بدأ الإنسان كفاحاً مريراً على مر العصور من أجل حقوقه وحرياته الأساسية والاعتراف بشخصيته وكرامته، ومن أبرز المبادرات القديمة لحماية حقوق الإنسان والتي تعرض أهم الوثائق التاريخية التي تمثل كفاح الإنسان من أجل حقوقه وحرياته في مواجهة استبداد الملوك والامراء، العهد الكبير”Magna Carta” ، عام ١٢١٥ أو هي الوثيقة التي قدمها المهاجرون الإنكليز الى الملك جان سانتير من أجل حماية الحرية الشخصية وعدم التعرض لها بما يمسها. ولقد كانت هذه الوثيقة بمثابة اتفاق معقود بين الملك والمهاجرين حيث تضمنت الأمور المذكورة إضافة الى حق كل مواطن انكليزي بأن لا يحكم عليه من أجل جريمة أسند اليه ارتكابها الا اذا ثبت إدانته من قبل المحلفين في مجلس القضاء وحقه في التظلم امام القاضي من أي حبس يحدد حريته الا وفقا للقانون وحق ممثلهم في البرلمان بالموافقة على الضرائب والإشراف على إنفاقها.

ثم أعقب تلك المحاولة محاولة اخرى هي وثيقة المطالبة بالحقوق عن طريق التظلم “Rights of Petition” عام ١٦٢٩ ووثيقة إعلان الحقوق ” “Bill of Rights” ، ١٦٨٩ . كل تلك المحاولات والنداءات لغرض التقليل من استبداد الملوك وتقييد سلطانهم المطلق. وقد طورت فرنسا وأمريكا تلك المحاولات والنداءات من أجل ضمان حماية مواطنيها. ومن أفضل تلك المحاولات وثيقة إعلان الاستقلال عام ١٧٧٦ التي أعلنتها دول أمريكا الشمالية أبان حرب التحرير التي جاء فيها ” والحقيقة الواضحة تقتضي القول بأن الناس يولدون متساويين وأن الخالق منحهم حقوقا لا يمكن سلبها منهم ومن هذه الحقوق، حق الحياة والحرية، وتنشدان السعادة وقد أقيمت الحكومات على حماية هذه الحقوق وضمانها (1) كما كان للثورة الفرنسية فضل كبير في تبيان تلك الحقوق بشكل واضح وشامل في إعلان حقوق الإنسان والمواطن الفرنسي الذي تضمن سبعة عشر مادة، وقد تأثر الإعلان بالنظريات الفلسفية الصادرة قبله مثل نظرية العقد الاجتماعي، وكذلك بإعلان الاستقلال الأمريكي الصادر عام ١٧٧٦ حيث جاء بالكثير مما جاء في هذا الإعلان.

وبناء على ذلك صدرت عدة دساتير فرنسية متأثرة بالإعلان المذكور. ولا تخلو الإتفاقيات ومقررات المؤتمرات الدولية من نصوص تهدف الى حماية حقوق الانسان وحرياته الأساسية، ومنها اتفاقيات لاهاي المعقودة عام ١٨٩٩ وعام (2)١٩٠٧ وبناء على ما تقدم فقد أصبح للفرد مركزاً متميزاً يستمده من التشريعات الداخلية في دولته أو من تشريعات الدول الأجنبية عندما يوجد في أقاليمها على أساس المعاملة بالمثل أو على أساس العرف الدولي والإتفاقيات الدولية.

_________________

1- انظر د.عزیز جبر شیال، التنمیة الاقتصادیة وحقوق الإنسان، مجلة أوراق عراقیة، مركز الفجر للدراسات والبحوث العراقیة، العدد (٢) نیسان ٢٠٠٥ ،ص 12

2- جابر ابراھیم الراوي، حقوق الإنسان وحریاته الأساسیة في القانون الدولي والشریعة الاسلامیة، ط ١، دار وائل للنشر، عمان، ١٩٩٩ ، ص13

المؤلف : مها بهجت يونس
الكتاب أو المصدر : مجلة الكوفة للعلوم القانونية والسياسية / العدد الاول / حقوق الانسان وحرياته…
الجزء والصفحة : ص123-124

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .