بحث حول بيع المحل التجاري – متفق مع القانون الجزائري .

بيع المحل التجاري

Sale of the shop

اعادة نشر بواسطة محاماة نت

المقدمة :

من أهم التصرفات القانونية التي ترد على المحل التجاري هي بيعه وسنستعرض بيع المحل التجاري في هذا الفصل .
لقد نظم المشرع الجزائري كشقيقه المصري أحكام عقد بيع المحل التجاري في المادة 79 من القانون التجاري وما يليها من نفس القانون وتعتبر الأحكام التي وردت في هذا القانون إستثناء من القواعد العامة .

المبحث الأول : أركان عقد بيع المحل التجاري :

تطبق على عقد البيع القواعد القانونية العامة وقد عرفت المادة 351 من القانون المدني الجزائري البيع بأنه عقد يلتزم بمقتضاه البائع أن ينقل للمشتري ملكية شيئ ، أو حقا ماليا آخر في مقابل ثمن نقدي ) .
إذن يشترط لإنعقاد بيع المحل التجاري توافر الأركان العامة للعقد وهي الرضا ، المحل ، السبب .

المطلب الأول : الرضا:

يوجد الرضا متى تم إتفاق إرادتين على البيع والمبيع والثمن ، فإذا لم تتفق الإرادتان على واحد من هذه الأشياء ، فلا يعقد البيع كما لو عرض البائع ثمنا معينا ولكن المشتري قبل الشراء بثمن اقل منه أو كأن يقصد البائع بيع المحل بينما يقبل المشتري شراء البضائع .(1)
وإذا كان الرضا شرطا في إنعقاد البيع فإنه شرطا أيضا في حالة الوعد بالبيع إذغالبا ما يسبق بيع المحل الوعد ببيعه والوعد بالبيع هو إتفاق بين الواعد والموعود له يلتزم الواعد بمقتضاه بإبرام البيع إذا أعلن الموعود له عن رغبته في ذلك في مدة زمنية معينة .
والوعد بالبيع لا يعتبر مجر إيجاب كما أنه لا يصل إلى درجة البيع النهائي ، ولكنه مرحلة متوسطة من شأنها التمهيد لوقوع البيع .
والوعد بالبيع أو الشراء إما أن يكون وعدا بالبيع من جانب البائع وحده وإما ان يكون وعدا بالشراء من جانب المشتري وحده ، وإما أن يكون من الجانبين في صورة وعد بالبيع من جانب البائع ووعدا بالشراء من جانب المشتري في آن واحد .
وقد نصت المادة 71 من القانون المدني الجزائري ( الإتفاق الذي يعد به كلا المتعاقدين أو أحدهما بإبرام عقد معين في المستقبل ، لا يكون له أثر إلا إذا عينت جميع المسائل الجوهرية للعقد المراد إبرامه والمدة التي يجب إبرامه فيها ………) .ويشترط في الوعد ببيع المحل التجاري أو في بيعه نهائيا أن يكون رضا الطرفين موجودا وخاليا من العيب كالغلط أو الإكراه والتدليس أو الإستغلال .

المطلب الثاني : محل البيع

يقصد بمحل البيع الشيء المبيع وهوالمحل التجاري،ويخضع الشيء المبيع للقواعد العامة،فيجب ان يكون مما يجوز التعامل فيه،وان يكون معينا اوقابلا للتعيين ويشترط فضلا عن ذلك ان يكون المبيع مما ينطبق عليه وصف المحل التجاري او وجوبتافر عناصره الضرورية ،ويحدد الاطراف عادة في عقد الاشياء التي ينص عليها البيع

3 ويشترط لكي يعتبر البيع واردا على المحل التجاري ان يشمل قدرا من العناصر اللزمة لتكوين المحل كالاتصال بالعملاء الذي يعتبر عنصرا اساسيا في المحل التجاري وقد قام المشرع بتبيان العناصرالعناصر التي ينصب عليها امتياز البائع في حالة عدم بيان ذلك في القيد اذ نصت المادة 96ف 2 من القانون التجاري على مايلي :-لا يثبت امتياز بائع المحل التجاري الا اذا كان البيع ثابتا بعقد رسمي ومقيدا في سجل عمومي منظم لدى كتابة المحكمة التي يقع المحل التجاري في دائرة اختصاصها،لا يتريب امتياز البائع الا على عناصر المحل التجاري المبينة في عقد البيع والقيد،فاذا لم يعين على وجه الدقة فان الامتياز يقع على عنوان لمحل التجاري واسمه والحق في الايجار والعملااء والشهرة التجارية.

وهذا التحديد قاصر على العناصرالتي ينصب عليها امتياز البائع،ولاكنه لا يمنع القاضي من الكشف عن العناصر الاخرى التي يكون فيها الطرفان قد قصدا اشتمال البيع عليها كالسلع والمعدات او غيرها ، وفضلا عن ذلك اضاف المشرع الجزائري ضرورة توافر بيانات اخرى في عقد البيع.
هذا ولا يشترط ان ينصب البيع على المحل التجاري بكامله،اذ لامانع من ان يتعلق البيع بنصيب شائع فيه،ويعتبر ذالك من قبيل بيع المحل التجاري وتسري عليه احكامه لانه يحتوي على العناصر الجوهرية اللازمة لتكوين المحل التجاري .

المطلب الثالث : السبب أو الغرض :

ويجب أن يكون الغرض من إستغلال المحل التجاري مشروعا وإلا كان باطلا إذ متى كان محل الإلتزام مخالفا عن النظام العام أو الآداب العامة كان العقد باطلا وهذا ما جاء في المادة 96 من القانون المدني الجزائري ( إذا كان محل الإلتزام مخالفا للنظام العام أو الآداب كان العقد باطلا )

المطلب الرابع : إثبات بيع المحل التجاري :

إن الحياة التجارية تقوم على دعاتي الإئتمان والسرعة وعلى مبدأ الرضائية وتتجنب فكرة الشكلية التي تِؤِدي إلى عرقلة التصرفات القانونية ، ولذا فالحياة التجارية تتطلب التسيير والسرعة ، لذا فإن بيع المحل التجاري كما سبق ذكره يعد بيعا للأموال المنقولة المعنوية ويتمتع بقيمة مالية هامة ، مما جعل المشرع الجزائري يتناوله بنص خاص في الإثبات ، فبعد أن قرر حرية الإثبات في المجال التجاري طبقا للمادة 30 من القانو التجاري ، وضع إستثناء على هذا المبدأ وقرر إثبات بيع المحل التجاري بالكتابة وهذا طبقا للمادة 79 من نفس القانون إذ نصت على ما يلي : ( – كل بيع إختياري أو وعد بالبيع و بصفة أعم كل تنازل عن محل تجاري ولو كان معلقا على شرط أو صادر بموجب عقد من نوع آخر أو كان يقضي بانتقال المحل التجاري بالقسمة أو المزايدة أو بطريق المساهمة به في رأس مال الشركة يجب إثباته بعقد رسمي وإلا يعد باطلا .

يتضح لنا من خلال هذا النص أن المشرع الجزائري يتطلب في إثبات بيع المحل التجاري ضرورة تقديم الدليل الكتابي الرسمي ، وهذا راجع إلى أهمية موضوع التصرف القانوني ، وهو بيع المحل التجاري ، فإذا لم يتمكن التاجر من تقديم أي دليل آخر مما يوحي بمفهوم المخالفة لهذا النص ، إن عقد بيع المحل التجاري يعد من العقود الشكلية التي لا يكفي إنعقادها مجرد التراضي ، كما هي الحال في التصرفات القانونية الأخرى ، فالشكلية الرسمية التي فرضت كوسيلة لإثباته تعد في نفس الوقت ضرورية ولكن المشرع إعتبر الشكلية بمثابة ركن من أركان عقد البيع ، ومما يدعم قولنا أن المشرع الجزائري لم يكتفي بالكتابة فحسب لبيع المحل التجاري ، وإنما إشترط شكلية أخري تتمثل في قيد هذا التصرف أي البيع خلال 15 يوم من إبرام العقد ، وهذا ما تنص عليه المادة 83 من ق ت ويفرض على المشتري ضرورة القيام بنشر ملخص العقد أو إعلانه في النشرة الرسمية للإعلانات القانونية ، وفضلا عن ذلك عليه أن يقوم بإعلانه في جريدة مختصة بالإعلانات القانونية في الدائرة أو الولاية التي يستغل فيها المحل ، أم فيما يتعلق بالمحلات التجارية المتنقلة فإن مكان الإستغلال هو المكان الذي يكون البائع مسجلا فيه بالسجل التجاري ، ويجب أن يسبق هذا الملخص أو الإعلان تسجيل العقد الناقل للملكية أو المتنازل عنه أو التصريح المنصوص عليه في قانون التسجيل ، وذلك في حالة عدم وجود عقد وإلا كان باطلا كما يجب أن يذكر تاريخ العقد وإسم كل من المالك والمالك السابق ولقبه وعنوانه ونوع المحل التجاري ومركزه والثمن المشروط بما فيه التكاليف والتقديرات المستعملة كقاعدة لإستفاء حقوق التسجيل وبيان المهلة المحددة فيما بعد للمعارضات واختيار الموطن في دائرة إختصاص المحكمة كما يجوز تحديد الإعلان من اليوم الثامن إلى الخامس عشر من تاريخ النشر ويتم الإعلان في النشرة الرسمية للإعلانات القانونية خلال 15 يوم من أول نشر .

المبحث الثاني : إلتزامات البائع :

تتمثل إلتزامات البائع في تسليم المحل وضمان العيوب الخفية وضمان الإستحقاق وضمان الأفعال الشخية .

المطلب الأول : التسليم

يتم بتوافر عنصرين :

  • أولا : وضع الشيء المبيع تحت تصرف المشتري ، بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون مانع.
  • ثانيا : إعلام البائع المشتري بأن المبيع قد وضع تحت تصرفه و افترض القانون أن التسليم قدتم إذا توافر هذين العنصرين حتى ولو لم يستولي المشتري على المبيع استيلاءا فعليا لأن الأخير أمر سيتم بإرادة المشتري وحده ( المادة 367 /1 قانون مدني تقابلها مادة 435 قانون مدني مصري ).

هذا فيما يخص التسليم القانوني، إلا أنه فيه تسليم حكمي يقوم مقام التسليم القانوني وللتسليم الحكمي صورتان:

  • 1-أن يكون المبيع في حيازة المشتري قبل البيع كأن يكون مودعا عنده أو مرهونا لديه رهنا حيازيا أو مستعيره ثم يقع البيع بعد ذلك ومثاله في بيع المحل التجاري كأن يكون المشتري مستأجرا للمحل التجاري إيجار تسيير حر فيبقى يستغل المحل التجاري باعتباره مالكا لا مستأجرا وكذلك حالة المعدات المرهونة للمشتري رهنا حيازيا أما المحل التجاري فلا يرهن رهنا حيازيا.
  • 2-أن يبقى المبيع في حيازة البائع لا كمالك وإنما كمستأجر أو مستعير أو مودع عنده ويلجأ إلى هذه الطريقة رغبة في اختصار الإجراءات اللازمة لتسليم المبيع للمشتري ثم تسليمه إلى البائع مرة أخرى كمستأجر مثلا ومثاله حالة بيع المحل التجاري أن يبقى البائع يستغل المحل التجاري ليس كمالك بل كمسير حر ( المادة 367/2 قانون مدني تقابلها المادة 435 /2 قانون مدني مصري).
  • 3-و باعتبار المحل التجاري ذا طابع خاص وهو منقول معنوي يتكون من عدة عناصر مادية وأخرى معنوية فإنه حتى يعتبر البائع قد قام بتنفيذ التزامه بتسليم المحل التجاري للمشتري لا يكفي تسليم المكان القائم به المحل ومفاتيحه بل يتوجب عليه تسليم عناصره كل بما يتفق وطبيعته ( المادة 367/1 قانون مدني تقابلها المادة 435/1 قانون مدني مصري ) فبالنسبة للعناصر المادية كالبضائع والمعدات يكون تسليمها بتمكين المشتري من حيازتها وعادة يتم هذا التسليم للمنقول المادي بالمناولة اليدوية أو عن طريق تسليم مفاتيح المحل التجاري ومخازنه الملحقة به إذا كانت البضائع و المعدات موجودة بالمحل أو بتحويل سند الشحن أو الإيداع أو التخزين إذا كانت هذه العناصر المادية مشحونة أو مودعة أو مخزنة في جهة ما.

وبالنسبة لعنصر حقوق البائع والتزاماته إذا شملها البيع بناءا على اتفاق الطرفين أو بناءا على نص القانون وجب على البائع أن يسلم المشتري كافة المستندات المتعلقة بهذه الحقوق وتلك الالتزامات ويجب في هذا السياق استيفاء إجراءات حوالة الحق أو حوالة الدين ويتم تسليم الحق في الإيجار بتسليم عقود الإيجار للأماكن المؤجرة القائم بها المحل التجاري ذاته وتوابعه كالمخـازن أو بتسليم المستندات المثبتة لهذا الحق بدلا من عقود الإيجار فضلا عن تسليم مفاتيح هذه الأماكن المؤجرة ، كما تسلم الرخص والإجازات المتعلقة باستثمار المحل.

أما بالنسبة لعنصر الاتصال بالعملاء فيلتزم البائع بمنح المشتري كافة المعلومات والمستندات التي تمكنه من الاتصال بالعملاء للتعرف عليهم قصد الاحتفاظ بهم ولهذا يجب على البائع أن يظهر للمشتري المراسلات التي جرت مع زبائنه وكذا طلباتهم ويبين له ما تعودوه من خدمة خاصة يتميز بها هذا المحل أو تسهيلات الدفع التي اشتهر بها وهذا بالرغم من أن البائع عندما يتنازل عن هذا العنصر عند التصرف في المحل التجاري، فهو لا يتنازل إلا عن احتمال حفظ هؤلاء الزبائن وقد جرت العادة في هذا الشأن أن يقوم البائع بطبع منشورات توزع على العملاء بما يفيد انتقال ملكية المحل إلى المشتري.

وإذا تضمن البيع براءة الاختراع التي يتوقف عليها إنتاج السلعة موضوع الاستغلال التجاري وجب على البائع أن يسلم المشتري السند المثبت للبراءة ويطلعه على أسرارها وكيفية تنفيذها فيما أعدت له .

وفيما يتعلق بالدفاتر التجارية فالبائع غير ملزم بإحالتها إلى المشتري لأنها لا تعتبر عنصرا من عناصر المحل التجاري وملكية الدفاتر التجارية تعد من حقوق البائع لكن المشرع ألزم هذا الأخير بوضعها تحت تصرف المشتري للإطلاع عليها لمدة ثلاث سنوات من تاريخ بدء انتفاعه بالمحل التجاري، حيث اعتبرها من ملحقات هذا الأخير،ويجب على البائع والمشتري التوقيع على جميع الدفاتر الحسابية التي كان يمسكها البائع والتي يرجع ضبطها إلى السنوات الثلاث السابقة للبيــع أو لمدة حيازته للمحل التجاري إذا كانت هذه الحيازة لم تستمر أكثر من ثلاث سنوات وتكون هذه الدفاتر موضوع قائمة جرد توقع من قبل الأطراف وتسلم لكل واحد منهم. والسر في إلزام المشرع البائع بتسليم الدفاتر التجارية للمشتري يكمن في تحقيق مصلحة المشتري في الرجوع إليها للوقوف على المركز المالي للمحل التجاري في المدة السابقة على البيع ، والمادة 15 قانون 29 جوان 1935 الفرنسي المذكور سابقا تلزم البائع بتقديم الدفاتر التجارية للسنوات الثلاث الأخيرة للمشتري.

والمشرع اللبناني نص على أن بيع المتجر لا يشمل الدفاتر التجارية إلا بشرط صريح في العقد ( المادة 06 من قانون المؤسسة التجارية ).

ب- زمان تسليم المحل التجاري : يتبين من نص المادة 281/1 قانون مدني تقابلها المادة 346 قانون مدني مصري التي تنص على أنه ” يجب الوفاء فور ترتيب الالتزام نهائيا في ذمة المدين ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك ،إن الاتفاق هو الذي يحدد زمن التسليم فإذا وجد هذا الاتفاق بين البائع والمشتري وجب الأخذ به. أما إذا لم يوجد فنرى إذا ما كان هناك نص قانوني يحدد زمان التسليم فإذا لم يوجد هذا النص الخاص أعملت القاعدة العامة الواردة في المادة أعلاه وهي أن الوفاء يتم بمجرد ترتيب الالتزام نهائيا في ذمة المدين.

-ج- مكان تسليم المحل التجاري: تنص المادة 282/1 قانون مدني ” إذا كان محل الالتزام شيئا معينا بالذات وجب تسليمه في المكان الذي كان موجودا فيه وقت نشوء الالتزام ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك…” تقابلها المادة 347 قانون مدني مصري. يتضح من النص أنه إذا اتفق بائع المحل التجاري ومشتريه على مكان معين يسلم فيه المحل وجب تنفيذ هذا الاتفاق كما لو كان المحل التجاري عبارة عن مطعم متنقل واتفق البائع والمشتري أن ينقل المطعم إلى موطن المشتري أو يأتي الأخير إلى موطن البائع لتسلم المطعم.
أما إذا لم يكن هذا الاتفاق فنرجع إلى النص القانوني المحدد لمكان التسليم إن وجد فان لم يوجد يسلم المحل التجاري في المكان الذي كان هذا الأخير موجودا فيه وقت نشوء الالتزام.

د- نفقات تسليم المحل التجاري: تنص المادة 283 قانون مدني ” تكون نفقات الوفاء على المدين ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك” تقابلها المادة 348 قانون مدني مصري. كما تنص المادة 395 قانون مدني على أنه” نفقات تسلم المبيع تكون على المشتري ما لم يوجد عرف أو اتفاق يقضي بغير ذلك” ومنه يتبين أن مشتري المحل التجاري هو الملتزم بدفع نفقات التسليم. ما لم يتفق مع البائع على غير ذلك.

و إذا أخل البائع بتنفيذ التزامه بتسليم المبيع كأن يتأخر عن ميعاد التسليم المتفق عليه أو يصر على التسليم في مكان يختلف عن المكان المتفق عليه كان للمشتري مطالبته بالتنفيذ العيني إن كان ممكنا وله أن يطلب فسخ البيع لعدم التنفيذ وهنا للقاضي السلطة التقديرية في إجابته على طلبه وللمشتري في الحالتين التنفيذ العيني أو الفسخ طلب التعويض إذا كان له مقتضى وهذا تطبيقا للمادة 119 قانون مدني” في العقود الملزمة لجانبين، إذا لم يوف أحد المتعاقدين بالتزامه جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو فسخه مع التعويض في الحالتين إذا اقتضى الحال ذلك…”.

المطلب الثاني : ضمان الإستحقاق وضمان العيوب الخفية

التزام البائع بضمان العيوب الخفية: la garantie des vices cachés
العيب الخفي هو العيب الذي ينقص من قيمة المبيع أو يجعله غير صالح للانتفاع به على الوجه الذي يحقق الغاية المقصودة منه.
ومثال العيوب الخفية في بيع المحل التجاري العيب المؤثر في استغلال المتجر أو علاقة المحل بعملائه كما لو اكتشف المشتري أن الرخص الممنوحة للمحل قد سحبت أو انتهت مدتها قبل انعقاد البيع أو قيدت بقيود تؤثر في نشاط المحل تأثيرا بالغا ومثال ذلك إذا ما صدر حكم أو قرار إداري بغلق المصنع محل البيع ونقله إلى مكان ناء بعيد عن العمران بسبب الضوضاء أو انبثاق غازات منه تؤثر على صحة السكان أو أن المحل التجاري قائم على استغلال براءة اختراع ثبت انقضاؤها وقد يلحق العيب الخفي الحق في الإيجار كما لو كان قد تم في عقد البيع الاتفاق على أن الحق في الإيجار ثابت لمدة طويلة ثم تبين بعد ذلك أن هناك قرار إداري صدر بشأن هدم العقار القائم به المحل التجاري لدخوله في خطة إعادة تنظيم المدينة والتي ستبدأ بعد فترة وجيزة وقد ينصب العيب على عنصر الاتصال بالعملاء وهو جوهر للمحل التجاري وصورة هذا العيب كأن ساءت سمعة المحل وانفض العملاء من حوله قبل البيع وفيه تطبيق لنظرية العيب الخفي مشار إليه في القانون التجاري بالمادة 80 منه حيث يلتزم بائع المحل التجاري بضمان صحة البيانات المذكورة بالعقد طبقا لنص المادة 79 قانون تجاري المذكورة سابقا فإذا ذكرت البيانات بالعقد ولكن كانت صورية مخالفة للحقيقة.

فيعتبر ذلك من قبيل العيوب الخفية التي يضمنها البائع لقواعد القانون المدني ونفس هذا الحكم جاء بالمادة 13قانون فرنسي 29 جوان1935المذكور سابقا في حين المادة 11قانون المؤسسة التجارية اللبناني فتطبق قاعدة ضمان العيب الخفي حالة صورية بيان رقم أعمال المحل فقط ويجب أن نميز هنا بين دعوى البطلان المبنية على إهمال ذكر بيان إجباري في عقد البيع تطبيقا لنص الفقرة الثانية من المادة 79 قانون تجاري المذكور سابقا والتي يتعين على المشتري رفعها خلال السنة التي تعقب تاريخ إبرام عقد البيع عن دعوى الضمان بسب العيوب الخفية التي يجب على المشتري رفعها في مهلة سنة من تاريخ الحيازة تطبيقا لنص المادة 81 قانون تجاري “يجب على المشتري رفع الدعوى الناجمة عن المادة 80 من مهلة سنة من تاريخ حيازته” تقابلها المادة 14 من القانون الفرنسي 29 جوان 1935 السابق الذكرويجب أن تتوفر في العيب الخفي مجموعة شروط نص عليها القانون المدني حتى يقوم التزام البائع بضمانها وهي :

  • 1-يجب أن يكون العيب قديما : بمعنى يجب أن يكون موجودا بالمبيع وقت تسليمه للمشتري فالبائع يضمن خلو المبيع من العيوب إلى حين تمام تسليمه للمشتري.
  • 2-يجب أن يكون العيب خفيا وقت البيع : أي لم يكن بوسع المشتري أن يتبينه وقت البيع لو أنه فحصه بعناية الرجل العادي ، ونص المشرع على حالتين يكون فيهما البائع ضامنا للعيب الخفي رغم أن المشتري كان بوسعه أن يتبينه لو أنه فحصه بعناية الرجل العادي وهما إذا أثبت المشتري أن البائع أكد له خلو المبيع من هذا المبيع أو أن البائع أخفاه غشا منه.
  • 3-يجب ألا يكون العيب معلوما من المشتري وقت البيع: و يقع عبء إثبات هذا العلم على عاتق البائع.
  • 4-يجب أن يكون العيب مؤثر : بمعنى ينقص من قيمة المبيع أو من الانتفاع به بحسب الغاية المقصودة منه حسبما هو مذكور بعقد البيع أو حسبما يظهر من طبيعته أو استعماله والمثال على عيب غير مؤثر جرى العرف التجاري على التسامح فيه العيب الذي يلحق بعض البضائع باعتبارها تدخل أحيانا كعنصر من عناصر المحل التجاري كالعيب الذي يلحق بالقمح بسبب اشتماله على كمية مألوفة من الأتربة أما العيب المؤثر الذي يلحق بعض البضائع فمثاله ورق الطباعة التي ثبت عدم صلاحيتها للتشرب بالحبر.

والالتزام بضمان العيب الخفي وشروط هذا الأخير وردت بنص المادة 379 قانون مدني “يكون البائع ملزما بالضمان إذا لم يشتمل المبيع على الصفات التي تعهد بوجودها وقت التسليم إلى المشتري أو إذا كان بالمبيع عيب ينقص من قيمته أومن الانتفاع به بحسب الغاية المقصودة منه حسبما هو مذكور بعقد البيع أو حسبما يظهر من طبيعته أو استعماله فيكون البائع ضامنا لهذه العيوب ولو لم يكن عالما بوجودها”.

غير أن البائع لا يكون ضامنا للعيوب التي كان المشتري على علم بها وقت البيع أو كان في استطاعته أن يطلع عليها لو أنه فحص المبيع بعناية الرجل العادي إلا إذا أثبت المشتري أن البائع أكد له خلو المبيع من تلك العيوب أو أنه أخفاها غشا منه”.
والقانون المدني الفرنسي نظم الالتزام بضمان العيوب الخفية بالمادتين 1641-1642 ،
إذا توفرت شروط العيب الخفي وجب على المشتري مجموعة التزامات للحصول على الضمان (المادة 380/1 قانون مدني / تقابلها المادة 449/1 قانون مدني مصري)، فعليه عند تسلم المبيع فحصه بمجرد أن يتمكن من ذلك حسب قواعد التعامل المألوفة فإذا كشف هذا الفحص عن عيب في المبيع وجب على المشتري إخطار البائع في مدة معقولة وتقدير هذه المدة من المسائل الموضوعية التي يستقل بها قاضي الموضوع دون رقابة المحكمة العليا فإذا لم يقم المشتري بالفحص أو قام به واكتشف عيبا لكن لم يخطر به البائع وفاتت المدة المعقولة لإخطاره أعتبر راضيا بالمبيع ولا يجوز له بعد ذلك الرجوع بالضمان علىالبائع أما إذا كان العيب مما لا يظهر بطريق الاستعمال العادي وجب على المشتري إخطار البائع بمجرد ظهور العيب و إلا اعتبر راضيا بالمبيع (المادة 380/2 قانون مدني تقابلها المادة 449/2 قانون مدني مصري) ويجب على المشتري رفع دعوى الضمان خلال سنة من وقت التسليم إلا إذا كان فيه اتفاق على التزام البائع بالضمان لمدة أطول غير أنه لا يجوز للبائع أن يتمسك بسنة التقادم متى تبين أنه أخفى العيب غشا منه.

أما فيما يتعلق بحقوق المشتري في دعوى ضمان العيوب الخفية فقد أحالتنا المادة 381 قانون مدني إلى المادة 376 قانون مدني السابقة الذكر وللمتعاقدين الاتفاق على تعديل أحكام الضمان (المادة 484 قانون مدني تقابلها المادة 453 قانون مدني مصري) – لقد ذكرت المادة 379 قانون مدني السابقة الذكر في فقرتها الأولى مسألة تخلف الصفة التي يكفل البائع وجودها في المبيع ، وهي لا تعتبر عيبا بالمعنى الدقيق فالعيب هو الآفة الطارئة التي تخلو منها الفطرة السليمة للمبيع ولولا نص المادة 379 مدني لما صح الرجوع بدعوى ضمان العيب الخفي في هذه الحالة فمثلا لو كفل بائع المحل التجاري للمشتري أن المعدات وهي عنصر مبيع في المحل من طراز معين ثم تبين بعد التسليم أنها من طراز مخالف فهذا لا يعتبر عيبا خفيا لأنه ليس آفة طارئة تخلو منها المعدات السليمة ، إذا لا نبحث تبعا لذلك في تخلف الصفة فيما إذا كان تخلفها مؤثرا أو غير مؤثر خفيا أو غير خفي علم به المشتري أو لم يعلم فهذه كلها شروط لا تصدق إلا على العيب الخفي، أما إذا كفل البائع توافر صفة في المبيع فإنه يكون مسؤولا على وجه الإطلاق عن تخلف هذه الصفة عند التسليم ولقد ألحق المشرع هذه الحالة بحالة ظهور العيب الخفي فيكون رجوع المشتري على البائع بدعوى ضمان العيب الخفي السالف بيانها إضافة إلى ضمان العيوب الخفية قد جاء المشرع بأحكام ضمان أخرى تتمثل في حالة ما ضمن البائع صلاحية المبيع للعمل مدة معلومة ثم ظهر خلل فيها فعلى المشتري أن يعلم البائع في أجل شهر من يوم ظهوره ، وأن يرفع دعواه في مدة ستة أشهر من يوم الإعلام وللطرفين الاتفاق على خلاف ذلك وهذا ما جاءت به المادة 386 قانون مدني تقابلها المادة 455 قانون مدني مصري : “إذا ضمن البائع صلاحية المبيع للعمل لمدة معلومة ثم ظهر خلل فيها فعلى المشتري أن يعلم البائع في أجل شهر من يوم ظهوره وان يرفع دعواه في مدة ستة أشهر من يوم الإعلام كل هذا ما لم يتفق الطرفان على خلافه”.

المطلب الثالث : ضمان شخصي

اذا كان من واجب البائع ان يضمن للمشتري عدم التعرض له من جانب الغير ،فمن باب اولي يلتزم هو نفسه بعدم القيام باي عمل من اعمال التعرض للمشتري مثل انشاء تجارة مماثلة بقصد المنافسة المشتري ،وكثيرا ما يتضمن بيع المحل التجاري شرطا طالما كان يقتصر على حرمان البائع من مزاولة نفس النوع التجارة خلال مدة معينة او في منطقة محددة ،كما يجب الا يكون شرط منع التصرف عاما ومطلقا وشاملا لكل انواع التجارة وفي كل زمان ومكان ،لان هذايغد مساسا بمبدا حرية التجارة وحرية العمل ،وهما مبدءان يدخلان في نطاق النظام العام ،وعلى كل حال فان الفصل فيما اذا كان انشاءتجارة مماثلة يترتب عليه اخلال بالتزام البائع ،مسألة موضوعية يرجع الامرفيها لقاضي الموضوع ،فمتى قضى بهذا الاخلال ،جاز للمشتري ان يطالب البائع اما بالتعويض عن الضرر الذي اصابه من جراء ذلك او ان يطالب باغلاق محل البائغ المنافس وبفسخ العقد

المطلب الرابع : إمتياز البائع

تقضي القواعد العامة في حالة البيع اذا لم يستوف البائع الثمن كله او بعضه بان يكون له التمتع ببعض الضمانات كالحق في الامتيازالذي يخوله له الحق في استفاء مابقي من ثمن الشيء المبيع بالاولوية على غيره من الدائنين ،هذا ماتقضي به المادة 997 فقرة اولى من التقنين المدني بقولها :{ما يستحق لبائع المنقول من الثمن وملحقاته يكون له امتياز على الشيء المبيع ويبقى الامتياز قائما مادام المبيع محتفظا بذاتينه وهذا دون اخلال بالحقوق التي كسبها الغير بحسن النية مع مراعات الاحكام الخاصة بالمسائل التجارية

وسنستعرض الامتياز الذي يتمتع به البائع في ظل الاحكام القانون التجاري فظلا عن ان الشيء المبح هو المحل التجاري،فلقد نظم التقنين التجاري امتيازا خاصا بالبائع في استيفاء حقه او في طلب الفسخ ،حتى لو افلس المشتري ،ولكن شريطة ان يقوم البائع بقيد امتيازه في سجل عمومي خاص بدلك لدى كتلبة المحكمة التي يقع المحل التجاري بدائرتها ،هذا ماقضت به المادة 96 من ق ت بقولها {لا يثبت امتيازبائع المحل التجاري الا اذا كان البيع ثابتا بعقد رسمي ومقيدا في سجل عمومي منظم لدى كتابة المحكمة التي يقع المحجل التجاري في دائرة اختصاصها ،لا يترتب امتياز البائع الا على عناصر المحل التحلري المبينة في عقد البيع وفي عقد القيد ،فاذا لم يعين على وجه الدقة فان الامتياز يقع على عنوان المحل التجاري واسمه والحق في الايجار والعملاء والشهرة التجارية وتوضع اسعار مميزة بالنسبو للعناصر المعنوية للمحل التجاري والمعدات والبضاعة ويمارس امتياز البائع الضامن لكل منهذاالاثمان او مابقي مستحقا منها بصفة منفصلة على كا اتفاق مخالف ،فان الدفعات الجزئية غير الدفعات النقدية تطرح اولا من ثمن البضائع ثم من ثمن المعدات ،واذا كان الثمن المعد للتوزيع حاصلا من بيع عنصر واحد او عدة عناصر لم يشملها البيع الاول ،فيتعي تقدير ما ينوب كل منها لاعلى حدة من ثمن اعادة البيع.

المطلب الخامس : دعوى الفسخ

إذا لم يقم المشتري بدفع الثمن أو الباقي منه جاز للبائع أن يتبع طريقتين في إستفاء حقه ، حقه الأول : هو التنفيذ العيني الذي يهذف إلى إجبار المشتري على تنفيذ إلتزامه والوفاء بالثمن عن طريق الحجز والبيع ، والثاني فسخ العقد واعتبار البيع كأن لم يكن ويعود المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد فيسترد البائع المحل التجاري ويرد للمشتري ما قبضه من ثمن إذا كان قد إستوفى شيئا منه كما يجوز له مطالبة المشتري بتعويض الضرر الذي أصابه من جراء الفسخ .
ولقد تعرض المشرع الجزائري لشروط دعوى الفسخ في المادة 109 وما يليها من التقنين التجاري وتتمثل فيما يلي :
1- لرفع دعوى الفسخ إما أن يصرح بها الطرفان في عقد البيع وفي الحالة العكسية يجب أن يؤشر عليها ، وتحفظ بصفة صريحة في قيد الإمتياز أي أن المشرع ترك الإختيار للمتعاقدين بين النص على دعوى والفسخ صراحة في العقد أو في القيد وإلا سقط حق البائع في التمسك بالفسخ .
2- عدم رفع دعوى الفسخ عند إنقضاء الإمتياز بل يجب رفع الدعوى أثناء قيام الإمتياز وتنتهي مدة الإمتياز بعد مرور 10 سنوات ولم تجدد ( المادة 109 من ت ت ) .
3- لا ترفع دعوى الفسخ إلا على العناصر التي شملها البيع ( المادة 106 من ت ت )
4- يلتزم البائع الذي يريد إقامة دعوى الفسخ بأن يخطر دائني المشتري الذين لهم قيود على المحل في محال إقامتهم التي إختاروها للقيام بالقيد ، فإذا لم يخطرهم بذلك ، فإن الفسخ لا يسري في حقهم ولا يجوز الإحتجاج به في مواجهتهم .
5- يمكن أن يتم إخطار الدائنين المقيدين بإجراء غير قضائي ، ولكن لا يجوز أن يصدر الحكم بالفسخ إلا إذا مضى شهر على تاريخ إخطار الدائنين المقيدين وإلا كان الفسخ باطلا ( ف 2 من المادة 111 و ف2 من المادة 112 من ت ت )
6- يجوز للبائع رفع دعوى الفسخ حتى لو كان المشتري في حالة إفلاس ، وهذا ما تنص عليه المادة 114 من ت ت : – يجوز لبائع المحل أن يتمسك بامتيازه وحقه في الفسخ تجاه مجموعة دائني التفلسة – .

المبحث الثالث : إلتزامات المشتري

نتج عن انعقاد بيع المحل التجاري التزامات على عاتق المشتري تتمثل في التزامه بتسليم المحل والتزامه بدفع الثمن والتزامه بتحمل مصاريف البيع .

الفرع الأول: التزام المشتري بتسلم المحل التجاري le retrait
إن المشتري ملزم في مقابل التزام البائع بتسليم المحل التجاري بتسلمه في الأجل والمكان المتفق عليهما في العقد فإن لم يكن بين البائع والمشتري مثل هذا الاتفاق طبق العرف المعمول به فان لم يوجد حكم في العرف وجب على مشتري المحل التجاري أن يتسلم هذا الأخير في المكان الذي يوجد فيه المبيع وقت البيع و أن يتسلمه دون تأخير باستثناء الوقت الذي تتطلبه عملية التسلم، وهذا ما جاء بالمادة 394 من القانون المدني تقابلها المادة 463 قانون مدني مصري، والمشتري يتحمل نفقات تسلم المحل التجاري ما لم يوجد عرف أو اتفاق يقضي بغير ذلك.
وهذا ما جاء بنص المادة 395 قانون مدني تقابلها المادة 464 قانون مدني مصري.
ويدخل في هذه النفقات مصاريف الحمالين والتفريغ والرسوم الجمركية و إذا اتفقا على نقل المبيع إلى مكان غير مكان التسليم تحمل المشتري نفقات النقل بوصفها من نفقات التسلم.
وإذا لم يقم المشتري بتسلم المحل التجاري جاز للبائع وفقا للقواعد العامة وبعد أن يعذر المشتري بالتسلم أن يطلب من القضاء إجبار المشتري على تنفيذ التزامه عينا وله في سبيل ذلك أن يطلب الحكم عليه بغرامة تهديدية عن كل يوم أو أسبوع أو شهر يتأخر فيه عن تسلم المحل التجاري وللبائع أن يطلب من المحكمة وضع المحل التجاري تحت الحراسة حتى تفصل في النزاع بينه وبين المشتري.
ويجوز للبائع بدلا عن المطالبة بالتنفيذ العيني أن يطلب من القاضي وذلك بعد أن يكون قد أعذر المشتري الحكم بفسخ العقد وللقاضي في هذه الحالة أن يستخدم سلطته التقديرية. وسواء طلب البائع التنفيذ العيني أو الفسخ له أن يطلب التعويض عما يكون قد أصابه من ضرر بسبب تخلف المشتري عن تنفيذ التزامه.

أما إذا اتفق الطرفان على أن يتم التسلم في نفس الوقت الذي يدفع فيه الثمن ولم يتم دفع الثمن عند حلول الأجل يعتبر البيع مفسوخا بقوة القانون دون حاجة إلى إعذار ما لم يوجد اتفاق على خلاف ذلك وهذا ما جاء بالمادة 392 قانون مدني تقابلها المادة 461 قانون مدني مصري والمادة 1653 قانون مدني فرنسي ولقد أثير خلاف حول تطبيق هذه المادة على بيع المحل التجاري فذهب رأي إلى تطبيق هذا الحكم على المنقولات بصفة عامة سواءا كانت مادية أو معنوية وبالتالي يخضع لحكمها المحل التجاري،في حين ذهب الرأي الراجح إلى عدم سريان هذا الحكم على المحل التجاري إما لأنها خاصة بالعروض والمنقولات المادية و إما لأن الحكمة من الفسخ بقوة القانون كثرة تقلبات أسعار هذه العروض ولا شيء من ذلك بالنسبة للمحل التجاري.

الفرع الثاني : التزام المشتري بدفع الثمن
إن أساس التزام البائع بتسليم المبيع هو التزام المشتري بتسليم الثمن وهذا الأخير قد يكون دفعة واحدة أو مجموع أقساط وغالبا ما يكون في شكل أقساط نظرا لضخامته في بيع المحل التجاري إذ يحرر المشتري لصالح البائع سندات لأمر أو سفتجات تدعى سندات المحل les billets de fonds بعدد الأقساط المستحقة ويكون دفع الثمن طبقا للقواعد العامة لعقد البيع مستحقا في الأجل المتفق عليه و إلا يعمل بالعرف إن كان موجودا فان لم يوجد اتفاق أو عرف يحدد زمان دفع الثمن يكون هذا الأخير واجب الدفع وقت تسليم المحل التجاري، وهذا ما جاء بنص المادة 188/1 قانون مدني تقابلها المادة 455/1 قانون مدني مصري إلا أن القانون التجاري قد قيد حرية المشتري في دفع الثمن فجعل الثمن الذي يدفعه قبل انقضاء مهلة معارضة الدائنين لا يبرأ ذمته اتجاههم وهذا ما جاء بالمادة 95 قانون تجاري ، والتي تقابلها المادة 3/3 من قانون 17 مارس 1909 الفرنسي المذكور سابقا.
هذا من حيث الزمان أما من حيث المكان فنطبق القواعد العامة الخاصة بعقد البيع حيث إذا لم يوجد اتفاق بين طرفي البيع على مكان دفع الثمن عمل بالعرف وإذا لم يوجد أيضا عرف تجاري في ذلك نطبق المادة 387 قانون مدني أي إذا كان زمان دفع الثمن هو نفسه الوقت الذي يتم فيه التسليم فإن مكان الدفع هو مكان التسليم و إلا نطبق القواعد العامة في نظرية الالتزام فنأخذ بمكان موطن المشتري وقت استحقاق الثمن ويتحمل المشتري نفقات الوفاء بالتزامه بالثمن طبقا لنص المادة 233 قانون مدني ونقابلها المادة 348 قانون مدني مصري.

و امتناع المشتري عن دفع الثمن يعطي للبائع طبقا للقواعد العامة الحق في التنفيذ العيني للعقد جبرا عن طريق الحجز والبيع أو الحق في فسخ العقد ولقد أحاط القانون التجاري هذين الحقين بقواعد خاصة تمثل ضمانا لاستيفاء البائع حقه بالثمن ونتطرق لذلك من خلال المبحث الثاني.
ورجوع البائع على المشتري بالتنفيذ العيني أو الفسخ يكون ناشئ عن عقد البيع وله إضافة إلى ذلك الرجوع عليه بمقتضى دعوى ناشئة عن سندات المحل التي حررها المشتري على نفسه بملغ الثمن وفي كل الأحوال لا يجوز للقاضي منح المشتري المدين أجلا للدفع المنصوص عليه بالمادة 281 قانون مدني التي تقابلها المادة 346/2 قانون مدني مصري لأن هذه المادة تخص الدين المدني دون التجاري بحيث التوقف عن دفع دين تجاري يؤدي إلى شهر إفلاس المدين طبقا لنص المادة 215قانون تجاري . وفيما يخص الأوراق التجارية فقد جاء المنع من منح أجل للدفع بنص المادة 464/2 قانون تجاري و إضافة للتعويض الذي قد يستفيد منه البائع حالتي التنفيذ العينـــي أو الفسخ إن كان له مقتضى فالمادة 186 قانون مدني تلزم المشتري تعويض البائع حالة تأخره في دفع الثمن عما أصابه من ضرر بسبب هذا التأخير.أما المشتري فله الحق في حبس الثمن إذا حصل له تعرض أو إذا خيف على المبيع أن ينتزع من يده أو إذا ظهر أن المبيع به عيب خفي.وفي كل الحالات التي يكون فيها للمشتري الحق في الحبس يستطيع البائع أن يسقط هذا الحق إذا قدم للمشتري تأمينا كافيا كما للمشتري التنازل عن حقه في الحبس لأنه لا يتعلق بالنظام العام و هذا ما جاء بالمادة 388 قانون مدني تقابلها المادة 457 قانون مدني مصري.

الفرع الثالث: التزام المشتري بدفع نفقات العقد وتكاليف المبيع

وتشمل نفقات العقد المصاريف اللازمة لتحريره أو التصديق على الإمضاءات فيه أو إشهاره ونفقات تسجيله منها رسوم نقل الملكية Droit De Mutation De Proporiété
التي تحصل عليها إدارة الضرائب بسبب بيع للمتجر وتكون إدارة الضرائب على علم بالعملية نظرا لوجوب إتمام إجراءات الشهر والقيد المنصوص عليها في القانون التجاري وهذا الالتزام جاءت به المادة 393 قانون مدني تقابلها المادة 462 قانون مدني مصري.
وإذا أدى البائع نفقات عقد البيع عن المشتري كان له الرجوع عليه بما أنفقه ، والتزام المشتري بدفع نفقات البيع وارد أيضا بالمادة 1593 قانون مدني فرنسي.
كما يلتزم المشتري بتكاليف المبيع كالضرائب المفروضة ونفقات صيانته واستغلاله وتعتبر هذه النفقات والتكاليف من ملحقات الثمن وتأخذ حكمه وضماناته بما في ذلك حق امتياز البائع سواء المنصوص عليه في القانون المدني أو المنصوص عليه في القانون التجاري

المبحث الرابع :الضمانات الناشئة عن انعقاد بيع المحل التجاري.

