معلومات حول مخاطر قروض السندكيت

أ/ عبد اللطيف بيك

مخاطر القروض الجماعية أو القروض المجمعة Syndicated Loans )قروض السندكيت)

تتعدد أنواع القروض أو التسهيلات المصرفية التي تقدمها البنوك التجارية، ووفقا للقوانين والأعراف المصرفية السائدة فان لكل نوع من القروض توجد أحكاما وشروطا خاصة. سنتناول في هذا المقال القروض الجماعية (أو قروض السندكيت – القروض المجمعة) إذ انه وفي بعض الحالات التي يكون فيها القرض المطلوب كبيرا فان هذا القرض أو القروض الجماعية تقدم من عدة بنوك لان القوانين المصرفية تمنع أو لا تسمح لأي بنك مرخص بتجاوز مقدار معين يمنح كقرض لشخص أو جهة واحدة Single Obligor Limit (وذلك توزيعا للمخاطر) ولهذا تتجمع عدة بنوك لتوزيع مبلغ القرض بينها وبما لا يتجاوز النسبة المحددة لكل بنك، وهذا النوع من الإقراض ينقسم إلي عدة أقسام منها:
• قرض جماعي لشخص (فرد) لتمويل مشروع بناء مصنع، مجمع تجاري أو أي مشروع آخر. أو
• قرض جماعي لشركة صغيرة أو كبيرة لتمويل مشروع تجاري أو بناء مصنع أو خلافه و يشمل كذلك القروض للحكومات و الجهات شبه الحكومية لمشروع معين كبناء مطار أو خزان أو أي مشروع كبير. أو
• قرض جماعي لشخص أو لشركة عامة و ذلك كتمويل عام و ليس لغرض محدد و معين.

سنتناول و في إيجاز هذه الأنواع من القروض و نوعية المشاكل المصاحبة لكل منها:

بالنسبة للقرض الجماعي باسم فرد واحد لغرض تمويل مشروع تجاري ففي مثل هذا النوع من القروض تقوم مجموعة من البنوك بتقديم قرضا أو مجموعة من القروض باسم شخص معين لتمويل مشروع تجاري أو بناء مصنع أو أية أعمال تكون من ضمن أنشطة المقترض و يكون القرض متاحا للمقترض عن طريق السحب مرة واحدة أو الحصول علي دفعات متعددة من قبل البنوك المانحة وفي خلال مدة زمنية متفق عليها و في الغالب تكون هي المدة اللازمة لإنشاء المشروع وعلي حسب تطور مراحل البناء وإقامة المشروع.
هذا ومن المفترض أن تكون التدفقات النقدية، عندما يبدأ المشروع أو المصنع في العمل، كافية لسداد القرض و لذلك في اغلب الحالات يتم رهن التدفقات النقدية و أصول المشروع لصالح البنوك المقرضة حتى نهاية سداد القرض.
و تتمثل المخاطر التي تواجه البنوك في هذا النوع من القروض في الآتي:

• دراسات الجدوى الاقتصادية لمعظم المشروعات غير كافية وغير وافية و قد يتم إغفال بعض الجوانب الفنية للمشروع المراد تمويله، مثل تمويل مصنع دون التأكد من كفاية و نوعية المواد الخام.
• هذا النوع من القروض قد يتم منحه في بعض الأوقات، ليس بالضرورة لجدوى المشروع الاقتصادية، بل اعتمادا علي اسم المقترض و سمعته في السوق أو ما يعرف name lending وهنا توجد مخاطر عديدة مثل الإفلاس أو التصفية…….
• إغفال الجوانب المتعلقة بصرف مبالغ القرض مباشرة لتمويل المشروع، فبدلا من دفع مستحقات الفواتير للأطراف التي تتعاقد مع صاحب المشروع لتوريد المواد الخام أو الأجهزة والمعدات وغير ذلك، يتم صرف المبالغ أما دفعة واحدة أو علي دفعات إلي المقترض نفسه و قد يقوم المقترض بتوجيه هذه المبالغ لأغراض شخصية أخري لا تمت إلي المشروع بصلة أو يقوم باستخدام الأموال في خدمة مشاريع أخري ليس للبنوك المقرضة علما بها أو لا توجد بها أية صلة ( من الأمثلة الحية الإنفاق علي زواج الأبناء و السفر حول العالم في إجازة الصيف أو المضاربة في سوق الأسهم أو بناء منزل الخ).
• إن المقترض الواحد غالبا يكون هو المتحكم في الأموال وقد يقوم بصرفها في غير الغرض الذي منحت من اجله ونظرا للصرف غير الموجه فانه لا يستطيع الوفاء بالتزامات المشروع – الذي كان الغرض للتمويل – و دفع المستحقات للموردين والعاملين وعند ذلك تبدأ الصعوبات والمشاكل بين المقترض و البنوك المقرضة.
• كما قدمنا فان البنوك قد تعتمد علي ما يسمي” إقراض الاسم” وفي الغالب في هذه الحالات لا يقدم المقترض أية حسابات أو ميزانيات و لذلك فان البنوك تجهل تماما الحالة المالية للمقترض و تجهل ما إذا كانت لديه مشاريع أخري و هل عليه التزامات لبنوك أخري، و لذلك و عندما تزيد عليه الالتزامات فانه لا يستطيع تأدية حقوق البنوك عند آجالها.
• من الملاحظ، و نتيجة للظروف أعلاه، يقوم المقترض بالاستدانة من مجموعة بنوك ليؤدي حقوق بنوك أخري أو يدخل في مشاريع أخري و يوسع من أنشطته دون أية دراسة واضحة ( من المفترض أن تلعب البنوك المركزية دورا في هذا الخصوص و ذلك بإنشاء وحدة القروض المركزية حيث يجوز لأي بنك الاتصال بهذه الوحدة في البنك المركزي لمعرفة القروض المقدمة من البنوك لأي شخص وهذا يقلل التلاعب في الاقتراض ويكشف أوراق من تسول له نفسه التلاعب بالقروض وخداع البنوك).
• ومن الصعوبات التي تظهر دائما في هذا النوع من القروض هو قيام المقترض بإعطاء ما يسمي ضمانا شخصيا بمسئوليته عن دفع القرض في حالة عدم تمكن المشروع من السداد وهنا تكمن المشكلة لان الضمان الشخصي في معظم الأحوال لا يكفي لسداد القروض و فوائدها و خاصة عند حدوث أزمات للمقترض و من التجارب المعاشة، وهي مؤلمة حقيقة، عدم تمكن للبنوك من التنفيذ علي أملاك المقترض وذلك قد يكون لعدم إمكان ذلك لأسباب قانونية أو إجرائية أو لقيام بعض المقترضين في بعض الحالات بتسجيل أملاكهم بأسماء أفراد من عوائلهم من زوجات وبنات وأخوان و أصدقاء…..
• عدم قيام البنوك بالمراقبة الدقيقة علي التدفقات النقدية من المشروع عندما يبدأ في العمل أو عدم حبس أو حجز بعض من هذه النقود لتأدية المستحقات، وهذه الحالات من تقاعس البنوك تزيد من إمكانية عدم الوفاء بالدين ولاحظنا عندما تحاول البنوك اللجوء للقضاء و الحجز علي المشروع فان طول فترة التقاضي والصعوبات المرتبطة بالحجز والتنفيذ تزيد من خسائر البنوك حيث لا يقتصر الأمر علي خسارة القرض الممنوح و فوائده بل يضاف إلي ذلك جميع المصاريف القضائية و أتعاب المحامين ورسوم المحاكم و الخبراء و المخصصات المالية التي تجنبها البنوك (Provisions) لتغطية هذه الخسائر و هذا إضافة لضياع وقت مسئولي البنوك، علي مختلف درجاتهم، في المتابعة و الملاحقة الدورية و اليومية في بعض الحالات.
بالنسبة للقرض الجماعي باسم فرد واحد لغرض أو أغراض غير محددة فان هذا النوع من القروض يعطي من قبل مجموعة من البنوك لفرد واحد مقترض دون تحديد أغراض معينة للقرض، و يعرف هذا النوع بأسماء كثيرة مثل قرض شخصيPersonal loan ،قرض تمويل عام General Funding Loan،قرض رأس المال العامل Working Capital Loan
وهذا النوع من القروض يتعرض لكل الصعوبات التي ذكرناها عن النوع السابق ” القرض الجماعي باسم فرد واحد لغرض تمويل مشروع تجاري” بل تزداد الأمور سوءا نظرا لان هذا القرض غير محدد الغرض و يمكن استخدامه في أي شي من غير أية رقابة و لذلك فان خسائر معظم البنوك من هذا النوع من الإقراض كبيرة جدا و المخاطر التي تكتنفه عديدة وهذا يتطلب المزيد من الحرص والحذر عند المشاركة في تقديم مثل هذه القروض.

و بالنسبة للقرض الجماعي باسم شركات خاصة أو عامة” Syndicated loan to private or public company” تقوم مجموعة من البنوك(عدد صغير من البنوك أو مجموعة كبيرة من البنوك تصل إلي عشرين أو حتى يتجاوز هذا العدد) بمنح قرض للحكومة أو مؤسساتها أو لشركة خاصة وذات مسئولية محدودة أو إلي شركة ذات ملكية عامة أو مساهمة و يكون في الغالب مبلغ القرض كبيرا و تكون فترة السداد متوسطة الأجل أو طويلة الأجل طبقا لنوعية المشروع و الفترة اللازمة لانجازه و من ثم تشغيله و بدء تدفقاته النقدية.
و بالنسبة لتحديد اجل القرض ووفقا للأعراف المصرفية فان تحديد اجل القرض يخضع لعدد من السنين من وقت الحصول علي قيمة القرض حتى وقت دفع قيمته و تسويته نهائيا، فالقرض قصير الأجل تكون مدته من يوم واحد إلي ثلاث سنوات والقرض متوسط الأجل تكون مدته من ثلاثة سنوات إلي خمسة سنوات و القرض طويل الأجل هو ما فوق خمسة سنوات.
و بعض القروض و خصوصا قروض المشاريع الكبيرة قد تصل مدة سدادها إلي ما فوق العشرين سنة. و علي العموم فان تحديد عدد السنين قد يختلف من سوق لأخر و حتى بين بنك و آخر علي حسب السياسات و الاعتبارات المتبعة بخصوص استراتجيات الإقراض.

و بموجب اتفاقيات القرض يتم تحديد التمويل و كيفية صرف هذا التمويل لأنه قد يصرف دفعة واحدة أو علي مجموعة من الدفعات أو مقسما إلي أجزاء مثل تقديم جزء كقرض نقدي وجزء لتغطية خطابات الضمان و جزء للاعتمادات المستنديه لدفع قيمة التوريدات للمشروع من مواد و معدات وغيرها………. و يمكن أن يعطي مبلغ القرض بأكثر من عملة واحدة علي حسب الاتفاق مع تحديد أسعار الصرف، ومن الجدير بالذكر أن أي من البنوك المشاركة يلعب دورا معينا في هذا القرض حيث قد يلعب البنك دور البنك القائد (مدير القرض) أو البنك المشارك أوالبنك المكتتب وغير ذلك من الأدوار بشان المشاركة في القروض الجماعية أو إدارة هذه القروض و من الناحية القانونية فان لكل دور مهام محددة وواجبات يجب الالتزام بها في مواجهة جميع الأطراف المرتبطة بالقرض الجماعي.
ومن الجدير بالذكر أن هناك مسائل قانونية هامة مرتبطة بالقروض الجماعية مثل كيفية اختيار القانون الواجب التطبيق و هل يكون القانون الوطني أو القانون الأجنبي أو القانون الدولي و ما هي المحاكم المختصة بنظر النزاع و هل يتم اللجوء عند النزاع إلي التحكيم أو القضاء و غير هذا من المسائل المتعددة الأبعاد خاصة و أن البنوك في العادة تكون من دول عديدة و تعمل وفق أنظمة قانونية مختلفة.