التزامات الوكيل :

التزامات الوكيل هي : تنفيذ العمل وفق تعليمات الموكل والمحافظة على أموال الموكل ، وأخيراً اطلاع الموكل على سير الوكالة وتقديم حساب عنها .

أولاً : تنفيذ العمل وفق تعليمات الموكل :

على الوكيل بالعمولة القيام بالعمل المكلف به صورة دقيقة لا تجاوز فيها لتعليمات الموكل وخلاف ذلك فإنه يعد مسؤولاً وتقرر المادة 933 من القانون المدني بهذا الصدد أنه : ” على الوكيل تنفيذ الوكالة دون مجاوزة حدودها المرسومة ” ومع ذلك فإنه لا حرج على الوكيل ” إذا خرج في تصرفه عن هذه الحدود متى كان من المتعذر إخطار الموكل سلفاً وكانت الظروف يغلب معها الظن بأن الموكل ما كان إلا ليوافق على هذه التصرفات ” بيد أن على ” الوكيل في هذه الحالة أن يبادر بإبلاغ الموكل بما جاوز به حدود الوكالة ” (1) . وأيا كان الامر فإن الخروج عن تعليمات الوكالة يجب أن لا يكون في حدود التعليمات الآمرة للأصيل . فتعليمات هذا الأخير تتميز في الواقع بسمات ثلاثة هي :

1. إما أنها تعليمات آمرة إلزامية Impiratives :

لا يترك للوكيل فيها حرية التصرف وعليه أن يأخذ بها حرفياً وعلى وجه الخصوص اذا تعلقت هذه التعليمات بطبيعة التصرف الموكل بإجرائه فلو كلف الوكيل بالشراء فلا يجوز له القيام بالمقايضة او البيع . بيد أن هذا لا يعني عدم إفساح المجال أمام الوكيل بالقيام بالأعمال التكميلية المتعلقة بالعمل والتي تستلزمها مقتضيات الواقع العملي المتعارف عليه .

2 . تعليمات توجيهية Indicatives :

وهذه التعليمات تتخذ صيغة الإرشاد ويبيح الفقه عموماً للوكيل مجاوزتها فيما اذا تم عقد الصفقة بشروط أفضل من تلك التي حددها الأصيل على أن تعود المنفعة المترتبة من جراء ذلك للموكل (2) اما اذا ابرم الوكيل الصفقة بشروط غير ملائمة للموكل ، كأن يشتري بثمن أعلى من الثمن الذي عينه له هذا الأخير أو يبيع بثمن أقل ، كان للموكل رفض الصفقة بشرط ان يعلم الوكيل برفضه وإلا اعتبر قابلاً للثمن وذلك طبقاً لأحكام القواعد العامة التي تقضي بأنه : ” … السكوت في معرض الحاجة الى البيان يعتبر قبولاً ” (3) .

3. تعليمات مختلطة Mixtes :

وتجمع هذه التعليمات بين التعليمات الآمرة والتعليمات التوجيهية وينطبق بشأنها ما تم بيانه آنفاً وعلى أية حال فإن للموكل ، كقاعدة عامة ، رفض الصفقة في جميع الأحوال التي يخالف فيها الوكيل التعليمات واذا ترتب ضرر من جراء ذلك فللموكل اضافة لرفض الصفقة طلب التعويض فإذا اشترى الوكيل بالعمولة بضاعة مخالفة للنوع أو الصنف الذي حدده الموكل ابتداء فلا يلزم بقبول الصفقة. ومع ذلك فإن مخالفة الوكيل للتعليمات قد لا يؤدي بالضرورة الى رفض الصفقة ومثل ذلك إذا كان تصرف الوكيل لا يتعارض مع مصلحة الأصيل أو يلحق به ضرر ما فلو اشترى الوكيل كمية أكبر من كمية البضاعة التي طلبها الموكل فإن هذا الأخير لا يلزم إلا بالكمية التي طلبها وإذا باع الوكيل العمول المكلف بالبيع بثمن مؤجل بثمن معجل فإنه يلزم بأداء الثمن عند الأجل المقرر بمقتضى التعليمات وإذا منح الوكيل العمول المكلف بالبيع أجلاً للوفاء بالثمن أو تقسيطه بدون إذن الموكل كان لهذا الأخير مطالبة الوكيل بأداء الثمن بأجمعه فوراً وخشية أن يحابي الوكيل نفسه فإنه لا يجوز له أن يتعاقد مع نفسه لمصلحة الموكل. وفي جميع الأحوال فإن على الوكيل أن يبذل في الوكالة عناية الرجل المعتاد (4). عليه فإن الوكيل لا يعد مسؤولاً عن العيوب إذا لم يكن بالإمكان اكتشاف هذه العيوب من قبل الرجل العادي ومسؤولية العيب الخفي الذي ليس من اليسير كشفه تقع ضمن مسؤولية البائع وليس الوكيل.

ثانياً: المحافظة على أموال الموكل :

يد الوكيل على أموال الأصيل يد أمانة. فإذا هلك دون تعدَ منه لم يلزمه الضمان، وللموكل أن يطلب إثبات الهلاك (5). وتأسيساً على ذلك لا يسأل الوكيل عن الضرر المتأتي من سبب أجنبي كالقوة القاهرة، أو العيب الذاتي في الشيء وغير ذلك مما يندرج ضمن مفهوم السبب الأجنبي. وبما أن يد الوكيل يد أمانة فإنه يمنع عليه استعمال أموال موكله لصالح نفسه (6). بيد أن السؤال الذي يطرح هو : هل يلزم الوكيل بإجراء التأمين على أموال موكله انطلاقاً من التزامه بالمحافظة على هذه الأموال. الجواب : هو بالنفي. فلا يقع على عاتق الوكيل عبء إجراء التأمين على أموال الموكل إلا إذا كانت تعليمات الموكل بإجراء التأمين صريحة؛ لأن التأمين عملية قائمة بذاتها تستلزم نفقات قد لا يتمكن الوكيل من أدائها. بيد أن الوكيل يكون ملزماً بالتأمين في حالة طلب الموكل إبرام تأمين على الأموال وعندها يقع عبء أداء الأقساط على هذا الخير. وإذا أخل الوكيل في إجراء التأمين فإنه يكون مسؤولاً عن ثمن البضاعة عند هلاكها أما إذا قام الوكيل بإجراء التأمين دون تعليمات صادرة من الأصيل فإن عمله يعد فضالة ولا يلزم الموكل بأداء الأقساط إلا إذا تحقق الخطر المؤمن منه (7). هذا وإن على الوكيل في حالة ما إذا كانت الأموال التي يحوزها لمصلحة الموكل سريعة العطب أو حتى لهبوط القيمة أن يطلب تعليمات الأصيل كي يتخلص من المسؤولية وبخلافه يعد مسؤولاً طبقاً لالتزامه بالمحافظة على أموال موكله.

ثالثاً : اطلاع الموكل على سير الوكالة وتقديم حساب عنها :

تقرر المادة 936 من القانون المدني أنه : “على الوكيل من وقت لآخر أن يطلع الموكل على الحالة التي وصل إليها في تنفيذ الوكالة وأن يقدم له حساباً بعد انقضائها”. عليه إذن لا يجوز للوكيل إخفاء المعلومات عن الموكل بصدد إجراء الصفقة والتي قد تؤثر على إبرامها الى جانب ذلك فإن الوكيل ملزم بتقديم حساب للموكل عن الوكالة بعد إتمامه العمل الذي وكل به. ويعد هذا الالتزام في الواقع أمراً طبيعياً إذ لا يمكن للموكل الإيفاء بجميع التزاماته تجاه الوكيل مالم يكن على بينة من حجم التكاليف وأبوابها ويجب أن يكون هذا الحساب دقيقاً وخلاف ذلك يكون الوكيل مسؤولاً وقد يؤدي الغش في الحساب الى جريمة خيانة الامانة (8). ومن الممكن ان يلتزم الوكيل بتقديم حساب جزئي Partiel ،وحساب كامل نهائي ختامي Final ولا يمكن أن يعفى الوكيل من تقديم هذا الحساب النهائي بيد أنه يجوز إعفاء الوكيل من تقديم الحساب الجزئي الدوري انطلاقاً من كونه أقل أهمية من الحساب الاول. والأصل ألا يفضي الوكيل باسم الموكل للغير وألا يفصح عن أسم الغير الذي تعامل معه. والعلة في ذلك تكمن في اعتبارات عملية كما يرى البعض من أهمها أن إخفاء الاسم قد يعتبر عاملاً من عوامل نجاح إبرام الصفقة (9). والواقع أن هذا التعليل لا يمكن الأخذ به على إطلاقه. إذ إن عدم الإفشاء باسم الأصيل لا يعد أمراً لازماً للوكالة وقد يكون الإفصاح باسم الموكل ضرورة لمصلحة هذا الأخير ولا يترتب كشف الاسم اي تعديل في الآثار القانونية للوكالة. ولابد من التنويه أخيراً الى أن الوكيل بالعمولة لا يضمن تنفيذ الصفقة . لذا فإنه لا يعد مسؤولاً إذا امتنع عن تنفيذ التزاماته. من جانب آخر فإن الضمان لا يقرر إلا بنص قانوني أو إذا تحمله أحد الأطراف صراحة. فلا ضمان على الوكيل إذن إلا إذا تضمن عقد الوكالة شراً صريحاً بالضمان ويسمى هذا الشرط بشرط الضمان Clause de Croire وليس هذا الشرط من ناحية التكييف القانوني كفالة Caution أو تأمين Assurance يقوم الوكيل بالعمولة بمقتضاه بدور المؤمن له ، وحق الموكل هو الشيء المؤمن عليه (10). بل هو التزام أصلي وفي حالة الاتفاق عليه يتقاضى الوكيل مقابلة زيادة تضاف الى العمولة.

