حكم التبتيت .. طبيعته وآثاره واشهاره بالسجل العقاري بتونس.

المقدمة:

يعتبر العقار بمختلف اصنافه وحدة اقتصادية , اجتماعية واستثمارية وقد عرفه المشرع ضمن الفصل الثالث من مجلة الحقوق العينية الذي جاء فيه “العقار هو كل شيء ثابت في مكانه لا يمكن نقله منه بدون تلف”, وقد اقترن مفهوم العقار باهم مبدأ من المبادئ الدستورية التي اقرتها كل من الشريعة الاسلامية, الاعلان الدولي لحقوق الانسان وكذلك الدساتير الوضعية وهو “حق الملكية” الذي يتمثل في سلطة الشخص على العقار في استغلاله واستعماله والتفويت فيه. ويعبر عن هذه التصرفات القانونية في القانون الرماني Fractus-usus Abusus وقد نظم المشرع التونسي طرق وأسباب اكتساب الملكية التي يمكن ان تكون ارادية او بحكم القانون. ويعتبر البيع من أبرز التصرفات القانونية التي تنصب على العقار وتمثل سبب من اسباب اكتساب الملكية وقد نظم المشرع ضمن مجلة الالتزامات والعقود وعقد البيع, الا ان هذا التصرف القانوني يمكن ان يكون “اراديا” برضى البائع اوقضائيا وهو “البيع القضائي” باعتباره يؤدي الى ” انتزاع ملكية الاموال من المدين رغما عنه ودون رضاه” وفي هذا الاطار سنتناول بالدرس تبتيت العقار وهو بمثابة البيع الجبري اوالقضائي وقد تناول المشرع التونسي هذا النوع من البيوعات ضمن مجلة المرافعات المدنية والتجارية وميزه باجراءات خاصة وذلك ضمانا لحقوق الدائنين لاستخلاص ديونهم المتخلدة بذمة المدين المعقول عنه وكذلك حماية لحق المدين المذكور. وبالتالي كانت الفصول 424 الى 462 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية هي المنظمة لعقلة العقارات وبيعها.
وبالتالي سنتناول مبحث اول حكم التبتيت واثاره القانونية على ان نبين في مبحث ثاني ابطال التبتيت واثاره القانونية

المبحث الاول : حكم التبتيت واثاره القانونية
للبحث في هذا المبحث سنتناول في الفرع الاول مراحل القضاء بتبتيت العقار وفي الفرع الثاني الطبيعة القانونية لحكم التبتيت واثاره.

الفرع الاول : مراحل القضاء بتبتيت العقار
الفقرة الاولى : تحديد موعد جلسة التبتيت
لقد اشترط المشرع ضمن احكام الفصل412 /8 من م م م ت تنصيصات وجوبيا بكراس الشروط المستوحية في دعوى التبتيت وهي تحديد وبيان يوم البتة وساعتها والمحكمة التعهدة اذ ان قضايا التبتيت تكون مهياة وجوبا للحكم لتجاوزها مرحلة الخصومة القضائية وانتهاء الحكم فيها وينحصر نظر دائرة البيوعات العقارية على التثبت والتحقق من سلامة الاجراءات التنفيذية وعدم الاخلال بها دون البت في الامور الاصلية ولذلك لا تخضع قضايا التبتيت لاجراءات سير القضايا التحضيرية والمرافعة ثم الحكم اذ يعتبر التبتيت اجرا قضائيا تنفيذيا تباشره المحكمة باول جلسة ودون تاخير وقد نص المشرع بالفصل 422 م م م ت على وقوع البتة في اجل لا يقل على اربعين يوما ولا يزيد على ستين يوما من تقديم كراس الشروط الى كتابة المحكمة والهدف من ذلك اعطاء الوقت الكافي للمحامي القائم بالتتبع ان تقام الاشهارات القانونية وتخويل كل من له مصلحة من الاعتراض على اجراءات العقلة او طلب توقيف تنفيذها كما ان اختيار الاجل الاقصى بـ60 يوما يهدف الى عدم ابقاء العقار تحت مفعول العقلة مدة طويلة مما يضر به وبوظيفته الاجتماعية وتنطبق على الاجال المذكورة بالقواعد المقررة بالفصول 140 وما بعده من م ا ع ولذلك فان يوم ابتداء عد مدة الاجل لا يكون معدودا منه واذا وافق حلول الاجل يوم عيد رسمي يعتبر مكانه اليوم الذي يليه مما ليس بعيد وفقا لما في الفصل 143 م ا ع

الفقرة الثانية : الاستثناء تاجيل البتة
لا يتم تاجيل البتة استثنائية الا لسبب خطير او تلقائيا من المحكمة ان لم تقع المزايدة بالجلسة الاولى وهو تاجيل ملزم للمحكمة ويجوز لها في حالات اخرى ان تجتهد في التاجيل

أ‌- التأجيل الوجوبي لموعد البتة :

تقرر المحكمة تاجيل البتة وجوبا من الحالات التالية :
– الحالة الاولى : حالة عدم حصول المزايدة وهي حالة وجوبية ليس للمحكمة الاختيار فيها وهي التي تضمنها الفصل 425 م م م من الفقرة السادسة المنقحة بالقانون عدد79 لسنة 2005 مؤرخ في 4 اوت 2005 الذي جاء فيها ان لم تقع مزايدة مدة اضاءة الانوار الثلاثة ولم يقبل الدائن تبتيت العقار لفائدته بالثمن الافتتاحي فعلى المحكمة تاجيل البتة مرة واحدة والنزول بالثمن الافتتاحي بنسبة اربعين بالمائة وتعين موعد لعقد جلسة التبتيت والغاية من التاجيل اعطاء اكثر فرصة لتكون اعمال العقلة منتجة لاثر اجابي بالنسبة للدائنين والقائم بالتتبع.

الحالة الثانية : حالة وجود سبب خطير وهي الصورة التي تضمنها الفصل 433 م م م لا يمكن تغيير تاريخ البتة الا لسبب خطير مبرر كما يجب ان يكون بحكم معلل وهو تاجيل وجوبي ويخضع السبب الخطير الى اجتهاد دائرة البيوعات العقارية ويصدر حكم في ذلك.
الحالات الاخرى : “بعض هذه الحالات الحالة الاولى حالة وفاة المدين” يكون التاجيل وجوبيا في حالات تعطيل وسائل التنفيذ من ذلك وفاة المدين اذ يجب ان تتواصل اعمال التنفيذ ضد ورثته طبق الفصل 289 م م م ت وهو يقتضي اما اعادة الاعلام بالسند التنفيذي او الاستمرار في التنفيذ بحسب الصيغ المبينة بالفصل 259 المذكور وهو امر منطقي اذ لا يمكن ان تمارس الاجراءات القضائية في حق شخص ميت او ضد شخص انتقلت اليه الملكية بالارث دون معرفة موقفه من قبول التركة او رفضها ودون ان يقوم استدعاءه, الحالة الثانية يحصل التاجيل وجوبا في صورة الطعن بالزور في سند العقلة او في محضر العقلة ولا يتم توقيف اعمال التنفيد بمجرد شكاية جزائية وانما يجب ان تقع احالة مرتكب الزور على المحكمة فالشكاية لا تكفي لايقاف اعمال التنفيذ لان المبدأ القائل بان الجناحي يوقف المدني يتعلق بالتقاضي وليس باعمال التنفيذ.

الحالة الثالثة : يحصل التاجيل ايضا وتتوقف الاجراءات في صورة تفليس المدين وبالتالي تباشر اعمال التنفيذ ضد امين الفلسة الفصل 457 من المجلة التجارية.

الحالة الرابعة : يحصل التاجيل وجوبا اذا تقرر فتح اجراءات التسوية القضائية في حق المدين المعقول فيه اذ اقرت احكام الفصل 449 من المجلة التجارية قاعدة تعطيل كل عمل تنفيدي فقد اقتضى الفصل المذكور “يتعطل خلال فترة المراقبة ولمدة لا يتجاوز في جميع الحالات الاثنى عشر شهرا كل عمل تنفيذي يرمي الى استخلاص ديون سابقة لفترة المراقبة او الى استرجاع منقولات او عقارات بسبب عدم اداء دين” كما خص الفصل المذكور العقلة الجارية بنظام خاص وهو تعليق اعمال العقلة في الحد الذي انتهت اليه فقد نص الفصل المذكور انه ” ويترتب عن فتح المراقبة تعليق اجراءات العقل المضروبة على اموال المؤسسة في الطور الذي بلغته وتودع المحكمة المتعهدة بالعقلة الملف لكتابتها ويرفع التعليق اليا في صورة الحكم برفض طلب التسوية وفي صورة الحكم بمواصلة النشاط او باحالة المؤسسة او بكرائها كراء مشفوعا باحالتها او باعطائها للغير في اطار وكالة حرة ترفع العقل اليا.

الحالة الخامسة : يحصل التاجيل وجوبيا في صورة وفاة المحامي القائم بالتتبع لانه ينجر عنه تعطيل تنفيذ اجراءات تنفيذ اجراءات المزايدة التي تستوجب حضور محامي لدى التعقيب وعليه يتم التاجيل ليكلف القائم بالتتبع محاميا اخر وفي هذه الحالة وجب تاحيل اجراءات البتة وتعطيل المواعيد الجارية تعيين تاريخ البتة من جديد في اجل لا يزيد عن 60 يوما من تاريخ البتة الاولى.

الحالة السادسة : يحصل التاجيل في الحالة الواردة بالفصل 440 م م م ت وهي تخص الدائن الذي يطلب احلاله محل القائم بالتتبع عندما لا يتمم هذا الاخير احد الموجبات او لم يقم بعمل من اعمال الاجراءات في الأجال المضروبة.

لا بد من الاشارة وان الاسباب المذكورة لتاجيل البتة لا تثيرها المحكمة من تلقاء نفسها وانما يتم المكالبة بها من كل من له مصلحة وعلى القاضي عند الطلب التصريح بوجود السبب الخطير واصدار حكم معلل في ذلك ويخضع التعليل الى ضوابط موضوعية تتصل بالحالات الوجوبية للتاجبل وفق ما تم بيانه.

ولكن ما هي طبيعة هذا الحكم ؟ فهل تصدره دائرة البيوعات العقارية نهائيا وفق الفصل 441 م م م ت ولا يقبل الطعن بالاستئناف ولكن يمكن الطعن فيه بالتعقيب؟ ام يصدره القاضي الاستعجالي من اطار ولايته بشرط التاكد وعدم المساس بالاصل وفق الفصل 201 وما بعده من م م م ت؟ يصدر حكم التاجيل عن دائرة البيوعات العقارية صاحبة الاختصاص من الفصل 441 م م م ت وهذه المؤهلة لتقدير الجدية في التاجيل ويصدر في ذلك حكما يجب ان يحتوي على بيان اسبابه برأى معلل وتحديد التاريخ الجديد للبتة الذي لا يمكن ان يزيد عن 60 يوما من تاريخ البتة الاولى ويعتبر التاجيل هو من اجراءات العقلة وان الطعن في اجراءاتها لا يخرج عن احكام الفصول 433 الى 436 م م م ت في الاجال المقررة بالفصل 437 م م م ت وان كل قيام خارج هذه الصيغة او هذه الاجال يؤدي الى سقوط الحق.

ب : التاجيل الاختياري لموعد البتة :
في غير الحالات السابقة تمكن المحكمة ان تجتهد في التاجيل كان يدفع المدين بانه تولى الخلاص جزء هام من الدين اساسي العقلة ويطلب تبعا لذلك التاجيل لخلاص الباقي ولما كانت الغاية من التبتيت ليس التنفيذ على المكاسب وغصب المدين على مغادرة ملكه وانما هو السعي لاستخلاص الدين وكلما اثبت جدية الخلاص كدفع جزء هام من مبلغ الدين او مصادقة الدائن القائم بالتتبع على طلب التاجيل فانه يمكن للمحكمة تاجيل موعد البتة وقد منح المشرع القاضي سلطة تقديره من خلال احكام الفصل 433 م م م ت ويمكن ان يستأنس فيها باحكام الفصل 137 م اع ان يمكن القاضي اعطاء المدين اجلا معقولا لتنفيذ الحكم مع اتخاذ الاحتياط اللازم وعدم حصول ضرر للدائن وشرط ان يسير الاجل الممنوح الخلاص وان يرجع عدم التنفيذ لاسباب خارجة عن ارادة المدين.

الفقرة الثالثة : التبتيت في صورة شمول العقلة لعدة عقارات :
لقد خول المشرع ضمن احكام الفصل 424 من م م م ت الدائن القائم بالتتبع ان يطلب في ان واحد عقلة عقارين او اكثر من العقارات التي هي على ملك مدينه ولو كانت بدوائر عدة محاكم وفي هذه الصورة يتم تحرير محضر عقلة او انذار لكل عقار على حدى ويتم البيع في وقت واحد ووفق اجراءات وحيدة اذجاء بالفصل المذكور في فقرته الثانية :” ان البيع يتم في ان واحد وحسب اجراءات وحيدة” ويعني ذلك ان المحكمة تصرح بنتيجة التبتيت في محضر واحد يتضمن تفصيلا لنتيجة التبتيت الايجابي في بعض العقارات التي تم بيعها والتنصيص على تلك التي لم تحصل فيها المزايدة.

وتبعا لذلك لا يمكن لدائرة البيوعات العقارية البيع الا في ختام المزايدة لكامل العقارات واذا حصلت النتيجة في عقار مثلا فانها تسجل ارساء المزايدة على اخر مزايد وتؤجل التصريح بالتبتيت الى حين اتمام الاجراءات في باقي العقارات وتصرح بعد ذلك بنتيجة التبتيت بمحضر يتضمن تفصيلا لمآل كل عقار في البتة ولا يجوز لها الحكم بالتبتيت في عقار ثم تواصل المزايدة في غيره والعمل بخلافه يخرق الفقرة الثانية من الفصل 424 من م م م ت.

الفرع الثاني : شكليات البتة :
الفقرة الاولى : المحكمة المتعهدة بالبتة :
جاء بالفصل 429 م م م ت انه ” تقع البتة بجلسة العقلات العقارية بالمحكمة الابتدائية لمكان العقار” ويعد هذا الاختصاص حكميا وليس ترابيا (قرار تعقيبي مدني عدد2007/18447 مؤرخ في 11 جوان 2007 ويتطابق هذا التوجه التشريعي مع الاحكام الواردة بالفصل 38 م م م ت في المنازعات التي تتعلق بالغبن ويترتب عن هذا الاختصاص الحكمي ان كل الاجراءات المتعلقة بالبتة يكون من انظار محكمة مكان العقار ومنها الاذن على العريضة القاضي بمعاينة العقار وتحديد ثمن الافتتاحي وفق الفصل 411 م م م ت فرئيس المحكمة المتعهدة بقضية التبتيت دون سواه هو المختص بالنظر في مطلب الاذن على عريضة لتقدير قيمة العقار المعقول فالاختصاص موكول له بموجب القانون وليس باختيار الاطراف فلا يتم اعتماد عقد القرض مثلا التي يعطي الاختصاص في نزاعات تنفيذه الى المحكمة التي يعينها المتعاقدان ذلك ان العقلة تتميز بانها من انظار المحكمة الابتدائية الكائن بدائرتها العقار وينطبق ذلك على الاجراءات التحضيرية والتمهيدية للعقلة ومنها الاختبار كاجراء اولي لتبتيت العقار (قرار تعقيبي مدني عدد7992 مؤرخ في 12 فيفري 2018.

وتطبيق هذه القاعدة يجرنا الى ابداء ملاحظتين :
– الملاحظة الاولى : تخص تعدد العقارات المعقولة اد نص الفصل 124 م م م ت :” اذا كانت العقارات المجراة عليها العقلة موجودة بدوائر محاكم مختلفة فان البتة تقع امام المحكمة الابتدائية بمكان اهم العقارات” وبالتالي ينطبق تبعا لذلك معيار الاختصاص الحكمي وهو “مكان العقار” وليس مكان العقار الذي يختاره القائم بالتتبع وانما مكان اهم عقار فالمعيار الذي يحدد الاختصاص الحكمي للمحكمة التبتيت هو اهمية العقار.

– الملاحظة الثانية : يخص الصورة التي تكون فيها العقارات المعقولة تابعة لاستغلال واحد ان تتم المحكمة المختصة حكميا في هذه الصورة بالرجوع الى المحكمة الابتدائية بمكان المركز الاصلي للاستغلال تطبيقا لمقتضيات الفقرة الاخيرة من الفصل 424 م م م ت وبذلك يغير المشرع من معيار الاختصاص الحكمي فلم تعد محكمة مكان العقار وانما المركز الاصلي لاستغلال.

الفقرة الثانية : الاجراءات السابقة المتزايدة:

ضبط المشرع هذه الاجراءات بالفصل 425 م م ت وهي تتعلق :
1- تسعير المصاريف :
لقد اوجب الفصل 429 م م م ت على المحكمة واجب تسعير المصاريف قبل الشروع في المزايدة وهي تشتمل على المصاريف المبذولة في الاجراءات التحضيرية للعقلة من انذارات ومحضر العقلة للعقار واجرة الاختبار ومصاريف النشر والاعلان وغيرها كما تشمل اجور المحامي القائم بالتتبع المعتبرة ايضا من المصاريف والتسعير قابل للاعتراض في اجل 15 يوما من تاريخ الاعلام به والا يسقط الحق فيه وفقا للفصل 430 م م م ت وهذا الاعتراض على المصاريف لا يحول دون استمرار اجراءات البتة واذا كان حاصلا في الاجال يترتب عنه وقف اداء المصاريف والاجور المسعرة

2- تلاوة كراس الشروط
يقوم المحامي القائم بالتتبع تلاوة كراس الشروط والاعلان عن اهم التنصيصات المتممة لها ووصف العقار وموقعه وما يشتمل عليه من عقارات حكمية والاعلان عن السعر الافتتاحي والمصاريف المسعرة ويعلن عن التعديلات المدخلة على كراس الشروط ثم تفتح المزايدة

الفقرة الثالثة : المزايدة
1- جلسة المزايدة
تقع المزايدة بدائرة البيوعات العقارية في جلسة علنية ينادى فيها على كافة اطراف القضية ويقع التاكد مما اذا تم خلاص الدائن العاقل اصلا ومصروفا قبل يوم الجلسة لانه في صورة الخلاص توقف كافة اعمال التبتيت الفصل 425 م م م ت الا اذا كان هناك دائن اخر وطالب باحلاله محل العاقل القائم بالتتبع فلنه يقع احلاله محل وتاجل البتة الاتمام اجراءاتها من جديد (الفصل 440 م م م ت) وان لم يقع خلاص الدائن فانه ياذن للمحامي القائم بالتتبع بتقديم عرض موجز لاوصاف العقار المراد بيعه وما يتحمله من تكاليف والتذكير بالمصاريف والاجور المسعرة والثمن الافتتاحي والاعتراضات المسجلة بكراس الشروط وقد نظم الفصل 425 م م م ت المزايدة فهي تفتتح باضاءة نور اول يستمر دقيقة ثم بنور ثان بعد نهاية الاول وان وقعت مزايدة خلال احد الانوار فان ذلك النور الذى وقعت المزايدة يعتبر نور اول بحسب زمن اضاءته الاولى من لحظة المزايدة تلك وتستمر المزايدات على المزايدة الاخيرة لا يقع اثرها التبتيت للمزايد اذا استمر النور مدة دقيقة بعد المزايدة مع اشتعال نورين اخرين كل منهما دقيقة دون حصول اية مزايدة اخرى وعندها تعلن المحكمة عن حصول تبتبت العقارات لاخر مزايدة بالثمن الذي بذله تضاف له المصاريف المسعرة من المحكمة والتي يتحملها المبتت له.

2- الاطراف المشاركة في المزايدة
تقتضي المشاركة في المزايدة توفر شروط :
أ : الشرط العام : لا يمكن ان يشارك في المزايدة الا من امن ثلث الثمن الافتتاحي على الاقل باستثناء القائم بالتتبع والشريك فبيع المشترك صفقة بالمزاد وذلك لاضفاء الجدية على المزايدة حتى لا يحصل النكول فى المزايدة وحتى يستعمله المعقول عنه لتعطيل اجراءات البتة بطريقة غير مباشرة ولذلك لا تقع المزايدة الا بواسطة محام ومن أمن على الاقل بثلث الثمن الافتتاحي او انه يقدم شيكا مشهود له بتوفر رصيده او صكا بنكيا لا رجوع فيه تطبيقا للفقرة الاخيرة من الفصل 425 م م م ت باستثناء القائم بالتتبع وكذلك الشريك عند بيع المشترك صفقة بالمزاد العلني.

ب: الشروط المتعلقة بشخص المشارك
يعتبر التبتيت بمثابة العقد يشارك فيه كل طرف لا يخضع لموانع قانونية كان يكون فاقد الاهلية او محجور عليه ويخص الاشخاص الذين تضمنهم الفصل 6 من م ا ع او بصفة خاصة يهم اهلية الشراء لدى البعض فلا توجد قيود على المشاركة في المزايدة فهي لكل راغب في اقتناء العقار موضوع البتة.

والمزايدة هي عبارة عن قبول التعاقد طبق الفصل 36 من م ا ع وبالتالي يعتبر المزايد مشتريا يجب ان تتوفر فيه شروط اهلية الالتزام والالزام وقد حدد المشرع التونسي ضمن احكام الفصل 312 م م م ت الاشخاص الذين ليس لهم المشاركة في المزايدة وهم
– الاشخاص الفقدي الاهلية للشراء سواء اكانت عامة او خاصة بالمكاسب المعروفة للبيع وهم الاشخاص المحجر عليهم طبق للفصول 566-567-568-569-570 من م ا ع
– المعقول عنه المالك المبتت ضده اذ لا يمكنه ان يكون بائعا ومشتريا في نفس الوقت
– الاشخاص الذين اشتهروا بعسرهم كالذي تم اشهار افلاسه ويمكن لغير هؤلاء المشاركة في المزايدة بكامل الحرية ما دامت لهم الاهلية القانونية

ت: الشخص الذي ترسي عليه المزايدة
يعتبر الشخص الذي يرسي عليه الثمن الاخير مثبتا له ويتم التصريح بالتبتيت لفائدته اما اذا لم تقع المزايدة فانه يمكن للدائن القائم بالتتبع قبول تبتيت العقار لفائدته بالثمن الافتتاحي وان رفض تاجل البتة بعد النزول بالثمن الافتتاحي بنسبة اربعين بالمائة طبقا لاحكام الفصل425 من م م م ت واذا حصلت المزايدة لشخص غير ماهل فانه يمكن طلب ابطالها من كل من كان له مصلحة غير انه اذا ارسى الثمن على قاصر فانه لا يجوز ابطال التبتيت الا من وليه او منه اذى ترشد لان القاعدة وضعت لحمايته اما بالنسبة للاشخاص المشهورين بعسرهم فانه يجوز للقائم بالتتبع والمدين والدائنين المرسمين امكانية المطالبة ببطلان المزايدة والغرم عند الاقتضاء من اجل الاضرار بمصالحهم الشخصية ويشترط في ذلك اثبات العسر وهو ما حاول المشرع تفاديه من خلال اقرار وجوب تامين ثلث الثمن الافتتاحي على الاقل

3- نتائج المزايدة : يمكن ان ينتج عن المزايدة ثلاث حالات الاولى عدم وجود المزايدة نص الفصل 425 من م م م ت بالفقرة السادسة انه اذا لم تقع مزايدة عند اضاءة الانوار فان البيع يتم لفائدة القائم بالتتبع ما لم يرفض ذلك وان لم يبدي القائم بالتتبع رغبته في اقتناء العقار تاذن المحكمة بتاجيل البتة والحط من الثمن الافتتاحي بنسبة اربعين في المائة

الحالة الثانية تعدد المزايدة في صورة تعدد المزايدات المتتالية فان كل مزايدة تمحو التي سبقتها ولا يكون المزايد ملزما بما بذله كلما ظهرت مزايدة اخرى بعد مزايدته ولو كانت باطلة عملا بالفصل 425 من م م م ت

الحالة الثالثة في صورة حصول مزايدة واحدة فان القائم بالتتبع يصبح في حل من تبتيت العقار لفائدته ويصبح المزايد هو المبتت له

الفرع الثالث : الطبيعة القانونية لحكم التبتيت واثاره:
يعتبر حكم التبتيت من المسائل القانونية الاخلافية التي اثارت جدلا بين رجال القانون والفقهاء حول ما اذا كان ذلك القرار هو “الحكم” باتم معنى الكلمة او انه بمثابة “بيع تعاين حصوله المحكمة لا غير”

الفقرة الاولى : الطبيعة القانونية لحكم التبتيت :
لقد اقر المشرع التونسي ضمن فصول المرافعات المدنية اجراءات واحكام خاصة بحكم التبتيت وقد برزت هذه الخصوصية من خلال ما ورد بالفصول 412 وما بعده من المجلة المذكورة.

أ‌- حكم التبتيت هو قرار وضمن بمحضر :
جاء بالفصل 427 م م م ت :” تقرر المحكمة نتيجة التبتيت بمحضر يصاغ في الشكل العادي للاحكام ” وبالتالي فقد اعتبر التصريح بالتبتيت هو بمثابة قرار صلب محضر يأخذ شكل الحكم انما ليس هو بحكم وقد اكد الحكم المدني عـ69623ـدد المؤرخ في 5 نوفمبر 1999 هذا المبدأ وقد جاء فيه :” تقرر المحكمة نتيجة التبتيت بمحضر يصاغ في الشكل العادي للاحكام…” وبالتالي اعتبر المشرع التونسي وفقه القضاء ان التصريح بالتبتيت هو ” بمثابة قرار ياخذ من جهة شكله فهو شكل الاحكام وانما ليس هو بحكم ” وينص هذا المحضر الذي يحرر اثناء جلسة التبتيت على جميع الاجراءات المتبعة اثناء الجلسة والمصاريف المسعرة من المحكمة وبيان المبيت له وامضاءه مع محاميه وان كان عاتبا عن الجلسة فامضاء محاميه وذكر ثمن التبتيت بلسان القلم وهي البيانات الوجوبية الواجب تضمنينها بالمحضر حسب ما اقتضاه الفصلان 428 و431 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية وقد اقتضى الفصل الاخير ان نتيجة الحكم الى تسلم للخصوم ينبغي ان يذكرها ما ورد بكراس الشروط وما جاء به محضر التبتيت وبفوات آجالا التسديس يسلم نسخة تنفيذية من ذلك الحكم للمبتت له يقع اعلام المعقول عنه بذلك الحكم.

ب‌- الصبغة الباتة لقرار التبتيت :
جاء بالفصل 427 م م م ت :” ويكون هذا المحضر غير قابل لاي وجه من أوجه الطعن ولو بالتعقيب” فقد اقر المشرع التونسي الصبغة الباتة لحكم التبتيت خلافا للجميع الحكام الصادرة عن المحاكم التي ان يكن بعضها قابلا للطعن بالاستئناف فهي قابلة للطعن بالتعقيب وقد اقر فقه القضاء هذا المبدأ ضمن الحكم المدني عـ69626 المؤرخ في 5 نوفمبر 1999 المشار اليه اعلاه والذي جاء فيه ايضا ” ويكون هذا المحضر غير قابل لاي وجه من اوجه الطعن ولو بالتعقيب ولا يجوز الا القيام ببطلان البتة امام المحكمة الابتدائية ولكن مع مراعاة احكام الفصل 43″ وقد اقر الفصل 427 هذا المبدأ الذي اعتمدته المحكمة باعتباره قضى بانه لا يمكن القيام الا بطلب بطلان البتة امام المحكمة الابتدائية.
والاحكام الصادرة عن المحاكم كسلطة قضائية لا يقع ابطالها من طرف نفس المحكمة التي اصدرتها لمخالفة لنظرية ” رفع يد المحكمة عن الحكم الذي اصدرته ولكون الحكام تنقضي ولا تبطل لمخالفتها لامرا واقعي او قانوني ” وبالتالي اعتبر حكم التبتيت او بالاحرى قرار التبتيت ولئن صدر عن سلطة قضائية الا انه صدر عنه بصفته قرار قضائيا بل قرارا رجائيا لا يقبل الطعن بأوجه الطعون المقررة بمجلة المرافعات المدنية والتجارية بل هو يمكن ابطاله لا غير. ومن هذ السياق اعتبر القانون اللبناني قرار التبتيت بمثابة الحكم ولا يمكن ترسيمه بدفاتر ادارة الملكية العقارية الا بعد ان يحرز على قوة ما اتصل به القضاء.

الفقرة الثانية : الاثار القانونية لحكم التبتيت :
ان صدور قرار التبتيت عن المحكمة الابتدائية المختصة بالنظر في دعاوي البيع الجبري لعقار المدين المعقول عنه بسعي من الدائن العاقل ينتج اثاره القانونية والتي تتحدد في :

1) انتقال ملكية المبيع :
من اهم النتائج والاثار القانونية لقرار التبتيت او حكم التبتيت باعتباره بيعا جبريا وسببا من اسباب اكتساب الملكية وبالتالي فانه بمجرد صدور قرار التبتيت تنتقل ملكية العقار المعقول المبتت له ولكن لا يمكن الاحتجاج بهذه الملكية الا من تاريخ ادراج وترسيم قرار التبتيت بالرسم العقاري موضوع العقار المبتت في صورة كان العقار مسجل فقد الزم المشرع المبتت له خلال احكام الفصل 457 م م م ت :” يطلب ترسيم محضر التبتيت بالرسم العقاري في ظرف شهرين من تاريخ حكم التبتيت” ومرد هذا التوسيع في اجال التامين يعود اساسا الى الاجراءات الواجب القيام بها من طرف المبتت حتى يتمكن من العامين استخراج نسخة من محضر التبتيت والحصول على اذن العامين. والواجب المحمول على المبتت له الوارد ضمن 457 م م م ت يتماشى ومبدأ المفعول المنشىء للترسيم الواقع اقراره بموجب القانون عـ46ـدد لسنة 1992 المؤرخ في 04 ماي 1992 المتعلق بتنقيح واتمام بعض الفصول مجلة الحقوق العينية والتي اصبحت بمقتضاه الصكوك والاتفاقات والاحكام المحررة على قوة اتصال القضاء خاضعة لمبدأ الاثر المسر للترسيم سواء تعلق الامر بانشاء حق عيني او بنقله او بتعديله وبالتالي يكون ترسيم محضر التبتيت هو اساسا انتقال ملكية العقار المبتت. ويعتبر الفقهاء ان انتقال الملكية بموجب التبتيت مرتبط بشرط تعليقي هو دفع الثمن والمصاريف وعدم اعادة البتة للتسديس ويرى فقهاء اخرون ان انتقال الملكية مبني على شرط فاسخ هو اعادة تبتيت العقار لفائدة شخص اخر على اثر اعادة البتة للتسديس او بموجب النكول وبالتالي يتمتع المبتت له باعتباره بمثابة المشتري بجميع السلطات القانونية التي يخولها له القانون على العقار التي اقرها الفصل 17 من مجلة الحقوق العينية التي جاء فيه “الملكية هو الحق الذي يخول صاحب الشيء وحده استعماله واستغلاله والتفويت فيه” وبالتالي ليس بذلك المشتري اكثر ما كان مالك العقار المعقول عنه وليس لمحكمة البيوعات ان تحيل الحقوق لذلك المشتري اكثر مما كان المعقول عنه وهذا ما ااكده الفصل 426 م م م ت الا انه يصبح من حق المبتت له القيام بكافة الدعاوي المتعلقة بالعقار المبتت من كف شغب او حوز او استحقاق لذلك العقار والذي تختلف حسب صبغته.

2) ضمان البائع :
نظرا للصبغة الاجبارية لبيع العقار المعقول عنه عن طريق المحكمة وهو ما ينتج عنه قرار التبتيت لذلك يضمن المدين المعقول عنه وهو المالك للعقار المبتت استحقاق هذا الاخير ولا شيء على الدائن العاقل ذلك لان هذا الاخير ويعني بالدائن القائم بالتتبع والعاقل للعقار في الحقيقة ليس ببائع بل هو مستحق لدين بذمة المدين المعقول عنه وسعي بطريقة قضائية لضمان استحقاق دينه من ذلك العقار لا غير.
اما ضمان العيوب فانه بالرجوع الى احكام الفصل 674 من مجلة الالتزامات والعقود فان المعقول عنه لا يضمنه ان نص الفصل المذكور “لا قيام بالعيب فيما بيع على يد الحاكم “.

3) واجبات المبتت له : دفع الثمن والمصاريف المسعرة :
يعتبر الثمن في البيع العقاري احدى الاركان الوجوبية لانعقاد العقد وقد تعرض له المشرع ضمن فصول مجلة المرافعات المدنية والتجارية في حصول البيع الجبري خاصة الفصول 411 و412 و418 و419 فقد اوجب ان يحدد تقرير الاختبار القيمة الحقيقية للعقار الذي سيعتمد كثمن افتتاحي عند التبتيت وجعل هذا الثمن الافتتاحي احد التنصيصات الوجوبية لكراس الشروط وكذلك اوجب الاعلان عن الثمن الافتتاحي صلب الاشهارات المنشورة كما اوجب الفصل 425 من نفس المجلة على المحامي القائم بالتتبع الاعلان عن السعر الافتتاحي عند توليه اعمال البتة كما اوجب الفصل 428 م م م ت ذكر ثمن التبتيت بمحضر التبتيت الى جانب الفصول 440 و442 و444 م م م ت وبالرجوع الى احكام الفصل 432 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية نلاحظ ان المشرع في البيع الجبري للعقارات المعقولة حمل المبتت له واجب دفع ثمن التبتيت المحامي القائم بالتتبع زيادة عن المصاريف المسعرة الا ان دفع الثمن يختلف بحسب طبيعة العقار المبتت ان كان مسجلا او غير مسجل ففي صورة كان العقار المعني غير مسجل فان دفع الثمن يكون في ظرف شهر من وقوع البتة. اما اذا كان العقار المبتت مسجلا فان اجل دفع الثمن والمصاريف المسعرة يكون خلال الشهرين المواليين لوقوع البتة. الا انه بالرجوع الى احكام الفصل 432 م م م ت يتضح وان ثمن التبتيت يدفع للمحامي القائم بالتتبع عدى صورة تعلق الامر بعقار مسجل مع وجود دائن او عدة دائنين مرسمين في هذه الحالة يقع تامين ثمن التبتيت والاجور والمصاريف بصندوق الودائع والامائن والذي اصبح يتم لدى قابض المالية.

والملاحظ في احكام الفقرة الثانية من الفصل المتقدم المذكور ان عملية التبتيت وردت كاستثناء لقاعدة الفقرة الاولى التي تقضي بدفع الثمن الى المحامي كما تستوجب لتفعيلها توفر شرطين متلازمين وهما تعلق عملية التبتيت بعقار مسجل ووجود دائن او عدة دائنين مرسمين.

اما اذا كان المبتت له هو الدائن الوحيد لكن على شرط ان يكون دائنا مرتهنا للعقار المبيع ورهنه مرسم او صاحب امتياز من الرتبة الاولى فانه لا يؤمن الا الجزء من الثمن الذي يتجاوز مقدار دينه الموثق بالترسيم المذكور.

ولكن ما هو الاجل القانوني لدفع الثمن في صورة التسديس بعد عملية التبتيت في آجاله؟ ان حساب الاجل يقم ايقافه بداية من تاريخ وقوع التسديس ولا يستانف ذلك الاجل من جديد الا من يوم حصول الحكم بالبتة الجديدة او التصريح ببطلان اجراءات التسديس فاذا تم الحكم بالتبتيت الجديد فانه لم يعد من الوجهة القانونية مطالبة المشتري الاول بتنفيذ اة بالاحرى المبتت له الاول بتنفيذ التزاماته كمبتت له كما ليس له حق التصرف في بيع ذلك العقار انما له مصلحة في طلب ابطال الزيادة الاضافية لاي عيب يحصل لها. هذا وللدائن العاقل وغيره من الدائنين وكذلك المعقول عنه الزام المبتت له بفع الثمن وان لم يسدده فانه يقع انذاره بالخلاص بواسطة عدل منفذ ويمنح له اجل عشرة ايام للخلاص والا اعتبرنا الفصل 445 م م م ت.

ويعتبر كلا حسب احكام الفصل 482 م م م ت الفقرة الاولى المبتت له المشار اليه الفقرة الثالثة من الفصل 432 من م م م ت الذي لم يتولى خلال الخمسة عشر يوما الموالية لانقضاء الاجل المضرورب للتامين القيام بقضية من فتح اجراءات ترمي الى ترتيب الدائنين. كما يعتبر كلا وفق احكام الفقرة الاخيرة من الفصل 482 م م م ت المبتت له الذي امتنع عن آداء…… المسلمة للدائنين الذين لم يكف الجزء الذي قام بتأمينه من نقد التبتيت وفق احكام الفقرة الثالثة من الفصل 432 م م م ت لاستخلاص ديونهم.

4) تطهير العقار المبتت من الديون :
بالرجوع الى مقتضيات الفصل 481 م م م ت والذي جاء فيه ان :” بيع عقار المزاد العلني عن طريق المحكمة او حسب الاجراءات التي اقتضاها الفصل 450 يظهر ذلك العقار قانونا من جميع الامتيازات والرهون الموظفة عليه وبصفة عامة من جميع الترسيمات المتعلقة بالديون ولا يكون حينئذ الدائنين الحق في القيام إلا بالنسبة لثمن التبتيت.

وبالتالي وحسب الفصل المذكور فان التبتيت الواقع للعقار المعقول يجعله من تاريخ التبتيت مظهر قانونا من جميع الديون موضوع الرهون والامتيازات المرسمة والموظفة على العقار المعني والمقصود بالرهون سواءا كانت رضائية او قانونية او قضائية الا ان الحقوق المتفرعة عن حق الملكية كحق الانتفاع وحق الارتفاق فانها تبقى قائمة ويعارض بها المشتري للعقار بالمزايدة.

وبالتالي نلاحظ ان المشرع التونسي ميز المبتت له عن المشتري العادي الذي يتعمل حسب منطوق الفصل 270 من مجلة الحقوق العينية جميع التحملات الموظفة على العقار الذي اشتراه وذلك عملا بالقاعدة التبعية والذي يمكن الدائن المرسم من تتبع العقار باي يد كان.
والمفعول التطهيري لحكم التبتيت الذي اقره المشرع ضمن احكام الفصل 450 مرده ان يتم استخلاص الديون الموثقة بتلك الرهون المرسمة على العقار المبتت من ثمن التبتيت وفق اجراءات خاصة.

5) عدم سماح دعوى الغبن نحو المشتري المراد :
اقر المشرع ضمن الفصل 631 من مجلة الالتزامات والعقود كان الغبن موجب لفسخ العقد اذا كان المغبون قاصرا ولو ابرم العقد بحضور وليه ولو لم يكن هناك تغرير ومتى كان الفرق بين القيمة الحقيقية المبيع والقيمة المذكورة بالعقد اكثر من الثلث.

الا ان هذه القاعدة في البيع العقاري القضائي لا تنص ولا يمكن ان يتمسك بها من حصل له العبد لان البيع الجبري هو منتفى عنه فكرة الاستغلال او افتراض التغرير وعدم الخبرة وهو واقع لحماية دائن له طريق آخر لاستخلاص دينه عن طريق البيع العقاري عن طريق المحكمة.

المبحث الثاني : بطلان حكم التبتيت واثاره :
احاط المشرع التونسي اجراءات التنفيذ والبيع الجبري للعقارات بعديد الضمانات التي تدخل في خطاف القواعد الآمرة التي تهم النظام العام واخضاعها لرقابة القاضي بجعل اجراءاتها تتم امام المحكمة وذلك قصد التوفيق بين مصالح الدائن العاقل الذي يسعى الى استخلاص دينه بايسر واسرع وانجع الطرق ومصلحة المدين المعقول عنه الذي يسعى الى الاتقاء على ملكيته للعقار المعقول.

الفرع الاول : بطلان حكم التبتيت:
الفقرة الاولى : تاسيس ابطال البتة : الفقرة 15 الفقرة 01 فقرة دعوى الابطال هي من صنف الدعاوي التي تتسلط على محضر التبتيت
البطلان يعرف بانه جزاء على عدم الاستكمال العقد لاركانه او شروط صحته عند تكوينه فالابطال هو جزاء الاخلال بشروط تكوين العقد فلا يكون التصرف صحيحا الا بتوفر الشروط الفنونية في الانعقاد واذا تاخرت الشروط او اصابها خلل كان البطلان فذلك يعني ان البطلان يكون دوما على مستوى الانعقاد والتكوين فهي معاينة تخلف الشروط الواجبة في التكوين وجزاءها البطلان (على كحلون النظرة العامة للالتزامات منشورات مجمع الاطرش الكتاب المختص تونس 2015)
والاصل ان البطلان او الابطال يكون قضائيا ضرورة ان الشرع التونسي يتبنى النظرية بانه لا بطلان بدون نص بمعنى انه لا يجوز للقاضي في دعوى البطلان التصريح ببطلان قانوني او عمل اجرائي ما لم ينص القانون على امكانية الابطال الفصول 325 الى 330 م ا ع وعلى مستوى الطعن ومحضر التبتيت نص الفصل 427 من م م م ت المذكور على امكانية ابطاله بدعوى امام المحكمة الابتدائية نتحدث على تاسيس دعوى الابطال اجال القيام بها اسبابها.
1) الابطال لحماية كامل العقار المبتت
2) ياكد الفصل 427 م م م ت انه يجوز القيام ببطلان البتة امام المحكمة الابتدائية دون بيان اجل لذلك ودون بيان اسباب او صفة طالب الابطال
– يمكن الطعن في التبتيت بالابطال بدعوى مستقلة يرفعها من له المصلحة امام المحكمة الابتدائية ويهدف هذا الطعن لحماية الملكية وضمان الانتفاع بها سواء اثناء اجراءات التبتيت او بعده ولكن ان اساس الابطال هو الذى يثير الجدل فهل يجوز لاسباب شكلية وموضوعية ام لاسباب شكلية فقط

يمكن القول انه استنادا لاحكام الفصل 427 م م م ت فان حكم التبتيت لا يخضع للطعن الذى سلط من الاحكام انما هو قابل للابطال فقط وهذا الجزاء ينطبق على العقود لاسباب موضوعية او شكلية فهو جزاء جعله المشرع يشير الى الاخلال بشروط يكون التصرف القانوني وهو في نفس الوقت يحمي المشروعية في التنفيذ الجبري واعتبار لان التبتيت له طبيعة العقد في نقل الملكية وما يشمل عليه من جزاء فانه يقضي بدوره حالات الابطال تكون شكلية وموضوعية

3-الابطال لحماية ملكية بعض اجزاء العقار المبتت : الابطال الجزئي تثير مسالة ابطال حكم البتة بناءا على الاستحقاق الجزئي مدى جواز ابطاله جزئيا في صورة استحقاق الغير لجزء من العقار المبتت لتفسير المشرع التونسي في باب العقود بين البطلان المطلق والبطلان النسبي على اساس اركان وشروط صحة العقد وقد اوردت الفصول 325 الى 329 م ا ع نظام البطلان المطلق واوردت الفصول 330 الى 338 م ا ع نظام البطلان النسبي ويعني ان البطلان يكون مطلقا كلما حصل خلل في احد اركان العقد الجوهرية ولا يتم تكوينه في غيابها ويكون في المقابل نسبيا ان كان الهدف حمائيا كالفار والسفيه وضعيف العقل وان اعتبرت ان محضر التبتيت بمثابة العقد فانه يصح ابطال بعض اجزاءه دون الكل لحماية المدين المعقول عنه او الغير فهو كالعقد يبقى صحيحا فيما زاد على البند الباطل ويستمر دون الجزء الباطل كلما امكن تجربة العقد عدى ما يستثنيه النص صراحة ويمكن القول من ناحية اخرى ان الابطال على اساس الاستحقاق يجد له صدى في ما يقتضيه الفصل 576 م ا ع حول ملك الغير ويقبل هذا البيع الابطال في حدود ما ان الغير الذى يشمله البيع دون العقد ككل فيكون الابطال جزئيا ويبقى صحيحا فيما عداه

واذا اعتبرنا محضر التبتيت بمثابة الحكم فانه يتمتع بحصانة ثم التجزئة ذلك ان الحكم القضائي يكون وحده لا يتجزأ فلا يجوز لاخذ ببعض اجزاءه او فروعه دون الكل بدعوى ان بعضها بكل لو اما من ناحية الاجراءات فان التبتيت يحيل املاك المدين التي لم يتم تبتيتها دون غيرها فقد اقتضى الفصل 426 م م م ت :”ان لم تحيل البتة الى المبيت له حقوقا عينية غير الحقوق الراجعة للمعقول عنه” وعليه تنقل الحقوق الثانية دون الاخرى محل المنازعة ويمكن ان تتم الاحالة فى البعض دون الكل او مما يرجع المدين فقط ويعني بالاجازة قبول الابطال الجزئي لحكم التبتيت كلما تاسست الدعوى على الاستحقاق ويعتبر البطلان هنا حمائيا فهو يحمي الغير الذي تم التعدي على مكاسبه ويوصف البطلان بانه نسبي لانه يهدف لحماية بعض المصالح الشخصية وقد قبل قضاء الاصل (حكم ابتدائي مدني عدد48195 ابطال حكم التبتيت وحصره في اجزاء المشاعة الراجعة للغير الذي طلب الابطال وقضت المحكمة بابطال حكم التبتيت في حدود المنابات الراجعة للملكية المدعية لديها رغم ان صلبها استهدف ابطال الحكم باكمله على اساس ان القيام يكون محكوما بحدود ونسبة الاستحقاق وقد اثارت المدعية لدى الاستئناف ان طلب الابطال لا تتسلط على المنابات فقط وانما بحقوقها المتصلة بالملكية بصفتها شريك ولذلك فان ابطال حكم التبتيت لثبوت عدم استحقاق المدين المعقول عنه لكامل العقار موضوع العقلة وثبوت المساس بحق الملكية للغير لا يكون الا كليا وقد اقرت محكمة الاسئناف (قرار استئنافي مدني عدد55818 صادرفي 21/10/2015 مع الاستئناف بثبوتيتة الحكم الابتدائي دون ان تتطرق لاشكالية ابطال محضر التبتيت جزئيا فقد اقتصرت على القول بات طلب البطال الا في حدودية الاستحقاق ومن جهتها رفضت محكمة التعقيب قرار تعقيبي مدني عدد34566 مؤرخ في 2 جانفي 2017 غير منشور) الطعن واقرت بالتالي مبدا الابطال الجزئي لحكم التعقيب بحسب نسبة الاستحقاق.

الدعاوي التي تتسلط على العقلة
صنفت الدوائر المجتمعة لمحكمة التعقيب (قرار تعقيبي مدني عدد20005 صادر في الدوائر جميعها بتاريخ 29/11/2012 غير منشور) المرتبطة بالعقلة في ثلاث دعاوي قولا بما يلي وحيث تاكد بالرجوع الى البند الثامن من الجزء الثامن من مجلة المرافعات المدنية والتجارية ان المشرع قد اقر دعاوي البيوعات العقارية احكاما خاصة بها تختلف باختلاف الدعوى موضوعها وهي مستقلة بعضها عن بعض وجعلها اصنافا ثلاث فالاولى دعاوي اعتراضية او دعاوي معارضة وتهدف الى ايقاف التبتيت او تاجيلها موضوع الفصلين 435 و436 م م م ت او اثارة وجه من اوجه البطلان الشكلية او الموضوعية لاجراءات العقلة العقارية موضوع الفصلين 438 م م م ت وهي دعاوي تكون سابقة لتبتيت العقار وتختص بها دائرة البيوعات العقارية حصرا وتكون الاحكام فيها نهاية الدرجة 441 من م م م ت وترفع قبل جلسة البتة 10 ايام على الاقل وتختصر فيها اجال الاستدعاء الفصل 437 من م م م ت واما الثانية فهي الدعاوي التي ترفع طعنا في حكم البتة او محضر البتة نفسه كحكم يكتسي طبيعة قانونية مزدوجة الفصل 427 من م م م ت وهي دعوى اصلية بصريح النص وترفع امام قضاء الاصل في شكل دعوى اصلية ووفق الصيغ والاجال الواردة بالفصل 70 وما بعده من م م م ت واما الثالثة فهي الدعاوي التي ترمي الى طلب الحكم باستحقاق العقار المعقول وهذه دعوى مدنية عادلة اصلية ترفع امام محاكم الاصل وتخضع لصيغ واجال الفصل 70 من م م م ت حيث ان الفصل 441 من م م م ت استثناها من اختصاص دائرة البيوعات العقارية وترفع الدعوى طعنا في حكم التبتيت هي دعوى اصلية بصريح النص وترفع امام قضاء الاصل في شكل دعوى اصلية ووفق الصيغ والاجال الواردة بالفصل 70 من م م م ت وما بعده وتتصل هذه الدعوى اساسا بمشكلة الاستحقاق ويمكن ان تتاسس على اخلالات في عملية التشخيص والتثبت كان تحصل في جلسة او قبول المزايدة من شخص لا يجير له القانون المشاركة فيها ويكون موضوع الدعوى منحصرا اذن في مشاكل موضوعية تتعلق بالملكية او مسائل اجرائية تهم اجراءات المزايدة والتداول فيها واما بالنسبة للمشاكل السابقة لحكم التبتيت وما يمكن اقراره من اخلالات شكلية سواءا بالاستظهار او بعدم بيان هوية العاقل او المعقول عنه وغيرها من الصور المبينة بالفصول 433 من م م م ت الى 436 فانها لا تصلح لسند ابطال البتة وانما ينبغي ان يثار النزاع شانها امام دائرة البيوعات العقارية في الاجال المنصوص عليها بالفصلي ن437 و438 من م م م ت وقبل صدور حكم التبتيت طبق التصنيف الذي نسبه قرار الدوائر المختصة.

الفقرة الثانية : اسباب بطلان حكم التبتيت :
وقد حدد المشرع ضمن احكام مجلة المرافعات المدنية وخاصة المتعلقة باجراءات لا تبتيت العقار اسباب بطلان او بالاحرى او حتى تلك بطلان حكم التبتيت وهي :
– حصول عملية التبتيت في جلسة غير علنية او قبول اشخاص في المزايدة يحجر عليهم القانون الاشتراك فيها.
– عدم احضار الرخص الادارية المستوجبة قانونا او عدم ذكر وجوب الرخصة بالنسبة لمن نكر في كراس الشروط والاشهارات او عدم القيام بعملية الاشهار اصلا او الاخلال بتلك الاشهارات بشكل تجعله لا يؤدي الغاية المطلوبة منه الا اذا كان هناك تنص في بعض البيانات الواجب ذكرها بالاعلان الاشهاري كعدم بيان بعض هوية العاقل جزئيا او جزءا من هوية المعقول عنه فان هذا ليس المحكمة الابتدائية اعتماده للقضاء بابطال قرار التبتيت لان هذا الطعن يعتبر من قبيل الدعاوي العارضة الواجب اثارها امام محكمة البيوعات التي تبت فيه وتقدر مدى تاثير ذلك الخلل على حقوق الطرفين هذا في صورة اثاره في الاجل القانوني لكل دعوى عارضة الفصل 427 م م م ت.

كما يمكن ابطال قرار التبتيت في صورة ثبوت استحقاق الغير حسب البتة للعقار المبتت او تبين ان هناك اعمالا غير مشروعة تمت في المبتت له لعرقلة اعمال المزايدة (الا ان الاجتهاد القضائي سار على ان ثبوت هذا ينبغي ان يحصل بحكم جزائي).
وقد اقر فقه القضاء هذا المبدأ المتعلق بصور بطلان لحكم التبتيت ان ورد بالحكم المدني عـ31937ـدد مؤرخ في 27 جانفي 19963 الذي جاء فيه :” ان احكام التبتيت غير قابلة لاي وجه من وجوه البطلان الا فيها يتعلق بالاجراءات الاساسية وبالاختصاص من الحكم اما النزاعات الهادفة الى الاستحقاق فهي جائزة قانونا عملا باحكام الفقرة الاخيرة من الفصل 427 م م م ت”

الفقرة الثالثة : المحكمة المختصة وآجال القيام :
لقد خص المشرع التونسي على خلاف الدعاوي الاخرى دعوى بطلان قرار التبتيت بخصوصية اذ جعل القيام بهذه الدعاوي يكون امام المحكمة الابتدائية وهي التي اصدرت قرار التبتيت وهذا بخلاف الاحكام القضائية الاخرى وذلك باعتبار وان حكم التبتيت هو بمثابة القرار الولائي للمحكمة, وقد اقر فقه القضاء هذا المبدأ ضمن الحكم المدني عـ69623ـدد الذي جاء فيه “تقرر المحكمة نتيجة التبتيت بمحضر يصاغ في الشكل العادي للاحكام ويكون هذا المحضر غير قابل لاي وجه من اوجه الطعن ولو بالتعقيب ولا يجوز الا القيام ببطلان البتة امام المحكمة الابتدائية ولكن مع مراعاة احكام الفصل 438 م م م ت” والملاحظ ان المشرع لم يحدد آجالا للقيام ببطلان حكم التبتيت وبقائهم مهددين تحت طائلة البطلان الى ما لا نهاية الا انه تمكن تطبيق احكام الفصل 402 م م أع باعتبار وان قرار التبتيت هو عقد وكل عقد لا يمكن المطالبة على اساسه بعدم في خمسة عشر عاما.

الفرع الثاني : الاثار القانونية لبطلان حكم التبتيت:
على غرار الصكوك الاتفاقية والصكوك العدلية التي تنتج اثارا مباشرة لاطراف الصك فان حكم التبتيت واعتبارا لكونه قرارا قضائيا بالبيع الجبري لعقار المدين المعقول عليه ينتج اثارا قانونية كما ان الحكم ببطلان حكم التنبيت له اثاره.

يعتبر البطلان بانواعه سواء كان مطلقا او نسبيا هو الجزاء على مخالفة شروط صحة وتكوين العقد وذلك بان لا يترتب على العقد الباطل اي اثر قانوني بما يصح معه القول ان البطلان هو انعدام اثر العقد بالنسبة الى المتعاقدين وبالنسبة للغير. وقد ذهب الفقيه عبد الفتاح عبد الباقي في كتابه نظرية العقد على انه العقد نتيجة لتلك الباطل يعتبر “غير قائم ولم يقم ابدا بسبب اختلال تكوينة” اعتبر البطلان بمثابة “العقوبة المدنية ” وقد تناول المشرع التونسي نظرية البطلان ضمن المقالة السادسة من الكتاب الاول من مجلة الالتزامات والعقود ضمن الفصول 325- 338 م اع وقد بنيا في مبحث سابق اسباب بطلان حكم التبتيت والتي تنحصر في صور معنية وتختلف عن اسباب وصور بطلان اجراءات التبتيت وسنبين في هذا المبحث النتائج القانونية واثار بطلان حكم التبتيت من بين المتعاقدين (1) على ان ببرز بعد ذلك الاثار بالنسبة للغير(2).

الفقرة الاولى : أثار بطلان حكم التبتيت فيما بين المتعاقدين :
1- عدم جواز المطالبة بالتنفيذ :
يترتب على البطلان حكم التبتيت عدم جواز المطالبة بتنفيذه وزواله بأثر رجعي بحيث يعود المتعاقدان ويعني بذلك طرفي حكم التبتيت المبتت له و المبتت ضده الى الحالة التي كانا عليها قيل صدور حكم التبتيت وبالتالي فانه تترتب على بطلان حكم زوال الحكم او القرار ولا تتولد عند الاثار المقصودة وهي بيع العقار انتقال الملكية وتطهير العقار من الديون وقد اقر الفصل 325 م اع هذا المبدأ ان جاء فيه “ليس للالتزام الباطل من اصله عمل ولا يترتب عليه بين الا استرداد بما وقع دفعه بغير حق بموجب ذلك الالتزام” وبالتالي فاذا كان حكم او قرار التبتيت الذي تقرر بطلانه لم يبدأ تنفيذه بعد فانه لا يلزم اي من الطرفين ونعني بذلك المبتت ضده المبتت لفائدته شي نحو الاخر وبالتالي فان المبتت ضده المدين المعقول عنه في اطار حكم تبتيت قضى ببطلانه يسترجع عقاره الذي بيع من طرف المحكمة بصفة جبرية كما ان المبتت له يسترجع الاموال التي بذلها في اطار تبتيت العقار ويعني بذلك ثمن التبتيت والمصاريف المسعرة وفي هذا الاطار فان المبتت له يسترجع كامل ثمن التبتيت اي وقع تامينه ولم يقع توزيعه على دائنين العقار كما ان المصاريف المسعرة ليست له مطالبة المحامي القائم بالتتبع لاسترداد تلك الاموال بل انه يقوم على المبتت ضده لاستخلاص المصاريف المسعرة وخلاصة لذلك لا يجوز لاي من الطرفين المبتت له والمبتت ضده ان يطالب الاخر بتنفيذ حكم التبتيت الباطل فان اطلب احد الطرفين بتنفيذ القرار الباطل كان للطرف الاخر ان يدفع هذه المطالبة بالبطلان.

2- الالتزام بالرد :
يترتب على صدور حكما قاضي ببطلان حكم التبتيت زواله بأثر رجعي ويعتبر قرار التبتيت وكان لم يكن ويزول كل انه قانوني له وبالتالي يعود الطرفان المبتت ضده والمبتت لفائدته الى الحالة التي كانا عليها قبل قرار التبتيت ويلتزم كل منها بان يرد للاخر ما حصل عليه بموجب قرار التبتيت الباطل اي انه اذا تم تنفيذ حكم التبتيت الذي قضى ببطلانه كليا او جزئيا من احد الطرفين او منها بما تم تقرر بطلان حكم التبتيت بعد ذلك هنا يتعين تطبيقا للاثر الرجعي للبطلان اعادة الطرفين المبتت ضده والمبتت له الى الحالة والوضعية التي كانا عليها قبل صدور قرار التبتيت وبالتالي وجب : – رد العقار للمبتت ضده

– رد الثمن والمصاريف المسعرة المبتت له.
ويعتبر رد الثمن والمصاريف المسعرة للمبتت له من ابرز الاشكالات القانونية التي تطرح في هذا المجال باعتبار وان الثمن الذي تم تامينه بالخزينة العامة طبقا لاحكام الفصل 432 م م م ت قد يكون قد استنفذ في خلاص دائني العقار المبتت سواءا كانوا دائنين مرسمين او غير مرسمين فكيف يمكن للمبتت له استرجاع الثمن الذي بذله في اطار قضية التبتيت ؟

يحق للمبتت له في اطار بطلان حكم التبتيت القيام ضد المبتت ضده لاسترجاع ثمن التبتيت باعتبار وانه تنفيذ الحكم التبتيت الباطل فقد تم تطهير العقار من جميع الديون المتعلقة به اعتبار المعقول التطهير لقرار التبتيت وبالتالي يحق للمبتت له والذي بذل اموالا دون الحصول على ملكية العقار المبتت الرجوع على مالك العقار الذي يصبح مدينا للمبتت له وبالتالي يمكنه القيام بجميع الوسائل والاجراءات التحفظية والتنفيذ به لاسترجاع ثمن التبتيت باعتبار وانه نتيجة للاثر الرجعي لبطلان حكم التبتيت يعتبر كل طرف في الحكم ونعني بذلك المبتت ضده والمبتت له قد اخذ ما اعطاه اليه الطرف الاخر من غير ان يكون له حق فيه ومن ثم يلتزم برده اليه.
وبالتالي يصبح المبتت ضده مدينا للمبتت له الذي يصبح دائنا والدين يتمثل في ثمن التبتيت والمصاريف المسعرة.

3- نطاق الالتزام بالرد :
ان قاعدة الالتزام بالرد ليست مطلقة بل ترد عليها بعض القيود التي ترجع لاعتبارات الواقع واستقرار المعاملات ومراعاة بعض المصالح الجديرة ….
قد نحصل ان يقع رد عين ما حصل عليه المبتت له كما انه يمكن ان يكون التي قد هلك او تلف.
اذا ترتب عن تنفيذ قرار التبتيت انتقال حيازة الى احد الطرفين هنا يتعين حماية اذا كان حسن النية لا يعلم بسبب البطلان ويتمثل حمايته في الحائز حسن النيى يلتزم برد الشيء الذي يسلمه ويحتفظ لنفسه بالثمار ويلتزم برد الفوائد والثمرات من يوم وضع دعوى البطلان اذا كان الحائز حسن النية فلا يلتزم اي تعويض مقابل الانتفاع بالشيء الذي يلتزم برده الى الطرف الاخر.
لا يلتزم المتعاقد حسن النية في حالة الهلاك الكلي للشيء الذي بحوزه الا بدفع مقدار ما عاد عليه من قاعدة ترتب على هذا الهلاك مثل انقاض المنزل ومن حالة حسن النية.

الفقرة الثانية : اثار البطلان بالنسبة للغير
نعرض للقاعدة العامة ثم للاستثناءات الواردة عليها :
1- القاعدة العامة :
اذا تم ابطال العقد فانه يعتبر كان لم يكن ويزول كا اثر له سواء فيما بين المتعاقدين اوبالنسبة للغير, والغير هنا هو كل من تلقى حقا من احد المتعاقدين على الشيء الذي ورد عليه العقد الباطل حيث يتعاقد الغير مع المتصرف اليه في العقد الباطل بقصد اكتساب حق متعلق بالشيء موضوع هذا العقد كان يبيعه او يرهنه او يؤجره او يرتب عليه حق ارتفاق.

يؤدي منطق البطلان الى زوال هذه الحقوق فاذا رتب المشتري على العين التي اشتراها بعقد باطل او قابل للابطال رهنا او حق ارتفاق مثلا ثم تقرر بطلان البيع فان البائع يسترد العين خالية من الحقوق العينية يعني رتبها المشتري وكذلك لو باع المشتري العين الى أخر فان البائع يستردها من المشتري الثاني مؤدي ذلك ان الحق الذي يتلقاه الغير على الشيء الذي ورد عليه العقد الباطل يزول بالتبعية لبطلان هذا العقد.

2 – الاستثناء الوارد على القاعدة :
ان اعمال القاعدة على اطلاقها ان يؤدي الى المساس بالمعاملات فقد رتب على تطبيق مبدأ الاثر الرجعي للبطلان على اطلاق على الاضرار الفادح بالغير حسن النية الذي استند الى الوضع الظاهر ورتب معاملات على اساس قيام العقد الباطل ويقضي الصالح العام يوجب مراعاة استقرار التعامل برعاية الائتمان العام والاعتداء بالثقة المشروعة التي يركن الناس اليها في معاملاتهم.لكل هذه الاعتبارات اورد المشرع بعض الاستثناءات التي بمقتضاها تضل الحقوق التي يكتسبها الغير الشيء المتصل بالعقد الباطل وذلك في الات معينة والتمييز بين عقود التصرف وعقود الادارة والاعتداد بالاوضاع الواقعية.

الخاتمة :
ما من شك في ان مسالة تبتيت العقار تكتسي اهمية بالغة سواء على مستوى الاشخاص المعنيين بها مباشرة اي الدائنين والمدين والمبتت له او على مستوى الاقتصاد الوطني اعتبارا لما لهذا المؤسسة من تاثير مباشر على سياسة المؤسسات البنكية في منح القروض التي تعتبر عصب الحياة الاقتصادية كما ان في كون ثمن التبتيت هو المحور الذي تدور حوله اجراءات العقلة العقارية فكل جهود القائم بالتتبع ترمي الى وقوع البيع بثمن يكفل له استخلاص دينه وكذلك الامر بالنسبة لبقية الدائنين الذين يطمحون الى ان يكون لهم نصيب فيه اما الدائن فانه يروم ان يستوعب ثمن التبتيت جميع ديونه ان هو فشل في تجنب وقوع البيع.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت