أصبح التشريع عاملاً رئيسياً من عوامل التغيير والتحديث ومعياراً لسيادة القانون والديمقراطية ، وبحكم الوضع الذي يحتله الأطفال في المجتمعات الإنسانية حظيت قضيتهم بمكان الصدارة على المستوى الوطني والإقليمي والدولي لتحقيق المزيد من العناية والحماية وسنتناول فيما يلي حقوق الطفولة في مجمل المواثيق.

** حقوق الطفلة في المواثيق الدولية
نص ميثاق الأمم المتحدة الصادر سنة 1945م على عدم التفريق ما بين الرجال والنساء وبين الأطفال من الجنسين كما أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أكد على هذا الحق وفقاً لما جاء في المادة الثامنة على أن :”لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان دون تمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر دون تفرقة بين الرجال والنساء.”

ولقي الأطفال من الجنسين اهتماماً خاصاً في الإعلان المذكور حيث كرست الفقرة الثامنة من المادة الخامسة والعشرين على أن للأمومة والطفولة الحق في الحصول على المساعدة والرعاية الخاصة وينعم كل الأطفال بنفس الحماية الاجتماعية، و بحقهم في التعليم الإلزامي والمجاني، كما أكدت اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة 1979م ـ في الفقرة الثامنة من المادة الخامسة منها على أن تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة لتحقيق الكفالة وأن تنص التربية الأسرية على تفهم سليم للأمومة بوصفها وظيفة ضرورية، والاعتراف بالمسؤولية المشتركة لكل من الرجال والنساء وأن يكون مفهوماً أن مصلحة الأطفال هي الاعتبار الأساسي في جميع الحالات.

وعالجت الاتفاقية مساواة الطفلة -بحقها في التعليم- سواء في المرحلة السابقة للالتحاق بالمدرسة أو بعدها وركزت على قضية تسرب الفتيات من التعليم وضرورة المساهمة في ضمان الأسرة ورفاهيتها وحماية الطفلة قبل الولادة وشددت الاتفاقية على حق المرأة بجنسية أطفالها وكرست المادة السادسة عشرة منها على حماية حقوق الطفلة.

وتعتبر اتفاقية حقوق الطفل التي أقرتها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عام 1989م أكثر تفصيلاً من إعلان حقوق الطفل لسنة 1959م وقد أسهمت هذه الاتفاقية بتعريف الطفل في مادتها الأولى (على أنه كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المطبق عليه) وأكدت على حق كل طفل في البقاء والنمو والتطور، وتعتبر هذه الاتفاقية معياراً أدنى متفقاً عليه دولياً لمعاملة الأطفال في كل مكان في العالم، وقد صادقت على هذه الاتفاقية عشرون دولة عربية حتى الآن ولم تمتنع عن المصادقة سوى دولة واحدة هي الصومال، وهناك دول عربية تحفظت على بعض نصوص الاتفاقية والمتعارضة مع الشريعة الإسلامية ، كما تحفظت دول عربية أخرى بشكل عام بخصوص التدابير التي تتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية.

والحقوق التي تناولتها هذه الاتفاقية إنما قصدنا بها حقوق الأطفال من الجنسين، وتشمل عدم التمييز في المعاملة و مراعاة المصالح الفضلى لهم مع التأكيد على واجبات الأسرة والوالدين والمجتمع وحق الأطفال في الحياة والاسم، والحفاظ على الهوية والجنسية وعدم الفصل عن الوالدين أو نقلهم أو إعادتهم بطرق غير شرعية والحصول على المعلومات وحرية التفكير والوجدان والدين والحرية في تكوين الجمعيات وسمعتهم ومراعاة مصالحهم بالدرجة الأولى ورعاية الأطفال اللاجئين والمعوقين الذين يعيشون ظروفاً صعبة كالمتسولين وأطفال الشوارع والأطفال الفقراء وضحايا الحروب الأهلية والنزاعات المسلحة مع الاهتمام بأن ينالوا حقهم في الانتفاع بخدمات الضمان الاجتماعي وحقهم في الرعاية الصحية والتعليمية وحمايتهم من الاستغلال الاقتصادي والجنسي وحظر اختطافهم أو بيعهم أو الاتجار بهم وحمايتهم من التعذيب وعقوبة الإعدام وإعادة إدماجهم في الحياة.

** حقوق الطفلة في التشريعات والقوانين العربية
صدر ميثاق حقوق الطفل العربي من جامعة الدول العربية، حيث ظهر الاهتمام العربي بحقوق الطفل بشكل واضح أثناء مشاركة الدول العربية في إطار هيئة الأمم المتحدة لإنجاز نصوص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكذا المواثيق التي تبنتها بعد حوالي عشرين عاماً كما تجلى أيضاً الاهتمام بهذه التشريعات في إطار إسهامات الدول العربية فأقيمت العديد من الأنشطة والفعاليات في عدد من هذه الدول وكذلك من خلال متابعة فريق العمل المشكل من لجنة حقوق الإنسان فيما يخص حقوق الطفل.

وشهدت جامعة الدول العربية أنشطة متعددة في هذا الشأن قادتها الإدارة العامة للشئون الاجتماعية والثقافية. فقد انعقد في تونس عام 1980م مؤتمر الطفل العربي لتحديد الاحتياجات الأساسية لتنمية الطفل العربي ومنه دراسة إمكانية قيام منظمة عربية للطفولة حول مدى تنفيذ الإعلان العالمي لحقوق الطفل شارك فيه عدد من الدول العربية ومنها اليمن وأُتفق على صياغة ميثاق عربي لحقوق الطفل وهو ما تم إنجازه وإقراره في مجلس وزراء الشئون الاجتماعية العرب بدورته الرابعة التي عقدت في تونس في ديسمبر1983م.

ويعتبر ميثاق حقوق الطفل العربي أساساً قوياً للعمل من أجل الأطفال من الجنسين والأسرة في البلدان العربية، ويعكس اهتمام العقل العربي بهذه القوى التنموية والرغبة في استثمارها لصالح خير الأمة في المستقبل.

فالحقوق العامة، للطفلة هي حقوق مكفولة شأنها شأن سائر فئات المجتمع وإن كانت بعض هذه الحقوق مقررة لها منذ ولادتها كالجنس والحق في الحياة والرضاعة والحضانة لأنها تمثل مصلحة تتشابك فيها مصالح الأم والطفلة أو من خلال حقها الذي تفرضه الحياة الاجتماعية كحقها في التعليم، وتمتاز هذه الحقوق بأنها تلازم الطفلة إلى مرحلة ما بعد الطفولة.

** حقوق الطفلة في القوانين الوطنية في الجمهورية اليمنية
سنكتفي في هذا الموضع بذكر أهم الحقوق المكفولة للطفلة اليمنية في القوانين والتشريعات الوطنية، منها حق الطفلة في الحضانة كما جاء في قانون الأحوال الشخصية. فالأم هي التي تختص بالحضانة وحدد شروطاً لمن يتولى حضانة الطفلة ، باعتبارها حقاً لها وحدد مدتها للأنثى بعشر سنوات، فالأم هي أولى بحضانة طفلها بشرط ثبوت أهليتها للحضانة وأوجب لمن يتولى حضانة الطفلة أن يتولى الإنفاق عليها وحدّد شروط انتقال الحضانة من الحاضن إلى من يليه إذا فقد الحاضن هذه الشروط التي تؤهله للقيام بذلك.

وحقوق الطفلة في الانتفاع من نفقة الأقارب طبقاً لما جاء في الفصل الثاني من القانون تحت بند نفقة الأقارب المادة 159 المبين في حكم نفقة الطفلة إلى أن تصل إلى مستوى تعليمي معين لطلب العلم و مسألة الميراث فإنها تخضع بالأساس الى أحكام الشريعة الإسلامية عملاً بقوله تعالى (وللذكر مثل حظ الأنثيين) وهو ما تؤيده وتؤكد عليه المادة(318)الفقرة(جـ) من قانون الأحوال الشخصية.

وتتناول القوانين المحلية الأخرى حقوق الطفلة من نواحٍ شتى منها حقها في الحصول على التعليم الإلزامي والمجاني وحقها في الحصول على الخدمات الصحية والاجتماعية وحقها في الانتفاع من الضمان الاجتماعي، وهناك قوانين أخرى تمسها بشكل مباشر منها قانون رعاية الأحداث، وكل هذه القوانين تحمي حقوق الطفلة وتحافظ عليها من أخطار الإهمال أو الاستغلال بجميع أشكاله إلاّ أن مستويات تنفيذ هذه القوانين تتفاوت بدرجة أو بأخرى ولابد من الإشارة إلى أن النصوص القانونية المتعلقة بحقوق الطفلة هي مشتتة وموزعة في قوانين متعددة وذلك لارتباط احتياجات الطفلة بجميع أوجه النشاط الإنساني، مما يستلزم إيجاد تشريع وطني موحد للطفولة لمواجهة التغيرات الكبيرة لتشريعات حماية حقوق الطفولة وطنياً وإقليمياً ودولياً ،وهو ما تحاول الحكومة أن تنتهجه من خلال أجهزتها المختصة.

وهناك توجه جاد نحو إيجاد مثل هذا التشريع الوطني الموحد لحقوق الطفل في اليمن وتوجيه الرعاية له.

و ثمة عوامل تبين لنا وجود نقص في الحماية المنظمة لحياة الأطفال منها:
أ. عدم مواكبة النصوص التشريعية الحالية لحقوق الطفلة وأولويات هذه الحقوق وافتقار الكثير من هذه الحقوق إلى الضمانات أو الجزاءات الرادعة الكفيلة بتوفير حماية ورعاية متكاملة حقيقية بعيداً عن أي تمايز بين الطفلة الأنثى على مستوى الريف والحضر أو على مستوى الطفل والطفلة في الحضر والريف.

ب. شيوع النظرة التقليدية التي تفرضها العادات والتقاليد المجتمعية وتبني القائمين على سن التشريعات وتطبيقها مفاهيم وآراء معينة للطفلة، ولهذا تصبح مستويات تنفيذ القوانين المتصلة بحقوق الطفلة متأثرة بهذه النظرة السلبية.

ج. بالرغم من صدور العديد من القوانين الوطنية العامة والتي تتناول بنوداً منها قضايا الطفلة إلاّ أن قصور النظرة الاجتماعية عن تفهم مضامين وأهداف النصوص التشريعية المتعلقة بها أسهم في اتخاذ مواقف من الآباء والأمهات حالت دون حصول الطفلة على حقوقها كاملة ،حيث لازال بعض أولياء الأمور يعتقدون بأنهم يمتلكون وحدهم الحق في تقرير مصير بناتهم من الأطفال في إرسالهم إلى المدرسة أو منعهن من الذهاب إليها أو إجبارهن على الزواج المبكر خاصة في المناطق الريفية ،كما أنهم يتدخلون من دون توجيه في اختيار المدرسة أو التخصص الذي يتوافق مع رغباتهم لا مع رغبات بناتهم أو يلحقونهن بسوق العمل وهن لم يتجاوزن بعد مرحلة الطفولة، وقد ساعد هذا التباين في المواقف والاتجاهات من حقوق الطفلة الأنثى في قصور التشريعات وعجزها عن الوفاء باحتياجاتها وعن إحراز التقدم المرجو في واقع الطفولة.

** الطفلة والتنشئة الأسرية والمجتمعية
للأسرة دور مهم في إشباع الحاجات المادية والروحية للطفلة وإعدادها تربوياً واجتماعياً وثقافياً ونفسياً، وتبين الدراسات السيولوجية والأنثروبولوجية التي عنيت بدراسة تأثير التنشئة الأسرية في وعي الطفلة وفي تربيتها وتنشئتها، ولهذا فإن هذه التنشئة في تفاعلها مع الأنثى تركز على ما يلي:

أ.تهيئة الطفلة منذ سنواتها الأولى على أن من أهم أدوارها في الحياة هو الدور الأسري وأن الزواج هدف مهم وأن الإنجاب يمنح المرأة منزلة خاصة في أسرتها ومجتمعها، وأن أنوثة المرأة وجمالها صفات أساسية تأتي في مقدمة الصفات والخصائص، وهذه المفاهيم تعكس في أدوار النوع الاجتماعي ويحدد المجتمع على أساسها للمرأة أدواراً غير أدوار الرجل، وُيكرس فيها المفهوم النمطي لأدوار الجنسين وسيادة هذه المفاهيم وطغيانها على السلوك الاجتماعي العام.

ب.المفاضلة في التربية حيث يمنح الطفل رعاية خاصة أكثر مما تمنح الطفلة وينعكس ذلك فيما تحصل عليه الطفلة من عناية وتعليم وغذاء وبعض الحقوق المادية.

ج.تتعامل مجموعة من منظومة القيم الأسرية والاجتماعية مع الأنثى باعتبارها عورة يجب سترها، ولهذا تقدم الأسرة على زواج بناتها مبكراً من منطلق أن زواج البنات ستر، ولهذا فإن الأسر التي تنجب فتيات أكثر فإن عزوتها ضئيلة ومنزلتها أقل ويتأثر وجود هذه المنظومة من المعايير والقيم السلوكية بالوضع التعليمي والثقافي للأسرة لاسيما الأم والأب ومستوى حصولهما على التعليم وبمكان إقامتهما حضراً أو ريفاً وبالمستوى الاجتماعي والطبقي للأسرة.

د.تدريب الطفلة مبكراً على مهارات العمل المنزلي ولهذا فإن تقسيم العمل في المنزل يعتمد على السن والنوع سواء أكانت أعمالاً منزلية أو زراعية، ونتيجة لذلك ينخفض مستوى مشاركة الأبناء الذكور في هذه الأعمال وخاصة للبنين بحجة أنها معيبة في حق الذكر ولا تليق به وإنها من مهام الأنثى فقط.

بالرغم من التطورات التي طرأت على منظومة العلاقات الأسرية والاجتماعية داخل الأسرة اليمنية وفي المجتمع إلاّ أنها علاقات تقوم على الأمر والنهي، وهناك دراسات اجتماعية أظهرت هذه المشكلة في نظام هذه العلاقات ينحسر فيها مفهوم المشاركة والحوار ويغلب عليها الطابع السلطوي والتسلطي للأب والأبناء الذكور الذي لا يخلو من صور التعامل المتسم بالقسوة والعنف أحياناً مع الطفلة. ومن الصعوبة بمكان أن نجزم أن هذا هو الطابع العام للعلاقات الأسرية إلاّ إذا وضعت مسوحات ودراسات أكثر شمولاً ومع ذلك فإنه يمكن القول إن هذه العلاقة تتشكل وتتهذب طبقاً للمستوى الثقافي والتعليمي والاقتصادي للأسرة وبمكان إقامة الأسرة ريفاً وحضراً.

تعاني بعض الأطفال الإناث ـ خلال التنشئة الأسرية خاصة في الريف وفي الفئات محدودة الدخل في المدن ـ بعض الانتهاكات الجسدية والبدنية والنفسية التي تأخذ أشكالاً متعددة منها التقصير في تقديم الرعاية الصحية وفي تقديم الغذاء الملائم والعقاب البدني والاتجاه إلى زواجها المبكر تحت شروط وظروف أسرية واقتصادية قاهرة، ومن كبار السن في أحوال كثيرة، وغير تلك من المشكلات التي تؤثر في حصولها على حقوقها و سنستعرض فيما يلي حقوق الطفلة الأساسية في عدد من الميادين منها:

** الطفلة والتعليم
ينص قانون التعليم على أن التعليم مجاني لكل الأطفال ذكراً أو أنثى في كل مراحله تكفله الدولة ويشير أحد تقارير البنك الدولي حول الفقر إلى أن الإنفاق الشخصي على التعليم في اليمن قد يكون فوق قدرة الفقراء حيث يبلغ أحد تقديرات نصيب التلميذ من الإنفاق في السنة520 ريالاً يمنياً بالنسبة للأسرة الفقيرة، و803 بالنسبة لأسر الطبقة الوسطى، و1521ريالاً للأسر الموسرة.

ونظراً لتغير أسعار الصرف يقدر تراوح هذه التكاليف في عام 1995م بين 2500 ريال يمني و 8300ريال يمني للتلميذ في السنة.

وبما أن متوسط عدد الأطفال الذين هم في سن الالتحاق بالمدارس يبلغ 3 أطفال في الأسرة تصبح التكاليف عبئاً مقيداً ولاسيما للفقراء الذين تبلغ نسبة أطفالهم 23% عن المتوسط مما يجعل الأسر الفقيرة تعطي أولوية لتعليم الذكور في مثل هذه الظروف المعيشية الصعبة.

وإدراكاً من الحكومة لحق تعليم الطفلة فقد وضعت في استراتيجيتها السكانية وخطة عملها أهدافاً محددة لتأمين هذا الحق لاسيما وأن الدراسات الاجتماعية دلت على أن الاستثمار في تعليم الفتاة سياسة ناجحة من الناحية الاقتصادية ، وقد أشار أحد تقارير البنك الدولي في هذا المجال إلى أن مضاعفة عدد البنات المقيدات في المرحلة الثانوية سيؤدي خلال عشر سنوات إلى تخفيض عدد وفيات الأطفال إلى النصف وتخفيض نسبة عدد المواليد الى29 في المائة وأن هذا الأثر أقوى عشر مرات من مضاعفة عدد الأطباء وأقوى سبع مرات من مضاعفة الدخل القومي.

ويشكل التعليم أحد أهم الحاجات الإنسانية وبصفة خاصة للمجتمع اليمني الذي يمر بمرحلة نمو وتغير اجتماعي متلاحق ومتسارع في كل مجالات الحياة ، ولهذا فإنه من البديهي اعتبار التعليم أحد المؤشرات الدالة على تحسين وضع الطفلة في المستقبل، وباستقراء بيانات وزارة التربية والتعليم وجد أن أعداد المقبولين في الصف الأول ابتدائي للأطفال الذين تصل أعمارهم ست سنوات قد ارتفع في العام الدراسي 94/95م ليصل إلى 305 طالب و 139 طالباً وطالبة بنسبة قدرها 31.3% وبمعدل نمو سنوي قدره 7% كما ازداد عدد المجموع الكلي للمقيدين في مرحلة التعليم الأساسي للفئة العمرية من 6-15 سنة إلى 2.766.255 طالباً وطالبة على التوالي خلال العام الدراسي 94/95م وبزيادة قدرها33.2% وبمعدل نمو سنوي 7.4% وتحقق تحسن بطيء بنسبة مشاركة الإناث بالتعليم من 25.6% إلى 27.8% في نفس السنوات .

وتعالج الحكومة حالياً مشكلة تدني نسبة التحاق الفتيات بالتعليم من خلال برامج وأنشطة مشتركة مع عدد من المنظمات الدولية منها اليونيسيف، اليونسكو، البنك الدولي…الخ لتشجيع إقبال الفتيات على التعليم وقد تحققت حتى الآن نتائج مشجعة.

إن جهود التوسع بالتعليم إذا ما سارت على المعدل السنوي لتزايد الطلاب البالغ نسبته7.4% والذي تحقق ما بين العامين الدراسيين 90/91م، 94/95م فإنه بالإمكان الاقتراب من التغطية الشاملة في استيعاب الأطفال في التعليم أكثر من 85% التي حددتها الإستراتيجية الوطنية بافتراض أن عدد السكان في الفئة العمرية 6-15 سنة ستصل إلى4.243.000 مليون نسمة بحلول عام 2000م حسب إسقاطات البديل المتوسط مع الأخذ بعين الاعتبار أن الاستراتيجية السكانية استهدفت السكان في الفئة العمرية 6-12سنة أي قبل تعديل السلم التعليمي الذي تحولت بمقتضاه مرحلة التعليم الأساسي إلى 9 سنوات ليشمل بذلك الفئة العمرية 6-15سنة إلاّ أنه لابد من التوضيح إلى أن 76% من الأطفال تصل أعمارهم إلى 6 سنوات لا يجدون فرصاً للالتحاق بالصف الأول من التعليم الأساسي.

إلاّ أن تلك النسب لاتعبر بشكل دقيق عن واقع الالتحاق بالتعليم بالرغم من أن نسبة النوع تكاد تكون غير متكافئة والفجوة التعليمية تبدو أكثر اتساعاً في الريف مقارنة بالحضر ، وبالنسبة لمرحلة الثانوية العامة فإن التطور الكمي الذي تحقق في اتجاهات القيد خلال الأعوام الدراسية 90/91م ، 94/95م يوضح بأن أعداد الطلاب المقيدين قد ارتفع من 113719 إلى 2.32506 طلاب وطالبات وبمعدل نمو سنوي 19.6 في المائة.

وبالرغم من نجاح نسبة كبيرة في اجتياز مرحلة التعليم الأساسي إلاّ أن الفروق النوعية في اختيار التخصص بقيت واضحة فيما يتعلق بالإناث في المرحلة الثانوية من مجموع الخريجين في عام 94/95م إلاّ أن توزيع الإناث على الأقسام الأدبية والعلمية الذي يبين تركز الخريجات في الأقسام الأدبية فقط مما في نسبة التحاقهن بالكليات العلمية التي تؤهلهن للعمل في المجالات غير التقليدية مثل الطب والعلوم والهندسة والرياضيات.

ومن الواضح أن ابتعاد الفتيات من دخول الأقسام العلمية في المرحلة الثانوية ينبع من الاعتقاد الراسخ لدى معظم الأسر اليمنية بأن ذلك يعد مناسباً للفتيات في مجال العمل التقليدي وهو سلك التدريس وفي مجالات عمل محددة لا تخرج عن نطاقها ولهذا تهيأها لدراسات أكاديمية محددة مما يترتب عليها في المستقبل انخراطها في سوق العمل في ميادين لتمنحها مجالاً أوسع لاختيار الوظيفة.

وبالرغم من التطور الذي واكب تعليم الطفلة في اليمن إلاّ أن ثمة فروقات تشير إلى هذا التطور وإن كان التفاؤل مازال قائماً في مستوى تعليم الطفلة بين الريف والحضر حيث يعكس هذا التباين الحاجة الماسة إلى معالجة الثغرات في السياسات والبرامج، علاوة على تفشي ظاهرة الفقر في أوساط المجتمع الحضري والريفي نتيجة لتدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد.

إن من أهم وأبرز الأسباب والعوامل المؤثرة في بروز ظاهرة الفقر وتدني المستوى المعيشي والاقتصادي للأسرة عدم التحاق الفتاة بالتعليم في المراحل المبكرة من الدراسة وزيادة ظاهرة التسرب التي تساعد على حرمان الفتاة من مواصلة تعليمها في المراحل الدراسية المتقدمة، علاوة على وجود عوامل أخرى عديدة تسهم هي الأخرى في التقليص من فرص انتفاعها بالخدمات التربوية و التعليمية كأوجه الإنفاق على المستلزمات المدرسية، عدم توافر مدارس قريبة من المسكن لاسيما في المناطق الريفية وعدم ملاءمة أوقات الدراسة لاسيما في المناطق الريفية حيث يتعارض ذلك مع مسؤولياتهن في الجمع بين الدراسة والعمل المنزلي،

ضعف الوعي الأسري والاجتماعي بجدوى تعليم الفتاة، ضعف التعاون بين الأسرة والمدرسة، علاوة على ذلك فإن ضعف مدخلات التعليم ومخرجاته وعدم ربطه باحتياجات البيئة المحلية،والمعايير الاجتماعية السائدة عن الدور المتوقع من الفتاة في أسرتها ومجتمعها ، وتفضيل تعليم الذكر على الأنثى وهي كلها عوامل تحد من حق الطفلة في الحصول على التعليم بدرجة متكافئة مع الطفل.

إن المؤشرات والبيانات الإحصائية والمسوحات والدراسات النوعية في عدد من الميادين المتصلة بالعملية التعليمية تعطينا مدلولاً حقيقياً حول عدم التكافؤ في الفرص التعليمية المتاحة للجنسين ذكراً وأنثى على مستوى الريف والحضر والذي يؤدي بدوره إلى وجود تباينات وفروقات تعمقها مضامين المقررات الدراسية خاصة في مرحلة التعليم الأساسي التي تظهر التحيز ضد الأنثى وتصورها على أنها خاضعة وتابعة لا تتميز بالاستقلالية محدودة الإمكانات والطاقات لا تصلح إلاّ لأدوار نمطية ، محددة في الأسرة والمجتمع.

** الطفلة والمناهج الدراسية
أوضحت دراسات محلية حول تحليل مضمون المناهج المدرسية أنها تكرس مفهوم الأدوار النمطية للجنسين منذ الطفولة فهي تنسب معظم الصفات والأدوار الإيجابية للذكر في حين أنها تنسب معظم الصفات والأدوار السلبية للطفلة منها الخضوع وعدم الاستقلالية في إبداء الرأي واتخاذ القرار مما يساعد على ترسيخ هذه القيم في ذهنية النشء منذ مراحل التعليم الأساسية وهي المرحلة التي تتشكل فيها شخصية الطفل وتعكس أساليب التنشئة الاجتماعية الموجهة في المؤسسات التربوية والتعليمية وبما تتضمنه هذه المناهج من صور حول أدوار ومسؤوليات الجنسين إعطاء مكانة أعلى للذكر من مكانة الأنثى حيث يتضح تأثير هذه المناهج على وجه الخصوص في قيم الأطفال وما يحملونه من مؤثرات تجعلهم يؤمنون بأن الأنثى أقل شأناً من الذكر.

وكل هذه المسائل المتصلة بالعملية التربوية والتنشئة داخل المؤسسات التعليمية التي تعكسها وتوجهها منظومة القيم الاجتماعية إنما تساعد في التقليل من شأن الطفلة وحقوقها وفي تفهم واستيعاب احتياجاتها المختلفة.

** الطفلة والأمية
على الرغم من تزايد المؤشرات الكمية والنوعية التي تعكس مستوى تقدم تعليم الطفلة في اليمن والجهود الحثيثة التي توليها الحكومة في هذا المجال إلاّ أن نسبة الأمية تتفاوت بين السكان (10 سنوات) فأكثر حيث بلغت معدلات الالتحاق للأطفال في الأعمار من 6-15سنة لكلا الجنسين أعلى معدل لها في أمانة العاصمة حوالي 86% وأقل معدل لها في محافظة الجوف حوالي37% في حين أنه وصلت أعلى نسبة للأمية من إجمالي السكان في محافظتي الجوف وصعدة حوالي70% وتلتها محافظة حجة حوالي69% وأقل نسبة للأمية في محافظة عدن حوالي 28 في المائة.

ومما سبق يلاحظ التناسب العكسي بين أدنى وأعلى النسب والمعدلات لكل من الأمية وحالة الالتحاق بين المحافظات فكلما ارتفعت نسبة الأمية انخفضت معدلات الالتحاق بين الجنسين لاسيما الأنثى وفي المراحل الأساسية.

وهناك جهود تبذلها الحكومة لمكافحة الأمية في نطاق سياسات وبرامج سكانية وقطاعية إلى مؤسسات وأجهزة المجتمع المدني منها ما تقدمه خدمات مراكز التدريب الأساسي ومراكز محو الأمية وغيرها من مراكز التعليم غير النظامي حيث تنتفع من خدمات هذه المؤسسات التعليمية الطفلة ، ووجد أن نجاح هذه المؤسسات محدودة الأثر لعدة أسباب أهمها:

أ.غياب التخطيط والتنفيذ المنظم الذي يأخذ بعين الاعتبار الفئات الأشد احتياجاً لهذه الخدمات وتتمثل على وجه التحديد باحتياجات الطفلة التي حرمت من فرص التعليم الإلزامي في المؤسسات التربوية والتعليمية الرسمية لاعتبارات اقتصادية واجتماعية سبق الإشارة إليها، مما يؤكد لنا بأن تعليم الفتيات هو أفضل عائد استثمار وإن معالجة بنية النظام التعليمي الموجه لتعليم الإناث وتحسين مجالاته يمكن أن يسهم في تقليص نسبة التسرب كما أن الاهتمام بتعليمها وسيلة فعالة لإحداث التغيير الاقتصادي والاجتماعي المرغوب فيه وليكون أداة للتفكير الواعي النقدي وليس للاعتراف والتسليم بما هو قائم بل بما ينبغي أن يكون عليه وضعها في المستقبل.

ب.عدم القدرة على استيعاب نسبة كبيرة من المتقدمات لطلب هذه الخدمة لاسيما في مراكز التعليم غير النظامي ممن تفوتهن فرص الالتحاق بمؤسسات التعليم الرسمي.

** الطفلة والعمل
تعتبر ظاهرة عمالة الأطفال في اليمن من الظواهر المستحدثة التي بدأت في الظهور مع بداية التسعينيات نتيجة لمجموعة من العوامل ساعدت في ظهورها ومن خلال دراسة ميدانية جرت في ديسمبر 1996م عن ظاهرة عمل الأطفال في الجمهورية اليمنية أعتمد فيها على دراسة بيانات مسح القوى العاملة بالعينة لعام 1990م وكذلك نتائج التعداد السكاني لعام 94م وجد أن حجم الأطفال العاملين في الفئة العمرية 10-14سنة عام 94م يقدر بحوالي 231.655 طفلاً عاملاً وعاملة منهم 51.7% ذكر 48.3% أنثى وتؤكد هذه الدراسة استناداً إلى المصادر الإحصائية الرسمية أن الأطفال العاملين تزايدوا بمعدل نمو سنوي قدره 3% خلال الفترة 91-94م وأصبحوا يشكلون 10.5% من مجموع السكان في الفئة العمرية الموازية، 6.5% من مجموع القوى العاملة الكلية عام 94م ، والتوقعات تشير إلى تزايد هذه الأرقام في الأعوام القادمة.

ثمة أكثر من مؤشر يفضي إلى الاستنتاج بأن هذه الظاهرة من أهم أسباب استغلال الأطفال وإيذائهم فغالباً ما تنتهي بأضرار صحية وبدنية ونفسية لما تحمله من خطورة قد تؤدي أحياناً إلى وفاة الأطفال كما أن الأطفال العاملين يعانون نواقص كبيرة في النمو وبالذات الأنثى بالمقارنة بأقرانهن من تلميذات المدارس وهن أقصر وأخف ويظل حجمهن أصغر بعد البلوغ.

ويحتل عاملا الفقر والبطالة موقعاً رئيسياً بين عوامل هذه الظاهرة نتيجة لمحدودية الدخل ومستوى قيمة السلع والخدمات والتضخم وارتفاع القيمة الشرائية للسلع. وكلما ازداد هذان العاملان في الاتحاد ازدادت الظاهرة في التفاقم لاسيما بعد استكمال تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي وإعادة الهيكلة والبدء في تطبيق سياسة الخصخصة.

لهذا يبدو أن مراجعة وتطوير التشريعات الوطنية وصياغة القوانين المحلية لتسهيل تنفيذها ضرورية خاصة فيما يرتبط بتشريعات العمل التي تحمي الأطفال وخاصة الإناث ، فقانون العمل الحالي رقم 25 لعام 97م لم يقم بتحديد حد أدنى لتشغيل الأطفال خاصة وأن الظروف الاقتصادية تجبرهم على العمل كما لا توجد أحكام قانونية تحمي الأطفال الذين يعملون في الأعمال الصناعية والأعمال ذات الخطورة إضافة إلى عدم وجود نصوص جزائية رادعة للمخالفين الذين يقومون باستغلال الأطفال لمصالحهم المادية.

ومن ناحية أخرى أيضاً يؤدي ضعف مقومات التعليم في المدارس والعلاقة بين المدرسة والأسرة إلى فقدان التوازن في عدم التغلب السريع على مشكلات الأطفال بشكل مبكر، فالتعليم الجيد الذي يتلاءم مع احتياجات الأطفال وأسرهم هو الأداة الأكثر فعالية في نهاية المطاف للقضاء على عمل الأطفال.أما فيما يتعلق بالعمالة في الريف وخاصة العمل في القطاع الزراعي الذي يحتوي على نسبة كبيرة من العاملات نجد أن هذا القطاع بدأ يستخدم فيه المبيدات مما قد يؤدي إلى وفاتهن نتيجة للتعرض لهذه المبيدات فقد أجريت دراسات على الصحة المهنية في البلدان النامية وجدت أن الذين يموتون في المناطق التي تستخدمهذه المبيدات يزيد عن الذين يموتون نتيجة للأمراض الشائعة.

ولاشك أن الواقع أصبح يتطلب الاهتمام بإنتاج بيانات ومعلومات بصورة مستمرة بهد ف التقييم المستمر للأوضاع المرتبطة بهذه الظاهرة وتوجيه شبكات الأمان الاجتماعي للتخفيف من حدتها ومشاركة وسائل الإعلام في التوعية بالأبعاد الاقتصادية والاجتماعية لهذه الظاهرة وآثارها الضارة.

** الطفلة ووسائل الإعلام
لا يمكن إغفال الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام في تنمية ثقافة الطفل حيث أصبحت هذه الوسائل طرفاً مهماً في تشكيل شخصية الأطفال عموماً والطفلة الأنثى بشكل خاص من خلال تزويدهم بالمعلومات والحقائق والخبرات التي تساعد على توسيع مداركهم وعقليتهم وتنمية روح البحث والتفكير والإبداع لديهم وإشباع حاجتهم للتعلم وبالتالي فان الاهتمام بإجراء الدراسات والبحوث عن وسائل الإعلام وأثرها في الطفل ونموه المتكامل لغوياً وفكرياً وأخلاقياً واجتماعياً سيكون له أهمية كبرى إذ أن معرفة الأثر سوف يساعد على النقد الموجه بهدف رفع كفاءة هذه الوسائل والاستفادة الإيجابية منها في حماية الأطفال وتطوير قدراتهم وتفادى الجوانب السلبية لها.

وتفتقر وسائل الإعلام اليمنية إلى التخطيط القائم على معرفة طبيعة الأطفال وحاجاتهم الفعلية من هذه البرامج ويمكن أيجاز أهم المشكلات التي تعاني منها وسائل الإعلام في مجال برامج الطفولة:

* الإعلام المرئي
يواجه الإعلام المرئي معوقات عديدة أهمها:
أ.قلة الإنتاج والجودة لبرامج الأطفال المحلية.
ب.غياب التدريب والتأهيل للكوادر القائمة على هذه البرامج.
ج.ضعف مضمون ومحتوى البرامج التي يمكن أن تساعد في توجيه وتربية الأطفال نتيجة لعدم الوقوف على أسس اختيار البرامج.

د.ضآلة المخصصات المرصودة لإنتاج المواد الإعلامية الموجهة لهذه الفئة وسبل تطويرها.

و.عدم التدقيق الفني والرقابي للمواد الإعلامية المعروضة.

ز.عدم اعتماد هذه البرامج على الدراسات العلمية التي تقوم على معرفة طبيعة الأطفال وخصائصهم وأعمارهم.

ح.غلبة بث البرامج الأجنبية على ما يقدم من برامج محلية ومالها من تأثير في الأطفال من خلال ما تقدمه من مشاهد الخيال والعنف.. وما تعكسه من تناقضات مع القيم لا تلبي حاجات الأطفال أو تربطهم ببيئتهم المحلية وتراثهم.

* الإعلام المقروء
تحتل وسائل الإعلام المقروءة المرتبة الثانية بعد وسائل الإعلام المرئية وان كانت هي الأخرى تصاحبها معوقات شتى أهمها:

أ.غياب الأسس السليمة لاختيار القضايا والموضوعات والمواد العلمية المقروءة التي تساعد على إشباع حاجات النشء للتعلم والاطلاع وتنويع مصادر ثقافاتهم وخبراتهم وتوسيع مداركهم وتنمية ملكات البحث والإبداع.

ب.قلة الصحف والمجلات والكتب الموجهة للأطفال لاسيما صحف للفتيات اللاتي تراعي هذه المواد ميولهن ورغباتهن وحاجاتهن وبوجه خاص الكتب والمجلات الموجهة للفئات الخاصة من المعوقين والمكفوفين وغيرهم.

ج.عدم اهتمام المؤسسات الثقافية الرسمية بوسائل الإعلام المقروءة وافتقار هذه المؤسسات للكتب والدوريات المتخصصة في مجال ثقافة وأدب الطفل.

د.ندرة الكتّاب الفنيين المؤهلين والمتخصصين في الكتابة في هذا الميدان القادرين على إمداد الأطفال بكل ما يلائمهم.

* الإعلام المسموع
يواجه الإعلام في هذا المجال أيضاً جملة من المعوقات لا تختلف كثيراً عن المعوقات التي تعانيها وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والتي يمكن أن تساعد بدورها على جذب محور اهتمام الأطفال بهذا النوع من الوسائل التي قلما يتفاعل الطفل معها مقارنة مع وسائل الإعلام المرئية.

ولكي تضمن وسائل الإعلام عناصر النجاح فأن ذلك يتطلب التخطيط للتنمية الإعلامية والتربوية في إطار متكامل وواعٍ تقوم فيه وسائل الإعلام بترجمة الأهداف التعليمية وتحقيق متطلبات الأطفال وأن تقوم التربية أيضا نفس الدور في تحقيق أهداف الإعلام وذلك من خلال استحداث تخصص لتربية الطفل ضمن مخصصات البرنامج الأكاديمي وجعل مادة خاصة بأثر وسائل الإعلام على الطفل بين مواده التعليمية.

* الطفلة والتسول
بدأت هذه الظاهرة تتزايد في اليمن مع تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للسكان وخاصة بين الفئات الفقيرة أو معدومة الدخل، وهناك دراسة محلية أجريت على الأطفال المتسولين، الجماعات الهامشية في أمانة العاصمة، بينت الظروف المحيطة بهذه الظاهرة وتأثيراتها في الأطفال وخصوصاً الأطفال الإناث لأن وضعهن يتميز بالخصوصية، الأمر الذي يقتضي معه اتخاذ التدابير والسياسات الاجتماعية الملائمة لضمان حفظ حقوق الأطفال الذين يقعون ضحية لهذه الأوضاع المعيشية وبوجه خاص الإناث اللاتي يتعرضن للاعتداء والاستغلال بأنواعه،

وبالمقابل فإن هناك ظاهرة أطفال الشوارع وهي ظاهرة اجتماعية برزت في الآونة الأخيرة في عدد من المدن اليمنية ويعاني منها الأطفال الذين يأتون من أسر مفككة أو أسر معدمة الدخل أو فقيرة أو من أسر تعيلها الأم، وهي ظاهرة يعاني من قسوتها الأطفال من الجنسين إلاّ أنها تبدو أكثر تأثيراً في الأطفال من الإناث وهي تتصل بوجه عام بعدة عوامل متشابكة ومترابطة تتصل بحجم الديون الخارجية للدولة وخفض الإنفاق العام للاستثمارات في قطاع الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية والعوامل المتصلة بالتدريب المهني علاوة على العوامل التي تتصل بالظروف الأسرية لهؤلاء الأطفال المتمثلة في شكل العلاقات الأسرية والحرمان العاطفي والمادي للأطفال، والعنف الأسري والجماعات المرجعية للطفل وهذه الظاهرة شديدة الخطورة على تربية وتوجيه الأطفال ينبغي أن تتصدى لها السياسات الاجتماعية للحيلولة دون تفاقمها ولحماية حقوق الطفل والطفلة وتوفير سبل العيش الكريم لهم دون تمييز.

* الطفلة والتغذية
أشارت عدد من الدراسات العربية أنه ليس ثمة فوارق في تغذية الذكور والإناث خلال فترة الإرضاع إلاّ أن التمايز في تغذية الذكر والأنثى يبدأ بعد الفطام حيث تبدو حالات سوء التغذية -الطفل أو الطفلة- لاسيما حينما يصبح حليب الأم غير كافٍ وتظهر الحاجة إلى إدخال أطعمة إضافية لتلبية حاجياته وفي هذه الفترة يوجه الاهتمام بتغذية الذكر ورعايته صحياً أكثر مما يوجه للطفلة الأنثى مما يعرضها للإصابة بسوء التغذية ويؤثر في صحتها نتيجة لعدم تناول ما يكفي من الغذاء وتمثل حالات سوء التغذية مرادفاً لضعف النمو هذه المشكلة التي تؤثر في وفيات الأطفال.

ولقد أكدت نتائج إحدى الدراسات التي أجريت في عدد من البلدان العربية ذات الدخل المتوسط التأثير السلبي في النمو الناجم عن التغذية السيئة على النمو الفسيولوجي للمراهقات ، وأن معدل النمو البدني للفتيات للفئة العمرية من 10-12 سنة يبلغ مستوى مقبولاً في معظم البلدان العربية إلاّ أن معدل نمو الفتيات ينخفض عن معدل نمو البنين في المناطق الريفية بالبلدان الفقيرة -مثل الجمهورية اليمنية،الصومال، السودان- حيث إن فتيات هذه الفئة العمرية يتميزن بقصر القامة بسبب نقص الطاقة المزمن وضيق الحوض وفقر الدم التغذوي وفي العلاج الصحي الذي تصبح عواقبه وخيمة على النمو الجسمي والارتقاء العقلي والنفسي للطفلة.

وكل تلك المشكلات التغذوية والصحية تأتي نتيجة تجاهل حقوق الطفلة من الناحية التغذوية فتظهر انعكاساتها على سوء حالتها الصحية.

وهكذا فإن حقوق الطفلة ينبغي أن ينظر لها من منظومة متكاملة البنيان يصعب فصلها فهي متشابكة مع حقوق الأم وحقوق الأسرة فإن توافرت لها هذه الحقوق في حدها الأدنى المقبول فإنه يمكن لها أن تعيش حياة سوية أسوة بغيرها من الفئات الاجتماعية وكل ما هو مطلوب منا الدفع بهذه الحقوق إلى مستويات التنفيذ وتوعية الأسرة والمجتمع بأهميتها لما لها من تأثير في حياتها كإنسان.