الحرية الشخصية هى ما اكدت عليها الدساتير المصرية متعاقبة ، بل وطالبت المشرع بضرورة التدخل لوضع القوانين المكملة للدستور التى تصون حرية المواطن وكرامته ، ومن أجل ذلك كانت لجنة الإصلاح التشريعى المشكلة حاليا لتنقية القوانين والتشريعات مما يتعارض مع الدستور، ومن هذه التشريعات أيضا ما تقدمت به وزارة الداخلية من مشروع قانون بتغيير لائحة السجون فى إطار تأكيد حقوق السجين حتى لو كان مقيد الحرية. قد تضمن مشروع القانون الجديد والذى بدأ قسم التشريع بمجلس الدولة مناقشتة أن السجين يستحق أجرا قدره 7 جنيهات عن عمل يومى ويجوز منحه أجرا أعلى مقابل قيامه باعمال فنية أو أنتاج أكبر، ولا يصرف له أجرا عن الأيام التى لا يؤدى فيها عملا أو يقل أنتاجه عن الإنتاج المقرر، كما جاء بالمشروع ” أنه يجب على مأمور السجن تنفيذ ما يشير به طبيب السجن فيما يختص بتعديل معاملة أو غذاء السجين، وفقا لحالته الصحية، مع علاجه خارج السجن أذا استدعت حالته ذلك.. الخ، تماشيا مع الاتجاه العالمى لتأكيد حقوق الأنسان حتى لو كان سجينا مسلوب الحرية، مما يطرح السؤال عن حقوق السجين وهل تمتد الى حقوقه السياسية ومنها مخاطبة الرأى العام، وحق الأحتجاج والأضراب عن الطعام ؟؟؟

الحرية الشخصية حق طبيعى أحاطها الدستور والقانون بسياج من الضمانات، إذ لايجوز التعرض لها بأى شكل من الاشكال الا فى الحدود التى رسمها القانون أو نصت عليها الدساتير المصرية المتعاقبة ، حيث نصت المادة – 54 – من دستور 2014 على أن الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأى قيد الا بأمر قضائى يستلزمه التحقيق، ويجب أن يبلغ فورا كل من تقيد حريته بأسباب ذلك ويحاط بحقوقه كتابة ويمكن من الأتصال بذويه، كم نصت المادة – 55- من الدستور على أن كل من يقبض عليه أو يحبس أو تقيد حريته يجب معاملته بما يحفظ كرامته، ولا يجوز تعذيبه أو ترهيبه أو أكراهه ولا ايذاءه بدنيا أو معنويا ، ولا يكون حبسه أو حجزه الا فى أماكن مخصصة لذلك، لائقة انسانيا وصحيا.. الخ، كما نصت المادة -56 – أيضا على أن السجن دار أصلاح وتأهيل وتخضع السجون أماكن الأ حتجاز للأشراف القضائى ويحظر فيها كل ما ينافى كرامة الانسان أو يعرض صحته للخطر، وينظم القانون أحكام اصلاح وتأهيل المحكوم عليهم وتيسير سبل الحياة الكريمة لهم بعد الافراج عنهم ، وقد جاء قانون الاجراءات الجنائية مترجما لذلك الغطاء الدستورى .

تنظيم السجون

لقد ورد بالقانون رقم 396 لسنة 1956 بشأن تنظيم السجون كل تلك المبادىء الدستورية وحقوق وضمانات المحبوسين احتياطيا والسجناء والتزاماتهم فى المادتين 2 و 3 منه على أن الاحكام الصادرة بعقوبة السجن المشدد والمؤبد على الرجال تنفذ بالليمانات ، ولا يوضع القيد الحديدى فى يدى المحكوم عليه داخل الليمان أو خارجه الا إذا كان يخشى من هروبه وبناء على أمر يصدره مدير عام المصلحة، أما الأحكام الأخرى بالنسبة للرجال أو النساء وكذلك من ينتقل من الرجال من الليمانات الى السجن لاسباب صحية أو لبلوغهم سن السبعين عاما أو لقضائهم نصف المدة المحكوم عليهم بها، أو يكون الحكم لمدة ثلاث سنوات وأيهما اقل أو يكون سلوكهم حسنا خلال مدة العقوبة وجميع هؤلا تنفذ العقوبة عليهم جميعا فى السجون العمومية، ولكن يجب تفتيش السجين عند دخوله السجن ويؤخذ منه ما يعد من الممنوعات داخل السجن ، وكذلك النقود أو أى شىء ذات قيمة . وإذا كان الحكم على المسجون قد تضمن عقوبة الزامة بغرامة مالية تم استيفاء الغرامة من ما يوجد مع السجين من نقود فأن لم تف بالقيمة يتم بيع الاشياء ذات القيمة مع السجين بواسطة النيابة العامة ، وإذا زادت قيمة هذه الاشياء عن قيمة الغرامة يتم أيداع الباقى لحسابه فى الامانات أو تسلم بناء على طلبه الى من هو قيم عليه .

المحبوسون احتياطيا

بالنسبة للمحبوسين أحتياطيا وغير المحكوم عليهم يجب أن يتمتع هؤلاء بنظام معاملة خاص بحسبان«أن المتهم برىء حتى تثبت أدانته» بحكم قضائى، ويتم فصل هؤلاء عن السجناء المحكوم عليهم ، كما يتم فصل المتهمين الاحداث عن البالغين حتى تصل أعمارهم 21 سنة ، ويجب من حيث المبدأ أن يتم أحتجازهم فى مؤسسات منفصلة ، ويسمح للمحبوسين أحتياطيا أو من هم رهن المحاكمة ارتداء ملابسهم الخاصة أذا كانت نظيفة ولائقة، وألا أرتدى السجين ملابس السجن الخاصة ” الملابس البيضاء «وهى تختلف عن ملابس المحكوم عليهم» الملابس الزرقاء «أما المحكوم عليهم بعقوبة الاعدام فيرتدون الملابس الحمراء » كما يجوز للمحبوس أحتياطيا أن يصرح له بالاقامة فى غرفو مؤثثة مقابل مبلغ مالى تحدده اللائحة الداخلية للسجن، كما يجوز لهم أستحضار ما يلزمهم من الغذاء من خارج السجن، أو شراء مأكولات خاصة من السجن بالسعر المقرر ، والا صرف لهم الغذاء المقرر للسجناء . وقد نصت المادة – 19 – من قانون تنظيم السجون على أن تعامل السجينة الحامل ابتداء من الشهر السادس للحمل معاملة طيبة خاصة من حيث الغذاء والتشغيل والنوم حتى تضع مولودها، مع توفير دار حضانة مجهزة بموظفين مؤهلين، حيث يبقى الطفل مع أمه السجينة حتى يبلغ من العمر عامين، ومتى بلغ هذه السن تم تسليمه لابيه أو لمن تختاره الام من الاقارب مع تييسير رؤية الام لطفلها متى توافر ذلك .

إن قانون تنظيم السجون راعى أن يقوم السجناء بالتدريب على حرفة معينة يرغب فيها السجين أو كان يزاولها قبل دخوله السجن حتى تكون مورد رزق له داخل السجن وكذلك تأمين حياته بكسب شريف بعد خروجه من ظلمة السجن وهو ما ترغب وزارة الداخلية فى تأكيده بتحديد الاجر المستحق للسجين من خلال مشروع القانون المقدم لتشريع مجلس الدولة.

بقلم المستشار: سمير أنيس نائب رئيس محكمة النقض

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .