الاضراب في القانون والآثار المترتبة عليه – مقال هام

مقال حول: الاضراب في القانون والآثار المترتبة عليه – مقال هام

يعرف الإضراب بأنه: توقف العمال الجماعي المؤقت عن تنفيذ التزاماتهم المقررة بموجب عقود العمل بسبب وقوع نزاع جماعي يتعلق بالمطالبة بتحسين شروط وظروف العمل ويقصد بتوقف العمال الجماعي: جميع العمال أو أكثرهم. والإضراب أسلوب يلجا إليه العمال للمطالبة بتحسين شروط وظروف العمل وقد أقرت دساتير بعض الدول اللجؤ إليه باعتباره حقا كالدستور الفرنسي لسنة 1946 الذي ورد في مقدمته بان ((حق الإضراب يمارس في حدود القوانين المنظمة له))وكذلك الدستور الايطالي الصادر في سنة 1947 حيث نصت المادة 40 منه على ((ان الإضراب يمارس وفق القوانين المنظمة له))(1). وقد منعت بعض الدول الإضراب كاسبانيا والبرتغال والديمقراطيات الشعبية(2). إن الإضراب هو عمل جماعي إذ يتحقق بامتناع العمال الجماعي المؤقت ولذلك فلا يعتبر عامل واحد عن العمل ولو كان سبب هذا الامتناع يتعلق بشروط العمل . يجب إن يكون توقف العمال عن عمل ملزمين بتنفيذه بمقتضى القانون أو عقود العمل ولهذا فلا يعتبر إضرابا توقف العمال أو امتناعهم عن أداء مل غير ملزمين بتنفيذه وقد قضت محكمة النقض الفرنسية بذلك في حالة رفض العمل ساعات عمل إضافية(3).كما لا يعتبر إضرابا توقف العمال نهائيا عن أداء عملهم إذ يعتبر هذا بمثابة الاستقالة . ويلجا العمال إلى الإضراب للمطالبة بتحسين شروط وظروف العمل وهذا ما يطلق عليه ((الاضراب المهني)) فالسبب المهني هم من أهم بواعث الإضراب فالمطالبة بزيادة الأجر أو تحسين ظروف العمل تعتبر من أكثر أسباب الإضراب شيوعا . وقد يتخذ الإضراب شكل التضامن ويتحقق هذا عندما يعلن العمال الإضراب تضامنا مع عمال كانوا قد أعلنوا الإضراب لأسباب مهنية سيما في نطاق مهنة واحدة . ويتساءل بعض الفقهاء فيما إذا كان يجب اعتبار إضراب التضامن إضرابا تعسفيا ويرون بأنه يجب عدم الاعتراف أصلا بإضراب التضامن لأسباب سياسية حيث يعتبر هذا الإضراب غير مشروع إلا إنهم يقرون إضراب التضامن لأسباب مهنية أي العمال الذين يعلنون الإضراب تضامنا مع عمال آخرين أعلنوا الإضراب لمطالب مهنية إذ إن هذا الإضراب يعتبر مشروعا حيث يسبغ عليه طابع النبل(4). إلا انه من جهة أخرى فانه هذا النوع من الإضراب يضع حق الإضراب في خدمة مصالح مهنية للغير كما انه يوسع نطاق المنازعات الاجتماعية فهو ينم عن جهل العامل لالتزاماته تجاه المشروع الذي يعمل فيه ما دام يتوقف عن تنفيذ عمله لأسباب أجنبية عن علاقاته مع صاحب العمل(5). وقد يكون الإضراب سياسيا عندما يعلن احتجاجا على أمر سياسي يتعلق بساسة الحكومة دون إن يكون لهذا الإضراب أية علاقة بحقوق العمال ولهذا فيطلق عليه الإضراب السلمي بالنسبة لعلاقات العمل بين الطرفين لأنه في الحقيقة لا يوجد خلاف بين العمال وصاحب العمل بين الطرفين لأنه في الحقيقة لا يوجد خلاف بين العمال وصاحب العمل وقد ذهب القضاء الفرنسي إلى اعتبار هذا الإضراب غير مشروع لأنه لا علاقة له بشروط العمل (6) إلا إن الإضراب السياسي إذا كان يهدف إلى تحقيق مطالب مهنية فانه يعتبر مهنيا وبالتالي قانونيا(7).

الإضراب الجزئي غير الصريح:

في هذه الحالة يتفق العمال على الإضراب ولكن بدل تنفيذه بشكله الاعتيادي وهوا لتوقف عن العمل فأنهم يستمرون في العمل إلا إن الأداء يكون بطيئا أو بشكل سئ ويسمى هذا الإضراب ((الاضراب بالقطارة))ومثال على هذا الإضراب ما اتفق عليه سائقو سيارات شركة ترام القاهرة سنة 1950 على القيادة ببطء حتى يقل عدد الدورات وبذلك ينجز السائق مثلا ست دورات وبذلك ينجز السائق مثلا ست دورات يوميا بدلا من ثمان دورات (8).إن الإضراب بالقطارة يتعارض مع حسن النية في تنفيذ العقد كما انه يعتبر خطا وتغييرا مقصودا في شروط العمل وإخلالا بالتزام جواهري من التزامات العامل وهو الالتزام ببذل عناية الشخص المعتاد. وقد يقترن الإضراب أحيانا بالاعتصام وهو احتلال مجموع أو جماعة من العمال في إي مشروع لمحل العمل وإيقافهم العمل فيه ورفضهم السماح لدخول صاحب العمل أو من يمثله أو السلطات المختصة لمحل العمل أو تشغيل عمال آخرين محلهم(9).

الآثار القانونية للإضراب :

كان القضاء الفرنسي يعتبر الإضراب مهما كان الدافع له مبررا لإنهاء عقد العمل وذلك استنادا إلى نص المادة 1780 من القانون المدني الذي يقرر حق المتعاقد في إنهاء العقد بإرادته المنفردة إذا كان العقد غير محدد المدة(10). ويعتبر إعلان الإضراب إخطارا يوجهه العامل المضرب إلى صاحب العمل بإنهاء العقد ولم يؤثر في هذا الاتجاه القانون الصادر في 2551864 الذي أجيز الإضراب بمقتضاه حيث ذهب القضاء إلى إن هذا القانون يعالج الإضراب من الناحية الجنائية باعتباره جنحة تجميع العمال . إلا إن الفقه لم يذهب في نفس الاتجاه بل كان يؤيد بان الإضراب لا ينهي عقد العمل لان هذا يتعارض مع إرادة العمال المضربين الذين تنصرف نيتهم إلى التوقف عن تنفيذ التزامهم بأداء العمل على أمل العودة إلى العمل بعد انتهاء الإضراب وهذا ما يؤيده الواقع فنية العمال المضربين لم تتصرف بأي حال من الأحوال إلى إنهاء العقد إنما انصرفت إلى وقف سريانه خلال الإضراب فيمكننا القول بان العمال المضربين متمسكون خلال الإضراب بعقد العمل القائم وكل ما هنالك فأنهم يعرضون مشروعا لتعديل هذا العقد فإذا نجح الإضراب تحقق التعديل وإذا فشل سقط المشروع(11). ان محكمة التحكيم العليا قد قضت منذ سنة 1939 باعتبار الإضراب موقفا لعقد العمل (12) إلا ان الاتجاه في القضاء الفرنسي ظل يميل إلى اعتبار الإضراب منهيا للعقد حتى صدور الدستور الفرنسي في 27101946 مقررا مشروعية الإضراب فعدلت بعض المحاكم عن اتجاها السابق إلا انه مع ذلك فان الخلاف ظل قائما في القضاء المذكور بالنسبة لأثر الإضراب على عقد العمل إلى إن حسم بالقانون الصادر في 1121950 حيث نصت المادة الرابعة منه صراحة على إن الإضراب لا ينهي عقد العمل إلا في حالة الخطأ الجسيم المرتكب من قبل العامل (13). ولهذا يعتبر الإضراب موقفا لعقد العمل ويترتب على ذلك عدم التزام صاحب العمل بدفع الأجر إلى العامل خلال فترة الإضراب إلا إن هناك حالات يستحق فيها العمال أجورهم عن تلك لفترة فقد ذهب القضاء إلى استحقاهم للأجر إذا كان سبب الإضراب هو خطا صاحب العمل كتأخره في دفع أجورهم (14). إما في مصر فقد اتجه القضاء في بادئ الأمر إلى اعتبار الإضراب منهيا لعقد العمل وليس موقفا له إذ يمكن اعتبار العمال بلجوئهم إلى الإضراب إنهم لا يريدون احترام ما اتفقوا عليه وأنهم ارادو بهذا الإضراب واستمرارهم فيه أكراه صاحب العمل وإرغامه على زيادة في الأجر لم يتفق عليها لذلك يكون لصاحب العمل الحق بفضل العمال المضربين بلا حاجة إلى إخطار كما يكون من حقه أيضا تشغيل غيرهم منعا من تعطيل المضربين إعماله أو الإخلال بتعهداته قبل الغير (15). إن الرأي الراجح هو إن الإضراب لا يؤدي إلا إلى وقف عقد العمل لا إلى إنهائه لأنه لا ينطوي على إرادة ضمنية تتجه إلى إنهاء العقد (16).

اثر الإضراب بالنسبة للعمال غير المضربين:

يقتضي من صاحب العمل ان يمكن العمل غير المضربين من الاستمرار في العمل تطبيقا لمبدأ (حرية العمل) الا انه عمليا يصعب بل يستحيل في حالات معينة تمكين هؤلاء العمال من العمل فالظروف في المشروع لا تساعد على ذلك لما يخلقه هذا من رد فعل لدى العمال المضربين الذين يشكلون أغلبية العمال هذا بالإضافة إلى الترابط الموجود بين الإعمال المختلفة في المشروع مما يتعذر معه تحقيق ذلك. إن السؤال الذي يثار هنا هو فيما إذا كان صاحب العمل ملزما بدفع الأجر إلى العمال غير المضربين ؟يمكن الرجوع في هذه الحالة إلى القواعد العامة حول كان إذا كان يمكن اعتبار الإضراب قوة قاهرة وما يترتب عليه من تحلل صاحب العمل من التزامه بدفع الأجر إلى العمال (17)؟ حسب ما ذهب إليه القضاء في فرنسا لا يعتبر الإضراب قوة قاهرة إلا في الحالات التي يتحقق فيها وقف العمل لأسباب خارجة عن إرادة صاحب العمل كما في الحالة التي تتدخل فيها السلطة العامة لمنع العمال من دخول أماكن العمل تجنبنا للاضطرابات(18). وحسب ما نرى فان العمال غير المضربين يستحقون الأجر ما داموا مستعدين لأداء العمل وان عدم أدائهم له يرجع لأسباب لا دخل لإرادتهم فيما تطبيقا لإحكام المادة (33) من قانون العمل التي تنص على انه ((اذا حضر العامل مقر العمل وكان مستعدا لأدائه وحالت دون ذلك أسباب لا يد له فيها اعتبر انه قد أدى عمله واستحق أجره)).

الإضراب في العراق :

كان قانون العمل رقم (1) لسنة 1958 الملغى يعرف الإضراب بأنه ((اتفاق مجموع العمال أو المستخدمين أو أكثرهم في مشروع أو مشاريع على التوقف عن العمل بشان أمور تتعلق بشروط العمل والاستخدام وأحوالهما))(المادة 50 من القانون المذكور) ولم يجز القانون المذكور الإضراب أو الغلق أو الاعتصام ما لم يبلغ الوزير قبل وقوعه بعشرة أيام على الأقل من قبل الطرف الذي ينوي القيام به وإبلاغ الطرف الثاني في الوقت نفسه (المادة 54 من القانون ) وفي حالة وزير العمل إي نزع للتوقيف لا يجوز الاستمرار على الإضراب أو الغلق أو الاعتصام إن كان واقعا أو القيام به إذا كان متوقعا .إما عند إحالة النزاع على التحكيم أو هيئة التحكيم أو هيئة الاستئناف في النزاع (المادة 59 من القانون المذكور). إما قانون العمل النافذ فقد أجاز الإضراب وذلك في حالة امتناع صاحب العمل عن تنفيذ قرار هيئة قضايا العمل في محكمة التمييز بعد ثلاثة أيام من تبليغه بالقرار ولكن بشرط إن يبلغ العمل الوزير العمل والشؤون الاجتماعية ورئيس الاتحاد العام النقابات العمال معا بإجراء التوقف عن العمل الذي يتخذونه فور مباشرتهم له وان يبينوا الأسباب التي حملتهم على ذلك والاحتياط التي اتخذوها للمحافظة على الأمن والنظام وحماية وسائل الإنتاج ومقر العمل (19).

______________

1- ريفيرو وسافاتيه،طبعة قانون العمل باريس 1970 ،ص 204، برن وكالان ، قانون العمل ، باريس سنة 1958، ص 884.

2- برن وكالان ،المرجع السابق ،ص884.

3- دوران ،قانون العمل باريس، الجزء الثالث سنة 1956 ،ص740.

4- برن وكالان ،المرجع السابق ،ص 901 .

5- برن وكالان ،المرجع السابق ،ص 901.

6- نقض فرنسي في 20 شباط 1959 داللوز، سيرى 1959 ،ص412.

7- دوران، النظام القانوني للإضراب السياسي ،داللوز ،سيرى 1953 ،ص2.

8- علي العريف ،شرح تشريع قانون العمل في مصر ج2 القاهرة ،طبعاة1954 نص273.

9- انظر المادة (53)من قانون العمل العراقي رقم 1 لسنة 1958 الملغى.

10- ريفيرو وسافاتيه المرجع السابق،ص227.

11- علي العريف ،شرح قانون العمل جزاءان القاهرة ، طبعة 1964،ص289.

12- ريفيرو وسافاتييه ،المرجع السابق .ص277.

13- انسكلوبيديا دالوز ،الجزء الثاني ،باريس سنة 1961،ص20.

14- نقض اجتماعي فرنسي في 19 مارس 1959 ،والوز 1959 ،ص241.

15- قرار محكمة القاهرة المكلية في 20 ماريس 1937 (انظر عصمت الهواري وفهمي كامل ،المرجع السابق ص215).

16- علي العريف ،المرجع السابق طبعة 1964 ص308.

17- د. شاب توما منصور ، شرح وقانون العمل ، الطبعة السادسة بغداد سنة 1977 ، ص 309.

18- ويفيرو وسافانييه ،المرجع السابق ص 198.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .

شارك المقالة

1 تعليق

  1. د / محمد أنور حامد

    24 أغسطس، 2019 at 12:33 م

    المقال به بعض المغالطات القانونية , فمثلاً في تعريف الإضراب ورد بالمقال أنه توقف العمال الجماعي , والأفضل توقف جميع العمال أو مجموعة منهم بقصد تحقيق مطالب مهنية ,
    كما ور بالمقال أنه يستحيل توقف بعض العمال دون البعض ,, وهذا ايضاً خطأ لانه ممكن تصور توقف بعض العمال وليس جميعهم كأن يتوقف بعض العاملين بقسم أو خط إنتاج معين واستمرار الباقي في العمل , وهذا يتصور في توقف عمال المخازن مثلاً وهم بعيدون عن مراحل الإنتاج ,,, انتهى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.