مفهوم التحكيم التجاري الدولي

ذو علاقة بإجابة على:ماهية و خصوصية التحكيم التجاري الدولي
بواسطة باحث قانوني
مفهوم التحكيم التجاري الدولي

لقد اتسم مفهوم التحكيم التجاري الدولي ، كطريقة لحل النزاعات في البداية بالبساطة ، ذلك أن المفهوم قد ظهر في المؤسسات القانونية البدائية ثم استمر بعد إنشاء القضاء من طرف الدولة بسبب إرادة أطراف النزاعات تفادي الشكليات و الإجراءات التي يتسم بها القضاء .[2] و تكريس حق اللجوء إلى التحكيم ، لا يعني بأي حال من الأحوال الاستخفاف بالمؤسسة القضائية و تجاهل دورها الفعال في تكريس العدالة ، و إنما يندرج في سياق البحث عن طريقة لفض النزاعات بشكل أفضل .[3]

كما يكفل التحكيم الاقتصاد في النفقات ، و الخبرة الفنية في المنازعات محل التحكيم ، إذ يتيح للخصم انتفاء المحكمين ممن لديهم الخبرة الكافية و التكوين المهني ، بدلا من عرضه على القضاء الذي قد يلجأ إلى الاستعانة بأهل الخبرة في مسائل التجارة الفنية ، و بذلك يتفادى طول الإجراءات ، و يؤدي إلى اختصار السبل لحل النزاع .[4]

التعريف الاصطلاحي للتحكيم

هناك من يعتقد أن التحكيم ما هو إلا بديل لتسوية المنازعات ، و منطقنا في ذلك بسيط للغاية و هو أن التحكيم شكل بديل للمتقاضي ، و لا يمكنك أن تستخدم كلا من التحكيم و التقاضي في حل نزاع و علاوة على ذلك فإن حكم التحكيم في كثير من الحالات يصدر و ينفذ دون مساندة من المحكمة[5]

لا يقوم التحكيم على عمل قانوني واحد ، و لكنه مؤسس على مجموعة من الأعمال القانونية المترابطة و التي يختلف كل منها عن الآخر .[6]

فالتحكيم إذن طريقة تختارها الأطراف لحل النزاعات التي تنشأ عن العقد عن طريق النزاع ، على هيئة تحكيمية للبت فيه دون اللجوء إلى القضاء ، وهذا لا يعني المساس باختصاص القضاء الرسمي و إنما يمنعه من النظر في الدعوى ما دام شرط التحكيم قائما ، فإذا زال الشرط زال المنع .[7]

عرفته المادة 1039 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجزائري الصادر سنة 2008 على أنه : ” يعد التحكيم دوليا ، بمفهوم هذا القانون ، التحكيم الذي يخص النزاعات المتعلقة بالمصالح الاقتصادية لدولتين على الأقل .”[8]

و على الرغم من أن إرادة أطراف العقد أو النزاع هي التي تنشىء اتفاق التحكيم إلا أنها لا تنشىء التحكيم ذاته ، حيث أن إجازة التحكيم تتطلب نص المشرع على تلك الإجازة محددا لنطاق التحكيم بمعنى تحديد المسائل التي يجوز أو يحظر فيها التحكيم ، إضافة لضرورة تحديد التشريع لكيفية تنفيذ أحكام المحكمين و الطعن عليها [9].

نظام التحكيم ينشأ عن إرادة الأطراف المحكمين ” أطراف الاتفاق على التحكيم ” و هذه الإرادة هي التي تخلقه ، و هي قوام وجودها و بدونها لا يتصور أن يخلق أو يكون ، و على اختلاف مذاهبها و اتجاهاتها إتفاق الاطراف المحتكمين .[10]

تعمل إرادة الأطراف المحتكمين ” أطراف الاتفاق على التحكيم ” في إطار إرادة النظام القانوني الوضعي و هذه الإرادة تضل ساكنة إلى أن تحركها إرادة الأطراف المحتكمين و التي تدور في فلكها و لا تحيد عنها و التي تتجلى في الاتفاق على التحكيم ، شرطا كان أم مشارطة .[11]

شرط التحكيم هو اتفاق تابع لعقد معين يذكر في صلبه . أما مشارطة التحكيم قد يكون بمناسبة نزاع معين قائم بالفعل بين الخصوم .[12]

إن انتشار التجارة و الحاجة إلى تبادل السلع و الخدمات لا سيما المعاملات التجارية الدولية أدى إلى شيوع و انتشار شرط التحكيم من الناحية العملية على مستويين الداخلي و الدولي و بالتالي لا يكاد يخلو أي عقد من عقود التجارة و الاستثمار الدولية من شرط تحكيم مضمونة إحالة المنازعات التي قد تنشأ بسبب تنفيذ العقد الأصلي ، و لقد زادت الحاجة إلى اللجوء إليه بسبب التطور الهائل الذي طرأ على التجارة الدولية و الاستثمارات و الذي انعكس بدوره على التحكيم و انتشاره .[13]

بواسطة باحث قانونى

نشأة و تطور التحكيم التجاري الدولي