تردد المستهلك في مقاضاة التاجر

د. منال السيد

صدر قانون حماية المستهلك بموجب القانون رقم 35 لسنة 2012 لينظم العلاقة بين المستهلك والتاجر مقدم السلعة أو الخدمة في سبيل حماية المستهلك قبل وبعد التعاقد. أناط القانون المذكور بإدارة حماية المستهلك تلقي شكاوى المستهلكين، وللإدارة في سبيل ذلك أن تسعى لتسوية النزاع بين الطرفين بشكل ودي. غير أن المشكلة تظهر إذا ما ثار بين المستهلك والتاجر نزاع لا يتعلق بمخالفة جنائية لأحكام القانون، وعجزت إدارة المستهلك عن رفع الضرر من على المستهلك وديا، هنا يتوقف دور إدارة حماية المستهلك، فهي لا تملك سلطة تمثيل المستهلك أمام القضاء.

نظريًا، يمكن القول إن للمستهلك المتضرر رفع دعوى ضد التاجر، ولكن من الناحية العملية فإن ذلك نادر الحدوث. فالمنازعات هذه غالبًا من يكون موضوعها مبالغ قليلة نسبيًا، لو رفعت في سبيلها دعوى فإن النفقات بما فيها الحاجة لتوكيل محامي ستكون أكثر بكثير من قيمة المطالبة.

فمن ناحية، لم يمنح القانون -كما هو في بعض الدول- للمستهلكين حق رفع دعوى جماعية ضد التاجر، حيث تسمح هذه النظم للأفراد وعادة ما يكونون من شريحة المستهلكين مقاضاة التاجر. وتحقق الدعوى الجماعية للمستهلك عدة فوائد، أهمها تمكينه من تحريك الدعوى في القضايا التي لا تعود عليه بالفائدة إذا ما قورنت بالوقت والتكلفة التي سيتكبدها لمقاضاة التاجر بدعوى مستقلة. فعلى سبيل المثال، تقدم مجموعة من العملاء ضد أحد المصارف الأمريكية الضخمة (تشيس مانهاتن) مدعين إلزامهم بدفع فوائد تأخيرية رغم سدادهم في الميعاد. وقد كان المبلغ الذي دفعه كل عميل يعد رمزيا (أقل من 50 دولارًا للعميل الواحد)، في حين قضت المحكمة للعملاء بتعويض يفوق 22 مليون دولار أمريكي.

من ناحية أخرى، لم يمنح القانون للشخصيات الاعتبارية التي تمثل مصالح المستهلك مثل إدارة حماية المستهلك أو جمعيات حماية المستهلك حق رفع دعوى نيابة عن المستهلكين، وهو ما كان سيجعل دور هذه الجهات أكثر فاعلية في بسط الحماية على المستهلكين. وتنص العديد من قوانين المستهلك على منح جهة اعتبارية معينة سلطة تمثيل المستهلكين أمام القضاء، فقد منح قانون حماية المستهلك الإماراتي إدارة حماية المستهلك سلطة تمثيل المستهلك أمام القضاء. واعتنقت قوانين أخرى اتجاه مماثل كالقانون الفرنسي والمصري.

ويتجه مجلس النواب حاليًا للموافقة على مشروع قانون خليجي موحد لحماية المستهلك والذي سيستبدل بالقانون الحالي لو تمت الموافقة عليه، وبهذا الصدد، نأمل أن يمنح القانون الجهات المذكورة أعلاه سلطة تمثيل المستهلكين أمام القضاء مما يكفل حماية أكبر وأشمل للمستهلكين.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت