محكمة الأسرة المصرية تحكم بالخلع بين زوجين أقباط أرثوذكس

أصدرت محكمة كوم حماده لشئون الأسرة، حكماَ فريداَ من نوعه بالخلع بين زوجين أقباط أرثوذكس في أقل من 6 أشهر، وذلك بعد تغييرها لطائفتها وانضمامها إلى الطائفة المارونية قبل رفع الدعوى.

صدر الحكم فى القضية المقيدة برقم 1591 لسنة 2019 أسرة كوم حماده، لصالح المحامي أبانوب سعيد، برئاسة المستشار السيد ثروت، وعضوية المستشارين عبد العزيز صالح، ومحمد سلامه، ووكيل النيابة عمرو بيومى، والخبير الاجتماعى داليا شلبى، والخبير النفسى رشا داود، وسكرتارية نوار الرامى.

تخلص وقائع الدعوى فى أن المدعية قد عقدت لواء الخصومة فيها بصحيفة موقعه من محام أودعت قلم الكتاب بتاريخ 12 يوليو 2019 ومعلنة قانوناَ طلبت فى ختامها الحكم لها بتطليقها من المدعى عليه طلقة بائنة خلعاَ مع إلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.

وذلك على سند من القول أن المدعية هي زوجة للمدعى عليه طبقا لشريعة الأقباط الأرثوذكس وبصحيح العقد الكنسي المؤرخ في 13 يناير 2004، وقد انضمت المدعية إلى الطائفة السريان الأرثوذكس وتمارس واجباتها الزوجية حسب قوانين الكنيسة السريانية الأرثوذوكسية بالقاهرة، ولما كانت الحياة مع المدعى عليه قد ساءت وبغضت الحياة معه ولا سبيل إلى الاستمرار في الحياة الزوجية بينهما، وطبقاَ للقانون في حالة اختلاف الملة أو الطائفة الزوجية تطبق الشريعة الاسلامية، وطبقاَ للمادة 20 من القانون رقم 1 لسنة 2000 يحق للمدعية إقامة دعواها للقضاء لها بالطلبات الواردة بالصحيفة.

وتداولت الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها ومثل طرفا التداعي كلا بوكيله وحضرت المدعية بشخصها وصممت على طلبها تطليقها خلعاَ من المدعى عليه وتنازلها عن حقوقها القانونية قبله وقد أجابها المدعى عليه بوكيله إلى طلبها وسلم بالطلبات وأقرا الطرفين بتراضيهما على الخلع، والمحكمة والنيابة فوضت الرأي للمحكمة والتي قررت حجز الدعوى للحكم.

المحكمة في حيثيات الحكم قالت إنه عن موضوع الدعوى فإن المحكمة تمهد لقضائها بأنه من المقرر أن الشريعة الاسلامية وجوب تطبيقها في مسائل الأحوال الشخصية للمصريين المسلمين وغير المسلمين مختلفي الملة أو الطائفية اتحادهما في الملة والطائفة، وجوب تطبيق الشريعة الطائفية، معتبر الطائفة أو الملة أمر يتصل بحرية العقيدة، إلا أنه عمل إرادي من جانب الجهة الدينية المختصة، ومن ثم فهو ينتج أثره إلا بعد الدخول في الملة أو الطائفة الجديدة التي يرغب الشخص في الانتماء إليها بقبول طلب انضمامه إليها وإتمام الطقوس والمظاهر الخارجية الرسمية المتصلة، مما مقتضاه وجوب أن يكون للطائفة أو الملة وجود قانوني معترف به من الدولة، ورئاسة دينية معتمدة من حقها الموافقة على الانضمام والتحقق من جديته.

فضابط الإسناد في تحديد القانون الواجب التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية للمصريين هو الديانة، بحيث تطبق الشريعة الاسلامية على كل المسلمين وغير المسلمين المختلفين في الملة أو الطائفة، وتطبق الشريعة الاسلامية على غير المسلمين المتحدي الملة والطائفة.
ولما كان الثابت أن المدعية قد أقامت دعواها الماثلة بغية القضاء لها بتطليقها من المدعى عليه للخلع على سند من بغضها للحياة معه وتغييرها لطائفتها وانضمامها إلى الطائفة المارونية قبل رفع الدعوى، وذلك بتاريخ 16 يوليو 2002، ولما كان طرفي التداعي غير متحدى الطائفة ومن ثم يكون القانون الواجب التطبيق هو الشريعة الاسلامية – ولما كان ذلك – وكان المقرر قانوناَ وعلى ما جرى به نص المادة 20 من القانون 1 لسنة 2000 بشأن تنظيم أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية أنه: “للزوجين أن يتراضيا فيما بينهما على الخلع، فان لم يتراضيا عليه وأقامت الزوجة دعواها بطلبه وافتدت نفسها وخلعت زوجها بالتنازل عن جميع حقوقها المالية والشرعية وردت عليه الصداق الذى أعطاه لها، حكمت المحكمة بتطليقها عليه.

ولا تحكم المحكمة بالتطليق للخلع إلا بعد محاولة الصلح بين الزوجين، وندبهما لحكمين لموالاة مساعي الصلح بينهما خلال مدة لا تجاوز 3 أشهر، وعلى الوجه المبين بالفقرة الثانية من المادة 18 من القانون رقم 1 لسنة 2000 والفقرتين الأولى والثانية من المادة 19 من ذات القانون، وبعد أن تقرر الزوجة صراحة أنها تبغض الحياة مع زوجها وأنه لا سبيل لاستمرار الحياة الزوجية بينهما وتخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض.

ويقع الخلع في جميع الأحوال طلاق بائن، والخلع عند الأحناف أزاله ملك النكاح المتوقفة على قبول الزوجة بلفظ الخلع أو ما معناها وهو أيضاَ يعرف عندهم بإزالة ملك النكاح ببدل الخلع، والأصل في الخلع أن يتم بالتراضي بين الزوجين فان لم يتفقا عليه، ويشترط في دعوى الزوجة بطلب الخلع حسب نص المادة 20 من القانون رقم 1 لسنة 2000 ألا يكون هناك تراض بين الزوجين على الخلع، وأن تقدم الزوجة عوضاَ عن الخلع.

ولما كان ما تقدم – وكان الثابت من الأوراق ان المدعية قد أقامت دعواه الماثلة بغية القضاء لها بتطليقها خلعاَ من زوجها المدعى، وذلك لبغض الحياة معه وتغييرها لطائفتها وانضمامها للطائفة السريان الأرثوذكس قبل إقامة دعواها، وكان من المقرر وعلى نحو ما أسلفنا أنه في حالة إذا كان طرفي التداعي فى دعوى التطليق من غير المسلمين ومختلفي الملة أو الطائفة، فيجب تطبيق الشريعة الاسلامية في مسائل الأحوال الشخصية.

وكانت المدعية قد حضرت بشخصها وصممت على طلبها بالخلع لانضمامها لطائفة أخرى تختلف عن الطائفة التي يتبعها المدعى عليه، وقدمت المستندات الدالة على انضمامها إلى الطائفة السريان الأرثوذكس وتمارس واجباتها الروحية حسب قوانين الكنيسة السريانية الأرثوذكسية بالقاهرة، وحيث أن المحكمة تدخلت ببذل الجهد اللازم لمحاولة الاصلاح بين الطرفين بيد أنها لم تنجح في مساعيها، ومن ثم تقضى المحكمة للمدعية بخلعها وفق منطوق قضائها.

يشار إلى أن المحاكم تنظر آلاف القضايا في ملف الأحوال الشخصية لغير المسلمين وترفض الكنيسة تطليق الحاصلين على أحكام طلاق من المحكمة، لأسباب غير علة الزنا، والذى اقتصر عليه الطلاق منذ عام 2008 حين ألغى البابا شنودة لائحة 1938 التي كانت تتيح ثمانية أسباب لطلاق الأقباط.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت