التهديد والابتزاز والاستفزاز أبرز الدوافع للجريمة

لقد تحدثت بعفوية عن معدل ارتفاع الجرائم الإلكترونية، في لقاء تلفزيوني، مع بدء العمل في تطبيق أحكام قانون رقم ٦٣ لسنة ٢٠١٥، بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، حيث ذكرت أنها قد تصل خلال سنوات الى عشرات الآلاف. وفي آخر احصائية نُشرت، بلغ عدد الجرائم الإلكترونية ١٤٠٠ قضية، وجرت محاكمة ٥٠٠ متهم في غضون أشهر قليلة مضت على دخول القانون حيّز التطبيق، ولعل لنا هنا إشارة قد تكون بعض القضايا رُفعت بدافع الكيدية أو التشهير والمساس بكرامة الأشخاص، أو على وقع خادش للشرف والاعتبار أو السمعة،

وهذه الاتهامات تدور حول مفهوم الناس لمعنى فلسفة الحق في التقاضي، وتنهي أحياناً روابط التسامح والعفو عن الزلات، والتسامي عن بعض الآلام النفسية والمعنوية، التي تتكبدها عناء كلمة طائشة في مواقع التواصل الاجتماعي، مما يعيدنا إلى بعض ما طرحناه مسبقاً في مقالات عدة. قانون الوحدة الوطنية في تحريك الدعوى هل هو قانون يعزز مفهوم «المحتسب»، وذلك لخروجه عن القواعد العامة في تحريك الشكوى، التي نص عليها قانون الجزاء في المادة ١٠٩ إجراءات، لتضع على سبيل الحصر الجرائم التي يشترط فيها شكوى المجني عليه، منها السب والقذف وإفشاء الأسرار والابتزاز، الى آخر المادة!

في ما يخص تجريم إثارة الكراهية أو الدعوة الى إثارة الفتن الطائفية أو القبلية أو العرقية في أي وسيلة تعبير يفترض كأصلٍ عامٍ صفة الشاكي تكون للأمين على الدعوى الجزائية، سواء عضو النيابة العامة أو المحقق في وزارة الداخلية، فليس من المعقول إطلاق صفة الشاكي على كل من يعتقد أن هناك جريمة وقعت تمس الوحدة الوطنية، خصوصاً مع ارتفاع معدلات استخدام مواقع التواصل، التي تتصف بالدردشة، أحياناً أكثر من قالب محدد من الكلام يرسخ هذا التحريض أن هنالك فعلاً قد وقع أثره على المساس، فهنا القصد الجنائي الخاص بالعلم والإرادة تصبح تحت رقابة قاضي الموضوع وحده فقط! الأمر الآخر هو سلوك من تداعى الى رفع شكوى خاصة يجب أن تكون له صفة محددة كمجني عليه في حال السب العلني أو القذف،

ومع هذا حددت المادة ٢١٣ و٢١٤ جزاء شروط الإباحة في واقعة القذف مع الأفعال، التي إذا وقعت لا جريمة، سواء كانت العبارات صحيحة أو غير صحيحة في حدود ما ذكر بحسن نية يستفيد صاحبها من أسباب الإباحة! أخيراً لنصف المشهد، يقوم الكثير من الناس بالتعليق على صور شخصيات عامة أو أعضاء مجلس الأمة ليلاً ونهاراً، ظناً أنها من النقد العام، وحين تخرج كلمات لا نقبلها أيضا يقوم البعض بملاحقة شخصٍ ما آخر باعتقاد خاطئ بتوافر المصلحة او شيوع صفة المجني عليهم، وفي كلا الوصفين عاليه هما مبالغة لا تنبغي أن تتم باسم نص تشريعي يتعارض مع الحق في التعبير والحريّة في الوسائل المستخدمة، مما ينتج عنه تهديد وابتزاز أو استفزاز باسم حماية الوحدة الوطنية ولعلها أمنية تنهي هذا الازدواج في صفة من هو الشاكي وشكراً..!

يعقوب عبدالعزيز الصانع

اعادة نشر بواسطة محاماماة نت .