سلطة القانون و الديمقراطية المدافعة عن نفسها

مبدأ سلطة القانون

بموجب مبدأ سلطة القانون في الدولة الديموقراطية – الجميع يتبعون للقانون – المواطنين والسلطات على حد سواء. أي أنه لا يوجد أي شخص في الدولة فوق القانون (فيما عدا في حالات محددة جدا مثل حصانة أعضاء الكنيست – المزيد عن هذا الموضوع في الفصل 10). يستند المبدأ إلى استعداد المواطنين للانصياع للقانون وليس على فرض السلطة بالقوة.

لسلطة القانون معنيان:

1. المعنى الشكلي – يتطرق إلى قواعد عملية سن القانون وبسطه في الدولة. فيما يلي القواعد:

· يتم سن القانون في المجلس التشريعي.

· يسمح للفرد أن يفعل ما يريد، فيما عدى ما يمنعه القانون عنه. تُمنع السلطات من فعل أي شيء، فيما عدا ما يسمح لها به القانون.

· يجب أن يتم نص القانون بوضوح وعليه أن يكون علنيا ومعروفا لدى الجميع.

· يلزم القانون الجميع ويتم تطبيقه بشكل متساو أيضا.

2. المعنى الجوهري- يتطرق إلى مضمون القانون. القانون الذي يلائم القيم الديموقراطية فقط (حقوق الإنسان والمواطن، التعددية وما شابه ذلك) هو قانون مقبول.

حدود الانصياع للقانون

على الرغم من حقيقة وجود القوانين ومكانتهم السامية، إلا أنه في كل دولة ديموقراطية توجد ظاهرة عدم الانصياع للقانون. يتم تعريف عدم الانصياع هذا كمخالفة، تعتبرها السلطة ضارة على المجتمع. مخالفة القانون تدعى مخالفة جنائية.

هناك عدة أنواع من المخالفات الجنائية:

1. مخالفة جنائية عادية – خرق القانون يتم بسبب المنفعة الشخصية والاستمتاع الذاتي (مثلا القتل، الاغتصاب، السرقة وغيرها).

2. مخالفة جنائية أيديولوجية- خرق القانون يتم لدوافع دينية، سياسية ورأي سياسي من قبل الأفراد (مثلا حرق محطات الباص من قبل الحاريديم لأنه يتم عرض إعلانات غير محتشمة فيها). وليس للمنفعة الشخصية.

3. مخالفة جنائية سلطوية – خرق القانون من قبل أشخاص يتقلدون مناصب عامة، بواسطة أعمال تخدم جمهورا معينا (مثلا تحويل أموال الجمهور بطريقة غير سليمة من قبل وزير إلى مؤسسات حزبه). هذه المخالفات تلحق الضرر باستقرار الديموقراطية، لأن على الجمهور أن يتأكد من أن الأشخاص الذين يديرون حياته ويسيطرون على موارد هائلة (المزيد حول الموضوع في لا يخونون منصبهم. يعتبر الرجل ذي المكانة الجماهيرية والذي يسرق الأموال ليضعها في جيبه، مخالفا جنائيا عاديا.

دوافع عدم الانصياع للقانون:

1. منفعة شخصية عادية – هذه مخالفة جنائية عادية.

2. أسباب ضميرية- نابعة من التعارض بين واجب التقيد بالقانون والتزام الإنسان بقيمه الشخصية. عملية عدم الانصياع الضميري هو أمر شخصي وغير معد للنشر. يتحمل المخالفون لأسباب ضميرية المسؤولية الكاملة عن أعمالهم (مستعدون لدفع غرامة أو الذهاب إلى السجن). مثلا، رفض شخص ما الخدمة في الجيش لأنه غير معني بالتصرف بعنف.

3. أسباب سياسية-أيديولوجية – عدم الانصياع هذا موجه ضد السلطة وهدفه هو تغيير القانون، تغيير سياسة الحكومة أو حتى تبديل الحكومة. تطلع المخالفين لسبب سياسي هو نشر أعمالهم ليكون لها تأثير. على سبيل المثال، المعارضة بقوة من قبل كثيرين من سكان غوش قطيف على إخلائهم من منازلهم (بواسطة سد الطرقات مثلا)، حيث أملوا من خلال ذلك بتغيير قرار الحكومة.

هناك حالات استثنائية يكون المواطنون فيها ملزمين بعدم الانصياع للقانون. حين يُفرض على المواطنين (الجنود عادة) أمر غير قانوني بشكل قاطع عليهم رفض الانصياع له. في حال تم تنفيذ هذا الأمر، تتم محاكمة من كان قائد هذا العمل ومن نفذه. لكي يعرف الإنسان أنه أمام أمر كهذا، عليه تفعيل منطقه وأن يعرف، من دون أدنى شك، أنه يمنع، وفق المعايير، من تنفيذه. مثلا، أمر قتل أشخاص أبرياء بدم بارد هو أمر غير قانوني بشكل قاطع.

حدود الديموقراطية

رأينا في الفصول السابقة أن الديموقراطية المعاصرة توفر لمواطنيها حريات كثيرة مثل: حرية التعبير، حرية الصحافة، حرية التنظيم وغيرها. غير أنها تجد نفسها، أحيانا، مضطرة إلى تقييد هذه الحريات لأنه يمكن لجهات غير ديموقراطية، بواسطتها، أن تصل إلى السلطة. من الناحية العملية، يمكن للديموقراطية، في حال لم تدافع عن نفسها، أن توفر الأدوات لمن يرغب في تحطيمها وأن يقيم سلطة مستبدة (كما اعتلى النازيون الحكم بشكل ديموقراطي في ألمانيا وأقاموا هناك حكما دكتاتوريا).

ثمة مفهومان فيما يتعلق بحماية الديموقراطية لذاتها من مجموعات غير ديموقراطية:

1. مبدأ الديموقراطية التي تدافع عن نفسها- من صلاحية الحكم الديموقراطي أن يمنع تنظيم مجموعات غير ديموقراطية وأن يخرجها خارج القانون ، حتى وإن لم تنفذ بعد أي عمل جنائي. يتم تطبيق هذا المبدأ في دول أوروبا وفي إسرائيل (بهذا الشكل تم إخراج حزب “كاخ” العنصري خارج القانون في انتخابات عام 1988).

2. عدم قبول مبدأ الديموقراطية التي تدافع عن نفسها- الدولة ممنوعة من أن تمنع أي حق من حقوق مواطنيها (مثل حرية التنظيم) طالما لم يتم تنفيذ عمل جنائي يبرر ذلك. كان هذا التوجه متبعا في الولايات المتحدة حتى أحداث 11 سبتمبر 2001 (إسقاط طائرات كعملية إرهابية)، التي لم تتضرر ديموقراطيتها حتى ذلك الوقت من مجموعات غير ديموقراطية (كما في ألمانيا أو في إيطاليا).

إضافة إلى المجموعات المناهضة للديموقراطية، يمكن أن تتهدد الدولة المشاكل الأمنية الخاصة بها. بموجب حاجة الدولة إلى الحفاظ على أمن مواطنيها واستقرار حكمها، فهي تتخذ، أحيانا، خطوات تخرق حقوق الإنسان والمواطن. مثال على ذلك هو تفعيل رقابة على التقارير الصحافية (خرق حرية الصحافة) أو تنفيذ اعتقالات إدارية (خرق الحق في الإجراءات القانونية