بحث فلسطيني متميز عن التحكيم و حكمه و اثاره و الطعن به .

بحث عن التحكيم

إعداد : أشجان فيصل شكري داود

الطبيعة القانونية لحكم التحكيم محل خلاف فقهي، إذ قيلت بشأنها أربع نظريات، الأولى: النظرية العقدية التي ترى أن هذا الحكم يتسم بالطبيعة العقدية استنادا إلى إرادة أطراف النزاع التي تعد مصدر سلطة هيئة التحكيم، وهذه الإرادة هي التي تحدد الإجراءات الواجب اتباعها من قبل هذه الهيئة عند قيامها بالفصل في النزاع، والحكم الصادر عنها والمنهي لهذا النزاع، يكون ملزما لهم لأنه أثر من آثار اتفاق التحكيم، فالأطراف عندما يبرمون هذا الاتفاق، يلتزمون بجميع الآثار المترتبة عليه بما فيها تنفيذ حكم التحكيم. فالاتفاق يعد أساسا لتحديد الطبيعة القانونية لنظام التحكيم وما يصدر عنه من أحكام. الثانية: النظرية القضائية التي ترى أن حكم التحكيم يتسم بالطبيعة القضائية استنادا إلى الوظيفة ذاتها التي يقوم بها القاضي، والحكم الذي تصدره هذه الهيئة يعد حكما له طبيعة الحكم القضائي، فهو يتشابه مع هذا الحكم في أمور كثيرة سواء من حيث الإجراءات التي يصدر بناء عليها، أم الشروط الواجب مراعاتها عند إصداره، أم الآثار المترتبة عليه، لكن الفارق بين المحكم والقاضي أن الأول قاض خاص يحقق عدالة خاصة، والثاني قاض عام يحقق عدالة عامة، وهذا يقتضي أن لا يتمتع القاضي الخاص بكامل سلطات القاضي العام. والنظرية الثالثة هي المختلطة التي تجمع بين النظريتين السابقتين وترى أن نظام التحكيم يحتل مركزاً وسطاً بين العقد والقضاء، فهو نظام مختلط يبدأ بعقد وينتهي بقضاء هو حكم التحكيم، وطبيعة هذا النظام تتطلب تطبيقاً مشتركاً لقواعد العقد وقواعد الحكم القضائي.

أما النظرية الرابعة فهي النظرية الخاصة أو المستقلة، والتي ترى أن حكم التحكيم يتسم بالطبيعة الخاصة التي تتطلب النظر إليه نظرة مستقلة عن العقد والقضاء، بحيث لا يمكن تحديد طبيعته القانونية بأي منهما أو بكلاهما. وانعكس هذا الجدل على موقف القضاء الفلسطيني والأردني والمصري؛ نظرا لغياب النص القانوني الذي يحدد هذه الطبيعة. ويُرتب حكم التحكيم الفاصل في النزاع آثاراً قانونية على هيئة التحكيم التي أصدرته، كالتزامها بتسليم الخصوم هذا الحكم حتى يتمكنوا من ممارسة الحقوق التي خولها القانون لهم، واستنفاذ ولايتها الذي يؤدي إلى امتناعها عن إعادة النظر في المسألة التي فصلت فيها بحكم قطعي، لأن هذا الاستنفاذ يفقدها صفتها كهيئة تحكيم بمجرد صدور الحكم الفاصل في النزاع، لكن هذه القاعدة ورد عليها استثناءات منحت هيئة التحكيم سلطة تفسير الحكم الصادر عنها أو تصحيح ما ورد فيه من أخطاء أو إصدار حكم إضافي فيما أغفلته من طلبات.

ويرتب آثاراً أخرى على أطراف النزاع، وهي حجية الأمر المقضي التي تمنعهم من اللجوء إلى القضاء أو إلى التحكيم، بهدف إعادة الفصل في النزاع، إضافة إلى التزامهم بتنفيذ الحكم اختيارياً، وفي حال تعذر هذا التنفيذ يتم اللجوء إلى المحكمة المختصة بطلب إصدار أمر بالتنفيذ. فيما يتعلق بالطعن في حكم التحكيم، فقد نص قانون التحكيم الفلسطيني على إمكانية ذلك عن طريق تقديم طلب بهدف فسخ هذا الحكم، بناء على أسباب حددها حصرياً، منها ما يتعلق باتفاق التحكيم وأطرافه ومنها ما يتعلق بحكم التحكيم وإجراءات صدوره، بحيث يقدم طلب الطعن إلى المحكمة المختصة خلال ثلاثين يوما التالية لتاريخ صدور الحكم إن كان وجاهيا أو من اليوم التالي لتاريخ تبليغه إن كان غيابياً، فإذا قضت المحكمة برفض هذا الطلب تقرر صحته وتكسبه الصبغة التنفيذية، أما إذا تبين لها صحة أسباب الطعن تقضي بفسخ الحكم. ونص القانون الأردني على إمكانية الطعن بالحكم عن طريق رفع دعوى بطلان وحدد الأسباب التي تستند إليها هذه الدعوى، على سبيل الحصر منها ما يتعلق باتفاق التحكيم وأطرافه، ومنها ما يتعلق بحكم التحكيم وإجراءات صدوره، بحيث تقدم هذه الدعوى خلال ثلاثين يوما التالية لتاريخ تبليغ الحكم للمحكوم عليه، فإذا قضت المحكمة برفض الدعوى تأمر بتنفيذ الحكم وإذا تبين لها صحة الأسباب التي استندت إليها تقضي ببطلان هذا الحكم.

أما قانون التحكيم المصري فقد نص على إمكانية الطعن عن طريق رفع دعوى بطلان بناء على أسباب حددها تحديداً حصرياً، وهذه الأسباب مماثلة تماماً للأسباب التي حددها القانون الأردني، بحيث تقدم الدعوى خلال تسعين يوما التالية لتاريخ تبليغ الحكم، فإذا قضت المحكمة برفض الدعوى تأمر بتنفيذه وإذا تبين لها صحة الأسباب التي استندت إليها هذه الدعوى تقضي ببطلان الحكم.

يمكنك الدخول الى البحث من هنا