إضرار المستأجر بالمأجور كسبب من أسباب التخلية

المحامية / منال داود العكيدي
نصت المادة السابعة عشر الفقرة ج من قانون ايجار العقار رقم 87 لسنة 1979 على انه : لا يجوز للمؤجر أن يطلب تخلية العقار الخاضع لأحكام القانون إلا لأحد الأسباب : ج (اذا أحدث المستأجر ضررا جسيما عمدا او اهمالا ولم يزله بعد انذاره ) .

لقد شرع قانون الايجار من اجل الموازنة بين الحقوق والواجبات لكل من المؤجر الذي هو مالك للعقار والمستأجر الذي ينتفع بالعقار وحتى لا يطغى طرف على اخر لاسيما ان المستأجر هو الطرف الاضعف في عقد الايجار لذلك جاء القانون ليوازن بين حقوق وواجبات كل من الطرفين في العلاقة فاوجب على المؤجر عدم معارضة المستاجر في الانتفاع بالعين المؤجرة ( العقار ) وتمكينه منها طوال مدة الايجار .

ولكن بالمقابل فقد قام المشرع بوضع قيود على انتفاع المستأجر بالعقار تجعل المؤجر يطمئن من بقاء العين المؤجرة في يد المستاجر لانها تلزم الاخير بالمحافظة عليها وعدم الاضرار بها ضررا جسيما يغير من معالمها او من الغرض التي اعدت من اجله فالماجور هو ملكية اجتماعية يجب ان تمارس في الحدود التي تخدم المجتمع ولا تهدر الاسباب التي من اجلها شرع قانون الايجار لذلك اوجب المشرع على المستاجر المحافظة على العين المؤجرة واستخدامها للغرض الذي اعدت من اجله فقط والاهتمام والعناية بها عناية الرجل المعتاد وقد اوردت المادة ( 251 ) من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 تعريفا يوضح المقصود بعناية الرجل المعتاد او العناية المعتادة حيث نصت على ( والعناية المعتادة المقصود بها هي تلك العناية الوسط بين عناية الرجل الشديد الحرص على امواله والشخص الذي لا يهتم بامواله اهتماما ما يؤدي الى عدم المحافظة عليها..)

حيث ان على المستاجر ان يبذل العناية المطلوبة بالعين المؤجرة ايا كان نوع تلك العين سواء كان عقارا معدا للسكن ام سيارة ام جهازا كهربائيا ام الكترونيا وهي كما حددها المشرع عناية معتادة وهي دون العناية الشديدة واكثر من عدم الاهتمام الذي يؤدي الى تلف العين او المال المؤجر ، و بالعودة للمادة 17 / الفقرة ج من قانون الايجار المذكورة اعلاه نجد ان المشرع قد اعتبر ان اضرار المستاجر بالماجور هو سبب من اسباب التخلية الا انه لم يترك الامر للمؤجر لتحديد ذلك الضرر واتخاذه ذريعة من اجل التخلية فقد تولى المشرع تحديد حجم الضرر باشتراطه ان يكون الضرر جسيما والضرر الجسيم هو (الذي يفقد الماجوراحد خصائصه المهمة ) .

وهذا يعني ان المستاجر اذا اضر بالعين المؤجرة ضررا يستحيل معه استخدامها للغرض الذي اعدت من اجله فان هذا الضرر يعتبر ضررا جسيما ولكن المشرع اوجب ان يكون الضرر بفعل المستاجر وبسببه سواء كان تعمدا او اهمالا كأن يتعمد المستاجر هدم احد الجدران مما يؤدي الى انهيار سقف المنزل او انه يهمل في صيانة سطح المنزل مما يؤدي الى احداث تصدع في جدرانه بصورة كبيرة او اصابة اساساته باضرار كبيرة تؤدي الى انهياره او الاهمال في صيانة الاسلاك الكهربائية مما يؤدي الى حدوث تماس كهربائي واحتراق المنزل بالكامل فهذا الضرر يعتبر ضررا جسيما من فعل المستاجر اما لانه تعمد في احداثه او اهمل في صيانته ولم يبذل في الاهتمام به عناية الرجل المعتاد التي اشرنا اليها انفا .

وفي هذه الحالة فان على المؤجر ان ينذر المستاجر بواسطة الكاتب العدل بضرورة ازالة الضرر وعلى نفقة المستاجر خلال فترة معقولة فاذا لم يقم المستاجر بذلك فان للمؤجر اقامة دعوى تخلية على المستاجر لاخلاء العقار . اما اذا كان الضرر ليس من فعل المستاجر كأن يكون بسبب خارج عن ارادته مثل نزول صاعقة على العين المؤجرة مما تؤدي الى احراقه او انفجار عبوة او سقوط قذيفة تؤدي الى انهيار جزء منه ففي هذه الحالة يعتبر الضرر ليس من فعل المستاجر وانما لسبب اجنبي خارج عن ارادته او لقوة قاهرة وهذا ينفي عنه المسؤولية عن الضرر الذي لحق بالماجور .

وفي كلتا الحالتين يجب ان تستعين المحكمة بالخبراء لمعرفة ما اذا كان الضرر جسيما من عدمه وما اذا كان الضرر من فعل المستاجر او بسبب اجنبي .

ولا بد ايضا من ان يكون الضرر في فترة استغلال الماجور من قبل المستاجر وليس قبل عقد الايجار او بعد انتهاء مدته ويجب ان يتم انذار المستاجر لازالة الضرر عن طريق كاتب العدل قبل اقامة الدعوى وليس اثناءها لان الدعوى في هذه الحالة سوف ترد كما انه لا يجوز ايضا اقامة الدعوى قبل انتهاء مدة الانذار لان مصيرها سوف يكون الرد ايضا .

على ان من شروط الانذار لكي يكون صحيحا ان يتضمن بشكل جلي جميع الاضرار التي يجب ازالتها واصلاحها خلال مدة معقولة تتيح للمستاجر اصلاح الضرر ويمكن للمستاجر ان يطلب من المحكمة تمديد مدة الانذار لكي يتمكن من اصلاح الضرر او ازالته فان انتهت المدة من دون قيام المستأجر بذلك فان على المحكمة الحكم بالتخلية .

اما اذا اصلح المستاجر الاضرار خلال مدة الانذار فانه ليس للمحكمة في هذه الحالة سوى رد دعوى المؤجر لافتقادها لاساسها القانوني .