_ أولاً : تعريف ظاهرة التحول عن الاجراء القضائي : 

هو كل وسيلة يستبعد بها الاجراء الجنائي العادي وتتوقف بها المتابعة الجنائية وذلك لتجنب صدور حكم بالادانة ، حيث يخضع المذنب وبموافقته لبرنامج غير جنائي يساعده اما على الاندماج مرة أخرى في المجتمع أو يحل النزاع الذي كان سبباً لجريمته أي بصفة عامة يجنبه الخضوع لجزاء جنائي وذلك كعرض الأمر للصلح أو التوفيق أو الاستعانة بوسائل العلاج الطبي أو التربوي .

وفي ظاهرة التحول عن الاجراء القضائي فلا مساس بتجريم الفعل اذ يظل هذا الفعل مجرماً جنائياً ولكن يبحث له عن رد فعل غير جنائي فان باءت تلك المحاولة بالفشل عاد الفعل محل النزاع لينظر من جديد أمام المحكمة المختصة ودون أن تمس دائماً طبيعته الجنائية .

وتعد كندا والولايات المتحدة الأمريكية من الدول ذات الخبرة في هذا المجال اذ يتعاظم دور السلطة التقديرية الممنوحة لأعضاء جهاز العدالة الجنائية ويكون لكل عضو من أعضاء هذا الجهاز دوره وذلك على الوجه الآتي :

1- الشرطة : 

للشرطة دور أساسي في هذا المجال على أساس مالها من سلطة تقديرية بين الاستمرار منذ البداية في المتابعة أو التوقف عنها وهذا كثيراً ما يتم بالنسبة لبعض الجرائم قليلة الأهمية كالخلافات العائلية ومنازعات الجوار والضرب الخفيف والقذف والسب ، حيث يكون للشرطة سلطة تقديرية في التوبيخ أو النصح أو التوفيق أو احالة الأمر الى مؤسسات علاجية أو اجتماعية ولا يترتب بعد هذا أية متابعة أخرى .

2- النيابة العامة : 

يكون لها طبقاً لمبدأ الملاءمة في رفع الدعوى الجنائية اتخاذ ماتراه لازماً ومناسباً للمصلحة العامة وذلك في الحدود المسموح بها قانوناً . كاصدار أوامر الحفظ أو الأوامر بألا وجه لاقامة الدعوى وذلك لتجنب الوصول لمرحلة الادانة اذ تقدر النيابة ما اذا كانت الآثار السلبية لتلك الادانة تفوق في ضررها للمذنب وللمجتمع ما هو مأمول من تحقيقها للمصلحة الاجتماعية . ولذلك فقد تصرف النظر عن الدعوى الجنائية لتوافر اعتبارات تقلل من خطورة الفعل كما في حالة الصلح بين الأطراف أو رد الشئ المسروق أو الاكتفاء بالعقوبة التأديبية .

3- القاضي : 

وللقاضي كذلك دوره الذي يسمح له بالاستعانة بوسائل متعددة بهدف عدم ادانة المذنب وتوقيع الجزاء الجنائي عليه فله أن يعرض النزاع للصلح أو للتوفيق أو يأمر بايداع المذنب في مؤسسات اجتماعية أو علاجية ويسمح القانون في الولايات المتحدة الأمريكية بالتخلي عن المتابعة بشرط موافقة كل من النيابة والقاضي والدفاع ويخضع المذنب لبرنامج غير جنائي قد يتمثل في علاج نفسي أو تكوين مهني أو أداء خدمات اجتماعية .

_ ثانياً : عوامل التحول عن الاجراء القضائي : 

1- أن يكون الخطر الناجم عن الجريمة ضئيلاً بحيث لا تتطلب المصلحة العامة اجراء المحاكمة .

2- أن يثبت خطأ الفاعل ثبوتاً لا يقبل الشك ولا ينكره الفاعل نفسه .

3- أن يبدي الفاعل ندماً واستعداداً لاصلاح كل ما ينتج عن عمله من آثار ضارة .

4- أن تتوافر الوسائل الجديدة التي ستتكفل بحل النزاع واندماج المذنب مرة أخرى مع المجتمع وأن تكون تلك الوسائل الجديدة من الفاعلية بحيث تساعد على منع الفاعل مستقبلاً عن الانحراف وذلك بالنظر الى سوابقه وما تتوافر من معلومات عنه .

5- أن يوافق كل من الفاعل والمجني عليه على وقف المتابعة الجنائية من أجل التفاهم الودي وهذا ما يتطلب وجود علاقة تربط بين الطرفين قبل النزاع كعلاقة عائلية أو جوار أو عمل .

وبناء على ذلك يمكن أن يخضع لنظام التحول عن الاجراء القضائي ما يقع من الأحداث أو المسنين أو المعوقين عقلياً أو بدنياً أو ما ينتج عن خلافات عائلية وكذلك بعض الجرائم التي ترتكب دون عنف وأيضاً جرائم التشرد والتسول .

_ ثالثاً : تقديرنظام التحول عن الاجراء القضائي : 

1- مزاياه : 

1- يساعد في تخفيف العبء عن الجهاز القضائي بما يسمح لاتاحة الوقت اللازم للمحاكم للتفرغ للقضايا الهامة والتي لا بديل لفضها الا بالاجراءات الجنائية المعتادة .

2- يسمح بحل النزاع بعيداً عن الجزاءات الجنائية وآثارها السلبية وأهمها وصمة الاجرام التي تلحق بالمحكوم عليه .

3- يقدم الوسائل المناسبة التي تساعد على الاسراع في انهاء النزاع بما تتحقق معه مصلحة المجني عليه .

4- يضمن أو يسهل على الأقل اعادة الأوضاع الى ما كانت عليه أو تعويض المجني عليه عن الأضرار التي لحقت به .

2- نقده : 

1- أنه يؤدي الى اتساع رقعة السلطة التقديرية وما ينتج عنها من تعسف أو عدم مساواة حتى ولو تقرر له شكل معين واجراءات لرقابة عليه فانه سيتحول من نظام مرن ومبسط الى نظام جامد وشكلي لا يتماشى مع الغرض الأساسي الذي ينشده .

2- ان الاعتماد في تطبيق هذا النظام على اعتراف الفاعل سيؤدي بالبعض الى الاعتراف على أنفسهم كذباً ليتجنبوا الطريق القضائي والادانة وليس هذا بالطبع ما يتوخاه ذلك النظام .

3- يخشى أن يؤدي هذا النظام الى اهتزاز ثقة الأفراد في النظام القضائي باعتباره الوسيلة الرادعة والفعالة في أغلب الحالات وبخاصة اذا ما خضع الأمر للمساومة بين الجاني والمجني عليه .

3- اقتراحات : 

1- يجب أن يكون قرار المشاركة في برنامج للتحول عن الاجراء القضائي ارادياً .

2- للخاضع لنظام التحول عن الاجراء القضائي الحق دائماً في استشارة محام .

3- يجب الحصول على موافقة المجني عليه اذا ما تم تحديده .

4- يجب أن تكون معايير اختيار نظام التحول عن الاجراء القضائي لكل برنامج مكتوبة يمكن للكافة الاطلاع عليها .

5- يكون للمذنب الخاضع لنظام التحول عن الاجراء القضائي الحق في طلب الانسحاب من البرنامج وتحويله الى المحكمة المختصة .