التستر في مرمى الإقامة المميزة

لاشك بأن وزارة التجارة ضمن مستهدفاتها ٢٠٢٠م وأحد مبادرات برنامج التحول الوطني قد صبت جهدًا ضخمًا في سبيل مكافحة التستر التجاري؛ وليقينها بكون الأمر أصبح مسألة أمن قومي ضمّنت في توصياتها – المنطوية على البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري والمتوج بموافقة المقام السامي – العمل التكاملي مع الجهات المعنية ممثلةً بمؤسسة النقد ودورها في الرقابة على مصادر الأموال وضبط كافة المعاملات المالية، ومرورًا بهيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة ومسؤوليتها في تطوير الحلول التمويلية لتمكين السعوديين من دخول القطاعات التي يتسنم عرشها الأجانب، ومايقع على عاتق وزارة العمل بالمضي قدمًا في مسألة توطين الأنشطة خصوصًا تلك التي يغلب فيها التستر.

كما إن إلزام الهيئة العامة للزكاة والدخل المتاجر ومنافذ البيع بحفظ وإصدار الفواتير الإلكترونية يعد أحد دعائم البرنامج ويعزز من الرقابة الكلية من خلال الدفع الغير نقدي، وانتهاءً عند دور وزارة الشؤون البلدية والقروية في تطوير ورفع مواصفات منافذ البيع، وتعزيز الهيئة العامة للإستثمار الجانب الإستثماري لغير السعوديين وفق نظام الإستثمار الأجنبي.

واليوم تتكامل كل هذه الجهود وتترابط أوتارها مع صدور”نظام الإقامة المميزة” وهو النظام الذي وعد به سمو سيدي ولي العهد في ابريل ٢٠١٦م الماضي حين تحدث عن نظام “قرين كارد سعودي” يستقطب الأجانب أصحاب الكفاءات النوعية وذوي الملاءات المالية.

وسيكفل هذا النظام للأجانب تملك العقارات لأغراض سكنية أو تجارية أو صناعية في كافة بقاع المملكة عدا المناطق الحدودية؛ وخوّل لهم النظام ملكية الإنتفاع للعقارات الواقعة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، كما أجيز لحامل البطاقة ممارسة العمل التجاري وفقًا لنظام الإستثمار الأجنبي.

وكل هذه المزايا تستهدف إقتصاد نوعي تكون روافده الغير نفطية ركيزة يستند عليها، حيث أن النظام يلزم حاملي البطاقة على دفع مقابل مالي لقاء التمتع بمزاياه، ومن شأن السماح لهم بمزاولة التجارة أن يحد من تحويل الأموال للخارج وبالتالي إعادة ضخها في سوقنا السعودي من جديد، كما وأنه سيكبح جماح مآثر التستر التي قدرت خسائره بنحو ٤٠٠ مليار ريال سنويًا، ليرفع من كفاءة المنتجات والخدمات من جهة ويخلق وظائف جديدة من جهة أخرى.

وليحقق النظام أهدافه التنموية لابد من تعزيز الرقابة الرصينة التي تمنع المقيم المميز من تجيير شركته لمصلحة أبناء جلدته من خلال فتح نافذة السعودة الوهمية، أو تذرع الشركات الوطنية بالكفآءة النوعية لتوظيف الأجانب على حساب السعوديين.

وعلى كل فرد إدراك أن هذا النظام لايهدد عمل السعودي ولاتجارته؛ إنما يحمل في طياته عائد خير على الوطن والمواطن، ولولا ذلك لما اعتمد نظام القرين كارد في أميركا والبلو كارد في أوروبا والذي ساهم على وجه التحديد في رتق احتياجات الاقتصاد الألماني.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت