الحراسـة:

لم يعرض الفقه الإسلامي ولا المجلة للحراسة بوجه عام، وإنما عرضوا لصورة خاصة من صورها في حالة الرهن، فأجازوا للراهن والمرتهن أن يتفقا على شخص يتسلم الرهن عن المرتهن، ويسمى عدلاً، ولا يكون له أن يعطي الرهن لأيهما إلا برضاء الاثنين معًا، وإذا أعطاه لأحدهما دون رضاء الآخر كان له استرداده (المواد 705 و752 و755 و760 من المجلة).

ولكن الحراسة، وبخاصة الحراسة القضائية، قد أصبح لها في العمل أهمية كبيرة، مما حدا بقانون المرافعات المدنية والتجارية أن يعرض لها (في المواد من 160 إلى 167) عند الكلام على القضاء المستعجل، كما جمع مشروع تطوير قانون المرافعات هذه النصوص في المادتين (32 و33) منه فعرض لأحوال فرض الحراسة القضائية، وكيفية تعيين الحارس وبيان ما عليه من التزامات وما له من حقوق وسلطات.

ولما كان التقنين المدني هو المكان الطبيعي لهذه النصوص فقد حرص المشروع على تنظيم أحكام الحراسة سواء كانت اتفاقية أو قضائية.

وتبدأ نصوص المشروع بتعريف الحراسة تعريفًا شاملاً، فهي وضع مال متنازع فيه بيد أمين، إذا كان بقائه في يد حائزه من شأنه أن يهدد بالخطر من يدعي لنفسه حقًا فيه، على أن يتكفل الأمين بحفظه وإدارته ورده إلى من يثبت له الحق فيه (مادة 736)، فالحراسة يجوز أن تتم بالاتفاق بين المتنازعين، فتكون اتفاقية، كما يجوز أن تتم بأمر من القضاء في الحالات التي يجوز فيها ذلك، فتكون حراسة قضائية (مادة 737).

وتعرض المادة (738) لتعيين الحارس وهو أمر منفصل عن فرض الحراسة ذاتها، فالحراسة قد تتم رضاء أو قضاء، ولكن تعيين الحارس في الحالين يكون باتفاق ذوي الشأن جميعًا، ولا يكفي في ذلك اتفاق الأغلبية بل يتعين الإجماع على شخص الحارس، فإن لم يتوفر هذا الإجماع تولت المحكمة بنفسها تعيين الحارس.

أما التزامات الحارس وحقوقه، فيحددها الاتفاق أو حكم القاضي، فإن خلا الاتفاق أو الحكم من ذلك، فإن المشروع ينص في المادة (739) منه، على تطبيق أحكام الإيداع وأحكام الوكالة بالقدر الذي لا تتعارض فيه مع أحكام المواد التالية:

فبالنسبة لالتزامات الحارس، وأولها الالتزام بالمحافظة على المال وإدارته – وهو التزام ببذل العناية – يضع المشروع في الفقرة الأولى من المادة (740) معيارًا لهذه العناية، هو عناية الشخص العادي، سواء كانت الحراسة بأجر أو بغير أجر. وفي هذا تختلف الحراسة عن الإيداع الذي يميز فيه بين بالإيداع بأجر والإيداع بغير أجر (انظر المادة 722 من المشروع)، أما الفقرة الثانية من المادة (740)، فتحظر على الحارس أن ينيب عنه في أداء مهمته كلها أو بعضها أحدًا من ذوي الشأن دون رضاء الآخرين أو إذن القاضي.

وتحدد المادة (741) من المشروع سلطة الحارس، فتنص على أنه لا يجوز له في غير ما تقتضيه الإدارة أن يجري أعمال الصرف إلا برضاء ذوي الشأن جميعًا أو بترخيص من القضاء، فأعمال التصرف التي تدخل بطريق التبعية في أعمال الإدارة هي وحدها التي يكون للحارس مباشرتها، أما غير ذلك من أعمال التصرف فلا يجوز للحارس أن يباشرها إلا بموافقة ذوي الشأن أو بترخيص من القضاء.

وتعرض المادة (742) لالتزام الحارس بتقديم الحساب. وهو بحسب الأصل كالتزام الوكيل بتقديم حساب لموكله. ولكن المشروع بعد أن ألزم الحارس بأن يقدم حسابًا بما تسلمه وبما أنفقه مؤيدًا بالمستندات نظم هذا الالتزام تنظيمًا دقيقًا، فألزم الحارس بإمساك دفاتر حساب منتظمة، كما ألزمه بأن يقدم الحساب لذوي الشأن مرة على الأقل كل سنة فإذا كان معينًا من المحكمة فإنه يجب عليه أن يودع إدارة الكتاب صورة من الحساب، وكل ذلك لضمان الرقابة على إدارة الحارس.

أما بالنسبة لحقوق الحارس، فإن المشروع ينص في الفقرة الأولى من المادة (743) على حقه في تقاضي الأجر عن عمله، ما لم يكن قد قبل القيام بالحراسة تبرعًا، وفي هذا يختلف الحارس عن الوكيل وعن الوديع، فكلاهما لا يكون مأجورًا، إلا أن يُشترط الأجر، أما ما ينفقه الحارس من مصروفات على حفظ وإدارة المال المعهود إليه حراسته، فتنص الفقرة الثانية من المادة (743) على حق الحارس في استرداده، وذلك تطبيقًا للقواعد العامة.

وأخيرًا يعرض المشروع في المادة (744) لانتهاء الحراسة، فهي تنتهي إما باتفاق ذوي الشأن جميعا على انتهائها أو بحكم من القضاء، كما تنتهي بانقضاء مدتها إذا كانت المدة محددة. ويكون على الحارس حينئذ أن يبادر إلى رد المال المعهود إليه حراسته، إلى من يختاره ذوو الشأن جميعًا أو من يعنيه القاضي.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .