الاحالة للتقاعد
كتبه: محمد نجيب

على اثر صدور قرار مجلس الوزراء رقم 681 الصادر بتاريخ 13/5/2013 بمنح مكافأة مالية بواقع مرتب نصف شهري لشاغلي الوظائف القيادية ومن في حكمهم الموجودون في الخدمة حاليا وذلك عن كل سنة من سنوات الخدمة الفعلية المسجلة لدى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وبحد اقصى 35 سنة.

ولقد صاحب صدور هذا القرار العودة للحديث عن قرار مجلس الخدمة المدنية القاضي بإحالة كل من بلغ 30 عام خدمة الى التقاعد وكثر التساؤل عن مدى سلامة ذلك وما هى الأسانيد والأسس القانونية التى تشكل الأساس لعملية الإحالة إلى التقاعد.

وأننا نجد أنه من الملائم أن نعرض أولا النصوص القانونية التي تنظم الإحالة إلى التقاعد حيث نجد أن النصوص المتوافرة في هذا الصدد تتمثل في التالي:

– مادة «32» من المرسوم بالقانون رقم 15 لسنة 1979 في شأن الخدمة المدنية والتي نصت على انه تنتهي الخدمة لأحد الاسباب الاتية:

1-

2-

3- الاحالة الى التقاعد.

– كما نصت مادة «7» من المرسوم الصادر في 4/4/1979 في شأن نظام الخدمة المدنية على ذات نص المادة 32 من المرسوم بالقانون رقم 15 لسنة 1979 السابق الاشارة اليها اعلاه على انه تنتهي الخدمة لأحد الاسباب الاتية:

1-

2-

3- الاحالة الى التقاعد.

– مادة 76 من المرسوم الخاص بنظام الخدمة المدنية والتي نصت على التالي «يجوز احالة الموظف الى التقاعد بشرط ان يكون مستحقا لمعاش تقاعدي فيما لو انتهت خدمته بالاستقالة وقت هذه الحالة».

وتكون الإحالة إلى التقاعد بقرار من الوزير فيما عدا شاغلي مجموعة الوظائف القيادية فتكون بقرار من مجلس الخدمة المدنية بناء على إقتراح الوزير.

وأنه بالإطلاع على المادة 32 من المرسوم بالقانون 15 لسنة 1979 في شأن الخدمة المدنية وكذلك نص المادة 71 من المرسوم في شأن نظام الخدمة المدنية، نجد أن الإحالة إلى التقاعد التي نصت عليه كل من المادتين السابقتين، هى مجرد حالة من حالات إنتهاء خدمة الموظف وانقطاع صلته بالوظيفة التي كان يشغلها، مثلها في ذلك مثل حالات انقطاع الخدمة الأخرى، مثل الاستقالة أو الفصل أو بلوغ السن القانوني، الخ.

وقد تأتي حالة الإحالة إلى التقاعد بناء على طلب من الموظف أو حين تتلاقى إرادة الموظف مع الجهة الحكومية التي يعمل بها اذا ما كان في تلك الاحالة مزايا تمنح للموظف كما هو الحال في قرار مجلس الوزراء الموقر الأخير رقم 681/2013 والذي يمنح مكافأة مالية لشاغلي الوظائف القيادية. وجعل موعدا بنهاية يوم 30/6/2013 ، لحثهم على طلب ترك الخدمة للاستفادة من هذه المزايا المالية بينما لو تمت الاحالة إلى التقاعد بغير ذلك ومن جانب الادارة بمفردها، فان الامر في مثل هذه الحالة يحتاج الى نظر، ولقد ذهب الفقه وأحكام القضاء إلى ان تفرد الادارة بالإحالة الى التقاعد دون رغبة الموظف ما يعد من قبيل الفصل التأديبي المقنع وهو في ذلك يعتبر عملا غير مشروع ويجعله عرضة للطعن بالإلغاء.

كما أن الدستور الكويتي، قد كفل الوظيفة للمواطن دون إرغامه على الإلتحاق بعمل محدد، أو منعه من إختيار العمل أو الوظيفة التي يرغب بها طالما توافرت فيه شروط شغلها، كما أنه وفي ذات الوقت لا يجوز إرغام الموظف على ترك وظيفته قسرا عنه، ورغم إرادته، إلا إذا كان يرجع إلى أحد الأسباب القانونية المقررة لترك الوظيفة مثل الفصل التأديبي طالما توافرت أسبابه أو بلوغ السن القانوني للتقاعد، ولقد تجلت ضمانات حماية الموظف في الدستور الكويتي في المادتين 26 و41 ، والتي نصت كل منهما على التالي:

– مادة «26» الوظائف العامة خدمة وطنية تناط بالقائمين بها ويستهدف موظفوا الدولة في اداء وظائفهم المصلحة العامة، ولا يولى الاجانب الوظائف العامة الا في الاحوال التي يبينها القانون.

– مادة «41» لكل كويتي الحق في العمل وفي اختيار نوعه والعمل واجب على كل مواطن تقتضيه الكرامة ويستوجبه الخير العام وتقوم الدولة على توفيره للمواطنين وعلى عدالة شروطه.

– ومن ثم، فأن احالة الموظف الى التقاعد لمجرد بلوغ خدمته في الوظيفة ثلاثون عاما ، قبل بلوغ السن القانوني المقرر وفقا للقانون، رغما عنه ودون ارادة منهم، فان ذلك يعد اخلالا بالنصوص الدستورية السابق الاشارة اليها الخاصة بضمانة حق الموظف في الحصول على عمل واستمراره في الوظيفة الخاصة به مادام يؤدي عمله الوظيفي وفق القانون والقول بغير ذلك يعد اخلال بالضمانات الدستورية المقررة لحماية الموظف كما انها تحمل في ثناياها عقوبة تأديبية مبطنة وغير مبررة على الاطلاق لان في الاحالة القسرية ما يشكل تعديا على مورد مالي للموظف يؤثر على معيشته ويشكل تعديا عليه يتمثل في الفارق المالي بين مرتبه الشامل اثناء الخدمة ومرتبه التقاعدي الذي اصبح يتقاضاه بسبب احالته قسريا للتقاعد من جانب الادارة لإرادتها المنفردة وهذا في حد ذاته ما يشكل اخلال ايضا بالمادة 20 من الدستور التي تنص على ان الاقتصاد الوطني اساسه العدالة الاجتماعية وقوامه التعاون العادل بين النشاط العام والنشاط الخاص ورفع مستوى المعيشة وتحقيق الرخاء للمواطنين وذلك في حدود القانون هذا فضلا عن اخلاله بالمادتين «26 ، 41» السابق الاشارة اليهما.

ومن ثم وبناء على ما سلف بيانه ، فأن ما أورده كل من المرسوم بالقانون 15 لسنة 1979 في شأن الخدمة المدنية في المادة «32» ونظام الخدمة المدنية، المادة «71» ما هو إلا حالات تنظيمية بشأن تحديد اسباب انتهاء الخدمة والتي من بينها الاحالة الى التقاعد والتي تتم بناءا على طلب الموظف ورغبته في الاستفادة من المزايا المالية التي تتحقق له بالزيادة في المعاش التقاعدي حسبما قرره قانون التأمينات الاجتماعية ، والقول بغير ذلك يعد تفسيرا مغايرا ويحمل النصوص القانونية فوق طاقتها ، وان الاستناد الى ان ما يستحق عليه ، الموظف معاشا تقاعديا ، هو بلوغ 30 عاما ، حسب قانون التأمينات الاجتماعية كحد اقصى لا يعد مبررا على الاطلاق لانهاء علاقة الموظف بوظيفته ويعتبر فهما خاطئا لهذه النصوص القانونية ، والتي يفهم من سياقها الي انها تهدف الى حماية الموظف ، لا ان تكون سيفا مسلطا عليه .

اما من حيث ما نصت عليه المادة 76 من نظام الخدمة المدنية بجواز احالة الموظف الى التقاعد بشرط ان يكون مستحقا لمعاش تقاعدي فيما لو انتهت خدمته بالاستقالة فهذا نص المقصود فيه حماية الموظف وعدم التعسف في مواجهته فهو يضع حدا ادنى لحمايته ، فهي تشترط انه لا يجوز احالته للتقاعد الا اذا كان يستحق معاش تقاعدي فيما لو تقدم بالاستقالة ، وقت الاحالة للتقاعد ولا ينبغي ان يفهم منه على تطبيق هذا الجواز على عواهنة كما انه جوازي لجهة الادارة ومن ثم فانه لا يستحب في الامر الجوازي التوسع فيه، خاصة اذا ما وضعنا في الاعتبار النصوص الدستورية التي تكفل حماية الموظف في اداء وظيفته وعدم حرمانه منها، طالما انه يؤديها وفق القانون.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت