الأسس القانونية التي تضمنها شرح قانون البينات السوري ومفاعيلها في الإثبات

——————————————————————————–
الجزء 2لمحة موجزة لبعض الأسس القانونية التي تضمنها
شرح قانون البينات السوري ومفاعيلها في الإثبات
(الجزء الثاني) من المادة 57 إلى المادة 91
لا شك أنه إذا منع الدائن من الاستحصال على كتابة في كل ما يجب إثباته بالكتابة وجب أن يسمح له بالإثبات بالشهود وألا أضعنا حقه مع أنه لم يقصر في شيء ما دام أنه لم يكن في استطاعته أخذ مستند كتابي وقد قيل لا تكليف بالمستحيل أو لا قبل لأحد بالمستحيل.
ألا أنه لا يصح التساهل في هذا التقدير لأن ذلك استثناء من قاعدة وجوب الإثبات بالكتابة – والاستثناء لا يجوز التوسع فيه.
عرف الفقهاء المانع المقصود بالمادة (57) بينات بأنه المانع الذي نشأ عنه استحالة الحصول على كتابة وقت التعاقد استحالة نسبية أو عارضة وهذه الاستحالة مقصورة على شخص المتعاقد وراجعة إلى الظروف الخاصة التي تم فيها التعاقد.
إن المشرع لم يعرف لنا المانع الذي يستوجب ذلك ولم يذكر كذلك الموانع على سبيل الحصر وإنما أورد بعضها على سبيل المثال وترك حرية واسعة للقضاء في التقدير حسب ظروف كل قضية وتعاقد.
1-الاستحالة المطلقة والنسبية للإثبات بالبينة الشخصية تطبق بشأن التصرفات القانونية دون الوقائع القانونية.
2-الاستحالة المادية للحصول على دليل كتابي: تفترض أن التصرف القانوني نشأ في ظروف لم يكن لذي الشأن فيها فسحة من الوقت أو وسيلة للحصول على دليل كتابي ومن قبيل ذلك ما ينشأ عن التصرفات عند الكوارث أو الحوادث المفاجئة أو النكبات أو الحرائق أو حوادث الغرق القاضي هو المرجع لتقدير الظروف المادية المانعة إلا أن من واجبة أن يبين هذه الظروف عند تسبيب الاستحالة المادية في قراره.
3-الاستحالة المعنوية التي تمنع من الحصول على كتابة لا ترجع لظروف مادية بل ترجع إلى ظروف نفسية وهي تعقد بعلاقات الخصوم وقت انعقاد التصرف ومرجع الأمر في تقديرها للقاضي ويتعين عليه أن يسبب تقديره في القرار وترتبط الاستحالة المعنوية ارتباطا وثيقا بالسنن الجارية والعرف والتقاليد فعرف البلد هو المعيار الذي يعتد به القاضي في تقديره متى كان العرف مستقرا مقطوعا بوجوده كذلك أواصر الصداقة أو مقتضيات اللباقة أو صلة القرابة الوثيقة أو مركز الطبيب إذ يمتنع عليه أدبيا إن يطلب دليل كتابي أو مركز العميل الشخصي وفقا لعرف البلد أو طبيعة التعاقد في المطاعم والأسواق وإجارة الخدم وغيرها.
4-استحالة تقديم دليل كتابي بسبب فقد هذا الدليل ويشترط أن يكون هذا الفقد راجعا إلى سبب لا يد للمدعي فيه جراء حادث جبري أو قوة قاهرة واستبعاد صور الفقد بسبب يتصل بفعل المدعي (كإعدام الورقة مثلا) ولو كان هذا الفعل مجرد إهمال أو تراخ ويقع عبئ إثبات فقد الدليل مبدئيا على المدعي وعليه سبق إثبات وجود المحرر ومضمونه وتوافر شرط الصحة فيه أن كان من قبيل المحررات الشكلية وعليه يمكن أن يثبت ما يدعي بالبينة.
5-الاستحالة التي تمنع من الحصول على كتابة بافتراض توافر ضرب من ضروب الغش والمخالفة للنظام والآداب العامة.
6-أنواع الموانع المقصودة بالمادة (57)بينات:
أ‌-الموانع المادية:
يعتبر المانع ماديا إذا أحاطت بالتعاقد ظروف خارجية لم تسمح للمتعاقد باقتضاء كتابة ممن تعاقد معه ومن هذه الحالات:
-كون طالب الإثبات ليس طرفا في التصرف القانوني والعلة في إباحة إثبات التصرف القانوني لمن ليس طرفا فيه بجميع طرق الإثبات لكون هذا التصرف بالنسبة للغير يعتبر واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة الطرق.
-كذلك يستطيع الغير في تصرف قانوني مكتوب أن يثبت بجميع الطرق ما يخالف الكتابة أو يجاوزها لأن التصرف يعتبر بالنسبة إليه واقعة مادية (الصورية).
-إذا قصد المؤرث من البيع ستر وصية بقصد الإضرار بالورثة وحرمانهم من الإرث فيعتبر الورثة من الغير في مثل هذه الحالة وحق لهم الطعن بهذا البيع وكذلك تصرف المؤرث في مرض الموت.
-حصول العقد في مكان لا يوجد فيه من يحسن الكتابة.
-الودائع الاضطرارية وما يلحق بها كمن فوجئ بخطر الحريق أو النهب أو الاضطرابات أو الهدم أو الغرق بادر بأنقاض متاعه من خلال إيداعه عند الغير.
ب‌-المانع الأدبي:
تقديره موكول للقاضي ولا معقب عليه لمحكمة النقض ويميل القضاء إلى التوسع في الموانع الأدبية وهذه الموانع – الزوجية والقرابة حتى الدرجة الثالثة ما لم يكونوا قد تنازلوا عن هذا المانع باعتياد الكتابة – علاقة الخدمة – العرف المتبع في بعض المهن .
تكون الاستحالة في هذه الحالة استحالة باطنية أو نفسية لا استحالة مادية أو خارجية كما في الموانع المادية ويكون تقديرها أكثر صعوبة من الموانع المادية إذ يقتضي تحري الظروف المحيطة بالتعاقد في نفس المتعاقد لإمكان القول أنه بلغ حداً كان يستحيل معه أدبيا على المتعاقد أن يأخذ كتابة ممن تعاقد معه.
-يراعى في حساب درجة القرابة المباشرة اعتبار كل فرع درجة عن الصعود للأصل بخروج الأصل المشترك وعند حساب درجة الحواشي تعد الدرجات صعودا من الفرع للأصل المشترك ثم نزولا فيه للفرع الأخير وكل فرع فيما عدا الأصل المشترك يعتبر درجة.
-يخرج عن نطاق القرابة حتى الدرجة الثالثة والمانع الأدبي كل من هو بعد الدرجة الثالثة ومنها القربة بين رجل وزوج شقيقته والرجل وزوج أخته وبنت الأخ – ابنة أخت الزوجة – زوج الشقيقة الخ إلا أنه يعود للقاضي تقديرها حسب الواقعات المطروحة عليه وباعتبارها من الصلات العائلية فقط.
-إن المقصود بالتعامل بالكتابة الذي يزيل المانع الأدبي في معرض الإثبات بالكتابة هي الكتابة التي تسبق التصرف القانون المطلوب إثباته وليست تلك الكتابة التي تعاصر أو التي تأتي متأخرة عن تاريخ وقوعه.
-الاحتيال على القانون أو الهرب من أحكامه وذلك بلجوء المتعاقدين لعدم ذكر السبب الحقيقي للعقد ويعتبر هذا الأمر مانع مادي لمخالفة السبب للنظام العام والآداب العامة تجيز الإثبات بكافة الوسائل وأجاز المشرع للمدين إثبات السبب الصحي بالشهادة 0مشأ السند خسارة في الميسر وليس دينا عاديا – إضافة فوائد فاحشة لمقدار الدين على إن التحايل على القانون إذا لم يكن موجها في العقد ضد مصلحة أحد العاقدين فلا يجوز لأي منهما أن يثبت العقد المستتر إلا وفقا للقواعد العامة إذ ليس هناك ما يمنع من كتابة المتعاقدين ورقة ضد.
-عدم صحة العقد سبب العقد إما أن يرجع إلى كون السبب في ذاته مبطلا للعقد كما لو كان سبب الدين قمار ويكتب المتعاقدان أن سببه قرض أو كان سببه المتاجرة بالمخدرات أو المومسات أو التعهد بقتل شخص ويذكر في السند أنه بيع وإما أن يكون السبب الوارد في العقد هو غير السبب الحقيقي ولا يؤثر هذا السبب على كون العقد صحيحا.
-كذلك الحال إذا كان المطلوب إثباته عيبا من عيوب الرضا كالإكراه لكون ما يراد إثباته هنا هي وقائع مادية لا يمكن الحصول على سند بها وقت حدوثها يضاف إلى ذلك أن إثبات هذا العيب لا يعتبر إثباتا لما يخالف التصرف الثابت بالكتابة وينطبق ذلك على الاحتيال والغلط والنصب والتزوير لأنها مفسدة للرضا وهي أعمال مادية يتعذر على المدين الحصول على كتابة لإثباتها.
7-تعتبر القرابة على الوجه المحدد في المادة 57 بينات مانعا أدبيا من الحصول على دليل كتابي بين الأقارب وهذا التعداد لدرجات القرابة هو تعداد حصري لا يجوز التوسع فيه أو الإضافة عليه.
8- لا تعتبر القرابة بين الزوجة وشقيق زوجها مانعاً أدبيا بحكم القانون في مجال الإثبات بالشهادة لأنها لا تدخل في ضمن تعداد الأقارب وفق المادة 57 الذي جاء على سبيل الحصر (نقض سوري رقم 466 أساس 1165 تاريخ 18/3/1987 سجلات النقض) .
9-توثيق العقود في السجل العقاري هو أمر يقتضيه نقل الملكية ولا يزيل المانع الأدبي.
10-علاقة الخطوبة تعتبر مانعاً أدبيا يجيز قبول البينة الشخصية (نقض سوري رقم 1085 تاريخ 10/5/1965 مجلة القانون ص 658/1965) .
11-إن العلاقة بين المخدوم والخادم قد لا تسمح تبعاً للظروف بالحصول على الدليل الكتابي وفي اعتبار الموانع الأدبية يبقى محصورا في نطاق الخدمة التي يقوم بها الخادم كشراء الحاجيات وغير ذلك دون أن يتعدى الأمر إلى أعمال يمارسها الخادم لمصلحته الشخصية وتتعدى هذه العلاقة (نقض سوري رقم 1466 تاريخ 11/10/1980 أساس 218 سجلات النقض) .
12-إن العلاقة القائمة بين العامل ورب العمل لا تعتبر مانعاً أدبيا يحول دون حصول رب العمل من العامل على مستند خطي فيما يسدده عن ذمته وطالما أن القانون أجاز للعامل وحده إثبات حقوقه في حالة عدم وجود عقد عمل خطي (نقض سوري رقم 6 تاريخ 17/1/1966) .
13-إذا كانت الوكالة من أخ لأخيه فأن من يتعامل مع هذا الأخ الوكيل له إثبات التوكيل المشار إليه بالبينة الشخصية لقيام المانع الأدبي بين الوكيل والموكل الآخرين (نقض سوري رقم 972 تاريخ 14/10/1967) .
14-قيام علاقة زراعية لا يفيد وجود مانع أدبي بين العامل ورب عمله لكون قانون العلاقات الزراعية أوجب ربط عقود المزارعة بسند خطي.
15-إن مجرد وفاة المؤرث وفقدان السند بسبب الوفاة لا يعتبر من قبيل السبب الأجنبي وإذا كان المؤرث قد فقدها فعلى ورثته إثبات السبب الأجنبي الذي أدى إلى فقدانه (نقض سوري رقم 1799 تاريخ 13/9/1966) .
16-إن السماح لمن فقد السند بإثبات مضمونه بالبينة الشخصية لا يعني السماح لخصمه أثبات الوفاء بنفس الوسيلة في الأحوال التي يوجب فيها القانون البينة الخطية ومع أن من حق الخصم نفي إثبات ذات الواقعة بنفس وسيلة الإثبات إلا أنه في هذه الحالة واقعة التسديد لا تنطوي على نفس واقعة (الفقدان).
17-الوارث بحكم الغير بالنسبة للتصرف الذي يجريه المؤرث لوارث آخر لأنه يستمد حقه في الإرث من النظام المقرر للإرث في الشريعة.
18-إذا قام البائع بتمزيق ورقة بعد استيفاء الثمن وأوهم الشاري بأنها هي سند المبيع وأنه لا حاجة للحصول على إيصال يعتبر من أعمال التدليس والاحتيال التي تقبل في إثباتها البينة الشخصية.
19-إن إخفاء وصيه تحت ستار عقد بيع أو هبة من الأمور التي تخالف النظام العام على اعتبار أن المشرع منع الوصية لوارث مما يجيز إثبات ذلك بالبينة الشخصية وكافة الوسائل (نقض سوري رقم 167 تاريخ 20/4/1969) .
20-إن الادعاء بأن السند المحرر من المؤرث إلى أحد الورثة وطلب إبطاله لعدم مشروعيته قابلا للإثبات بجميع طرق الإثبات لأن الوارث بحكم الشخص الثالث بالنسبة لعقود مؤرثه والموجهة ضد مصلحته.
21-الإذن بالإثبات بشهادة الشهود يقتضي دائما الإذن بالنفي بالطريق ذاته وإن عدم إعطاء المدعى عليه المجال لنفي ما أثبته المدعي مناقض لقواعد العدالة وإذا رفض القاضي طلب المدعى عليه بسماع الشهود وإذا لم يسمعهم كان حكمه باطلاً ويعتبر ذلك حرمانا جوهريا من حق الدفاع إلا أن هذا البطلان ليس من النظام العام ويجب إن يتمسك به الخصم أمام محكمة الموضوع ولا يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض ولا يجوز للمحكمة أن تحكم به من تلقاء نفسها على أن الإذن بالإثبات والإذن بالنفي يجب أن ينصبا فقط على الوثيقة أو الوقائع التي عينها الحكم وأذن في إثباتها أو نفيها وفق نص المادة (58)بينات.
22-يشترط في الشاهد أن يكون مميزا وألا تقل سنه عن حد معين هو في القانون السوري 15 عاما وألا فتسمع شهادته بدون يمين وعلى سبيل الاستدلال فقط والعبرة بسن الشاهد وقت إدلاء الشهادة لا وقت حصول الواقعة التي يشهد بها وإن فقد التمييز يجعل الشخص غير أهل للشهادة ولو كان هذا الفقد يرجع إلى أي سبب غير صغر السن كالهرم والمرض أو غيرها ويشترط في الشاهد أن لا يكون محكوما عليه بعقوبة جنائية لم تنقض مدتها بعد لانعدام الثقة في صحة أقواله ولو حلف اليمين لأن من رضي أن يرتكب جناية أو جنحة لا يتورع أن يحلف يمين كاذبة – لا يجوز الاستشهاد بأحد الخصوم في النزاع ذاته لأنه لا يجوز الجمع بين صفتي الخصم والشاهد.
23-إن بلوغ الشاهد 18 عاما بتاريخ الواقعة المشهود عليها محصور بقضايا الأحوال المدنية فقط (أن يكون شهود وقائع الأحوال المدنية قد أتموا الثامنة عشرة حين وقوعها).
24-لا تقبل شهادة أحد الأبوين في دعوى بين ولديهما لأنها شهادة وأن كانت على أحد ولديه إلا أنها في الوقت نفسه شهادة لابنه الآخر فلا تقبل إتباعا للقاعدة الفقهية الكلية (إذا تعارض المانع والمفترض يقدم المانع) وكذلك لا تقبل شهادة أحد الزوجين للأخر ولو بعد انحلال الزوجية وفق نص المادة (60 بينات) وهذا الأمر يتعلق بالنظام العام وعلى المحكمة أن ترفض دعوتهم وإذا دعوا وجب عليها أن تمتنع عن سماعهم.
25-موانع الشهادة الواردة في المواد 59 – 60 – 61 تتعلق بالنظام العام فإذا كان بين الشهود الذب سماهم طالب الإثبات من لا تقبل شهادته وجب على القاضي أن يرفض دعوتهم وإذا دعوا أوجب عليه أن يمتنع عن سماعهم وإذا ظهرت أسباب المنع بعد أداء الشهادة وجب أن لا يأخذ بها (المذكرة الإيضاحية لقانون البينات السوري البند رقم 122) .
26-القضاء قال أن المشرع عندما أجاز منع سماع شهادة الأصل والفرع أحدهما للأخر أنما عنى بذلك منع الشهادة الواردة لمصلحة هذه الدرجة من القريبة من درجات القربى ولم يكن قصده منع شهادة هذا القريب على قريبه لمصلحة الغير لانتفاء المصلحة والعاطفة التي يمكن أن يحرج بها القريب عندما يدعى للشهادة ضد مصلحة قريبه (نقض سوري رقم 324/1967) ومن ثم فأن الاجتهاد أجاز سماع شهادة القريب ضد قريبه والزوجة ضد زوجها إذا طلب الخصم ذلك وشهادة الأب ضد أبنه إذا طلبها خصم أبنه ويبقى الممنوع طلب القريب شهادة قريبه لمصلحته في هذه الدرجة أو طلب احد الزوجين شهادة الأخر لمصلحته ولو بعد انفصام الزوجية (نقض رقم 1947 أساس 1489 تاريخ 23/10/1982) أما شهادة الأقارب ما عدا ما ذكر فصحيحة ومقبولة أجماعاً وعلى ذلك تقبل شهادة الأخ لأخته والعم لأبن أخيه أو العكس وهذا ما جرى عليه القضاء.
27-نهى المشرع كلا الزوجين عن أن يبوح للغير ولو في شهادة يدلي بها أمام المحكمة بأي أمر وصل إلى علمه من زوجة في إثناء قيام الزوجية بينهما بقصد حماية أسرار الزوجية حتى يطمئن اطمئنانا كاملا للآخر لأن الثقة التامة المتبادلة بين الزوجين هو الأساس المتين الذي يقوم عليه بناء الأسرة.
28-أن جر المغنم ودفع المغرم من دواعي عدم قبول شهادة الشاهد الذي يتسم بإحدى هاتين الصفتين كما أن موانع الشهادة قد حددت بالقانون على سبيل الحصر ولا سبيل للتوسع فيها.
29-إن وجود عداوة بين أحد الخصوم والشاهد لا يمنع المحكمة من سماعه لأن العداوة ليست من موانع الشهادة ما دامت المحكمة تملك في النتيجة سلطة تقدير شهادته ومدى تأثير عداوته على صدق المعلومات التي يدلي بها (نقض سوري رقم 562 أساس 233 تاريخ 22/4/1978 مجلة المحامون ص 423 لعام 1978).
30-لا يسوغ اعتبار التخلف عن حضور الجلسة بمثابة إقرار طالما سبق التخلف إنكار الدعوى.
31-لا تقبل شهادة الوكيل للموكل فيما وكل به والوصي لليتيم ذلك لأن الوكيل يقوم مقام الموكل والوصي عن القاصر ولا يجوز أن يكون الشخص في آن واحد شاهدا ومدعيا لكون هاتين الصفتين متضادتين (مادة 61 بينات) ولا تجوز شهادة الوصي للشركة ولا الموصى له بثلث الوصية أما شهادة الوكيل بغير ما وكل به فجائزة ومقبولة بالإجماع لأنها لم تكن داخلة في حدود وكالته وعدم قبول شهادة الوكيل مشروطة بأن لا يكون قد عزل أو استقال قبل المخاصمة في القضية التي وكل بها أو باشر الخصومة فيها سواء أكان وكيلا عاما أو خاصا فالحقوق الحادثة للموكل بعد عزل الوكيل تقبل شهادته فيها.
32-بالنسبة للشريك: أن شهادة الشريك لشريكه في مال الشراكة أو فيما هو من شركتهما لا تقبل إذ هو بشهادته يجلب منفعة لنفسه من جهة ولشركائه من جهة أخرى و والشهادة لا تتجزأ فيبطل حكمها في الكل وقياسا على ذلك لا تقبل شهادة الشركاء في الطريق الخاص وفي حق المجرى والمرور والمسيل أحداهما للآخر في هذا الخصوص.
33-وشهادة الكفيل للمكفول لا تقبل شرعا بالمال أو بالنفس لأن براءة الأصيل توجب براءة الكفيل.
34-على أنه وفي شهادة الشريك أجاز الاجتهاد سماع شهادة الشريك إذا كانت شراكته للطرفين منقضية وقت أداء الشهادة وبعد حل الشركة وتصفيتها وزوال صفة الشريك (نقض رقم 247/1981 القاعد=ة 558 من كتاب شرح قانون البينات).
35-كما أن شراكة الشريك على شريكه مقبول حسب الاجتهاد القضائي.
36-إن التراخي في الاعتراض على شراكة الشريك لشريكه لا يؤدي لقبولها لان هذا المنع من النظام العام.
37-إن الوسيط في مفاوضات التعاقد تسري بشأنه أحكام الوكيل باعتباره نائبا في إبرام العقد فلا تصح شهادته نقض سوري قرار 128 تاريخ 26/3/1962).
38-للقاضي مطلق الحرية في الأخذ أو عدم الأخذ بشهادة الشاهد الذي لا يطمئن إلى شهادته حسبما يرى من ظروف الدعوى ما دام عدم اطمئنانه هذا سائغا عقلا ولا عبرة بكثرة الشهود أو قلتهم كما أنه لا عبرة بمركزهم في الهيئة الاجتماعية ما دامت شهادتهم لا تتفق مع ظروف الدعوى ولا توحي بالثقة بها وليست المحكمة مقيدة بالأخذ بأقوال الشاهد الذي اتفق عليه الأطراف لكونه لا يصح أن يتفق الطرفان على طريقة إثبات تقيد المحكمة وسلطة القاضي لا تخضع لرقابة محكمة النقض ما دام تقديره سليما له ما برره ولا يخرج عما تحمله أقوالهم وللمحكمة أن تطرح منها ما لا يطمئن إليه وجدانها إذا تقدير الشهادة واستخلاص الوقائع منها يستقل به قاضي الموضوع على أن يتم بأسباب سائغة من شانها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها ويمكن لمحكمة الدرجة الثانية أن تستخلص من شهادة الشهود عكس ما استخلصته منها محكمة الدرجة الأولى متى كان هذا الاستخلاص سائغا عقلا.
39-رسمت محكمة النقض الطريق الذي يتوجب على القاضي سلوكه في الشهادة إذا أوجب عليه سلوك الوسائل المادية لتكوين قناعته وذلك باستجواب الشاهد عن ملابسات الوقائع التي يشهد بها وعن تفاصيلها وطريق اتصالها بعلمه واستجوابه من قبل الخصوم وفي حال التناقض والاختلاف مقابلة الشهود ببعضهم وفي حال عجز القاضي عن ترجيح الشهادات له دعوة الشهود ثانية لاستماعهم بغية إطلاع القاضي على ملامح الشهود حين استماعهم للمساعدة في الترجيح حيث يحلل ما يظهر عليهم من ميل أو انحياز إلى طرف دون الآخر ومن صراحة واضطراب وسهولة أو صعوبة في التعبير عن فكره وإلى غير ذلك من العوامل الأخرى ومن ثم يستعمل سلطته وصلاحيته في تقدير الشهادة وترجيح بينة على أخرى.
40-وإذا كانت القناعة أو التقدير للمحكمة غير سليم والحكم غير معلل تعليلا كافيا لجهة ترتب القناعة فأنه وبرأينا خلافا لما درجة عليه محكمة النقض يصح مجادلة محكمة الموضوع في تقديرها وقناعتها وفي جميع الأحوال فأن القرار الذي يصدر في تقدير قيمة الشهادة يجب أن يكون معللا تعليلا كافيا لإظهار الأسباب والعوامل التي استند إليها القاضي في قبول الشهادة وإسقاطها أو إسقاط قدر منها إذ إن فقدان التعليل أو نقصه يؤديان إلى فسخ حكمه في الاستئناف أو إلى نقضه من محكمة النقض.
41-لمحكمة الموضوع سلطة الأخذ بشهادة شخص واحد إذا اقتنعت بصحتها والسلطة المطلقة في ترجيح بينة على أخرى وفق ما تستخلصه من ظروف الدعوى طالما أنها تعلل سبب الأخذ بهذه البينة تعليلا كافيا.
42-أنه وإن كان لقاضي الموضوع السلطة المطلقة في تقدير أقوال الشهود حسبما يطمئن إليه وجدانه إلا أن لمحكمة النقض أن تتدخل إذا ما صرح القاضي بأسباب عدم اطمئنانه وكانت هذه الأسباب مبنية على ما يخالف الثابت في الوراق أو على تحريف لأقوال الشهود أو الخروج بها إلى ما يؤدي إليه مدلولها (مصر قرار 26 تاريخ 26/3/1964) .
43-الحظر النسبي لمنع الشهادة بالنسبة للموظفين يتطلب أن تكون المعلومات التي يطلب من الموظف أو المستخدم الشهادة بها قد وصلت غليه عن طريق وظيفته وأن يكون من واجب المستخدم أو الموظف كتمها ولا حظر عليه في خلاف ذلك (حسب المادة 63/64/بينات) ولا يقتصر هذا الحظر على بقاء الموظف في خدمة الدولة وإنما يراعى في ذلك بعد اعتزاله الخدمة.
44-المادة 36 المنع فيها مطلق من أداء الشهادة إما المادة 64 فالمنع نسبي.
45-وإذا شهد الموظف بأمر يجب عليه كتمانه كانت شهادته باطله لا يصح أن تعتبر دليلا قانونيا بما أن القانون منع هذه الشهادة بل أنه عاقب عليها ولا تصبح صحيحة إلا إذا اقترنت بأذن مسبق من الرئيس الإداري.
46-جاء نص المادة (65 بينات) ليحمي سر المهنة أو الصنعة ولم يحدد المشرع ماهية السر الممنوع إفشاءه – سر المهنة هو معرفة وقائع سريه اطلع عليها شخص أثناء ممارسته لمهنته مما يوجب القانون والأخلاق عليه ا، لا يذيعها قال بعض الشراح تحديد السر يرجع إلى العرف وإلى ظروف كل حادثه على انفراد وقال آخرون إن السر يحدد بما يضر إفشاؤه بسمعة مودعة أو كرامته والرأي الراجح يعتبر سر المهنة التزام قانوني لأنه يقوم على قاعدة قانونية يعتبرها المشرع من النظام العام فإذا باح به مستودعه بغير الحالات المقررة في القانون يعتبر باطلا والامتناع عن أداء الشهادة في هذه الأمور من حق صاحب المهنة ولو انتهت علاقة صاحب المهنة بالعميل مهما طال الزمن ويستثنى من ذلك إذا كان ذكر هذه المعلومات مقصودا به فقط ارتكاب جناية أو جنحة وهنا يتحرر صاحب المهنة من كتم السر لأن واجب أخر يبرز هو حماية أمن المجتمع.
47-يحق لصاحب السر أن يجل صاحب المهنة من واجبه في حفظ السر وفي هذه الحالة يتوجب على صاحب المهنة الإدلاء بشهادته ولم يعد له مبرر للامتناع عن الإدلاء بشهادته وذلك في غير الأحوال التي يتعلق السر فيها بارتكاب جناية أو جنحة وإذا تعدد الأشخاص وجب موافقتهم جميعا حسب المادة (66 بينات) وفي حال وجود نص خاص بهذا الشأن في احد القوانين الخاصة بالمهن يمنع إفشاءه مهما كان السبب وجب مراعاة هذا النص الخاص الذي أوجبته المصلحة العامة.
48-قصد بنص المادة (67 بينات) حماية أسرار الزوجية حتى يطمئن كل من الزوجين اطمئنانا كاملا إلى الأخر لأن الثقة التامة المتبادلة بين الزوجين هي الأساس المتين الذي يقوم عليه بناء الأسرة فنهي عن البوح ولو بشهادة أمام القضاء بأي أمر وصل إلى علمه من زوجه في أثناء قيام الزوجية بينهما ولا يجوز جبره على إفشاء شيء من ذلك ويشترط أن تكون تلك المعلومات وصلت إلى علم الأخر إثناء قيام الزوجية ويضل هذا الحق قائما مهما طال الزمن ولا تعتبر الخطبة مانعا من الشهادة ولكن هناك حالات يجوز إفشاء الإسرار بها وهي : 1- إذا رضي الزوج الآخر بان يحل زوجه من واجب الكتمان إذ أن الحرمان تقرر لمصلحة الزوجية وطرفيها فيرفع واجب الكمان برضاء الزوج الأخر ويكون هذا الرضا صريحا أو ضمنيا بمجرد السكوت وعدم الاعتراض 2- إذا رفع أحد الزوجين دعوى على الآخر أيا كان موضوع الدعوى أو نوعها فيرفع عن الزوج الأخر واجب الكتمان الذي تفرضه مصلحة الأسرة وضرورة المحافظة على الثقة المتبادلة 3- إذا أقيمت على أحد الزوجين دعوى بسب جناية أو جنحة وقعت منه على الآخر فان ذلك يحل الزوج الآخر المجني عليه من واجب الكتمان دون الزوج مرتكب الجناية أو الجنحة.
49-الخصم الذي يعوزه الدليل الخطي وفي حالة عدم رغبته في توجيه اليمين إلى هذا الأخير وفي الحالات التي تسمح فيها الإثبات بالشهادة يجوز أن ترخص المحكمة له بإثبات دعوة بالشهادة وأن تأمر بإحالة الدعوى إلى التحقيق حتى يحضر الشهود لتسمع أقوالهم ويقدم طلب سماع الشهود إما شفويا أثناء الجلسة ويثبت بالمحضر ويبلغ إلى الخصم وأما بطلب مكتوب يرفع إلى المحكمة أو بمذكرة تودع ملف الدعوى وتبلغ للخصم حتى يتسنى له مناقشتها وأن يبين أوجه اعتراضه ويجوز تقديم هذا الطلب في أية حالة كانت عليها الدعوى ولول لأول مرة أمام محكمة ثاني درجة ولكنه لا يجوز التقدم به إلى محكمة النقض كما لا يجوز بعد سماع الشهود طلب أعادة سماعهم مرة أخرى أو طلب مناقشتهم ويجب على طالب الإثبات بهذه الوسيلة إن يبين الوقائع المراد إثباتها حتى يتسنى للمحكمة إن تتحقق من أن هذه الوقائع تتوافر فيها جميع الشروط التي تشترط في موضوع الشهادة وفي حال عدم بيان الوقائع يرد الطلب ويجب أن يبين في طلب التحقيق أسماء الشهود ومحل أقامتهم حسب المادة (68 بينات).
50-إن سماع الشهود يعود تقديره إلى القاضي الذي له أن يقرره من تلقاء نفسه أو بناء على طلب الخصمين أو احدهما في القضايا التي يجوز إثباتها بالبينة الشخصية ويبج أنتكون الوقائع منتجة في الدعوى وجائزة الإثبات وتقدير القاضي بشأن الجدوى من سماع الشهود مطلق غير ا، القاضي ملزم هند رفضه الطلب بيان الأسباب الداعية لذلك في حكمه يجب بيان الوقائع بشكل مفصل حتى يتسنى التأكد أنها منتجة في الدعوى وجائز إثباتها ولكي يتمكن الخصم من مناقشتها وتقديم شهود النفي عليها وإذا كانت الوقائع غامضة أو غير منتجة أو منقوضة بوقائع القضية الثابتة فيتحتم رد الطلب بشأنها وإذا تضمن طلب سماع الشهود عدة وقائع كان بعضها مطابق والبعض لا للمحكمة الموافقة على سماع ما تراه منتجا منها أو ترد الطلب لكليته بشرط تعليل قرارها والقرار لا يخضع لرقابة محكمة النقض إذا انطوى على تقدير الوقائع وتسبيبها بشكل مفصل أما إذا انطوى القرار على أسباب قانونية فتترتب عندئذ رقابة محكمة النقض (أدوار عيد قواعد الإثبات الجزء الثاني ص 24 وما بعدها نبذة 252).
51-إذا قررت المحكمة سماع الشهود تقدر المصروفات ومقابل تعطيلهم بناء على طلبهم ويعطى الشاهد صور من أمر التقدير تكون نافذة على الخصم الذي استدعاه وفق المادة (69 بينات).
52-يشترط لقبول المحكمة طلب سماع الشهود الشروط التالية: أ- أن يجيز القانون إثبات الوقائع بالشهادة ويتمتع القاضي هنا بسلطة واسعة في التقدير والمرجع للتقدير قانون البينات والقانون المدني والقوانين الموضوعية الأخرى – ب- أن يكون إثبات الوقائع بالشهادة مقبولا أي مستساغاً – ج- إن تكون الوقائع المراد إثباتها منتجة في الإثبات بالنسبة للدعوى وهو شرط عام يتطلب توافره في جميع وسائل الإثبات – د- إن لا تكون الوقائع المراد إثباتها ثابتة بدليل أخر أو مقر بها من قبل الخصم.
53-ليس من اللازم إن يطلب أحد الخصوم الإحالة على التحقيق بل يجوز للمحكمة من تلقاء نفسها إذا رأت أن واقعة متنازعاً عليها مما يجوز إثباته بالبينة يتوقف عليها الفصل في الدعوى واقتنعت بفائدة تحقيقها بشهادة الشهود أن تأمر بإحالتها إلى التحقيق لسماع الشهود مدعيها على صحتها سواء أكانت الواقعة هي الواقعة الأصلية التي بنيت عليها الدعوى أو كانت واقعة أخرى أدعاها المدعى عليه في الدعوى الأصلية لدفعها بها ونلاحظ هنا إن المشرع لم يقصد من المادة (70 بينات) أن تتولى المحكمة إثبات الدعوى حيث تكون الدعوى خالية من كل دليل ولا أن تقوم هي مقام الخصم المكلف بالإثبات وإنما قصد بها فقط إفساح المجال إمام المحكمة لاستكمال الوسائل المؤدية إلى قناعتها. كما لو قدم المدعى قرائن ترجح احتمال صدق دعواه فتأمر المحكمة بتعزيز تلك القرائن بالشهادة – ولا يجوز للمحكمة استعمال هذه السلطة إذا كانت الدعوى خالية من أي دليل كما لا يجوز الالتجاء لها إذا كان في الدعوى دليل كامل من الأدلة الملزمة كالكتابة أو ما يقوم مقامها من إقرار أو يمين ويجب أن تكون الواقعة المراد إثباتها مستكملة جميع الشروط اللازمة توفرها في محل الإثبات وجائزا إثباتها بالبينة وألا كان أمر المحكمة بإحالتها إلى التحقيق لسماع الشهود مخالف للقانون والسلطة الممنوحة للمحكمة جوازيه لها أن تستعملها أو أن تتركها دون تسبيب ودون أن تحاسب على تركها.
54-كل مبلغ تنازلت عنه الزوجة لغاية الأنفاق على الأسرة وقبضه الزوج في سبيل تأمين الحياة المشتركة يعتبر هبة ناجزه مقبوضة لا يحق للزوجة الرجوع فيه.
55-إن صرف المدعي النظر عن استماع أحد الشهود لا يمنع المحكمة من تقرير استماع شهادته من تلقاء نفسها متى رأت في ذلك فائدة للحقيقية (نقض سوري رقم 3717 تاريخ 30/10/1955).
56-يصدر الإذن بالإثبات بشهادة الشهود أو الأمر بذلك من المحكمة يبين في منطوقة كل واقعة من الوقائع المأمور بإثباتها حتى تتعين بذلك حدود التحقيق ويقتصر أثره على ما يدخل في حدوده فإذا سمعت المحكمة شهودا قبل أن تصدر حكما بالإحالة إلى التحقيق ثم قضت في الموضوع بناء على تلك الشهادة كان قضاؤها بذلك باطلا وإذا أصدرت المحكمة حكما بالإحالة إلى التحقيق دون بيان الوقائع المأمور إثباتها وقع حكمها باطلا غير إن هذا البطلان لا يتعلق بالنظام العام ويزول إذا ما سكت الخصم عن التمسك به أمام محكمة الموضوع ويجب أن يتضمن القرار الذي يقضي باستماع الشهود بيان الوقائع المراد إثباتها وهو أمر جوهري القصد منه إطلاع الخصوم على الوقائع التي أجازت المحكمة إثباتها بالشهادة والوقائع التي رفض إثباتها وتعين الحدود التي تحصر ضمنها إفادة الشهود على إن البطلان الناتج عن عدم بيان الوقائع ليس من النظام العام ويمكن أن يزول بحضور الخصم جلسة استماع الشهود دون اعتراض أو تحفظ فلا يبقى من حقه بعد ذلك التذرع بالبطلان وفق المادة (71 بينات) .
57-تنتقل المحكمة لسماعه شهادة رئيس الجمهورية وضع نص المادة (72 بينات) لظرف خاص يتعلق بالمنصب ولكن هذا النص لا يحول دون سماع رئيس الجمهورية أمام المحكمة إذا رغب هو في ذلك ولظروف يعود تقديرها له وهذا النص حصرا بالرئيس أما الشهود الآخرين غير الرئيس فيتم سماع شهادتهم أمام المحكمة ولا يجوز للمحكمة أن تنتقل لسماعهم وإذا سمعت شاهد خارج المحكمة فلا يعتد بها لأنها تقع باطلة.
58-درجت جميع المحاكم على الاكتفاء بذكر اسم المدعي ورقم الدعوى وموعد الجلسة في مذكرة تبليغ الشاهد دون بيان خلاصة عن موضوع الدعوى كما أوجب نص (المادة 73/2 بينات) وأننا نرى أنه ما دام أن الشاهد تبلغ مذكرة لا تتضمن موجزا عن الدعوى فأنه من حقه عدم الحضور إلى المحكمة ما دام أن المحكمة خالفت الأصول في تبليغه وبالتالي لا يعتبر عدم حضوره في هذه الحالة سببا موجبا لإحضاره بقوة الشرطة حتى إذا أحضر بقوة الشرطة له أن يمتنع عن الشهادة وأن يطلب تبليغه وفق الأصول المحددة في المادة 73 مع التعويض أن كان قد تم توقيفه لهذه الغاية.
59-يترتب على الشاهد بعد تبلغه أن يحضر لتأدية الشهادة لأن هذا الواجب يتصل بالمصلحة العامة والتخلف عن تنفيذه يسئ إلى العدالة ولا خيار للشاهد بان يقوم بتنفيذه أو لا يقوم فإذا تخلف يعاقب الغرامة المنصوص عنها في المادة (74 بينات) ويجوز للقاضي أن يأمر بتوقيفه وإحضاره قسرا وتتم دعوة الشاهد وفق الإجراءات المقررة في المواد (17/33 أصول محاكمات) ويجب أن يتم التبليغ بالحضور قبل التاريخ المعين بأربع وعشرين ساعة على الأقل مع مراعاة مواعيد المسافة المقررة في المواد (34/38 أصول) إذا كان الشاهد عسكريا وجب أن يتم تبليغ المذكرة بواسطة الشرطة العسكرية وفقا لأحكام المادة 18 أصول وإذا كان مسجونا فتبلغ الدعوة إليه بواسطة مدير سجنه الذي عليه أن يؤمن إحضاره محروساً وإذا أبدى الشاهد المتخلف عذرا مقبولا جاز للقاضي أن يرجع عن قرار التغريم ويعتبر عذرا مقبولا ( المرض – السفر – الخ) ويعود تقدير مشروعية السبب أو العذر إلى المحكمة.
60-لا يعتد بالشهادة إذا سمعت خارج المحكمة وتعتبرباطلة علما أنالقانون قد أجاز فيحالة إذا كان للشاهد عذر يمنعه من الحضور إلى المحكمة أن تنتقل المحكمة لسماعه ولها أن تنيب أحد قضاتها لهذه الغاية شريطة أن تكون هناك ضرورة لسماع شهادته في الحال وأن لا يكون العذر مرقتاً ويعود تقدير هذه الأمور للمحكمة وفي حال ندب قاضي لذلك وجب اتخاذ قرار لهذا الغرض وألا اعتبرت الشهادة التي تم سماعها من قبل القاضي قبل ندبه باطلة ولا بد أن يكون القرار فرديا وخاصا ف يكل حالة على حدة ويدون في محضر الدعوى ويتوجب على المحكمة ف يحال الانتقال لسماع شاهد دعوة الخصوم لحضور تأدية الشهادة وتنظيم ضبط بها يوقع عليه رئيس المحكمة أو القاضي المنتدب وكاتب المحكمة هذا ولم يتضمن قانون البينات نصا صريحا بلزوم إبلاغ القرار القاضي بسماع الشهود إلى الخصوم الذين كانوا متغيبين عن الجلسة ومع هذا فليس هناك ما يحول دون إبلاغهم لضمان حضورهم سماع الشهود وفق المادة (75 بينات).
61-إذا كان الشاهد مقيما خارج منطقة صلاحية المحكمة فيجوز دعوته إلى المحكمة بالذات كما يجوز إنابة المحكمة التي يقيم في منطقتها لسماع شهادته ويعود اختيار أحدى الطريقتين إلى المحكمة على ضوء ظروف الدعوى وحالة الشاهد وإمكانية حضوره إلى المحكمة وفي هذه الحال تعد صحيفة استنابة تتضمن البيانات الخاصة بشخصية الشهود والوقائع التي يراد استشهادهم بها وترسل إلى هذه المحكمة وتعد المحكمة المنابة محضرا بما سمعت من شهادات الشهود يوقعه الرئيس والقضاة وكاتب الضبط ويرسل إلى المحكمة المنابة والمحكمة المنابة ملزمة بسماع الشهود بحضور الخصوم لذلك يتوجب عليها دعوتهم أصولا إلى جلسة استماع الشهود وفق المادة ( 76 بينات).
62-تكون تأدية الشهادة بحضور الخصوم وألا وقعت باطلة ويجب أن يكونوا قد دعوا قانونا للحضور على أنه إذا تغيب أحدهم وسمعت الشهادة وقدم عذرا مقبولا في الجلسة التالية جاز للمحكمة بناء على طلبه أن تأمر بسماع الشاهد بحضوره لتمكينه من مناقشته المادة (77 بينات).
63-يجري سماع الشاهد على أنفرد بدون حضور باقي الشهود وإن الشاهد الذي يكون قد حضر أثناء سماع شهود آخرين لم يعد يركن إلى شهادته ويجب الامتناع عن سماعه فيما إذا كانت نفس الأسئلة سوف تطرح عليه على أنه يمكن للمحكمة إن تجمع الشهود عقب سماع كل منهم على إنفراد للمقابلة إذا رأت فائدة من ذلك ن والهدف من السماع على إنفراد لكي تجئ شهادة كل منهم أقرب إلى الحقيقية وبعيدة عن التأثر بشهادة غيره يرى البعض أن مخافة هذا الأمر يوجب البطلان المطلق ورأي البعض أنه لا يصل إلى هذا الحد لعدم نص القانون على ذلك.
64-يجب على الشاهد قبل تأدية الشهادة حلق اليمين بأن يقول الحق ولم يبين نص القانون صيغة اليمين والصيغة القانونية هي إن يقال للشاهد ” أحلف – والله العظيم أشهد بالحق ولا أقول إلا الحق ” كما درجت عليه المحاكم ثم درجت أيضا أن يرفع الشاهد يده اليمن أثناء ذلك وحلف اليمين من الأمور الجوهرية بالنسبة لقيمة الشهادة لأن الشهادة الحاصلة بدون يمين تكون باطلة ولا يجوز للمحكمة أن تعتمدها عند الاقتضاء إلا بمنزلة القرينة البسيطة وحلف اليمين بعد أداء الشهادة لا يزيل العيب ولا يصحح البطلان والبطلان هنا بطلان نسبي ليس من النظام العام ويمكن أن يزول برضا الخصوم – كما لو عدل الخصم صاحب المصلحة من التذرع به صراحة أو ضمنا أو نفذا الحكم المستند إلى الشهادة بدون تحفظ ولا يجوز الإدلاء بالبطلان لأول مرة أمام محكمة النقض – يكون الحلف وفق الأوضاع المختلفة لكل ديانة علما أن المستقر اجتهادا أن الشهادة بدون يمين تقع باطلة.
65-يجب ذكر صيغة اليمين التي يحلفها الشاهد قبل الإدلاء بشهادته أو الإشارة إلى الفقرة الـ 3 من المادة 77 بينات التي تتضمن صيغة اليمين ولا يجوز الاكتفاء بأن الشاهد قد حلف اليمين أو حلف اليمين القانونية لأن هاتين الصيغتين لا تدلان بالضبط على وقوع تحليف الشاهد بالصيغة المقررة قانوناً (بلاغ وزارة العدل رقم 10752 تاريخ 17/9/1947).
66-إن الاعتماد على شهادة شاهد دون التأكد من عدم وجود قرابة أو عداوة بينه وبين المدعى عليه وعدم سؤاله عن هذه الناحية يجعل الحكم سابقاً لأوانه (نقض سوري رقم 354 تاريخ 16/3/1981 مجلة القانون ص 166/1981).
67-عقب حلف الشاهد اليمين يصار إلى استماع الشاهد في جلسة علنية فيطرح عليه رئيس المحكمة أو القاضي المنتدب جميع الأسئلة التي يراها مناسبة كما يحق للخصوم أن يطرحوا عليه بواسطة القاضي أسئلة جديدة يقدر القاضي مشروعيتها وجواها والطريقة المفضلة لأخذ شهادة الشاهد بدون تأثير عليه وبشكل يضمن صدق الشهادة قدر المستطاع تقوم بإفساح المجال للشاهد لكي يروي الوقائع التي اطلع عليها بصورة بديهية ويصار إلى استيضاحه عن نقاط جزئية خفية تمكن المحكمة من مقارنتها مع السرد العام للوقائع التي قالها الشاهد ومع إفادات شهود آخرين من استخلاص وجه الحقيقة وأكثر الشهادات احتمالا للصدق والقضاء على أساسها وفق (المادة 79 بينات).
68-يستجوب رئيس المحكمة الشاهد عن ملابسات الوقائع التي تطلب الشهادة في شأنها وعن تفاصيلها وعن طريق اتصالها بعلمه وللرئيس من تلقاء نفسه أو بناء على طلب أحد قضاة المحكمة إذا كانت مؤلفة من أكثر من قاض واحد أو الخصم إن يوجه إلى الشاهد ما يراه من الأسئلة شريطة إن تكون متعلقة بالوقائع المطلوب إثباتها ومنتجة وألا أهمل السؤال وللخصم أن يبين للمحكمة ما يخل بشهادة الشاهد وله أن يوجه إليه بواسطة رئيس المحكمة ما يرى من الأسئلة وعلى الرئيس أن يجيبه إلى ذلك إلا إذا كان السؤال غير منتج أو لا يتعلق بالوقائع المطلوب إثباتها.
69-يجب أن تؤدى الشهادة في المواد المدنية والجزائية على حد سواء شفاها أمام المحكمة ويجب أن يسمع القاضي الشهادة من فم الشاهد مباشرة وعلى المحكمة إذا كانت مشكلة من عدة قضاة سماع الشهادة بكامل هيئتها والعبرة أنه لا يجوز للقاضي أن يسمع أقوال الشاهد فقط بل يجب أن يراقب ويفحص أحوال الشاهد وحركاته أيضا لأن التفرس في وجه الشاهد وملاحظة تغيير ملامحه وانفعالاته النفسية واضطرابه مما يساعد كثيرا في تقدير شهادته ووزنها كما إن الاستناد إلى أقواله المدونة فقط حرمان لحق الخصم من مناقشته وعلى الشاهد أن يعتمد على ذاكرته فقط ولا يجوز له إن يراجع أوراقا أو مذكرات إلا إذا كان الموضوع معقدا كما لو كان يحتاج لبيان أرقام متعددة وفق المادة (82 بينات).
70-إذا كان الشاهد لا يستطيع الكلام سواء كان عدم تمكنه من الكلام بحادث طارئ أو بسبب دائم كما لو كان أبكما فيمكنه أن يبين مراده بالكتابة إذا كان يحسن الكتابة المعتادة أو الكتابة المرسومة التي يستعملها العميان إذا لم يكن يحسن الكتابة فيستطيع أن يؤديها بالإشارة المعهودة وعندها لا بد الاستعانة بمن يفهم إشارته ويفضل أحد من ذويه أو ممن يعيشون لأنه أكثر إدراكا لفهم مراده من الإشارة كما انه يحلف اليمين بنفس الطريقة وفق المادة (83 بينات).
71-تثبت إجابات الشاهد في محضر الجلسة بصيغة المتكلم وبنفس العبارات التي استعملها دون تغيير فيها وإن كانت باللغة العامية خشية من تحويلها إلى اللغة الفصحى فتخل بالمعنى وإذا كانت بعض العبارات أو الاصطلاحات التي استعملها غير شائعة الاستعمال أو مفهومة فتدون كما استعملها ثم يسأل من ما يقصده بها ويدون ما أعطاء لها من مدلول. وبعد الانتهاء تتلى هذه الأقوال على من صدرت منه حقيقية لا قول وله أن يدخل عليها ما يرى من تعديل على أن يذكر هذا التعديل عقب نص الشهادة دون إن يدخل أي تعديل على نص الشهادة الأولى ويسأل عن سبب التعديل إذا كان مغايرا ويثبت بالمحضر كل ما وجه إليه من أسئلة وملاحظات وإجابته عليها وفق المادة (84 بينات).
72-يجوز رفع دعوى مستعجلة لسماع الشهود وللوصول إلى إثبات أقوال شهود متعلقة بواقعة لم يثر نزاع بشأنها احتياطا لنشوء نزاع متقبلا ورغبة في الاستحصال مسبقا على دليل رسمي على هذه الواقعة خشية تعذر ذلك إذا مضى على هذه الواقعة وقت طويل ويشترط للجوء إلى هذه الدعوى المستعجلة الشروط التالية: إن يكون الموضوع المراد الاستشهاد فيه بشهادة الشهود لم يعرض بعد على القضاء ولكن يحتمل أن يعرض مستقبلا – أن تكون الواقعة المراد إثبات أقوال الشهود بشأنها مما يجوز إثباته بشهادة الشهود وفقا لإحكام القانون وعلى إن يتم تحسس فيما إذا كانت الواقعة مما يجوز إثباتها بالشهادة من الظاهر من موضعها وبذلك لا يكون حكم قاضي الأمور المستعجلة حجة بجواز قبول إثبات الواقعة بالشهود – إن يكون ثمة خطر فوات الاستشهاد بالشهود لو انتظر الخصم حتى يعرض الموضوع على القضاء ويجب أن يتحقق القاضي من استحالة سماع الشاهد مستقبلا كأن يكون مريضا مرضا مزمنا مؤثر على حياته أو مسافرا من غير عودة أما مجرد كون الشاهد مسنا أو مريضا مرضا عاديا أو محتملا سفره فلا يكفي ويكون للقاضي تقدير ذلك وفق المادة (86 بينات).
73-ترفع هذه الدعوى بالطرق المعتادة باستدعاء إلى قاضي الأمور المستعجلة فإذا رأي القاضي أن شروط الدعوى متوفرة حكم بسماع الشهود – ولا تسري على سماع الشاهد في هذه الحالة القواعد التي من مقتضاها أن الإذن لأحد الخصوم بإثبات واقعة بشهادة الشهود يقتضي أن يكون للخصم الحق في نفيها بهذا الطريق ويشترط لتحقق اختصاص القضاء المستعجل للنظر في هذه الدعوى التي : 1- أن يتوافر ركن الاستعجال في الدعوى وعلى القاضي التحقق من توافره فإذا لم يتوفر وجب أن يقضي بعدم اختصاصه فيجب أثبات انه إذا لم تسمع شهادة الشاهد فقد لا تواتي الظروف سماعه بعد ذلك ولا بد من وجود ضرورة ملحة ومن عناصر هذه الضرورة قيام الدليل المادي من ظاهر مستندات الدعوى على أن الواقعة المراد الاستشهاد بها تتصل بموضوع يحتمل عرضه على القضاء المختص. 2- إلا يطلب من قاضي الأمور المستعجلة طلب موضوعي وإن لا يتناول أو يمس بحكمه أصل الحق وهذه هي القاعدة العامة في ولاية القضاء المستعجل فإذا تحقق القاضي المستعجل من اكتمال الدعوى لعناصرها وتوافر شرائط اختصاصه فأنه يقضي بإجابة المدعي إلى طلبه.
74-لا يكون لحكم قاضي الأمور المستعجلة بسماع شهادة الشاهد حجية بجواز إثبات الواقعة بشهادة الشهود فيجوز للخصم عند رفع النزاع الموضوعي إلى المحكمة المختصة إن يتمسك بعدم جواز إثبات تلك الواقعة بشهادة الشهود لكون الاستماع لشهادة الشاهد في الدعوى المستعجلة لا يكون حجة على جواز إثبات تلك الواقعة بالشهادة على انه في هذه الحالة لا يجوز تسليم صورة من محضر التحقيق ولا تقديمه على القضاء إلا إذا رأت محكمة الموضوع عند نظره ذلك كما يكون للخصم طلب سماع شهادة شهود نفي لمصلحته أمام محكمة الموضوع عن طريق دعوى تحقيق فرعية (طرق الإثبات – الجزء الثالث – للأستاذ سليمان مرقس ص72).
75-ركن القرينة القانونية هو نص القانون وعلى عكس القرينة القضائية لا عمل فيها للقاضي بل العمل كله للقانون نص القانون هو الذي يختار العنصر الأول أي الواقعة الثابتة وهو الذي يجري عملية الاستنباط فيقول ما دام أن هذه الواقعة قد ثبتت فأن واقعة أخرى معينة تثبت بثبوتها فعنصر القرينة القانونية هو نص القانون ولا شيء غيره ولا يمكن أن تقوم بغير نص القانون ولا يمكن أن يقاس عليها قرينة قانونية أخرى بغير نص اعتمادا على المماثلة أو الأولوية بل لا بد من نص خاص أو مجموعة من النصوص لكل قرينة ولا سلطة للقاضي في القرينة القانونية ويغلب أن تكون القرينة القانونية في الأصل قرينة قضائية انتزعها القانون لحسابه فنص عليها وحدد مداها ونظم حجيتها ولم يدع للقاضي عملا فيها وفق نص المادة (89 بينات).
76-القرينة القانونية ليست دليلا للإثبات بل إعفاء منه فالخصم الذي تقوم لمصلحته قرينة قانونية يسقط عن كاهله عبء الإثبات إذ القانون هو الذي تكفل باعتبار الواقعة المراد إثباتها ثابتة بقيام القرينة وأعفى الخصم من تقديم دليل عليها وتستوي ف يذلك القرينة القانونية القاطعة والقرينة القانونية البسيطة وتعفى القرينة القانونية من الإثبات في الدائرة التي رسمها لها القانون ولو كان التصرف القانوني تزيد قيمته عن 500 ليرة أي في دائرة لا تقبل فيها القرائن القضائية.
77-بالرغم م ن إن القرينة القانونية تنطوي على إعفاء الشخص من إثبات الواقعة المراد إثباتها إلا أن ذلك لا يعني إعفاء الشخص من أثبات الواقعة التي تقوم عليها القرينة والتي يعتبر القانون أن إثباتها هو إثبات الواقعة الأولى ومن ثم لا بد لمن يتمسك بقرينة قانونية معينة من أن يثبت أنه قد توافرت في حالته الأمور التي جعلها المشرع أساس لهذه القرينة وتعتبر هذه الأمور شروط انطباق القرينة القانونية وظاهر أن من يحتج عليه بقرينة قانونية لا يلزم بإثبات شيء من الأمور التي اعتبرها المشرع شروطا لانطباق تلك القرينة وإنما متى قدم خصمه دليلا على توافر هذا الشرط جاز له أن ينازع في توافرها وأن يدحض هذا الدليل.
78-إن للقرينة القانونية قوة ملزمة متى وجد النص وتوافرت شروطه في حالة معينة وتمسك ذو الشأن بالقرينة القانونية وجب على القاضي أن يحكم بمقتضاها ومع ذلك فقد سمح للخصم الذي يتمسك ضده بالقرينة القانونية أن يثبت أن ما استنبطه المشرع ونص عليه بصفة عامة لا يطابق الواقع في حالته أي يسمح له بإثبات عكس هذه القرينة فلا يحكم القاضي بمقتضى القرينة القانونية ألا إذا عجز الخصم على إثبات عكسها وعندئذ يكون القاضي مقيدا بها ولا يملك مطابقتها أو عدم مطابقتها للواقع.
79-ويمكن إثبات عكس القرينة مثلا بإقرار من تقررت القرينة لمصلحته أو بنكوله عن اليمين وإذا كانت القرينة القانونية قاطعة يمكن دحضها بهذين الطريقين ويمكن إثبات عكس القرينة غير القاطعة بالكتابة أو بمبدأ الثبوت بالكتابة معززا بالبينة أو القرائن القضائية وإذا استحال الحصول على الكتابة أو استحال تقديمها بعد الحصول عليها جاز الإثبات بالبينة أو القرائن القضائية مع عدم إغفال القواعد العامة في الإثبات في التصرفات التي لا تزيد عن 500 ليرة سورية.
80-لكون القرائن القانونية مقررة بنصوص خاصة تبين في صيغة عامة شروط انطباقها يعتبر توافر هذه الشروط مسالة قانونية يخضع فيها قاضي الموضوع لرقابة محكمة النقض وكذلك الأمر فيما يتعلق باعتبار القرينة القانونية قاطعة أو اعتبارها غير قاطعة وأجاز إثبات عكسها بكافة الطرق.
81-إن قرينة إشغال العقار أكثر من سنة لا تصلح دليلا على قيام عقد الإيجار إلا بالنسبة للمستأجر من فضولي (نقض سوري رقم 954 تاريخ 15/5/1966 مجلة القانون ص 887/1966).
82-إن مسؤولية حارس البناء مؤسسة على خطأ مفترض لا يقبل إثبات العكس وعليه فإن وجود أشخاص مسئولين عن الحادث يوجب تضامنهم مع حارس البناء ولا ينفي مسؤوليته (مادة 170 مدني) (نقض سوري رقم 61 تاريخ 7/2/1968 مجلة القانون ص 371/1968).
83-إن الوفاء بقسط من الأجرة يشكل قرينة على الوفاء بالأقساط السابقة ما لم يثبت العكس (مادة 555 مدني) (نقض سوري رقم 199 تاريخ 17/2/1965 مجلة القانون ص 342 لعام 1965).
84-إن عدم ذكر سبب الالتزام في السند يفترض أن له سببا مشروعاً ما لم يقم الدليل على غير ذلك – أنبوب المياه يعتبر عقاراً ومالكه يعتبر حارسا له ومسئولا عن الأضرار التي يحدثها مسؤولية مفترضة – مسؤولية حار س الأشياء تتحقق بمجرد توفر الشرطين التاليين 1- تولي شخص حراسة شيء تقتضي حراسته عناية خاصة او حراسة آلات ميكانيكية 2- أن يقع الضرر بفعل الشيء . وتقوم هذه المسؤولية على أساس الخطأ المفترض من جانب الحار س الذي لا يقبل إثبات العكس.
85-إن الشيك أداة وفاء ومن ثم يقع على عاتق الساحب إثبات ما يخالف هذه القرينة (نقض سوري رقم 552 تاريخ 28/6/1969).
86-التقادم الحولي المنصوص عليه في المادة 378 مدني – قيامه على قرينة الوفاء وجوب توثيقها يمين الاستيثاق – التقادم الخمس لمنصوص عليه في المادة 375 مدني لا يقوم على هذه القرينة.
87-إن الحكم القضائي متى أصبح نهائيا يعتبر قرينة قانونية قاطعة على صحة ما قضى به لا يقبل إثبات ما ينقضها وذلك لأن الحكم النهائي يجب أن يعتبر حكما صحيحا للضمانات التي أوجدها الشارع في الإجراءات صيانة للقضاء من العبث ومنعا لاستمرار الخصومة إلى ما شاء الله وعليه جاء الاجتهاد ليقول أن قوة المر المقضي به تعلو على اعتبارات النظام العام وينبني عليه أنه متى فصل في نزاع بحكم نهائي لا يصح للمحكوم عليه أن يلجأ إلى القضاء مرة أخرى لكن هذا كله لا يؤثر في طلب الخصم طلب إعادة المحاكمة إذا توافرت شروط الإعادة فإذا مضى ميعاد أعادة المحاكمة ولم يقدم الطلب أو رفض الالتماس بقيت للحكم قوته ولا يجوز نظر الدعوى مرة أخرى بل ولا يمكن الحكم بتعويض على الخصم الذي غش أو زور لأن هذا يهدم قوة الشيء المحكوم به بطريقة غير مباشرة.
88-لا يعتبرالحكم نهائيا ما دام قابلا للطعن بإحدى طريقتي الطعن العاديتين المعارضة أو الاستئناف أما الطعن بطريق إعادة المحاكمة أو بطريق النقض وهما طريقان للطعن غير عاديين فلا تأثير له على حيازة الحكم قوة الشيء المحكوم به حتى يحكم بإعادة النظر في الدعوى أو بنقض الحكم ولا يؤثر صدور قانون جديد على قوة الشيء المحكوم به لأن الحكم النهائي يكسب من صدر لصالحه حق يصبح جزءا من ثروته.
89-إن الأحكام لا تقتصر كلها على أن تتضمن إرادة القاضي أو أوامره بل أن أكثرها يتضمن تقرير القاضي ما يثبت لديه قانونا عن حقيقة الوقائع المتنازع فيها ولأن الأحكام محررات رسمية يحررها القاضي في حدود سلطته واختصاصه ويدون فيها ما ثبت لديه قانونا وجب أن يكون لها حجية لا تقل عن حجية المحررات الرسمية أو العرفية فيما يتعلق بالروابط القانونية التي تربط طرفي العقد أو طرفي الخصومة بل أن المنطق يقضي حصول الأحكام على حجية أقوى من المحررات الرسمية لأن مضمون المحررات يقتضي تدوين اتفاق الطرفيين الذين قد يتفقوا على إخفاء الحقيقية لكن الأحكام يحررها قاضي محايد تتوافر فيه صفات العلم والنزاهة ويتمتع بسلطة واسعة في التحري والتحقيق ولا يدون فيها غلا ما يثبت لديه شخصيا عن حقيقية الوقائع المتنازع عليها بعد سماع أقوال جميع الخصوم ومناقشتها وفحص ما يقدمه كل منهم من أدلة على صحة دعواه – لذلك اعتبر المشرع مايثبت في الحكم عن حقيقية الوقائع المتنازع فيها حجة بمطابقتها للواقع أي أنه أنشأ قرينة قانونية على مطابقة الحقيقية القضائية للحقيقية الواقعة وهي قرينة تقوم على تغليب احتمال توفيق الحكم في إثبات الحقيقية الواقعة على احتمال عدم توفيقه في ذلك ويترتب عليها إعفاء من يتمسك بالحكم من عبء إثبات مطابقة المدون فيه للواقع وهذه الحجية شأنها شأن حجية سائر وسائل الإثبات عدا الإقرار واليمين أي أن الأصل فيها أن تقوم قبل الكافة وقد لجأ المشرع لمعالجة عيوب هذا المبدأ إلى الوسائل القانونية التالية 1- تعدد درجات التقاضي – 2 – رقابة محكمة النقض – 3 – إعادة المحاكمة – 4 – مخاصمة القضاة.
90-الشروط الواجب توافرها في الحكم ليحوز قوة القضية المقضية: 1- يجب أن يصدر من المحكمة بموجب سلطتها القضائية أي حكم فاصل في نزاع بين طرفين أو أكثر صادر عن المحكمة بموجب سلطتها القضائية لا بموجب سلطتها الإدارية أو الولائية كأحكام التصديق على الصلح فهي لا تعد أحكاما بمعنى الكلمة فلا تحوز قوة الشيء المحكوم به إذ ليست إلا اتفاقات أو عقود بين الخصوم يعطيها القاضي الصفة الرسمية ويصح الطعن فيها وطلب بطلانها بدعوى أصلية مستقلة كما يصح ذلك في عقود الصلح الرسمية التي تحصل على يد موثق وإن كان يعتبر حكم القاضي بتصديق الصلح بمثابة سند رسمي واجب التنفيذ وكذلك الحكم بتعيين ناظر وقف أو وصي أو قيم أو وكيل عن الغائب يصدر عن المحكمة بموجب سلطتها الإدارية وكذلك الأذن لؤلئك بالتصرفات لا يمكن اعتباره بداهة صادرا من المحكمة بموجب سلطتها القضائية ويمكن العدول عنه في أي وقت ولا يمنع صدور الحكم من هيئة قضائية استثنائية لحيازته قوة الشيء المحكوم به كالأحكام التي تصدر من لجان العمل الزراعي وأحكام المحكمين لجان قضايا تسريح العمال لجان إزالة الشيوع عندما تصير واجبة التنفيذ لكن إذا خرجت هذه الهيئات أو اللجان عن اختصاصها فلا تحوز أحكامها قوة الشيء المحكوم به ويجوز الطعن فيها أمام القضاء العادي باعتبارها باطلة بطلانا تاما لأن هذه الهيئات شكلت لغرض خاص – أما الأحكام الصادرة عن هيئات قضائية أجنبية فيجب اكسائها صيغة التنفيذ- 2- يجب أن تكون المحكمة مختصة اختصاصا لا يعد مخالفا للنظام العام أو بعبارة أخرى يجب أن يكون للمحكمة ولاية الحكم: فلا يحوز الحكم قوة الشيء المقضي به وذلك كما لو حكمت محكمة مدنية أو جزائية في مسألة من اختصاص القضاء الإداري والعكس أو إذا حكمت محكمة جزائية في مسألة مدنية لم تجعل من اختصاصها وأن الاختصاص الولائي من النظام العام لا يجوز الاتفاق على خلافة ومن واجب المحاكم الالتفات إليه من تلقاء نفسها وكل حكم يصدر على خلاف ذلك ليس له حرمه ولا حجية في نظر القانون ويعتبر كأن لم يكن – 3- يجب أن يكون الحكم قطعياً أو باتاً: يجب أن يكون الحكم قطعيا أو باتا كالحكم بالحق المدعى به كله أو بعضه وليس من الضروري أن يكون الحكم صادرا في موضوع الدعوى ذاته فالحكم الصادر ببطلان صحيفة الدعوى يحوز حجية الشيء المحكوم به وكذلك الحكم بعدم قبول الدعوى أو بعدم جواز نظرها أو سقوطها بالتقادم أو بسقوط الخصومة أو تركها والحكم بعدم الاختصاص والحكم بأي دفع سواء تعلق بالموضوع أو بالإجراءات أو عدم جواز الإثبات بالبينة أو توجيه اليمين الحاسمة أو في دخول خصم ثالث في الدعوى أو طلب وقف الدعوى حتى يفصل في مسألة أولية وبالجملة كل حكم يقطع في موضوع الدعوى أو في بعضه أو في دفع أو مسألة فرعية – أما الأحكام التحضيرية كالحكام التي تصدرها المحكمة أثناء سير الدعوى بإجراءات معينة دون إن تبين عن رأيها فيها كالحكم بتعيين خبير أو إجراء تحقيق فللمحكمة الحق بالعدول عنها كما أنه الحكم التمهيدي لا تكون له حجية الشيء المقضي به وليس القاضي الذي أصدره ملزما بالاعتماد على نتيجته ولو رضي الطرفان صراحة أو ضمنا تنفيذه ولم يطعنا فيه – أما الأحكام الوقتية فلا تأثير لها على الحكم في الموضوع إي أنها لا تحوز قوة الشيء المحكوم به بالنسبة له ويمكن للمحكمة تغييره قبل الحكم في الموضوع إذا دعت الظروف لإصدار حكم وقتي آخر مخالف (أحكام النفقة) – يجب على الحكم إن لا يقضي بشيء مخالف للنظام العام حتى يحوز قوة القضية المقضية كما لو حكم بربا فاحش خفي أمره على المحكمة فللمدين نفسه وورثته وكل من له مصلحة أن يطلبوا اعتبار الحكم كأن لم يكن فيما زاد عن الفائدة القانونية وكذلك إذا كان السبب مخالف للآداب العامة كدين سببه الثأر هذا إلا إذا كان الأجر أو الربا الفاحش أو مخالفة السبب للآداب قد بحث بالذات وكان محل نزاع ومرافعة بين الخصوم وفصلت فيه المحكمة بعدم وجوده أو باستبعاد ما رأته ربا فاحش إذا لا يصح الرجوع إليه بأي حال من الأحوال.
91-على فرض أنطوى الحكم المبرم على مخالفة لقواعد الاختصاص والنظام العام فأن كل ذلك لا ينال من قوة المر المقضي بحسبان أن الإبرام يقضي ما قد شاب الحكم من خطأ (نقض سوري رقم 52 تاريخ 30/5/1983).
92-وإن كان حكم قاضي الأمور المستعجلة يقيد القاضي ما دام لا يحصل تغيير في حالة الأشخاص أو ظروف الدعوى ووقائعها أو في مركز الخصوم إلا أنه حكم وقتي أيضا بمعنى أنه لا يؤثر على قاضي الموضوع أو أصل النزاع.حتى إذا لم يطعن فيه استئنافا أو طعن فيه وتأيد .
93-الأصل إن العبرة بنص الحكم أو بمنطوقة لا بأسبابه أن الذي يحوز قوة الشيء المقضي به هو منطوق الحكم فقط الذي يقول بعد إيراد الأسباب وبناء عليه حكمت المحكمة بكذا لأن به قد فصل القاضي في النزاع لا بما ورد في الأسباب التي بنى عليها القاضي اعتقاده وكثيرا ما تؤيد محكمة الاستئناف الحكم الابتدائي مع تغيير في الأسباب ويصح الرجوع إلى الأسباب لمعرفة ما حكم به وما هو داخل فيه قضت محكمة النقض المصرية أنه إذا كان منطوق الحكم مرتبطا ارتباطاً وثيقا بأسبابه ونتيجة لازمة لها فإن هذه الأسباب تحوز قوة الشيء المحكوم فيه – على أن تعرض المحكمة في الأسباب إلى ما لا يؤدي إلى المنطوق لا يسبغ على ما تعرضت له قوة الشيء المقضي به وأن قوة الشيء المحكوم فيه لا يلحق إلا بمنطوق الحكم ولا تلحق إلا بما كان من الأسباب مرتبطا بالمنطوق ارتباطا وثيقاً.
94-منطوق الحكم ذاته قد لا يحوز كله قوة القضية المقضية وذلك إذا أشتمل على أمر غير ما قضي به ولم يكن من موضوع الدعوى مهما كان متعلقا به ما دام لم يكن محل نزاع أو مناقشة بين الخصوم.ولا يحوز منطوق الحكم كله قوة القضية المقضية إذا كانت الدعوى شاملة عدة طلبات وفصلت المحكمة في بعض الطلبات فصلا مسببا ثم رفضت ما عداها دون إن تبحث فيها ودون أن تبدي أسباب لرفضها.
95-يجب إن تتوافر في الحق المدعى به لكي يحوز حجية المر المقضي به – اتحاد الموضوع أو محل الحق – اتحاد السبب – اتحاد الخصوم باتحاد صفاتهم والتأكد من توافر الشروط الثلاث معا علما أن القواعد الخاصة بقوة القضية المقضية هي من القواعد الضيقة التفسير فإذا اختل شرط كالسبب أو الموضوع أو الخصوم بأن اختلف أي منهما في الدعوى الثانية عما كان عليه في الدعوى الأولى وجب التقرير بأن لا قوة للحكم الأول تمنع الدعوى الثانية.
96-أ- ليمكن التمسك بقوة اللقضية المقضية يجب أن يكون موضوع الدعوى الثانية أو محل الحق هو بعينة موضوع الدعوى المحكوم فيها وهو الحق المطلوب الحكم فيه بالدعويين والعبرة بموضوع النزاع ذاته – فإذا لم يطلب المدعي الحكم له بحق من حقوقه ولو كان متعلقا بالدعوى لاحقا بها جاز له أن يطلبه بدعوى أخرى قد يتغير الشيء المطالب به وموضوع النزاع لا يتغير فيحوز الحكم قوة القضية المقضية كما لو رفع شخص دعوى مطالبة بقسط مستحق من دين فرفضت دعواه بناء على أن سند الدين باطل. فلا يمكنه أن يطالب فيما بعد بقسط آخر أو بباقي الدين لكون موضوع النزاع الحقيقي واحد وهو بطلان سند الدين.
97-القاعدة: أنه يعتبر إن هناك اتحاداً في الموضوع إذا كان الحكم الثاني يعتبر إذا صدر مؤيدا الحق مقضي به أو مثبتا لحق نفاه الحكم الأول أو نافياً لحق أثبته الحكم الأول. ففي الحالة الأولى لا محل له اكتفاء بالحكم الأول وفي الحالتين الثانية والثالثة لا محل له أيضا لمنع صدور حكمين متناقضين في موضوع واحد.
ب- اتحاد السبب: السبب هو الأساس القانوني الذي يبنى عليه الحق أو هو ما تولد منه الحق أو نتج عنه الحق كالشراء أو الميراث أو الوديعة أو العارية أو الوصية أو الهبة أو أي تصرف أو تعاقد أو أمر مادي موضع اليد من شأنه أن ينتج أثرا قانونيا ويجب أن يكون السبب متحداً في الدعويين حتى يمكن التمسك بقوة الأمر المقضي به فلو تغير السبب لا يمكن ذلك ولو كان الموضوع والخصوم واحد – وكما يسري وجوب وحدة السبب على الطلب يسري كذلك على الدفع فإذا رفع شخص دعوى مطالبة بدين بالوفاء وحكم ضده يستطيع أن يرفع دعوى ببراءة ذمته بناء على ما تقدم وقد تقرر أن المدعى عليه الذي يخسر دعواه يمكنه فيما بعد أن يرفع دعوى جديدة والتمسك بدفع لم يدفع به في الدعوى الأولى واختلاف السبب هو الذي يؤثر على قوة الشيء المقضي به أما اختلاف الأدلة عليه فلا فليس للمدين إذا ادعى التخلص من دين دفعه للدائن مستندا إلى شهادة الشهود حيث يجوز ذلك ولم ينجح فليس له أيضا فيما بعد أن يرفع دعوى ببراءة ذمته ليطلب استجواب الدائن للحصول على إقراره أو ليوجه إليه اليمين الحاسمة بل تقرر هنا كذلك أنه ليس له ذلك ولو وجد مخالصة مكتوبة – ولا يؤثر على السبب تغير الحجة القانونية أو الوصف القانوني كما إذا أريد التمسك بنص قانوني لم يجعل التمسك به في الدعوى الأولى ولم يطبقه القاضي كان هذا غير ممكن – ولا يصح الخلط بين السبب والغرض من الدعوى فاختلاف الغرض لا تأثير له على السبب ما دام أن السبب لم يتغير.
القاعدة: إن كل سبب لم يحصل التمسك به في الدعوى الأولى ولم يكن موضوع نزاع ومرافعة بين الخصوم وبحث وفصل بها القاضي يصح التمسك به في الدعوى الثانية حتى ولو كان هذا السبب من أسباب البطلان بعد الحكم بالدين ويعتبر تعيين سبب الدعوى مسألة قانونية ولمحكمة النقض أن تعمل رقابتها للتحقق من كون سبب الدعوى سببا حقيقيا تتحقق بع المغايرة في سبب الدعوى أم أنه مجرد سبب ظاهري أريد به الحيلولة دون الدفع بحجية الأمر المقضي به.
ج- اتحاد الخصوم وصفاتهم: لا يكفي أن يتحد الموضوع للتمسك بقوة المر المقضي به بل يجب إن يتحد الخصوم إذ ليس من العدل أن نعطي حكما قوة ضد شخص لم يكن خصماً في الدعوى ولم يدافع عن حقوقه والمقصود أن يتحد الخصوم بصفاتهم لا بأشخاصهم فلا يشترط أن يكون الخصوم هم بأشخاصهم الذين حضروا في الدعوى الأولى بل يكفي أن تتحد صفاتهم القانونية التي حضروا بها فالحكم الذي يصدر في مواجهة الوكيل يحوز قوة الشيء المحكوم به بالنسبة للموكل ما دام الوكيل قد عمل في حدود وكالته وشروطه وقد قررت محكمة النقض أن الأحكام الانتهائيه الصادرة في مواجهة ممثل الخصم لا تسري على نفس الخصم إلا في حدود نيابة الممثل والسلطة المخولة له – الأحكام النهائية تسري على الخلف الخاص ولو لم يكن خصما في الدعوى ما دام من تلقى الحق عنه (أي السلف) كان مختصما في الدعوى قبل نقل الملك إليه أي إلى الخلف إلا أن العكس ليس صحيحا لأن الخلف لا يمثل السلف ولم يكن مختصما في الدعوى.
القاعدة: العبرة في اتحاد الخصوم باتحاد أطراف النزاع الحقيقيين لا باتحاد الأشخاص الماثلين في الدعوى وهذا ما عناه المشرع باشتراط اتحاد الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم لأنه إذا كان الماثل في الدعوى عن نفسه يعتبر الخصم الحقيقي فإن الماثل عن غيره لا يعتبر كذلك بل يكون الأصل هو الخصم الحقيقي في الدعوى التي مثله فيها غيره ويجب لتوافر اتحاد الخصوم أن يكون هو نفسه خصما في الدعوى الأخرى.
98-الأحكام الحائزة حجية الأمر المقضي به تعتبر عنوان الحقيقية والصواب.
99-يصح إن تعتبر قوة القضية المحكوم بها قاعدة ملزمة لا يمكن التهرب من حكمها ولا يمكن نقضها بأي دليل بما في ذلك الإقرار واليمين (قواعد الإثبات – الجزء الثاني للدكتور إدوار عيد).
100-لا يحوز الحكم قوة الأمر المقضي إلا بالنسبة للطلبات التي بحثها وفصل فيها فصلا مسببا بعد أن تكون قد تناولتها مرافعات الطرفين الشفوية أو في المذكرات (رسالة الإثبات للأستاذ أحمد نشأت – الجزء الثاني).
101-يجوز لمن يحتج عليه بحكم صدر في دعوى لم يكن ممثلا فيها أن ينازع في صحة الوقائع الثابتة بهذا الحكم وأن يقيم الدليل على صحتها ويجوز له ذلك في شكل دفاع يبديه في دعوى مرفوعة عليه استنادا إلى ذلك الحكم أو في شكل دعوى مبتدأة يرفعها هو على من صدر الحكم لصالحه توقيا للاحتجاج بهذا الحكم عليه مستقبلا ويقع عبء إثبات عكس الحجية في الحكم المقضي على من ينازع في صحة الوقائع الثابتة بالحكم بالنسبة لمن لم يكن ممثلا على أنه هناك أحكام يكون لها بالنسبة إلى الغير مثل الحجية التي تثبت للخصوم أنفسهم أي أنه لا يجوز ادحاضها بكافة الطرق بل بسلوك طرق الطعن المقررة لهؤلاء الخصم ما لم تكن قد استنفذت ومنها – الأحكام الجنائية فيما تقضي به من أساس المساءلة المدنية وأحكام القضاء الإداري بإلغاء القرارات الإدارية والأحكام الصادرة بثبوت الجنسية أو بنفيها من الجهة القضائية المختصة والحكام المنشئة للحالة المدنية كالحكم بالطلاق وأن ما يثبت فيها يعتبر حجة على الكافة ويترتب أثاره عليه وعلى الغير وتعين على المحاكم التسليم به وإعماله ولو في قضايا أخرى تجري بين أطراف آخرين غير الخصوم في تلك الأحكام ولا يجوز لها أن تعيد النظر فيها في دعوى جديدة لمجرد وجود خصم فيها لم يكن مختصما في الدعوى السابقة وتتأثر حجية الأحكام بالنسبة للغير لكونها لا تعدو سوى نتيجة لحجيتها فيما بين الخصوم فتتأثر الأولى بكل ما يؤثر في الثانية إذا لا يسوغ زوال حجية الحكم فيما بين الخصوم وبقاء حجيته بالنسبة إلى الغير.
102-إن الحكم الجزائي المقرر لبراءة المدعى عليه له حجيته المطلقة أمام القضاء المدني لأن أساس جعل الأحكام الجزائية ذات تأثير على الدعوى المدنية هو من النظام العام (نقض سوري رقم 1096 أساس 2838 تاريخ 21/7/1984 مجلة القانون ص 703 لعام 1984).
103-إن قرارات رئيس التنفيذ حول الخلافات الموضوعية والتي تخرج عن إجراءات التنفيذ لا تتمتع بأية حجية وتكون معدومة (نقض سوري رقم 189 تاريخ 10/4/1965).
104-إن أسباب الحكم لا تكون لها حجية الأمر المقضي فيما عرضت له من المسائل إلا إذا كانت ترتبط ارتباطا وثيقا بمنطوق الحكم تحدد معناه أو تمله حتى إذا عزل عنها صار ناقصاً (نقض سوري رقم 528 تاريخ 22/6/1974).
105-إن الأحكام القطعية لا تصلح حجية غير قابلة للنقض بالدليل إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم وتعلق بذات الحق محلاً وسبباً ويبقى من حق الغير الذي لم يكن خصماً في النزاع أن يدحض هذه الحجية بإثبات عكسها (نقض سوري رقم 403 تاريخ 3/9/1959).
106-إن الحكم المنقوض بجزء منه يبقى نافذاً بأجزائه الأخرى ما لم تكن التجزئة غير ممكنة (نقض سوري رقم 1099 تاريخ 31/3/1954).
107-إن قوة الشيء المحكوم به وإن كانت لا ترد غلا على منطوق الحكم غير أنه من المتفق عليه فقهاً واجتهاداً أن الأسباب المرتبطة بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً تكون معه وحدة لا تتجزأ (نقض سوري رقم 593 تاريخ 21/9/1960).
108-الحجية لا تثبت ألا للأحكام الفاصلة فيما يتصل بوقوع الجريمة ونسبتها إلى المتهم وهذه الحجية لا تثبت إلا للأحكام الفاصلة في موضوع الدعوى الجزائية دون غيرها من الأوامر والقرارات الصادرة من سلطات التحقيق لأن هذه القرارات لا تفصل في موضوع الدعوى الجزائية بالبراءة وإنما تفصل في توافر أو عدم توافر الظروف التي تجعل الدعوى صالحة لإحالتها إلى المحكمة للفصل في موضوعها ومن ثم لا تكسب هذه القرارات أية حجية أمام القضاء المدني ويكون له أن يقضي بتوافر الدليل على وقوع الجريمة أو نسبتها إلى المتهم على خلاف القرار الصادر من سلطات التحقيق.
109-إن قرار منع المحاكمة في الجرم المنسوب للعامل لا يشكل قوة القضية المقضية التي تنتفي معها الواقعة من الناحية المدنية باعتبارها ذنبا خطيراً.
110-إن انتفاء المسؤولية الجزائية لعدم توفر عناصر الجرم لا يمنع من اعتبار الواقعة نفسها تقصيرا مدنيا موجباً للمسؤولية المدنية (نقض سوري رقم 2030 تاريخ 5/10/1957 مجلة القانون ص 613 لعام 1957).
111-من أهم القرائن القانونية التي تسيطر على وسائل الإثبات في دعوى المسؤولية حجية الحكم الجزائي وتأصيل هذه القاعدة لا يرجع إلى أن الحكم الجزائي يربط القضاء المدني بمقتضى قوة القضية المقضية لكون قوة القضية المقضية تقتضي وحدة الخصوم والموضوع والسبب ولا يتحقق هذا إلا في قضاء مدني يقيد قضاء مدني أو جزائي يقيد جزائي أما القضاء الجزائي إذا أريد أن يقيد قضاء مدني ليس لوحدة الخصوم سبب فالخصوم بالدعاوى الجزائية فيهم النيابة العامة التي لا وجود لها في الدعوى المدنية والموضوع في الدعوى الجزائية العقوبة أما المدنية فالتعويض والسبب في الجزائي للعقوبة خطأ جنائي وسبب التعويض خطأ مدني فيف يقوم التقييد على هذا الأساس وقوة القضية المقضية تقتضي الوحدة في هؤلاء جميعا – يرجع تقييد القضاء الجزائي للقضاء المدني إلى اعتبارين – 1- قانوني 2- عملي: القانوني: الحكم الجزائي له حجية مطلقة فهو حجة بما جاء فيه على الناس كافة ومنهم الخصوم في الدعوى المدنية فمنع التعارض ما بين الأحكام الجزائية والأحكام المدنية وجعل هذه مسايرة لتلك هو الذي أملى القاعدة التي تقضي بأن القاضي المدني يرتبط بالحكم الجزائي لذلك لا تشترط في تطبيق القاعدة لا وحدة الخصوم ولا وحدة الموضوع ولا وحدة السبب وإنما شروط ثلاث أخرى هي:
‌أ-الشرط الأول- أن يكون المطلوب تقييده هو القضاء المدني: القضاء الجزائي لا يتقيد إلا بقضاء جزائي مثله يكون حاز قوة الأمر المقضي به والذي يتقيد بالقضاء الجزائي هو القضاء المدني بمعناه الواسع فيشمل القضاء المدني-التجاري-الإداري.
‌ب-الشرط الثاني – أن يكون الحكم الذي يتقيد به القاضي المدني هو حكم جزائي: صادر عن أية جهة قضائية جزائية حتى لو كانت استثنائية كالقضاء العسكري ويجب أن يكون صادر في الموضوع لا حكما تحضيريا أو تمهيديا ولا أمر متعلق بعمل من أعمال التحقيق الجنائي ولا قرار صادر عن النيابة العامة ويجب أن يكون حكما نهائيا ويجب أن يكون الحكم الجزائي سابق بصدوره عن الحكم المدني الذي يراد تقييده.
‌ج-الشرط الثالث – أن يكون ما يتقيد به القاضي المدني هو الوقائع التي فصل فيها الحكم النهائي وكان فصله فيها ضروريا: وهو أدق الشروط فالقاضي المدني يتقيد بما فصل فيه القاضي الجزائي من الوقائع دون القانون ولا يتقيد بما فصل فيه القاضي الجزائي من هذه الوقائع إلا بما كان الفصل فيه ضروريا لقيام الحكم الجزائي. ولا يتقيد القاضي المدني بالتكييف القانوني الذي اتبعه القاضي الجزائي للوقائع من الناحية الجزائية – ولا يتقيد القاضي المدني بجميع الوقائع التي تعرض لها الحكم الجزائي وأثبتها بل لا يتقيد إلا بما كان ضروريا للحكم الجزائي بحيث لو لم تثبت لنهدم الحكم أما ما لم يكن ضروريا من هذه الوقائع فلا يتقيد به القاضي المدني مهما أكده القاضي الجزائي. يعين على المحاكم الدنية أن تعتبر الأمور التالية ثابتة وأن تسير في بحث الحقوق المدنية المترتبة على هذا الأساس بحيث يكون حكمها متناسقا مع الحكم الجزائي السابق صدوره وهي: 1- في تحقيق الفعل الذي يكون الأساس المشترك لكلا الدعويين المدنية والجزائية – 2- في الوصف القانون لهذا الفعل – 3- في إدانة المتهم بارتكاب الفعل أو عدم أدانته.
112-يشترط صدور الحكم الجزائي عن محكمة مختصة به اختصاصا ولائياً: ويجب أن يكون الحكم صادرا عن محكمة وطنية لا من محكمة أجنبية وأن يكون مكتملا عناصر وجوده لا معدوماً.
113-إن الدفع بسبق صدور حكم جزائي مكتسب الدرجة القطعية من النظام العام فيجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض ويتعين على المحكمة أن تثيره من تلقاء نفسها ولو لم يتمسك به المتهم (وفق نص المادة (91 بينات).
114-يشترط لكي يحوز ما قضي به الحكم الجزائي حجية مطلقة أمام المحاكم المدنية:
‌أ-أن يتضمن تحقيق الفعل الذي يكون الأساس المشترك لكلتا الدعويين الجزائية والمدنية وهذا الشرط هو الذي يعرف بوحدة المسألة.
‌ب-أن يكون ما تضمنه قضاء الحكم الجزائي بشأن ذلك الفعل لازما وضروريا للفصل في الدعوى العمومية.
‌ج-أن يكون قضاء الحكم الجزائي بشأنه على سبيل اليقين.
بأشراف المحامي
جمال عبد الناصر المسالمة