يقع عبء الاثبات على المدعي، عن طريق تقديم ادلة الاثبات، اما الخصم الاخر فلا يجبر على تقديم دليل ضد نفسه. ومع ذلك فان مبدأ عدم جواز الزام الخصم بتقديم دليل ضد نفسه لمصلحة خصمه بأطلاقه وعمومتيه، ويناهضه التزام اخلاقي يقع على عاتق كل خصم ان يسعى الى قول الحقيقة والصدق اثناء المرافعة، ومهما قيل من عدم اطلاق هذا الالتزام فانه لا يمكن القول بعكسه اي بحق الخصم في التستر على الحقيقة واخفائها، خاصة بعد الاعتراف بالدور الايجابي للقاضي في الاثبات (1).

وجاء قانون الاثبات بمبدأ جديد حيث نص في المادة (9) منه على ان (للقاضي ان يأمر أيا من الخصوم بتقديم دليل الاثبات الذي يكون بحوزته، فان امتنع عن تقديمه حاز اعتبار امتناعه حجة عليه). كما خصص المواد (53 – 58) للأحكام المتعلقة بالزام الخصم بتقديم الدفاتر والسندات، وجاءت المادة (53 / أولا) بمعيار عام حيث نصت (للمحكمة، من تلقاء نفسها او بناء على طلب أحد طرفي الدعوى تكليف الطرف الاخر بتقديم الدفاتر او السند الموجود في حيازته او تحت تصرفه الذي يتعلق بموضوع الدعوى متى كان ذلك ضروريا لضمن حسن الفصل فيها).

ويلاحظ أن، هذا المبدأ خروج على مبدأ عدم جواز الزام الشخص بتقديم دليل ضد نفسه، وهو يخالف حياد القاضي في المنازعات (2). لذلك يفضل تحديد حالات جواز الزام الخصم بتقديم الدفتر او السند وعدم التوسع في هذه الحالات او القياس عليها (3). كما هو الحال بالنسبة لقانون الاثبات المصري حيث حددت المادة (20) منه الحالات التي يجوز فيها للخصم طلب الزام خصمه بتقديم اي محرر منتج في الدعوى يكون تحت يده، والحالات هي : أ. اذا كان القانون يجيز مطالبته بتقديمه او تسليمه. ب. اذا كان مشتركا بينه وبين خصمه، ويعتبر المحرر مشتركا على الاخص اذا كان المحرر لمصلحة الخصمين او كان مثبتا لالتزاماتهما وحقوقهما المتبادلة. ج. اذا استند إليه خصمه في أية مرحلة من مراحل الدعوى.

وفي القانون العراقي يشترط ان ترد في الطلب البيانات الآتية :

ا . أوصاف الدفتر او السند الذي يتمسك به.

ب . فحوى الدفتر او السند بقدر ما يمكن من التفصيل.

جـ . الواقعة التي يستدل بها عليه.

د . الدلائل والظروف التي تؤيد بأن الدفتر او السند في حوزة الخصم او تحت تصرفه.

هـ . وجه الزام الخصم بتقديمه. (م53 / ثانياً)(4).

فيجب ان يذكر نوع الورقة المطلوب تقديمها، وماهية السند وهل هو رسمي ام عادي؟ سند موقع، خطاب، برقية، دفتر تجاري، دفتر عائلي، دفتر شخصي، وتحديد تاريخ الورقة وموضوعها او مضمونها وبوجه خاص الحقوق والالتزامات الثابتة بها ومصدر هذه الحقوق والالتزامات، اي الواقعة التي يستدل عليها الورقة المطلوب تقديمها والدلائل والظروف التي تؤيد وجود الدفاتر او السند في حيازة الخصم او تحت تصرفه، ووجه تعلق الورقة بالدعوى وكونها منتجة فيها او وجه المصلحة في طلب تقديم الورقة (5). فاذا تبين للمحكمة ان طلب تقديم الدفتر او السند جاء خاليا من البيانات المنصوص عليها في المادة (53 / ثانياً) فلها ان ترد الطلب. كما ان للمحكمة ان تلاحظ مدى جدية المصلحة في الطلب المذكور، واذا كانت المحكمة قد كونت قناعتها في المحكمة من أدلة اخرى او ان الطلب يتعلق بكشف أسرار عائلية لا يجوز الكشف عنها، فلها ان ترد الطلب (6).

واذا توفرت الشروط في الطلب واثبت الخصم طلبه، او اقر الخصم الثاني بان الدفاتر او السند في حيازته او سكت، أمرت المحكمة بتقديم الدفتر او السند في حوزته او تحت تصرفه، ولم يقدم طالب الدفتر او السند المطلوب تقديمه لا وجود له أو أنه لا يعلم بوجوده وانه لم يخفه ولم يهمل البحث عنه ليحرم خصمه من الاستدلال (م 55 اثبات). واذا خلف الخصم اليمين، عند ذلك يعد الطالب عاجزا عن الاثبات وتعين على المحكمة رد طلبه (7). واذا اقتنعت المحكمة بوجود الدفتر او السند تحديد الخصم المطالب بتقديمه في الموعد الذي حددته او امتنع عن حلف اليمين المذكورة في المادة (55) كان لخصمه الحق في اثبات مضمون الدفتر او السند بأي طريق من طرق الاثبات، وجاز للمحكمة تحميل الخصم الممتنع مصروفات ذلك الاثبات مهما كانت نتيجة الفصل في الدعوى (م 56 اثبات). وللمحكمة ان تأمر او تأذن بإدخال الغير في الدعوى لإلزامه بتقديم دفتر او سند تحت يده ولها كذلك، ان تطلب من الجهات الادارية ان تقدم ما لديها من المعلومات والوثائق اللازمة للفصل في الدعوى متى رأت المحكمة ان ذلك لا يضر بمصلحة عامة. (م 57 اثبات). وللمحكمة ان تلزم من كان تحت يده شيء بعرضه على من يدعي حقا متعلقا به، متى كان ذلك ضروريا لحسم الدعوى، واذا كان الأمر متعلقا بسندات او أوراق اخرى، فللمحكمة ان تأمر بعرضها على ذي الشأن وبتقديمها عند الحاجة إليها، ولو كان ذلك لمصلحة شخص يريد ان يستند إليها في اثبات حق له ويجوز للمحكمة ان ترفض اصدار الأمر بعرض الشيء، اذا كان لمن بيده هذا الشيء مصلحة مشروعة في الامتناع عن عرضه، ويكون عرض الشيء في المكان الذي يؤيد فيه وقت طلب العرض، ما لم تعين المحكمة مكانا آخر، وعلى طالب العرض ان يقوم بدفع نفقاته مقدما، وللمحكمة ان تعلق عرض الشيء على تقديم كفالة تضمن لمن كان الشيء بيده تعويض ما قد يحدث له من ضرر بسبب ذلك. وتلتزم المحكمة في جميع الحالات المذكورة آنفاً بالحفاظ على سرية مضمون السندات او الأوراق المطلوب عرضها (م 58 اثبات).

_______________________

1-النداوي، شرح ص145. نطاق الزام الخصم بتقديم دليل ضد نفسه، مجلة القانون المقارن، العدد (12) 1981 ص227 وما بعدها.

2-فتحي والي، مبادئ ص 455 – 456.

3-النداوي، شرح ص239.

4-تقابل المادة (21) من قانون الاثبات المصري والمادة (21) بينات اردني.

5-مرقس : أصول الاثبات فقرة 154 ص405 – 406.

6-مرقس، الأدلة الخطية ص358.

7-النداوي، شرح ص252.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .