تحويلات

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف ابراهيم الشناوى رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد محمد عبد المجيد وعزيز بشاى سيدهم ومحمد عبد الرازق خليل وفاروق عبد الرحيم غنيم. المستشارين.

* إجراءات الطعن

في يوم الأثنين الموافق 18 من فبراير سنة 1980 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن السيد وزير المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 472 لسنة 26 القضائية ضد السيدة/ حانين بول طرايديان عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 25 من ديسمبر سنة 1979 في الدعوى رقم 677 لسنة 28 القضائية المقامة من المطعون ضدها ضد:

1- وزير المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية.

2- بنك الأسكندرية فرع قصر النيل بالقاهرة الذى قضى.

أولاً: برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى.

ثانياً: برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.

ثالثاً: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة.

رابعاً: بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بالغاء قرار خصم ضريبة التحويلات الرأسمالية المفروضة بالقانون رقم 149 لسنة 1964 من المبلغ الذى حولته المدعية من حسابها غير المقيم ببنك الأسكندرية فرع قصر النيل بتاريخ 1/4/1974 والزام الحكومة بالمصاريف.

وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والحكم بقبول الطعن شكلاً وبالغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً برفضها مع الزام المطعون ضدها بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.

وأعلن تقرير الطعن قانوناً وعقبت هيئة مفوضى الدولة على الطعن بتقرير بالرأى القانونى مسبباً ارتأت فيه الحكم:

أولاً: برفض طلب وقف التنفيذ مع الزام الطاعن مصاريف هذا الطلب.

ثانياً: الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصاريف.

وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة أول مارس 1982 ثم قررت الدائرة بجلسة 3 من مايو سنة 1982 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) وحددت لنظره أمامها جلسة 12 من يونيه 1982 حيث نظرته المحكمة على الوجه المبين بمحاضرها وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من ايضاحات قررت بجلسة 29 من يناير سنة 1983 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسوته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

* المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.

من حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

ومن حيث أن وقائع المنازعة تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أنه بتاريخ 10 من أبريل 1974 أقامت السيدة/ جانين بول مرابيديان الدعوى رقم 677 لسنة 28 القضائية أمام محكمة القضاء الإدارى ضد:

1- وزير المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية.

2- بنك الأسكندرية فرع قصر النيل بالقاهرة طالبة الحكم بالغاء القرار المطعون فيه وما يترتب عليه من آثار مع المصروفات والأتعاب.

وجاء في بيان الدعوى أنها في 1/4/1974 تقدمت بطلب إلى وزير المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية أوضحت فيه أنها حولت في ذات التاريخ مبلغاً من حسابها لدى بنك الأسكندرية فرع قصر النيل – تحويلاً داخلياً طبقاً لمعاهدة زيورخ إلى السفارة الفرنسية بالقاهرة، فقام البنك بخصم 5% من المبالغ المحولة كضريبة رأس مالية لصالح الخزانة و 6% كضريبة مستترة في صورة قومسيون مصرفى باهظ، ولأن هذا الخصم لا يتفق مع الدستور والقانون فقد التمست الغاء الخصم الذى تم في 1/4/1974 بمناسبة التحويل المشار إليه، ولما لم يصادف طلبها قبولاً فقد أقامت هذه الدعوى طعناً في القرار السلبى بالامتناع عن الغاء الخصم.

وعقبت إدارة قضايا الحكومة فدفعت بعدم الاختصاص الولائى للمحكمة تأسيساً على أن المنازعة في نكاق المعاملات المصرفية التى تجريها البنوك التجارية وفقاً لأحكام القانون التجارى، وليست محليها قراراً إدارياً. كما دفعت بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في القضية رقم 2508 لسنة 26 ق بجلسة 23/11/1976 بالغاء القرار المطعون فيه وقد صار حكماً نهائياً. ودفعت بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها على غير ذى صفة وباعتبار أن صاحب الصفة في الدعوى هو وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية لأن وزارة الاقتصاد استحدثت في التشكيل الوزارى بعد أن كانت جزءاً من أعمال وزارة المالية. وأشارت إلى أن القرار المدعى وجوده هو منشور يتضمن القواعد اللازمة لتنفيذ القانون رقم 149/1964 ولا يرقى إلى مرتبة القرار الإدارى. وعن الموضوع أبدت الإدارة أن القانون رقم 149/1964 قضى في مادته الأولى بفرض ضريبة قدرها 5% على التحويلات الرأسمالية والتحويلات الخاصة بالأمانات والمبالغ المرخص بها للمسافرين إلى الخارج أيا كانت طريقة التحويل حتى ولو حملها المسافر عند خروجه من البلاد. وقد أصدرت الإدارة العامة للنقد منشوراً للبنوك في 11/4/1964 يتضمن القواعد اللازمة لتنفيذ هذا القانون ويحدد مضمون التحويلات التى يستحق عنها الرسم ولما كانت الحسابات المجمدة أحد أنواع الحسابات غير المقيمة ومن بينها الحسابات الفرنسية مودع بها مبالغ ذات طبيعة رأسمالية غير قابلة للدفع في الخارج من وجهة نظر الرقابة على النقد، فقد وجدت الإدارة العامة للنقد أن سلامة تنفيذ المادة الأولى من القانون المشار إليها بنظر تحصيل ضريبة الـ 5% عل المبالغ التى يتم صرفها محلياً خصماً من الحسابات المجمدة. وبناء على ذلك قام البنك بخصم الضريبة المذكورة على المبلغ المحول، واستطردت الإدارة إلى أن المدعية حولت جزءاً من حسابها المجمد غير المقيم إلى السفارة الفرنسية المقيدة طبقاً للعرف والأوضاع الدبلوماسية جزءاً من الدولة الفرنسية وبذلك يكون التحويل قد تم إلى الخارج حقيقة وفعلاً.

وبجلسة 25 من ديسمبر سنة 1979 أصدرت المحكمة حكمها موضوع الطعن الماثل على الوجه السالف بيانه، وأقامت قضاءها في الدفع بعدم الاختصاص الولائى للمحكمة على أن النزاع في حقيقته قائم بين المدعية ووزارة المالية حول قرار الإدارة العامة للنقد بتحصيل الضريبة المذكورة من المبلغ الذى حولته المدعية من حسابها غير المقيم إلى حساب آخر غير مقيم داخل البلاد وأن إجراءات البنك لا تعدوا أن تكون إجراءات تنفيذية ومن ثم يدخل النزاع في اختصاص المحكمة طبقاً لقانون مجلس الدولة. وبالنسبة إلى الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بمقتضى الحكم الصادر بجلسة 23/11/1976 في الدعوة رقم 2508 لسنة 26 ق فقد ذهب الحكم إلى أن القرار محل الدعوى المذكورة – وهو قرار بالخصم استبقاء لذات الضريبة يختلف عن القرار موضوع الدعوى الماثلة في المبلغ المحول وفى تاريخ التحويل وفى مقدار الضريبة المخصومة، وبالتالى فلا حجية للحكم الصادر فيها في المنازعة الحالية. وعن الدفع بعدم القبول الشكلى لم تبين تاريخ التشكيل الوزارى الذى استحدث وزارة الاقتصاد ونقل إليها أعمال الرقابة على النقد وما إذا كان هذا التاريخ سابقاً أو لاحقاً للقرار المطعون فيه، كما أن الدعوى موجهة في الأصل إلى وزير المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية أى أن الجهة المختصة كانت مختصة في الدعوى وقدمت فيها دفاعاً …. وفى الموضوع بنى الحكم المطعون فيه قضاءه على أن المستفاد من المادة الأولى من القانون رقم 149 لسنة 1964 بفرض رسم على التحويلات الرأسمالية، أن الواقعة المنشئة للضريبة لا تتحقق إلا بتوافر شروط ثلاثة هى:

أولاً: التحويل أى أن يلجأ شخصى إلى مصرف للحصول على حاجته من النقد الأجنبى مقابل دفع قيمته نقداً في مصر.

ثانياً: أن يكون التحويل إلى الخارج، أى أن يكون دفع النقد الأجنبى خارج البلاد، مع اعتبار المبالغ التى يحملها المسافرين ضمن خروجه من البلاد دفعاً في الخارج.

ثالثاً: أن يكون التحويل لأحد الأغراض التى حددها القانون وهى المبالغ التى لها صفة رأس المال والاعانات والمبالغ التى يرخص بها المسافرين لمواجهة نفقاتهم في الخارج، وان الثابت من أوراق الدعوى أن المدعية لم تقم بتحويل جزء من حسابها المجمد غير المقيم إلى الخارج تحويلاً حقيقياً فعلياً بالمعنى الذى قصده القانون رقم 149/1964 وإنما نقلت جزءاً من حسابها إلى حساب آخر مجمد غير مقيم داخل البلاد وبذلك تنتفى الواقعة المنشئة للضريبة المفروضة بالقانون المذكور ويكون صمها من المدعية على غير أساس سليم من القانون دون أن يغير من ذلك القول بأن السفارة الفرنسية بالقاهرة تعتبر جزءاً من الدولة الفرنسية طبقاً للعرف والأوضاع الدبلوماسية لأن ذلك تقرر في القانون الدولى كامتياز للمبعوثين الدبلوماسيين لتبرير عدم التعرض لدار البعثة السياسية الأجنبية وقد عول عن هذا التبرير في الوقت الحالى، كما أن التحويل تم لحساب السفارة غير المقيم في البنوك المحلية وهى تقع خارج مقر السفارة ومن حيث أن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله وحاصل أسبابه:

أولاً: أن المنازعة في حقيقتها هى منازعة تجارية تخرج عن اختصاص مجلس الدولة، لأن المدعية تطلب رد المبلغ الذى تم انقطاعه وهو ليس فقط ما خصم منها كضريبة (5%) وإنما أيضاً ما تم خصه كعمولة مصرفية (6%).

ثانياً: أن الثابت أنه بعد رفع الدعوى استحدثت وزراة الاقتصاد والتجارة الخارجية كوزارة مستقلة وهى الوزارة صاحبة الصفة في الدعوى وكان ينبغى تصحيح شكل الدعوى بتوجهها إليها ذلك أن الدفع المتعلق بذلك هو من النظام العام ويجوز ابداؤه في أى وقت.

ثالثاً: أن ما تم خصمه كضريبة لم يستند إلى قرار وإنما إلى أحكام القانون رقم 149 لسنة 1964 وان منشور إدارة النقد بشأن كيفية تنفيذ أحكام القانون لا يرقى إلى مرتبة القرار الإدارى.

رابعاً: أنه لا يمكن الحكم على مدى صحة قضاء الحكم المطعون فيه في الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها لعدم العثور على ملف الدعوى رقم 2508 لسنة 26ق.

خامساً: إن حكم المادة الأولى من القانون رقم 149 / 1964 المشار إليه جاء مطلقاً دون تحديد، فقد اشترط أن يكون التحويل للخارج دون أن يتطلب أن يكون هذا التحويل فعلياً بل قد يكون حكمياً، كما أن التحويل تم إلى سفارة فرنسا وهى تعتبر طبقاً للعرف الدبلوماسى جزءاً من الدولة الفرنسية وما رددته المحكمة من أن التحويل قد تم لحساب السفارة غير المقيم في البنوك المحلية مردود بأنه لا يمكن الفصل بين الشخص الاعتبارى وذمته المالية كما أن القول بأن التحويل إلى السفارات الأجنبية لا يعد تحويلاً إلى الخارج قد يفتح الباب على مصراعيه لتهريب الأموال الوطنية إلى الخارج لعدم امكانية تطبيق قوانين النقد على هذه الأموال على النحو الواجب اتباعه مما يضر بالصالح العام.

ومن حيث أن إدارة قضايا الحكومة قدمت مذكرة لاحقة قالت فيها أنه لا وجه للاستناد إلى الحكم الصادر في القضية المنضمة رقم 2508 لسنة 26 القضائية المشار إليها عند الفصل في هذا الطعن، لاختلاف الموضوع في كل منهما، فالمدعية في القضية المنضمة قامت فقط بتحويل مبلغ من حسابها المجمد غير المقيم إلى حساب آخر غير مقيم ومن ثم فلم يقيد الحكم الصادر في الدعوى المنضمة مثل هذا التحويل أنه قد تم إلى الخارج حقيقة ولا ينطبق في شأنه القانون رقم 149 لسنة 1964 وهو ما يختلف تماماً عن موضوع الطعن الراهن اذ قامت المطعون ضدها بتحويل جزء من حسابها غير المقيم إلى السفارة الفرنسية التى تعتبر بموجب أحكام القانون الدولى جزءاً من الدولة الفرنسية وبالتالى يكون التحويل قد تم إلى الخارج بما يؤدى إلى انطباق أحكام القانون وبالتالى إلى تحصيل الضريبة المقررة والتى تتحقق سواء كان التحويل فعلاً أو حكماً.

ومن حيث أنه عن الدفوع التى آثارتها الحكومة في الدعوى والطعن الماثل عن الاختصاص والصفة وسابقة الفصل في الدعوى، فجميعها مردودة ولا سند لها من القانون، ذلك أن اختصاص القضاء الإدارى بنظر تلك المنازعة قائم نظراً إلى أن محل الدعوى مثار الطعن – وعلى ما يبين من عريضتها – هو طلب الغاء قرار الجهة الإدارية ممثلة في وزير المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية السلبى بالامتناع عن الغاء الخصم الذى تم في 1/4/1974 بمناسبة التحويل الذى أجرته المدعية من حسابها غير المقيم لدى بنك الأسكندرية فرع قصر النيل إلى حساب السفارة الفرنسية بالقاهرة، وبهذه المثابة كانت المنازعة ادارية بطلب الغاء قرار ادارى وليست منازعة تجارية ولذا تختص بها محاكم مجلس الدولة طبقاً لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة. كذلك فقد وجهت الدعوى إلى الجهة الإدارية صاحبة الصفة وهى وزارة المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية باعتبارها الوزارة المتصلة بالنزاع موضوعاً، أما القول كما ذهب الطعن باستحداث وزارة للاقتصاد في التشكيل الوزارى بعد رفع الدعوى ينيط بها جزءاً من أعمال وزارة المالية فلا أثر له على أوضاع الدعوى الشكلية ما دام أن الثابت أن الجهة الإدارية اتصلت بالنزاع وتمكنت من ابداء دفاعها فيه فتصدت لموضوعه على نحو بات معه الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة ولا وجه له – أما الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بمقتضى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 23/11/1976 في الدعوى رقم 2508 لسنة 26 القضائية، فلا أساس له لاختلاف موضوع الدعوى المذكورة عن موضوع الدعوى المنظورة من ناحية من ملف القضية سالفة الذكر والذى أمرت المحكمة بضمه إلى الطعن الماثل بجلسة 30 من أكتوبر سنة 1982.

ومن حيث أن القانون رقم 149 لسنة 1964 بفرض رسم على التحويلات الرأسمالية والتحويلات الخاصة بالاعانات والمسافرين ينص في مادته الأولى على أن “تفرض ضريبة قدرها 5% على التحويلات الرأسمالية والتحويلات الخاصة بالاعانات والمبالغ المرخص بها للمسافرين إلى الخارج أيا كانت طريقة التحويل حتى ولو حملها المسافر عند خروجه من البلاد”.

ومن حيث أن مؤدى النص المتقدم أن التحويلات الخارجية الرأسمالية والتحويلات الخاصة والاعانات والمبالغ المرخص بها للمسافرين إلى الخارج هى التى يتحقق بشأنها الواقعة المنشئة للضريبة المفروضة بالقانون المذكور، أما الانفاق المحلى بطريق الخصم من أرصدة الحسابات غير المقيمة ومن بينهما الحسابات الجارية المجمدة لدى البنوك المحلية فلا يعتبر تحويلاً إلى الخارج في تطبيق أحكام هذا القانون، إذ لا يؤدى ذلك إلى دفع في الخارج وهو شرط أساسى لاستحقاق تلك الضريبة، ومن ثم لا يتحقق هذا الشرط بإضافة المبلغ محل هذا الاتفاق إلى أى حساب آخر غير مقيم لسفارة أجنبية لدى أحد البنوك المحلية، فمهما كانت المزايا المقررة في القانون والعرف الدوليين للسفارة الأجنبية وما يضيفانه عليها من أوضاع دولية فإن أرصدة هذا الحساب تظل واقعاً وقانوناً داخل الدولة الكائن بها دار السفارة ولا تعد فعلاً أو حكماً لدى البنوك الدولية الأجبية، ومن ثم فإن المبالغ المضافة عملياً إلى أرصدة هذا الحساب لا تعد تحويلاً إلى الخارج في معنى القانون رقم 149 / 1964 المشار إليه – ولا ينال من ذلك ما أثاره الطعن عن تهريب الأموال إلى الخارج فيما لو لم تفرض الضريبة على التحويلات التى تتم إلى السفارات الأجنبية، فتلك مسألة لا شأن لها بأمر استحقاق الضريبة من عدمه حيث المناط في فرضها هو تحقق الواقعة المنشئة لها على ما سلف البيان، فضلاً عن أن تهريب الأموال إلى الخارج من جرائم النقد التى تكفلت بها قوانين النقد ولا حصانة لأحد في مواجهتها.

ومن حيث أنه بناء على ما تقدم، لما كان الثابت من الأوراق أن المدعية قامت بتاريخ 1/4/1974 بصرف مبلغ من حسابها غير المقيم لدى بنك الأسكندرية – فرع قصر النيل – لحساب السفارة الفرنسية غير المقيم لدى بنك القاهرة، فإن ما تم على هذا النحو لا يعد من التحويلات الخارجية الرأسمالية التى تستحق عنها الضريبة المفروضة بمقتضى المادة الأولى من القانون رقم 149 لسنة 1964 المشار إليه. وبالتالى فإن الضريبة المخصومة من حساب المدعية بمناسبة هذه العملية (5%) تكون غير مستحقة قانوناً واجبة الرد مما يتعين معه الغاء القرار المطعون فيه فيما انطوى عليه من امتناع عن الغاء خصم هذه الضريبة. أما ما تم خصمه من حساب المدعية كعمولة مصرفية (6%) فلا محل لاثابته في الطعن الماثل، مادام أنه مقام من الحكومة وحدها وأن – الحكم المطعون فيه لم ينص بشئ في أمر هذه العمولة.

ومن حيث أنه لما تقدم من أسباب لا يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون ويكون الطعن عليه في غير محله متعين الرفض والزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الحكومة بالمصروفات.