سلطة رقابة المتعاقد أثناء تنفيذ العقد

لهذه السلطة معنيان، معنى ضيق stricto sensu يتوافق تماما مع ما هو مقرر في القانون المدني، وينحصر في التأكد من أن المتعاقد يقوم بتنفيذ العقد طبقا للشروط المقررة فيه، ويتم من خلال إرسال أعوانها المؤهلين إلى مكان تنفيذ العقد للتأكد من سيره وفقا للمعايير والمواعيد المتفق عليها.
أما السلطة التي تتمتع بها المصلحة المتعاقدة ولا نجدها في القانون العام Droit commun، فهي تلك التي تتعدى هذا الحد كأن تتدخل من أجل تغيير بعض الأوضاع في حالات لا ينص العقد عليها صراحة كأن تطلب من المتعاقد استعمال طريقة تقنية غير تلك المتفق عليها، وهو المعنى الواسع لهذه السلطة.

إن الإقرار بتمتع المصلحة المتعاقدة بسلطة الرقابة بمعناها الضيق لا جدال فيه، ذلك أنه مقرر بالقواعد العامة للقانون المدني، كما لا جدال إذا ما تقرر المعنى الواسع لها باتفاق المتعاقدين أو بنص قانوني، وهي الحالة السائدة عامة في صفقات الأشغال التي تنص دائما على أن دفتر الشروط الإدارية العامة، والذي يحتوي على هذه السلطات، يطبق عليها.
غير أن الوضع يصبح مختلفا إذا ما سكتت النصوص القانونية أو الإتفاقية عن إقرارها، ولذا فإن مجلس الدولة الفرنسي يسلم بوجودها إذا ما تعلق الأمر بصفقات الأشغال، لأن المصلحة المتعاقدة هي صاحبة المشروع وبالتالي فلها حق الرقابة بالمفهوم الواسع.
أما في عقود التوريد وبسبب ضعف الصلة بين الإلتزام وسير المرفق العام، فالأصل أن المتعاقد يستقل باختيار طريقة التنفيذ [1].
غير أنه يجب اتخاذ المفهوم الضيق فيما يتعلق بصفقات إنجاز الدراسات، كون أن المصلحة المتعاقدة لا تكون مؤهلة بما يكفي من أجل توجيه المتعاقد في طريقة تنفيذ الصفقة، ولو كانت لها الكفاءة الكافية لأنجزت الدراسة بنفسها.
واتخاذ المفهوم الواسع في ما يتعلق بصفقات الخدمات كلما كانت للمصلحة المتعاقدة المؤهلات الكافية.
هذا ولا بد من التأكيد على أنه مهما كانت سلطة المصلحة المتعاقدة في رقابة المتعاقد عند تنفيذ الصفقة، فإنها محدودة بواجب عدم تغيير طبيعة العقد.

[1] د/ سليمان محمد الطماوي، المرجع السابق، ص557.