التهديد والتشهير والابتزاز.. عبر الإنترنت

بقلم : رياض الصانع
لا شك أن القرن الحالي يشهد تطورا غير مسبوق في تنوع الجرائم بأشكالها المختلفة فضلا عن طرق ارتكابها ولعل السبب في ذلك يرجع الى تطور وسائل الاتصالات عبر البلدان فيما يسهل من ارتكاب جرائم بواسطتها وهذه الجرائم هي ما يعبر عنها بجرائم الالفية الثالثة لما لها من تطور في اشكالها وتنوع طرق ارتكابها لذلك اصبح من اللازم العمل على مواجهة تلك الظاهرة لمواجهة ما تكشف وقوعه في العمل من اساءة استخدام بعض ضعاف النفوس لاجهزة الاتصالات وغيرها من وسائل في تصوير الاشخاص والاحداث المتعلقة بهم بغير رضاهم قاصدا من ذلك الاساءة اليهم والتشهير بهم او ابتزازهم او تهديدهم ولعل ما دفعني الى سردي ما سلف بيانه، ما قرأته في احدي الصحف اليومية ان مكافحة الجرائم الالكترونية تمكنت من إلقاء القبض علي وافد عربي اثر ارتكابه جرائم ابتزاز وتشهير بأعراض الناس عبر مواقع التعارف الالكترونية وقد بدأت تفاصيل تلك الواقعة بان وردت معلومات الى مدير عام ادارة العامة للمباحث الجنائية تفيد وجود وافد عربي يمارس نشاطه في ابتزاز

وتهديد الاشخاص من نساء ورجال عن طريق مواقع التعارف المختلفة وقد بلغ عدد الضحايا المسجلة نحو 40 قضية من 200 شخص وفور تلقي المباحث الجنائية لهذه الوقائع التي تراوحت مدتها لسنتين بعمل التحريات اللازمة حول الوقائع ودلت التحريات على قيام الوافد العربي بتصوير ضحاياه عراة من نساء وسيدات عن طريق مواقع التعارف المختلفة حيث يطلب منهم مبالغ مالية بعد ابتزازهم والجديد في الوقائع هذه ان الوافد العربي كان يستخدم وسائل التخفي (البروكسي) وكذلك ارقام هواتف غير مسجلة وتبين لرجال المباحث ان الوافد يتزعم شبكة عربية اعضاؤها من نساء ورجال هم خارج الكويت ودلت التحريات انه نتج عن القضايا المسجلة العديد من حالات الطلاق والمشاكل الاسرية فضلا عن الاضرار النفسية،

وتم القبض على الوافد الذي اعترف بأنه يدعي انه فتاة اثناء الحديث وبعدها يقوم بدعوة من يتحدث معه لاجراء محادثة فيديو ويطلب منهم ان يقوموا بعرض اجسادهن امامه او التعري ويقوم خلال المحادثة بتسجيل لقطات فيديو للضحية ثم يطلب منهن بعد ذلك ارقام هواتفهن ثم يقوم بتهديدهن على ان يقمن بدفع مبلغ يحدده لهن من الف الى الف وخمسمائة دينار كويتي واشار في اعترافه الى انه كان لا يتسلم تلك المبالغ باليد بل كانت تحول له على حساب بنكي في احدى الدول العربية وكان يركز اعماله في الكويت مشيرا الى انه ابتز نحو 200 شخص بهذه الطريقة هذه هي الواقعة التي قرأتها واقشعر وجداني واردت ان انبه الجمهور والأسر لها وان اطل عليها من منظار قانوني بتجريمها وإلقاء الضوء عليها

فالمشرع في القانون 9 لسنة 2001 شأن اساءة استعمال اجهزة الاتصالات الهاتفية والمعدل بالقانون رقم 40 لسنة 2007 قد افرد نصا (اولى مكرر) بمعاقبة كل من تعمد الاساءة والتشهير بغيره عن طريق استعمال اجهزة الاتصالات بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين ثم شدد العقوبة بجعلها الحبس مدة لا تتجاوز الخمس سنوات اذا اقترنت الأفعال السابقة (وهي الإساءة باستعمال اجهزة الاتصالات) بالتهديد او الابتزاز او تضمن استغلال الصور بأي وسيلة في الاخلال بالحياء او المساس بالاعراض ولم يقف المشرع عن حد هذه العقوبة بل وضع عقوبة تكميلية وهي مصادرة الاجهزة ووسائل الاتصالات او غيرها مما تكون قد استخدمت في ارتكاب الجريمة عملا بالمادة الاولى من القانون 40 لسنة 2007 بشأن تعديل احكام قانون 9 لسنة 2001 بشأن إساءة استعمال أجهزة الاتصالات الهاتفية واجهزة التصنت، وحكمة المشرع في ذلك واضحة جلية وهي محاربة هذه الجرائم التي اصبحت

وبحق سمة من سمات المجتمع الحديث بل ونقول من جرائم هذا العصر لما لها من نشر الفساد والمساس بالحياء العرضي لمجتمعنا وهي من الجرائم التي لها آثار خطيرة جدا على الفرد والأسرة والمجتمع ولا يمكن ان تنطلي على مجتمعنا، وانوه انه بالنسبة لافراد الشبكة والتي يتزعمها هذا الوافد العربي فانها تخضع للقانون الجزائي باعتبارهم شركاء له في ارتكاب هذه الجريمة وبالتالي يستحقون عقابها عملا بالمادة 11 فقرة 2 من قانون الجزاء والتي تنص على «وتسري على كل شخص يرتكب خارج اقليم الكويت فعلا يجعله فاعلا اصليا او شريكا في جريمة وقعت كلها او بعضها في اقليم الكويت»

وهو ما يستتبع تحديد اسماء وهوية افراد تلك الشبكة واصدار مذكرة توقيف دولية عن طريق الانتربول الكويتي وبالتعاون والتنسيق مع نظرائه في تلك الدول حيث انهم شركاء للوافد العربي في الجريمة التي ارتكبها في دولتنا الأمر الذي يستتبع معاقبتهم عن ذلك الفعل فضلا عن ابعاد الوافد العربي عن البلاد عملا بالمادة 79 من قانون الجزاء وذلك بعد قضائه فتره العقوبة، وفي النهاية لا يسعني الا ان اثني علي جهاز الشرطة ممثلا في ادارة الجرائم الالكترونية علي هذا الجهد الرامي الى الحد من جرائم التقنية الحديثة وتنقية المجتمع منها قدر المستطاع ولهذا فاني اطالب وزير الداخلية بصفته بضرورة الاعتناء بهذا الجهاز وتطويره وإدخال شباب فنيين متخصصين في مجال التقنيات الحديثة لمواكبة سرعة التطور التكنولوجي وتضييق الخناق على من يحاول استغلالها في ارتكاب الجرائم والحد من آثارها الإجرامية السيئة على المجتمع حتى تظل الكويت وجهازها الامني مصدر عز وفخر.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت