تقادم ( تعويض)

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

الدائرة الأولى

———————–

بالجلسة المنعقدة علناً في يوم السبت الموافق 1/2/2003

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور / عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز

رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / على فكرى حسن صالح ود. يحيى خضري نوبي محمد و أحمد عبد الحميد حسن عبود و محمد أحمد محمود محمد.
نواب رئيس مجلس الدولة

وحضور السيد الأستاذ المستشار / حتة محمود حتة
مفـوض الدولـة

وبحضور السيد / كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكمة

أصدرت الحكم الآتي

فى الطعن رقم 8223 لسنة 47 ق. عليا

المقـــام من

السيد / محمد السيد علي سعيد

ضــــــــــــــد

وزير الأشغال العامة والموارد المائية ” بصفته”

فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة

فى الدعوى رقم 9774 لسنة 52 ق بجلسة 24/12/2000

—————————————-

الإجـــــــــــــراءات :

——————–

في يوم السبت الموافق 26/5/2001 أودع الأستاذ الدكتور / عوض الله عبده شراقة المحامي , قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها برقم 8223 لسنة 47 ق.عليا ، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقـم 9774 لـسنة 52 ق بجـلســــة 24/12/2000 , والقــاضـي فـي مـنـطـوقه ” بسقوط الحق المطالب به بالتقادم ، وألزمت المدعى المصروفات ” وطلب الطاعن – للأسباب الواردة في تقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً ، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ، والقضاء مجدداً بالتعويض المناسب للطاعن ، مع إلزام المطعون ضده بصفته المصاريف والأتعاب عن درجتي التقاضي .

وجرى إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق .

وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن طلبت في ختامه ، الحكم بقبول الطعن شكلاً ، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها بأن تؤدى للطاعن مبلغ التعويض الذي تقدره المحكمة ، مع إلزامها المصروفات .

وتحددت جلسة 3/6/2002 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون ، وبجلســة 28/8/2002 قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ( الدائـــرة الأولى / موضوع ) لنظره بجلســـة 2/11/2002 , حيث نظرته هذه الدائرة على النحو المبين بمحضر الجلسة , وبجلسة 14/12/2002 قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم ، مع التصريح بمذكرات في شهر ، حيث أودع الطاعن مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الدفع بسقوط الحق في المطالبة بالتعويض بالتقادم الثلاثي وكذلك بانتفاء مسئولية المطعون ضده عن الأضرار التي أصابت الطاعن .

وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.

المحكمـــــــــــــــــــة

——————–

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً .

من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 24/12/2000 ، وأودع الطاعن سكرتارية لجنة المساعدة القضائية للمحكمة الإدارية العليا طلب إعفاء من الرسوم بتاريخ 11/2/2001 قيد برقم 109 لسنة 47 ق.عليا ، وبجلسة 3/4/2001 تقرر قبول طلبه وبتاريخ 26/5/2001 أودع تقرير طعنه ، وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً .

ومن حيث إن عناصر المنازعة الماثلة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 9774 لسنة 52 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بتاريخ 12/9/1998 ، طالباً الحكم بإلزام المدعى عليه ( المطعون ضده) بصفته بالتعويض المناسب والمصروفات، وذكر المدعي – شرحاً لدعواه – أنه في منتصف ديسمبر سنة 1991 ارتفعت المياه في مصرف حسين عبد الله والمصارف المتصلة به ، واندفعت لتغرق أكثر من مائة وخمس قرية ، فأغرقت الأراضي الزراعية و البهائم والمحاصيل الزراعية ومنزل المدعي وأسرته ، وبارت أرضه ، وأجرت النيابة الإدارية تحقيقاً في الواقعة ، وأحالت المسئولين عن ري النوبارية إلى المحكمة التأديبية ، وصدر حكم بإدانتهم فيما هو منسوب إليهم ، وأضاف المدعي ، أنه أُصيب بأضرار مادية من جراء هذا الحادث تمثلت في غرق الأراضي الزراعية التي يزرعها ، كما بارت ، وتهدم منزله ، وأصيب بأضرار أدبية تمثلت فيما أصابه من هلع وفزع من جراء هذا الحادث .

وبجلسة 24/12/2000 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيـه تأسيسـاً علــى أنـه ” لما كان مصدر الحق في طلب التعويض في الدعوى الماثلة هو العمل المادي غير المشروع ، وإن كان المتسبب في إحداثه هو المرفق ذاته ، إلا أنه يسري في شأنه التقادم الثلاثي ، بحسبان أن مصدره هو المصدر غير المشروع من مصادر الالتزام ، ولما كان الثابت أن حدوث الضرر والعلم به هو تاريخ حدوث الغرق في 4/12/1991 ، وأنه تم العلم بالشخص المسئول عنه منذ صدور الحكم في الدعوى التأديبية رقم 24 لسنة 20 ق الصادر من المحكمة التأديبية العليا بجلسة 24/2/1993 ، ولما كان الثابت من الأوراق أن المدعي أقام دعواه .. في 12/9/1998 أي بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ علمه بالضرر والمسئول عنه ، فمن ثم يتعين الحكم بسقوط الحق المطالب به بالتقادم الثلاثي “

ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه جاء مخالفاً للقانون, ومجانباً للصواب ومجحفاً لحقوق الطاعن للأسباب الآتية : (1) أن الحكم الطعين خالف أحكاماً عديدة نهائية وباتة وحائزة لقوة الأمر المقضي به صادرة من المحكمة الإدارية العليا .(2) أن الحكم الطعين أخطأ في تطبيق القانون حينما استند إلى نص الفقرة (أ) من المادة (172) مدني في حين أن الفقرة (ب) من هذه المادة هي واجبة التطبيق على النحو الموضح تفصيلاً بتقرير الطعن . (3) أن الحكم الطعين أخطأ في حساب مدة التقادم حيث اعتد بتاريخ الغرق في 4/12/1991 وتاريخ العلم بالشخص المسئول عنه بصدور الحكم التأديبي رقم 24 /20ق بجلسة 24/2/1993 بالمخالفة لنص المادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية التي تقرر أنه إذا تعددت الإجراءات التي تقطع التقادم فإن سريان مدة التقادم يبدأ من تاريخ آخر إجراء , وسريان مدة التقادم هنا يبدأ من 24/6/2000 وهو تاريخ آخر إجراء صحيح في الدعوى التأديبية, وهو الحكم النهائي البات الصادر بعقوبة اللوم بالنسبة لعادل فهيم مسعود, وليس الحكم الصادر بفصله من الخدمة في 24/3/1993 حيث إن هذا الحكم الأخير ليس هو الواجب التطبيق , ولا يعتبر نهائياً ولا باتاً وليس بآخر إجراء صحيح , ولا يمكن تنفيذه .(4) أن الحكم الطعين ترك إعمال التقادم الطويل وأخذ بالتقادم القصير بالمخالفة لما انتهت إليه أحكام المحكمة الإدارية العليا ودائرة توحيد المبادئ من أن مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية المخالفة للقانون لا يسقط التعويض عنها بالتقادم الثلاثى, وإنما بالتقادم العادى ” خمس عشرة سنة ” , وأضاف الطاعن فى هذا الخصوص أن القرار الإداري المخالف للقانون فى حالتنا هذه هو القرار السلبي المتمثل فى إهمال مدير عام ري النوبارية في تطهير الترع والمصارف من الحشائش والأطماء العالقة بها, مما يعنى إخلاله بالواجب الوظيفي المنوط به .

ومن حيث إن الفيصل في النزاع الماثل يكمن في الوقوف على أمرين : الأول : تاريخ العلم بالمسئول عن الضرر, والثاني : مصدر الضرر, وما إذا كان عملاً مادياً أم قراراً إدارياً.

ومن حيث إنه عن الأمر الأول – وهو تاريخ العلم بالمسئول عن الضرر – فإنه لا جدال أن كون الحادث الذي تسبب عنه الضرر ناشئاً عن إحدى مصارف الري الخاضعة لإشراف وزارة الأشــغال العامـــة والمـــوارد المائية – وهى معلومــة للطــاعن – يقتضي بحسب الحال أن يكون تاريخ وقوع الحادث هو تاريخ العلم بالضرر وبالمسئول عنه في ذات الوقت، ذلك أن مرفق الري هو المسئول قانوناً عن أعمال التطهير والصيانة للمصارف العمومية – ومنها المصرف محل النزاع – ومن ثم فإن أي إهمال أو تقصير من جانبه في إجراء هذا العمل يترتب عليه ضرر للغير، يسأل المرفق ذاته عن نتائجه بغض النظر عن تابعيه الذين تتحدد مسئوليتهم المدنية قبل المرفق على أساس قواعد ومعايير الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي، وهى مسئولية لا شأن للغير بها حيث تنهض مسئولية المرفق عن تعويض المضرور مباشرة سواء تحققت مسئولية التابع أو لم تتحقق، والقول بغير ذلك مؤداه انتفاء مسئولية المرفق إذا لم تقم مسئولية التابع المدنية عن التعويض ، وعلى ذلك فإنه لا وجه لاتخاذ تاريخ الحكم التأديبي – سواء الابتدائي أو النهائي – أساساً للعلم بالمسئول عن الضرر الذي أصاب الطاعن، سيما وأن الحكم قد فصل فقط في مسئولية المحال التأديبية ولم يتعرض لمسئوليته المدنية عن الخطأ الذي حوكم من أجله، ويتعين تبعاً لذلك حساب تاريخ العلم بالمسئول عن الضرر من تاريخ وقوع الضرر.

ومن حيث إنه عن الأمر الثاني – وهو تحديد طبيعة مصدر الضرر – فإنه لما كان التعويض الذي يطالب به الطاعن، يقوم على أساس خطأ الجهة الإدارية المتمثل في الإهمال والتقصير في صيانة وتطهير المصرف محل النزاع، مما نجم عنه ارتفاع منسوب المياه في المصرف واندفاعها إلى الخارج لتغرق أموال وممتلكات الطاعن، وهذا الإهمال والتقصير لا يعدو أن يكون فعلاً مادياً أو مسلكاً إداريا لا يرقى إلى مرتبة القرار الإداري بمفهومه الاصطلاحي، وذلك لتجرده من القصد أو الإرادة التي هي مناط في قيام القرار الإداري سواء في صورته الإيجابية أو السلبية، ومن ثم فهو يندرج في نطاق العمل غير المشروع الذي يخضع الحق في المطالبة به للتقادم الثلاثي الوارد بالفقرة (1) من المادة 172 من القانون المدني، والتي تنص على أن ” تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه، وتسقط هذه الدعوى في كل حال بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع…” وغنى عن الذكر أن مناط سقوط الحق في التعويض بانقضاء خمس عشرة سنة وفقاً لهذا النص، هو أن تمضى هذه المدة دون أن يعلم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه، فإذا ما علم بهما قبل انقضاء المدة فإن السقوط يخضع للتقادم الثلاثي.

ومن حيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن الحادث الذي تسبب عنه الضرر للطاعن، وهو ارتفاع منسوب المياه بمصرف/ حسين عبد الله الخاضع لإشراف وزارة الأشغال العامة والموارد المائية، قد وقع في عام 1991، الأمر الذي يفيد أن الطاعن علم بحدوث الضرر وبالمسئول عنه ( وهو وزارة الأشغال ) في هذا التاريخ، ومن ثم كان يتعين عليه أن يقيم دعواه بطلب التعويض عن هذا الضرر في ميعاد غايته ثلاث سنوات من هذا التاريخ، وإذ لم يقم الطاعن برفع دعواه إلا في عام 1998 بعد مرور ما يقرب من سبع سنوات، فإن حقه في المطالبة بالتعويض يكون قد سقط بالتقادم الثلاثي.

وإذ خلـص الحكـم المطعون فيه إلى هذه النتيجة، فإنه يكون قد أصاب وجه الحق ولا مطعن عليه، الأمر الذي يضحى معه هذا الطعن غير قائم على أساس من القانون خليق بالرفض.

ولا ينال من ذلك ما ذهب إليه الطاعن من أن الفقرة الواجبة التطبيق على النزاع ليست هي الفقرة (1) من المادة 172 من القانون المدني وإنما الفقرة (2) التي تنص على إنه ” .. إذا كانت هذه الدعوى ناشئة عن جريمة، وكانت الدعوى الجنائية لم تسقط بعد انقضاء المواعيد المذكورة في الفقرة السابقة، فإن دعوى التعويض لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية ” ذلك أن المقصود بالجريمة في هذه الفقرة هي الجريمة الجنائية بينما الجريمة الماثلة هي جريمة تأديبية، وقد خص المشرع كلاً من الجريمتين الجنائية والتأديبية بميعـاد سقـوط مستقل في قانوني الإجراءات الجنائية والعاملين المدنيين بالدولة، و بالتالي لا وجه لقياس أحدهما على الأخرى في مجال سقوط الحق في التعويض بالتقادم.

ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.

” فلهــــــــــــذه الأسبـــــــــاب”

————————–

حكمت المحكمة :

—————-

بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.

سكرتير المحكمـــــة رئيس المحكمـــــــة