_ لم تتضمن التشريعات تعدداً حصرياً للجرائم التأديبية عكس ما هو قائم بالنسبة للجرائم الجنائية لورودها على سبيل الحصر لما جاء في قانون العقوبات أما في المجال التأديبي يقتصر على بيان الواجبات التي يجب على الموظف العام اتباعها والمحظورات التي يلتزم بالابتعاد عنها وذلك بصورة عامة دون تحديد ، واذا ما تم النص على جرائم تأديبية معينة فان ذلك يكون على سبيل المثال لا الحصر ذلك لاستحالة حصر الجرائم التأديبية .

_ ويلاحظ ان كثير من التشريعات تفوض الادارة في وضع لوائح تتضمن المخالفات التأديبية والجزاءات المقررة لها مع العلم أن الجرائم المنصوص عليها في تلك اللوائح على سبيل المثال . كما ان عدم حصر الجرائم التأديبية يعطي الفرصة الكافية للسلطة المختصة بالتأديب في تقدير ما اذا كان الفعل أو تركه من جانب الموظف العام يشكل ذنباً تأديبياً من عدمه .

_ وقد عرفت المحكمة الادارية العليا الجريمة التأديبية ” هي اخلال الموظف بواجبات وظيفته ايجاباً أو سلباً أو اتيانه عملاً من الأعمال المحرمة عليه . فكل موظف يخالف الواجبات التي تنص عليها القوانين أو يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته التي يجب أن يقوم بها لنفسه . أو يقتصر في تأديتها بما تتطلبه من حيطة ودقة وأمانة انما يرتكب ذنباً ادارياً يستوجب تأديبه ” . ويتضح من الحكم المتقدم حرصه على ايضاح ما يعد جرماً تأديبياً على وجه العموم سواء كان الاخلال عن عمد أو اهمال . 

_ أركان الجريمة التأديبية : 

للجريمة التأديبية ركن مادي و آخر معنوي حيث يدل الركن المادي على المظهر الخارجي للجريمة التأديبية والذي يتم باتيان فعل أو القعود عن فعل و تركه أو حتى التقاعس عنه في بعض الأحوال ويعني ذلك القعود أو التقاعس عن أداء الواجب اتيان محظور من المحظورات بمثابة المظهر الخارجي أو الركن المادي للجريمة التأديبية.

والركن الآخر للجريمة التأديبية يتمثل في ركنها المعنوي ذلك الذي يمثل الارادة الآثمة أو غير مشروعة لدى الموظف العام في اقتراف الفعل أو الترك الذي يمثل الركن المادي للجريمة .

ويختلف الركن المعنوي للجريمة التأديبية في الجرائم العمدية عنها في الجرائم غير العمدية :

1- الركن المعنوي للجريمة العمدية ويتمثل في قصد تحقيق النتيجة المترتبة على الفعل أو الترك .

2- الركن المعنوي للجريمة غير العمدية ويتمثل في انصراف ارادة المخالف الى النشاط دون نتيجته بما يعني أنه يتمثل في تقصير مرتكب الفعل في الالمام بواجبات وظيفته .

ومن الضروري توافر الركنين معاً لقيام الجريمة التأديبية ، فانعدام ارادة الموظف العام أثناء ارتكاب الركن المادي للجريمة التأديبية يؤدي الى عدم قيام الجريمة في حق الموظف العام . ويختلف ذلك عن الحالة التي يكون فيها للظروف تأثيرها في ارادة الموظف المقترف الاثم التأديبي فمثل هذه الظروف تحقق اختلافاً في قدر العقوبة التي يتم توقيعها على المخالف .

ويرى جانب من الفقه أن الركن المعنوي لا وجود له في الجرائم التأديبية الا أننا نؤيد الجانب الآخر من الفقه الذي يرى وبحق ضرورة وجود الركن المعنوي في الجريمة حيث لا يعقل تأثيم فعل أو ترك دون أن يثبت اتجاه الفاعل فيه الى احداث ذلك الأثر أو تلك النتيجة بالنسبة للجرائم العمدية أو الجرائم غير العمدية أو انصراف ارادته الى النشاط المكون للركن المادي للجريمة التأديبية .