أعضاء المجلس الانتقالي المؤقت وتولي الوظائف العامة

د . سعد العسبلي

المستشار بالمحكمة العليا

اطرابلس / ليبيا

أثير في الأونة الأخيرة مسالة الجمع بين عضوية المجلس الأنتقالي وتولي الوظائف العامة؛ وهل يجوز قانونا الجمع بين الأمرين؟

فى البداية لابد من الأشارة الى بيان المقصود بالموظف العام في القانون الليبي حيث نجد القانون قد أورد تعريفا له في العديد من المواضع منها:

أولا:. المادة السادسة عشر من قانون العقوبات على انه (يقصد بالعبارات التالية في القانون الجنائي المعاني الأتية _ الموظف العمومي هو كل من أنيطت به مهمة عامة في خدمة الحكومة أو الولايات أو الهيئات العامة الأخرى سواء كان موظفا أو مستخدما دائما أو مؤقتا براتب أو بدونه ؛ ويدخل في ذلك محررو العقود والأعضاء المساعدون في المحاكم والمحكمون والخبراء والترجمة والشهود أثناء القيام بواجباتهم)

ثانيا:. كما أفصحت المادة الثانية من قانون الجرائم الاقتصادية رقم 2 لسنة 1979م عن بيان المقصود بالموظف العام في نظام تطبيق أحكام هذا القانون حيث يقصد بالموظف العام في تطبيق أحكام هذا القانون أو الهيئات او المؤسسات العامة أو الاتحادات أو النقابات أو الروابط أو الجمعيات أو الهيئات الخاصة ذات النفع العام أو الشركات التي تساهم في رأس مالها هذه الجهات سواء كان عضوا أو عاملا دائما أو مؤقتا بمقابل أو دون مقابل ويدخل في ذلك محررو العقود والمحكمون

ثالثا:. أما القانون رقم 12 لسنة 2010 بشان اصدار قانون علاقات العمل فقد عرف الموظف العام بأنه (كل من يشغل احدى الوظائف بملاك الوحدة الادارية) في حين بين المقصود بالوظيفة العامة بانها مجموعة من الاختصاصات والواجبات والمسئوليات والصلاحيات لها رقم بملاك الوحدة الادارية _ وهو ذات التعريف الذي جاء بنص المادة 2 من القانون رقم 55 لسنة 1976 م بشأن الخدمة المدنية الملغى.

في حين أن الوحدة الادارية تعني كل وزارة او مصلحة عامة او جهاز قائم بذاته او بلدية أو هيئات عامة أو مؤسسة عامة.

“المجلس الانتقالي كسلطة عليا:. اعتبرت المادة السابعة عشرة من الاعلان الدستوري المؤقت الصادر بتاريخ 3/8/2011 م المجلس الانتقالي (أعلى سلطة في الدولة الليبية) ويباشر أعمال (السيادة العليا) بما في ذلك التشريع ووضع السياسة العامة للدولة وهو الممثل الشرعي الوحيد للشعب الليبي يستمد شرعيته من ثورة السابع عشر من فبراير وهو المؤتمن على ضمان الوحدة الوطنية وسلامة التراب الوطني وتجسيد القيم والأخلاق ونشرها وسلامة المواطنين والمقيمين والمصادقة على المعاهدات الدولية واقامة اسس الدولة المدنية الدستورية الديمقراطية!!

ومن خلال هذا النص فان المجلس الانتقالى يمثل السلطة التشريعية التي تضع التشريع وترسم السياسة العامة للدولة وبالتالي فهو ليس بسلطة تنفيذية التي تتمثل وفقا لنص المادة 26 من الاعلان الدستوري في الحكومة المؤقتة التي تتولى تنفيذ السياسة العامة للدولة وفق ما يرسمه المجلس الانتقالي المؤقت كما تتولى الحكومة المؤقتة تقديم مشروعات القوانين.

هل يجوز الجمع بين عضوية المجلس وتولي الوظائف العامة؟

الاعلان الدستوري المؤقت نص بشكل صريح وقاطع على عدم جواز الجمع بين عضوية المجلس الانتقالي المؤقت وتولي الوظائف العامة حيث نصت المادة 21 منه على انه (لا يجوز الجمع بين عضوية المجلس الانتقالي المؤقت وتولي الوظائف العامة؛ وكذلك الجمع بين المجلس الانتقالي المؤقت وعضوية المجلس المحلي)

وبالتالي فانه لا يجوز لأعضاء المجلس الانتقالي أن يجمعوا بين عضوية المجلس والوظيفة العامة وعلى راسها الوزارة الا اذا قدم استقالته من عضوية المجلس؛ ولم يستثني الاعلان أي احد من أعضاء المجلس الانتقالي.

ولقد كان الاعلان الدستوري دقيقا في اختيار مصطلح (الجمع) والذي يعني أن للشخص أن يكون عضوا بالمجلس أو أن يكون موظفا عاما ولا يجوز أن يجمع بينهما؛ والسبب في ذلك _ حيث رأى _ أن المجلس الانتقالي كما أفصح عنه الدستور يمثل السلطة التشريعية في حين أن الوظائف العامة تمثل السلطة التنفيذية وفي الجمع بين السلطتين أعتى صور الديكتاتورية ولذلك فان المنطق عدم الجمع بين السلطتين حتى وان لم ينص الاعلان الدستوري على ذلك.

هذا وبالاضافة الى ما سبق فانه لا يجوز لعضو المجلس الانتقالي:

1 _ لا يجوز لعضو المجلس الانتقالي أن يعين في مجلس ادارة شركة ا وان يسهم في التزامات تعقدها الحكومة أو احدى المؤسسات العامة.

2 _ لا يجوز لعضو المجلس أو زوجته أو أبنائه (أثناء مدة عضويته) أن يشتري أو يستأجر شيئا من ممتلكات الدولة.

3 _ لا يجوز لعضو المجلس أو زوجته أو أبنائه (أثناء مدة عضويته) أن يؤجر ممتلكات الدولة أو يبيعها شيئا من ممتلكاته أو يقايضها عليها.

4 _ لا يجوز لعضو المجلس الانتقالي أن يبرم مع الدولة عقدا بوصفه ملتزما أو موردا أو مقاولا.

وقد يثار في هذا الجانب مسألة القول بان جل أعضاء المجلس الانتقالي من الموظفين العموميين _ والتفسير الصحيح لنص المادة 21 من الاعلان الدستوري انه يحظر عليهم القيام بأعمال وظائفهم (طيلة فترة عضويتهم بالمجلس الانتقالي) الا اذا استقالوا من عضوية المجلس _ والغرض من ذلك ضمان الحياد.

والخلاصة انه لا يجوز لعضو المجلس الانتقالي الجمع بين عضوية المجلس وتولي الوظائف العامة وعلى رأسها رئاسة الوزراء باعتبارها احدى الوظائف العليا.