طالب التنفيذ هو الطرف الذي يجري التنفيذ الجبري لصالحه (1)، ويطلق عليه في بعض الأحيان بالحاجز إذا كان التنفيذ يتم عن طريق الحجز والبيع، ويسمى بالدائن سواء كان دائنا عاديا أو دائنا مرتهنا أو دائنا ممتاز لأنه صاحب الحق الذي يتضمنه السند القابل للتنفيذ (2) ،أما اصطلاح طالب التنفيذ فهو الأكثر شمولا والأكثر دقة حيث ينطبق على كافة طرق التنفيذ (3)، وباعتبار أن التنفيذ ينشأ خصومة بأتم الكلمة، ومن ثمة يشترط في طالب التنفيذ نفس الشروط المستلزمة في رفع الدعوى القضائية )4)،وذلك عملا بأحكام المادة 459 من القانون الحالي قانون الإجراءات المدنية(5)، والمادة 13 من القانون الجديد قانون الإجراءات المدنية والإدارية (6) التي تنص على أنه”لا يجوز لأي شخص التقاضي مالم تكن له صفة، مصلحة قائمة أو محتملة يقرها القانون، يثير القاضي تلقائيا إنعدام الصفة في المدعي أو في المدعى عليه، كما يثير تلقائيا إنعدام الإذن إذا ما اشترطه القانون”، ويمكن شرح ذلك على الوجه التالي.

الفرع الأول: شرط الصفة

أن تتوفر لدى طالب التنفيذ الصفة في إجراء التنفيذ، ويتحقق ذلك إذا كان هو صاحب الحق في التنفيذ الجبري، أي يحوز سندا تنفيذيا، ويكون هذا السند دالا على أنه صاحب الحق الموضوعي أو أنه دائن بأداء معين سواء كان ذلك مطابق للحقيقة أو مخالفا لها، ولا يؤثر ذلك على حقه سواء كان دائنا عاديا او دائنا ممتاز )7)، ويجب أن تثبت الصفة عند بدء إجراءات التنفيذ وليس في وقت لاحق، وٕالا اعتبرت الإجراءات التي أتخذت باطلة، وباعتبار أن شرط الصفة من النظام العام يمكن للمدين والغير الذي له مصلحة أن يتمسك بهذا البطلان في أي حالة تكون عليها الإجراءات، والحكمة من إشتراط ذلك هو التأكد من جدية إجراءات التنفيذ، وٕاعلان المدين بان الدائن مصار على التنفيذ(8).

الفرع الثاني: إنتقال الحق في التنفيذ

يلاحظ أن هناك فروضا يتصور فيها أن يقدم طلب التنفيذ من غير الدائن الأصلي، ويكون ذلك إذا إنتقل الحق الموضوعي أو الحق في إتخاذ الإجراءات التنفيذية إلى الخلف العام أو الخلف الخاص،او إلى من ينوب عن الدائن نيابة قانونية أو إتفاقية.

أولا: إنتقال هذا الحق إلى الخلف

إن الحق في التنفيذ العائد للخلف الدائن ليس سواء تطبيق ا لمبادئ القانون المدني الكلية التي تسود علاقات السلف بالخلف القانونية، وتطبيقا لذلك يجوز أن يحل محل الدائن الأصلي في توقيع الحجز خلفه العام(9)، كالوارث أو الموصى له بجزء من التركة،او خلفه الخا ص(10) المحال إليه بالدين(11)، لصحة إجراءات التنفيذ يتعين إعلان المدين بالسند الذي يخوله صفة الخلف، وذلك قبل البدء في التنفيذ تحت طائلة البطلان لانعدام الصفة)12)، حتى يتحقق المدين من أنه حقيقة من يجب الوفاء له، أما بخصوص حوالة الدين، يشترط أن يقبل المدين هذه الحوالة أو يعلن بها إعلانا ثابت التاريخ(13) ويلاحظ أن قبول المدين للحوالة يعفي المحال له من إعلانه بسند التحويل.

ثانيا: يقدم الطلب نيابة عن الدائن الأصلي،

ويكون ذلك في حالتين، الحالة الأولى وفيها قد ينوب عن الدائن في مباشرة إجراءات التنفيذ وكيله الشرعي القانوني(كالوصي،الولي، القيم) أو وكيله المعين بالاتفاق، وتثبت النيابة القانونية أو الاتفاقية بإعمال القواعد العامة في النيابة، ويكفي اتصاف النائب في أوا رق الإجراءات بالصلة التي له (14)، أما في الحالة الثانية وفيها كذلك يباشر الدائن الحجز باسم مدينه ونيابة عنه في مواجهة مدين المدين إذا توفرت شروط الدعوى غير المباشرة عملا بالمادة 189 من القانون المدني التي تنص على أنه لكل دائن ولو لم يحل أجل دينه أن يستعمل باسم مدينه جميع حقوق هذا المدين إلا ما كان منها خاصا بشخص المدين أو غير قابل للحجز (15)، حتى وٕان كان الحجز هو حجز ما للمدين لدى الغير.(16) قد يحدث أن يتوفى طالب التنفيذ، وعملا بقاعدة الحلول التي نصت عليها المادة 615 من ق إ م د.(17) فإنه يحق للوارث أن يحل محل صاحب الحق المتوفى في متابعة الإجراءات التي أتخذت في خصومة التنفيذ بعد إعلان من يجري التنفيذ ضده بصفته .(18) أما إذا حصل نزا ع في صحة هذه الصفة فإن القائم بالتنفيذ يحرر محضر بذلك ويحيل الخصوم إلى الجهة القضائية المختصة، وٕاحتياطيا وحفاظا على حقوق التركة يجوز له أن يقوم بالحجز التحفظي.

الفرع الثالث: شرط المصلحة القانونية القائمة

المصلحة وهي الفائدة العملية التي تعود على طالب التنفيذ من جراء التنفيذ الجبري على أموال مدينه، وتتمثل هذه الفائدة في إقتضاء الدائن لحقه جبرا عن المدين عند امتناعه أو مماطلته في الوفاء بإلتزامه، وتقوم المصلحة عندما يقع الاعتداء على الحق الموضوعي محل السند التنفيذي الذي يقره القانون ويحميه، وذلك بالامتناع عن الوفاء به أو المماطلة فيه (19) ،وعليه إذا توفرت المصلحة لدى طالب التنفيذ كان له الحق في اتخاذ كافة إجراءات التنفيذ بغض النظر عن كونه دائنا عاديا أو مزود بتأمين شخصي أو عيني ويستوي في ذلك أن يكون شخص طبيعي أو معنوي عام أو خاص، ويستوي الأمر كذلك أن يقدم الطلب من طرف الدائن الأصلي أو من طرف خلفه العام أو الخاص، أو من ينوب عنه.

الفرع الرابع: شرط أهلية التنفيذ

الأهلية اللازمة التي يقصدها فقهاء القانون في هذا المجال هي أهلية الإدارة)20)، وليست أهلية التصرف، وعلة ذلك أن التنفيذ يعد عملا من أعمال الإدارة الحسنة حيث يهدف إلى تمكين طالب التنفيذ من إستفاء حقه دون أن يحمله بأي التزامات مالية، وعليه فإنه فضلا عن كامل الأهلية يجوز للقاصر المأذون له بالإدارة، ومن يكون في حكمه الوكيل العام، الوصي مباشرة إجراءات الحجز على المنقول وحجز ما للمدين لدى الغير(21)، وفي القانون الجديد وبموجب المادة 13 منه أصبح شرط الأهلية متضمن في شرط الصفة، وذلك على خلاف صياغة المادة 459 من ق إ م، أما بخصوص الحجز العقاري لقد اختلف الفقه حول تكييف الأهلية المطلوبة لذلك، إذ يذهب أ ري إلى أن أهلية الإدارة تكفي في مباشرة أي نوع من أنواع الحجوز ولا فرق في ذلك بين الحجز على المنقول والحجز على العقار، لأن طالب التنفيذ يستند إلى طبيعة الحق في التنفيذ ذاته، ضف إلى ذلك أن تحديد الثمن الأساسي أصبح يتم وفقا لمعايير موضوعية، وليست وفقا لمشيئة طالب التنفيذ (22) يذهب أ ري أخر إلى ضرورة توفر أهلية التصرف، لأنه قد يؤدي في بعض الأحوال إلى إلزام الدائن الحاجز بشراء العقار، ضف إلى ذلك أن هذا الحجز سوف ينتهي إلى المحكمة لبيع العقار وما قد يثار أثناء ذلك من دعاوى عارضة مثارة حول صحة إجراءات الحجز أو تعديل دفتر الشروط وهذا ما استقر عليه الرأ ي في فرنسا (23)، ونحن نميل إلى الرأي الأول طالما أن جميع الإجراءات التنفيذية تتم تحت إشراف السلطة العامة الضامنة لتطبيق القانون وبذلك حماية جميع أطرا ف التنفيذ.

________________

1- وجدي راغب: النظرية العامة للتنفيذ القضائي في قانون المرا فعات المدنية والتجارية، دار الفكر العربي، الطبعة الثانية. القاهرة 1973 ص 262

2- الطيب برادة: التنفيذ الجبري في التشريع المغربي بين النظرية والتطبيق، شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط 1988 ، ص .37

. وكذلك عمارة بلغيث: التنفيذ الجبري وإشكالاته، دارسة تحليلية مقارنة لطرق التنفيذ وٕاجرا ءته ومنازعاته، دار العلوم، الحجار عنابة 2004 ، ص 20

3- عزمي عبد الفتاح: قواعد التنفيذ الجبري في قانون الم ا رفعات المصري، دار النهضة العربية، القاهرة 2001 ، ص 141.

4- وذلك ما أجمع عليه الفقه المقارن

5- أمر رقم 66- 154المؤرخ في 8 جوان 1966 المتضمن قانون الإجرا ءات المدنية ونشير إليه في هذه الرسالة تارة بالقانون الحالي، وتارة ب ق ا م، على اعتبار أنه سيتوقف العمل به ابتداء من 24 أفريل 2009 عملا بالمادة 1064 من القانون الجديد التي تنص على أنه”تلغى أحكام الأمر 66- 154 المؤرخ في 8 جوان 1966 المتضمن قانون الإجرا ءات المدنية بموجب هذا القانون”

6- قانون 9-8 المؤرخ في 25 فيفري 2008 المتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية الصادر 23 أفريل 2008 عدد 21 ،ونشير إليه في هذه الرسالة تارة بالقانون الجديد وتارة ب ق إ م د، على اعتبار أنه سيصبح ساري المفعول

إبتداءا من تاريخ 24 أفريل 2009 ،عملا بالمادة 1062 منه التي تنص على أنه ” يسري مفعول هذا القانون بعد سنة من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقرا طية الشعبية”.

7- عزمي عبد الفتاح: المرجع السابق، ص 141 ، و أبو الوفاء: إجرا ءات التنفيذ في المواد المدنية والتجارية، دار الكتاب الحديث، . منشأة المعارف الإسكندرية، الطبعة بدون تاريخ وبدون عدد، ص 281.

8- عمارة بلغيث : المرجع السابق، ص 21 ، وكذلك مروك نصر الدين : طرق التنفيذ في المواد المدنية، دار هومة للطباعة . والنشر، الجزائر 2005 ص 26.

9- الخلف العام هو الذي يحل محل صاحب الحق المتوفى في مجموع ذمته المالية أو حصته الشائعة من التركة وهو يتمثل بالأساس في الورثة الموصى هم العموميون ، انظر ماروك نصر الدين: المرجع السابق، ص 27

10- الخلف الخاص هو الذي يحل محل سلفه في مال معين وهو الموهوب له والموصى له و بجه خاص والمتنازل له، أنظر يوسف نجم جبران: طرق الاحتياط والتنفيذ، الطبعة الثانية، دبوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1981 ، ص 47 ، وكذلك نبيل عمر وأحمد هندي: التنفيذ الجبري، قواعده وإجراءاته، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية 2002 ، ص 304

11- المشرع الجزائري نظم موضوع حوالة الحق وحوالة الدين بموجب المواد من 239 إلى 257 من القانون المدني.

12- مروك نصر الدين: طرق التنفيذ في المواد المدنية، دار هومة للطباعة والنشر الجزائر 2005 ص 27.

13- عزمي عبد الفتاح: المرجع السابق، ص 143

14- أحمد أبو الوفاء: نظرية الأحكام في قانون المرا فعات، منشأة المعارف الإسكندرية 2000 إجرا ءات التنفيذ في المواد المدنية والتجارية، دار الكتاب الحديث، منشأة المعارف الإسكندرية، طبعة بدون تاريخ وبدون عدد. ص 258

15- عمارة بلغيث: المرجع السابق، ص 24

16- عزمي عبد الفتاح: المرجع السابق ص 143

17- جاءت هذه القاعدة تفاديا لإعادة الإجراءات التي سبق اتخذها من جهة، واقتصاد المصروفات التي يتحملها المنفذ ضده من جهة أخرى. أنظر: . وجدي راغب:المرجع السابق، ص 263 ، وكذلك أبو الوفاء: المرجع السابق، ص 259

18- هذه الأحكام سبق وأن نص عليها المشرع في المادة 331 من القانون الحالي، وهي تطابق مع أحكام المادة 615 أعلاه .

19- أحمد السيد صاوي: التنفيذ الجبري في المواد المدنية والتجارية ، دار النهضة العربية القاهرة 2005 ، ص 152.

20- طبقا للمادة 50 من القانون المدني الجزائري فإن الشخص المعنوي إضافة إلى حقه في التقاضي فإن له أيضا الحق في التنفيذ.

21- عمارة بلغيث: المرجع السابق، ص 21

22- يقول بهذا الرأي كل من: وجدي راغب: المرجع السابق، ص 265 ، والسيد صاوي: المرجع السابق، ص 156 ، وعزمي عبد الفتاح: المرجع السابق، ص 145 ، وكذلك الطيب اللومي:” العقلة العقارية”، مجموعة لقاءات الحقوقيين، كلية الحقوق والعلوم السياسية، . تونس 1998 ، ص 115

23- ويقول به كل من: – أبو الوفاء: في المرجع السابق، ص 281 ، محمد حسنين: طرق التنفيذ في قانون الإجرا ءات المدنية الجزا ئري، ديوان المطبوعات الجامعية، الج ا زئر 1982، ص 13 ، و عمارة بلغيث في . المرجع السابق،ص 22.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .