مذهب ثنائية القانون

يعتبر هذا المذهب امتداد للنظريات الوضعية الإرادية، حيث يرى أنصاره أن القانون الدولي العام والقانون الداخلي نظامان كل منهما مستقل عن الآخر استناداً إلى الاعتبارات التالية:

أولاً- اختلاف مصادر كل من القانونين:
القانون الداخلي ينشأ بإرادة الدولة حيث توجد سلطة عليا تفرضه على الأفراد وعلى المخاطبين به الالتزام به والإذعان لأحكامه، في حين أن القانون الدولي ينشأ عن طريق الاتفاق بين الدول عبر المعاهدات أو عن طريق العرف الدولي وبالتالي لا يكون صادر عن سلطة عليا.

ثانياً- اختلاف موضوعات كل من القانونين:
القانون الداخلي ينظم علاقات الأفراد فيما بينهم من جهة وفيما بينهم وبين سلطات الدولة في حين ينظم القانون الدولي علاقات الدول المستقلة ذات السيادة فيما بينها.

ثالثاً- اختلاف المخاطبين في كل من القانونين:
فالقانون الوطني يخاطب الأفراد أو السلطات المختلفة القائمة داخل الدولة، في حين يخاطب القانون الدولي المستقلة ذات السيادة سواء كانت دولاً بسيطة أو مركبة.

رابعاً- اختلاف البناء القانوني لكل من القانونين:
توجد في البناء القانوني الوطني سلطات غير موجودة في المجتمع الدولي وهي السلطة التشريعية التي تسن القوانين والسلطة القضائية التي تطبق القانون والسلطة التنفيذية التي تقوم بتنفيذ الحكام التي يصدرها القضاء.

النتائج المترتبة على مذهب ثنائية القانون:
أولاً- استقلال قواعد القانون الداخلي عن القواعد القانون الدولي:
تنشئ الدولة القانون الداخلي بإرادتها المستقلة، بينما تنشئ القانون الدولي باتفاقها مع غيرها من الدول، ويجب على الدول أن تراعي عدم التعارض بين القوانين التي تسنها مع ما التزمت به دولياً وإذ حدث ذلك فالقانون يكون صحيح داخلياً ولكي تثور مسئولية الدولة على الصعيد الدولي.

ثانياً- عدم نفاذ قواعد كل من القوانين في دائرة اختصاص الآخر:
فالقواعد القانونية الدولية لا يمكن أن تكتسب وصف الإلزام في دائرة اختصاص القانون الداخلي إلا إذا تحولت إلى قواعد قانونية داخلية بإتباع الإجراءات الشكلية المتبعة في إصدار القوانين الداخلية، وكذلك لا يمكن أن تكتسب القواعد الداخلية وصف الإلزام في المجال الدولي إلا إذا تجولت على قواعد دولية وفقاً للإجراءات الشكلية المتبعة في إصدار القواعد القانونية الدولية.

ثالثاً- عدم اختصاص المحاكم الوطنية بتطبيق القانون الدولي:
لا تمتلك المحاكم الوطنية تطبيق القانون الدولي أو تفسيره إلا إذا تحولت إلى قوانين داخلية وبالمقابل لا يملك القضاء الدولي تطبيق القوانين الوطنية أو تفسيرها إلا إذا تحولت إلى قواعد قانونية دولية.

رابعاً- استحالة نشء تنازع أو تعارض بين أحكام القانونين:
وهذه النتيجة مترتبة على أنه لكل منهما دائرة تطبيقية وليس لأي منهما سلطان أو اختصاص في دائرة الآخر.
ولكن يقرر أنصار هذا المذهب إمكانية وجود علاقة بين القانونين عن طريق الإحالة أو الاستقبال.

أولاً- الإحالة:
ومعناها أن يحيل القانون الدولي للحصول على القواعد التي تنظم مسألة معينة ومثال ذلك أن يقرر القانون الداخلي الحصانة الدبلوماسية فيرجع إلى القانون الدولي ليتعرف على من يصدق عليه وصف الدبلوماسي.
وبالمقابل قد يحيل القانون الدولي على القانون الداخلي للحصول على القواعد التي تنظم مسألة معينة، كأن يقرر القانون الدولي واجبات الدول تجاه الأجانب، ويترك للقانون الوطني تحديد من يصدق عليه وصف الأجنبي في نطاق إقليم الدولة.
ثانياً:الاستقبال:
ومعناه أن يستقبل القانون الداخلي قواعد القانون الدولي ويدمجها فيه بموجب نص في دستور الدولة يقرر اعتبار القانون الدولي جزءاً لا يتجزأ من القانون الوطني، وفي هذه الحالة يمكن للقاضي الوطني أن يطبق قاعدة قانونية دولية في نزاع ما يطرح أمامه.
وبالمقابل فقد يدمج القانون الدولي قواعد القانون الداخلي في مبادئه فتصبح قواعد دولية.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت