شرح لمبدأ سلطان الإرادة
في مجال التعاقد

يرى المتمسكون بهذا المبدأ أن الإرادة هي صاحبة السلطان في تكوين العقد و الآثار المترتبة عليه ، بل إن الإرادة لها السلطة في جميع الروابط القانونية العقدية و غير العقدية .
كذلك يرى أصحاب هذا المبدأ أن النظام الاجتماعي يقوم على الفرد ، فهو الذي لأجله يسخر كل شيء في المجتمع ، و هذا الفرد لا تتم شخصيته إلا بالحرية ، و أن الدليل على حرية الشخصية هي الإرادة الحرة المستقلة .

و لما كان لفرد يعيش مجتمع و الغاية الأولى هي احترام حريته و إرادته الشخصية كان لابد أن تكون جميع علاقاته مع أفراد المجتمع أساسها الإرادة الحرة .

إن كل إلتزام أساسه الرضا و الاختيار يتماشى مع القانون الطبيعي لأنه قانون يقوم على احترام الإرادة و الحرية الشخصية .
و هذا المبدأ حضي بحظ كبير في القانون الحديث ، و بعد انتشار المذهب الفردي بعد تطور النظم الاقتصادية ، و مع استمرار هذه النظم في التطور و التحدث ، و ظهور الصناعات الحديثة ، و المفارقات في القوى الاقتصادية ، أدى ذلك كله إلى ظهور و انتشار المذهب الاشتراكي ، و قام هذا المذهب بمعارضة المذاهب الفردية ( مبدأ سلطان الإرادة ) ، و مما أعترض عليه مسالة (جعل الإرادة مصدراً لكل الحقوق ) فالالتزامات التعاقدية مبنية على توافق إرادتين ، و لا تستـند إلى محض الإرادة الداخلية .

و لكن إذا نظرنا في الحقوق الشخصية نجد أن للإرادة مجال واسع لأنها مصدر لكثير من هذه الحقوق ، و هي التي ترتب آثارها ، إلا أنه يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار عدم المبالغة في الإرادة حتى في الحقوق الشخصية .

و لابد أيضاً أن نلاحظ وجود حدود يرسمها القانون تكون ميداناً لهذا المبدأ ، و يدل ( وضع هذه الحدود ) على اعتراف القانون بهذا المبدأ ، و لكنه يجعله في دائرة توازن مع العدالة و الصالح العام .
الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ..
أ د / عبدالرزاق السنهوري صـــ 1/153
يتفرع عن مبدأ سلطان الإرادة المبادئ الآتية :
أولا: الالتزامات الإرادية هي الأصل
طبقا للنظرية العامة لمبدأ سلطان الإرادة، فإنه لا يقوم أي التزام على شخص إلا إذا ارتضاه، وأنه في حال فرض أي التزامات لا إرادية على الشخص تحقيقا لمصلحة العامة أو حفاظاً على النظام العام والآداب العامة فإنها يجب أن تكون في أضيق الحدود.

ثانيا : مبدأ الرضائية (حرية الشخص في التعاقد وعدم التعاقد)
ويقصد به أن إرادة الفرد تكفي وحدها للتعاقد دون أي قيد إلا ما يتطلبه القانون من نظام عام أو مصلحة عامة، ولذلك فإن الشكلية وفقا لهذا المبدأ تعتبر تقييدا للحرية التعاقدية القائمة على الرضائية.

ثالثا : حرية المتعاقدين في تحديد آثار العقد
أي حرية الأطراف المتعاقدة في تحديد الالتزامات العقدية ومكانها ومداها. ففي عقد الإيجار مثلاً لإرادة الأطراف الحرية في تحديد مدة العقد وكذلك في تحديد الأجرة التي يُلزم بها المستأجر وهكذا الشأن في سائر العقود.

رابعا : مبدأ العقد شريعة المتعاقدين
ويقصد به أن يعادل الالتزام الناشئ من العقد في قوته الالتزام الناشئ من القانون، فيكون للعقد قوة ملزمة بحيث لا يجوز لأحد المتعاقدين أن ينفرد بنقضه أو تعديله، فيتعين على المتعاقديْن أن يخضعا لما اشترعاه كخضوعهما لما شرعه القانون، كما يتعين على القاضي رعاية تلك العقود وحمايتها كرعايته للنصوص القانونية، بمعنى أنه إذا طُرح عليه نزاع بشأنها، فإنه يجب عليه تطبيق ذلك الحكم الخاص الذي وضعه المتعاقدان فيما بينهما.

بقلم الأستاذ حرير عبد الغاني
إعادة نشر بواسطة محاماة نت