إن التصرف في المحل التجاري بالبيع يمس بمصالح مختلفة وهي مصلحة المشتري الذي قد يقع ضحية غش البائع لذلك أوجب القانون التجاري حماية له ذكر البيانات الإجبارية بعقد البيع لوقوف المشتري على المركز الحقيقي للمحل التجاري وهذا تطرقنا له سابقا وفيه مصلحة البائع التي أقر لها القانون التجاري ضمانات لحمايتها وبما أن هذه الأخيرة تمس بمصالح الغير دائني المشتري فقد أخضعت ممارستها لشروط معينة وفيه أيضا مصلحة الغير دائني البائع فقد أقر القانون التجاري لها حماية خاصة ونتطرق لضمانات بائع المحل التجاري ودائني البائع من خلال المطلبين التاليين نخصص الأول لضمانات البائع والثاني لضمانات دائنيه.

المطلب الأول: ضمانات بائع المحل التجاري

يتعرض البائع في بعض الأحيان لإعسار المشتري إذا كان هذا الأخير ملزما بثمن مؤجل الدفع على عدة أقساط أو دفعة واحدة.و بماأن المحل التجاري منقول فإن الضمانات التي يمكن أن يستفيد منها بائع المحل التجاري لاستيفاء الثمن طبقا لأحكام القواعد العامة هي نفسها التي يمنحها القانون لبائع المنقولات وهي حق الامتياز وحق الفسخ وفيه ضمان آخر من ضمانات بائع المنقولات لكن لا يمكن لبائع المحل التجاري الإستفادة منه وهو الحق في الحبس كون هذا الأخير خاص بالمنقول المادي دون المعنوي كما يشترط لقيامه كضمان أن يكون الالتزام بالثمن حالا ولم يتم تنفيذه وهذا الحق منصوص عليه بالمادة 390 قانون مدني.
أما حق الامتياز فمنصوص عليه بالمادة 997 قانون مدني وهو أولوية قررها القانون لبائع المنقول لاستيفاء ما يستحقه من ثمن وملحقاته من ثمن إعادة بيع الشيء المبيع وهذا الامتياز لا يمكن الاحتجاج به على الغير الذي انتقلت إليه ملكية المبيع من المشتري بمعنى يترتب عليه حق الأفضلية دون حق التتبع.
أما حق الفسخ فقرره القانون بقاعدة عامة مفادها أنه في العقود الملزمة لجانبين إذ لم يوفي أحد المتعاقدين بالتزام جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذار المدين أن يطلب فسخ العقد و هذا طبقا لنص المادة 119 قانون مدني المذكورة سابقا وإذا فرضنا أن المشتري تاجرا ووقع في الإفلاس فإن فعالية الضمانات المذكورة تقل إلى حد كبير فلا امتياز لبائع المنقول في حالة إفلاس المشتري و ليس للبائع المطالبة بفسخ العقد ما لم يكن قد تمسك بذلك قبل إعلان الإفلاس وهذا ما يستخلص في نص المادتين 251 و 308 قانون تجاري.
تلك هي ضمانات بائع المنقول في ظل القواعد العامة وتطبيقها على بيع المحل التجاري لا يخدم مصلحة البائع فالمحل التجاري عموما يشكل العنصر الهام في الذمة المالية لمالكه وهو عماد الإستثمار وجوهرة الثروة التجارية وليس من المنطق أن نضحي به في حالة بيعه لجماعة دائني المشتري على حساب البائع الذي يجد نفسه ضمن جماعة الدائنين ويخضع لقسمة الغرماء وإذا كان ذلك يصدق على بائعي المنقولات المادية التي غالبا ما تكون قيمتها متواضعة فإن تعميمه على بيع المحلات التجارية فيه إجحاف لحقوق البائعين .

المطلب الثاني: ضمانات دائني بائع المحل التجاري

المحل التجاري بما يشمله من عناصر مادية ومعنوية في ذمة صاحبه كضمان عام لدائنيه ويكون لأهمية المحل وقدر عناصره أثر كبير في حجم التعامل والتعاقدات التجارية التي يبرمها الغير مع مالك المحل التجاري، حيث يعتبر هذا الأخير حجر الزاوية في ثروة البائع، واعتماد دائني هذا الأخير على القواعد العامة لحماية حقوقهم غير كاف إذ ليس لهم في مواجهة البائع إلا استعمال الدعوى البوليصية إذا توافرت شروطها وهي قد لا تتوافر إذا كان مشتري المتجر حسن النية بريئا عن التواطؤ أو عن قصد الإضرار بالغير لذلك أحاط المشرع دائني بائع المحل التجاري بضمانات هامة تكفل لهم الحصول على حقوقهم دعما للثقة و الائتمان الواجب توافرهما في المجتمع التجاري وخاصة أن البيع لا ينقل حكما إلى المشتري الديون والحقوق المتعلقة باستثمار المحل وهذا ما نصت عليه صراحة المادتان39-40 من القانون التجاري المصري رقم 17 سنة 1999 فأوجب المشرع نشر عقد بيع المحل حتى يطمئن إلى علم دائن البائع به ومنع على البائع استيفاء الثمن قبل مرور خمسة عشر يوما تبدأ من تاريخ آخر إجراء من إجراءات نشر البيع وأعطى للدائنين حق الاعتراض خلالها على دفع الثمن كما أعطى لهم الحق في اتخاذ إجراءات شراء المحل التجاري منعا من بيعه بثمن بخس يؤدي إلى الإضرار بهم بضياع جزء من ضمانهم العام

الـــخاتـــــمة:

إن أهم ما يمكن استخلاصه من دراستنا لبيع المحل التجاري أن هذا العمل التجاري جاء لتنظيمه المشرع بأحكام قانونية خاصة ومستثناة عن القواعد العامة المتعلقة بالبيع في القانون المدني وهذه الاستثنائية تبررها المكانة المعتبرة للمحل التجاري باعتباره ثروة تناهز مكانة العقار وكذا تمتعه بطبيعة خاصة باعتباره منقول معنوي يصعب خضوع التصرفات الواردة عليه لأحكام القانون المدني فقط حيث جاء هذا الأخير لينظم العقار والمنقول المادي بصفة تفوق تنظيم المنقول المعنوي ومظاهر الاستثناء كانت في مختلف مراحل بيع المحل التجاري