يتبين من نصوص المادتين (1272) و (1273) من القانون المدني العراقي ان اسباب كسب حقوق الارتفاق خمسة هي : العقد ، الميراث ، والوصية ، التقادم ، وتخصيص المالك الاصلي.

المطلب الأول : التصرف القانوني (العقد والوصية)

قد يكون التصرف القانوني صادراً من طرفين وهذا هو العقد ، وقد يكون صادراً من طرف واحد وهذا هو الوصية . والعقد قد يكون معاوضة كالبيع وقد يكون تبرعاً كالهبة . فلمالك العقار ان يرتب على عقاره حق ارتفاق لمصلحة عقار آخر في مقابل ثمن أو بدون مقابل . ومن المقرر فقها وقضاء أن جميع حقوق الارتفاق يمكن انشاؤها بتصرف قانوني ولا يفيد من ارادة الطرفين او ارادة الموصى في ذلك سوى وجوب مراعاة قواعد النظام العام والاداب من جهة وطبيعة حق الارتفاق من جهة مراعاة قواعد النظام العام والاداب من جهة وطبيعة حق الارتفاق من جعة اخرى. فلا يجوز ترتيب حق الارتفاق بالمرور لتسهيل تهريب البضائع او حق ارتفاق بالرؤية أو …… على عقار ، أو شخص آخر ، أو لعقار على شخص ، لأن ذلك يتنافى وطبيعة حقوق الارتفاق التي تفترض انشاؤها على عقار لمصلحة عقار آخر ، وذلك للحيلولة دون عودة ما كان يدعى بـ “الارتفاقات الاقطاعية” (1). ويخضع التصرف القانوني ، عقدا كان أم وصية ، لاحكام القواعد العامة الموضوعية والشكلية التي تحكم التصرفات العامة ، ولا يستطيع ، للسبب نفسه ، صاحب حق المنفعة ان يرتب حق ارتفاق على العقار الذي له عليه حق منفعة لانه لا يملك التصرف في العقار. هذا ويلاحظ ان التصرف القانوني المنشئ لحق الارتفاق ، باعتباره تصرفاً عقارياً بحسب تعبير قانون التسجيل العقاري ، لا يمكن ان ينعقد إلا بالتسجيل في دائرة التسجيل العقاري (2).

المطلب الثاني : الميراث

360- ويكتسب حق الارتفاق بالميراث وذلك تبعاً للعقاري المرتفق ، ولا صور انتقاله مستقلاً عن هذا العقار.

فإذا مات صاحب حق الارتفاق انتقل حقه إلى ورثته إذا كان العقار المرتفق (المخدوم) من الاملاك الصرفة ، او إلى صاحب حق الانتفاع إذا كان العقار من اراضي الدولة ، لا استقلالاً عن هذا العقار وانما باعتباره تابعاً له. فحق الارتفاق لا يكون عنصراً مستقلاً عن عناصر التركة. فأسلوب كسبه انتقالاً هي ذاتا لأسباب التي تؤدي إلى كسب ملكية العقار المرتفق الاسباب التي تؤدي إلى كسب ملكية العقار المرتفق ولهذا فإن اعتبار المادة (1272 ف1) من القانون المدني العراقي الميراث كسبب من أسباب كسب حق الارتفاق امر محل نظر.

المطلب الثالث : التقادم

تقضي المادة (1272 ف2) من القانون المدني العراقي بأنه “يحتج بالتقادم في حق المرور وحق المجرى وحق المسبل وغيرها من حقوق الارتفاق الظاهرة”. ويترتب على ذلك انه إذا حاز شخص على عقار مملوك لآخر حق ارتفاق ظاهر حق المرور او حق المجرى او حق المسيل واستمر حائزاً له حيازة قانونية يتوافر لها ركناها المادي والمعنوي مدة خمسة عشرة سنة فإنه يكسب هذا الحق بالتقادم الطويل . وتنخفض المدة إلى خمس سنوات إذا اقترنت الحيازة بحسن نية واستندت في الوقت نفسه إلى سبب صحيح. وقد اشترط القانون لكسب حق الارتفاق المحوز ان يكون من حقوق الارتفاق الظاهرة وذلك لكلي لا يثوب الحيازة عيب الخفاء. فقد رأينا ان هذا النوع من حقوق الارتفاق له علامات خارجية تدل على وجود “وتظهره فإن سكت مالك العقار الذي يباشر عليه هذا الحق المدة المقررة ف يالقانون كسب الحائز هذا الحق بالتقادم .

ويلاحظ ان القانون المدني العراقي لم يشترط لكسب حق الارتفاق الظاهر بالتقادم ان يكون مستمراً ، كما اشترط القانون المدني الفرنسي ذلك (3). ومع هذا فينبي ان يكون استعمال الحق مدة التقادم من الكثرة بحيث يسمح بقيام حيازة مستمرة تكفي لكسب الحق بالتقادم.

وإذا كان التقادم يصلح سبباً مكسباً لحق ارتفاق ظاهر ، فإنه يعتبر من باب اولى سبباً لتوسيع حق ارتفاق موجود من قبل . فإذا كان العقارعلى آخر حق مرور لا يكفي إلا لمرور الاشخاص والحيوانات فقام صاحب العقار المرتفق بتوسيع المرور لاستعمال لسير العربات والسيارات فإنه يكسب توسيع هذا المرور بالتقادم (4).

المطلب الرابع : تخصيص المالك الاصلي

من المقرر في باب الارتفاق ان يكون العقاران ، المرتفق والمرتفق به ، مملوكين لشخصية مختلفين ، فإن كانا لمالك واحد فلا ينشأ حق ارتفاق. فالقاعدة اذن هي انه لا يستطيع احد ان يكسب حق ارتفاق على عقار يملكه. ولكن قد يعمد مالك عقارين أو جزئين من عقار واحد إلى خلق حالة واقعية بين هذين العقارين أو بين جزئين من العقار الواحد يكون من شأنها انشاء حق ارتفاق لو كان هذا العقاران أو هذان الجزءان من العقار مملوكين لشخصين مختلفين . وطالما ظل العقاران أو الجزءان من العقار الواحد مملوكين لشخص واحد فلا وجود لحق الارتفاق ولكن إذا انفصلت ملكية العقارين او الجزئين ليكون كل منهما مملوكاً لمالك مختلف فقد نشأ حق الارتفاق دون حاجة إلى سند لانشائه أو مرور زمان لكسبه (5) هذا هو المقصود بنشوء حق الارتفاق بتخصيص المالك ، أو كما يسميه القانون المدني الفرنسي تسمية خاصة” بتخصيص رب الاسرة ” (6). فقد يملك شخص عقارين متجاورين وينشئ بينهما منفذا للمرور أو يفتح نوافذ بينهما ثم يبيع العقارات لمشتريين مختلفين ، أو يبيع احدهما ويحتفظ بالآخر لنفسه . وقد يملك شخص ارضاً كبيرة في طرفها الشمالي نبع ماء فيجعل جزئها الجنوبي يرتوي من هذا النبع ، فإذا توفي المالك عن وارثين اقتسما هذه الارض واختص احدهما يجزئها الشمالي والآخر بجزئها الجنوبي انقلب هذا التخصيص الذي قام به المتوفي إلى حق ارتفاق . وقد تناول القانون المدني العراقي هذا السبب من أسباب كسب حق الارتفاق في المادة (1273) بقوله : 1- الارتفاقات الظاهرة يجوز ترتيبها بتخصيص من المالك الاصلي . 2- ويكون هناك تخصيص من المالك الاصلي إذا تبين بأي طريقة من طرق الاثبات ان مالك عقارين منفصلين قد اقام بينهما بناء أو علاقة ظاهرة اخرى فأنشأ بذلك علاقة تبعية بينهما من شأنها ان تدل على وجود ارتفاق لو ان العقارين كانا مملوكين لمالكين مختلفين . وفي هذه الحالة وجود ارتفاق لو ان العقارين كانا مملوكين لمالكين مختلفين وفي هذه الحالة إذا انتقل العقاران إلى أيدي ملاك مختلفين دون تغيير في حالتهما بعد الارتفاق مرتباً بين العقارين لهما وعليهما ما لم يكن شرط صريح يخالف ذلك”. فيتبين من نصوص هذه المادة انه يشترط لترتيب حق الارتفاق بتخصيص المالك الاصلي ما يلي:

(1) يجب ان يكون حق الارتفاق ظاهراً ، فإذا لم يكن كذلك كان وسيلة للغش والاضرار بالغير.

(2) يجب ان يثبت ان العقارين كانا مملوكين لشخص واحد ، وتعتبر اجزاء العقار المنفصلة كالعقار الواحد ، ولا يهم بعد ذلك ان يكونا متلاصقين

(3) يجب ان يكون التخصيص ، أي البناء أو العلامة الظاهرة من عمل المالك نفسه ، فإذا كان من علم المنتفع أو المستأجر فلا يكون هناك ارتفاق إلا إذا اقر المالك ذلك العمل.

(4) ويجب ان تكون الحالة الواقعية التي انشأها المالك بين العقارين أو بين جزئين من عقار واحد قد اراد بها خلق علاقة تبعية دائمة بين العقارين” وليس مجرد حالة مؤقته لرغبة عارضة ، بحيث انه لو لا اتحاد المالك لكان هناك ارتفاق قانوني مكان هذا الارتفاق الفعلي. فلو اجرى المالك المياه بواسطة قناة من عين موجودة في احد عقاريه لسقي عقاره الآخر ، فإن انشاءه لهذه الحالة يستفاد منها انه اراد اخضاع احد العقارين لخدمة العقار الثاني خدمة نهائية دائمة. أما إذا أنشأ لمالك لدارين متجاورين يسكن في كل منهما احدى زوجتيه ممراً بينهما ليسهل عليه التنقل بين الدارين ، فلا يمكن في هذه الحالة القول بأن المالك أراد خلق علاقة تبعية ثابتة بين الدارين ، إذ أنه أراد استيفاء خدمة شخصية لنفسه لا للعقار (7).

________________

1- راجع: ريبير وبولانجيه ، باريس 1957 ، ج2، ف3130 – 3131.

2- المادة 3 ف2 من قانون التسجيل العقاري.

3- انظر المادة 690 مدني فرنسي.

4- انظر: محمد طه البشير ، الحقوق العينية الاصلية مذكرة بالرونيو ، بغداد (بدون تاريخ ) ، ص143.

5- انظر: ريبير وبولانجيه ، المرجع السابق ، ج2 ، ف3161.

6- انظر المادة 692 مدني فرنسي.

7- انظر: السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني 1967القاهرة ، ج 9 ، في 581.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .