المركزية الإدارية: بين التنظير الفقهي وواقع العمل بها في المغرب

أحمد السكسيوي
طالب بماستر قانون المنازعات العمومية بجامعة محمد الخامس – كلية الحقوق سلا
باحث في العلوم القانونية والقضائية
ومهتم بالبحث في القانون الإداري والعلوم الإدارية

مقدمة:

يحتل القانون الإداري مركزا استراتجيا، من بين المواضيع القانون العام، ويرجع السبب في ذلك إلى مكانة الإدارة في تنفيذ السياسات العمومية، لما لها من قرب على مستوى علاقتها بالمواطنين، وبذلك فهي من بين الرهانات لتحقيق الديمقراطية. وقانون الإداري فرع من فروع القانون العام الداخلي, والمكون من مجموعة القواعد القانونية المنظمة لأعمال السلطة الإدارية والتي تسمى أيضا الإدارة العامة، ويأخذ معنيين:
المفهوم العضوي: ينطلق هذا التعريف من أن القانون الإداري يحتوي على القواعد القانونية المنظمة لأعمال السلطة الإدارية أو الإدارة العامة أي انه قانون السلطة الإدارية أو الإدارة العامة.
المفهوم المادي: ينطلق من المفهوم المادي للإدارة أي من طبيعة النشاط هل هو نشاط إداري أم لا؟ بدون النظر للجهة التي أصدرت العمل لسببين:

السبب الأول، هو أنه في حالات كثيرة تصبح الإدارة شخصا عاديا تمارس التصرفات القانونية في إطار القانون الخاص.
السبب الثاني، بفعل العولمة والاقتصاد أصبح من الضروري على الدولة أن تشرك الخواص من أجل تدبير الشأن العام.

الخلاصة أن القانون الإداري هو مجموعة من القواعد القانونية العامة، والمجردة والملزمة التي تحكم نشاط الإدارة سواء كان هذا النشاط صادرا عن سلطة عامة أو من الخواص، من خلال ثلاثة مواضيع هي:
التنظيم الإداري: وهو عبارة عن مجموعة من القواعد القانونية التي تنضم الهياكل الإدارية للدولة ومن خلاله تحدد الوسائل والإمكانيات من اجل انجاز السياسات والأهداف العامة للدولة وكل هذا لا يتوفر إلا بوجود إدارة مختصة.
النشاط الإداري: يعرف النشاط الإداري بكونه مجموع الأعمال التي تقوم بها الإدارة وهي إما أعمال قانونية مثل قرار معين يمنع ممارسة أو مادية كالهدم بيت عشوائي ويتنوع بين ضبط إداري ومرفق عام.

القضاء الإداري: هي السلطة القضائية المواجهة لكل التعسفات الإدارية تجاه المواطن أو ما يسمى بمبدأ الشرعية أو المشروعية.
ما يهمنا نحن التنظيم الإداري، والذي يتأسس على بعد تنظيمي ممثل في المركزية الإدارية واللامركزية الإدارية، وبعد قانوني وهو الشخصية المعنوية العامة، وإذا كان المغرب كدولة موحدة فإن نظام المركزية يحتل حيزا مهما في التنظيم الإداري المغربي، هذا ما يجعلنا نتسائل عن مكانة هذا النوع من التنظيم بعد دستور 2011، وسنقوم ربط ذلك بالتنظير الفقهي في المركزية الإدارية.
وسنتناول الموضوع من خلال التحدث عن التنظيم المركزي الإداري في إطاره النظري، ثم التطرق إلى تطبيقات المركزية بالمغرب وفق دستور 2011.

وفق خطة البحث التالية:
المطلب الأول: التنظيم الإداري في إطاره المركزي.
المطلب الثاني: تطبيق المركزية الإدارية بالمغرب.

المطلب الأول: التنظيم المركزي الإداري في إطاره النظري

المركزية الإدارية تركيز السلطات الإدارية في يد رجال السلطة المركزية فيالعاصمة وفي يد تابعيهم، سواء كان هؤلاء يمارسون وظائفهم في العاصمة أو في الأقاليم، ومع خضوعهم جميعا للسلطة الرئاسية للوزير.

الفقرة 1: مقومات المركزية الإدارية:

أولا: تجميع السلطة الإدارية في يد الحكومة: يعتبر هذا الركن، جوهر الأسلوب المركزي، فهو الركن الأساسي، ومنه اشتق النظام تسميته، فالمركزية الإدارية تعني تجميع وتركيز الوظيفة الإدارية بكل أوجهها وألوانها في يد الحكومة المركزية، على أن اصطلاح الحكومة المركزية[1]، هنا لا يعني الحكومة القائمة بالعاصمة فقط، وإنما يتسع ليشمل فروع الحكومة في كافة أقاليم الدولة، مثل مندوبيات الوزارات، والمديريات والمفتشيات الممثل الأساسي للدولة أو الحكومة المركزية.

ثانيا: التراتبية الإداري: الأمر الثاني والدي تتأسس عليه دعائم المركزية الإدارية، هو السلم الإداري الذي يخضع له الموظفون في إطار التبعية الإدارية، حيث لا يمكن وجود إدارة واحدة تتحكم في زمام العمل الإداري بأكمله، بل تضع النشاط الإداري عن طريق إحدى مراتب التدرج الرئاسي.
ثالثا: السلطة الرئاسية: يتجلى السلم الإداري، في السلطة الرئاسية للرئيس على مرؤوسيه من الموظفين من خلال أمرين أساسيين:

الأمر الأول: المتمثل في سلطة الرئيس لإعطاء الأوامر لمرؤوسيه، من خلال الهرمية الإدارية.
الأمر الثاني: هو سلطة الرئيس في مراقبة القرارات من خلال إجازة القرارات التي يصدرها مرؤوسيه، وكذلك تعديلها أو القيام بإلغائها و سبها إذا التطلب الأمر ذلك.

الفقرة 2: صور المركزية الإدارية:

تتخذ المركزية الإدارية صورتان : التركيز الإداري وعدم التركيز الإداري ثم التفويض.
أولاً : التركيز الإداري la concentration: وهي الصورة البدائية للمركزية الإدارية ، ويطلق عليها أيضاً المركزية المتطرفة أو الوزارية، لإبراز دور الوزارة في هذا النظام .([2]) ومعنى التركيز الإداري أن تتركز سلطة اتخاذ القرارات في كل الشؤون الإدارية بيد الوزراء في العاصمة ، بحيث لا يكون لأية سلطة أخرى تقرير أي أمر من الأمور ، إنما يتعين على كافة الموظفين في الأقاليم الرجوع إلى الوزير المختص لإصدار القرار .
ثانياً : عدم التركيز الإداري la deconcentration : يطلق على هذه الصورة من المركزية الإدارية ألا وزارية أو المركزية المعتدلة، ([3]) ومقتضاها تخفيف العبء عن الحكومة المركزية بتخويل بعض الموظفين في الأقاليم المختلفة سلطة البت في بعض الأمور ذات الطابع المحلي دون الحاجة للرجوع للوزير المختص في العاصمة.

ثالثا: التفويض: تستلزم ضرورات العمل الإداري وحسن سير المرافق العامة أن يفوض بعض الموظفين المختصين بعض أعمالهم إلى موظفين آخرين غالباً ما يكونون مرؤوسين بالنسبة لهم، ويقصد بالتفويض أن يعهد صاحب الاختصاص بممارسة جزء من اختصاصاته إلى أحد مرؤوسيه.

أ: شروط التفويض: للتفويض شروط عامة استقر على إيرادها الفقه وأحكام القضاء، يجب مراعاتها حتى يكون التفويض صحيحاً هي:

الشروط الموضوعية: يلزم حتى يكون التفويض صحيحاً أن يسمح القانون بالتفويض ، فإذا منح القانون الاختصاص إلى جهة معينة ليس لهذه الجهة التنازل عن هذا الاختصاص أو تفويضه إلى سلطة أخرى إلا إذا أجاز القانون ذلك ومن الضروري أن يصدر قرار صريح من الجهة صاحبة الاختصاص الأصيل عن رغبتها في استخدام التفويض الذي منحه لها القانون .

الشروط الشكلية: من خلال:
أن يكون الشكل طبقا للقانون. أن يكون النشر من خلال القانون. ب:أنواع التفويض: التفويض على نوعين هما تفويض اختصاص و تفويض توقيع.
تفويض الاختصاص:
هذا النوع من التفويض ينقل السلطة بأكملها إلى المفوض إليه ، وهذا يمنع الأصيل المفوض من ممارسة الاختصاص الذي تم تفويضه أثناء سريان التفويض .

وفي هذه الصورة من التفويض تكون قرارات المفوض إليه في نطاق التفويض منسوبه إلى المفوض إليه وتأخذ مرتبة درجته الوظيفية ، ويوجه تفويض الاختصاص إلى المفوض إليه بصفتة لا بشخصية فلا ينتهي التفويض بشغل موظف آخر لوظيفة المفوض إليه

تفويض التوقيع:
وهو تفويض شخصي يأخذ بعين الاعتبار شخصية المفوض إليه ، فهو ينطوي على ثقة الرئيس به ومن ثم فهو ينتهي بتغير المفوض أو المفوض إليه ، كما أن هذا التفويض يسمح للمفوض إليه بممارسة الاختصاصات المفوضة ” بكسر الواو ” باسم السلطة ولا يمنع ذلك من ممارسة الرئيس المفوض ذات الاختصاص رغم التفويض كما أن القرارات الصادرة في نطاق التفويض تأخذ مرتبة قرارات السلطة المفوضة .

ج: أثار التفويض: من خلال ثلاث أجزاء.
بالنسبة للمفوض: يجب أن يكون التفويض في دائرة اختصاصه إذا حدد القانون ذلك.
بالنسبة للمفوض إليه: الالتزام المكاني والزماني، الذي وضع له من طرف القانون.
بالنسبة للتفويض: بداية يجب أن ميز بين التفويض والحلول، فالحلول هي أن يحل شخص في مكان شخص أخر له الاختصاص الأصيل، أما التفويض أن يعهد صاحب الاختصاص بممارسة جزء من اختصاصاته إلى أحد مرؤوسيه

.
التفويض الحلول
يكون جزئيا
فيه حرية
لا مجال للواقعة يكون كلي
إجباري
واقعة (المرض)

الفقرة 3: مزايا وعيوب المركزية الإدارية

درج بعض الفقهاء على إبراز مزايا النظام المركزي بينما ذهب البعض نحو إبراز عيوبه ، ونعرض فيما يلي أهم تلك المزايا والعيوب .

أولاً : مزايا المركزية الإدارية:

النظام المركزي يقوي سلطة الدولة ويساعدها في تثبيت نفوذها في كافة أنحاء الدولة، ولا شك أن هذا النظام له ما يبرره في الدول الناشئة حديثاً، والتي تحتاج لتقوية وتدعيم وحدتها. ([4])
المركزية أسلوب ضروري لإدارة المرافق العامة القومية التي لا يتعلق نشاطها بفئة معينة أو إقليم معين كمرفق الأمن أو الدفاع أو المواصلات.
المركزية تؤدي إلى توحيد النظم والإجراءات المتبعة في كافة أنحاء الدولة كونها تتأتى من مصدر واحد، مما يمكن الموظفين من الإلمام بكافة الأوامر والتعليمات اللازمة لتنفيذ الوظيفة الإدارية.
يؤدي هذا الأسلوب إلى التقليل من النفقات والحد في الإسراف لعدم الحاجة إلى المجالس والهيئات اللامركزية وخبرة موظفي السلطة المركزية وقلة عددهم .
تحقيق العدل والمساواة في المجتمع لإشراف الحكومة المركزية على المرافق العامة ونظرتها الشمولية البعيدة عن المصالح المحلية .

ثانيا : عيوب المركزية الإدارية

يؤدي هذا النظام إلى إشغال الإدارة المركزية أو الوزراء بمسائل قليلة الأهمية على حساب المهام الأكثر أهمية في رسم السياسة العامة لوزاراتهم .
المركزية الإدارية لا تتماشى مع المبادئ الديمقراطية القائلة بضرورة أن تدار الوحدات المحلية من خلال سكان هذه الوحدات عن طريق مجالس منتخبة من بينهم.
المركزية الإدارية وبسبب تركز السلطة بيد الوزراء وفئة قليلة من الرؤساء والإداريين في العاصمة تؤدي إلى قتل روح المثابرة والإبداع لدى الموظفين الآخرين لأن دورهم ينحصر بتنفيذ الأوامر والتعليمات الصادرة من السلطة المركزية.
المركزية تؤدي إلى زيادة الروتين والبطء في اتخاذ القرارات الإدارية المناسبة وفي الوقت المناسب، لاستئثار السلطة المركزية بسلطة اتخاذ كافة القرارات في الدولة.

المطلب الثاني: تطبيق المركزية الإدارية بالمغرب.

يعتبر المغرب دولة موحدة تعتمد على المركزية مع عدم التمركز الإداري، في تدبير الشأن العام – الوطني والجهوي المحلي-.
بعد الاستقلال سنة 1956، واجه المغرب تحديات عديدة، على مستوى إصلاح الهيكلة التنظيمية للإدارة العمومية، وقد دشن المغرب مجمل إصلاحاته كان أخرها سنة 2011 مع الدستور الجديد.
المركزية كما بينا سابقا هي توحيد العمل الإداري في المركز أو العاصمة، في يد الحكومة الساهرة على السلطة التنفيذية من خلال الإشراف على كل القضايا الإدارية الوطنية منها والمحلية.

الفقرة 1: الملك، رئيس الدولة.

للملك المكانة المتميزة على مستوى المجال التنظيمي، المكرسة في جل الدساتير المتعاقبة على المغرب، منذ دستور 1962، لكن لاشك أن دستور 2011، قد أثر في المراكز القانونية، وقد مس بالاختصاصات الملكية في الهندسة الدستورية.

أولا: توزيع السلطة التنظيمية

موقع الوظيفة التنفيذية داخل السلطة الملكية بين دستوري 1962- 1996.
يعد الملك الرئيس الفعلي لسلطة التنفيذية تابعة له الحكومة كالهيئة تنفيذية في تشكيلها ومسؤوليتها وسلطتها (الفصل 24 و25)، وهو ما يعبر عنه بأن الحكومة تنبثق من إرادة ملكية.
الملك يعتبر رئيسا لمجلس الوزاري (الفصل 25) الذي يتداول فيه مشاريع القوانين، ومسألة طرح الثقة.
يتوفر الملك على سلطة التعيين (ف 24)، والحكومة مسؤولة أمام الملك (ف 60).
لكن تبقها لهاته السلطة الملكية في المجال التنظيمي حدود، تمثل في أن دستور 1970 أفقد الملك السلطة التنظيمية كاملة، لكن مع دستور 1972 استرجع الملك هاته السلطة.
كما استرجع الوزراء سلطة التوقيع بالعطف، وكذا سلطة الوزير الأول في تفويض بعض من سلطاته للوزراء.
تجديدات دستور 2011.

يجمع كل المهتمين، أن دستور 2011 أهم هاته الدساتير على مستوى تغيير في موقع المراكز القانونية المكونة للمجال التنظيمي، وعند تناولنا لمضامين هذا الدستور الجديد نجده في الباب الثالث المخصص للملكية، حيث نجده يعيد نظر في الفصل 19، من دستور 1996، والذي عوض بفصلين: الفصل 41: والذي يتحدث عن الملك بصفته الدينية، والفصل 42: يؤسس لسلطة الملك كرئيس لدولة.
وقد أسس الدستور الجديد هندسة مغايرة في المجال التنظيمي، لا يحتل فيها الملك سوى ما اختص به كرئيس لدولة، ليبقى صاحب الاختصاص الأصيل في المجال التنظيمي هو رئيس الحكومة، كاعتراف لأول مرة بالسلطة التنفيذية التي تقوم بها الحكومة تحت رئاسة رئيس الحكومة.
ثانيا: ألية ممارسة الملك لصلاحياته التنظيمية.

على عهد الحماية
اتجاه الازدواجية: يحاول هذا الاتجاه تمييز بين نوعين من الظهائر، يشكلان ازدواجية في اختصاصات الملك وقد إخدو بالمعيار المادي، وقد أيد هذا الطرح القضاء في هذه الفترة، حيث يحاول التمييز بين الظهير-القانون/الظهير-المرسوم، وقد اتجه الفقه في نفس المنوال، فالظهير القانون لا يمارس فيه الملك الاختصاص الإداري وبذلك لا يتم الطعن فيه أمام القضاء، على عكس الظهير-المرسوم تدبير فردي تختص المحاكم في مراقبته.

اتجاه الوحدة: هذا الاتجاه يعتنق المعيار الشكلي، ويتشبث بأن الظهير تطلق عليه صفة القانون دائما،
بعد الاستقلال تم الاستقرار على اتجاه الوحدة.

مع حصول المغرب على الاستقلال، حافظ الظهير على مكانته المتميزة، كصفة قانون، والقضاء كذلك رفض الخوض في أي تمييز بين الظهائر. عدم كفاية رقابة المشروعية: تعتبر الحصانة إستناء على المبدأ الذي يخضع من خلاله كل القرارات الإدارية للرقابة الإدارية، لكن إشكالنا في قانونا المغربي هو وجود مشروعية ملكية والأخرى دستورية، ف 4، السؤال ماهي الخلفية التي تبرر على أساسها كل من القضاء والفقه هذا الفراغ.

تبني المعيار الشكلي: الحصانة القضائية على قرارات الملك.

الموقف القضائي: لقض تشبث القضاء المغربي، بموقفه الرافض لأي طعن في قرارات الملك، إما بالإلغاء أو التعويض، وهكذا رفض المجلس الأعلى سابقا، محكمة النقض حاليا، اضفاء أي صفة إدارية لقرارات الملك، وكما هو الحال في قضية الروندة.

الموقف النظري:
عبد العزيز بن جلون: يصعب فرض رقابة على قرارات الملك، رغم ما لها من صبغة إدارية، إلا أنها حسب تعبيره تمس هيبة الدولة، الذي يعتبر الملك رمز الدولة.
محمد مرغني: لا يناقض المقولة القضائية، وانطلق من أن قرارات الملك تدخل في خانة أعمال السيادة التي لا تخضع لرقابة القضائية. [5]
عبد القادر باينة: انتقد رأي محمد مرغني، ورأى أن القرارات الملكية، تدخل في نوع نظرية السلطة التقديرية.
مليكة الصروخ: تنطلق في تحليلها لموقف القضاء من أمرين:
المعيار الموضوعي المتمثل في احتفاظ جل الدساتير المغربية، على اختصاصات إدارية للملك.
المعيار الشكلي، الذي يعتبر الملك أعلى سلطة في البلاد، فهو نفسه رقيب على المشروعية. [6]
أشركي: يتوافق رأيه مع رأي مليكة الصروخ، فإن الملك يسلك المتضرر من قرارات مسطرة الاستعطاف، وليس القضاء.
خالد الناصري: يطرح الصعوبة في تحديد طبيعة الظهير الملكي، مستندا في هذا الطرح، إلى أنه قرار قانون بمرجعية سياسية.

وخلاصة ما سبق فإن رفض التمييز المادي لظهير ليس نهائيا، لدى يترك المجال مفتوحا لأي أي إدعاء.

الفقرة 2: رئيس الحكومة

لا شك أن الدستور المغربي الجديد حمل لنا مجموعة من الإصلاحات الجديدة حول مؤسسة رئيس الحكومة، ولدراستها سنتناولها وفق الشكل التالي:

سلطات رئيس الحكومة
يعتبر المحرك الأساسي والديناميكي للجهاز التنفيذي، بعد الملك، فهو يمارس:
السلطة التنفيذية: إن الفصل 89 من الدستور الجديد، يفيد الحكومة تعمل تحت سلطة رئيسها، على العمل كالسلطة تنفيذية، تصهر على تنفيذ القانون، كالمدخل أساسي، للعمل الإداري.

السلطة التنظيمية: لرئيس الحكومة الحق اتخاذ التدابير اللازمة للتنزيل وتنفيذ البرنامج الحكومي، تسيير المرافق العامة، استنادا للفصل 90 من الدستور المغربي 2011.
سلطة رئاسية على أعضاء الحكومة.
تتكون الحكومة من رئيس، ووزراء أعضاء، وكتاب الدولة، وكلهم يمارسون السلطة التنفيذية تحت رئيس الحكومة كما جاء في الفصل 88 من الدستور.
سلطة التعيين.
من بين التجديدات المهمة التي جاء بها الدستور الجديد، منح رئيس الحكومة سلطة معتبرة في مجال التعيين في المناصب المدنية السامية، طبقا للفصل 49 منه، و92 كذلك الذي نجد في فقرته الأخيرة منه، أنه يتداول لائحة المناصب في المجلس الحكومي، قبل مرورها في المجلس الوزاري.

سلطة الإشراف والوصاية.

يمارس رئيس الحكومة الإشراف والوصاية، على المؤسسات العمومية والمقاولات، طبقا للفصل 98 من الدستور الجديد السابق للذكر.
صلاحية رئيس الحكومة في تدبير العلاقة مع السلطة التشريعية
لرئيس الحكومة وأعضائها التقدم باقتراح مشاريع قوانين، ف 79، ويجيب على الأسئلة الشفهية المتعلقة بالسياسات العمومية، ف 100، ويمكنه حل مجلس النواب، بعد استشارة مع ملك، وعليه أن يقدم أما مجلس.

خلاصة واستنتاجات:

إن ما وصل إليه الدستور المغربي لأمر جميل لم يسبق أن نصت عليه جل الدساتير المتعاقبة على المغربي، وفي رأينا أن الدستور المغربي الجديد رغم بعض الخلافات الفقهية حول طريقة وضعه، يعتبر دستورا مغايرا لباقي الدساتير السابقة للمملكة المغربية، ولنقل أنه الدستور الثاني، إلى جانب دستور 1962 وما لحقه من تعديلات إلى غاية تعديل 1996، ويرجع الأمر إلى كم المفاهيم التي أتى بها على مستوى الحقوق والحريات، وكذلك على مستوى إصلاح السلط الثلاث، سواء التنفيذية و التشريعية ثم القضائية.

هذا التغيير يتجلى بالأساس في الديمقراطية التشاركية، لكن يعيق تنفيذ هذه المقتضى الدستوري، الأمور التالية:

– الدولة المركزية: فإن المركزية لتعزز الدولة الأحادية والتي يسقط القرار من الفوق ولا يعبر عن الشعب-الأمة، وبذلك لا يترك المجال للمجتمع المدني.

– توطيد السلطة التقديرية والسلطة المحلية: حيث يمكن ممارسة الديمقراطية في ظل تدبير الشأن المحلي المتناقض، والذي يعيش عصر إزدواجية بين السلطة المحلية والسلطة اللامركزية، المنتخبة، وبذلك فإن تحرك المجتمع بالإساس يساير التحرك نحو تحرير السلطة اللامركزية من قبضة رجال السلطة المحلية.

– إن الممارسات التي توطد للسلطة المجتمعية والمعبر عنها بالأساس في تأسيس الجمعيات، خاضعة بالأساس، إلى السلطة المحلية، وكما أن الحرية هي الأصل فإن الدولة تمارس القيد والتقييد على التأسيسها عن طريق التصريح.

– عدم التفكير في التنزيل الدستوري، لمضامينه من خلال سن القوانين التنظيمية، المكملة للدستور.

ولزيادة من تقوية هاته المؤسسة المهمة في السير نحو الديمقراطية يجب المراعات للنقط التالية:

– الاستفتاء العام: يضمن الاستفتاء العام أن يقوم الشعب بتجاوز “حكم الحزب” بحيث يتمكن الشعب عند تحقيق شروط معينة، كأن ترفع عريضة موقعة بعدد معين من التواقيع.

– المجالس المحلية والمجالس المجتمعية: وهي نوع من البرلمانات المحلية تتشكل من رئيس البلدية وأعضاء المجلس البلدي ورؤساء مجالس المناطق وممثلي مجموعات الاحياء وممثلي منظمات المجتمع المدني الأخرى في المنطقة والتي تمثل القطاعات المختلفة كالاندية الشبابية وجمعيات المراة وممثلي قطاعات الصحة والتعليم والمواصلات وكبار السن والاعمال والمعوقين وغيرهم من الجسام التمثيلية في المنطقة.

– التدقيق المالي الاجتماعي: يحق لأي مواطن أو مجموعة مواطنين، أن يطلب تدقيق حسابات أي مؤسسة عامة.

– جمعيات المواطن: أي أن كل قاطني حي معين لا بد لهم أن ينتسبوا وينتظموا في جمعيات المواطن لذلك الحي. ومن الملاحظ هنا أنه ومن خلال هذا الشكل التنظيمي يصبح كل مواطن في الدولة جزء في العمل في قيادتها.

– اشراك المجتمع المدني في الحكومة: يمكن لمنظمات المجتمع المدني في الدولة بالمشاركة في عمل الحكومة بحسب الاختصاص.

– التعاونيات: تشكل التعاونيات ضمان إضافي للمواطن للتمكن من تجاوز وضعه الاقتصادي والتأكد من ضمان حياة مناسبة لمنتسبيها.

المراجع المعتمدة:

محمد الشافعي أبوراس، القانون الإداري، محاضرات ألقيت على طلبة الحقوق جامعة بنها.
صبيح بشير مسكوني –القانون الإداري–
عثمان خليل – القانون الإداري – 1960 –
سليمان محمد الطماوي – الأخير في القانون الأداري – المصدر السابق –
محمد مرغني، مبادئ العامة للقانون الإداري المغرب، مطبعة الساحل الرباط، الطبعة الثالثة 1982.
مليكة الصروخ، القانون الإداري، دراسة مقارنة، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة السابعة 2011.

[1] محمد الشافعي أبوراس، القانون الإداري، محاضرات ألقيت على طلبة الحقوق جامعة بنها، ص: 125
[2] – د. صبيح بشير مسكوني –القانون الإداري– ص 162 .
[3] – د. عثمان خليل – القانون الإداري – 1960 – ص 23 .
[4] – د. سليمان محمد الطماوي – الأخير في القانون الأداري – المصدر السابق – ص 67 .
[5] محمد مرغني، مبادئ العامة للقانون الإداري المغرب، مطبعة الساحل الرباط، الطبعة الثالثة 1982، ص 94
[6] مليكة الصروخ، القانون الإداري، دراسة مقارنة، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة السابعة 2011، ص 100.