المركز القانوني للشركات المقفلة
د. محمد عرفة
لقد سجل القطاع الخاص في السعودية موجة عارمة للتحول إلى شركات مساهمة مقفلة، نتيجة اتجاه السلطات المالية في البلاد إلى إدراج أسهم الشركات المساهمة في سوق المال المحلية توافقا مع التزام الدولة بتعميق سوق الأسهم وتوسيع قاعدة الشركات المساهمة العامة، في خطوة ضمن مشروع خلق سوق مالية عملاقة ناضجة. وطبقاً للإحصاءات الرسمية بلغ عدد التراخيص الصادرة من وزارة التجارة والصناعة السعودية المخولة للشركات المحلية العائلية وغير العائلية ذات المسؤولية المحدودة أو التضامنية أو شركات التوصية البسيطة بالتحول إلى شركة مساهمة مقفلة في عام 2007، نحو 94 شركة تقريبا؛ حيث توزعت هذه الشركات على الأنشطة والقطاعات الاقتصادية على النحو التالي: القطاع العقاري والمساكن والتمويل نحو 23 شركة مساهمة مقفلة، في القطاع الصناعي بجميع مكوناته البتروكيماوية والطاقة بلغ عدد الشركات التي تم تحويل شكلها القانوني إلى 21 شركة مقفلة، وفي القطاع التجاري بلغ مجموع التراخيص الصادرة بتحويل الشركات إلى شركات مقفلة 13 ترخيصا، وفي قطاع الخدمات بلغ مجموع التراخيص الصادرة نحو 13 شركة.

أما الشركات التي تم تأسيسها ابتداءً في شكل مساهمة مقفلة، فقد جاء في مقدمتها شركات القطاع المالي والاستثماري التي بلغ عدد التراخيص الصادرة لها نحو 17 ترخيصاً، فيما اكتفت التراخيص لشركات الأسمنت بترخيصين، وترخيص واحد فقط للزراعة، في الوقت الذي احتل فيه الاستثمار في مجال التعليم مكانة طيبة، إذ تم الترخيص لأربع شركات تعليمية متخصصة. وبلغت قيمة أكبر رأسمال مصرح به للشركات المساهمة المقفلة لصالح شركة رابغ للتكرير والبتروكيماويات المحدودة برأسمال قوامه 6570 مليون ريال (1.7 مليار دولار)، بينما جاء ثاني أكبر رأسمال شركة مساهمة مقفلة بقيمة ثلاثة مليارات ريال (800 مليون دولار). ويتضمن نظام الشركات الحالي الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/6 وتاريخ 22/3/1385هـ تنظيماً لثمانية أنواع من الشركات، ولكنه لا يتضمن تعريفاً للشركات المقفلة؛ أما مشروع نظام الشركات الجديد فيتضمن نصاً يعرف الشركات المقفلة ويقضي بعدم مطالبة الشركات المساهمة المقفلة بتقديم دراسة جدوى اقتصادية، كما حدد رأسمالها.

والشركة المقفلة تعد نوعاً من الشركات التي يقتصر المساهمون فيها على الأعضاء المؤسسين دون أن تفتح للاكتتاب العام للجمهور. وتأخذ بعض القوانين العربية والأجنبية بهذا النوع من الشركات مثل القانون الكويتي.

والحكمة من إلغاء طلب تقديم دراسة الجدوى في مشروع نظام الشركات الجديد هي أنها مقتصرة على المؤسسين أنفسهم، ولذا فإن هذا المشروع يشترط أنه في حال تم تحولها إلى مساهمة مفتوحة للاكتتاب العام للجمهور بطرح أسهمها فإنها ستلزم بدراسة الجدوى من قبل هيئة السوق المالية. ويعيد المشروع تنظيم الشركات المساهمة المفتوحة التي تطرح أسهمها للاكتتاب العام، حيث إن من الخصائص العامة المميزة لهذا النوع من الشركات أن رأسمالها ضخم مقارنة برأس المال في الشركات الأخرى، وقد وضع نظام الشركات الحالي حداً أدنى لرأسمالها، حيث تنص المادة (49) على أنه لا يجوز أن يقل رأسمال الشركة المساهمة عن مليون ريال في حالة التأسيس عن طريق الاكتتاب العام وعن 200 ألف ريال في حال التأسيس المغلق؛ بمعنى أن النظام يفرق بين حالتين:

الحالة الأولى: التأسيس المتعاقب: وهي تتعلق بالفرض الذي لا يقصر فيه المؤسسون الاكتتاب عليهم وحدهم؛ حيث يكتتبون في جزء من رأسمال الشركة فقط، ثم يطرحون بقية الأسهم للاكتتاب العام للجمهور، وفي هذه الحالة لا يجوز أن يقل رأسمال الشركة المدفوع عن مليون ريال سعودي؛ والحالة الثانية: حالة التأسيس الفوري أو المغلق للشركة المساهمة: وهي تتعلق بالفرض الذي يقصر فيه المؤسسون الاكتتاب في رأسمال الشركة عليهم وحدهم دون أن يسمحوا لغيرهم من الجمهور بالاكتتاب فيه، وهنا يمكن أن يطلق على الشركة تسمية الشركة المغلقة، وفي هذا الفرض يشترط النظام ألا يقل رأس المال المدفوع أو المكتتب فيه عن 200 ألف ريال سعودي.

ويتضمن مشروع النظام الجديد نصاً يلزم الشركات الراغبة في طرح حصة منها للاكتتاب العام بألا يقل رأسمالها عن 200 مليون ريال, على أن تطرح ما لا يقل عن 50 في المائة. وعلى الرغم من ذلك فإننا نرى أنه من الأفضل أن يتضمن مشروع النظام الجديد تنظيماً موسعاً للشركات المساهمة المقفلة؛ حيث يحتفظ الشركاء الاستراتيجيون في الشركات المقفلة التي تتقدم بطلب الإدراج في السوق بما لا يقل عن 25 في المائة من رأسمال الشركة.

ويقصد بهم جميع المساهمين الذين تصل مساهمتهم إلى 5 في المائة أو أكثر من رأسمال الشركة, وإذا كان إجمالي ملكية المساهمين الاستراتيجيين تقل عن 25 في المائة من رأسمال الشركة جاز للشركة أن تكمل النقص من مساهمين آخرين تقل ملكيتهم عن 5 في المائة من رأسمال الشركة، وعلى كل مساهم استراتيجي أن يلتزم بعدم التصرف في 50 في المائة من إجمالي الأسهم الاستراتيجية قبل مرور سنة من تاريخ الإدراج؛ كما يلتزم بعدم التصرف في 50 في المائة من إجمالي الأسهم الاستراتيجية المتبقية إلا قبل مرور سنتين من تاريخ الإدراج. ويستثنى من ذلك قيام أحد المساهمين الاستراتيجيين ببيع كامل حصته إلى مساهم آخر يجب تقيد المساهم الجديد بشرط المدة المنصوص عليها أعلاه والتي تبدأ من تاريخ إدراج الشركة في السوق. ولكن ما الشروط اللازمة لتحويل الشركة إلى شركة مساهمة مقفلة؟

إعادة نشر بواسطة محاماة نت