بحث قانون يمميز عن حماية المستهلك من الشروط التعسفية

مقدمة:

تعتبر عقود الإستهلاك مجالا رحبا لاستغلال المهنيين لوضعيتهم المتميزة للمستهلكين من خلال الشروط التي يضمنوها عقودهم حيث لا يملك المستهلك إلا الخضوع لهذه الشروط التي تغلب بشكل غير معقول مصالح المهنيين على مصالح المستهلكين. كما هو الحال في عقود بيع وشراع السلع والخدمات والمنتجات وعقود أداء أو تقديم الخدمات وعقود النقل بوجه عام هذه الوضعية برزت من خلال التحولات الإقتصادية والإجتماعية التي ازدادت حدتها منذ بداية القرن العشرين الذي ميزته ثورة في إنتاج السلع والخدمات مما أفرز فجوة بين المهنيين والمستهلكين فظهرت بذلك الحاجة إلى حماية الطرف الضعيف – المستهلك -.
هذا ما استرعى اهتمام المشرع المغربي الذي يسعى لاعتماد قانون حماية المستهلك بدل الإعتماد على النصوص المتفرقة سواء في القانون الجنائي أو قانون الإلتزامات والعقود أو في قانون حماية اعار و المنافسة أو في القانون التجاري.
فما هي ياترى مختلف أوجه اختلال التوازن العقدي بين المستهلك كطرف ضعيف والمهني- كطرف قوي ؟ وما هي سبل حماية المستهلك من الشروط التعسفية سواء على مستوى القانون المغربي أو المقارن أو على مستوى الأجهزة والقضاء والجمعيات؟
للإحاطة بمختلف جوانب الموضوع ارتأينا أن نقسمه إلى فصلين إثنين أخصص الأول للمستهلك بين الرضائية والشروط التعسفية في العقود الإستهلاكية أما الفصل الثاني فسندرس فيه الحماية القانونية للمستهلك من الشروط التعسفية ودور الأجهزة والقضاء والجمعيات .

الفصـل الأول : المسـتهلك بين الرضائية والشـروط التعسفية فـي العقـودالإستهلاكية

تعتبر الشروط التعسفية من أهم ما يتقل التزام المستهلك في العقود الإستهلاكية باعتبارها شروطا مجحفة ، ظالمة تنال من رضا المستهلك، لذا سنقوم في هذا الفصل بتعريف أطراف العقد ” المبحث الأول ” على أن ندرس احتلال التوازن العقدي بين أطراف العقد وأسبابه في ” المبحث الثاني “

المبحث الأول : أطراف العقد

إن دراسة موضوع الحماية القانونية لمستهلكي السلع والخدمات يتطلب في البداية تعريفا وتحديدا لمفهوم كل من المستهلك والمهني اللذان يشكلان طرفي العقد الإستهلاكي، وسيتم تناول هذا المبحث في مطلبين نتطرق في الأول لتحديد مفهوم المستهلك على أن نخصص الثاني لتحديد مفهوم المهني.

المطلب الأول : مفهوم المستهلك

لم يحضى مفهوم المستهلك باهتمام الفقه القانوني حتى بداية النصف الثاني من القرن العشرين حيث كان هذا المفهوم مستعملا فقط من قبل علماء الإقتصاد، لكن تزايد استعمال المصطلح في اللغة القانونية خاصة مع بداية حركة الدفاع عن المستهلكين وبتبلور فكرة حماية المستهلكين التي انطلقت مع الولايات المتحدة ، وانتقلت بعد ذلك إلى الدول الأروبــية لتصبح اليوم ظاهرة منتشرة في الكثير من الدول مما أثار جدلا فقهيا وقضائيا حادا حول مفهومه القانوني فهناك من يضيف من مفهوم المستهلك ” فقرة 1″ ومن جهة أخرى هناك من يوسع من هذا المفهوم ” فقرة2″ .

الفقرة الأولى : المفهوم الضيق للمستهلك
يعتبر الاتجاه الذي يضيق مفهوم المستهلك هو السائد في الفقه والقضاء حيت يعرفه بعض أنصاره ” المستهلك هو كل شخص يتعاقد بقصد إشباع حاجاته الشخصية أو العائلية، وبناء عليه لا يكتسب صفة المستهلك من يتعاقد لأغراض مهنته أو مشروعه “-1-
أما لجنة لاروفونت Commission de refonte -2- الفرنسية التي أخذت بهذا الإتجاه فقد عرفت المستهلك أو المستهلكين بأنهم ” الأشخاص الذاتيون أو المعنويون الذين ينتمون للقانون الخاص والذين يكتسبون أو يستعملون الأموال أوالخدمات لغرض غير مهني “.
أما في إحدى النشرات الدورية الإدارية الفرنسية فقد تم تعريف المستهلك عندما يتعلق الامر بالمنتجات” بأنه ذلك الذي يستخدمها لإشباع حاجاته الخاصة وحاجاته من يعولهم من الأشخاص وليس لإعادة بيعها أو تحويلها أو استخدامها في نطاق مهنته، أما في مجال تقديم الخدمات فيتعلق الامر بالمستفيدين منها في شكل أعمال على أموالهم المادية المملوكة لهم سلفا مثل أعمال الصيانة أو الإصلاح أو الخدمات التي يكون الشخص مستفيدا منها”
من خلال هذه التعاريف التي تصب في اتجاه تضبيق مفهوم المستهلك نلاحظ أنه يجب توافر ثلاثة عناصر لاكتساب صفة المستهلك.
1- أن يكون من الأشخاص الذين يكتسبون أو يستعملون السلع أو الخدمات.
هذا الإكتساب السلع والخدمات الإستهلاكية يضاف إليه اكتسابها أو استعمالها لغرض غير الغرض المهني، وهذا بطبيعة الحال لا يقصي الاشخاص المعنوية من دائرة المستهلكين إذ كان نشاطها غير مهني كالجمعيات التي لا تهدف إلى تحقيق الربح.
2- أن يتعلق محل العقد بالسلع أو الخدمات. بحيث أن كل الأموال تصلح لأن تكون محل عقد الإستهلاك إذا تم استعمالها واكتسابها لغرض غير مهني بغض النظر عما إذا كانت هذه المواد الإستهلاكية تندثر من أول استعمال لها أو يدوم استهلاكها لفترة طويلة، أما الخدمات على مختلف أنواعها سواء كانت خدمات يدوية أو خدمات ذهنية أو خدمات مالية تصلح لأن تكون محلا لعقد الإستهلاك شريطة أن لا تكتسب أو تستعمل لغرض مهني .
3- الغرض غير المهني يعد هذا العنصر المعيار الجوهري للتفرقة بين المستهلك والمهني -3- بمعنى يعد مستهلكا كل من يكتسب أو يستعمل سلعة أو خدمة لغرض غير مهني أي لأغراض شخصية أو عائلية.
رغم ما لهذا العنصر من أهمية في الحسم بين المستهلك والمهني فإن الأمر يدق حينما يشتري شخص سلعة أو خدمة لغرض مهني وغير مهني في نفس الوقت، فهل يعتبر مستهلكا أم مهنيا في هذه الحالة؟ هنا نجد الفقه الفرنسي يذهب إلى أن الفرع يتبع الأصل فيكون الاستعمال الغالب للسلعة أو الخدمة هو المحدد لصفة المستهلك، هنا تلعب السلطة التقديرية للقضاء دورا محوريا لأنه من الناحية العملية يصعب إقامة مثل هذه التفرقة وبالتالي للقاضي رسم الحدود بين ما يمكن اعتباره غرضا مهنيا وما يمكن اعتباره غرضا استهلاكيا .

الفقرة الثانية : المفهوم الموسع للمستهلك
لأجل توسيع الحماية القانونية للمستهلكين في مواجهة المهنيين ذهب بعض الفقه لإدراج فئات أخرى من المتعاقدين تحت ظل هذا المفهوم حيث أطلق أنصار هذا الإتجاه الموسع لمفهوم المستهلك تعريفا يدخل كل من يستعمل مال أو خدمة في دائرة المستهلكين وذلك بتعريف المستهلك بأنه” كل شخص يتعاقد بهدف الإستهلاك”
وبذلك يعتبر مستهلكا كل من :

1- المهني الذي يتعاقد خارج نطاق تخصصه -4-
لأنه في هذه الوضعية يكون في نفس وضعية المستهلك بالمفهوم الضيق كما سبق أن وضحناه أعلاه عديم الخبرة .
لكن جدالا فقهيا ثار حول اعتبار المهني الذي يتحقاد خارج نطاق تخصصه مستهلكا أو مهنيا وهذا ما جعل الاجتهاد الفرنسي بدوره ينقسم على نفسه، فقررا اعتباره مستهلكا في بعض أحكامه بينما لم يأخد بهذا المفهوم في أحكام أخرى.

2-المدخر
يعتبر الإدخار مناقضا تماما للإستهلاك فالمدخر يحتفظ بموارده و توظيفها لإشباع حاجاته المستقبلية، أما المستهلك فيستخدم إمكانياته وموارده لإشباع حاجاته الآنية، لكن يلتقيان في نقطة كونهما أطرافا غير مهنية تتعاقد مع أطراف مهنية، وبما أن المدخر يتعرض لنفس الأخطار التي يتعرض لها المستهلك نجد بعض الفقه يأسف لاستبعاد المدخر من شريحة المستهلكين.

المطلب الثاني : مفهوم المهني

يعتبر المهني الطرف الثاني في عقود الإستهلاك وهنا تنبغي الإشارة إلى أن القانون الفرنسي لسنة 1987 لم يحدد معنى كلمة المهني، وبالتالي نجد البعض يرى بأن المهني هو الذي يتمتع بثلاثة عناصر من الافضلية أو التفوق” المقدرة الفنية ، المقدرة القانونية، المقدرة الإقتصادية”كما نجد البعض يقصد بالمهني الشخص الذي يمتلك المعلومات والبيانات أو المعرفة التي تسمح له بالتعاقد على بينة ودراية تامة.
ويقصد بالمهني في رأي آخر ، الشخص الذي يتعاقد من خلال ممارسة مهنة وليس بالضرورة أن يكون له صفة التاجر.
ويتخذ بعض الفقه من الغرض من التصرف معيارا لوصف أو تصنيف فاعله في مجموعة المهنيين أو في مجموعة المستهلكين.ويعتبر مهنيا كذلك الذي يشتري الاشياء لاستعمالها دون نية بيعها، ولكن يقوم بذلك لأغراض مهنته.
لكن التعريف الذي منح للمهني الذي قدمته لجنة تنقيح قانون الإستهلاك الفرنسي يعتبر من أبرز التعاريف، حيث ورد فيه أن المهنيين هم الاشخاص الطبيعيون أو المعنويون العموميون أو الخصوصيون الذين بعرضون الأموال أو الخدمات أثناء مزاولتهم لنشاط اعتيادي ”
وقد يكون المهني الذي يعرض السلع أو يقدم الخدمة شخصا طبيعيا كما قد يكون شخصا معنويا سواء ينتمي إلى القطاع الخاص أو العام هذا المفهوم يتماشى مع قانون الاستهلاك الفرنسي ولجنة الشروط التعسفية ومع المادة الثانية من التوجيه الأوروبي لسنة 1993 التي تعتبر المهني سواء أكان هذا النشاط عاما أو خاصا.

المبحث الثاني : اختلال التوازن العقدي بين أطراف العقد

لايمكن الحديث عن حماية حقيقية للمستهلك دون الحديث عن حمايته من المهني ومن شروطه التعسفية التي يوردها في عقوده النمطية، حيث لا يكون المستهلك قادرا على رفضها نظرا لوضعية المهني المتميزة سواء الاقتصادية أو القانونية وبالتالي تغييب إرادة المستهلك، هذه الإرادة التي تعد مناط الالتزام من هنا يبرز بجلاء اختلال التوازن العقدي بين أطراف العقد لذا سنتطرق في هذا المبحث للشرط التعسفي ” مطلب 1″ ولبعض نماذج للعقود الاستهلاكية التعسفية، كعقد الإذعان ” مطلب 2″

المطلب الاول : الشرط التعســفي كسبب لاختلال التوازن العـقدي

سنقف في هذا المطلب على تعريف الشرط التعسفي في الفقرة الأولى على أن نبين عناصره في الفقرة الثانية

الفقرة الأولى : تعريف الشرط التعسفي
أحيط تعريف الشروط التعسفية باهتمام كبير من قبل الفقهاء حيث عرفه البعض بأنه الشرط الذي يغرض على غير المهني أو على المستهلك من قبل المهني نتيجة التعسف في استعمال هذا الأخير لسلطته الاقتصادية بغرض الحصول على ميزة مجحفة، ويرى آخرون على أن المقصود بالشرط التعسفي في مفهوم القانون ذلك الشرط الذي ينشأ بسبب التعسف ويسمح بوقوع هذا التعسف وللتبسيط يمكن القول أن الشروط التعسفية ترد خاصة في عقود الإذعان أو العقود النمطية، يتولى إعدادها مسبقا مختصون يتمتعون بالتفوق الإقتصادي والكفاءة الفنية تبدو وفقا للقواعد العامة شروطا عادية لا تنال من سلامة الرضا، ولكنها في حقيقتها مجحفة ظالمة، ترهق المتقاعد وتتقل من التزامه.فإذا كانت جل القوانين الحالية تهدف إلى حماية المستهلك من الشروط التعسفية أو للتخفيف من حدتها فإنها تواجه صعوبة في تحديدها ورصد مختلف مظاهرها وتجلياتها، وفي هذا المسار نجد الفصل 24 من مشروع قانون الإستهلاك المغربي ينص على أنه ” يعتبر تعسفيا كل شرط في العقد لم يكن محلا للمفاوضة الفردية ولم يراع في التنصيص عليه متطلبات حسن النية، والذي يترتب عنه من جانب المستهلك عدم توازن بين حقوق و التزامات أطراف العقد، يعتبر شرطا غير خاضع للمفاوضة الفردية كل شرط تمت كتابته مسبقا دون أن يكون للمستهلك أي تأثير على محتوى العقد، وخصوصا في إطار عقد الإذعان”
من خلال هذا الفصل نجد شروطا متعددة تحدد في مجملها مميزات الشرط التعسفي :
1-ألا يكون خاضعا للمفاوضة الفردية
2-أن يترتب عن الشرط عدم توازن أو تكافئ بين الحقوق والإلتزامات الناشئة عن العلاقة التعاقدية
3-أن يكون الشرط مكتوبا بصفة مسبقة دون أن يكون للمستهلك أي تأثير في محتوى العقد

الفقرة الثانية : عناصر الشرط التعسفي
من خلال تفحص المادة 24 من مشروع قانون الاستهلاك خلصنا إلى أنه يوجد عنصران هامان لاعتبار الشرط تعسفيا وهذا ما سنورده تباعا:

1- التعسف في استعمال القوة أو السلطة الاقتصادية للمهني
هذا العنصر لا يمكن إثباته حالة بأخرى، وإنما يتم استخلاصه من الصفة الخاصة بأطراف العقد لذلك يوصف هذا بانه شخصي .
هذا الشرط محل نظر حيث يرى بعض الفقه الفرنسي أن المادة 132-1 من تقينين الإستهلاك الفرنسي لسنة 1993 قد ألغت معيار التعسف في استعمال القوة الإقتصادية وهذا التفوق الفني الذي يمكن المهني من فرض شروط تعسفية لأن هذا الأخير متعود على إبرام العقود والصفقات، ويعرف جيدا اللالتزامات والحقوق الناشئة عن العقد، ويعرف ما يرجي به العمل في مهنته ويمتلك من الوسائل ما يمكنه من تحديد اللالزامات التي يستطيع تنفيذها ويفرض الشروط التي يراها مناسبة على المتعاقد معه، ولذلك اعتبر هذا الشرط – السلطة الإقتصادية- غير ذي جدوى من الناحية العملية.
ويبقى بالتالي الرأي الراجح في الفقه الفرنسي هو الذي يرى أن عنصري الشرط التعسفي أي استعمال القوة الإقتصادية للمهني، وحصول المهني بسبب هذا الشرط على ميزة مفرطة أو مجحخفة بالمستهلك، هما في الحقيقة عنصرين متحدين و تربطهما علاقة سببية تامة ، فالميزة المتجازة أو المفرطة التي يحصل عليها المهني هي نتيجة للقوة الإقتصادية التي يتمتع بها هذا الاخير وهكذا فإن أحد العنصرين يعد نتيجة طبيعية للعنصر الآخر.

2-الميزة المفرطة والمتجاوزة التي يحصل عليها المهني بمناسبة التعاقد
وهو عنصر موضوعي يتعلق بتوفير مزايا مبالغ فيها للمهني كيفما كان نوع هذه المزايا مادامت المادة 35 من القانون الفرنسي والمادة 24 من مشروع قانون الغستهلاك المغربي لم يشير إلى أي نوع من أنواع المزايا نقدية أو غير نقدية لذلك يؤكد بعض الفقه بأن معنى الميزة المفرطة التي يحصل عليها المهني لا تتعلق فقط بثمن السلعة بل إنها تعني اللالتزامات الملقاة على عاتق المستهلك ، أو عن طريق التخفيف من التزامات المهني.
ويقال ايضا أن الميزة المفرطة قد تعني انعدام سبب العقد ولوجزئيا، وأنه يجب أن يؤخد في الاعتبار المنفعة التي حصل عليها المهني نتيجة للشرط الوارد بالعقد.
وتوجد في الواقع صعوبة في تحديد العنصر الذي يعد نقطة الإنطلاق في تحديد أو تقدير الميزة المفرطة، بيد أنه لا يجب في راي البعض تقدير المنفعة التي حصل عليها المهني والوضع المتميز له دون مراعاة مضمون العقد الذي تضمن الشرط الذي نص على هذه المنفعة ، وغيره من العقود الأخرى المرتبطة بذلك العقد، فقد يبدو الشرط تعسفيا ولكنه يكون مبررا إذا نظرنا إليه في ضوء مجموع العمليات التي ظهر بمناسبتها ، فمثلا قد يترتب على شرط تحديد مسؤولية المهني، تخفيض ثمن السلعة وسعرها المعروض على المستهلك.

المطلب الثاني : نماذج للعقود الإستـــهلاكية التعسفية

نظرا للتقدم التكنولوجي والإقتصادي الذي عرفه العالم في العقود الأخيرة كتوحيد نماذج وأنماط السلع والمنتجات ، وتعقد صناعتها والتوزيع بالجملة في أماكن متفرقة ، لهذا يتم تحرير بعض العقود بصفة مسبقة بالكامل بواسطة أحد المتعاقدين وهذا ما يسمى بالعقود النمطية أو عقود الإذعان.
وهذا ما سنتطرق إليه في الفقرة الأولى ، أما في الفقرة الثانية سنوضح مظاهر التعسف في العقود الإستهلاكية ” عقد التأمين” عقد القرض” ، “كنموذج “

الفقــرة الاولى : عقــد الإذعـان

أ-مفــهـوم عقــد الإذعـان
إن عقود الإذعان كما في عقود شركات التأمين والنقل، وعقود المرور، وشركات الغاز والمياه ومصالح البريد وغيرها بلغة الحقوق الحديثة هي كبقية العقود متكونة من إيجاب ورضا الطرفين، إلا أن القبول يتميز بأنه مجرد إذعان لما يمليه عليه الموجب وسمي هذا العقد بالفرنسية ” عقد الانضمام” حيث أن من يقبل العقد إنما ينضم إليه دون أن يناقشه ، إلا أن الاستاذ السنهوري آثر تسميه في العربية ” عقد الإذعان” لما يشعر به هذا التعبير من معنى الاضطرار في القبول وقد شاعت هذه التسمية في اللغة القانونية من فقه وقضاء.
ويتميز الإيجاب في عقود الإذعان بأنه معروض بشكل مستمر على كافة الناس، بمعنى أن يكون ملزما بالنسبة للموجب لمدة أطول بكثير من المدة التي يلزم فيها الإيجاب في العقود المعتادة.
أما فيما يخص طبيعة عقود الإذعان فقد ذكر السنهوري انقسام الفقهاء في طبيعة عقود الإذعان إلى مذهبين رئيسيين:
أولهما : يرى أنها ليست عقودا حقيقية وقد ترأس هذا المذهب الاستاذ سالي يرى وتبعه فقهاء القانون العام مثل ” دبجين و هوريو” حيث أنكر على عقود الإذعان صبغتها التعاقدية ، إذا العقد توافق إرادتين عن حرية واختيار أما هنا فالقبول مجرد إذغعان ورضوخ.
فعقد الإذعان أقرب إلى أن يكون قانونا أخذت شركات الاحتكار باتباعه فيجب تفسيره كما يفسر القانون ويراعي في تطبيق مقتضياته العدالة وحسن النية وينظر فيه إلى ما تستلزمه الروابط الإقتاصدية التي وضع تنظيمها.
فالمذعن في عقد الإذعان لا يستطيع إلا أن ينزل إلى حكم شركات الإحتكار فالرابطة القانونية بين المذعن والمحتكر قد خلقتها إرادة المحتكر لوحدها وهذه الإرادة المنفردة للمحتكر هي بمثابة قانون ، أخذت شركات الإحتكار الناس باتباعه شأن كل قانون، فتفسير العقد الإذعاني وتحديد اللالتزامات يفسر القانون لا باعتبار أنه وليد إرادة الأطراف.
ثانيهما : يرى غالبية فقهاء القانون المدني أن عقد الإذعان عقد حقيقي يتم بموافقة إرادتين ويخضع للقواعد التي تخضع لها سائر العقود ومهما قيل من أن أحد المتعاقدين ضعيف أمام الآخر فإن هذه ظاهرة اقتصادية لا ظاهرة قانونية وعلاج الأمر لا يكون بإنكار صفة العقد عن عقد حقيقي، ولا يمكن للقاضي من تفسير هذا العقد كما يشاء بدعوى حماية الطرف الضعيف فتضطرب المعاملات وتفقد استقرارها ، بل إن العلاج الناجع هو تقوية الجانب الضعيف حتى لا يستغله الجانب القوي. وتقوية الجانب الضعيف يكون بإحدى وسيلتين:
1- وسيلة اقتصادية فيجتمع المستهلكون ويتعاونون على مقاومة التعسف من جانب المحتكر.
2- وسيلة تشريعية فيتدخل المشرع لا القاضي لينظم عقود الإذعان
أخيرا يمكن أن تقرر عدة ملاحظات على عقود الإذعان تجعله لا يختلف عن بقية العقود التي لا إشكال في صفتها العقدية وهي:
– إن أكثر العقود فيها إذعان من أحد الطرفين لآخر، إذا كان أحدهما مضطرا للآخر أو كان كلاهما مضطرين للتعاقد.
– إن عقود الإذعان تحتوي على ضرر أقل من العقود الأخرى التي يضطر إليها أحد الأطراف لأن الإيجاب في عقود الإذعان يكون عاما للجميع بصورة واحدة فبندر أن يكون غلط في العقد أو تدليس .
– أن المحتكر في عقود الإذعان ليس له غلبة على غيره لأنه هو أيضا خاضع للظروف الإقتصادية المحيطة به، فهي تضطره وتملي عليه شروط العقد وليس هو الذي يملي شروط العقد على الطرف الآخر حقيقة.
بل قد يكون المحتكر أضعف من المستهلكين كما يحصل عند اجتماع كلمتهم على محاربته.

ب- خصائص عقد الإذعان
يمكن إجمال خصائص عقد الإذعان في 5 خصائص :
· الإيجاب في عقد الإذعان يتميز بانه معروض بشكل مستمر على كافة الناس
· الإيجاب يكون ملزما للموجب لمدة أطول من الإيجاب في العقود المعتادة
· عقد الإذعان غالبا ما يكون مكتوبا بصفة مسبقة
· الطرف القوي في عقد الإذعان غالبا ما يكون محتكرا للسلعة أو الخدمة
· غياب مناقشة بنود العقد.

الفقرة الثانية :مظاهر التعسف في العقود الاستهلاكية

باعتبار العقود الإستهلاكية مجالا رحبا لوجود الشروط التعسفية بالتالي فهي تنعكس سلبا على المستهلك في كافة أوجه الحياة، وهنا سأتعرض لعقدين كنموذج لمظاهر التعسف في العقود الإستهلاكية ، عقد التامين ” أولا ” وعقد القرض الإستهلاكي ” ثانيا ” لكن لابأس قبل ذلك أن نورد تباعا بعض أنواع عقود الإذعان .
فإذا نظرنا إلى الخصائص الثلاث لعقود الإذعان تمكنا أن تعتبر من عقود الإذعان ما يلي
1-عقدود شركات الكهرباء والغاز والمياه ومصالح البريد والتبليفونات إذا كانت منحصرة في جهة واحدة، وتملي شروطها بدون مناقشة وتخفف من مسؤوليتها وتشدد من مسؤولية المتعاقد.
2- عقود النقل بواسئله المختلفة من سكك حديدية وكهربائية وبواخر و سيارات وطائرات وغير ذلك .
3-عقود شركات التامين إذا كانت منحصرة بين الدولة ومؤسساتها وكانت ضرورية
4- العقود مع المستشفيات التي تحصر الأجهزة المهمة للعمليات الكبرى التي يحتاجها المريض عندها.
5- عقود المرور في الطرق العامة للسيارات التي باعتها الدولة لشركة أو مؤسسة مع حاجة الناس إلى هذا الطريق المهم ولا يوجد بديل لهم عنه.
6- عقود الإيجار التعسفية التي تضعها وزارة الأوقاف لموقوفاتها التي أوجدت حق التقدم لشخص حقيقي أو حقوقي .
وهكذا كل عقد يظطر إليه الفرد ويذعن له مع شروطه التعسفية ” عند عدم وجود مناقشة حرة” لا تقبل المناقشة مع تخفيف مسؤولية الشركة و تشديد مسؤولية المتعاقد.

أ- عقد التأمــين
استقر الاجتهاد الفقهي والقضائي منذ زمن ليس بالقصير على أن عقد التأمين هو نموذج حي ومتجدد على عقود الإذعان.
ولكن إذا تم تطبيق شروط الإذعان ” التقليدية”على عقد التأمين وفق ما هو مشار إليه أعلاه يصعب القول بأن عقد التأمين عقد التأمين هو عقد إدعان بصورة مطلقة وذلك على النحو التالي :
أولا : فمن شروط عقد الإذعان كما ذكرنا أن هناك احتكار للسلعة أو الخدمة وهذا غير متوفر في التأمين إذا أن هناك حوالي 22 شركة نشيطة للتأمين -5- تمارس أعمال التأمين المختلفة مما ينفي عنصر الاحتكار عن هذه الخدمة .
ثانيا : إن خدمة التأمين في مجتمعنا ليست من الخدمات الضرورية ولا يتعبرها ممجتمعنا كذلك باستثناء التأمين على المركبات ضد الغير -6- فهذا النوع من التأمين يعتبر ضروريا لأنه مفروض بقوة القانون، مما أصبغ عليه طابع الضرورة القانونية وليس طابع الضرورة الواقعة أو الفعلية.
أما ماعدا ذلك من أنواع التأمين أو من بعض أنواعه-7- ، فإنه أقرب ما يكون في رأي الكثيرين إلي الترف منه إلى الضرورة في مجتمع كمجتمعنا مما ينفي عن التأمين شرط الضرورة.
وبالرغم من كل ما سبق يبقى التأمين عقد إذعان لكون أن المؤ من يفرض في الغالب شروطه على المؤمن لهم ، فيعد تلك الشروط في شكل نماذج مطبوعة ” عقود نمطية” يعرضها على الناس كافة وليس لهؤلاء إلا الانضمام إلى ما يعرض عليهم أو رفضه دون أية مناقشة-8-.
ومن بعض مظاهر التعسف في عقد التأمين نجد أن المؤمن هو الذي يستقل عمليا بتحديد المخاطر التي يقبل تغطيتها
كما يشترط المؤمن في عقد التأمين توليه بنفسه الدفاع عن المؤمن له في دعاويه.كما أن شركات التأمين تحكم القبضة على المؤمن لهم في الانتظام في دفع القسط في الوقت التي تضع في العراقيل دون حصولهم على مبلغ التأمين كما يقول خبير التأمين هنزديترمر.

ب- عقد القــــرض الإستهلاكي :
ينعكس التطور الاقتصادي والتحول المجتمعي حتما على نمط عيش الأفراد وتقاليد استهلاكه، فقد برزت حاجيات استهلاكية جديدة ومتعددة أصبح اللجوء إلى قروض الاستهلاك إحدى الوسائل الشائعة لتلبيتها. وذلك لمحدودية القدرة الشرائية لفئات عريضة من المجتمع ولسرعة القروض الاستهلاكية عن تغطية مصاريف عاجلة لا يمكن مواجهتها عبر الادخار الشخصي ، هذا فيما يخص أهميتها الاجتماعية، أما من الناحية الإقتصادية فهي تلعب دورا مهما بالنظر إلى مساهماتها في الرفع من إنتاج وتداول السلع ومختلف الآليات والتجهيزات الممولة بهذه القروض.-9-
وقد أدى ارتفاع الطلب على هذه القروض إلى ظهور شركات عديدة متخصصة في هذا الميدان الذي حظيت به القروض الإستهلاكية من طرف الشركات لم تحظى به على الصعيد التشريعي، فباستثناء القواعد العامة المنظمة لعقد القرض في ظ .ل.ع .فإنها تفتقر إلى تنظيم خاص بها، وهو ماجعل هذه الشركات تنفرد بوضع شروط التعاقد مضمنة إياها في نماذج عقود خاصة بها، وما على المقترض سوى الإذعان لهذا العقد والتسليم بكل بنوده دون مناقشة أو رفض التعاقد.
من هنا تفرض حماية المقترض- الطرف الضعيف- نفسها على المشرع المغربي من المقرض – الطرف القوي في العقد- لأن الأمر لم يعد علاقة مدين بدائن حتى تضمن القواعد العامة في ظ.ل.ع الحماية لأطراف العقد .
فما هي ياترى المخاطر والمشاكل التي تطرحها هذه القروض بحيت تستوجب تدخلا تشريعيا لحماية المستهلك ؟
إن أكبر خطر يحيط بالمستهلك هو القرض الإستهلاكي لكونه عقدا إذعان بامتياز ولذلك يمكن للمقرض إملاء شروطه على المقترض ودس العديد من الشروط التعسفية في العقد بما يخدم مصالحه مادام أن المقترض لا يملك سوى التسليم بها دون أية مناقشته.
ومن الشروط التعسفية الخاصة بعقد الاستهلاك: نجد أن في لحظة إبرام العقد تتفق عقود القروض الإستهلاكية على إدراج شرط يلزم المستهلك بالتعاقد في حين يعطي للمقرض مهلة طويلة ليقرر خلالها التعاقد أو رفض التعاقد إن هذا الشرط يثير لنا مألتين أساسيتين :
1-الانتقاء التحكمي للزبناء
2-عدم إعطاء المستهلك مهلة للتروي والتفكير
– اشتراط المقرض توقيع المستهلك على إعلان علمه بشروط العقد وبحالة البضائع بالرغم من أنه في الحقيقة يجهلها.
– تقوم مؤسسات اللإئتمان عند توقيع عقد القرض بفرض مجموعة من الأوراق التجارية ” كمبيالات ” سندات لأمر ” يتعين على المستهلك توقيعها ولهذه الأدوات نتائج خطيرة على المستهلك لأنها تحرمه من أية حماية، فالمستهلك الذي وقع على كمبيالة أو سند لأمر لا يمكن له نهائيا الاعتراض على الأداء ولو في حالة عدم تنفيذ البائع لالتزاماته إما بعدم تسليمه البضاعة أو كونها غير مطابقة للمواصفات أو معيبة.
-عقود القروض الاستهلاكية المخصصة لشراء شيء معين تشير إلى الفصل التام بين عقدي البيع والقرض وذلك لإعفاء مؤسسة الإئتمان من أية مسؤولية ناتجة عن عقد البيع.
– يعد شرطا تعسفيا الشرط الذي يجبر المستهلك في حالة الأداء المسبق للقرض برد المبلغ الإجمالي لتكلفة القرض المحدد لكل فترة سداد.
– الشروط التي تعفي المقرض من المسؤولية حيث تصب جل بنود عقود القروض الاستهلاكية في اتجاه إعفاء المقرض من أية مسؤولية في حالة وجود عيب في الشيء المشتري بالقرض أو كان الشيء غير مطابق للمواصفات وتنتشر مثل هذه الشروط بصفة خاصة في عقود البيع بالقرض.
– لا يخلو عقد القرض الإستهلاكي من ضخامة الضمانات المعطاة للمقرض وكذا فرض تعويضات باهضة عند عدم تنفيذ المقترض لأحد التزاماته .
– تحديد محكمة مختصة بعيدة عن موطن المقترض في حالة نزاع حول تنفيذ العقد.

الفصل الثاني: الحماية القانونية للمستهلك من الشروط التعسفية ودور الأجهزة و الجمعيات والقضاء

المبحث الأول : الحماية القانونية للمستهلك

المطلب الأول الحماية القانونية للمستهلك في القانون المقارن

الفرع الاول : الحماية القانونية للمستهلك في القانون الفرنسي
التجربة الفرنسية (أساليب تعيين أو مقاومة الشروط التعسفية في القانون الفرنسي)
أولا : تعيين أو مقاومة الشروط التعسفية عن طريق مرسوم صادر من مجلس الدولة فقا للمادة 132/1 من تقنين الاستهلاك الفرنسي (م 35 قديم من قانون سنة 1978م) يكون تحديد الشروط التعسفية بمرسوم يصدر من مجلس الدولة ويجب معاملة هذه الشروط باعتبارها تعسفية، بعد أخذ رأي لجنة الشروط التعسفية.
وبذلك ، لا يكون للقاضي المختص بالنظر في النزاع، أية سلطة تقديرية، إذ يجب عليه أن يعتبر الشروط التي تضمنها المرسوم تعسفية وكأن لم تكن مكتوبة ” باطلة ” وينصب البطلان على الشرط التعسفي ذاته وليس على كل العقد، إذ يظل هذا العقد صحيحا ويتفق هذا الحل – كما نعرف – مع مصلحة المستهلكين ويتعلق الأمر ببطلان نسبي ، حيث لا يجوز التمسك به إلا من جانب المستهلكين فقط.
هذا ولم تصدر الحكومة الفرنسية إلا مرسوما واحدا تطبيقا للمادة 35 من قانون 1978 الملغى منذ صدور تقنين الاستهلاك سنة 1993. ويتعلق الأمر بمرسوم 24 مارس 1987، الذي نص على ثلاثة شروط تعسفية ( محظورة) هي :
1- الشروط المعفية أو المحددة لمسؤولية المهني في عقود البيع، مع استبعاد عقود أداء الخدمات ( المادة2).
2- الشروط التي تعطي للمهني الحق في أن يعدل – من جانبه فقط- خصائص السلعة أو الخدمة المطلوبة كالنص على خصائص الجهاز المبيع على سبيل البيان أو الاسترشاد ، ولا تلزم البائع بأي حال . ومع ذلك ، فإن المرسوم أجازبشروط معينة- التعديلات المرتبطة أو المترتبة على التطور التكنولوجي.
3- شروط الضمان التعاقدي التي لا تنص على وجود الضمان القانوني للعيوب الخفية الذي تنص عليه المادة 1241 من القانون المدني الفرنسي.
وقد عرفنا أن مجلس الدولة الفرنسي قد ألغى نص المادة الأولى من المرسوم المذكور والتي كانت تنص على بطلان شروط الإحالة.
ثانيا : تحديد الشروط التعسفية عن طريق القائمة ” Liste الملحقة بتقنين الاستهلاك.
تنص المادة 1/132 بنود على قائمة بيانية ( استرستادية) وليست حصرية بالشروط التي يمكن اعتبارها تعسفية، بالقابلة للشروط التي تنص عليها مرسوم 1987 والتي يجب أن تعتبر تعسفية كما عرفنا آنفا. وأضاف المشرع بأن المستهلك ( المدعي) لا يعف من تقديم الدليل على الطابع التعسفي للشرط المتضرر منه ولا تخفي الحكمة من هذا النص، فالشروط الواردة في القائمة لا يفترض أنها تعسفية ، مما يعني أنه ليس لهذه القائمة قيمة قانونية، وما هي إلا وسيلة للكشف عن شروط يثور الشك بانها تعسفية، وثم وضعها أمام كل من المستهلك والقاضي، لكي يسترشد هذا الأخير بها ، دون التزان منه بإثباعها.
بيان الشروط المذكورة بالقائمة الملحقة بتقينين الاستهلاك الفرنسي .
يفترض أن الشروط التي ذكرتها المادة Alienea 3 1- 132 ” شروط تعسفية، وهي الشروط التي يكون هدفها أو يترتب عليها.
أ- استبعاد أو تحديد مسؤولية المهني، في حالة وفاة المستهلك أو إصابته باضرار جسدية، بسبب فعل أو إهمال من المهني
ب- استبعاد أو تحديد الحقوق القانونية للمستهلك بطريقة غير مقبولة لصالح المهني أو لصالح طرف آخر. في حالة عدم التنفيذ الكلي أو الجزئي أو التنفيذ المعيب من جانب المهني لأحد التزاماته التعاقدية ويشمل ذلك المقاصة بين دين للمهني ودين ينشأ في مواجهته.
ج* النص على التزام قاس على عاتق المستهلك في حين أن واجبات المهني يتوقف تنفيذها على الإرادة المفردة للمهني.
د- السماح للمهني بالاحتفاظ بالمبالغ التي دفعها للمستهلك الذي عدل عن إبرام أو تنفيذ العقد، دون النص على حق المستهلك في الحصول على تعويض من المهني يعادل المبلغ الذي دفعه المستهلك، فإذا كان المهني هو الذي عدل عن التعاقد .
ثالثا : تحديد أو تعيين الشروط التعسفية عن طريق توصيات لجنة مقاومة الشروط التعسفية.
أنشأ قانون 10 يناير 1978 لجنة الشروط التعسفية La commission des cleuses alusives والتي تتكون من 15 عضوا ، بينهم ممثلين للمهنيين والمستهلكين ( 32) .
وتختص هذه اللجنة – كما سنرى-بفحص نماذج العقود المعتاد عرضها من جانب المهنيين على عملا ئهم غير المهنيين ( أو المستهلكين) الذين يتعاقدون معهم . كما تقوم اللجنة بالبحث عن الشروط التي يمكن أن يكون لها الطابع التعسفي (2 32) . ولا تتخد هذه اللجنة قرارات وإنما تضع توصيات ليست لها لها قوة ملزمة . وتوصي اللجنة بإلغاء أو بإبطال أو تعديل الشروط التي ترى أنها تعسفية.
ويمكن أن تكون هذه التوصيات ذات طابع عام، كما يمكن أن تكون خاصة ببعض المهنيين ذوي الشأن . وقد وضعت هذه اللجنة ما يزيد عن 30 توصية تتعلق بعدد كبير من الشروط التعسفية وتم إصدار ونشر تلك التوصيات .
رابعا : استبعاد الشروط التعسفية عن طريق اللوائح والقضاة:
أبقت المادة 132/1 بند 2 من تقنين الاستهلاك النظام اللائحي القديم الخاص باستبعاد الشروط التعسفية، حيث يكون للحكومة عن طريق مراسيم تصدر من مجلس الدولة سلطة اعتبار هذا الشرط أو ذاك تعسفيا ، وبالتالي يكون الشرط التعسفي محظورا وباطلا” كأن لم يكن مكتوبا” و يتم إبطال الشروط التعسفية ( الغير قانونية) أو إلغاؤها بطريقة ” آلية” بواسطة القاضي ويمكن القول ، بأن المادة المذكورة تعترف ضمنيا بوجود نظام قضائي لاستبعادأو طرح وتحريم الشروط التعسفية وإذا كانت هذه المادة لا تنص صراحة على سلطة القاضي في مقاومة الشروط التعسفية فإن هذه السلطة مقررة ضمنيا لأن استبعاد هذه الشروط من خلال الطريق التنظيمي ( اللائحي) لم يذكر إلا بصورة فرعية. حيث تنص هذه المادة على أن مراسيم مجلس الدولة يمكن أن تحدد نموذج الشروط التي تجب معاملتها باعتبارها تعسفية. وفضلا عن ذلك فإن المادة ذاتها تكلمت عن الشروط التي يقضى ” Jugees” بكونها تعسفية . ويلاحظ أن التجديد الذي تضمنه تقنين الاستهلاك الفرنسي، ليس تجديدا تاما. إذا اعترفت محكمة النقض الفرنسية- في ظل القانون القديم – للقاضي سلطة الحكم بأن شرطا ما تعسفيا حتى مع عدم وجد مرسوم يحظر هذا الشرط. وتجدر الإشارة إلى التوجيه الأوروبي لسنة 1993م قد منح الدول الأعضاء مرونة كبيرة بشان وسائل مقاومة الشروط التعسفية. فيجوز لهذه الدول أن تتخذ الوسائل الملائمة والفعالة لإيقاف استعمال الشروط التعسفية المادة 5 خاصة عن طريق المحاكم أو السلطات الإدارية المختصة.

الفرع الثاني : الحماية القانونية للمستهلك في القانون المصري.
القانون المصري لا يتوفر لحد الآن على قانون لحماية المستهلك الشروط والتعسفية
في غياب هذا القانون يتم مواجهة الشروط التعسفية في عقود الاستهلاك باللجوء إلى القواعد العامة للقانون المدني .
وهذا الأخير نجده ينص في المـادة 148 : بأن العقد يجب أن ينفذ طبقا لها اشتمل عليه وبطريقة تنفى ما يوجبه حسن النية كما أعطى للقاضي الحق في إبطال العقد إذ كان يتضمن شروطا تعسفية أو تعديلها أو يعفي الطرف المذعن منها، بعض الطرق المدني منها . وفقا لمبدأ العدالة ونجده ينص على هذا في الفصل 149 من القانون المدني واتساعا في الحماية للمستهلك نجده ينص في المادة 101 بأن الشك في العبارات الغامضة في العقد يفسر لمصلحة المذغن.

المطلب الثاني :الحماية القانونية للمستهلك في القانون المغربي :

الفرع الأول : مدى فعالية قواعد القانون المدني لمقاومة الشروط التعسفية في عقود الاستهلاك.
إن الحديث عن عدم فعالية قواعد القانون المدني في مقاومة الشروط التعسفية يتطلب منا بحثا واسعا ومطولا لا يسمح المجال به لذا سيتم تناوله بكيفية جد موجزة مع محاولة على أن نركز على القواعد التي لها علاقة مباشرة بعقود الاستهلاك. أول ما سنبدأ الحديث عنه هو غياب مبدأ عام في القانون المدني ليمكن من مواجهة الشروط التعسفية، وتحقيق التوازن العقدي بصفة عامة كأبرز عامل محدد لعدم الفعالية إضافة إلى غياب وسائل وقائية على تجنب هذه الشروط. إضافة إلى قصور نظرية عيوب الإرادة عن تحقيق هذا الهدف والمقاومة المحددة ببعض الشروط.

الفقرة الأولى:غياب مبدأ عام لتحقيق التوازن ومواجهة الشروط التعسفية

إن تشبع القانون المدني بمبدأ سطان الإرادة لم يترك أي مجال لمبدأ تحقيق التوازن بين أطراف العقد فبمجرد إبرام العقد يصبح هذه الأحير قانون الطرفين- فمن قال تعاقدي قال عادل- في الحقيقة لا وجود لمبدأ عام لا في القانون المغربي ولا في نظيره الفرنسي يسعى إلى إقامة توازن عقدي بصفة مباشرة.
لكن هذا لا يمنع من أن نجد في القانون المدني عدة نظريات يمكن أن تؤمن التوازن العقدي لو تقييدها والتضييق من مجال تطبيقها وفي بعض الأحيان عدم إثارتها في مجال عقود الاستهلاك.
إن هذا ما ينطلق على نظرية السبب ونظرية الغبن ومبدأ حسن النية والتعسف في استعمال الحق والإثراء بلا سبب.
نظرية السبب
انطلاقا من هذه النظرية يمكن القول بأن الإلتزام الذي لا سبب له أو المبني على سبب غير مشروع-10- بعد كأن لم يكن ( ف 62 ق.ل.ع) فالعقد بدون سبب عقد باطل-11-
السؤال المطروح في إطار الحديث عن دور هذه النظرية في تحقيق التوازن ومواجهة الشروط التعسفية هو هل يمكن الاعتماد عليها كمبدأ عام في هذا الإطار بالنظر إلى نصوص ق ل ع ( خاصة الفصل 62 ) يتبين أن نظرية السبب لا يمكن الاعتماد عليها في مجال عقود الاستهلاك لأنها لا تثور أصلا من الناحية العملية فالمطلوب هو مواجهة عدم التوازن بين التزامات المهنيين والمستهلكين وليس إثارة غياب السبب الذي تبني عليه والشرط غير المتوازن لا يمكن أن يبطل بناء على غياب السبب.
نظرية الغبن :
انطلاقا من قراءة الفصول المنظمة للغبن في القانون المغربي: يظهر عدم فعاليتها من مواجهة ظاهرة الشروط التعسفية ، فنحن نعرف بأن الغبن لا يمكن أن ينتج عنه إبطال إذا نتج عن ذلك تدليس الطرف أو نائبه أو الشخص الذي تعامل من أجله ف 55 من ق.ل.ع .
إذن مجرد الغبن لا يخول إبطال العقد في القانون المدني . ما عدا الاستثناء الذي نصت عليه المادة 56 من ق.ل.ع. حيث يمكن أن ينتج عن مجرد الغبن إبطال للعقد في حالة ما إذا كان الطرف المغبون قاصر أو ناقص الأهلية وزاد الفرق بين الثمن المذكور في العقد والقيمة الحقيقية للشيء على الثلث .من هذا المنطلق يتضح أن نظرية الغبن في التشريع المغربي لها نطاق جد ضيق إلى حد كبير بحيث لا يمكن الإعتماد عليها لمواجهة عدم التوازن العقدي، لأنه لا يمكن أن يحتوي عدم التوازن المطروح في العلاقة بين المستهلك والمهني. لا يمكن أن يعتبر وفقا للتشريع المغربي ( ف 55 من ق.ل.ع ) إلا إذا نتج عن تدليس الطرف الأخرأة نائبه فنطاق الغبن جد ضيق لا يمكن أن يشمل إلا حالات محدودة جدا .
مبدأ حسن النية .
بالنسبة لهذا المبدأ ينص عليه الفصل 231 من ق.ل.ع بقوله ” كل تعهد يجب تنفيذه بحسن نية. فأطراف العقد يجب أن تتعامل طبقا لهذا المبدأ بأن لا يستغل أحد الأطراف ظروف ووضعية الطرف الأخر لإرهاقه والاجحاف بحقوقه لذلك فالمهني يجب أن يراعي ذلك في وضعه المسبق لشروط العقدومبدأ حسن النية، هذا كما يتضح من الفصل 231 من ق.ل.ع والفصل 1134/3 من ق.ل.ع يقتصر على مرحلة تنفيذ العقد ،إلا أن الفقه أجمع على أن مبدأ حسن النية هو مبدأ شامل لجميع مراحل التعاقد وهذا ما أكده القضاء الفرنسي. الأمر الذي يمكن معه إتخاد هذا المبدأ وسيلة لتدخل القاضي لتحقيق التوازن بين المهني والمستهلك وقد سبقت الإشارة إلى أن محكمة النقض الفرنسية وجدت في هذا المبدأ السبيل لإقرار الإلتزام بالإعلام.
لكن القضاء الفرنسي وكما ذكر ذلك الفقيه Auloy يستعمل هذا المبدأ في مواجهة الشروط التعسفية، وهو ما جعله غير فعال في مواجهة هذه الشروط، وبالتالي فهو لا يشكل تقنية قانونية مستقلة للتوازن العقدي لا في القانون الفرنسي ولا في نظيره المغربي.
ورغبة في تحقيق نوع من التوازن في العلاقات العقدية بين الطرف الضعيف والطرف القوي يقترح بعض الفقه المغربي أن يعاد النظر في قانون ل . ع المغربي في اتجاه تحقيق عدالة أفضل، ومن بين ما يقترحه الاستاذ خالد عيد في ما يتعلق بمبدأ حسن النية التعاقدية فأسس العدالة ومنطقها السليم يفرضان بالضرورة في نظره، أن يكون مبدأ احترام الإرادة مقيد أصلا بعدة مبادئ يفرضها مبدأ العدالة في ذاته . ومن أول هذه المبادئ هذه المبادئ، مبدأ ظاهرة الباعث كقيد نفسي أخلاقي يضمن حماية التوازن بين الحقوق والواجبات من عبث الأنانية الفردية بقوة القانون.-12-
مع ذلك فهذا المبدأ غير فعال في مواجهة الشروط التعسفية وعدم التوازن العقدي لعدم استعماله من قبل القضاء المغربي-13-.

– التعسف في استعمال الحق
أما فيما يتعلق بالتعسف في استعمال الحق، فيمكن الاستناد إليه نظريا لمواجة الشروط التعسفية. فكل شخص له الحق في أن يعرض على جمهور المستهلكين مختلف نماذج العقود لشراء السلع والخدمات، لكن لا يكون له الحق أن يتعسف في استعمال هذا الحق بتضمين هذه العقود شروط تعسفية، إن نظرية التعسف في استعمال الحق لم تطرح أبدا على القضاء كما أن المشرع المغربي لا يأخد بهذه النظرية.

– الإثراء بلا سبب-14-
الذي يقضي بانه لا يسمح لأي شخص بان يثرى على حساب الغير بدون سبب، فلا يضمن أي فعالية كحماية المستهلك من الشروط التعسفية فهو يستلزم غياب سبب الإتراء، وهذا الأخير موجود في العلاقة بين المستهلك والمهني وهو العقد.
وكان القضاء المغربي يعتمد على هذا الشرط في مراجعة الشرط الجزائي قبل تعديل المادة 264 ق ل ع .
حيث ذهب المجلس الأعلى في قرار له إلى أن ليس هناك ما يمنع قضاء الموضوع من مراجعة مبلغ الشروط الجزائية المبالغ فيها لإثراء أحد المتعاقدين على حساب اللآخر -15- غير أن هذا التوجه للقضاء المغربي لم يكن توجها عاما بحيث يسمح بالإعتماد على هذا المبدأ في إقامة التوازن العقدي.

-الفقرة الثانية :قصور نظرية عيوب الإرادة في مواجهة الشروط التعسفية:

من خلال قرائتنا لعيوب الإرادة التي ينظمها ق ل ع يتضح عدم فعاليتها في توفير مناخ ملائم لتأكيد صحة إرادة المستهلك، فالمؤثرات الحقيقة التي تدفع المستهلك إلى التعاقد في وضع يميل فيه ميزان اللالتزامات التعاقدية إلى ما يحقق مصلحة المهني لا تعتبر عيوما للإرادة وهي على الخصوص، احتياج المستهلك إلى التعاقد للحصول على السلع والخدمات من جهة، وضعف وعدم خبرته من جهة أخرى-16-.
ويبقى للمستهلك أن يلتجأ إلى عيوب الرضا للقول بأن رضاه لم يكن سليما حتى يستطيع إبطال العقد الذي يتضمن شرط تعسفي، والأمر يتعلق هنا بعيب الإكراه والغلط والتدليس.

الإكراه
إن الإكراه باعتبرا عيب للإرادة تضمنته قواعد القانون المدني لا يمكن أن نتخذه كوسيلة لمواجهة الشروط التعسفية، لأن ما يتم العمل به في مجال السلع والخدمات ، لايبين أن هذه العقود تتم تحت ضغط الإكراه كما جاء في ق.ل.ع أي كإجبار يباشر من غير أن يسمح به القانون يحمل بواسطته شخص شخصا آخر عن أن يعمل عمل بدون رضاه.-17-
الإكراه الذي يتعرض له المستهلكون من قبل المهني هو أكثر حساسية، ولم يأخده في الحساب واضعوا القانون المدني . فالإكراه الاقتصادي (الحاجة إلى التعاقد) والإكراه الناتج عن ضعف القدرة والخبرة لا يخول إبطال العقد وفقا للقانون المدني .
ومن هذا المنطلق فإن ما يتعرضوا له الستهلكون من ضغوط واقعية وعملية لا يمكن تكييفها على أن أنها إكراه من شانه أن يعيب الإرادة وبالتالي يسمح بإبطال العقد.

– الغلط
باعتبراه عيب من عيوب الإرادة يؤدي إلى إبطال العقد، إذا وقع في ذات الشيء أو في نوعه أو في صفة فيه كانت هي السبب الدافع إلى التراضي ( ف 41 من ق.ل.ع.)
-في فرنسا حاول القضاء-18- تفعيل نظرية الغلط عن طريق فرض اللاتزام بالإعلام على عاتق المهني بشكل يؤدي إلى استبعاد احتمال وقوع المستهلك في غلط بشأن الشروط التعسفية ، حيث ربط الاجتهاد القضائي بين الالتزام بالإعلام حول الشرط والغلط، فإذا لم يتم إعلام المتعاقد حول الشرط فإن ذلك يؤدي إلى إبطال الشرط ، ومن تم إبطال العقد بسبب الغبن.
رغم إن كل هذا تبقى هذه النظرية قاصرة في توفير حماية للمستهلك.

التدليس
المادة 52 من ق.ل ع تنص على أن التدليس يخول الإبطال إذا ما كان قد لجأ إلي الحيل والكتمان على المتعاقد أو نائبه أو شخص أخر يعمل بالتواطؤ معه قد بلغت في طبيعتها حدا . بحيث لولاها لما تعاقدا الطرف الأخر.
*المشرع المغربي يأخد بالتدليس الجوهري الذي يدفع إلى التعاقد للقول بإمكانية إبطال العقد.
بالنسبة للتدليس الثانوي الذي يرتبط فقط ببعض شروط العقد لا يخول الإبطال وإنما مجرد التعويض، .وهذا ما تؤكده المادة 53.
الفرع الثالث : حماية المستهلك في مشروع القانون
في هذا الفرع سنتطرق فقط لأهم ما جاء به مشروع القانون من حماية المستهلك وذلك من خلال سرد ما جاء في بعض نصوصه .
أهم ما جاء به المشروع القانون هو أنه قام بتحديد مفهوم الشرط التعسفي في المادة 24 وحيث اعتبر أن الشرط التعسفسي هو كل شرط لم يكن خاضع للمفاوضة أي قمت كتابته مسبقا من قبل المهني وأن يترتب عن هذا الشرط عدم التكافؤ في الحقوق والالتزامات بين المهني والمستهلك” .
كما أن المشرع قد أناط بجهاز المجلس الوطني مهمة تحديد الشروط التعسفية في المادة 99 من المشروع
وتجديد الشروط التعسفية هو شيء جد مهم كما هو معلوم لأنه انطلاقا من التحديد نستطيع مواجهة الشروط التعسفية وهذا ما قام به المسرع الفرنسي في خطواته الأولى .
كما حاول مشروع قانون حماية المستهلك تحقيق قفزة نوعية في مجال إعلام المستهلك حيث نجد المادة 4 فرضت التزام على المهني بإعلام المستهلك ، وأكدت ذلك المادة 5 من المشروع التي نصت على حقوق الإعلان بالتمن باللغة العربية وبتسليم الفاتورة إلى كل مســتهلك ,
ونجد المشرع يعطي للقاضي دور مهم في مواجهته الشروط التعسفية حيث نجده ينص أن الشروط التي تعـرض على المستهلك يجب صياغتها بكيفية واضحة وفي حالة الشك يفسر لصالح المستــهلك .
وفي الأخيــر نص على إمكانية إعطاء المجلس الوطني الاستهلاك تحديد لائحة غير حصرية بالشروط التي تعتبر تعسفية حتى يسهل على القضاء الحكم بيطـلانها .

المبحث الثاني : دور الأجهزة والجمعيات والقضاء في حماية المستهلك

المطلب الأول : دور الأجهزة

الفرع الأول : أجهزة حماية المستهلك من الشروط التعسفية في المغرب
تتنوع الأساليب والوسائل القانونية والتي يمكن عن طريقها تفادي الشروط التعسفية .
هذه الاجهزة تلعب دورا في تحديد الشروط التعسفية هذا في مرحلة أولى أما في المرحلة الثانية فهي تعمل على استبعادها.
لا تخفي أهمية تحديد الشروط التعسفية في إطار قانون الإستهلاك لأن هذا التحديد يرتبط ارتباطا وثيقا باستبعاد هذه الشروط. فكيف يمكن منع إدراج شرط معين في العقود وبالتالي حماية المستهلك من مخاطره إذا لم ينم تحديد صفته أو خاصيته التعسفية .
ومن تم يتم إسناد تحديد الشروط التعسفية في إطار قانون الاستهلاك إلى أجهزة مختصة. ففي فرنسا نجد كلا من مجلس الدولة ولجنة مقاومة الشروط التعسفية. كما يمكن أن ندخل في هذا الإطار الملحق الذي تم إلحاقه بتقنين الاستهلاك بقانون 1 فبراير 1995 كوسيلة لتحديد الشروط التعسفية بينما يسند هذا الدور في المشروع المغربي للمجلس الوطني للإستهلاك .
المجلس الوطني للإستهلاك
إن مشروع قانون حماية المستهلك المغربي يؤسس في مادته 99 مجلسا وطنيا للإستهلاك ، مكلفا بتقديم الأراء والاقتراحات التي ترمي إلى تحسين إخبار المستهلك والدفاع عن مصالح المستهلكين.
كما أن دور المجلس لا يقتصر على مجرد تقديم الأراء والاقتراحات و إنما يمكن للسلطات القضائية أن تطلب استشارة المجلس، كما يمكن بهذا الأخير أن يؤسس لجانا متخصصة في حالة الضرورة.
إذن المقتضيات المنظمة لهذا المجلس لا تسمح بلعب دور فعال و مهم في مجال مقاومة الشروط التعسفية.
المادة 25 من المشروع التي تعطي للمجلس الوطني للإستهلاك ، سطة إصدار لائحة إخبارية وغير حصرية للشروط التي يكون المجلس قد حددها.
إلا أن ما يمكن ملاحظته على هذا المشروع هو أنه لا يعطى أي قيمة إلزامية لما يحدده المجلس، مما يفرغه من محتواه، وهو ما يعتبر نقيصة مهمة في المشروع ، وعلى عكس المشرع المغربي نجد القانون الفرنسي يعطي أهمية كبيرة لهذه الأجهزة.

الفرع الثاني : دور أجهزة حماية المستهلك في فرنسا

دور مجلس الدولة :conseil d’état
يقوم مجلس الدولة الفرنسي بتحديد نماذج الشروط التعسفية طبقا للمادة 32 من قانون الاستهلاك الفرنسي وذلك بعد أن يقوم باستشارة لجنة الشروط التعسفية.
سلطان هذا المجلس الواسعة تمكنه من أن يمنع أو يحدد أو ينظم أي شرط تعسفي في هذا الإطار .
فهذا المجلس يصدر مجموعة من المراسيم . كما توجد لجنة تسمى بلجنة الشروط التعسفية وتختص هذه اللجنة بفحص نماذج العقود المعتاد عرضها من جانب المهنيين على عملائهم غير المهنيين، كما يمكن أن نقوم بالبحث عن الشروط ذات الطابع التعسفي لأجل الإيصاء بإبطالها.

المطلب الثاني : دور القضاء

من المبادئ المسلم بها في المقتضيات المدنية ذات الطابع اللبيرالي : بأن العقد يقوم مقام القانون انطلاقا من تطبيق مؤسسة مبدأ سلطان الإرادة ويكون العقد كما هو معروف لشريعة المتعاقدين.
هذان المبدأن يحولان دون تدخل القاضي لمراجعة العقد مادامت مقتضيات غير مخالفة للنظام العام أو الأخلاق الحميدة ومادام العقد والعبارات فيه واضحة.
غير أن التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي عرفها العالم أثرت بشكل واضح وفعال على العلاقات التعاقدية، ومن تم أصبح لزما على القاضي في ظل غياب نصوص تشريعية صريحة تضمن التوازن العقدي أصبح القاضي يتدخل من أجل تطوير القواعد التقليدية التي تحكم العقود لتساير تطور المجتمع . فالقاضي يستطيع أن يتدخل لتفسير مضمون العقد عندما يكون الشرط غامضا حيث يستخدم سلطة للتفسير ببنود العقد. كما يقع التساؤل عن سلطات القاضي للتدخل لتعديل الشروط الجزائية

الفرع الأول : دور القاضي في تفسير العقد
قبل أن نستهل بالحديث عن دور القضاء في هذا المجال نسجل سلبا دور القضاء في مواجهة الشروط التعسفية وذلك لوجود مجموعة من العوائق فنكتفي هنا بذكر :
أولا : تدخل القاضي في مجال الشروط التعسفية محكوم بمبدأ يهيمن على المنظومة القانونية هو مبدأ سلطان الإرادة.
من هنا يمكن القول أن تدخل القاضي في هذا المجال التعاقدي لن يكون إلا في إطار ما يسمح به هذا المبدأ الذي يمنع القاضي أو لا يمكنه من التدخل لتعديل شروط العقد لكن فقط من احترام إرادة أطراف العقد.
المادة 462 من ق.ل.ع : تنص على أنه عندما تكون هناك ضرورة للتأويل يلزم البحث عن النص الذي اتجهت له إرادة المتعاقدين مما يحول دون التوقف عند المعنى الحرفي للألفاظ ولا عند تركيب الجمل .
ثانيا : الفصل 461 الالتزامات والعقود المغربي يمنع القاضي من تأويل العقد في حالة ما تضمن هذا الأخير عبارات أو كلمات غير واضحة أو صريحة من هذا المنطلق نستنتج أن الفصل 461 يمنع القاضي من التحري عن قصد هذه العبارات-19-ويمكن اعتبار سطة القاضي في تفسير الشروط الغامضة في العقد من أهم الوسائل المتوفرة للقاضي من أجل تعديل الشروط أو إلغاؤها هذا إذا ما علمنا بأن أغلب هذه الشروط تأتي في العقد غامضة وغير محددة-20-.
هذا بالنسبة للمشرع المغربي فيما يخص المشرع المصري نجده يسير في نفس المسار نظيره المغربي.
المادة 151 من القانون المدني المغربي تجعل تفسير العقد الغامض لصالح الطرف المدعن وهذا القانون جعل التفسير لمصلحة الطرف الذي لا يتمكن من التدخل في صياغة الشرط وذلك بغض النظر عن كونه دائن أو مدين-21-.
الشروط الغامضة يقصد بها عدم التوافق بين الألفاظ والإرادة الحقيقية للمتعاقدين والغموض قد يقع في الألفاظ وقد يقع في الإرادة دون الالفاظ أو فيهما معا.
ومن هنا يجب أن نشير إلى تقلص دور القاضي في تفسير شروط العقد الواضحة بالمقابل إتساع مجال تدخل القاضي في تفسير شروط العقد الغامضة.

الفقرة الأولى: تقليص دور القاضي في تفسير شروط العقد الواضحة
ينص الفصل 461 من ق ل ع م : إذا كانت ألفاظ العقد صريحة امتنع البحث عن قصد صاحبها.
إذن هذا النص يوضح أنه كلما كانت الشروط المتضمنة في العقد واضحة لا لبس فيها فإنه يتعين على القاضي الإلتزام بهذه المعاني الواضحة دون محاولة تفسيرها كتفسير النصوص القانونية-22-.
ووضوح العبارات في العقد يلزم القاضي بالحكم الذي ارتضاه الطرفان-23- ( وقد سارت قرارات المجلس الأعلى على هذا الراي وليس من الجائز لهم تغييرها) وقد سارت قرارات المجلس الأعلى على هذا الراي حيث قضى بأن قضاة الموضوع مكلفون بتضمين الإنفاقات المبرمة وليس ملف الجائز لهم تغييرها إذا كانت شرورطها واضحة .
إذا كانت القاعدة العامة المنصوص عليها في الفصل 461 تمنع القاضي تعديل الشروط الواضحة والمحددة ولو كانت تعسفية، فإن هناك حالات الاستثنائية تمكن من الخروج عن القاعدة العامة ويتعلق الأمر كما يراه ذلك بعض الفقه.
الحالات التي ينشأ فيها تناقض بين العبارات الواضحة في العقد والإرادة الحقيقة فرغم وضوح العبارة إلا أن المتعاقدين أساءا استعمال التعبير الواضح الامر الذي يؤدي إلى غموض الإرادة.
هذا التناقض الذي ينشأ بين العبارات الواضحة في العقد والإرادة الحقيقية للمتعاقدين أعاد للقاضي دوره الإيجابي في التفسير الذي يبدو من ظاهر (النص461 ق ل ع أنه سلبه منه.ويبدو بأن القضاء المغربي قد سار في هذا الاتجاه فقد ورد في أحد قرارات المجلس الأعلى بأنه إذا ” أبعدت المحكمة شرط من شروط العقد وجب عليها وأن تبين الاسباب والمستندات التي اعتمدتها لتكوين قناعتها.
انطلاقا مما سبق يمكن القول بأنه يجوز للقاضي تفسير الشرط التعسفي الواضح ضد المشترط أو تعديله أو استعادة حماية للطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية وهو المستهلك-24-.

الفقرة الثانية : سلطة القاضي في تفسير العقد الغامض
إن غموض عبارات العقد هو المجال الذي تسمح فيه نظرية سلطان الإرادة للقاضي بالاضطلاع بدورة الأكثر إيجابية في ميدان التأويل -25- فالشروط التعسفية عادة ما تكون غامضة في العقود المحررة مسبقا حتى لا ينتبه إليها المتعاقد الآخر.
الحالات التي تستدعي تدخل القضاء لتفسير مقتضيات العقد هي التي يكون الهدف منها هو إظهار النية الحقيقة للطرفين عند غموض عبارات العقد ووضوح الإرادة وحالة غموض الإرادة ووضوح العبارة، ثم غموض العبارة والإرادة معا والحالة التي تتثير الشك في مدى اللالزام المتولد عنه، وهذا ما نص عليه الفصل 462 من ق ل ع م .
هذه الحالات تشكل المجال الأوسع لاستخدام القاضي لسلطته التفسيرية أخذا بعين الاعتبار النية المشتركة للمتعاقدين معتمدا على التأويل للبحث عن هذه الإرادة المشتركة دون التقييد بالمعنى الحرفي الأفاظ ولا بتكوين الجمل.
فتفسير شروط العقد الغامضة يدخل ضمن سلطة القاضي المطلقة.

الفرع الثاني : دور القــاضي في مواجهة الشرط الجزائي التعسفي في عقود الاستهلاك .
قبل أن نبدأ في معالجة هذه يستوجب علينا أن نطرح التساؤل التالي : هل يمكن اعتبار الشرط الجزائي شرط تعسفي ؟
أطراف العقد يمكنهم الاتفاق على تقدير التعويض مسبقا في حالة عدم قيام أحدهما بتنفيذ التزاماته أو تأخره في تنفيذها وهذا ما يسمى بالشرط الجزائي.
ويعرف الفقه الشرط الجزائي بأنه-26-: الاتفاق الذي يعين الطرفان بمقتضاه مقدما مبلغ التعويض الذي يستحق أحدهما قبل الأخر عند الإخلال بالإلتزام الملقي على عاتقه سواء كان ناتجا عن عدم التنفيذ الكلي أو الجزئي أو التأخيرة تنفيذه .
وقد عرف التعويض الاتفاقي انتشارا واسعا في الممارسة التعاقدية ولم يعد يقتصر على تطبيقه على العقود التقليدية بل أضحى في أكثر انتشار في العقود الحديثة والتي ظهرت استجابة للتطورات الاقتصادية المعاصرة، كعقود التمويل والبيع بالسلف وعقود الاستهلاك.
انطلاقا من كل ما مر بنا وحتى لا ندخل في التفاصيل الجزئية نخلص إلى أن الشرط الجزائي هو شرط مشروع ولا يؤدى إلى اختلال التوازن العقدي مادام مبلغ التعويض المتفق عليه لا يتجاوز الضرر الفعلي الحاصل للدائن.
ولكن إذا استغل أحد طرفي العقد مركزه وخبرته الفنية أو القانونية لفرض شروط جزائية الهدف منها الحصول على مزايا وتحقيق الأرباح على حساب الطرف الأخر. فإن الوظيفة الاصلية للشرط الجزائي تتحول من وظيفة تعويضة إلى وظيفة تهديدية ووسيلة للاستغلال والإثراء بلا سبب على حساب التوازن العقدي الأمر الذي يؤدي إلى اعتبار مثل هذه الشروط شروط تعسفية.
من هذا المنطلق متى تضمن الشرط الجزائي شرط تعسفي يجوز للقاضي التدخل من أجل تعديله إذا ما طالب العاقد الأخر بتنفيد إلتزامه أن يمتنع عنه إلى أن يقوم هذا الأخير بتنفيذ ما إلتزم به ، طالما أن هذه الالتزامات المتقابلة مستحقة الوفاء المادة 121 مدني.

المطلب الثالث : دور جمعيات حماية المستهلك

الفرع الأول :دور جمعيات المستهلك بصفة عامة
الأساليب أو الطرق العامة لحماية المصلحة الجماعية للمستهلكين عن طريق جمعيات حماية المستهلك
1- عرض أهم الأساليب أو الطرق :
تتبع جمعيات حماية المستهلك في دفاعها عن المصــلحة الجماعية المشتركة limiter collectif
1- التوعية والدعاية المضادة Contre – publicité
2- الامتناع ” الإضراب عن الشراء ” Grève de paiement
3- الامتناع عن الدفــع Grève de paiement

أولا : التوعـية والدعــاية المضادة

أ‌- التوعــية :
يقصد بالتوعية قيام جمعيات حماية المستهلك بطبع بعض الدوريات من الصحف أو المجالات أو النشرات الأسبوعية أو الشهرية ، وتوزيعها على المستهلكين ، بهدف إمدادهم بالبيانات والمعلومات عن خصائص السلع والخدمات المعروضة في السوق المحلية ، ويتصيره بأحسن وأجور المعروضات

ب – الدعاية المضادة : تعني الدعاية المضادة قيام جمعيات حماية المستهلك بنشر أو توزيع انتقادات مكتوبة ( بالصحف ن أو مطبوعات ، والمعلقات …..) و مسموعة ( عن طريق الراديو مثلا ) أو مرئية ( عن طريق التليفزيون ) للمنتجات أو الخدمات الموجودة بالسوق المحلي.
وتعد الدعاية ” التوعية ” أو الدعاية المضادة أحد مظاهر حرية التعبير عن الرأي ولا يجب إخضاعها –في الأصل –لرقابة سابقة من جهة الإدارة لأن هذه أو تلك تكون –عادة – ذات طابع موضوعي ، وليس لغرض تجاري محلي خلاف الدعاية أو الإعلان التجاري الذي يموله التجار لترويج منتجاتهم وسلعهم ، دون مراعاة للموضوعية أو الأمانة في بعض الأحيان .
ولا تعتبر الانتقادات التي تتضمن الدعاية المضادة عملا من أعمال المنافسة غير المشروعة ، أو خطأ في حد ذاتها ، إلا إذا توفرت فيها عدة شروط على نحو ما سيتم بيانه فمثلا هذه الأعمال التي تصدر عن منافس و إلا لأمكن اعتبارها نوعا من أنواع المنافسة غير المشروعة لما كان من الممكن ، أن تلحق الدعاية المضادة أقرارا جسيمة بالمشروعات الموجهة إليها ، فإن من حق هذه المشروعات الرد عليها (الدفاع عن مصالحها) ولكن لا تلجأ هذه المشروعات إلى ذلك إلا نادرا ، وإنما تفضل الالتجاء إلى رفع دعوى المسؤولية المدنية أو الجنائية على الجمعية ذلك الشأن إذا توافرت الشروط اللازمة الانعقاد هذه المسؤولية أو تلك ، أو قدر أصحاب المشروعات المضرورة ، أن من مصلحتهم الإدعاء أمام القضاء .

ثانــيا : الامتناع عن الشــراء ( المقاطعة )

قد تطلب جمعيات حماية المستهلك – في بعض الأحيان – من جمهور المستهلكين التوقف أو الامتناع عن شراء سلعة أو خدمة معينة أو عدم التعامل مع مشروع معين ، ويعتبر عن هذا الأمر بلفظ ” المقاطعةBey cottage ou boycott وهناك فرق واضح بين الدعاية المضادة وبين المقاطعة ، ولنه ليس اختلافا تاما ، وإن كانت المقاطعة تذهب إلى أبعد من مجرد تزويد المستهلك بالمعلومات وتتخذ المقاطعة شكل الطلب أو الأمر Mict d’orchre الصادر من الجمعية إلى المستهلكين بالتوقف عن شراء السلع أو المنتجات الضارة بصـحة أو سلامة هؤلاء ، كما حدث في فرنسا في قضية ” عجول الهرمونات Eaux aux hommes وقد عف هذا الأسلوب في الولايات المتحدة الأمريكية مند وقت كــبير.
ويرى البعض ، حرمان جمعيات المستهلك من مطالبة المستهلكين يتضمن المقاطعات للسلع أو الخدمات لأنها تعرض المشروعات المعينة لمخاطر الخشرات الجسيمة وبالعكس يرى البعض وتغر يدهم في ذلك –الاعتراف بحق المقاطعة على غرار حق الإخراب الممنوح للعمال إذ الأجراء في كثير الدول ولا يتضمن القانون المصري والفرنسي ، تنظيما لمسألة الامتناع عن الشراء ( والمقاطعة ) ويتخذ القضاء الفرنسي موقفا وسكا ، حيث لا يعتبر المقاطعة خطأ في حد ذاتها إلا إذا كان مسلك جمعية حماية المستهلك تعسفيا .

ثالـــثا : الامتــناع عــن الدفـــع

قد تطلب جمعية حماية المستهلك ، من جمهور المستهلكين أو المنتفعين لخدمة جماعية ، الامتناع عن دفع ثمن المنتج أو مقابل الخدمة التي حصلوا عليها من مشروع معين وهو ما يعبر عنه بعبارة ” الأحزاب عن الدفــع ” وعادة ما تكون الديون الواجــبة على المستفدين ( المدنين) ذات طبيعة بنشاط صناعي أو تجاري ، ومثال على ذلك الديون ( المبالغ ) المستحقة على مصالح التليفزيونات أو المياه إلــخ . ويكون الهدف من تأخير دفع تلك الديون هو الظغط على الدائن لتخفيظ مقدار دينه ، ويأخذ هذا الضغط شكل الرفيض الجماعي لدفع المبالغ المطلوبة من المستهلكين أو المستفعية ، حتى يتم تلبية مطالــبهم ,
ووقفنا للقواعد العامة يكون هذا الرفض غير مشروعا كمبدأ ما لم يكن الدائن نفسه ، لم يوفي من جانبه بالتزاماته التعاقدية ، إذا الثابت إن من حق كل عاقد في العقود الملزمة لجانبين.
هكذا، لا يجوز الامتناع عن الدفع لأغراض أخرى ، كتخفيظ الأسعار مثلا فالراجح إن ذلك يتعارض مع مبدأ القوة الملزمة للعقد . ولكن ما الحل إذا كان المستهلكون المدنيون ” في مركز اضعف من المهني ” الدائن ” وليس أمامهم وسيلة أخرى للدفاع عن مصالحهم الجماعية سوى الامتناع عن الدفع ، وهل سيكون ها العمل مشروعا من جانب المستهلكين الذين نفذوا أوامر جمعية حماية المستهلك بضرورة الإمتناع عن الدفع لا يوجد نص صريح في القانون المصري أو الفرنسي ، يعطي للمستهلكين مثل هذا الحق ، ولذلك نرى أنه يجوز للمستهلكين الالتجاء إلى مثل هذا كل وعلى جهة الإدارة المختصة أو المعينة بهذا النزاع القائم بينها وبين المستهلكين ، إن تنتقي بأقصى سرعة ممكنة ، لجنة محايدة من أصحاب الكفاءة من رجال الإدارة ن وممثلين عن المستهلكين ، وإن تعمل اللجنة إلى حل يرضي الطرفين إلى حل عادل للنزاع ، فإذا لم تتوصل هذه اللجنة إلى حل يرضى الطرفين المتنازعين ، وجب عرض النزاع فورا من جانب جمعية حماية المستهلك أمام القضاء .
الفرع الثاني :- دور جمعــيات حماية المستهلك في المغرب
في المغرب توجد 25 جمعية حماية المستهلك إلا أن دورها لا زال غير فعال لأنها تفتقد للتنظيم القانوني والدعم المالي ورغم ذلك نجد جمعية أطلس سايس قد قدمت مقترح قانون متعلق بإخبار وحماية المستهلك يتضمن 168 مادة أهم هذه المواد :
-المادة 6 المتعلق بضرورة إخبار المستهلك بالأثمان وشروط البيع ” تطبق على القواعد المتعلقة بتحديد الأثمان وشروط البيع ” تطبيق على القواعد المتعلقة بتحديد الأثمان 2-3-4-5-83 من قانون رقم 06-99 المتعلق بحرية الأسعار المتنافسة .
– المادة 60 ” تعتبر على الأخص شروطا تعسفية في العقود المبرمة بين البائع أو مقدم الخدمة والمستهلك الشروط التي يكون موضوعها.
1- الإلتزام البات من طرف المستهلك بالأداء الفوري مقابل اقتران التزام البائع بشرط معلق على إرادته المفردة .
2- تغيير الثمن وفق عناصر مرتبطة بالإرادة المنفردة للبائع أو لمقدم الخدمة
3- احتفاظ البائع بحقة الإنفرادي في تغيير خصائص المبلغ أو الخدمات المقدمة …. “-27-
-المادة 62 التي نصت على إنشاء لجنة الشروط التعسفية التي جاء فيها ” تنشأ داخل المجلس الوطني الاستهلاك لجنة تسمى بلجنة الشروط التعسفية يحدد تكوين هذه اللجنة وطريقة عملها بنص تنظيمي ”
كما نجد أم جمعية حماية المستهلك قد نصت على إنشاء مجلس وطني يختص في البت في كل المسائل التي ترفع إليه بخوص حماية المستهلك ويشارك في إعداد وتطبيق السياسية الوطنية الاستهلاك تحت إشراف الوزير الأول .
كما تم تحديد مهام المجلس الوطني الاستهلاك على الخصوص من القيام بصفة استشارية بالدراسة المسبقة لمشاريع النصوص القانونية والتنظيمية المتعلقة بحماية المستهلك والتي تعرض عليه من طرف السلطات المختصة كما أنه يقوم بـأطير الحوار بين ممثلي المستهلكين وممثلي المهنيين والمراقبين والسلطات العامة في كل ما يتعلق بقضايا الاستهلاك كل هذا نجده في الفصـل 153 من مقترح قانون حماية المستهلك (جمعية أطلس سايس- فاس-)

خاتمــــة

من الملاحظ أن هذه الحماية ضعيفة ومحدودة في المستويات الثلاث التي تعرضنا لها، لهذا يجب أن تكشف الجهود على هذه المستويات لتوفير الحماية المطلوبة والكفيلة للمستهلكين، ويتم ذلك بإيجاد مدونة خاصة لحماية المستهلك تكون رهن إشارة المعنيين بالأمر، وتسهل دور الأجهزة في القيام بمهمتها وتقوية الجهاز الإداري بالزيادة في أطرها المتخصصة وإتاحتهم الظروف المادية اللازمة لكي بقوموا بدورهم أحسن قيام علاوة على ذلك وعلى المستوى القضائي يجب تقوية هذا الجهاز وذلك عن طريق تكوين قضاة متخصصين في هذا الشأن ” القضاء الواقف” القضاء الجالس” وتوفير الإمكالنيات المادية الضرورية لتأدية دورهم في هذا الميدان وإعطاء نتائج مشرفة كذلك. ولكي يتم الوصول لحماية مثالية للمستهلك يجب أن لا نغفل الدور الذي يمكن أن يقوم به المستهلكين أنفسهم باتخاذهم المبادرة بتأسيس جمعيات هدفها الحماية.