محكمة النقض المصرية تقر الدماء والأنسجة تعامل معاملة تجارة الأعضاء

أرست محكمة النقض المصرية، مبدأ قضائياَ من خلال حكماَ حديثاَ قالت فيه: «استقر أهل العلم على اعتبار التعامل فى الدم كالأنسجة المتجددة بالجسم مثل الجلد، وبالتالي فإن دماء الإنسان كلما نقصت أو أُخذ منها تجددت تلقائياً وبأصول طبيعية وحسناً فعل المشرع المصري بتجريم الاتجار بالبشر وبتحريم التعامل بأي صورة فى شخص طبيعي بما فى ذلك البيع أو الشراء أوالنقل أوالتسليم أوالإيواء أوالاستقبال وبالطرق المنصوص عليها فيه ومنها استغلال حالة الضعف أو الحاجة».

الطاعن لا تُعد من الأنسجة

المحكمة قالت فى حيثيات الحكم، أنه لما كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الأول أشار إلى أن الدماء لا تُعد من الأنسجة، وكان الحكم المطعون فيه قد نقل عن تقرير لجنة وزارة الصحة عدم اتباع الإجراءات القانونية والأعراف الطبية السليمة بشأن تنظيم عمليات جمع وتخزين الدم ومركباته، وذلك ببنك الدم المركزي بجمعية «….» وبنك دم مستشفى «….»، وكان الدفاع الذي أبداه الطاعن الأول فى الدعوى المطروحة يتضمن المنازعة الجادة فيما إذا كان الدماء من الأعضاء والأنسجة البشرية التي جُرّم الاتجار فيها بالمادة الثانية من القانون رقم 64 لسنة 2010 وقد رد الحكم على هذا الدفاع.

الدفاع: الدم سائل ولا يُقطع من الجسم

وحيث إنه-بحسب الحيثيات- عما أثاره الدفاع من قالة أن الدم سائل ولا يُقطع من الجسم، ومن ثم عدم انطباق أحكام القانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر، فإنه بادئ ذي بدء أن مثار التساؤل هنا هو مدى انطباق عبارة الأنسجة البشرية الواردة فى نهاية المادة 2 من القانون المذكور آنفاً، ومدى اعتبار مدلولها ينطبق على سجلات سحب الدم من الجسم والتعامل فيه بأي صورة من صور التعامل المحظور الواردة بصدر هذه المادة لجريمة اتجار بالبشر.

المحكمة: التعامل فى الدم كالأنسجة المتجددة بالجسم مثل الجلد

فلقد استقر أهل العلم على اعتبار التعامل فى الدم كالأنسجة المتجددة بالجسم مثل الجلد، وبالتالي فإن دماء الإنسان كلما نقصت أو أُخذ منها تجددت تلقائياً وبأصول طبيعية وحسناً فعل المشرع المصري بتجريم الاتجار بالبشر وبتحريم التعامل بأي صورة فى شخص طبيعي بما فى ذلك البيع أو الشراء أو النقل أو التسليم أو الإيواء أو الاستقبال وبالطرق المنصوص عليها فيه ومنها استغلال حالة الضعف أو الحاجة وكل ما أوردته المادة الثانية من القانون المذكور آنفاً ، فضلاً عن أنه لا يعتد برضاء المجني عليه على الاستغلال فى أي من صور الاتجار بالبشر متى استخدمت فيها أي وسيلة من الوسائل المنصوص عليها فى المادة 2 من ذات القانون سواء أكان الرضا صادراً من المجني عليه البالغ أو الطفل أو عديمي الأهلية أو رضاء المسئول عنه أو متولي تربيته-وفقاَ لـ«المحكمة».

قرار رئيس الوزراء رقم 2353 لسنة 2010

فضلاً عما ورد باللائحة التنفيذية للقانون الصادر بها قرار رئيس الوزراء رقم 2353 لسنة 2010 فى عدم التقيد بتحديد أشكال الاتجار بالبشر وذلك لفتح الباب أمام أية أفعال أخرى تتوافر فيها أركان جريمة الاتجار وعدم الاعتداء برضاء الضحية «المجني عليه» على الاستغلال وعدم معاقبته عن أي جريمة نشأت أو ارتبطت مباشرة بكونه ضحية، وعليه فإن المحكمة تعتبر بأن عبارة «الأنسجة» ضمنها الدماء المحظور الاتجار فيها بصورة التعامل الواردة بذلك القانون ) .

المحكمة أكدت أنه لما كان ذلك، وكان الدفاع الذي أبداه الطاعن فى الدعوى المطروحة – على ما سلف بيانه – يعد دفاعاً جوهرياً لتعلقه بالدليل المقدم فيها والمستخدم من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير لجنة وزارة الصحة وهو دفاع قد ينبني عليه – لو صح – تغيير وجه الرأي فى الدعوى ، مما كان يقتضى من المحكمة، وهى تواجه مسألة تحديد عما إذ كانت الدماء تُعد من الأنسجة البشرية التي جُرّم الاتجار فيها بالمادة الثانية من القانون رقم 64 لسنة 2010 – وهى مسألة فنية بحتة – أن تتحذ ما تراه من الوسائل لتحقيقها بلوغاً إلى غاية الأمر فيها بتحقيق هذا الدفاع الجوهري عن طريق المختص فنياً أما وهى لم تفعل، فإن حكمها يكون معيباً بالقصور.

فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع ولا يرفع هذا العوار ما أورده الحكم من رد قاصر لا يُغني فى مقام التحديد لأمر يبطله ذلك، وأنه وإن كان الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة فى تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث، إلا أن هذا مشروط بأن تكون المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحتة التي لا تسطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقاً لإبداء الرأي فيها – كما هو واقع الحال فى خصوصية الدعوى المطروحة – .

لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعن الأول دون حاجة لبحث باقي أوجه طعنه .

(الطعن رقم 14764 لسنة 83 جلسة 2014/06/05 س 65 )

إعادة نشر بواسطة محاماة نت