________________________

1 . أنظر الشطر الثاني من نص المادة 933 مدني .

2 . انظر د. صلاح الدين الناهي ، مصدر سابق ذكره ص 297 ، د. محسن شفيق ، القانون التجاري الكويتي ، 1972 ص 28 .

3 . المادة 81 مدني .

4. انظر نص المادة 934 مدني.

5. المادة 935 مدني.

6.المادة 937 مدني .

7. انظر د. صلاح الدين الناهي مصدر سابق ذكره ص 302.

8. انظر د. محسن شفيق مصدر سابق ذكره ص 34.

9. انظر د. حافظ محمد ابراهيم مصدر سابق ذكره ص 423.

10. انظر بهذا المعنى .د. محسن شفيق، مصدر سابق ذكره ص 34.

التزامات الموكل :

التزامات الموكل هي: دفع الأجرة أو العمولة، رد المصاريف والنفقات التي تكبدها الوكيل في تنفيذ الوكالة.

أولاً : دفع الأجرة أو العمولة.

الوكالة بالعمولة من عقود المعاوضة الملزمة للجانبين وتتم بأجر أو بعمولة وتعتبر العمولة العنصر الجوهري الذي يميز الوكالة بالعمولة عن الوكالة العادية غير التجارية . وتستحق العمولة بمجرد إتمام ابرام الصفقة ودون النظر لتنفيذها من عدمه لأن إبرام الصفقة يعد تنفيذاً لعقد الوكالة . بيد أن الأمر يختلف فيما اذا تضمنت الوكالة شرط الضمان إذ يجب عندئذ ولكي يستحق الوكيل العمول الاجرة أن تنفذ الصفقة فعلاً لان الوكيل يعد ضامناً في هذه الحالة لتنفيذ الصفقة . وقد يقع ألا تبرم الصفقة لخطأ من الوكيل فتسقط الأجرة ولا يحق له المطالبة بها . وقد يقع ألا تبرم الصفقة لأسباب لا دخل للوكيل فيها ، فإن لهذا الأخير الحق بتعويض عما بذله من جهد طبقاً لأهمية ذلك الجهد . هذا وتتخذ العمولة صورة نسبة مئوية من قيمة الصفقة وقد يتفق على أن تكون هذه العمولة بصورة مبلغ معين محدد ابتداء .

ثانياً : رد النفقات .

تقضي الفقرة الاولى من المادة 941 من القانون المدني أنه : ” على الموكل أن يرد للوكيل ما أنفقه في تنفيذ الوكالة التنفيذ المعتاد مع الفوائد من وقت الإنفاق مهما كان حظ الوكيل من النجاح في مهمته . فإذا اقتضى تنفيذ الوكالة أن يقدم الموكل للوكيل مبالغ للإنفاق منها شؤون الوكالة وجب على الموكل أن يقدم هذه المبالغ متى طلب الوكيل ذلك ” . يتضح من هذا النص أن على الموكل أن يرد ما أنفقه الوكيل من نفقات في تنفيذ الوكالة . ويقدم الوكيل عموماً كشفاً بهذه النفقات الى الموكل ويجب أن تكون هذه النفقات معقولة وضرورية ومشرعة ومثل ذلك دفع الرسوم وأجور النقل وقيمة الطوابع ومصاريف الشحن وغيرها . وللوكيل الحق بالمطالبة بهذه النفقات أياً كانت نتيجة الصفقة . وإذا أصاب الوكيل ضرر من جراء تنفيذ الوكالة ولسبب لا يعود لخطأه فإن له الحق بطلب التعويض . هذا ولا يقتصر الأمر المبالغ المنفقة بل يشمل أيضاً فوائدها ومن وقت الإنفاق .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .