فحوى مبدأ التبعية الاقتصادية

المؤلف : خيري ابراهيم مراد
الكتاب أو المصدر : المعاملة الضريبية للشخص غير المقيم في قانون ضريبة الدخل العراقي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت

ظهر هذا المبدأ في اواخر القرن التاسع عشر، عندما نادى به الكاتب الالماني “جورج شانز“(1) باعتبار ان الضريبة بموجب هذا المعيار تحقق العدالة في توزيع الاعباء المالية بين من يساهمون في النشاط الاقتصادي للدولة، كما انه يأتي كحل لمسائل الاختصاص الضريبي. يراد “بالتبعية الاقتصادية” العلاقة التي تنشأ بين الفرد والدولة بحكم مساهمته في النشاط الاقتصادي لتلك الدولة او استفادته مما تقدمه له من خدمات ومنافع وفرص متاحة داخل اقليمها(2). بكلمة اخرى، هناك علاقة اقتصادية بين الفرد والدولة التي يمتلك فيها ثروة او يحقق فيها دخله، وقوام هذه العلاقة انتاج الثروة او تداولها داخل الدولة(3).

وبموجب مبدأ الاقليمية(4) يكون للدولة الحق في فرض الضريبة على الدخل الذي ينشأ فيها، بغض النظر عن مكان وجود صاحب الدخل او جنسيته. بعبارة اخرى ان نشوء الدخل على اقليم دولة ما يعد سبباً كافياً لفرض الضريبة على ذلك الدخل من قبل تلك الدولة(5). وقد اخذت لجنة الخبراء الاقتصادية التي شكلتها عصبة الامم المتحدة بمبدأ التبعية الاقتصادية في تقريرها الذي قدمته للعصبة عام 1923، وقد اورد الخبراء في تقريرهم ان التبعية الاقتصادية التي تربط المكلف بدولة ما تتخذ احدى الصور الثلاث التالية التي تمثل عناصر التبعية الاقتصادية وهي(6):
1-موقع المال:- يكون للدولة التي يوجد فيها المال، الحق في فرض الضريبة على الايرادات الناجمة عن استغلال هذه الاموال، كون ذلك المال يشكل العنصر الرئيسي في انتاج ايراداتها.
2-امتلاك المال:- ان انتاج الدخل في دولة ما يكون سبباً لنشوء علاقة اقتصادية بين الشخص والدولة، باعتبار ان الاخيرة تمثل الادارة التي تسيطر على المصدر الذي نجم عنه الدخل.
3-استهلاك المال:- تقوم العلاقة الاقتصادية بين الشخص والدولة التي ينفق فيها امواله وهي دولة الاقامة او الموطن.
__________________
[1]- كان ذلك في سنة 1892 في مؤلفه الالتزام الضريبي، حيث قسّم العناصر التي يمكن ان تحدد الالتزام الضريبي الى ثلاثة عناصر:
أ: تواجد الشخص في الاقليم في وقت ما. هذا العنصر يكون كافياً بالنسبة للاجانب ليبرر فرض الضرائب المباشرة وذلك لتغير المكلفين وعدم استقرارهم.
ب: الاقامة: معناه تواجد الشخص في اقليم معين لمدة من الزمن وبموجب هذا العنصر يعني افلات غير المقيمين من الاخضاع للضريبة الذين يستثمرون اموالهم داخل الاقليم مما يوجب اخضاعهم للضريبة في دولة المصدر.
جـ: الجنسية.
انظر في ذلك:
توفيق الهرش- اقليمية الضريبة على الدخل التجاري- مرجع سابق- ص19.
2- د. مختار علي ابو زيد- المحاسبة الضريبية- قبرص- دار الجنوب للنشر- الطبعة الثانية- 1991- ص29.
3- وبهذا المعنى يعرّف الدكتور حسين خلاف، التبعية الاقتصادية “هي فرض الضريبة على الاشخاص التابعين للبلد من الناحية الاقتصادية وذلك باعتبارها مصدر دخلهم او موقع ثروتهم او محل توطنهم”.
انظر: د. حسين خلاف- الاحكام العامة في قانون الضريبة- القاهرة- دار النهضة العربية- 1966- ص114.
4- اخذ المشرع العراقي بهذا المبدأ صراحةً عندما نص في الفقرة (2) من المادة الخامسة من قانون ضريبة الدخل رقم 113 لسنة 82 المعدل على [تفرض الضريبة على دخل غير المقيم الناجم في العراق وان لم يتسلمه فيه].
5- يرى البعض ان فكرة التبعية الاقتصادية تقوم على العناصر التالية:-
أ: الموطن او الاقامة المعتادة. ب: تملك الاموال داخل الدولة. جـ: تأسيس مشروع او فرع شركة او ارسال وكلاء او ممثلين، بعبارة أعم ممارسة النشاط الاقتصادي داخل الدولة وحيث نحن بصدد دراسة فكرة التبعية الاقتصادية كأساس لفرض الضريبة، يتوجب علينا ان نستبعد فكرة الموطن كونها احدى عناصر التبعية الاقتصادية استناداً لهذا الرأي الفقهي والسبب اننا اعتبرناها من عناصر فكرة التبعية الاجتماعية.
انظر حول هذا الرأي الفقهي:
Allix: La condition des etianqers au point du vue fiscal recueil des cours de l’cademie de droit international de Lahay 1937، P.553.
مشار اليه في مؤلف د. عبد الحسن هادي صالح- اقليمية الضريبة في القانون العراقي- مرجع سابق- ص33.
6- قيصر يحيى جعفر- اقليمية دخل الشركات في القانون العراقي- مرجع سابق- ص60.