نتائج و توصيات بحث عن ضوابط إبرام العقد الإداري في المناقصة العامة في القانون اليمني و السوداني

تتمثل أهم النتائج التي خلصت إليها الدراسة في التالي:

إن وجود العقد الإداري أمر تقتضيه طبيعة الأمور، ويرتبط بوجود الدولة والإدارة، سواء في ظل المفهوم الواسع أو المفهوم الضيق للقانون الإداري، وسواء في ظل نظام القضاء الموحد أو القضاء المزدوج، إلا أن الفضل في تطور أحكام نظرية العقد الإداري وتطور أحكامها يعود لنظام القضاء المزدوج وعلى وجه الخصوص في فرنسا.

بينت الدراسة أن تمييز العقد الإداري يرتبط بمعايير قانونية محددة تتمثل في اتصاله بطرف وجود الإدارة كشخص عام، وتعلقه بنشاط المرفق العام، وإتباعه لشروط استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص استناداً إلى مبادئ القانون العام.

أوضحت الدراسة أهمية الأحكام العامة لنظرية العقد الإداري في التشريعات المنظمة للعقود الإدارية وخلصت على ضوء ذلك إلى تحديد نطاق للسريان والموجهات الأخلاقية للقوانين المنظمة لإبرام العقود الإدارية بنظام المناقصة العامة في كل من القانونين اليمني والسوداني.

بينت الدراسة أساليب إبرام العقود الإدارية بنظام المناقصة العامة والمناقصات المقيدة على ضوء الأحكام العامة ومبدأ المناقصة المفتوحة كأصل عام، وتوصلت إلى توضيح خاص لأساليب التعاقد الإداري في القانونين اليمني والسوداني.

فصلت الدراسة الأحكام العامة لإجراءات المناقصة في مراحل تكوين العقد حتى إعلان المناقصة، وتوصلت إلى العلاقة المباشرة لكل إجراء من إجراءات هذه المرحلة بالمبادئ العامة لضوابط إبرام العقد، وعلى وجه الخصوص منها ما يتعلق بتحديد الاحتياج الفعلي، وضمان الإذن السابق من الجهة المختصة، وتخصيص الاعتماد المالي للتنفيذ.

فصلت الدراسة الأحكام العامة لمراحل تكوين العقد خلال إجراءات إسناد المناقصة، وتوصلت إلى العلاقة المباشرة لكل إجراء من إجراءاتها بالمبادئ العامة لضوابط إبرام العقد الإداري، وعلى وجه الخصوص ما يتعلق منها بصفة وشروط الإيجاب في أركان التعاقد، وضمان العلانية والشفافية والمساواة والمنافسة الحرة في كافة المراحل وصولاً إلى اختيار العطاء الأفضل من بين العطاءات المتنافسة.

فصلت الدراسة الأحكام العامة لإجراءات إبرام العقد الإداري في نظام المناقصة بعد إسنادها، وبينت أهمية وثيقة العقد وإصدار قرار الإبرام وتبليغه إلى الموجب، وتوصلت إلى توضيح العلاقة المباشرة لإجراءات هذه المرحلة بالمبادئ العامة لضوابط إبرام العقد الإداري شاملة لنتائج كافة المراحل السابقة.

أكدت الدراسة على أن الضوابط في إبرام العقد الإداري بنظام المناقصة العامة تشكل معياراً هاماً في تمييز العقد الإداري، ومبدأ أساسياً من مبادئ نظرية العقد الإداري وتوصلت إلى تحديد واضح لمنهج البحث فيها بما يتفق مع أهداف الدراسة.

خلصت الدراسة إلى أن تنظيم المشرع اليمني لإبرام العقد الإداري بنظام المناقصة جاء كأصل عام مطابقاً لمبادئ النظرية العامة للعقود الإدارية، والتشريعات النموذجية لعقود الشراء الحكومية، غير أنه يؤخذ عليه عدم إصدار لائحة التصنيف والتسجيل للموردين، على الرغم من النص الوارد بهذا الشأن في المادة [15] من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات والمخازن الحكومية.

خلصت الدراسة إلى أن تنظيم المشرع السوداني لإبرام العقد الإداري بنظام المناقصة جاء في قانون الشراء والتعاقد والتخلص من الفائض لسنة 2010م مطابقاً –تقريباً- للمبادئ والأحكام العامة في نظرية العقد الإداري، غير أنه يؤخذ على المشرع السوداني، التأخير في إصداره حيث مرً تنظيم العقود الإدارية بفترة إنتقاليه منذ إلغاء قانون الإجراءات المالية والمحاسبية لسنة 2007م برغم امتداد سريان أحكام لائحته التنفيذية لسنة 1995م لم يعد كافياً لتنظيم هذا النوع من العقود.

توصلت الدراسة إلى ضرورة مراعاة فكرة الاعتبار الشخصي في العقود الإدارية، والعمل بمقتضياتها كضابط عام في تنظيم أهلية المتعاقد مع الإدارة، من خلال إتباع منهج التصنيف والتسجيل والتأهيل على أسس وضوابط تحقق أهداف وغايات المصلحة العامة، وتساهم في دعم وتطوير معايير الكفاءة من حيث الملاءة والقدرة بين أوساط الموردين والمقاولين، والاستشاريين، وخلصت الدراسة إلى أن منهج المشرع اليمني قد تضمن أحكاماً شاملة للضوابط المتعلقة بذلك وفيما عدا ما سبق الإشارة إليه بشأن لائحة التصنيف الخاصة بالموردين، فيما جاء القانون السوداني خالياً من تحديد واضح لهذه الضوابط على الرغم من أهميتها.

خلصت الدراسة إلى أهمية ضوابط إبرام العقد الإداري فيما يتعلق بتنظيم سلطات وصلاحيات الإدارة في التعاقد، وتوصلت في ذلك إلى أن كلا المشرعين اليمني والسوداني قد اعتمد معياراً موضوعياً في تحديد الاختصاص القانوني بالتعاقد، إلا أن منهجهما لم يتضمن تحديداً دقيقاً لضوابط خاصة بنتائج المخالفات الإدارية للاختصاص القانوني، وآليات العمل بالاستشارات السابقة في جوانبها الفنية.

توصلت الدراسة إلى أن منهج المشرع اليمني في تحديد ضوابط إبرام العقد الإداري خلال إجراءات الإعلان وإجراءات الإسناد للمناقصة جاء مفصلاً وشاملاً ومطابقاً للمبادئ والأحكام العامة في نظرية العقد الإداري والتشريعات النموذجية، وعلى وجه الخصوص من ذلك ما يتعلق بوضع المواصفات وإعداد الوثائق والإعلان للمناقصة، ثم إعداد العطاءات وتقييمها وتحليلها والبت فيها، بخلاف القانون السوداني الذي لم يحدد أي ضوابط خاصة لهذه الإجراءات، مكتفياً بالإشارة إليها في نصوص عامة تقر للإدارة سلطة تقديرية واسعة في تحديد ما تراه مناسباً إزائها.

توصلت الدراسة إلى أن كلا المشرعين اليمني والسوداني قد أوليا ضوابط إبرام العقد في المرحلة التالية لإسناد المناقصة ما تستحقه من الاهتمام، وجاء منهج المشرع السوداني في ذلك متميزاً من خلال إصدار تشريعات خاصة بتنظيم إبرام العقود الحكومية، غير أنها لم تتضمن أي تحديد لضوابط خاصة بإصدار قرار الإبرام وإبلاغه إلى صاحب العطاء الفائز، كما فعل المشرع اليمني الذي يؤخذ عليه في هذه المرحلة عدم التحديد الدقيق للضوابط الخاصة بتحرير وثيقة العقد والإرفاق بها وتوثيقها.

كشفت الدراسة أن إبرام العقد الإداري بنظام المناقصة في القانونين اليمني والسوداني يخضع لضوابط توزعت على نصوص تشريعات متعددة “قوانين، لوائح، قرارات” لأسباب تتعلق بسريان أحكام القانون العام على هذه العقود بوصفها عقود حكومية دون تمييز.

– ثانيـاً: التوصيات:

بناءاً على النتائج السابقة وتفصيلاتها المبينة في هذه الدراسة نوصي بالتالي:

أن يعمل المشرع في كل من اليمن والسودان على التحول إلى نظام القضاء المزدوج، من خلال استكمال منظومة التشريعات الإدارية والتأسيس لنظام القضاء الإداري المستقل بما يتناسب مع مقتضيات النظام العام، ويخدم المصلحة العامة ومسيرة التنمية لكل من البلدين.

يوصي الباحث المشرع السوداني الإسراع بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون الشراء والتعاقد والتخلص من الفائض، وإصدار لوائح نموذجية لتصنيف المقاولين والموردين والاستشاريين على ضوء المبادئ والأحكام العامة لنظرية العقد الإداري والتشريعات النموذجية في هذا المجال، وبالاستفادة من الخبرات القانونية والأعراف الإدارية المتميزة في إطار الدولة، وبما يتناسب مع سياستها التشريعية ونظامها الإداري.

كما نوصي المشرع اليمني بسرعة إصدار لائحة تصنيف للموردين المنصوص عليها بالمادة [15] الفقرة [د] من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات والمخازن الحكومية، وذلك من قبل وزارة التجارة والصناعة.

يقترح الباحث على المشرع اليمني إدخال بعض التعديلات على نصوص القانون رقم (23) لسنة 2007م بشأن المناقصات والمزايدات والمخازن الحكومية على النحو التالي:

‌أ- إضافة فقرات خاصة إلى نص المادة [4] تتضمن سريان أحكام القانون على:
الأمانة العامة لمجلس النواب.
الأمانة العامة لمجلس القضاء الأعلى.
الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية.
الأمانة العامة لرئاسة الوزراء.
مع مراعاة القوانين واللوائح المنظمة لمهام هذه الجهات “باعتبار أن قانون المناقصات قانون عام يسري على جميع سلطات الدولة”.
‌ب- تعديل النص الوارد في الفقرة [د] من المادة الرابعة بالنص على أنه: “يجب في جميع الأحوال التقدم للمناقصات بعطاءات في مظروفين (فني ومالي) ويتم البدء بفتح المظروف الفني، وإذا لم يقبل العرض الفني يتم استبعاد العطاء دون فتح المظروف المالي…”. مع مراعاة حذف ما يتعلق بهذا التعديل المقترح في نصوص القانون ولائحته التنفيذية.
‌ج- إضافة نص على اختصاص وزارة الشئون القانونية وفروعها بإعداد ومراجعة العقود الإدارية ضمن المادة [109] من القانون، والتي نصت على اختصاص وزارة المالية ، ووزارة الأشغال العامة والطرق ، ووزارة التخطيط والتعاون الدولي ، بمراقبة تنفيذ القانون كل فيما يخصه “حيث أن وزارة الشئون القانونية تختص بمراجعة العقود والاتفاقيات التي تكون الحكومة طرفاً فيها بموجب القانون رقم (30) لسنة 1996م بشأن قضايا الدولة بنص الفقرة [2] من المادة السابعة والفقرة [1] من المادة الثامنة”.
نوصي المشرع اليمني بإلغاء القيد الوارد على ضابط التصنيف والتسجيل في البند [1] من الفقرة [ أ ] بالمادة [91] من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات، -بحيث يكون النص فيها مجرداً من القيد- باشتراط شهادة التسجيل والتصنيف للمقاولين في المشاريع التي تزيد كلفتها عن مبلغ ثلاثين مليون ريال، وللموردين في التوريدات التي تزيد كلفتها عن مبلغ عشرة ملايين ريال، – باعتبار أن لائحة تصنيف وتسجيل المقاولين ، ولائحة تصنيف وتسجيل المكاتب والشركات الاستشارية الهندسية ، قد استدركت ذلك بنص عام يشترط التصنيف والتسجيل دون قيد، وكان الأحرى باللائحة في هذه المادة أن تنص على أن الوثائق الأساسية التي يجب تقديمها مع وثائق العطاءات هي : شهادة التصنيف والتسجيل ثم بقية فقرات المادة كما وردت.

يقترح الباحث على المشرع السوداني إدخال بعض التعديلات على قانون الشراء والتعاقد والتخلص من الفائض لسنة 2010م على النحو التالي:-

‌أ- إضافة مادة تنص على أن يكون لإدارة العقود بمكتب النائب العام والإدارة القانونية بالوحدة الحكومية الاختصاص بصياغة وإعداد مشروع العقد ومراجعتها بحسب السقوف المالية.
‌ب- إنشاء هيئة مستقلة مالياً وإدارياً تكون تابعة لمجلس الوزراء تختص بالرقابة على أعمال الشراء والتعاقد والتخلص من الفائض على غِرار ما هو وأرد في قانون المناقصات المزايدات والمخازن الحكومية اليمني.
‌ج- اختصار بعض القيود الواردة على مبدأ المساواة في المادة [14] من قانون الشراء والتعاقد والتخلص من الفائض وخاصةً القيود المتعلقة بجنسية المتعاقد لتعارضها مع مبادئ وأهداف قوانين التجارة الدولية ولاسيما قانون اليونسترال لإشتراء السلع والإنشاءات والخدمات.
‌د- إضافة مادة تنص على إلزام الجهة الحكومية على تسبيب قراراتها الإدارية المتعلقة بالاستبعاد أو الحرمان من المشاركة في المنافسة العامة أو المتعلقة بأسباب الإرساء أو الإلغاء للمناقصة من تحقيق مبدأ الشفافية في الإجراءات.
نوصي السلطة القضائية في اليمن والسودان بالعمل على توثيق ونشر كافة الأحكام الصادرة بشأن أي منازعات تتعلق بعقود الإدارة، لتشكل رافداً للبحث والدراسات القانونية المتخصصة في هذا المجال، وإطاراً مرجعياً لإسهام القضاء اليمني والسوداني في تطوير الأحكام العامة لنظرية العقد الإداري بما يتناسب مع خصوصية البلدين وواقعهما.

يقترح الباحث على الجامعات اليمنية والسودانية أن تعمل على إدراج ضوابط الإبرام في العقود الإدارية في نظام المناقصات ضمن مناهجها المقررة في مجال القانون العام، لتجسيد دور القانون في خدمة التنمية، وللإسهام في تعزيز الوعي القانوني الخاص بمفاهيم القانون الإداري.