ميعاد الاستحقاق هو الميعاد الذي يستحق فيه الوفاء بقيمة الكمبيالة، وهو من البيانات الإلزامية التي يجب ذكرها في الكمبيالة وإلا أصبحت مستحقة الدفع بمجرد الإطلاع (1) ولميعاد الاستحقاق أهمية كبيرة، فهو الميعاد الذي يتقدم فيه الحامل للمسحوب عليه للوفاء بقيمة الكمبيالة، وهو الذي يبدأ منه سريان الإجراءات التي أوجبها قانون الصرف للرجوع على الملتزمين في الكمبيالة، وهو الذي يبدأ منه أيضاً سريان مدة تقادم دعاوى الصرف الناشئة عن الكمبيالة. وإذا كان الدائن وفقاً للقواعد العامة في القانون المدني يستطيع أن يتقدم للمطالبة بالدين في أي وقت بعد حلول ميعاد الوفاء، فإن الدائن وفقاً لأحكام قانون الصرف لا يتمتع بهذه الحرية، حيث نصت المادة ٤٢٦ من قانون التجارة على أنه “على حامل الكمبيالة المستحقة الوفاء في تاريخ معين أو بعد مدة معينة من تاريخ إصدارها أو من تاريخ الإطلاع عليها أن يقدمها للوفاء في يوم استحقاقها أو في أحد يومي العمل التاليين لهذا اليوم. يعتبر تقديم الكمبيالة إلى إحدى غرف المقاصة المعترف بها قانوناً في حكم تقديمها للوفاء“.

من ذلك يتضح أن الحامل لا يستطيع التراخي عن تقديم الكمبيالة في ميعاد الاستحقاق أو في أحد يومي العمل التاليين لهذا اليوم إذا كانت الكمبيالة مستحقة الوفاء في تاريخ معين أو بعد مدة معينة من تاريخ إصدارها أو من تاريخ الإطلاع عليها، وإلا أصبح حاملاً مهملاً ويسقط حقه في الرجوع على الملتزمين باستثناء المدين الأصلي. والحكمة من إلزام الحامل بالتقييد بهذه المواعيد ليست فقط تحقيق مصلحة الحامل في الحصول على حقه في ميعاد الاستحقاق بل أيضاً مصلحة الموقعين على الكمبيالة الذين يقع على عاتقهم عبء ضمان الوفاء للحامل. من ناحية أخرى لا يعطى قانون التجارة مهلة قضائية للوفاء بقيمة الأوراق التجارية حيث تنص المادة ٥٤٧ علي انه “لا يجوز للمحاكم أن تمنح مهلة للوفاء بقيمة الورقة التجارية أو للقيام بأي إجراء متعلق بها إلا في الأحوال وفي الحدود التي ينص عليها القانون“، وقد استحدث المشرع التجاري حكماً في قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ بالمادة ٥٩ قرر فيه منع المهلة القضائية كقاعدة عامة في الديون الناشئة عن التزام تجاري، حيث تنص المادة المشار إليها على أنه “لا يجوز للمحكمة منح المدين بالتزام تجاري مهلة للوفاء به أو تقسيطه إلا عند الضرورة وبشرط عدم إلحاق ضرر جسيم بالدائن”. ونظراً لما سبق واختلاف أحكام الوفاء بالكمبيالة عن الوفاء بأي دين عادي، فقد حدد المشرع طرق تحديد ميعاد الاستحقاق على سبيل الحصر، وترك لذوي الشأن اختيار أية طريقة منها بحيث لا يجوز لهم أن يتفقوا على وسيلة أخرى غير المنصوص عليها، حيث تكون الكمبيالة باطلة إذا اشتملت على مواعيد استحقاق غير المذكورة أو على مواعيد أو استحقاق متعاقبة المادة ٤٢١/٢ تجاري مصري لذلك نتناول بالدراسة طرق تحديد ميعاد استحقاق الكمبيالة ومهلة تقديمها للوفاء وفقاً لهذه الطرق:

تنص المادة ٤٢١/١ من قانون التجارة على أنه ” يجوز سحب كمبيالة مستحقة الوفاء : – أ / لدى الإطلاع – ب/ بعد مدة معينة من الإطلاع. – ج- بعد مدة معينة من تاريخ إصدارها. – د – في تاريخ معين.

ويمكن حصر هذه الطرق وفق ما يلي :

١-استحقاق الكمبيالة بمجرد الإطلاع :

قد تكون الكمبيالة مستحقة الوفاء بمجرد الإطلاع، فيقال مثلاً ادفعوا بمجرد الإطلاع أو ادفعوا عند الإطلاع أو ادفعوا عند الطلب أو ادفعوا بمجرد التقديم. والكمبيالة المستحقة الدفع لدى الإطلاع هي التي تكون واجبة الدفع بمجرد تقديمها للمسحوب عليه، وهي لا تقدم للقبول ولكن تقدم للوفاء مباشراً. ومما لا شك أن تعيين تاريخ الاستحقاق بمجرد الإطلاع يقتضي تدخل من الحامل، لأنه هو الذي يختار الوقت الذي يتقدم فيه المسحوب عليه، ولكن الحامل قد يتراخى لأجل قد يضر بالساحب أو المسحوب عليه أو المظهرين، لذلك لم يترك المشرع حرية الحامل في هذا الغرض مطلقة وإنما قيدها بمدة معينة يجب على الحامل أن يقدم الكمبيالة خلالها للمسحوب عليه وإلا سقط حقه في الرجوع على الضامنين، هذه المدة هي سنة من تاريخ إصدار الكمبيالة وفي ذلك تنص المادة ٤٢٢/١ من قانون التجارة على أن “الكمبيالة المستحقة الوفاء لدى الإطلاع تكون واجبة الوفاء بمجرد تقديمها، ويجب أن تقدم للوفاء خلال سنة من تاريخ إصدارها، وللساحب تقصير هذا الميعاد أو إطالته وللمظهرين تقصيره”. وإذا اشترط الساحب عدم تقديم الكمبيالة المستحقة الوفاء لدى الإطلاع قبل انقضاء أجل معين، ففي هذه الحالة يحسب ميعاد التقدم للوفاء وهو سنة ابتداء من حلول هذا الأجل المادة ٤٢٢/٢ تجاري مصري

٢-استحقاق الكمبيالة بعد مدة معينة من الإطلاع :

قد تكون الكمبيالة مستحقة الوفاء بعد مدة معينة من الإطلاع، كأن يقال مثلاً :ادفعوا بعد عشرة أيام من الإطلاع” أو “ادفعوا بعد عشرين يوماً من التقديم”، ويسري ميعاد استحقاق هذه الكمبيالة من تاريخ القبول أو من تاريخ احتجاج عدم القبول في حالة رفض القبول، وإذا لم يضع المسحوب عليه تاريخاً للقبول، اعتبر القبول غير المؤرخ حاصلاً في اليوم الأخير من الميعاد المقرر لتقديم الكمبيالة للقبول وهو سنة من تاريخها. وفي ذلك تنص المادة ٤٢٣/٢ ،١ من قانون التجارة على أن “يبدأ ميعاد استحقاق الكمبيالة الواجبة الوفاء بعد مدة من الإطلاع من تاريخ القبول أو من تاريخ الاحتجاج. فإذا لم يعمل الاحتجاج اعتبر القبول غير المؤرخ حاصلاً بالنسبة إلى القابل في اليوم الأخير من الميعاد المقرر لتقديم الكمبيالة للقبول”.

ويجب على الساحب تقديم الكمبيالة المستحقة الوفاء بعد مدة معينة من الإطلاع إلى المسحوب عليه لقبولها خلال سنة من تاريخها، وإلا أصبح حاملاً مهملاً وسقط حقه في الرجوع على الضامنين، حيث تنص المادة ٤١١ من قانون التجارة على أن “الكمبيالة المستحقة الوفاء بعد مضي مدة معينة من الإطلاع عليها يجب تقديمها للقبول خلال سنة من تاريخها. وللساحب تقصير هذا الميعاد أو إطالته. ولكل مظهر تقصير هذا الميعاد”.

وتنص المادة ٤٤٧ من قانون التجارة على أن “تسقط حقوق حامل الكمبيالة قبل المظهرين والساحب وغيرهم من الملتزمين ما عدا القابل بمضي المواعيد المعينة لإجراء ما يلي :

أ- تقديم الكمبيالات المستحقة الوفاء لدى الإطلاع أو بعد مدة معينة من الإطلاع”. ويجوز للمسحوب عليه عند تقديم الكمبيالة إليه لقبولها أن يطلب مهلة من الحامل وتقديمها في اليوم التالي ولا يعتبر ذلك رفضاً إلا إذا ذكر في الاحتجاج. وفي ذلك تقول المادة ٤١٢ من قانون التجارة أنه “يجوز للمسحوب عليه أن يطلب تقديم الكمبيالة للقبول مرة ثانية في اليوم التالي للتقديم الأول ولا يقبل من ذوي المصلحة الادعاء بأن هذا الطلب قد رفض إلا إذا ذكر في الاحتجاج”. وإذا حل ميعاد استحقاق هذه الكمبيالة فإنه يجب على الحامل تقديمها للمسحوب عليه للوفاء في يوم استحقاقها أو في أحد يومي العمل التاليين لهذا اليوم، المادة ٤٢٦ تجاري مصري

٣-استحقاق الكمبيالة بعد مدة معينة من تاريخ إصدارها :

في هذه الحالة يتحدد تاريخ استحقاق الكمبيالة على وجه الدقة بدون حاجة إلى تدخل من الحامل لتحديد ذلك. فمثلاً يقال “ادفعوا بعد عشرة أيام من تاريخه” أو “ادفعوا بعد شهر من تاريخ إصدارها”. فإذا كان تاريخ تحريرها يوم واحد مارس وكان الدفع بعد عشرة أيام من تحريرها استحقت الكمبيالة يوم ١١ مارس لأن يوم التحرير لا يحسب(1) وإذا سحبت الكمبيالة واستحقت بعد شهر أو عدة أشهر من تاريخ إصدارها أو من تاريخ الإطلاع عليها، يكون ميعاد استحقاقها في التاريخ المقابل من الشهر الذي يجب الوفاء فيه، فإذا سحبت الكمبيالة مثلاً في ١/1 2000م وكانت واجبة الدفع بعد أربعة أشهر من تاريخ إصدارها فإنها يستحق في أول مايو ٢٠٠٠ م.

وإذا لم يكن لتاريخ تحرير الكمبيالة مقابل في الشهر المستحقة الوفاء فيه، اعتبر ميعاد الاستحقاق في اليوم السابق مباشرة على اليوم الناقص، أي إذا لم يوجد للتاريخ تحرير الكمبيالة يوم ٣١ مارس ٢٠٠٠ م وكانت مستحقة الدفع بعد شهر من تاريخه فإن تاريخ استحقاقها يتحدد بيوم ٣٠ أبريل ٢٠٠٠ م، وفي ذلك تنص المادة ٤٢٤/١ من قانون التجارة على أن “الكمبيالة المسحوبة لشهر أو عدة شهور من تاريخ إصدارها أو من تاريخ الإطلاع عليها يكون استحقاقها في التاريخ المقابل من الشهر الذي يجب فيه الوفاء، فإذا لم يوجد للتاريخ مقابل في هذا الشهر كان الاستحقاق في اليوم الأخير منه”. وإذا سحبت الكمبيالة لشهر ونصف شهر أو لعدة شهور ونصف الشهر من تاريخ إصدارها أو من تاريخ الإطلاع عليها. وجب البدء بحساب الشهور كاملة(المادة ٤٢٤/2تجاري ) ويعني عبارة نصف شهر خمسة عشر يوماً (المادة424/5 تجاري).

٤-استحقاق الكمبيالة في تاريخ معين :

قد يكون ميعاد استحقاق الكمبيالة محدداً في تاريخ معين، وهذه هي الطريقة المعتادة في تحديد ميعاد استحقاق الكمبيالة والشائعة، فيقال مثلاً “ادفعوا في ٧ يناير ٢٠٠٠ م، ولا مانع من تحديد ميعاد الاستحقاق وفقاً للتقويم الهجري كأن يقال “ادفعوا في ٢٧ شوال ١٤٢٠. وقد يحدد ميعاد الاستحقاق بصورة أخرى كأن يقال “ادفعوا أول شهر يناير٢٠٠٠ م” أو “ادفعوا منتصف شهر مارس ٢٠٠٠ م” أو “ادفعوا آخر شهر أبريل ٢٠٠٠ م”، وفي هذه الحالة إذا كان الاستحقاق أول الشهر او منتصفه أو في آخره كان المقصود اليوم الأول أو الخامس عشر أو الأخير من الشهر (المادة ٤٢٤/3تجاري.

الاستحقاق في يوم عطلة رسمية :

وإذا وافق استحقاق الورقة التجارية يوم عطلة رسمية أو يوم العطلة الأسبوعية في منشأة المدين فلا يجوز المطالبة بوفاء الورقة إلا في يوم العمل التالي. ولا يجوز القيام بأي إجراء يتعلق بالورقة التجارية لتقديمها للقبول أو الوفاء أو عمل الاحتجاج إلا في يوم عمل. وإذا حدد لعمل أي إجراء يتعلق بالورقة التجارية ميعاد معين ووافق يومه الأخير يوم عطلة رسمية أو يوم العطلة الأسبوعية في منشأة المدين امتد الميعاد إلى اليوم التالي.

وتحسب في كل ميعاد أيام العطلة التي تتخلله، وعلى كل تاجر أن يعلن في مكان بارز في منشأته عن يوم العطلة الأسبوعية في المنشأة، وإلا افترض أنه يوم الجمعة من كل أسبوع. وتنص على هذه الأحكام المادة ٥٤٥ من قانون التجارة الجديد. وهذه الأحكام توافق قانون المرافعات. وكانت المجموعة التجارية الملغاة تنص على حكم مخالف لما جاءت به المجموعة التجارية رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ حيث كانت المادة ١٣٢ من المجموعة الملغاة تنص على أنه “إذا وافق حلول ميعاد الكمبيالة يوم عيد رسمي فدفعها يكون مستحقاً في اليوم الذي قبله”، وهذا الحكم الذي جاءت به المادة ١٣٢ كان يخالف أيضاً القاعدة العامة المقرر في قانون المرافعات (مادة ١٨ ) والتي تقرر بأنه إذا صادف آخر ميعاد لاتخاذ الإجراءات عطلة رسمية امتد إلى يوم عمل بعده. والحقيقة هذا الاختلاف يجد ما يبرره حيث أن الدائن في المعاملات التجارية يرتبط بالتزامات معينة يقررها وفق مواعيد استحقاقه للدين، لذلك قرر المشرع في المجموعة الملغاة حقه في استحقاق الوفاء بالكمبيالة في اليوم السابق على العيد الرسمي أو العطلة الرسمية، ثم أنه كان يعتبر صورة من صور التشدد مع المدين في الورقة التجارية، أما المشرع في قانون المرافعات فإنه أراد أن يعطي من يرغب في اتخاذ إجراء معين الحق في مد مدة هذا الإجراء إذا وافق يوم القيام به عطلة رسمية إلى أول يوم عمل بعد هذه العطلة خاصة أن هذه العطلة قد تمتد يوماً أو أكثر، لذلك أراد المشرع في القانون التجاري الملغي أن يحفظ حق الدائن ويتشدد في معاملة المدين – وهو ما لم يفعله قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ – وأراد في قانون المرافعات أن يحفظ حق القائم بالإجراء.

التأجيل القانوني لميعاد الاستحقاق :

قد يضطر المشرع في حالة الحرب أو الأزمات الاقتصادية التدخل لإصدار قانون يؤجل دفع قيمة الديون. وذلك مراعاة للمدينين من التشهير بهم نتيجة عدم الوفاء وعمل الاحتجاج في هذه الظروف، وقد يتم شهر إفلاسهم. وقد صدر في مصر أثناء العدوان الثلاثي القانون رقم ٣٨٩ في ١١ نوفمبر ١٩٥٦ م يؤجل الإجراءات المترتبة على التأخير في أداء الديون وهو عمل الاحتجاج لمدة شهر، ثم صدر القانون رقم ٣٩٧ لسنة ١٩٥٦ م باستمرار العمل بالقانون السابق لمدة ثلاثة أشهر أخرى بالنسبة للمدينين المقيمين في محافظتي بورسعيد والسويس أو المقيدين بالسجل التجاري فيها. ونفس الأمر حدث في عام ١٩٦٧ م بالنسبة لمحافظات بورسعيد والسويس والإسماعيلية ودمياط بموجب القانون ٤١ لسنة ١٩٦٧ م.

_______________

1-راجع المادة ٣٨٠ /أ من قانون التجارة الجديد.

2- راجع المادة ٥٤٦ من قانون التجارة حيث تنص على أن “لا يدخل في حساب المواعيد القانونية أو الاتفاقية المتعلقة بالأوراق التجارية اليوم الأول منها ويكمل الميعاد بانقضاء آخر يوم منه”.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .