السياسة الجنائية الدولية لمكافحة المخدرات وأثرها علي السياسة الجنائية في فلسطين

مقدمـة:

من المسلم به أن المخدرات بكافة أنواعها لها أضرار اجتماعية واقتصادية وخلقية وعقلية وتعطل القوى البشرية في الوطن ,فأصبح الاتجار بها وتهريبها سلاحا يلجأ إليه الخصم لتحطيم القدرات الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية لقطاعات هامة من أفراد الشعب , بحيث أصبحت مجابهة تلك الآفة الخطيرة ضرورة يمليها واجب المحافظة علي قيم وطاقات شعب يتطلع إلي البناء والتطور والتنمية والمحافظة علي قدرات وحيوية شبابه , وهم دعامة هذا البناء.

وإذ كانت هده المجابهة تتسع لتشمل جهودا في ميادين شتي منها الثقافي والديني والتعليمي والاقتصادي والصحي والأمني ,فان التشريع يبقي ميدانا من أهم ميادين هذه, المجابهة , حيث يقوم بتجريم الأفعال المتصلة بهذا النشاط غير المشروع والعقاب علية بغرض حماية المجتمع ومصالح الأفراد , وبهذا تحقق السياسة الجنائية الوطنية هدفها كقوة ردع أساسية في درء هذا الخطر.

وبما أنه يتعذر علي التشريعات الوطنية وحدها أن تتصدي لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية إذ أن الخطر المتزايد داهم المجتمع الدولي بأسره مما دفع الدول إلي توقيع الاتفاقيات الثنائية والجماعية من أجل مكافحة مشكلة المخدرات .

ومن جانب أخر فقد لعبت الأمم المتحدة دورا هاما في مكافحة جرائم المخدرات وأنشأت أجهزة في مجال مكافحة المخدرات عالميا , ومثالا لذلك المكتب المركزي الدائم للأفيون, ولجنة المخدرات ,والهيئة الدولية للرقابة علي المخدرات ,إضافة إلي ذلك برنامج الأمم المتحدة المعني بالمكافحة الدولية للمخدرات والذي صدر عنه القانون النموذجي بشأن الاتجار بالمخدرات وما يتصل به من جرائم وكذلك قانون مكافحة الاتجار بالمخدرات واستعمالها غير المشروع إذ تعتبر هذه القوانين بمثابة أحكام دنيا يوصى بإدراجها في قوانين مكافحة المخدرات الوطنية الجديدة لكي تتماشي مع التطورات والمعايير والتدابير الدولية لمكافحة هذه الجريمة الخطرة ودرئها محليا وإقليميا ودوليا .

ونظرا للتطورات التي لحقت بالعالم مثل زيادة حجم التجارة الدولية والتطور السريع في وسائل الانتقال والاتصال وبالتالي في الحد من عنصر المسافات المكانية وقيام المجتمعات الصناعية وما خلقته من وجود يسود فيه القلق والتوتر الذي يتزايد فيه الطلب علي المخدرات , هذه التطورات أزالت أو كادت الأسوار العالية التي كانت تحيط بالشعوب داخل أقاليمها , وخطرا داهما علي صحة العالم(1) وهكذا ظهرت أهمية الاتفاقيات الدولية في مجال مكافحة المخدرات .

الهدف من الدراسة:

في إطار السياسة الجنائية للسلطة الوطنية الفلسطينية لمكافحة المخدرات فقد اتخذت مجموعه من الإجراءات منها إنشاء اللجنة العليا لمكافحة المخدرات وكذلك الإدارة العامة لمكافحة المخدرات ولم تتوقف السلطة الوطنية عن السير قدما نحو توحيد وتحديث قانون المخدرات الفلسطيني لكي يتماشي مع السياسة الجنائية الدولية والتي تتمثل في الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالمخدرات , وعلية فقد انبثق عن اللجنة الوطنية العليا للمخدرات لجنة لإعداد وصياغة مشروع قانون المخدرات والمؤثرات العقلية والتي وضعت في اعتبارها مدى ملائمة مشروع القانون بالتطورات والمعايير الدولية نظرا لتشعب وخطورة هذه الجريمة علي المستوي الوطني ولإقليمي والدولي , وبما أن الأمر يتطلب المزيد من الدراسات والأبحاث القانونية للاتفاقيات الدولية لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية وتبيان أهم المبادئ القانونية الدولية التي أرستها تلك الاتفاقيات ومدى تبني السياسة الجنائية في فلسطين لها من خلال إصدار التشريعات الوطنية التي تعالج الموضوع .

خطة الدراسة:

في سبيل دراسة الاتفاقيات الدولية لمكافحة المخدرات وأثرها علي السياسة الجنائية لمكافحة المخدرات في فلسطين , ومناقشة المبادئ القانونية الدولية التي أرستها الاتفاقيات ذات الصلة ومدى تأثريها علي السياسة الجنائية الفلسطينية .فإننا سنحاول طرق هذه المبادئ من خلال العناصر التالية :

أولا: السياسة الجنائية الدولية للاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961 .

ثانيا: السياسة الجنائية الدولية لاتفاقية المؤثرات العقلية لسنة 1971 .

ثالثا: السياسة الجنائية الدولية لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية.

رابعا: السياسة الجنائية لمكافحة المخدرات في فلسطين

خامسا: النتائج والتوصيات .

أولا: السياسة الجنائية الدولية للاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961م

منذ نشأة الأمم المتحدة كانت الحاجة ملحة إلي جمع المبادئ القانونية التي أرستها العديد من الاتفاقيات الدولية السابقة المتعلقة بمكافحة المخدرات في اتفاقية موحدة مع إخضاع المزيد من المواد المخدرة للرقابة الدولية وكذلك مع إرساء مبادئ قانونية دولية جديدة تتفق مع التطورات الدولية الجارية من حيث تزايد حجم مشكلة المخدرات وتفاقمها مما يستدعي ضرورة وتكاثف المجتمع الدولي في مواجهتها(2) .

لذلك عقدت الأمم المتحدة من خلال المجلس الاقتصادي والاجتماعي مؤتمرا دوليا لمجابهة مشكلة المخدرات بتاريخ 24/1/1961 وشاركت فيه ثلاث وسبعون دولة وعرض علي المؤتمر المشروع الثالث للاتفاقية الوحيدة للمخدرات,والتي أعدته لجنة المخدرات وبعد مناقشة المشروع أقر المؤتمرون الاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961 وتم التوقيع عليها 30/1/1961(3),حيث جاء في مقدمة الاتفاقية أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة بموجب قراره (689) (د-26) في 28/7/1957 قرر أن يدعو بموجب المادة 62/4 من ميثاق الأمم المتحدة وبمقتضي أحكام قرار الجمعية العامة 366 (د-4) في 3/12/1949 إلي عقد مؤتمر مفوضين لإقرار اتفاقية وحيدة للمخدرات بدلا من الاتفاقيات المتعددة الأطراف القائمة حاليا في هذا المجال , وتخفيض عدد الأجهزة المعنية بمراقبة المخدرات واتخاذ ما يلزم لمراقبة إنتاج المواد الخام التي تدخل في المخدرات ,كما لعبت الوكالات الدولية المتخصصة والمنظمات غير الحكومية دورا هاما من هده الاتفاقية مما عكس مدى اهتمام المجتمع الدولي مبكرا منذ عام 1961 باستفحال مشكلة المخدرات عالميا وحاجة المجتمع الدولي إلي قانون دولي لمكافحة مشكلة المخدرات(4) . وقد أقرت الاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961 المعدلة ببرتوكول 25/3/1972 مجموعة من المبادئ القانونية الدولية أهمها ما يلي :

1- تحريم إنتاج المخدرات وقصر إنتاجها علي الأغراض الطبية والعلمية .

طالبت الاتفاقية الدول الأطراف باتخاذ التدابير التشريعية الإدارية لقصر إنتاج المخدرات وصنعها وتصديرها واستيرادها وتوزيعها والاتجار بها واستعمالها وحيازتها علي الأغراض الطبية والعلمية دون سواها (5), هذا المبدأ القانوني سبق أن أرسته الاتفاقيات السابقة المتعلقة بمكافحة المخدرات وأكدت الاتفاقية علية حيث إن المجتمع الدولي يسعي جاهدا إلي تحريم إنتاج المخدرات في كافة أرجاء المعمورة وقصر إنتاجها للأغراض الطبية والعلمية بسبب تفاقم مشكلة إساءة استعمال المواد المخدرة دوليا .

2- حظر زراعة المخدرات إلا بموجب ترخيص من الجهات المختصة .

تعتبر زراعة المخدرات صورة من صور الإنتاج بمعناه الواسع , حيث أن عملية الزراعة تعتبر من الأعمال التحضيرية التي تؤدي إلي استخراج وإنتاج المواد المخدرة , ولذلك فقد طالبت الاتفاقية الدول الأطراف باتحاد الإجراءات التالية:

أ‌- تحظر الدول المعنية زراعة خشخاش الأفيون أو نبات الكوكا أو القنب كلما رأت الأحوال السائدة في بلادها أو أحد أقاليمها تجعل حظر زراعتها انسب وسيلة لحماية الصحة العامة والرفاء العام ومنع تحويل المخدرات إلي الاتجار غير المشروع.

تقوم الدولة الطرف التي تحظر زراعة خشخاش الأفيون أو نبتة القنب باتحاد التدابير المناسبة لضبط أية نباتات تزرع بصورة غير شرعية وتدميرها , باستثناء الكميات البسيطة التي يحتاجها البلد الطرف للأغراض العملية وأغراض الأبحاث (6).

3- قصر صناعة المخدرات للأغراض العملية والطبية .

وضعت المواد 4,21,29 من الاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961 مجموعة من الضوابط لصناعة المخدرات للأغراض العملية والطبية حيث نصت المادة 4 علي قصر صناعة المخدرات عي الأغراض الطبية والعملية دون سواها(7), ثم نصت المادة 21 من الاتفاقية علي ضوابط وتحديد صنع المخدرات واستيرادها علي النحو التالي: لا يجوز أن يتجاوز مجموع كميات أي مخدر يصنعها أو يستوردها أي بلد أو إقليم في أية سنة , حاصل جمع الكميات التالية :

أ‌. الكمية المستهلكة, في حدود التقدير الخاص بها: في الأغراض الطبية والعلمية .

ب‌. الكمية المستعملة , في حدود التقدير الخاص بها , في صنع المخدرات الأخرى والمستحضرات المدرجة في الجدول الثالث , والمواد التي لا تتناولها هذه الاتفاقية .

ج. الكمية المصدرة.

د. الكمية المضافة إلي المخزون لرفعه إلي المستوي المحدد في التقدير الخاص به .

ه. الكمية التي يتم الحصول عليها , في حدود التقدير الخاص بها , لاستعمالها في الأغراض الخاصة(8) .

4- قصر الاتجار بالمخدرات وتوزيعها علي الأغراض الطبية والعلمية .

الأصل في الاتجار في المخدرات غير مشروع ولكن هناك استعمالات مشروعه اقتضتها الأغراض الطبية والعلمية ولتحقيق هذه الغاية المحددة طالبت الاتفاقية الدول الأطراف أن تعمل على قصر الاتجار في المخدرات وتوزيعها علي الأغراض الطبية والعلمية دون سواها(9) , ونظرا لطبيعة الاتجار في المواد المخدرة ولخطورته علي المجتمع الدولي فقد تضمنت الاتفاقية وسائل لتحقيق ذلك الغرض وهي:

1- تقوم الدول الأطراف تجارة المخدرات وتوزيعها لنظام الإجازة ومراقبة جميع من يعمل أو يشترك في تجارة المخدرات أو توزيعها من أشخاص ومؤسسات , وإخضاع المنشات وللاماكن التي فيها مزاولة هذه التجارة أو هذا التوزيع لنظام الإجازة (10).

2- كما حظرت الاتفاقية علي الدول الأطراف أن تسمح عن علم بتصدير المخدرات إلي أي بلد أو إقليم ما لم يتم ذلك وفقا لقوانين هذا البلد أو الإقليم وأنظمته وفي حدود مجموع التقديرات المتعلقة به وتمارس الدول الأطراف في المرافئ والمناطق الحرة نفس الإشراف والمراقبة اللذين تمارسها في سائر أنحاء أقاليمها , ويجوز لها مع ذلك اتحاد تدابير حازمة وصارمة(11) .

يتضح لنا من هذه القواعد القانونية أن الاتفاقية الوحيدة للمخدرات قد أرست أسلوبا دوليا لتحقيق قصر الاتجار وتوزيعها علي الأغراض الطبية والعلمية وأوقعت التزاما علي عاتق الدول الأطراف بإخضاع تجارة المخدرات وتوزيعها لنظام الإجازة, ووضعت تنظيما دوليا يهدف إلي السيطرة علي حركة الاتجار المشروع في المخدرات بغرض الحرص علي عدم تسرب المخدرات إلي سوق الاتجار غير المشروع(12) .

5- قصر حيازة المخدرات علي الأغراض الطبية والعلمية .

المقصود بالحيازة في القانون وضع اليد علي المخدر علي سبيل التملك والاختصاص ونظرا لخطورة هذه المواد المخدرة فقد طالبت الاتفاقية الأطراف أن تتخذ التدابير والإجراءات التشريعية والإدارية لقصر حيازة المخدرات علي الأغراض الطبية والعلمية , دون سواها , وبأذن قانوني ويعتبر هذا المبدأ من أهم المبادئ القانونية الدولية التي أرستها تلك الاتفاقية(13).

6- إلزام الدول الأطراف بتقدير الكميات اللازمة من المخدرات للأعراض الطبية والعلمية (14).

أوجبت الاتفاقية علي الدول الأطراف تزويد الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات بتقديرات الكميات اللازمة من المخدرات كل عام وفق الأمور التالية :

أ . كميات المخدرات التي تستهلك في الأغراض الطبية والعلمية .

ب . كميات المخدرات التي ستستعمل في صنع المخدرات الأخرى والمستحضرات المدرجة في.

الجدول الثالث , والمواد التي لا تتناولها هذه الاتفاقية .

ج. كميات المخدرات التي ستكون مخزونة في 31كانون الأول / ديسمبر مـن السنة التي تتناولها التقديرات .

د. كميات المخدرات التي ينبغي إضافتها إلي المخزون الخاص .

ه. مساحة الأراضي ( بالهكتارات ) التي تستخدم في زراعة خشخاش الأفيون وموقعها الجغرافي .

و. كمية الأفيون التي ستنتج بالتقريب .

ز. عدد المؤسسات الصناعية التي ستصنع مخدرات اصطناعية .

ح. كميات المخدرات الاصطناعية التي ستصنعها كل من المؤسسات المشار إليها في البند السابق.

كما أعطت الاتفاقية الدول الأطراف تقديم تقديرات إضافية خلال السنة شريطة أن تكون مشفوعة بالأسباب التي استلزمتها لكافة أنواع المواد المخدرة .

7- وضعت أسس التعاون الدولي والمحلي في مجال مكافحة الاتجار غير المشروع :

طالبت الاتفاقية في المادة 35 منها أن تقوم الدول الأطراف لمكافحة الاتجار غير المشروع باتخاذ الترتيبات اللازمة علي الصعيد الوطني مع مراعاة أنظمتها الدستورية والقضائية والإدارية وذلك لتنسيق التدابير الوقائية والقمعية الرامية إلي مكافحة الاتجار غير المشروع , تحقيقا لذلك تعيين جهاز حكومي مناسب لتولي مهمة مسؤولية ذلك التنسيق وتبادل المساعدة اللازمة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات . العمل علي إقامة التعاون الوثيق فيما بينها ومع المنظمات الدولية المختصة التي تكون أعضاء فيها لمواصلة المكافحة المنسقة للاتجار غير المشروع علاوة علي ذلك أكدت الاتفاقية ضمان تحقيق التعاون الدولي بين الأجهزة الحكومية المختصة بطريقة سريعة وضمان إحالة المستندات القانونية بطريقة سريعة إلي الهيئات التي تعينها الدول الأطراف عند إحالة هذه المستندات من بلد إلي أخر لأغراض المحاكمة , والعمل علي تزويد الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات ولجنة المخدرات الدولية بالمعلومات المطلوبة عن نشاط الاتجار غير المشروع بالمخدرات داخل حدودها , بما في ذلك معلومات عن زراعة المخدرات وإنتاجها وصناعتها واستعمالها والاتجار بها بطرق غير مشروعة.

8- أوصت الاتفاقية الدول الأطراف بإصدار التشريعات الصارمة وتشديد العقوبات علي جرائم المخدرات :

أكدت المادة 36 من الاتفاقية علي إن تقوم كل دولة,مع مراعاة حدود أحكامها الدستورية باتخاذ التدابير اللازمة الكفيلة بجعل زراعة المخدرات , إنتاجها , وصنعها ,واستخراجها, وتحضيرها , وحيازتها ,وتقديمها , وعرضها للبيع,وتوزيعها ,وشرائها, وبيعها, وتسليمها, بأية صفة من الصفات والسمسرة فيها, وإرسالها , وتمريرها, ونقلها, واستيرادها , وتصديرها , وأي فعل أخر قد تراه تلك الدولة الطرف مخالفا لأحكام الاتفاقية , جرائم يعاقب عليها إن ارتكبت عمدا, وكذلك باتخاذ التدابير الكفيلة بفرض العقوبات المناسبة في الجرائم الخطيرة ولا سيما عقوبة الحبس أو غيرها من العقوبات السالبة للحرية .

إضافة إلي ذلك ألزمت المادة 36/2 من الاتفاقية الدول الأطراف اعتبار جرائم المخدرات من الجرائم الموجبة للتسليم في أي معاهدة لتسليم المجرمين مع مراعاة الشروط المنصوص عليها في قوانين الدولة المطلوب منها التسليم .

ثانيا : السياسة الجنائية الدولية لاتفاقية المؤثرات العقلية لسنة 1971م

بعد أن تفاقمت مشكلة إساءة استعمال المؤثرات العقلية علي المستوي المحلي للدول, وتزايد خطر مشكلة المسكنات والمنبهات وعقاقير الهلوسة وعجزت أمام هذا الخطر إجراءات الرقابة المحلية , مما دفع باللجنة الدولية للمخدرات في عام 1963 إلي تشكيل لجنة فرعية لدراسة مشكلة إساءة استعمال المواد المؤثرة علي الحالة العقلية , وفي يناير 1966 تم وضع مشروع اتفاقية المؤثرات العقلية ومناقشته في دورة استثنائية , وفي فبراير سنة 1971 عقد مؤتمر مفوضين عن الدول الأطراف حيث أقر المؤتمرون الاتفاقية (15).

هذا وقد الحق بالاتفاقية أربعة جداول يشتمل الجدول الأول علي قائمة المواد النفسية الأخرى خطورة مثل الميسكالين وهي مواد ليست لها استخدامات طبيعية ,أما المواد النفسية الأخرى مثل الباريتيورات الامفيتامينات مدرجة في الجدول الثاني والثالث والرابع حسب درجة خطورتها , وقد لاقت هذه الاتفاقية معارضة قوية من الدول الصناعية الكبرى المنتجة للمواد النفسية نظرا لأن أحكام الاتفاقية تؤثر علي حجم إنتاج تلك الدول وتضعف موارده المالية , لذا تأخر دخول الاتفاقية إلي حيز التنفيذ حتى 16/8/1976 .

ولقد عبرت الدول الأطراف في مقدمة هذه الاتفاقية عن بالغ قلقها إزاء مشكلة الصحة العامة والمشاكل الاجتماعية الناشئة عن إساءة استعمال بعض المؤثرات العقلية وتصميمها منها علي توقي ومكافحة إساءة تلك المواد وما تؤدي إلية من اتجار غير مشروع , ترى من اللازم اتخاذ تدابير صارمة لقصر استعمال تلك المواد علي أغراض مشروعة , اعترافا منها أنه لا يمكن الاستغناء عن استعمال المؤثرات العقلية للأغراض الطبية والعلمية ,لذا ينبغي ألا يقيد الحصول علي هذه المواد لتلك الأغراض بقيود لا مبرر لها ,وأن التدابير التي تتخذ للحيلولة دون إساءة استعمال تلك المواد تقتضي عملا منسقا علي المستوي العالمي وفي إطار اختصاص منظمة الأمم المتحدة بمراقبة المؤثرات العقلية عن طريق المنظمات الدولية المختصة بذلك النشاط كالهيئة الدولية لمراقبة المخدرات , لجنة المخدرات ومنظمة الصحة العالمية .

هذا وقد انبثق عن هذه الاتفاقية مجموعة من السياسات الجنائية الدولية من أهمها تحديد نطاق ومراقبة المواد المؤثرة علي الحالة العقلية , قصر استعمال المواد المدرجة علي الجدول الثاني والثالث والرابع , حظر توجيه إعلانات من المواد المؤثرة علي الحالة العقلية إلي عامة الجمهور , ضرورة الاحتفاظ بسجلات لحركة التصنيع أو الاتجار بتلك المواد , استخدام أسلوب إذن التصدير والاستيراد لتحقيق الرقابة الدولية علي نشاط الدول في التجارة الدولية لتلك المواد , علاوة علي ذلك طالبت الاتفاقية من الدول الأطراف بإرسال تقارير وإحصاءات سنوية إلي الأمين العام للأمم المتحدة تتضمن كافة التعديلات الهامة التي أدخلت علي قوانينها وأنظمتها المتعلقة بالمؤثرات العقلية والتطورات التي وقعت في أقاليمها فيما يتعلق بإساءة استعمال المؤثرات العقلية والاتجار غير المشروع فيها والكشف عن الكميات المضبوطة أو مصادر الحصول عليها والوسائل المستخدمة في ذلك وان يشتمل التقرير الإحصائي علي الكميات المصنعة والمصدر والمستورد من كل مادة من المواد المدرجة في الجدول الأول للأغراض الصناعية .

أضف إلي ذلك فأن الاتفاقية نظمت أسلوب مكافحة الاتجار غير المشروع في المواد المؤثرة علي الحالة العقلية حيث طالبت الدول باتخاذ الترتيبات اللازمة علي المستوي الوطني لتنسق التدابير القمعية الرامية ألي مكافحة الاتجار غير المشروع من خلال الطرق الدبلوماسية أو السلطات المختصة , كما أوجدت الاتفاقية نوعا من التعاون الوثيق بين الدول وكذلك مع المنظمات الدولية المتخصصة من أجل مواصلة التنسيق وكفالة التعاون الدولي وسرعة نقل المستندات القانونية لتحقيق الأغراض القضائية التي تساعد علي تحقيق أحكام الاتفاقية(16) .

وعلي الرغم من تلك التدابير التي أشارت إليها الاتفاقية أعلاه فأنه يلاحظ عدم كفايتها لمكافحة الاتجار غير المشروع في المواد المؤثرة علي الحالة العقلية , وعدم فاعليتها, مما دفع الأمم المتحدة إلي إقرار اتفاقية فيينا لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1988.

ثالثا : السياسة الجنائية الدولية لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية:

علي الرغم من أهمية الاتفاقية الدولية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961 والاتفاقية الدولية للمؤثرات العقلية لسنة 1971 إلا أنها لم تؤت ثمارها إزاء مكافحة جريمة المخدرات والمؤثرات العقلية التي زاد انتشارها بشكل يهدد المجتمع الدولي بأسرة , مما دفع الأمم المتحدة إلي صياغة سياسات جنائية دولية جديدة متطورة متشددة اتجاه مشكلة المخدرات بعد أن أدركت انتشار الاتجار في المخدرات والمؤثرات العقلية في مختلف فئات المجتمع خاصة الأطفال الذين يستغلون في كثير من أنحاء العالم باعتبارهم سوقا غير مشروع للاستهلاك لأغراض إنتاج المخدرات والمؤثرات العقلية وتوزيعها بالإضافة إلي ذلك ثبوت تورط كبار المسئولين في بعض البلدان في تنظيم شبكات عالمية منظمة للاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية مما يؤدي إلي تلويث وإفساد هياكل الحكومات والمؤسسات الاقتصادية والتجارية والمصرفية ذات النشاط المشروع في كافة المستويات وتقويض الاقتصاد الدولي وتهديد استقرار الدول(17) .

ولما كانت الحاجة ملحة إلي اتفاقية جديدة لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية بعد أن أكدت كافة الإحصاءات والتقارير إلي عدم فاعلية الاتفاقيات السابقة(18) ,في القضاء علي انتشار المخدرات في العالم وتزايد نشاط العصابات الدولية المنظمة الإجرامية في مجال الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية , ولذلك طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلي المجلس الاقتصادي والاجتماعي أن يرجو من لجنة المخدرات أن تشرع , علي سبيل الأولوية ,في دورتها الحادية والثلاثين التي ستعقد في فبراير 1985,في إعداد مشروع اتفاقية لمكافحة الاتجار غير المشروع للمخدرات , تتناول الجوانب المختلفة للمشكلة ككل , وخاصة تلك الجوانب التي لم تتطرق إليها الصكوك الدولية الحالية , وقد عقدت الأمم المتحدة مؤتمرا لاعتماد اتفاقية لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية في قصر (نوي هوفبورغ ) بفيينا في الفترة في 25/ نوفمبر إلي 20 ديسمبر 1988, وقد اعتمد المؤتمر الاتفاقية ودخلت حيزا التنفيذ اعتبارا من 11/11/1990(19) .

ترمي هذه الاتفاقية إلي تحقيق الأهداف المتوخاه والمتمثلة في إيجاد تعاون دولي في مكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية إذ يعتبر نشاطا إجراميا دوليا يستلزم اهتماما عاجلا وأولوية عليا من قبل المجتمع الدولي , العمل علي حرمان المنظمات الإجرامية الدولية والأشخاص المشتغلين بالاتجار غير المشروع من الأموال المتحصلة من نشاطهم الإجرامي بغرض القضاء علي هذا الحافز الرئيسي الذي يدفعهم إليه إذ يعتبر ذلك انجح الأساليب القانونية الدولية الجنائية الواقعية للحد من نشاطهم(20) ,وأهم هدف لتلك الاتفاقية تقنين القواعد القانونية الدولية الجنائية التي تبيح مصادرة وتعقب الأموال في كافة بلدان العالم وحرمان المشتغلين في مجال الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية من تلك الأموال , العمل علي اتخاذ تدابير رقابية دولية علي المواد بما في ذلك السلائف والكيميائيات والمذيبات التي تستخدم في صنع المخدرات والمؤثرات العقلية والتي أدت سهولة الحصول عليها إلي ازدياد الصنع السري لها , العمل كذلك علي تعزيز التعاون الدولي في مجال منع الاتجار غير المشروع عن طريق البحر(21) , وتعزيز الوسائل القانونية الفعالة لتحقيق التعاون الدولي في المجال الجنائي ولا سيما مجال منع الأنشطة الإجرامية الدولية العاملة في الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية , وتعزيز واستكمال التدابير المنصوص عليها في الاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961, وفي تلك الاتفاقية بصيغتها المعدلة ببرتوكول سنة 1972, واتفاقية المؤثرات العلية لسنة 1971, من أجل مقاومة ما للاتجار غير المشروع من جسامة ومدى ونتائج خطيرة .

ومن جانب أخر فقد أرست اتفاقية الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1988 مجموعة من السياسات الجنائية الدولية كان من أهمها :

1-تجريم صور التعامل عمدا في المخدرات أو المؤثرات العقلية كافة :

أن اتفاقية الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية تنطلق من فكرة تدابير قمعية جديدة حيث ألزمت المادة رقم(3) منها الدول الأطراف باتخاذ ما يلزم من تدابير لتجريم كافة صور التعامل عمدا في المخدرات والمؤثرات العقلية وذلك من خلال إصدار تشريعات محلية تجرم أفعال إنتاج وصناعة وزراعة وحيازة ونقل وتوزيع معدات أو مواد تستخدم من اجل زراعة أو إنتاج أو صنع المخدرات أو المؤثرات العقلية بشكل غير مشروع وكذلك تنظيم وإدارة أي من هذه الجرائم , ومما لا شك فيه أن الغرض من هذه المادة القضاء على فئة الوسطاء في عمليات تصنيع المخدرات وعلي العاملين في تشغيل المعامل الكيميائية السرية الخاصة المخدرات بطريقة غر مشروعة.

2-تجريم أفعال جديدة لم تتناولها الاتفاقيات السابقة:

قد أوضحت الفقرة الخامسة من البند(1)من المادة 3من الاتفاقية صورة جديدة من صور تجريم أفعال وتنظيم أو أدراه أو تمويل جرائم أنتاج أو صناعة أو استخراج أو زراعة أو حيازة المخدرات والمؤثرات العقلية , وقد تنبهت كافة التشريعات المحلية لخطورة تلك الأفعال واستجابت لتوجيهات المشرع الدولي بتعديل تشريعاتها المحلية لخطورة تلك الأفعال واستجابت لتوجيهات المشرع بتعديل تشريعاتها الوطنية كما حصل في مصر والأردن وغيرة من بلدان العالم , أما في فلسطين فهناك مشروع قانون للمخدرات والمؤثرات العقلية فقد تضمن كافة التغييرات والقواعد القانونية الدولية التي أرستها الاتفاقيات الدولية ذات الشأن , وسنستعرض لهذا الموضوع بشيء من التفصيل لاحقا في هذه الدراسة.

3-استحداث نصوص تشريعية جديدة في مجال تجريم حيازة الأموال المتحصلة من جرائم المخدرات :

نظرا لخطورة انتشار المخدرات في كافة أنحاء العالم فأن اتفاقية فيينا لسنة 1988 استحدثت أسلوبا تشريعيا في مجال مكافحة المخدرات ويتمثل ذلك في التزام الدول الأطراف في الاتفاقية بتجريم أفعال لم تكن مجرمة في كافة الاتفاقيات السابقة وكذلك غير مجرمة في أغلب تشريعات الدول الأطراف في الاتفاقية , لذلك نصت الفقرة ب/2 من المادة الثالثة من الاتفاقية علي أن تتخذ الدول ما يلزم من تدابير لتجريم الأفعال وهي: إخفاء أو تمويه حقيقة الأموال , أو مصدرها , أو مكانها أو طريقة التصرف فيها , أو حركتها , أو الحقوق المتعلقة بها, أو ملكيتها , مع العلم بأنها مستمدة من جريمة أو جرائم منصوص عليها في الفقرة الفرعية (1) من نفس المادة,أو مستمدة من فعل من أفعال الاشتراك في مثل هذه الجريمة أو الجرائم(22) .

ويبدو من نص هذه المادة أنه قد رسخت قناعة لدى المشرع الدولي إلي تجريم عملية إخفاء أو تمويه حقيقة تلك الأموال حتى لو كانت متحصله من أفعال الاشتراك في جرائم المخدرات حتى يقطع الطريق على الوسطاء الذين يتوسطون بين مرتكبي جرائم المخدرات والبنوك والمؤسسات المالية التي تقوم بإخفاء أو تمويه حقيقة الأموال ومصدرها وتعيد توظيفها في أنشطة مشروعة أخري حتى تضفي علي تلك الأموال الشرعية القانونية من حيث المصدر وهذا ما يطلق عليه حديثا بغسيل الأموال(23). ومن جانب أخر فقد توسع المشرع الدولي في تجريم أفعال وتمويه حقيقة الأموال المتحصلة من جرام المخدرات إلي أفعال اكتساب أو حيازة أ, استخدام من العلم , وقت تسلمها , بأنها مستمدة من جريمة أو جرائم منصوص عليها في الاتفاقية(24) .

4-تجريم حيازة الأدوات التي تستخدم في زراعة المخدرات أو المؤثرات العقلية :

استمر المشرع الدولي في توسيع دائرة التجريم بغرض حرمان عصابات الاتجار بالمخدرات من الانتفاع من المعدات أو المواد المدرجة في الجدول الأول والثاني المرفقة في الاتفاقية , مع العلم بأنها تستخدم أو ستستخدم في زراعة مخدرات أو مؤثرات عقلية أو لإنتاجها ,أو لصنعها بصورة غير مشروعة. كما ألزم المشرع الدولي أن تتخذ الدول الأطراف ما يلزم من تدابير مع مراعاة نظمها الدستورية ومفاهيمها الأساسية وفي إطار قوانينها الداخلية تجريم حيازة أو شراء أو زراعة مخدرات أو مؤثرات عقلية للاستهلاك الشخصي .

5-في مجال مصادرة الأموال المتحصلة من جرائم المخدرات :

عالجت الاتفاقية موضوع مصادرة الأموال المتحصلة من جرائم المخدرات في المادة الخامسة منها والتي طالبت فيها الدول الأطراف بالالتزام باتخاذ التدابير التي تمكنها من مصادرة ما يلي :

أ‌- المتحصلات المستمدة من الجرائم المنصوص عليها في الاتفاقية أو الأموال التي تعادل قيمتها قيمة المتحصلات المذكورة .

ب-المخدرات والمؤثرات العقلية والمواد والمعدات أو غيرها من الوسائط المستخدمة , أو التي يقصد استخدامها , بأية كيفية, في ارتكاب الجرائم المنصوص عليها في الفقرة 1 من المادة3 .

أما فيما يتعلق بمتابعة واقتفاء أثر الأموال المتحصلة من جرائم المخدرات فقد عالجتها الاتفاقية علي النحو التالي :

طالبت الدول الأطراف باتخاذ ما يلزم من التدابير لتمكين سلطاته المختصة من تحديد المتحصلات أو الأموال أو الوسائط أو أية أشياء أخري , من اقتفاء أثرها,وتجميدها أو التحفظ عليها , بقصد مصادرتها في النهاية , ومن اجل تنفيذ هذه يخول كل طرف محاكمه أو غيرها من سلطاته المختصة أن تأمر بتقديم السجلات المصرفية أو المالية أو التجارية أو بالتحفظ عليها, وليس لطرف ما أن يرفض العمل بموجب أحكام هذه الفقرة بحجة سرية العمليات المصرفية (25) .

6- المساعدة الدولية القانونية والقضائية :

أوجبت المادة رقم 7 من الاتفاقية الدول الأطراف علي تقديم أكبر قدر ممكن من المساعدة القانونية المتبادلة في أي تحقيقات وملاحقات إجراءات قضائية تتعلق بأية جريمة منصوص عليها في الفقرة 1 من المادة 3 من الاتفاقية المتمثلة في ( جرائم إنتاج وتصنيع والاتجار في المخدرات) ويجوز أن تطلب المساعدة القانونية المتبادلة للأغراض التالية :

ـ أخذ شهادة الأشخاص أو إقراراتهم,

ـ تبليغ الأوراق القضائية ,

ـ إجراء التفتيش والضبط ,

ـ فحص الأشياء وتفقد مواقع الإمداد بالمعلومات والأدلة ,

توفير النسخ الأصلية أو الصور المصدق عليها من المستندات المصرفية أو المالية أو سجلات الشركات أو العمليات التجارية .وأن تقدم هذه المساعدة القانونية في ظل ما يسمح به القانون الداخلي للدولة متلقية الطلب , ومن جانب أخر فأن الاتفاقية أعطت الدولة متلقية طلب المساعدة القانونية رفضه إذا رأت الطلب لم يقدم بما يتفق وأحكام الاتفاقية أو يخل بسيادتها أو أمنها أو نظامها العام أو مصالحها الأساسية أو كان قانونها الداخلي يحظر علي سلطاته تنفيذ الإجراء المطلوب بشأن أية جريمة مماثلة , وذلك متى كانت هذه الجريمة خاضعة لتحقيق أو لملاحقة أو لإجراءات قضائية بموجب اختصاصه القضائي .

7- في مجال التعاون الدولي وتقديم المساعدة إلي دول العبور :

وضعت المادة 10 من الاتفاقية إستراتيجية جديدة للدول الأطراف تقوم علي أساس التعاون مباشرة فيما بينها أو خلال المنظمات الدولية أو الإقليمية المختصة لمساعدة ومساندة دول العبور ولا سيما البلدان النامية التي تحتاج إلي مثل هذه المساعدة ويكون ذلك , بقدر الإمكان , عن طريق برامج للتعاون الفني , فيما يخص الأنشطة المتعلقة بتحريم العقاقير المخدرة وما يتصل بها من أنشطة أو بتقديم المساعدات المالية إلي دول العبور بغرض زيادة وتعزيز المرافق الأساسية اللازمة لفاعلية مراقبة ومنع الاتجار غير المشروع وتشجيع الدول الإطراف إلي عقد اتفاقيات أو ترتيبات ثنائية أو جماعية لتعزيز فعالية التعاون الدولي (26).

8- تعزيز نظام التسليم المراقب لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية :

وضعت الاتفاقية الدولية لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1988 قواعد نظام التسليم المراقب وخاصة بعد أن اثبت فعاليته في مجال مكافحة أنشطة العصابات الدولية وفقا لتقارير الأمم المتحدة ومنظمة الشرطة الجنائية الدولية (الانتربول) (27).

هذا وقد أوجبت المادة 11 من الاتفاقية علي الدول الأطراف أن تتخذ, إذا سمحت المبادئ الأساسية لنظمها القانونية الداخلية , ما يلزم من تدابير , في حدود إمكانياتها ,لائحة استخدام التسليم المراقب استخداما مناسبا علي الصعيد الدولي , استنادا إلي ما تتوصل إليه الأطراف من اتفاقيات وترتيبات , بغية كشف هوية الأشخاص المتورطين في الجرائم المنصوص عليها في الفقرة 1 من المادة 3 المتمثلة في ( جرائم –التصنيع – الاتجار – السمسرة..), واتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم, علي أن تتخذ قرارات التسليم المراقب في كل حالة علي حدة, وان يراعي عند الضرورة الاتفاق والتفاهم علي الأمور المالية المتعلقة بممارسة الأطراف المعنية للاختصاص القضائي, كما يجوز بالاتفاق بين الدول الأطراف أن يعترض سبيل الشحنات غير المشروعة المتفق عليها إخضاعها للتسليم المراقب , ثم يسمح لها بمواصلة السير دون المساس بما تحويه من المخدرات أو المؤثرات العقلية , أو أن تزال أو تستبدل كليا أو جزئيا .

شكلت قواعد نظام التسليم المراقب احدي الاستراتيجيات الهامة لمكافحة المخدرات أو المؤثرات العقلية عل المستوي الدولي التي تهدف إلي ضبط تشكيلات العصابات الدولية ابتداء من مناطق الإنتاج إلي العبور ثم مناطق الاستهلاك , حيث يسمح هذا النظام إلي الكشف علي كافة أفراد تنظيم العصابة الدولي المخطط والوساطة والممول والمشارك في عمليات الإنتاج والتخطيط والوساطة والنقل والتخزين والاتجار في المخدرات , نظرا لان ذلك النظام تتبع الشحنات المخدرة منذ خروجها من مناطق الإنتاج حتى وصولها إلي مناطق الاستهلاك بحيث تكون كافة تلك المراحل تحت سيطرة ورقابة أجهزة المكافحة والسلطات القانونية المسئولة عن المكافحة , مما يتيح لتلك السلطات القانونية إقامة الأدلة والقرائن القانونية علي كافة الأشخاص المتورطين والمشاركين أو المخططين أو الممولين لتلك العمليات والذين يصعب أقامة الدليل عليهم دون الاستعانة بنظام التسليم المراقب (28).

9- في مجال مكافحة الاتجار غير المشروع عن طريق البحر :

اظهر المؤتمر الدولي المعني بإساءة استعمال العقاقير والاتجار غير المشروع أن أسلوب التهريب عبر البحر عن طريق السفن يعد الأسلوب الأمثل لتهريب الشحنات الكبيرة من المواد المخدرة(29) , هذا وقد انتقلت الأمم المتحدة من مرحلة السياسة الوقائية التي تبنتها في الاتفاق الوحيدة للمخدرات لسنة 1961 وكذالك اتفاقية سنة 1971 حول الموترات العقلية التي تبنى إستراتيجية جديدة تقوم على أتحاذ تدابير قمعية لمكافحة تهريب المخدرات عبر البحر , وفى هذا الإطار جاءت الاتفاقية الدولية لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والموترات العقلية بالمادة 17 لتنظيم مكافحة تهريب المخدرات والموترات العقلية عبر البحر فأشارت إلى التعاون بين الدول الإطراف إلى أقصى حد ممكن , وبما يتفق مع القانون الدولي للبحار, على منع الاتجار غير المشروع عن طريق البحر, ثم توسع المشروع الدولي في أسلوب مكافحة المخدرات عبر البحر فأجاز للطرف الذي تكون لديه أسباب معقولة للاشتباه في إن احد السفن التي ترفع علما آو لا ترفع ولا تحمل علامات تسجيل ضالعة في الاتجار غير المشروع, إن يطلب مساعدة إطراف أخرى على منع استخدامها لهذا الغرض , ويجب على الأطراف الأخرى التي يطلب منها إن تقدم المساعدة منها في حدود الإمكانات المتاحة لديها .

إما فيما يتعلق بالسفن التي تمارس حرية الملاحة وفقا للقانون الدولي , وترفع علم طرف أخر أو تحمل علامات تسجيل أو لا تحمل علامات تسجيل خاصة به . واشتبه بها من جانب دولة طرف في الاتفاقية ولأسباب معقولة ضالعة في الاتجار غير المشروع , جاز له إن يخطر الدولة التي ترفع علم السفينة علمها بذالك وان يطلب منها إثباتا للتسجيل , ويطلب منها عند إثباته إذنا باتخاذ التدابير الملائمة إزاء هذه السفينة.

كما يجوز للدول التي ترفع السفينة علمها إن تأذن للدولة الطالبة وفقا لما سبق ذكره أو لمعاهدات نافذة بينهما أو اتفاق أو ترتيب تتوصل إليه تلك الإطراف على اى نحو أخر بالقيام, في جملة أمور , بما يلي:

أ‌. اعتلاء السفينة.

ب‌. وتفتيش السفينة.

ت‌. وفى حال العثور على أدلة تثبت التورط في الاتجار غير المشروع , اتخاذ ما يلزم من إجراءات إزاء السفينة والأشخاص والبضائع التي تحملها السفينة(30).

وقد أعطت الاتفاقية الدول الإطراف مزيدا من التدابير لمنع الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية في مناطق التجارة الحرة والموانئ الحرة وكمراقبة حركة البضائع والأشخاص وان تقوم السلطات المختصة بتفتيش البضائع والسفن الداخلة والخارجة بما في ذالك قوارب النزهة وسفن الصيد, وكذالك الطائرات والمركبات , وعند الاقتضاء , تفتيش أطقم القيادة والمسافرين وأمتعتهم , هذا وقد توسع المشرع الدولي في زيادة التدابير ضد الاتجار غير المشروع بإقامة انظمه للكشف عن الشحنات التي يشتبه في أنها تحتوى على مخدرات ومؤثرات عقلية والتي تدخل مناطق التجارة الحرة والموانئ الحرة أو تخرج منها وكذالك إقامة أجهزة مراقبة والاحتفاظ بها في مناطق المرافئ وأرصفتها وفى المطارات ونقاط التفتيش الواقعة على الحدود في مناطق التجارة الحرة والموانئ الحرة(31) .

بعد إن استعرضنا فيما سبق أهم المبادئ القانونية التي أرسلتها تلك الاتفاقيات وكذالك السياسات الجنائية الدولية التي نصت عليها الاتفاقيات الدولية لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية التي تضمنت سياسات جنائية جديدة ومتطورة تهدف إلى السيطرة على إنتاج المخدرات وزراعتها وتصنيعها ونقلها وتوزيعها والاتجار بها, والحد من خطورتها المتزايدة على المجتمع الدولي , فإننا سنحاول من خلال هذه الدراسة تبيان مدى أثرها على السياسة الجنائية لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في فلسطين .

رابعا: السياسة الجنائية لمكافحة المخدرات في فلسطين

لقد ورثت السلطة الوطنية نظاما قانونيا بالغ التعقيد حيث يوجد أكثر من قانون يطبق في لأراضى الفلسطينية ففي الضفة الغربية يطبق القانون الأردني وفى قطاع غزة يطبق قانون الانتداب البريطاني وبعض القوانين التي صدرت في عهد الإدارة المصرية وقد أدى هذا إلى اختلاف النظام القانوني والقضائي في كلا المنطقتين، ومنذ عودة السلطة الوطنية شرعت في العلمية التشريعية لأول مرة في تاريخ فلسطين وبرزت الحاجة إلى توحيد وتطوير التشريعات الفلسطينية بشكل يتلاءم والوضع الجديد ,فصدر القرار رقم (1) لسنة 1994 والذي يقضى باستمرار العمل بالقوانين والأنظمة التي كانت سارية المفعول في الضفة الغربية وقطاع غزة قبل 5/6/1967 حتى يتم توحيدها .

وفي عام 1995 صدر القانون رقم (5) بشأن نقل السلطات والصلاحيات والذي يقضي بأن تؤول إلي السلطة الفلسطينية جميع السلطات والصلاحيات الواردة في التشريعات والقوانين والمراسيم والمنشورات والأوامر السارية المفعول في الضفة الغربية وقطاع غزة قبل 19/5/1994, وبعد تشكيل المجلس التشريعي الفلسطيني الذي أنبطت به صلاحية سن التشريعات وإقرارها وفقا للقواعد الدستورية وكذلك علي المهام الموكولة لديوان لفتوى والتشريع في صياغة وإعداد مشروعات القوانين وتوحيد وتطوير التشريعات تكون قد بدأت عملية الممارسة التشريعية بشكل ملموس حيث صدر العديد من التشريعات العادية والفرعية.

إن أهمية التطور التشريعي لتحديد ماهية السياسة الجنائية الواجب انتهاجها في المستقبل يتطلب منا الرجوع إلى الضمانات الدستورية التي نص عليها القانون الأساسي المعدل لسنة 2003 بشأن مبدأ سيادة القانون التي تكفل احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية , والحقوق والحريات العامة المتمثلة في الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس(32) , ومؤدي هذا المبدأ أن الحرية الشخصية ذات قيمة إنسانية خالصة , تعني أنها الشخصية كما كفلها القانون الأساسي المعدل في حرية التنقل(33) , وحرمة المسكن(34) , وحرمة الحياة الخاصة(35) ,والحق في سلامة الجسم (36), كما كفل القانون الأساسي عدة ضمانات لعدم المساس بهذه الحرية , وضمانا لاحترام كافة هذه الحريات حظر القانون الأساسي المعدل أي اعتداء علي الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للإنسان الفلسطيني وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها القانون الأساسي أو القانون, جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم (37), وكذلك كفل استقلالية القضاء وحصانته , ونص علي أن التقاضي حق مصون ومكفول للناس, وأنة لكل مواطن حق الالتجاء إلي قاضية الطبيعي(38).

من خلال هذه المبادئ والضمانات التي نص عليها القانون الأساسي المعدل برزت لنا السياسية الجنائية التي يسعى المجتمع الفلسطيني لتحقيقها في المرحلة الحالية أملا في تحقيق عدالة جنائية متمثلة في الوقاية من الجريمة ومكافحتها وذلك في ضوء سياسات اقتصادية واجتماعية واضحة المعالم مستخدما في تحقيق ذلك القوانين واللوائح التنفيذية وأجهزة العدالة الجنائية بصورة متناسقة كوسائل لتحقيق هذه المبادئ.

إن السياسة الجنائية في فلسطين لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية تتكامل من خلال السياسات الجنائية لمنع الجريمة والوقاية منها، والسياسة الجنائية للتدابير الاحترازية ، والسياسة للتجريم والعقاب ، والسياسة الجنائية للإجراءات الجنائية، وإستراتيجية أجهزة المكافحة ومدى فاعلية ومقدرة أجهزة العدالة الجنائية لتطبيق وتنفيذ السياسية الجنائية للمشرع باعتبار إن تلك الأجهزة يقع عليها العبء الأكبر في تحقيق السياسة الجنائية للمشرع الفلسطيني في مجال مكافحة المخدرات. أما الجانب الوقائي في مكافحة المخدرات فان العبء الأكبر يقع على كافة أجهزة المجتمع ككل .

وعلى اثر ذلك شرعت السلطة الوطنية باتخاذ خطوات إجرائية لمكافحة ظاهرة المخدرات فأنشأت الإدارة العامة لمكافحة المخدرات سنه 1994 والتي تتلخص مهامها فيما يلي:

1- رسم السياسة العامة للإدارة وتحديد الأهداف المنوي بتنفيذها بصفة عامة فيما يتعلق بتضييق دائرة التعامل والاتجار غير المشروع بالمواد المخدرة

2- وضع الأفكار والمناهج المناسبة وتحديد أسلوب الأداء الأمثل لضمان الحد من التعامل بالمواد المخدرة .

3- مراقبة ومتابعة حركة المواد المخدرة داخل أراضي السلطة الفلسطينية سواء في التعاطي أو الزراعة أو الاتجار أو كافة أنواع التعامل وحركة المواد المخدرة سواء بالجلب من الخارج أو العكس.

4- تقوم الإدارة بوضع الخطط المناسبة والفاعلة لتنفيذ السياسة الوقائية ضد التعامل بالمواد المخدرة والمؤثرات العقلية والحد من العرض والطلب عليها ووضع العراقيل أمام متعاطيها والاتجار غير المشروع للمواد المخدرة والمؤثرات العقلية .

5- تقوم الإدارة برفع مستوي كفاءة الضباط وضباط الصف والأفراد العاملين فيها من خلال التدريبات المستمرة لعمليات المكافحة وإلقاء المحاضرات علي جميع العاملين فيها لضمان رفع مستوي الأداء وتفهم طبيعة العمل وتوضح الإجراءات الدقيقة المطلوب إتباعها أثناء العمل الميداني.

وعلي الرغم من المجهود الكبير الذي تبذله الإدارة العامة لمكافحة المخدرات للقيام بمهامها بفرض طوق النجاة حول المجتمع الفلسطيني من هذه الآفة الخطيرة إلا أنها تواجه عقبات في عدم وجود معمل فني جنائي وما يترتب عليه من إحالة قضايا المخدرات إلي القضاء , عدم قدرة الإدارة العامة لمكافحة المخدرات علي متابعة ومراقبة وملاحقة المواد المخدرة في المناطق الصفراء التي ما زالت تحت السيطرة الإسرائيلية والتي تعتبر عائقا أمام الإدارة في عمليات البحث والتحري .

وإضافة إلي إنشاء الإدارة العامة لمكافحة المخدرات , واستناد لما جاء في القانون العربي الموحد للمخدرات النموذجي الصادر عن جامعة الدول العربية سنة 1986 وخاصة المادة 62 منه التي نصت علي أن تنشأ بمرسوم لجنة تسمي ( اللجنة الوطنية العليا لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية )(39), وكذلك لما أوصت به الإستراتيجية العربية لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية والتي اقرها مجلس وزارة الداخلية العرب في دور انعقاده الخامس في تونس بقراره رقم 72 بتاريخ 2/12/1986 علي أن تشكل في كل دولة عربية لجنة يطلق عليها ( اللجنة الوطنية لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية ) (40).

وعليه فقد صدر المرسوم الرئاسي رقم(3) لسنة 1999م بشأن إنشاء اللجنة الوطنية العليا للوقاية من المخدرات والمؤثرات القلية تتمتع بالشخصية الاعتبارية وتتبع مجلس الوزراء وتكون برئاسة وزيرة الشؤون الاجتماعية وعضوية مندوب عن وزارة الشئون الاجتماعية , مندوب عن وزارة التربية والتعليم العالي , مندوب عن وزارة الصحة , مندوب عن وزارة العدل , مندوب عن وزارة الشباب والرياضة , مندوب عن وزارة الداخلية , , مندوب عن وزارة الإعلام , مندوب عن وزارة المالية , مندوب عن وزارة الزراعة , مندوب عن وزارة الأوقاف والشئون الدينية , مندوب عن التفويض السياسي , مندوب عن مكافحة المخدرات وكذلك عدد اثنين من المؤسسات والجمعيات الأهلية من محافظات غزة واثنين من محافظات الضفة الغربي .

وقد نصت المادة الثانية من المرسوم الرئاسي المذكور أعلاه على أنة يجوز للجنة الاستعانة بالمستشارين والخبراء والمتخصصين في هدا المجال لتنفيذ مهامها كلما اقتضت الضرورة دلك .كما حددت المادة الثالثة أهداف اللجنة والتي من بينها الحد من ازدياد انتشار آفة المخدرات والمؤثرات العقلية .والعمل على الوقاية منها ولها في سبيل تحقيق دلك اقتراح وتحديث التشريعات الخاصة بالسيطرة علي المخدرات والمواد المستخدمة في تصنيعها وإعداد الدارسات والأبحاث اللازمة حول مخاطر المخدرات ومضارها وتوعية الشباب والعائلات والموجهين والمدرسين والأساتذة والمجتمع بخطورتها وكيفية الوقاية منها .

ومدى تأثيرها المدمر على تقدم المجتمع وتطوره ، وضع خطة وطنية شاملة للسيطرة على العقاقير المخدرة بأنواعها والوقاية من سوء استخدامها في مجالات الوقاية، والمكافحة،والعلاج والتأهيل ،وإنشاء بنك معلومات ونظام تحليل شامل قابل للتطبيق علي المستوى الوطني لمعالجة سوء استخدام العقاقير المخدرة وتداولها،تجهيز وإعداد برامج المعالجة وإعادة تأهيل مدمني المخدرات، تنبيه المختصين لموضوع سوء استخدام العقاقير المخدرة ،والاتجار بها ، وغسيل الأموال والمواد التي من الممكن استخدامها في تصنيع المخدرات،وتنفيذ اتفاقيات الأمم المتحدة لسنوات ،1961 والمتعلقة بالمخدرات, و 1971 والخاصة بالمؤثرات العقلية،و1988 والخاصة بمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية، وأخيرا تعزيز التعاون الدولي في مجال الوقاية من المخدرات ومنع انتشارها وكل ما يتعلق بذلك والعمل مع المؤسسات غير الحكومية المختصة بالوقاية من المخدرات ومكافحة انتشارها والقضاء عليها.

نلاحظ من تشكيل تلك اللجنة وأهدافها ما يلي:

1- إن رئاسة وزيرة الشئون الاجتماعية لها لا يؤهلها لاقتراح وتحديث التشريعات اللازمة لمكافحة المخدرات وفقا لما نصت عليه المادة رقم 3من المرسوم .

2- لم تضع اللجنة أية آلية عمل لتنفيذ المرسوم علي الشكل المطلوب .

3- لم تتمكن هده اللجنة حتى هده اللحظة من إعداد خطة وطنية شاملة لمكافحة المخدرات.

4- لم تتمكن هده اللجنة حتى هده اللحظة من إعداد نظامها الداخلي لتسيير أعمالها.

5- لم تؤد هده اللجنة أي دور فعال في مجال مكافحة المخدرات ,كما أنها لم يكن لها أي دور في تنسيق التعاون بين مختلف الوزارات والإدارات المختصة بشؤون المخدرات .

6- لم توضع أية.سياسة لاستيراد المخدرات والمؤثرات العقلية وتصديرها ونقلها وصنعها وزراعتها وتملكها وحيازتها …الخ

7- لم تزود لجنة صياغة مشروع قانون المخدرات والمؤثرات العقلية بأية أفكار أو سياسات جنائية تتعلق بموضوع مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية أو الوقاية من خطرها.

8- لم تجتمع بشكل منتظم وفقا لما نصت عليه المادة رقم (5) من الرسوم حيث يتم اجتماع اللجنة دوريا كل ثلاثة أشهر أو عند الضرورة .

9- لم تقم اللجنة بتقديم أية دراسات أو أبحاث تتعلق بهذه الآفة الخطيرة في

المجتمع الفلسطيني لترشيد المواجهة الميدانية لمشكلة المخدرات علي المستوي الوطني .

ونظرا للعجز العجز الشديد في أداء اللجنة الوطنية العليا للوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وعدم تمكنها من تشكيل أية لجنة تنفذيه أو استشارية لتنفيذ مهامها فأننا نقترح إعادة النظر في تشكيل هذه اللجنة علي أن تكون برئاسة رئيس مجلس الوزراء وان يكون له نائب من ذوي الكفاءة والخبرة والاختصاص وعضوية الوزارات المعنية بهذا الموضوع ومشاركة كذلك مؤسسات المجتمع المدني في هذه اللجنة .

وأن ينبثق عن تلك اللجنة لجنة استشارية علمية تقوم بإعداد الدراسات والأبحاث وبحث الموضوعات والخطط والبرامج والمهام التي تكلفها بها اللجنة العليا في مجال مواجهة الاتجار في المخدرات وإحرازها وتداولها وما يترتب علي تعاطيها وإدمانها من اضطرابات صحية ومشكلات اجتماعية .

تطور السياسة الجنائية لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في فلسطين :

بعد أن استعرضنا الخطوات التي اتخذتها السلطة الوطنية الفلسطينية للوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية يهمنا أن نشير إلي أهمية دراسة التطور التشريعي لتحديد ماهية السياسة الجنائية الواجب إتباعها في المستقبل , فمنذ عودة السلطة الوطنية الفلسطينية شرعت في ممارسة العملية التشريعية وبرزت الحاجة إلي العمل علي توحيد التشريعات الفلسطينية , فصدر القرار رقم (1) لسنة 1994 والذي يقضي باستمرار العمل بالقوانين والأنظمة التي كانت سارية في الضفة الغربية وقطاع غزة 5/6/1967 حتى يتم توحيدها , وبعد تشكيل المجلس التشريعي التي أنيطت به صلاحية سن التشريعات وإقرارها وفقا للقواعد الدستورية , وكذلك علي المهام الموكولة لديوان الفتوى والتشريع في توحيد وتحديث التشريعات الفلسطينية تكون قد بدأت عملية الممارسة التشريعية تتبلور بشكل ملموس حيث صدر العديد من لتشريعات العادية واللوائح التنفيذية .

ولذا فقد قام ديوان الفتوى والتشريع وبواسطة مشروع تطوير الأطر القانونية في فلسطين بتاريخ 30/1/2000 بإعداد مذكرة بشأن ضرورة تحديث وتطوير وإعداد مشروع قانون للمخدرات والمؤثرات العقلية وأوعزت ذلك للأسباب الموجبة التالية(41) :

1. إن تجريم المواد المخدرة في قطاع غزة مر بمرحلة كان يطبق فيها القانون رقم19 لسنة1962 , ثم ألغي بالأمر العسكري الإسرائيلي رقم 437 الذي أعاد تطبيق قانون العقاقير الخطرة الانتدابي لسنة 1936 .

2. إن قانون 1936 لم يطبق من الناحية العملية لكونه تهاون في حماية المجتمع الفلسطيني من هذه آلافه الخطيرة حيث اعتبر الاتجار جنحة كما لم تتناسب العقوبات المذكورة فيه مع خطورة الأفعال المجرمة بالإضافة لعدم شموله لكافة المواد المخدرة , وبقي القانون رقم 19 لسنة 1962 هو المطبق في قطاع غزة بينما طبق قانون العقاقير الخطرة رقم (10) لسنة 1955 علي الضفة الغربية .

3. القوانين المعمول بها في فلسطين لم تتضمن بعض القواعد القانونية الدولية المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية وقوانين المخدرات والمؤثرات العقلية حيث بات من الضروري وضع تشريع فلسطيني متكامل موحد متطور يوفر الحماية التشريعية للمجتمع الفلسطيني من هذه الآفة الخطيرة يتماشي مع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بهذا الشأن . لهذه الأسباب المذكورة أعلاه فقد شكلت لجنة برئاسة النائب العام ومشاركة كل من القضاء والنيابة

العامة والإدارة العامة لمكافحة المخدرات ووزارة الداخلية وديوان الفتوى والتشريع لإعداد مشروع القانون , وقد نوهت اللجنة إلي مدي أهمية مراجعة التشريعات الفلسطينية المتعلقة بهذا الشأن خاصة القانون رقم (19) لسنة 1962 بشأن المخدرات رقم (10) لسنة 19955 المعمول به في محافظات الضفة . كما أوصت اللجنة

بالإطلاع على تشريعات الدول العربية في هذا الشأن والاستعانة بها خاصة التشريعات المصرية والكويتية والأردنية والخليجية وكذلك علي القانون العربي الموحد للمخدرات النموذجي لسنة 1986 والإستراتيجية العربية لمكافحة الاستعمال عير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية . كما أكدت اللجنة على أهمية الاطلاع علي الاتفاقيات الدولية لمكافحة المخدرات خاصة الاتفاقية الدولية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961 , واتفاقية المؤثرات العقلية لسنة1971 , والاتفاقية الدولية لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1988 وكذ1لك الاتفاقية العربية لمكافحة التجار غير المشروع والمؤثرات بالمخدرات والمؤثرات العقلية لسنة1992 , علما بأن دولة فلسطين من الموقعين عليها .

كما رأت اللجنة الأخذ بسياسة تشديد العقوبات المقيدة للحرية أو زيادة العقوبات المالية نظرا لخطورة هذه الجريمة،

وجرمت أفعالا لم يكن معاقبا عليها من قبل , واستحدثت بعض الظروف المشددة لتقرير العقوبة الأغلظ , كما راعت اللجنة وهي في وضعها لمشروع القانون , توحيد المصطلحات القانونية اقتداء بالقانون العربي الموحد للمخدرات النموذجي , كما تناولت اللجنة تسمية مشروع القانون وبعد مناقشات مطولة حول تسمية مشروع القانون استقر رأي اللجنة علي أن تكون التسمية عل النحو التالي ( مشروع قانون المخدرات أو المؤثرات العقلية)(42) , حيث أنها أشمل واعم ومتناسقة مع الاتفاقيات الدولية والقانون العربي الموحد للمخدرات النموذجي , وبعد

انتهاء اللجنة من إعداد مشروع القانون تم رفعه إلي ديوان الفتوى والتشريع حيث قام الديوان بعقد ورشة عمل بتاريخ 15/5/2003 لإثرائه ومن ثم رفعه إلى مجلس الوزراء لاتخاذ الإجراءات اللازمة وإحالته إلى المجلس التشريعي وفقا للمقتضى الدستوري.

وعليه سنحاول التعرض لمشروع القانون واستبيان الإحكام والقواعد القانونية وما تم تجريمه من أفعال أو تشديد العقوبة حيث يتكون المشروع من تسعة فصول وستة جداول مرفقه به , يشمل كل فصل مجموعة من المواد وذلك علي النحو التالي : الفصل الأول يقع تحت عنوان تعار يف وأحكام عامة ويتكون من أربع مواد حديث أنة من خلال المادة الأولي تم بيان المقصود بكلمات وعبارات عينة سيتكرر استعمالها في مشروع القانون , والغاية من بيان هذه التعارف توضيح التشريع ولإزالة الغموض عنه وضبط وتحديد المقصود من الكلمة أو العبارة مشروع في قانون, أما الأحكام العامة الواردة في المواد (4,3,2) فتتضمن أحكامها وقواعد تنظم مسائل

تشمل التشريع بمجملة وتكمن أهميتها في منع التكرار في التشريع حيث اعتبرت المادة رقم (1) مواد كخدرة ومؤثرات عقلية واستثنت المستحضرات المدرجة في الجدول رقم (2) . كملا حظرت المادة رقم (3) علي أي شخص استيراد أو تصدير أو صنع , أو زرع أو يحوز أو يشتري أو يبيع مواد مخدرة أ, مؤثرات عقلية إلا في الأحوال المنصوص عليها في القانون, وأعطت المادة رقم (40) الصلاحية للوزير المختص بالترخيص للمعاهد والمراكز العلمية بحيازة المواد المخدرة أ, المؤثرات العقلية للاستعمال للأغراض العلمية وبهذا يكون المشروع

قد تماشي مع الاتفاقية الدولية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961, خاصة المادة 33 منها والتي نصت علي أن (لا تسمح الدول الأطراف بحيازة المخدرات إلا بأذن قانوني (بترخيــص) وقصر حيازة المخدرات علي الأغراض الطبية والعلمية يعتبر من أهم المبادئ القانونية الدولية التي أرستها تلك الاتفاقية .

أما فيما يتعلق بالفصل الثاني الذي يقع تحت عنوان (الجلب والتصدير والنقل) فقد رأت الجنة بعد اطلاعها علي القانون العربي الموحد للمخدرات النموذجي وإيمانا منها بتوحيد المصطلحات القانونية علي المستوي العربي استبدلت كلمة جلب بكلمة استيراد ليصبح عنوان الفصل الثاني على النحو التالي ( في الاستيراد والتصدير والنقل) وعلية سيحل مصطلح استيراد محل مصطلح الجلب في مواد مشروع القانون , هذا ويحتوي الفصل الثاني علي المواد من (5-8) حيث أوضحت هذه المواد الجهة المختصة بإصدار التراخيص وكذلك الأشخاص الذين يجوز لهم استيراد المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية , وقد استعانت اللجنة واستأنست بقواعد وأحكام القانون العربي الموحد للمخدرات وخاصة المواد (8,7,6,5,4,3,2) . أما الفصل الثالث فيقع تحت عنوان ( الاتجار في المواد المخدرة والمؤثرات العقلية )

رأت اللجنة إضافة حرف (في) ليكون متناسقا مع عنوان الفصل الثالث لقانون العربي الموحد للمخدرات النموذجي , ويحتوي هذا الفصل علي المواد (9-17) والتي حظرت الاتجار في المواد المخدرة والمؤثرات العقلية إلا بعد الحصول علي ترخيص من الجهة المختصة كما منعت منح التراخيص في الاتجار إلي كل من المحكوم عليه بجناية , والمحكوم عليه في جريمة من جرائم الاعتداء علي المال أو تزوير أو استعمال أوراق مزورة وكذلك من سبق فصلة تأديبيا

من الوظيفة العامة..الخ . كما أوضحت هذه المواد الإجراءات الإدارية للترخيص والأشخاص المخولة بالاتجار وكذلك طريقة تسليم المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية أو البيع أو النزول عنها إضافة إلى ذلك فان اللجنة قد اقتبست من لقانون العربي الموحد للمخدرات العديد من القواعد والأحكام القانونية التي اعتبرتها نموذجا يقتدى به.

أما الفصل الرابع ويقع تحت عنوان (أحكام خاصة بالصيدليات) وبعد عقد ورشه العمل المتعلقة بالمشروع والمناقشات والتي دارت حول المشروع وخاصة عنوان لفصل الرابع وبعد الاطلاع علي القانون العربي الموحد للمخدرات رأت اللجنة استبدال عنوان الفصل الرابع بـ(صرف الصيادلة للمواد المخدرة والمؤثرات العقلية) أسوة بما هو مشار إليه في القانون لعربي الموحد للمخدرات ، وكذلك استبدال مصطلح( تذكرة) بمصطلح (وصفة) وذلك بغرض توحيد المصطلحات القانونية العربية , ويحتوي هذا الفصل علي المواد ( 18- 28) حيث أوضحت ترتيب صرف الصيادلة للوصفات الطبية مع تحديد البيانات والشروط الواجب توافرها في تحرير الوصفة الطبية , كما شدد المشروع علي عدم السماح للصيادلة بصرف أية وصفة طبية تحتوي علي مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية بعد مضي خمسة أيام من تاريخ تحريرها, كما حدد المشروع في المواد المذكورة أعلاه كافة القيود والإجراءات التي يجب إتباعها من قبل الصيادلة لصرف الوصفة الطبية .

أما الفصل الخامس فيقع تحت عنوان (في إنتاج وصنع المستحضرات الطبية المحتوية علي مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية ) ويحتوي على المواد (29-30) التي لم تسمح فيه بإنتاج أو استخراج أو فصل أو صنع أي من المواد المخدرة والمؤثرات العقلية الواردة في الجدولين رقم (1-2) المرفقة بالشروع ومن جانب أخر كذلك لم تسمح فيه بإنتاج أو استخراج أو فصل أو صنع أي من المواد المخدرة والمؤثرات العقلية الواردة في الجدولين رقم (1-2) المرفقة بالمشروع ومن جانب أخر كذلك لم تسمح لمصانع الأدوية في صنع مستحضرات طبية يدخل في تركيبها مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية إلا بعد الحصول علي ترخيص من وزارة الصحة كما أنة لا يجوز لهذه المصانع باستعمال المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية إلا في صنع المستحضرات الطبية .

أما الفصل السادس فيقع تحت عنوان ( في المواد التي تخضع لبعض قيود المواد مخدرة أو المؤثرات العقلية ) وتحتوي علي مادة واحدة وتحمل الرقم (31) والتي تم اقتباسها من قانون المخدرات رقم (19) لسنة 1962 المعمول به في قطاع غزة والتي لم تجز أنتاج أو استخراج أو صنع أو إحراز أو شراء أو بيع أو نقل أو تسليم أي المواد الواردة في الجدول رقم (3) المرفق بالمشروع في غير الأحوال المصرح بها قانونا , كما أوضحت المادة كيفية استيراد المحال المرخص لها في الاتجار بالمواد المخدرة والمؤثرات العقلية إتباع أحكام القيد والإخطار والتسجيل المنصوص عليهما في المادتين (16-17) من المشروع .

أما الفصل السابع فيقع تحت عنوان (في النباتات الممنوع زراعتها ) ويحتوي علي المواد(34,33,32) حيث أوضحت هذه المواد عدم جواز زراعة النباتات المبينة في جدول رقم (5) وحظرت علي أي شخص أن يستورد أو يصدر أو ينقل أو يملك أو يشتري أو يبيع … الخ النباتات المذكورة في الجدول رقم (5) , كما أعطت وزير الزراعة صلاحية الترخيص للجهات والمراكز والمعاهد في زراعة أي نبات من النباتات الممنوعة وقصر ذلك علي الإغراض العلمية والطبية والأبحاث وقد راعت اللجنة القواعد القانونية التي أقرتها الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمكافحة المخدرات .

أما الفصل الثامن فيقع تحت عنوان العقوبات ويحتوي علي المواد (33-70) ورأت اللجنة تشديد العقوبات في مختلف الجرائم المعاقب عليها في المشروع وتشديد العقوبات المقيدة للحرية أو زيادة العقوبات المالية ، فعاقب بالسجن المؤقت وبغرامة لاتقل عن خمسة ألاف دينار ولا تجاوز خمسة عشر ألف دينار كل من استورد أو صدر أو أنتج أو استخرج أو فصل أو صنع مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية بقصد الاتجار أو حاز أو أحرز أو اشترى … الخ وكان ذلك في غير الأحوال المصرح بها قانونا , ثم شدد المشروع عقوبة هذه الجرائم إلي السجن المؤبد والغرامة التي لا تقل عن عشرة ألاف دينار ولا تجاوز ثلاثين إلف دينار إذا كان الجاني قد سبق الحكم عليه في جناية من الجنايات السابقة أو إذا كان من الموظفين أو المستخدمين العموميين المكلفين بتنفيذ أحكام هذا القانون أو المنوط بهم مكافحة المخدرات , أو إذا استخدم الجاني في تنفيذ هذه الجرائم من لم يبلغ سن الثامنة عشر أو استخدم احد من أصوله أو فروعه … الخ . كما شدد علي مواد العقوبة بالسجن مدة لا تزيد علي عشرة سنوات وغرامة لا تقل عن ثلاثة ألاف دينار ولا تجاوز عشرة ألاف دينار علي كل من أدار أو هيأ مكانا لتعاطي المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية بمقابل أو حمل غيره بأية وسيلة من وسائل الإكراه أو الغش علي التعاطي , أو قدم مواد م مخدرة أو مؤثرات عقلية أو سلمها أو باعها إلي من لم يبلغ سن الثامنة عشر أو دفعه إلي تعاطيها … الخ , ثم عاود المشروع لتشديد العقوبة علي من أدار وهيأ مكانا لتعاطي المخدرات العقلية بمقابل لتكون العقوبة السجن المؤبد والغرامة التي لا تقل عن عشرة ألاف دينار ولا تزيد عن ثلاثين ألف دينار .أما في مجال تجريم الأفعال التي لم يكن معاقبا عليها من قبل فقد جرم مشروع القانون في المادة (38) الأفعال المتعلقة بتـأليف عصابة ولو بالخارج , أو إدارتها أو التدخل في إدارتها أو تنظيمها أو الانضمام إليها أو الاشتراك فيها , وقد راعي المشروع في ذلك انتقال الثقل في هذا المجال من دائرة النشاط الفردي إلي دائرة المنظمات الإجرامية التي تمتد شبكاتها في معظم الأحوال إلي العديد من الدول , وجعل تأليفها والانضمام إليها بأي صورة من الصور التي عددتها المادة 38من المشروع ولو في خارج الوطن هو محل التجريم طالما كان من أغراضها ممارسة أي نشاط من الأنشطة الإجرامية التي أوردها المشروع داخل البلاد مثل الاستيراد والتصدير والإنتاج والاستخراج وفصل وصنع المواد المخدرة …الخ .

كما أولي المشروع في المواد (43-49) عناية خاصة بعلاج المدمنين ومن في حكمهم فشجعهم علي التقدم للعلاج ومكن من طلب علاجهم وأوجب لتحقيق هذه الغاية أنشاء دور للعلاج بجانب المصحات وجعل للمحكمة الخيار بين بدائل متعددة لمجابهة مقتضيات الحال وشكل لجنة لبحث حالة المودعين بالمصحة , وجعل العلاج شاملا الجوانب الصحية والنفسية والاجتماعية وأحاط المعلومات الخاصة بالمودعين بالمصحات والمترددين علي دور العلاج بالسرية الكاملة , وشمل هذه السرية بالحماية الجنائية , وكذلك نص علي حكم إنشاء صندوق يتمتع بالشخصية الاعتبارية لمكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي ومن بين اختصاصاته إنشاء مصحات ودور علاج للمدمنين والمتعاطين للمواد المخدرة .

وكذلك قد أخذت اللجنة بتشديد العقوبات المالية في المواد (53-54) في حالة التعدي علي أحد الموظفين العموميين القائمين علي تنفيذ هدا القانون , وأضافت عقوبة الغرامة التي لا تقل عن عشرين ألف ولا تجاوز أربعين ألف دينار إلى عقوبة الإعدام في حالة القتل العمد لأحد الموظفين أو المستخدمين القائمين علي تنفيذ هذا القانون أثناء تأديته وظيفته أو بسببها.

كما أفردت مواد هذا الفصل المواد من (55-59) التي تتعلق بمصادرة وإتلاف المواد المخدرة والمؤثرات العقلية والنباتات المضبوطة وبذورها وكذلك الأموال المتحصلة من الجريمة , وأعطيت صلاحية للنائب العام أن يطلب إلي المحكمة المختصة الأمر بوضع أموال المتهم وممتلكاته تحت التحفظ ومنعه من التصرف فيها , وعلاوة علي ذلك أجاز المشروع للمحكمة وبناء علي طلب النائب العام أن يشمل قرارها أموال وممتلكات زوج المتهم وأولاده القصر متى توافرت لديها أدلة كافية علي أنها متحصله منه الجريمة موضوع التحقيق , كما أوجبت علي النائب العام في الحال أن يبلغ قرار المحكمة إلي مدير دائرة تسجيل الأراضي لوضع إشارة الحجز علي عقارات المتهم .

كما ألزمت المادة 60 من المشروع الأشخاص الذين رخص لهم الاتجار في المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية أو حيازتها بمسك الدفاتر المنصوص عليها في هذا القانون أما جريمة حيازة هؤلاء الأشخاص أو إحرازهم كميات تزيد أو تقل عن كميات تزيد أو تقل عن الكميات الناتجة عن عمليات الوزن في حدود النسب الواردة في النص فقد عاقب عليها بالغرامة التي لا تقل عن خمسمائة دينار ولا تجاوز إلفي دينار . وكذلك عاقبت 61 بالحبس مدة لا تزيد علي ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن مائتي دينار ولا تجاوز خمسمائة دينار كل من أنتج أو استخرج أو صنع …الخ أية مادة من المواد الواردة في الجدول رقم (3) وفي جميع الأحوال تصادر المواد المضبوطة , كما منح مشروع القانون مدير عام الإدارة العامة لمكافحة المخدرات ومعاونيه ورؤساء الضابطة الجمركية ومعانيهم وموظفي هيئة التبغ ومفتشي وزارة الزراعة والمهندسين الزراعيين صفة مأموري الضابطة القضائية ولهم أيضا قلع كل مزروعات ممنوعة بمقتضى أحكام القانون وجمع أوراقها وجذورها على نفقة مرتكب الجريمة وتحفظ هذه الأشياء علي ذمة المحاكمة بالمخازن المعدة لذلك إلي أن يفصل نهائيا في الدعوي الجزائية .

أخيرا الفصل التاسع ويقع تحت عنوان الأحكام الختامية ويحتوي علي المواد من (71-76) وفيه منح المشروع مكافأة من ساهم أو سهل أو اشترك في ضبط مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية إلا انه ربط مقدار تحديد المكافأة باقتراح من وزير الداخلية وبقرار من رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية, وكذلك أن تحفظ الدفاتر المنصوص عليها في هدا القانون لمدة عشر سنوات من تاريخ أخر قيد فيها , وأعطى صلاحية للوزير بتعديل الجداول الملحقة بهذا القانون بالحذف أو بالإضافة أو بتغيير النسب الواردة فيها وصدور القرارات الأزمة لتنفيذ أحكام القانون ,واختتم هدا الفصل بإلغاء العمل بقانون العقاقير الخطرة رقم(10)لسنة 1955 وتعديلاته المعمول به في الضفة الغربية ,وكذلك قانون المخدرات رقم(19) لسنة1962 وتعديلاته المعمول به في قطاع غزة وكداك الأمر رقم (437)لسنة 1973 وتعديلاته المعمول به في قطاع غزة ,وكذلك الأمر رقم (558)لسنة 1975 وتعديلاته المعمول به في الضفة الغربية ,كما يلغي كل حكم يخالف أحكام هدا القانون كما حددت مدة سريان القانون بعد تلاثين يوما من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.

خامسا: النتائج والتوصيات:

أولا:النتائج:

تبين لنا من خلال هده الدراسة أن السياسة الجنائية الدولية لمكافحة المخدرات احدي مساعي المجتمع الدولي للوقاية من آفة المخدرات والمؤثرات العقلية الخطيرة ,مما أدى إلى حاجة لقواعد دولية جديدة متطورة بهدف السيطرة علي إنتاج المخدرات وزراعتها وتصنيعها ونقلها وتوزيعها والاتجار بها ,والحد من خطورتها المتزايدة علي المجتمع الدولي ,وبما إن الدول لا تستطيع بمفردها القضاء علي بعض صور جرائم المخدرات التي تعتبر ذات طبيعة دولية تمثل انتهاكا للمصالح العليا للمجتمع الدولي .

كما إن الواقع الاجتماعي الدولي يحكم علي الدول الدخول في علاقات واتفاقيات دولية لتحقيق التعاون في مجال المكافحة باعتبار إن المصالح المشتركة للدول تقتضي تكاتف الجهود من اجل مكافحة تلك الجرائم.

ومن جانب السياسة الجنائية الفلسطينية لمكافحة المخدرات فقد استطاعت السلطة الوطنية الفلسطينية اتخاذ خطوات عملية للوقاية من جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية فأنشأت الإدارة العامة لمكافحة المخدرات وكذلك اللجنة الوطنية العليا للوقاية من المخدرات وتباعا شكلت لجنة لإعداد وصياغة مشروع قانون المخدرات والمؤثرات العقلية من اجل توحيد وتطوير وتحديث قانون المخدرات ,واستطاعت اللجنة من الانتهاء من المشروع والذي تضمن العديد من القواعد القانونية الدولية التي أرستها الاتفاقيات الدولية ومن ضمن هده القواعد تجريم أفعالا لم يكن معاقبا عليها في القوانين السابقة حيث نصت المادة رقم(38)من مشروع قانون المخدرات والمؤثرات العقلية علي أن (يعاقب بالسجن المؤبد وبغرامة لا تقل عن خمسة ألف دينار ولا تجاوز ثلاثين ألف دينار كل من قام ولو في الخارج بتأليف عصابة أو إدارتها أو تدخل في إدارتها أو في تنظيمها أو الانضمام إليها أو الاشتراك فيها وكان من أغراضها الاتجار في المواد المخدرة أو والمؤثرات العقلية أو تقديمها للتعاطي بقصد الاتجار أو ارتكاب أي من هده الجرائم داخل البلاد).كما أولى مشروع قانون المخدرات والمؤثرات العقلية توفير سياسة جنائية مستحدثة لرعاية وعلاج المتعاطين والمدمنين ووضع لهم نصوص تشريعية تهدف إلي علاجهم وتشجيعهم علي التقدم للعلاج ومكن ذريتهم من طلب علاجهم واوجب لتحقيق هده الغاية إنشاء دور للعلاج.

ثانيا: التوصيات:

نظرا لخطورة المخدرات والمؤثرات العقلية علي المجتمع الفلسطيني فإننا نوصي باتخاذ المزيد من الإجراءات الوقائية لمكافحة هده الآفة الخطرة بما يلي :

1- إعداد خطة وطنية شاملة للوقاية من المخدرات .

2- إعادة النظر في رئاسة اللجنة الوطنية العليا للوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية .

3- تشكيل لجنة استشارية علمية تقوم بإعداد الأبحاث والدراسات ووضع السياسات العامة لمكافحة المخدرات.

4- تفعيل دور وسائل الإعلام بغرض محاربة متعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية .

5- الاهتمام بدور الخدمة الاجتماعية في المدارس والجامعات والمؤسسات وغيرها .

6- تشجيع دور الجمعيات الخيرية الخاصة لمكافحة المخدرات خاصة في مجال التوعية والحث علي معالجة المدمنين وتأهيلهم.

7- إنشاء مصحات لعلاج المدمنين علي أن يتوفر فيها أساليب العلاج الطبي والنفسي والاجتماعي الحديث كافة .

8- إنشاء مختبر جنائي فني .

9-وضع خطة لتدريب الإدارة العامة لمكافحة المخدرات لرفع مستوى أدائهم وتزويدهم بدوى الكفاءة العالية والخبرة والاختصاص .

10- إدخال موضوع المخدرات والمؤثرات العقلية في برامج كليات الحقوق والشرطة.

المراجـــــــــــع:

1-Commission on Narcotics-Economic and Social council Vienna International Center,1962

2-Bradshaw:Drugs Misuse and Law,1972,Univ College-London Library-Faculty of law p,15

3-Singie Convention on Narcotic Drugs,1961 printed at U.N Geneva,79-12234 july,1979.

4-لمزيد من المعلومات انظر د.علي احمد راغب استراتيجة مكافحة المخدرات دوليا _ محليا

دار النهضة العربية ,1979,ص200_201, وكذلك الاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961,بصيغتها المعدلة ببرتوكول

سنة 1972, المعدل للاتفاقية الوحيدة للمخدرات 1961, الأمم .

5-انظر المادة (4/ح) من الاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961.

6-انظر المادة (22) من نفس الاتفاقية .

7-انظر المادة(4) من نفس الاتفاقية.

8-انظر المادة (21) من نفس الاتفاقية.

9-انظر المادة (4) من نفس الاتفاقية.

10-انظر المادة(30) من نفس المادة.

11-انظر المادة(31) من نفس المادة.

12-انظر علي احمد راغب, مرجع سبق ذكره ص205.

13-Wayne Morgan: Drugs America-A Social History.1800 University Press,1981,p.203

14-انظر المادة (19) من نفس الاتفاقية.

15-وثائق لجنة المخدرات في الدورة الثالثة والعشرين 13_31 يناير 1969

16-لمزيد من المعلومات عن السياسة الجنائية الدولية التي أرستها اتفاقية 1971,انظر د.علي احمد راغب,مرجع سبق ذكره ص216_222.

17-Roche Versue Amas:Druge Trade-corrupt,1985,1984,Shelved at law J92,p,12-University of London –School of Oriental, African Studies

18-د.علي احمد راغب,مرجع سبق ذكره ص 216_222.

19-الوثيقة الختامية لمؤتمر العقلية,منشورات الأمم المتحدة ,فينا, ابريل 1996.

20-Buter Williman :International Law and International System, New York ,1987,pp120- University college-London Library-Faculty of Law.

21-د.نواصر العايش الإطار القانوني والدولي لمكافحة تهريب المخدرات عبر البحر ورقة عمل قدمت للندوة العلمية حول

مكافحة تهريب المخدرات عبر البحر , أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية , الرياض 21/23 فبراير 2000

22-انظر المادة(3) من نفس الاتفاقية.

23-Economic Aspects of the illicit Drug Market and Drug Enforcement Policies in

the United Kingdome

24-انظر المادة (3) من الاتفاقية.

25-انظر المادة(5) من الاتفاقية.

26-انظر المادة (10) من الاتفاقية.

27-د.علي احمد راغب ,مرجع سبق ذكره, ص 227.

28-Hotchen,j.S:Drugs Misuse and the law, The Regulations,Macmillon-Intciardi,J.A.Chambers C.D.(EDS)-University college-London library-Faculty of law

29- نواصر العايش “الإطار القانوني والدولي لمكافحة تهريب المخدرات عبر البحر ” مرجع سبق ذكره ,وكذلك الإعلان

المؤتمر الدولي المعني بإساءة استعمال العقاقير والاتجار غير المشروع فيها,فينا , 1987.

30- انظر المادة (17) من الاتفاقية .

31-انظر المادة (18) من الاتفاقية .

32-انظر المادة (11) من القانون الأساسي المعدل 2003 .

33-انظر المادة(20) من القانون الأساسي المعدل 2003.

34- انظر المادة (17) من القانون الأساسي المعدل 2003.

35-انظر المادة(32) من القانون الأساسي المعدل 2003.

36-انظر المادة (16) من القانون الأساسي المعدل 2003 .

37-انظر المادة (32) من القانون الأساسي المعدل 2003.

38-انظر المادة(30) من القانون الأساسي المعدل 2003.

39-القانون العربي الموحد للمخدرات النموذجي, مجلس وزراء الداخلية العرب ,الأمانة العامة ,الدورة الرابعة_ الدار البيضاء 1986.

40-الإستراتيجية العربي لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية .مجلس وزراء الداخلية العرب. الأمانة العامة ,الدورة الخامسة ,تونس 1986 .

41-أرشيف ديوان الفتوى والتشريع ,ملف اللجنة الوطنية العليا للوقاية من المخدرات.

42-المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون المخدرات والمؤثرات العقلية, أرشيف ديوان الفتوى والتشريع 31/7/2003م .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت