيل فتح اعتمادات إضافية لإنفاقها على وجوه لم تقرر في الموازنة
وهو أمر يحتاج إلى تشريع خاص.
ونظرًا لأن عنوان المادة الرابعة من فصل مشاريع الإعمار المشار إليه يدل دلالة واضحة
على أن الاعتماد الذي رصد في هذه المادة إنما خصص لإنفاقه قروضًا صناعية لمدينة القدس
فإن تصحيح هذا العنوان يصبح (قروضًا لمدينة القدس ) يجب أن لا يتم إلا بقانون لأن هذا
التصحيح قد استبدل التخصيص بالتعميم وهو من شأنه أن يجيز الإنفاق على وجود أخرى
غير القروض الصناعية وكذلك الحال فيما يتعلق بإضافة مادة جديدة في فصل الأشغال فوق
العادة فإن هذه الإضافة يجب أن تتم أيضًا بقانون طبقًا لحكم المادة ( 115 ) من الدستور.
أما كون المادة ( 16 ) من النظام المالي لا تجيز للسلطة التنفيذية النقل من مادة إلى مادة فإن
ذلك لا يخول هذه السلطة إضافة اعتمادات جديدة، إذ إ  ن النقل من مادة إلى مادة يشترط فيه أن
تكون المادتان في الأصل مقررتين في الموازنة فيؤخذ من فيض إحداهما للإنفاق على
الأغراض المعينة في المادة الثانية.
هذا ما نقرره بالإجماع في تفسير أحكام الدستور من هذه الجهة.
:(28) القرار رقم 1 -ii
بناء على قرار مجلس الوزراء اجتمع المجلس العالي في مكتب دولة رئيس مجلس الأعيان
لأجل تفسير المادة ( 120 ) من الدستور وبيان:
المجلس العالي لتفسير الدستور هل هو محكمة دستورية؟
156
1. ما إذا كان من الجائز إصدار قانون بالتنظيمات الإدارية وتنظيم شؤون الموظفين أم
أن ذلك يجب أن يكون بنظام.
2. وبفرض أن تنظيم شؤون الموظفين يج ب أن يتم بنظام، ما هو مصير قانون الخدمة
؟ المدنية رقم 48 لسنة 1963
27 ) أق  ر مبدأ الفصل بين سلطات – وبعد التدقيق والمذاكرة تبين لنا أن الدستور في المواد ( 24
الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية، فأناط السلطة التشريعية بمجلس الأمة والملك، والسلطة
التنفيذية ب الملك الذي يتولاها بواسطة وزرائه، والسلطة القضائية بالمحاكم على اختلاف
أنواعها ودرجاتها وتصدر جميع الأحكام وفق القانون باسم الملك.
فبالنسبة للسلطة التشريعية فإنها تملك حق التشريع في كل الموضوعات باستثناء المسائل التي
أنيط حق التشريع فيها لسلطة أخرى بمقتضى نص خاص في الدستور.
وقد أناطت المادة ( 120 ) من الدستور بالسلطة التنفيذية حق التشريع في مسائل عينتها بطريق
الحصر إذ نصت على ما يأتي:
“التقسيمات الإدارية في المملكة الأردنية الهاشمية وتشكيلات دوائر الحكومة ودرجاتها
وأسماؤها ومنهاج إدارتها وكيفية تعيين الموظفين وعزلهم والإشراف عليهم وحدود
صلاحياتهم واختصاصاتهم تعين بأنظمة يصدرها مجلس الوزراء بموافقة الملك”.
وعلى ذلك فإن السلطة التشريعية لا تملك حق التشريع في المسائل المنصوص عليها في هذه
المادة لأن الدستور قد أناط هذا الحق بالسلطة التنفيذية على اعتبار أنه من الضم انات
الدستورية اللازمة لاستقلال السلطة التنفيذية.
فإذا خرجت السلطة التشريعية على هذا المبدأ وتناولت تلك المسائل بالتشريع فإن القانون الذي
تصدره بهذا الشأن يكون مخالفًا للدستور.
وتأسيسًا على هذا نخرج بالتفسير التالي:
1. إن أي تشريع يتعلق بالتنظيمات الإدارية وشؤ ون الموظفين يجب أن يصدر عن
السلطة التنفيذية بنظام إذا كانت الموضوعات التي يتناولها ذلك التشريع من المسائل
المنصوص عليها في المادة ( 120 ) من الدستور.
مجلة جامعة دمشق – المجلد 19 – العدد الثاني- 2003 نفيس صالح
مدانات
157
2. ونظرًا لأ  ن الأمور المنصوص عليها في قانون الخدمة المدنية رقم 48 لسنة 1963
تدخل في نطاق المسائل الواردة في المادة ( 120 ) سالفة الذكر، فإن تنظيمها يجب أن يتم
بنظام تصدره السلطة التنفيذية استنادًا إلى هذه الماد ة. وبذلك يعد القانون المشار إليه
مخالفًا لأحكام الدستور وهذا لا يجعله غير قائم بل لا بد من إلغائه بقانون جديد.
هذا ما نقرره في تفسير النص المطلوب تفسيره.
أما وقد اطلعنا على نموذج من اجتهاد المجلس العالي لتفسير الدستور في مجالي التفسير
والدفاع عن الصلاحيات، سننتقل الآن إلى موضوعنا الأساسي للتحقق هل يشكل هذا المجلس
محكمة دستورية أم لا؟.
مدى انطباق شروط الوجود المختلفة للمحاكم الدستورية الأوروبية .V
على المجلس العالي لتفسير الدستور.
1. إن المجلس العالي لتفسير الدستور موجود في بلد هي المملكة الأردنية الهاشمية التي
نظام الحكم فيها ملكي وراثي ( 48 )، وهي تعتمد نظام تعدد القضاء فيها، فالمحاكم ثلاثة
.( أنواع: محاكم نظامية ومحاكم دينية ومحاكم خاصة( 49
2. إن المجلس العالي لتفسير الدس تور مستقل عن أية سلطة أخرى في الدولة . وحسب
وجهة نظر الفقيه كلسن، ما يؤكد هذا الاستقلال وجود نظام قانوني ودستوري يبين
تشكيله واختصاصاته ويمنع عنه اعتداءات السلطات العامة، المسؤول عن مراقبتها، وأن
هذه النصوص مسجلة في الدستور كما رأينا، ومن ثَم فإن له نظام ًا قانونيًا وإداريًا يضمن
استقلال أعضائه . فالمجلس العالي لتفسير الدستور هو مؤسسة مستقلة عن الحكومة
والمشرع، فهو إذًا محكمة دستورية من هذه الناحية.
3. أما فيما يتعلق باحتكار النزاع الدستوري، فإن علينا أن نبين بأنه لم يخطر ببال
المشرع الدستوري الأردني أنه سيأتي يوم ُتّقر فيه المحاكم العادية ومحكمة العدل العليا
48 ) انظر المادة الأولى من الدستور الأردني. )
49 ) انظر المادة ( 99 ) من الدستور الأردني. )
المجلس العالي لتفسير الدستور هل هو محكمة دستورية؟
158
الأردنية لنفسها الحق بالرقابة على دستورية القوانين، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى
فإن توجه هذا المشرع لم يقصد أن يجعل القوانين التي قد صوت عليها البرلمان ممثل
السيادة الشعبية عرضة للطعن في دستوريتها في كل ح ين، ولهذا فقد قصر الحق في
مراجعة المجلس العالي على مجلس الوزراء أو أحد مجلسي الأمة بقرار يصدر بالأغلبية
المطلقة، حتى أنه لم يعط الحق للأقلية في البرلمان بمراجعة المجلس العالي –كما فعلت
فرنسا بتعديل عام 1976 – بخصوص قانون صوتت عليه الأغلبية . لهذا فإن اختصاص ات
المجلس العالي جاءت مقتصرة على تفسير الأحكام والدفاع عن صلاحيات السلطتين
التشريعية والتنفيذية من أن تعتدي إحداهما على اختصاصات الأخرى، يضاف إلى ذلك
–كما قال الفقيه كلسن – أنه قد  جعِل محكمة عليا للعدالة مسؤو ً لا عن الحكم على الوزراء
المتهمين.
4. على أنه رغم أن القضاة العاديين ومحكمة العدل العليا يراقبون دستورية القوانين في
معرض نظرهم الدعاوي المقامة أمامهم، إلا أن مضمون الأحكام الصادرة عنها يختلف
تمامًا عن مضمون الأحكام الصادرة عن المجلس العالي في هذا الخصوص . وعليه
بإمكاننا القول : إنَّه بحسب نصوص الدستور الأرد ني فإن المجلس العالي يحتكر النزاع
الدستوري.
5. وفيما يتعلق بتعيين أعضاء المجلس العالي، نجد –كما سبق القول – أن هناك أعضاء
يعينهم مجلس الأعيان وهم ليسوا بقضاة مهنة وصلوا لوظائفهم عن طريق الترقية
المنتظمة والتدريجية، لأن تعيين أعضاء المحاكم الدستورية لا يخضع لمع ايير التقليدية،
فأعضاؤه ليسوا جميعًا قضاة مهنة، وإلى جانب هؤلاء يوجد خمسة قضاة مهنة يعينون
بحكم الدستور من قضاة أعلى محاكم نظامية وهم محترفون للعمل القضائي . فالفقيه
كلسن كان قد أوصى بأن يكون هناك مكان لغير المختصين إلى جانب الاختصاصيين،
لأن غير المختصين باس تطاعتهم الأخذ بالحسبان مسائل فنية صرفه . وأن تعيين أعضاء
مجلس الأعيان من قبل مجلسهم ليس عيبًا بل على العكس فهو يدعم مشروعية تعيينهم .
ويلاحظ أن المشرع الدستوري أراد أن يشدد من الصفة السياسية لطريقة التعيين إذ قد
مجلة جامعة دمشق – المجلد 19 – العدد الثاني- 2003 نفيس صالح
مدانات
159
جعل تعيين قضاة المهنة بحكم الدستور، لكنه أراد من ناحية أخرى موازنة هذه الصفة
السياسية بتغليب المؤهلات القانونية، فجعل عدد القضاة خمسة.
6. إن المجلس العالي لتفسير الدستور هو قضاء حقيقي وهو يتمتع بهذه الصفة بنا  ء على
خصائصه وليس بنا  ء على تركيبه أو طريقة تعيين أعضائه أو سيره، بل لأنه يقول كلمة
الحق مع قوة القضية المقضية وأن إعلانه لعدم دستورية قانون ما يؤدي إلى الإلغاء في
وهذا ما حصل بالنسبة للقانون رقم 48 لسنة 1963 .(erga-Omnes) مواجهة الكافة
الذي نظم شؤون الموظفين خلافًا للمادة ( 120 ) من الدستور التي تعطي هذه الصلاحية
للسلطة التنفيذية.
7. إن المجلس العالي هو قضاء خارج الأداة القضائية، وهذا هو الخلاف بين المجلس
العالي وأية محكمة عليا في البلاد الأردنية . لأن محكمة التمييز الأردنية مث ً لا موضوعة
على رأس البنيان القضائي في حين أن المجلس العالي هو خارج الأداة القضائية.
فالمجلس العالي يبقى خارج سلطات الدولة التقليدية المعروفة، ويشكل سلطة مستقلة يتضمن
دورها ضمان احترام الدستور . إذ كما قال كلسن إ  ن الجهاز المسؤول عن فرض احترام
الدستور لا يمكن تشبيهه بإحدى السلطات التي يراقبه ا. إلا أنه على الرغم من ذلك، هناك
اتصال عضوي مع القضاء كما رأينا (م/ 57 من الدستور )، لكن هناك اس تقلا ً لا من الناحية
الوظيفية، فالمحاكم العادية لا ُتحيل إلى المجلس العالي، فعندما يطعن أحد بدستورية قانون
.(Question-Préalable) برلماني أمامها فإنها تفصل بذلك بنفسها معتبرة إياها مسألة أولية
بعد أن رأينا أن المجلس العالي لتفسير الدستور يشكل قضا  ء دستوريًا ح قيقيًا من خلال انطباق
شروط الوجود المختلفة للمحاكم الدستورية الأوروبية عليه، سننتقل الآن إلى دراسة الصلاحية
المركزية العمومية.
د. الصلاحية المركزية العمومية – تمركز رقابة دستورية القوانين.
في الحقيقة، لن تكون هناك عدالة دستورية، ومن ثَم لن يكون المجلس ا لعالي محكمة دستورية
دون هذا الاختصاص المركزي، الذي هو رقابة دستورية القوانين، أي خضوع إرادة البرلمان
المجلس العالي لتفسير الدستور هل هو محكمة دستورية؟
160
لاحترام القاعدة القانونية الدستورية، سواء أكانت قاعدة قانونية شكلية أم قاعدة قانونية أساسية .
وقد رأينا أن المشكلة الحقيقية التي تواجه أي محكمة دستورية هي في قدرتها على تصحيح أو
إلغاء الاختيار السياسي الصادر عن المشرع الذي يمثل إرادة الأمة هي محلولة بالنسبة
للمجلس العالي فهو يستطيع ذلك ( 50 ). لهذا سندرس هذه المسألة من ناحية أشكال الرقابة
ووظائفها وتقاناتها.
1. أشكال الرقابة.
إن رقابة المجلس العالي لتفسير الدستور هي رقابة مجردة تدور حول النزاع الموضوعي كما
رأينا من النماذج التي ذكرناها، لأنها رقابة تقوم بها السلطات السياسية في الدولة . وهي رقابة
لاحقة أي بعد تصديق القانون.
أما فيما يتعلق بالمحاكم النظامية ومنها محكمة العدل العليا الأردنية فرقابتها على قوانين
البرلمان رقابة حسية وذات امتياز وتتبع التقاليد الأمريكية إلى حد ما، إذ إنَّه ليس هناك
إحالات من قبل المحاكم النظامية إلى المجلس العالي، كما أن الاستئنافات المتتالية لا توصل
الدعوى إلى المجلس العالي بل إلى محكمة التمييز الأردنية.
لكن كما رأينا في الحكم الصادر عن محكمة صلح جزاء عمان أن الدفع بعدم الدستورية هو
من النظام العام وللقاضي أن يثيره من تلقاء نفسه ومن دون تدخل من أطراف الدعوى،
والحكم الذي يصدر بهذا الخصوص لا يصدر في مواجهة الكافة . مما يدفعنا إلى التساؤل هل
كنا أمام نزاع موضوعي أم لا؟
2. وظائف الرقابة على دستورية القوانين.
في اجتهاد المجلس العالي لتفسير الدستور نجد أن المجال الموضوعي يتفوق على المجال
الشخصي. لأن هذه الرقابة لم تنشأ في الأصل من أجل إرضاء الأفراد مباشر ة. في حين أن
المجال الشخصي يتفوق على المجال الموضوعي في اجتهاد المحاكم النظامية لأنها في الحق يقة
تسعى في الدفاع عن الحقوق والحريات المصانة بالدستور . فرقابة المجلس العالي القصد منها
28 ) المشار إليه أعلاه. ) 50 ) انظر القرار رقم 1 )
مجلة جامعة دمشق – المجلد 19 – العدد الثاني- 2003 نفيس صالح
مدانات
161
السير الحسن للمؤسسات في الدولة الأردنية، بينما رقابة المحاكم النظامية تسعى في ترقية
وحماية الحقوق والحريات الأساسية.
إن حماية الحقوق الأساسية هي مهمة المحاكم النظامية وم حكمة العدل العليا الأردنية في
مواجهة المشرع والسلطة التنفيذية أيض ًا. إذ إ  ن الوضع في بلادنا يختلف عما هو عليه الوضع
في المكسيك أو ألمانيا الاتحادية سابقًا أو سويسر ا. فالمحكمة الدستورية في هذه البلاد مفتوحة
للأفراد أيضًا مع بعض الاختلاف . لكن في الأردن كما رأينا لا يستطيع أن يراجع المجلس
العالي إلا السلطة التنفيذية أو مجلس الأمة بغرفتيه وبقرار من الأغلبية المطلقة . كما إننا نفضل
إعطاء الأقلية البرلمانية الحق في مراجعة المجلس العالي كي نؤكد للمعارضة بأن لديها
الوسيلة لفرض احترام الحدود الدستورية على الأغلبية مما يجعل الحياة السياسية مسالمة.
3. تقانات رقابة الدستورية على القوانين.
هناك اختلاف أساسي بين المجلس العالي والمحاكم النظامية بما فيها محكمة العدل العليا
الأردنية كما رأينا سابق ًا. ففي حين أن المجلس العالي لديه الصراحة والجرأة بالقول : إ  ن هذا
القانون باطل ويتحتم إلغاؤه بقانون . نجد أن المحاكم النظامية تنزع إلى القول: إنَّها تمتنع فقط
عن تطبيق القانون المخالف للدستور ولا تلغيه حتى محكمة العدل العليا الأردنية أبدت حذرًا
تجاه القانون الذي تراقبه بقوله ا: إ  ن رقابتها فنية وليست سياسية ولا تدور حول الملاءمة،
وأنها فقط تمتنع عن التطبيق ولا تلغي، وأنها تقوم برقابة مشروعية فقط.
خاتمة
نحن بين أمرين إما أن نحافظ على الوضع الحالي وخصوصًا أن جميع جوانب رقابة
الدستورية على القوانين مغطا ة. فالمجلس العالي لتفسير الدستور يحافظ على السير الحسن
للمؤسسات الدستورية، بينما تقوم المحاكم النظامية ومنها محكمة العدل العليا الأردنية على
ترقية حقوق وحريات الإنسان الأردني وصيانتها، وفي حين أن صلاحيات المجلس العالي
مذكورة بنص الدستور، نجد أن المحاكم النظامية قد ادعت لنفسها صلاحية الرقابة على
دستورية القوانين من دون نص، ولا ضير في ذلك، إذ إ  ن رقابة الدستورية في الولايات
المتحدة الأمريكية أصلها أيضًا اجتهادي وهو القرار الصادر عن القاضي مارشال عام 1803
المجلس العالي لتفسير الدستور هل هو محكمة دستورية؟
162
وهذا هو أيضًا مسلك محكمة القضاء الإداري المصرية ( 51 )، وأما أن يصار إلى تعديل
الدستور في أحد اتجاهين:
الأول: وهو أن تصبح الرقابة عن طريق الدعوى وتتم من خلال دعوى تقام مباشرة أمام
المجلس العالي لتفسير الدستور في مواجهة قانون من أجل الحكم بإلغائه . ونحن نقترح في هذا
المجال تبني النظام الذي كان معمو ً لا به في ألمانيا الاتحادية سابقًا، فقد كان هذا النظام يعمل
بصورة كافية لأن المحكمة الدستورية كان يمكن مراجعتها من قبل عدد كبير من الشخصيات
ومن الأجهزة والجماعات . فأنظمة هذه المراجعة يتنوع مداها بحسب مواد الدستور التي
يخرقها القانون موضوع البحث . ففي بعض الحالات، فقط الأجهزة الدستورية هي وحدها التي
تستطيع المراجعة، مثل الرئيس والحكومة الاتحادية والغرف البرلم انية وكذلك الأقلية في هذه
الغرف. وفي بعض الحالات الأخرى فقط الجماعات المحلية الإقليمية مثل البلديات هي التي
تستطيع المراجعة من أجل صيانة استقلالها المهدد . وفي حالات أخرى فقط القضاة، إذا كان
لديهم شبهه حول دستورية قانون ما يجب عليهم تطبيقه، وأخيرًا في بعض الحالات، إذا كانت
17 ) من الدستور قد تعرضت للخطر، فإن – الحريات الأساسية المضمونة بالمواد ( 1
المواطنين أنفسهم، ولكن بعد أن يستنفذوا كل طرق المراجعة العادية، يمكنهم مراجعة المحكمة
الدستورية. لكن السلطة التأسيسية الأردنية قد نظرت إلى هذه الطريقة بحذر خشية الاحتج اج
المستمر على القوانين ولكي لا يصبح المجلس العالي في أعين الرأي العام سلطة فوق
البرلمان. ولهذا كانت قد جعلت من هذا المجلس هيئة قابعة في وظيفة حكم الصلاحيات،
.( كالمجلس الدستوري الفرنسي( 52
الثاني: وهو أن يمنع على المحاكم النظامية الفصل في الدفع بعدم الدستور ية لأن هذا الدفع
لا يمكنها حلها بنفسها لأن هناك المجلس (Préjudicielle) يشكل بالنسبة لها مسألة مسبقة
51 ) انظر في ذلك الدكتور طعيمه الجرف، “موجز القانون الدستور “، القاهرة 1960 ، ص 183 )
62 ؛ والدكتور – وما بعدها؛ وكذلك الدكتور عثمان خليل عثمان، “دروس للدكتوراه، ص 56
السيد صبري، “القانون الدستوري، ص 359 ؛ والدكتور سعد عصفور، “القانون الدستوري،
ص 126 وما بعدها؛ والدكتور عبد الحميد متولي، “القانون الدستور ” ، ص 318 ؛ والدكتور
حسين عثمان محمد عثمان، “النظم السياسية والقانون الدستوري -القانون الدستور “، بيروت،
الدار الجامعية، عام 1988 ، ص 83 وما بعدها.
(52)Chantebout. B. op. Cit. et sui.
مجلة جامعة دمشق – المجلد 19 – العدد الثاني- 2003 نفيس صالح
مدانات
163
العالي هو المختص بذلك، ولهذا عليها إرسال الأطراف أمامه، فتتوقف عن البت في القضية،
وحالما يفصل بذلك المجلس العالي فإن الدعوى تعود لتأخذ مجراها أمام المحاكم النظامية.
المجلس العالي لتفسير الدستور هل هو محكمة دستورية؟
164
المراجع
الفقهية الأجنبية
1. Béguin (J.-C.), “Le Contrôle de la Constitutionalité des Lois en
RFA”, Paris, Economica, 1982, P. 123.
2. Burdeau. G. “Manuel de Droit Constitutionnel et Institution
Politiques”, 20 éd. L. G. D. J, 1984, pp. 106-112.
3. Cappelletti. M. “Cours Constitutionnelles”, p. 478.
4. Carré de Malberg, “La loi”, p. 147.
5. Chantebout. B. “Droit Constitutionnel et Seince Politique, 2ème.
Éd. Economoca. P. 115 et sui.
6. Crisafulli. V. “R.D.P. 1968. P. 130”.
7. Drago. G. “L’Exécution des décisions du Conseil
Constitutionnel”, “L’Effectivité du Contrôle de Constitutionalité
des lois”, Economica, p. 74 et. P. 125.
8. Favoreu. L. “Les Cours Constitutionnelles”, Que Sais Je. Presses
Univesitaires de France.
9. Hauriou. M. “Précis de Droit Constitutionnel”, 1929, p. 272 et sui.
10. Kelsen. H. “La Garantie Juridictionnelle de la Constitution”, “La
Justice Constitutionnelle”, R.D.P, 1928.
11. Laffont. R. & Archimbaud. M. “Le Livre des Droit de L’homme”,
éd. Robert Laffont, Paris, 1985. P. 79 et sui.
12. Lambert. E. “Le Gouvernment des Juges et la Lutte Contre la
Législation Sociale aux Etats-Unis”, Paris, 1921.
13. Lambert. J. “R.D.P. 1931. Pp. 5 et sui”.
14. Liorente. R. “Le Contrôle de la Constitutionnalité des Lois”, p. 53.
15. Merkl. A. “Allgemeines Verwattungsrecht”, Vienne et Berlin,
Springer, 1927, sur L’explication de cette theorie, V. R. Bonnard,
“La theorie de la formation du droit par degrès dans L’oevre
d’Adolf merkl, R. D. P, 1928. P. 668 et sui.
16. Pinto. R. “Des Juges qui ne gouvernent pas”, 1934.
17. Waline. M. “Elements d’une théorie de la Juridiction
Constitutionnelle”, R. D. P. 1928.
الفقهية العربية
. 1. الجرف – الدكتور طعيمة الجرف، “موجز القانون الدستوري”، القاهرة، 1960
2. الحياري – الدكتور عادل الحياري، “القانون الدستوري والنظام الدستوري الأردني “،
. دراسة مقارنة، طبعة أولى، 1972
مجلة جامعة دمشق – المجلد 19 – العدد الثاني- 2003 نفيس صالح
مدانات
165
. 3. السيد – الدكتور السيد صبري، “القانون الدستوري”، 1949
4. عثمان – الدكتور حسين عثمان، “النظم السياسية والقانون الدستوري – القانون
. الدستوري”، بيروت، الدار الجامعية، عام 1988
5. عثمان – الدكتور عثمان خليل عثمان، “دروس للدكتوراه”.
6. عصفور – الدكتور سعد عصفور، “القانوني الدستوري”.
7. متولي – الدكتور عبد الحميد متولي، “القانون الدستوري”.
8. المصري – محمد ذيب المصري، “مجموعة القرارات التفسيرية الصادرة عن
الديوان الخاص بتفسير القوانين والمجلس العالي لتفسير الدستور”، الجزء الثاني.
المصادر الرسمية
1. الدستور الأردني الصادر عام 1952 وتعديلاته.
2. الجريدة الرسمية الأردنية.
المجلات الحقوقية الأجنبية
(R. D. P.) 1. مجلة القانون العام الفرنسية
المجلات الحقوقية العربية
1. مجلة نقابة المحامين الأردنيين.
2002/10/ تاريخ ورود البحث إلى مجلة جامعة دمشق 22