إن مجرد الرغبة لا تكفي لنزع ملكية العقار من مالكه بل ويشترط لذلك وجود مصلحة عامة وتحقق النفع العام ، لما فيه من أعتداء على حق الملكية لا يبرره إلا وجود تلك المصلحة وليس مجرد الرغبة الشخصية ، لذا فإن ما يهمنا هو توضيح أوجه التشابه و الأختلاف بين نزع الملكية من قبل الدولة وأزالة التجاوز عن اموالها فقد عرف المشرع بتعاريف عدة منها ما عرفه القانون رقم 54 لسنة 1970 الملغي في المادة الأولى (1). ( نزع ملكية العقار والحقوق العينية المتعلقة به لنفع عام لقاء تعويض عادل يعين بموجبه ويشمل لفظة ( العقار) العقار ذاته والحقوق العينية فيه ). و لأهمية موضوع نزع ملكية الأفراد فقد أوردت الدساتير الأحكام الخاصة به ، فقد أجاز الدستور المصري النافذ في المادة 34 منه ذلك على أن ( الملكية الخاصة مصونة ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا في الأحوال المبينة في القانون وبحكم قضائي ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل وفقاً للقانون ) (2).أما بشأن موقف الدستور العراقي لعام 1970 الملغي في المادة السادسة عشر الفقرة / ب منه فقد أجـــــــازت نزع الملكيـــــة الخاصة ولكن لا يجوز إلا لمقتضــيات المصلحة العامة ووفق تعويض عادل و حسب الأصول التي يحددها القانون (3).

وبذلك تعتبر اجراءات نزع الملكية اجراءات استثنائية لخروجها على حق اساس مقرر في الدستور وهو حق الملكية الخاصة . ولنزع الملكية خصائص عدة فهو لا يرد إلا على العقارات دون المنقولات ولا على العقارات الحكمية كالحقوق العينية التبعية ، بالأضافة الى أن الجهة المسؤولة عن نزع الملكية تتمثل بالأشخاص العامة سواء كانت أشخاصاً اقليمية ( كالمحافظات والمدن والقرى ذات الشخصية المعنوية أو المرفقية كالهيئات العامة والمؤسسات العامة ) آخذين بنظر الأعتبار تحقيق المصلحة العامة والتوفيق بينهما وبين حماية الملكية الفردية (4). ذلك أن تلك الأشخاص العامة تدير الخدمات العامة الضرورية التي ليس بمقدور الأفراد القيام بها ، لهذا السبب تمتلك الدولة أمتيازات السلطة العامة وبالأخص سلطة أتخاذ الأعمال التنفيذية والأدارية من طرف واحد وبالأخص ( نزع الملكية ) (5)، ولا يجوز الغاء الأستملاك في حالة عدم قيام المستملك بتنفيذ المشروع الذي جرى الأستملاك بسببه أي لم يحقق المصلحة العامة الذي نزعت الملكية من أجله هــــذا ما أكدته محكمة تمــييز العراق في أحدى قـــراراتها ( لعدم وجود نص قانوني يجيز الغاء الأستملاك عند عدم قيام المستملك بتنفيذ المشروع الذي جرى الأستملاك بسببه ) (6).

يمكننا بعد هذا العرض أن نوضح أوجه التشابه والأختلاف بين نزع الملكية وأزالة التجاوز عليها ، حيث يقترب في الأوجه الآتية :-

1-نزع الملكية هو إجراء إداري تستهدف الأدارة منه خدمة المرافق العامة وصولاً الى تحقيق المنفعة العامة ، كذلك ازالة التجاوز الهدف منه تحقيق المنفعة العامة وعدم سماح الأدارة للأفراد بالأضرار بها .

2-إن كلاً منها يستوجب التعويض مع أختلاف جهة التعويض ونوعه .

3-إن نزع الملكية ومن خلال تعريف المشرع له لا يرد على المنقول بل على العقارات ، كذلك التجاوزات الواقعة من الأفراد فإنها ترد على العقارات أيضاً .

أما أوجه الأختلاف بينهما تبدو من حيث :-

1-إن نزع الملكية للنفع العام يمس الملكية الخاصة للأفراد بينما أزالة التجاوز على الأموال العامة يمس الملكية العامة للدولة .

2-إن القصد من أتباع اجراءات نزع الملكية هو حماية الملكية الخاصة بينما ازالة التجاوز عن اموال الدولة القصد من اتباع اجراءاته هو حماية أموال الدولة العامة ومصالحها.

3-إختلاف جهة التعويض فنزع الملكية يعوض الأفراد عيناً أو نقداً عن أملاكهم أما ازالة التجاوز فهو تعويض من قبل الأفراد المتجاوزين عن ما تسببوا به من أضرار .

____________________________

1-مصطفى مجيد ، شرح قانون الأستملاك رقم 12 لسنة 1981 ، دار الحرية للطباعة – بغداد ، ص9

2-تنظر المادة (34) من الدستور المصري لسنة 1971 .

3- تنظر المادة ( 16/ب) من الدستور العراقي لسنة 1970 الملغي .

4-لمزيد من التفاصيل ينظر

– د. ابراهيم عبد العزيز شيحا ، مباديء واحكام القانون الإداري اللبناني ، مرجع سابق ، ص212 وما بعدها .

– د. عبد الرزاق أحمد السنهوري ، حق الملكية مع شرح مفصل للأشياء أو الأموال ، ج8 ، 1967 ، ص630 وما بعدها .

– خالد رشيد الدليمي ، نزع الملكية للنفع العام ، رسالة دكتوراه مقدمة الى مجلس كلية القانون / جامعة بغداد ، 2001 ، ص12.

) -5Homont ( Andre) ، LEXPROPRIATION ، POUR CAUSE DUTILITE PUBLIQUE ، Paris ، 1975 ، p. 19

6- ينظر قرار محكمة تمييز العراق أعلاه المرقم 1739 / م2 / 2003 ( قرار غير منشور ) حيث إن مصطلح الأستملاك استخدمه المشرع العراقي للدلالة على قيام الأدارة بنزع الملكية أي بتحويلها الى ملكية عقارية عامة بعد أن كانت خاصة ذلك تحقيقاً للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل حيث إستعاض المشرع بهذا المصطلح عن مصطلح ( نزع الملكية ) وكان آخره قانون الأستملاك رقم 12 لسنة 1981 .

المؤلف : ذكرى عباس علي ناصر الدايني
الكتاب أو المصدر : وسائل الادارة لازالة التجاوز على الاموال العامة

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .